افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 30 كانون الأول، 2020

أزمة الإعلام: نقابة مخرجي الصحافة تطالب الحكومة بـ”تحمل مسؤوليتها تجاه وضع الصحافة المزري”
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 26 كانون الثاني، 2021
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 21 تشرين الأول، 2019

اللواء
سلطة الإخفاقات تحيل جبل الأزمات إلى عام «التسوية المستحيلة»
دياب «المجروح»: لِمَ لم يدعِ صوان على قاضٍ أو أمني؟.. الاقفال لـ15 يوماً وارد بعد 4 ك2
غداً، ينقضي عام، تصح فيه كل النعوت، التي تصف الكوارث، والنكبات والمصائب، والملمات. لكن ميزته في السياسة تكمن في الآتي:
1- انفضاح أمر الطبقة السياسية، القابضة بكافة اشكال القوة، من صندوقة الاقتراع إلى القبضة على المال والأعمال، والقضاء والأمن، وكل صنوف عناصر السلطة وقوتها، واتهامها لبنانياً شعبياً ووطنياً، بأنها تسببت بالكوارث المتعددة التي تعصف بلبنان، من انهيار مالي، إلى انسداد اقتصادي، وبطالة فاقت كل التوقعات، وفقر مدقع اتى على الطبقة الوسطى، فسحقها فكيف بالطبقات الفقيرة اصلا أو المعدمة (بين 60 و70٪ من الشعب اللبناني باتوا فقراء، لدرجة العدم).
2- عجز هذه الطبقة عن معالجة أي أمر، أو مطلب، أو قضية نشأت في ضوء انتفاضة 17 ت2 (2019)، وما اعقبها من تحركات وتظاهرات واعتصامات ومواجهات. فلا أموال المودعين توضحت وجهة مصيرها، أو كيفية استرجاعها، ولا القوة الشرائية جرى الحد من انهيارها الصاروخي، ولا أية تشريعات صدرت تسمن أو تغني عن جوع.
3- ولعلَّ من أخطر الفضائح، العجز المتنامي إلى درجة التعقيد، وربما الاستحالة في تأليف حكومة، أو فرصة دولية، اتاحتها للبلد المهمش، والمقزم، والمفجر، المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في 2 أيلول الماضي، غداة الزيارة الثانية للبنان بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب.
4- انقسام خطير إزاء نظام الأولويات، ففريق العهد يمعن في التوجه إلى الملفات الانتقامية، تحت شعارات محاربة الفساد، والشفافية وسوى ذلك من شعارات، أظهرت التجربة المعاشة، على مدى أربع سنوات وما يقرب من ثلاثة أشهر، انها بلا معنى أو مردود إيجابي، أو وطني.. جامع ومساعد على النهوض..
5- لا حاجة للمضي في سرد «المثالب» التي كشفت عوراتها سنة الـ2020، على ان الأخطر، ان الطبقة «الآثمة» احالت إلى السنة الجديدة، كل الأزمات دفعة واحدة، في الصحة (إجراءات جديدة بعد 10 ك2، قد تؤدي إلى الاقفال مجددا) في التعليم (أزمة الأقساط والتعليم عن بعد)، في العمل (امواج من المصروفين من المؤسسات المتبقية في المصارف والمطاعم والفنادق)، في توفير الاحتياجات حتى الغذائية (التلويح بأزمة بنزين، وربما طحين، فضلا عن الدواء العادي والمتعلق بالامراض المستعصية) إلخ..
وسط كل ذلك، يلوح في الأفق احتمال العودة بقوة إلى اقفال البلد 15 يوماً، بعد 4 ك2 المقبل نظراً لحجم الإصابات المحتملة.

أسئلة مفاجئة ودالة لدياب
وكعينة على المشهد القاتم، تساءل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، من مكتبه في السراي الكبير، في لقاء مع بعض الإعلاميين: إن تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي قدر كمية نيترات الامونيوم، التي انفجرت داخل المرفأ في 4 آب بـ500 طن، فأين 2200 طن المتبقية.

وقال: أعلنت من الصرح «أعلنت من الصرح البطريركي في 18 تموز الماضي أنني لن أستقيل لأن الانقسام السياسي العامودي في لبنان لا يسمح بتشكيل حكومة أخرى وقد نبقى في تصريف أعمال لمدة طويلة، وهذه جريمة في حق لبنان، لأن حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع الاجتماع واتخاذ القرارات، لكن عندما وقع إنفجار المرفأ، أخلاقيا، أي حكومة في العالم يجب أن تستقيل.

اضاف: كان ممنوعا على هذه الحكومة أن تنجح. هذه الحكومة كانت فرصة لكن هناك قرار دولي اتخذ بالنسبة للبنان بوقف التعاون مع البلاد بصرف النظر عن حسان دياب أو غيره.

وقال الرئيس دياب: «أنا مجروح بعمق. أتيت منذ البداية لكي أحارب الفساد «بطلع آخر شي أنا الفساد»؟! لأني لم أزر المرفأ؟! وصلني التقرير في 22 تموز وحولته رأسا إلى الوزراء المختصين وصودف وجود إقفال بموجب قرار التعبئة العامة بسبب وباء كورونا وعيد الأضحى وعيد الجيش. هل هذا أمر مدروس؟ هناك شيئ غير طبيعي في الأمر. أنا لا أؤمن بالصدف. أنا أول رئيس فتح الباب للقاضي صوان، وعندما اتصل بي القاضي غسان عويدات وقال لي «عندك مانع يشوفك القاضي صوان الثلاثاء، أي بعد خمسة أيام، فقلت له فليأت الآن، وأتى وأخبرته بكل شيء».

وسأل: هل يعقل انه ضمن ادعاءات القاضي صوان لا يوجد اسم قاضٍ أو أمني بينما يدعي على رئيس الحكومة؟ وقال: لم انزل إلى المرفأ لأنه وصلتني 4 معلومات مختلفة على مدى ساعتين. وخلال 20 اجتماعا للمجلس الأعلى للدفاع لم يرفع أحد يده، ليبلغ عن وجود النيترات وهم يعرفون.

وعن استقبال الرئيس دياب للرئيس سعد الحريري في السرايا الحكومية وتضامن رؤساء الحكومة السابقين والطائفة السنّيّة معه، قال: انطلقت من الدستور والمادة 70، فأنا أعتبر إنني رئيس حكومة كل اللبنانيين وأحتكم إلى الدستور.

ووعما يمكن للرئيس سعد الحريري تقديمه ولم يستطع الرئيس دياب تقديمه، قال: «قبول المجتمع السياسي، لا تكفي الكفاءة ونظافة الكف والوطنية للنجاح، بل يجب أن يتوافر التوافق السياسي. كنت أول رئيس حكومة يعرف أنه سيكلف بتشكيل الحكومة قبل ثلاثة أيام».

والاغرب، ما تردّد عن ان حاكم مصرف لبنان يتحدث عن تأمين أموال ملياري دولار لسد فراغ الدولار في الأسواق، وإعلان الرئيس دياب عدم علمه بذلك.

الحائط المسدود
حكومياً، غابت الاتصالات نهائياً حول الشأن الحكومي بسبب غياب الرئيس سعد الحريري، فيما عاد الحضور الفرنسي للتذكير مجدداً ان مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون لازالت حاضرة وان الدعم الفرنسي للبنان لا زال قائماً، وذلك من خلال حضور رئيس لجنة الصداقة النيابية اللبنانية – الفرنسية في مجلس النواب الفرنسي النائب الفرنسي لوييك كيرفران الذي زار امس، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حضور النائب سيمون ابي رميا، وتناول اللقاء العلاقات اللبنانية –الفرنسية والمبادرة الفرنسية وآخر تطورات الملف الحكومي.

وأكد النائب كيرفران إلتزام بلاده «الوقوف الى جانب لبنان في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها، لاسيما بعد انفجار مرفأ بيروت وتداعيات جائحة «كورونا».مشيراً الى «ضرورة تأليف حكومة جديدة كشرط أساسي لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة والحصول على المساعدات الدولية خصوصا من خلال مؤتمر «سيدر».

وقال النائب الفرنسي: ان «المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة، وأن فرنسا لا تترك لبنان في هذه الظروف، وإن الرئيس الفرنسي ماكرون ملتزم تعهداته تجاه لبنان».

كذلك، أكد أن الرئيس الفرنسي «لديه ارادة ورغبة بزيارة لبنان، على ان يتم تحديد موعد جديد للزيارة وفقا للظروف».

في هذه الاثناء، نُقل عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري (أن بي أن) امتعاضه من تأخير تشكيل الحكومة لانه كان ينتظران تكون عيدية المواطنين، لتبدأ بمعالجة الأزمات ووقف الانهيار. وقال بري: انه قام بكل ما هو قادر عليه لتسهيل ولادة الحكومة، إلا ان كل المساعي اصطدمت بحائط مسدود حتى الآن.

واوضحت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة اللواء أن الجمود الحكومي الحاصل يصعب خرقه قبل تسجيل مساع أساسية وهي حتى الآن متوقفة، لافتة إلى أن الاتصالات الخارجية ولاسيما الفرنسية متوقفة وغير معروف ما إذا كانت ستتحرك لاسيما على صعيد هذا الملف. وأكدت أن ما يسمعه المسؤولون اللبنانيون يقتصر على استمرار الرغبة  الفرنسية في الوقوف إلى جانب لبنان، على أن أي مسعى جديد لن يتظهر قريبا لأنه متروك لزيارة الرئيس الفرنسي إلى بيروت بعد تماثله للشفاء من جائحة كورونا إلا إذا بدل رأيه.

وأعلنت المصادر إن كل تأخير في الملف الحكومي له تداعياته في حين أن المساعدات الدولية المطلوبة في حال إنجازه الاصلاح   ليس معروفا مصيرها بعد.

جلَّ ما صدر عن فريق بعبدا: ما ذكرته الـ OTV، في مقدمة نشرتها المسائية: لا يزال البعض ينتظر إشارة خارجية ما، مصراً على محاولة استعادة الهيمنة السابقة ولو بصيغ أخرى وتحت شعارات محدثة، مع علمه اليقين بأن ذلك مستحيل.

وفي السياق، لوحظ نشوء سجال بين «المستقبل» والاشتراكي على خلفية عملية التأليف، فقد نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش على كلام رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لـصحيفة «الأنباء الإلكترونية» حول أخطاء الرئيس المُكلف سعد الحريري بفرض أسماء على رئيس الجمهورية ميشال عون.

وقال في حديث لقناة الـ«OTV»: «لا أدري أين تذهب مروحة جنبلاط اذ يتحدث حينًا يمينًا، ثم يعود ليتحدث شمالًا فليقل لنا ما قصده بذلك وليخفف غلبته شوي».

وحول من يتحمل مسؤولية عدم بت الملف الحكومي، قال جنبلاط في حديث لـ «الأنباء الإلكترونية» أمس الإثنين: «محلياً، أحمّل مسوؤلية لهذه القوى السياسية (عون والحريري وحزب الله)، ولا ننسى أن التيار الوطني الحر فريق أساسي، كما وقعت أخطاء من قبل الحريري أنه يريد أن يفرض على ميشال عون أسماء معيّنة، فهناك خلاف حول الأسماء حسب الظاهر، كما هناك خلاف حول الوزارات، فالشيخ سعد بالأساس فكّر أن تشكيل الوزارة أمر سهل، كما فكر بأن يأتي بإختصاصيين، لكن إختصاصي وغير مُلم بالسياسة أمر ليس بالسهل في لبنان».

ردّ النائب بلال عبدالله على نائب تيار المستقبل مصطفى علّوش في تغريدة، جاء فيها:

«للمرة الثانية خلال شهر، ينبري نائب رئيس تيار المستقبل، مهاجما ساخرا ومحاولا أستيعاب إشارات وملاحظات وليد جنبلاط، فيخفق في الرد، ولو حاول ارتداء قناع الصقور في تياره حصدا للشعبوية.

لن نساجلك في هذه الظروف،لأن فشلك واضح في تقمص دور منظر التيار!».

القرض الحسن
مالياً، برزت إلى الواجهة قضية مؤسسة «القرض الحسن» التي خرقت مجموعة تطلق على نفسها إسم «spiderz»،  كاميراتها والـServeurs الخاصة بها…ما أثار سلسلة تساؤلات حول عمل تلك المؤسسة ومصادر تمويلها وشمول خدماتها، باعتبارها مؤسسة مالية لحزب الله.

فبعد تأكيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن هذه المؤسسة غير مُدرجة على لائحة المصارف والمؤسسات المالية المرخص لها،. وقال مصدر مصرفي، بأن «مؤسسة «القرض الحسن» لا تملك أي حساب مالي في أي مصرف تجاري لبناني على الإطلاق»، معللاً ذلك بأن «جمال تراست  بنك» كان لديه حساب صغير لمحطات محروقات تابعة لـ«حزب الله» وتم إقفاله لهذا السبب، فكيف يكون الأمر بحساب خاص بمؤسسة «القرض الحسن» الذي يُعتبر مؤسسة مالية للحزب؟!».وأضاف: مَن يُطلق الشائعات من هنا وهناك بأن تلك المؤسسة لديها حسابات في المصارف اللبنانية، هم من مجموعة المصطادين في الماء العَكِر التي تعمل على بَخّ سمومها يومياً لتشويه صورة القطاع المصرفي.

اشتباك قضائي!
قضائياً، دخل التجاذب القضائي فصلا جديدا بين الجهات المعنية بالتحقيق العدلي الجاري في ملف انفجار مرفأ بيروت في 4 آب.

فبعد ان طلبت محكمة التمييز الجزائية من المحقق العدلي القاضي فادي صوان عبر النيابة العامة التمييزية ملف التحقيقات، لكن صوان امتنع عن تزويدها بالملف، مبررا ان محكمة التمييز لم توقف السير بالتحقيقات.

مواجهة الأقساط والتهميش
واشّرت المواجهات بين القوى الطالبية والقوى الأمنية امام بوابات الجامعة الأميركية في شارع بلس في بيروت، قبل أقل من يومين من نهاية سنة «المصائب والنوائب» على موسم تحرك طلابي، واسع، على خلفية قرار الجامعات الكبرى رفع الأقساط، بوسائل شتى، منها اعتماد سعر المنصة (3900 ل.ل لكل دولار) ومنها رفع أسعار المقررات في الفصل الدراسي الواحد، أو الإصرار على اعتماد الدولار. في استيفاء الأقساط، بداية من الفصل الدراسي الثاني، العام المقبل.

فتحت راية «عدم تهميش الحكومة الطلابية» تجمعت اعداد كبيرة من الطلاب امام الجامعة الأميركية احتجاجاً على رفع الأقساط وللمطالبة بالشفافية المالية، ولإجبار الجامعات على الإبقاء على سعر الصرف على أساس 1500 ل.ل.

وأكّد الطلاب عجزهم عن دفع أقساط الجامعات بسبب الغلاء، مشيرين إلى أنّ انتقال عدوى رفع سعر الصرف الى باقي الجامعات سيؤدي حتماً الى ضرب التعليم الجامعي وضياع سنوات على الكثير من الطلاب.

وهذه هي المرة الثانية التي تقمع القوى الامنية فيها الطلاب، بعد عشرة أيام على تحرّك أول تخلّله إطلاق القنابل المسيلة للدموع والضرب بالهراوات.

تأخير في اللقاح وتوجه إلى الاقفال بعد 4 ك2

إلى ذلك، تجتمع لجنة كورونا لمتابعة التدابير بعد ظهر اليوم من أجل تقييم تطوّر الوباء، وحالات الإصابات.

وإذ توقع الرئيس دياب الذهاب إلى الإقفال إذا زادت نسب الإصابات بكورونا وعدم الالتزام، قائلا «يوم الاثنين نأخذ القرار وإلا هناك خشية من الدخول في النموذج الإيطالي»، مضيفاً «سنزيد قريباً 100 سرير، 60 في المستشفيات الخاصة و40 في المستشفيات الحكومية»، ومشيرا  الى ان «إصابات كورونا طفيفة في المدارس ولا خوف على هذا الصعيد»، التقى في السراي اليوم وزير الصحة العامة حمد حسن الذي قال بعد اللقاء «أطلعنا الرئيس دياب على آخر الاتصالات الجارية مع شركة «فايزر». حصل تأخير في النقاش حول بعض النقاط، لا سيّما في مقدمة العقد. فنحن وشركة «فايزر» لدينا بعض الملاحظات التي يجب أن نأخذها في الاعتبار، منها الحصانة السيادية وعدم وجود قانون نافذ يحمي الشركات المصنعة للأدوية واللقاحات لاستخدام المنتوجات بصورة طارئة.

وأكد أن هذه الملاحظات لن تؤثر على موعد وصول اللقاح قبل منتصف شهر شباط المقبل». أما بالنسبة إلى الجدل القائم حول موضوع إقفال البلد والمطار بعد الأعياد، فأوضح حسن أن «نتيجة التجارب السابقة وصلنا لخلاصة تؤكد حتمية ملاحقة البؤر الوبائية في المناطق التي تتواجد فيها أعداد إصابات محددة، والعمل على تتبعها ومعالجتها أو إقفال تلك الأماكن، إلى جانب إلزامية وضع الكمامة والتشدد في إجراءات القوى الأمنية»، لافتاً إلى أن الـ«كورونا» المتحول منتشر في أكثر من 12 دولة في العالم، والإجراءات المتخذة نفسها المطبقة مع الكوفيد -19. أما ما يحكى عن إقفال المطار فخارج النقاش. ما يجب اعتماده هو تطبيق الاجراءات اللازمة التي تتخذها وزارة الصحة بالنسبة إلى الوافدين والمقيمين».

توقع ارتفاع اعداد الإصابات بالكورونا.
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 2298 إصابة بالكورونا، و21 وفاة بالكورونا، في الـ24 ساعة الماضية، مع ارتفاع العدد التراكمي إلى 175118 إصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2019.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

البناء
مناورة عسكريّة في غزة تحيّة لذكرى سليمانيّ وتحذير للاحتلال من المخاطرة بالعدوان
كلام نصرالله عن أزمة الثقة يفتح الباب لوساطات تُخرج الحكومة من عنق الزجاجة
دياب يرفع الصوت بوجه التحقيق: لماذا لم يسأل العارفون بالنيترات ومخاطرها وصمتوا؟
أحيت غزة على طريقتها ذكرى استشهاد قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ الجنرال قاسم سليماني، فجاءت المناورات التي تخللها إطلاق الصواريخ تعبيراً عن التحوّل الذي دخلته قوة فصائل المقاومة في ظل رعاية ومتابعة سليماني لبناء مقدرات تتيح صناعة الردع بوجه الاحتلال، وكان إجراء المناورات بذاته حدثاً جديداً ولافتاً تحت عيون الاحتلال يعبر عن هذا التحول، وقرأت مصادر قيادة جيش الاحتلال المناورات كرسالة مكمّلة لكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن تنامي قدرات محور المقاومة، وتحذير جيش الاحتلال من أي مغامرة عدوانية.
لبنانياً، توقفت الأوساط السياسيّة أمام الكلام الداخلي للسيد نصرالله في توصيف أزمة الحكومة كحصيلة لتعقيدات داخلية لا علاقة لها بالحديث عن روابط بينها وبين الانتقال الرئاسيّ الأميركيّ، سواء لجهة الاتهامات بربط تفاوضيّ يريد الحكومة ورقة تحسّن موقع إيران في مفاوضات مع الإدارة الأميركية الجديدة نافياً وجود أي مفاوضات أصلاً حول الملفات الإقليميّة من الجانب الإيراني، أو لجهة الحديث عن تريّث الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري للتحرّر من الفيتو الأميركي على تمثيل حزب الله، بحيث تضمن كلام السيد نصرالله عن البعد الداخلي تحت عنوان أزمة الثقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري إيحاء ضمنياً بعدم اتهام الحريري بالسلبيّة تجاه تمثيل حزب الله، وتوقعت مصادر متابعة للملف الحكوميّ أن يترجم كلام السيد نصرالله بتحريك وساطات يكون على صلة بها قد يتولاها مجدداً المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لإخراج الملف الحكومي من عنق الزجاجة، خصوصاً أن شوطاً مهماً قد تمّ تجاوزه في عملية التفاهم على أكثر من نصف الحكومة كتوزيع للحقائب ومقبوليّة التسمية والحق بها، ويمكن للمزيد من المساعي والمخارج التي تقترحها أن تنجح بتجاوز ما تبقى قبل حلول موعد دخول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الى البيت الأبيض.
على الصعيد الداخلي أيضاً كان حديث رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أمام الصحافيين عن خلفيات موقفه من التحقيق العدلي، محور اهتمام لجهة استكشاف الاتجاه الذي يمكن أن يسلكه المسار القضائي المتوقف حالياً، حيث نقل عن دياب قوله، إنه إضافة لشعوره بجرح معنويّ وأخلاقيّ بسبب توجيه الاتهام إليه، يتساءل مثله مثل أي مواطن لبناني، أين هم الذين كانوا يعرفون بوجود نيترات الأمونيوم ومخاطرها وصمتوا عليها لسنوات، وهم موجودون بين القضاة الذي بقي الملف بين أيديهم سنوات، وفي مجلس الدفاع الأعلى الذي عقد 20 اجتماعاً في ظل حكومة دياب من دون أن يتحدّث أحد من المسؤولين العسكريين والأمنيين عن الأمر، فيما وجد مقرّبون من دياب أنه يُستهدف لمواقفه التي أزعجت دولاً كبرى تشارك من خلال تحقيقاتها الموازية مع التحقيق اللبناني، ووجدت فرصتها للانتقام من دياب على مواقفه.
ولا يزال الجمود السياسيّ يظلل المشهد الداخلي وبالتالي ترحيل الملفات الداهمة الى العام المقبل وعلى رأسها الملف الحكومي الذي ينتظر عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت لاستئناف المشاورات مع رئيس الجمهورية ميشال عون.

وحتى ذلك الحين تملأ القوى السياسية الوقت الضائع بالسجالات والاتهامات المتبادلة، لاسيما على خط كليمنصو – بيت الوسط على خلفية مواقف رئيس الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الأخيرة الذي حمل خلالها الحريري مسؤولية تأخير تأليف الحكومة بسبب فرض أسماء الوزراء على الرئيس عون.

وردّ نائب رئيس تيار “المستقبل” مصطفى علوش على جنبلاط بالقول إن “المشكلة عند رئيس الجمهورية ميشال عون لا الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري”. ورد علوش على كلام رئيس الحزب “الاشتراكي” وليد جنبلاط حول أخطاء الحريري بفرض أسماء على الرئيس عون، قال علوش في حديث تلفزيوني: “لا أدري أين تذهب مروحة جنبلاط، إذ يتحدث حيناً يميناً ثم يعود ليتحدث شمالاً، فليقل لنا ما قصده بذلك وليخفف “غلبته شوي”.

كلام علوش استدعى رداً تصعيدياً من الاشتراكي، إذ كتب عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله على تويتر قائلاً: “للمرة الثانية خلال شهر، ينبري نائب رئيس تيار المستقبل، مهاجماً ساخراً ومحاولاً استيعاب إشارات وملاحظات وليد جنبلاط، فيخفق في الرد، ولو حاول ارتداء قناع الصقور في تياره حصداً للشعبويّة. لن نساجلك في هذه الظروف، لأن فشلك واضح في تقمّص دور منظر التيار!”.

وفي سياق الحديث عن اتجاه لتفعيل المبادرة الفرنسية مطلع العام الجديد، برزت زيارة رئيس لجنة الصداقة النيابية اللبنانية – الفرنسية في مجلس النواب الفرنسي النائب الفرنسي لوييك كيرفران Kervran Loïc، إلى بعبدا حيث التقى الرئيس عون بحضور النائب سيمون أبي رميا. وأكد النائب الفرنسي التزام بلاده “الوقوف الى جانب لبنان في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها، لا سيما بعد انفجار مرفأ بيروت وتداعيات جائحة “كورونا”.

ولفت الى “ضرورة تأليف حكومة جديدة كشرط أساسي لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة والحصول على المساعدات الدولية خصوصاً من خلال مؤتمر “سيدر”. وأكد النائب الفرنسي أن “المبادرة الفرنسيّة لا تزال قائمة، وأن فرنسا لا تترك لبنان في هذه الظروف وأن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ملتزم تعهداته تجاه لبنان”.

كما أكد أن “الرئيس الفرنسي لديه إرادة ورغبة بزيارة لبنان على أن يتم تحديد موعد جديد للزيارة وفقاً للظروف”. وأطلع النائب كيرفران رئيس الجمهورية على عمل لجنة الصداقة اللبنانية – الفرنسية، كاشفاً عن أن “المؤسسات المدنيّة في فرنسا، كما البلديات وكذلك النواب استطاعوا تأمين مبلغ 3 ملايين أورو مساعدات للبنان بعد انفجار مرفأ بيروت”.

وقالت مصادر متابعة للحركة الفرنسية لـ”البناء” إن لفرنسا مصلحة استراتيجيّة في تفعيل حضورها في لبنان الذي يشكل لها الباب الرئيسي للدخول الى المنطقة وتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي، ولذلك سيستمر الحضور الفرنسي في لبنان وسيترجم بتجديد المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون”، كما لفتت الى أن “لبنان يشكل البوابة التي ستدخل منها فرنسا الى سورية بعد استكمال التفاهمات الإقليميّة – الدوليّة وإنضاج الحل السياسي في سورية وعودة الاستقرار إليها”، ورجّحت المصادر أن تجري فرنسا “محادثات مكثفة مع الأميركيين فور تسلم الإدارة الجديدة وذلك لانتزاع الضوء الأخضر الأميركي لتسهيل مهمة الرئيس الحريري بتأليف الحكومة”.

في موازاة ذلك أشارت أوساط سياسية لـ”البناء” أن “السبب الأول لتأخير تأليف الحكومة هو أزمة الثقة بين الرئيسين عون والحريري بعد تراكمات من الخلافات والتراجع عن الوعود وعدم الالتزام بالاتفاقات”. أما السبب الآخر بحسب الأوساط فهو “رهان بعض الأطراف الداخلية والإقليمية على أحداث وتطورات أمنية – عسكرية كضربة أميركية على إيران قبيل رحيل إدارة الرئيس دونالد ترامب وانعكاس ذلك على موازين القوى في لبنان لصالح حلفاء الولايات المتحدة ودول الخليج”. فيما لفتت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية لـ”البناء” الى أن “الرئيس عون هو لطالما كان المسهل الأول للمبادرة الفرنسية ولتأليف الحكومة ولا يزال وسيعمل بقوة على هذا الهدف، لكن الكرة في ملعب الآخرين”، موضحة أن “الرئيس عون لن يقبل بأن تُفرض عليه تسمية الوزراء المسيحيين فيما تحتكر قيادات الطوائف الأخرى والأطراف السياسية تسمية الوزراء المحسوبين عليها”، مشددة على أن “الرئيس عون يعتبر أن المعايير الموحّدة والمساواة بين القوى السياسية هو الباب الرئيسي لتأليف الحكومة، وبالتالي لن يوقع مراسيم حكومة تخالف الأصول الدستورية والتوازنات السياسية والطائفية والنيابية”.

على صعيد آخر، أفيد أن محكمة التمييز الجزائية طلبت من المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي فادي صوان عبر النيابة العامة التمييزية ملف التحقيقات، لكن صوان امتنع عن تزويدها بالملف مبرراً أن محكمة التمييز لم توقف السير بالتحقيقات.

وفي السياق نفسه، أكّد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أنّه أوّل من فتح الباب للمحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي صوان. وسأل دياب: “هل لأنني لم أنزل الى المرفأ أصبح أنا الفاسد؟”. وقال في دردشة مع الصحافيين في السرايا الحكومية: “إذا كان لدى القاضي صوان أي شيء ضدي فليرسله الى المجلس النيابي والأمور تسلك مجراها وأنا أحتكم للدستور”. وسأل “هل يُعقل أنّه ضمن ادّعاءات القاضي صوان لا يوجد اسم قاضٍ أو أمنيّ بينما يدّعي على رئيس الحكومة؟”. كما كشف دياب سبب إلغاء زيارته المرفأ قبل الانفجار، قائلاً “لم أنزل إلى المرفأ لأنّ وصلتني 3 معلومات مختلفة على مدى ساعتين وخلال 20 اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع لم يرفع أحد يده ليُبلغ عن وجود النيترات. وهم يعرفون”.

على صعيد آخر، أكد دياب “أننا ذاهبون إلى الإقفال إذا زادت نسب الإصابات بكورونا وعدم الالتزام، قائلاً “يوم الاثنين نأخذ القرار وإلا هناك خشية من الدخول في النموذج الإيطالي”، مضيفاً “سنزيد قريباً 100 سرير، 60 في المستشفيات الخاصة و40 في المستشفيات الحكومية”، مشيراً الى ان “إصابات كورونا طفيفة في المدارس ولا خوف على هذا الصعيد”.

وكان دياب التقى وزير الصحة العامة حمد حسن الذي قال بعد اللقاء “أطلعنا الرئيس دياب على آخر الاتصالات الجارية مع شركة “فايزر”. حصل تأخير في النقاش حول بعض النقاط، لا سيّما في مقدمة العقد. فنحن وشركة “فايزر” لدينا بعض الملاحظات التي يجب أن نأخذها في الاعتبار، منها الحصانة السيادية وعدم وجود قانون نافذ يحمي الشركات المصنّعة للأدوية واللقاحات لاستخدام المنتوجات بصورة طارئة. وأكد حسن أن “هذه الملاحظات لن تؤثر على موعد وصول اللقاح قبل منتصف شهر شباط المقبل”. أما بالنسبة إلى الجدل القائم حول موضوع إقفال البلد والمطار بعد الأعياد، فأوضح حسن أن “نتيجة التجارب السابقة وصلنا لخلاصة تؤكد حتمية ملاحقة البؤر الوبائيّة في المناطق التي تتواجد فيها أعداد إصابات محددة، والعمل على تتبعها ومعالجتها أو إقفال تلك الأماكن، إلى جانب إلزامية وضع الكمامة والتشدد في إجراءات القوى الأمنية”.
ولفت إلى أن الـ “كورونا” المتحوّل منتشر في أكثر من 12 دولة في العالم، والإجراءات المتخذة نفسها المطبقة مع الكوفيد -19. وأضاف: “الواضح أن لبنان بعد العاشر من كانون الثاني سيسجل ارتفاعًا في أعداد الإصابات”. وأعلن أن “وزارة الصحة العامة حوّلت مستحقات المستشفيات كافة، والمطلوب من مدراء المستشفيات الحكومية أن يلتزموا بمسؤولياتهم لنكون قدوة لإسعاف الناس”.
وأكدت مصادر صحية رسمية لـ”البناء” أن لا خطر على لبنان من السلالة الجديدة لكورونا لسبب أنها سريعة العدوى لكن أثرها أقل فتكاً من الكورونا العادية، ولذلك المهم ليس سرعة الانتشار بقدر أثرها على المصاب وبالتالي قد يرتفع عدد الإصابات، لكن في المقابل سترتفع نسبة الشفاء إلى 90 في المئة”. وقالت المصادر إن “لبنان بعد أخذ اللقاح سيتمكن من العودة التدريجية الى الحياة الطبيعية في فصل الصيف المقبل مع سلسلة إجراءات وقائية ستعم مختلف المواطنين”.
وكان وزير الصحة العامة أكد بعد اجتماع للمراقبين الاختصاصيين الصحيين التابعين للوزارة، أن “الخطة المقبلة ستقوم على عزل بعض المناطق التي تشهد تسجيل بؤر وبائية محدودة بهدف محاصرتها بحيث تكون الفرق الميدانية المختلفة التابعة لوزارة الصحة العامة، العين المراقبة التي تواكب بالتنسيق مع البلديات، فعالية الإجراءات المناسبة بهدف التصويب وتحقيق الأهداف المرجوة”.
وأعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 2298 إصابة جديدة بفيروس “كورونا”، رفعت إجمالي الحالات المثبتة إلى 175118. كذلك، سُجلت 21 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الاخيرة، رفعت إجمالي الوفيات إلى 1430.
على مقلب آخر، وبعدما أشيع عن أزمة محروقات في الأفق، طمأن ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي ابو شقرا من أن “ازمة البنزين قد حلت، ومشكلة الاعتمادات في طريقها الى الحل، اذ بدأت البواخر بتفريغ حمولتها”، مؤكداً أنه “تم توزيع مادة البنزين اليوم (أمس) على المحطات على ان يتواصل التوزيع بشكل أكبر غداً (اليوم الأربعاء)”.
ووقّع رئيس الجمهورية ثلاثة قوانين الأول اعتبار العقد التشغيلي المتفق عليه بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركة كهرباء زحلة نافذاً وتمديد العمل به، والثاني تمديد بعض المهل ومنح بعض الإعفاءات من الضرائب والرسوم، أما الثالث فيقضي بتعليق العمل بأحكام قانون السرية المصارف لمدة سنة واحدة.
في غضون ذلك وبعد أيام قليلة على مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورسائل التهديد الردعية التي حملتها ضد العدو الإسرائيلي يواصل العدو التخبّط على الحدود والتوهم بوجود حركة عسكرية لحزب الله. ونشر المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، تغريدة على حسابه الرسمي على “تويتر”، أكد من خلالها أن “الجيش الإسرائيلي رصد في وقت سابق اليوم، مشتبهاً بهم اقتربوا من السياج الأمني على الحدود بين “إسرائيل” ولبنان”.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

الأخبار
نحو الانتحار: إنشاء مجلس نقد في لبنان
استهداف «القرض الحسن»: عدوان جديد على بيئة المقاومة
«الموضة» الاقتصادية الجديدة في لبنان هي «مجلس النقد». نظامٌ كان مُعتَمَداً بشكل أساسي في المُستعمرات البريطانية والفرنسية، «خصائصه» هي نفسها مُسبّبات الأزمة اللبنانية: تثبيت سعر صرف العملة، الاعتماد على استقطاب ودائع خارجية، دولرة الاقتصاد بشكل كلّي. إنشاؤه يعني نزع السلطة النقدية من المصرف المركزي إلى «مجلس» سيُحدّد سعر الصرف. خطورته الكُبرى أنّه يتم بمعزل عن أي رؤية للاقتصاد الكلّي (مقال ليا القزي).
في حزيران الماضي، تجدّد الحديث في لبنان عن «نظام صندوق تثبيت القطع» (ويُعرف أيضاً بـ«مجلس النقد»)، بعدما عقدت النائبة (قبل استقالتها من المجلس النيابي) بولا يعقوبيان مؤتمراً صحافياً تُعلن فيه، نيابةً عن تحالف «وطني» و«مجموعة لبنان ينتفض»، تقديم اقتراح قانون لنظام الصرف. وتولّت الخبيرة المالية والاقتصادية ليال منصور الشرح بأنّه «النظام الأكثر أماناً واستقراراً بنسبة أربع إلى خمس مرات من أي نظام آخر، ويُختصر بكلمة واحدة هي بناء الثقة»، مُضيفةً إنّه «يُلغي الصلاحيات الاستنسابية للمصرف المركزي، المُتمثّلة بطبع وإصدار النقد ومنح القروض إلى الدولة والقطاع المصرفي واللجوء إلى الهندسات المالية على أنواعها». نقاش مُتخصّص بسيط حصل حول الموضوع (راجع «الأخبار»، مُلحق رأس المال عدد 3 آب 2020) لتُطوى المسألة أمام عدم تبنّيها على مستوى رسمي، إلى أن أعاد «رجل أبيض» يتكلّم اللغة الإنكليزية تقديم إنشاء «مجلس النقد» كحلّ سحري، لـ«تتأهّب» فئات لبنانية عدّة ويحتّل «الاكتشاف» الجديد (القديم) صدارة المشهد الاقتصادي في البلد. الرجل الأبيض هو أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة «جون هوبكنز» الأميركية، ستيف هانكي. قبل يومين، أطلّ عبر قناة «ال بي سي آي» ليصف السياسي اللبناني الذي قد ينجح في تأسيس مجلس نقد بأنّه «بطل قومي». الاعتقاد السائد لدى اقتصاديين ومسؤولين، بأنّ ستيف هانكي يُسوّق نفسه كـ«استشاري» للدولة، مُحاولاً تحويل لبنان إلى مُختبر لنظريات اقتصادية لا تتوافق مع الواقِعين المالي والنقدي، لا بل إنّها تُعيد استنساخ أسباب الأزمة التي أدّت إلى انهيار 2019 – 2020: تثبيت سعر صرف العُملة واعتماد الاقتصاد على استقطاب العملة الأجنبية من الخارج حصراً. ليس لبنان جزيرة مُستقلة عن باقي الكرة الأرضية، والأزمة التي يواجهها ليست فريدة من نوعها (ولو اختلفت تفاصيل ومعطيات)، لذلك الحلّ ليس بحاجة إلى «اختراع»، بل مُجرّد اتخاذ قرار ببناء نموذج اقتصادي ينبذ كلّ الألاعيب النقدية السابقة. في دراسة لصندوق النقد الدولي صادرة قبل سنوات، وردت «نصيحة» إلى البلدان المدعوّة لإنشاء مجلس نقد «والبعض منها يمرّ في أزمات»، من التنبّه إلى أنّ تحقيق نتائج اقتصادية جيدة في بلدان اعتمدت هذا النظام، «لم يُثبت إمكانية تطبيقها في كلّ البلدان، ثانياً الأمر بحاجة إلى تخطيط دقيق وتغييرات قانونية ومؤسساتية مُهمة في البلد قبل إقرار مجلس النقد». أما النقطة الثالثة، فهي أنّه إذا كان مصرف أو أكثر في بلد ما يُعاني من مشاكل، «فيجب إعادة هيكلته قبل تغيير النظام النقدي».

«مجلس النقد نظام جامد لا ليونة فيه، اعتبر اعتماده انتحاراً»، يقول وزير المالية السابق جورج قرم، متسائلاً أنّه «لو حصلت كارثة طبيعية، وتطلّب الأمر صرف مبالغ كبيرة لمساعدة الضحايا، ماذا نفعل إذا كان واحد من شروط مجلس النقد هو التوقّف عن طبع العملة بما يفوق قيمة الاحتياط المُكوّن؟».
استُخدم «نظام صندوق تثبيت القطع» بشكل أساسي في المستعمرات البريطانية والفرنسية السابقة، فسُجّلت التجربة الأولى في مستعمرة «موريشيوس» البريطانية سنة 1849. كان يُسمح لتلك الدول المُحتلّة بطبع عملة خاصة بها، شرط أن ترتبط قيمتها بعملة البلد المُستعمِر (الفرنك مثلاً)، والاحتفاظ باحتياطي بالعملة الأجنبية مُساوي 100% لكمية النقد بالتداول من العملة المحلية. فإذا طُبع على سبيل المثال 100 مليون من العملة المحلية، يتم الاحتفاظ باحتياطي بقيمة 100 مليون فرنك، بحجّة ضمانة سلامة العُملة. يشرح قرم لـ«الأخبار» أنّ لبنان بلد لا يُنتِج ويُعاني من مديونية مُرتفعة نسبة إلى الناتج المحلّي، «بعدما بنى (رئيس الوزراء الراحل رفيق) الحريري نظام الشحادة الدولية، وسمحنا بوجود عملتين داخل نظامنا، واحدة قوية هي الدولار الأميركي، والثانية عملة ضعيفة هي الليرة اللبنانية، وقرّرنا تثبيت سعر الصرف بطريقة عشوائية بعدما كنّا سبّاقين باعتماد سعر صرف عائم. هذا اسمه الانتحار الاقتصادي». أمام هذا الواقع، «قد يتحوّل مجلس النقد، لو اعتُمد، إلى نظام يُكرّس المُشكلة». بالإضافة إلى ذلك، سيؤدّي مجلس النقد إلى «إكمال دولرة الاقتصاد المحلّي بشكل مُطلق، عِوض أن يكون البحث في كيفية فكّ الارتباط بالدولار، لأنّها من أسباب الأزمة».
يُعَرَّف مجلس النقد بأنّه «شكلٌ مُتطرف» من أشكال سعر الصرف الثابت، إنشاؤه يتمّ بهدف الاحتفاظ باحتياطات بالعملة الأجنبية، ولكنّه يعني انتزاع سلطة المصارف المركزية عن السياسة النقدية، ما قد يؤدّي إلى نتائج عكسية في حال كان البلد يمرّ بأزمة. يُخبر الوزير السابق عادل أفيوني أنّ مجلس النقد نظام يعتمد تثبيت سعر الصرف بناءً على «مُعادلة» بأن تكون الكتلة النقدية بالليرة مضمونة بقيمة موازية من الدولارات لدى المصرف المركزي. في ظلّ الواقع الحالي، انخفاض الاحتياطي بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان وعدم امتلاك أرقام دقيقة حول حجم الذهب وقيمته، «يقود إلى تخفيض سعر الليرة بقوّة، ما يعني مُفاقمة التضخّم وإفقار الشعب». ولأنّ التثبيت يتمّ على أساس هذه المُعادلة، «فأي انخفاض بقيمة الدولارات الموجودة يعني هبوطاً أكبر بسعر الليرة. وسنكون بحاجة إمّا إلى استقطاب سيولة من الخارج أو تخفيف حجم الكتلة النقدية بالليرة أكثر، يعني ضرب الحركة الاقتصادية والقدرات الاستهلاكية». يقول أفيوني إنّ من إيجابيات مجلس النقد إعطاء الثقة بالليرة، ولكن تطبيقه لا يكون إلا بعد إجراء «إصلاحات هيكلية: استقطاب السيولة الخارجية، إعادة بناء النموذج الاقتصادي وتقديم الحوافز للقطاعات المُصدّرة والمُنتجة، وإعادة هيكلة مالية الدولة وضبط العجز والشفافية في النفقات والإيرادات، فنكون عندها مُستعدين للتأقلم مع المعادلة الجديدة».
رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الأميركية، غسّان ديبة من المُتخصصين الذين يعتبرون أيضاً أنّ لبنان ليس بحاجة إلى مجلس نقد في ظلّ الأزمة الحادّة التي يمرّ بها: «لا نُريد نظام تثبيت للعملة أكثر صرامة من الذي كان معمولاً به، إذا انفجر فستكون آثار انفجاره أكثر حدّة». المُشكلة هي أنّه في «ظلّ الشحّ بالعملة الأجنبية والتجربة السابقة، لا يُمكن العودة إلى إنشاء نظام نقدي يعتمد أيضاً على الدولار». يقول ديبة لـ«الأخبار» إنّ مجلس النقد يقود «إلى حالة انكماشية في الاقتصاد. هو نظام صارم، سيرفع من قيمة الديون، وبالتالي الأعباء المُلقاة على الدولة والمؤسسات المُنتجة، وأي عملية تصحيح مُستقبلية للاقتصاد بوجود مجلس نقد ستتم عبر تخفيض الأجور عِوض تحريك سعر صرف العملة». يُضاف إلى ذلك الأزمة المصرفية وانقطاع التسليفات، «ما يمنع زيادة القيود على النقد، لأنّه سيُطيل فترة الركود». ويعتقد ديبة بوجود تعارض بين إنشاء مجلس نقد وحلّ الأزمة المصرفية، «فإذا كنّا نُريد إعادة هيكلة القطاع المصرفي، يجب عدم نزع صلاحية المصرف المركزي بضخّ العملة إذا دعت الحاجة». بالنسبة إلى عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي اللبناني، «يجب أن يكون هناك سعر صرف عائم مُدار، لأنّه الحلّ الأمثل حالياً للتنافسية الخارجية، والتحكّم بتدفق النقد داخل لبنان، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وضخّ السيولة فيه، كما أنّها تؤمّن لنا نوعاً من الليونة داخل الاقتصاد».
التجربة الأرجنتينية: الكساد العظيم
في كتابه «عودة اقتصاديات الكساد وأزمة الـ 2008»، يشرح الاقتصادي الأميركي بول كروغمان عن التجربة الأرجنتينية مع مجلس النقد. ليس كروغمان من المُتحمسين لوجود مجلس نقد ينزع صلاحيات المصارف المركزية ويُعطّل دورها كالمُقرض الأخير للبنوك والمُنقذ للنظام المالي، لكنّه يذكر كيف اعتمدت الأرجنتين سنة 1991 مجلس نقد «لوضع حدّ لطبع العملة المتزايد والعشوائي». القرار كان خلال عهد الرئيس السابق كارلوس منعم (أُدين سنة 2015 بتهمة الاختلاس وسابقاً بتهريب أسلحة)، وقد اتخذه وزير المالية السابق دومينغو كافالو (أُدين أيضاً بتهمة الاختلاس)، «فأعاد العمل بنظام كان منسياً في العالم الحديث، بعد اندثاره في سنوات ما بعد الحرب واستقلال المُستعمرات. صحيح أنّ هونغ كونغ تملك مجلس نقد، لكن يُمكن اعتبارها مُستعمرة أيضاً»، يقول كروغمان. خلقت الأرجنتين عُملة «بيزو» جديدة مُعتمدة سعر صرف ثابتاً، «وكان يُقابل كلّ بيزو في التداول دولار في الاحتياطي. وتوقّفت الأرجنتين عن طباعة النقود إلا لعمليات تبديل البيزو بالدولار». كانت النتيجة «انخفاض التضخم إلى ما يُقارب الصفر، عاد ضخّ الأموال إلى داخل الاقتصاد ولكن بوتيرة أبطأ من السابق، وبدأ الناتج المحلي الإجمالي بالارتفاع». سنة 2001، انهار مجلس النقد «إذ لم يعد الاقتصاد الأرجنتيني يتحمّل أن تبقى السياسة النقدية مُرتبطة بتدفق الدولارات»، بحسب رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة اللبنانية ــــ الأميركية، غسّان ديبة. وقد اعتُبر تثبيت سعر الصرف واحداً من الأسباب الرئيسية للكساد العظيم بين 1998 – 2002.
استهداف «القرض الحسن»: عدوان جديد على بيئة المقاومة
منذ فترة طويلة، صارت مؤسّسة جمعية القرض الحسن في مهداف بعض الداخل والخارج. مِن الولايات المتحدة الأميركية إلى الإعلام الخليجي إلى سياسيين لبنانيين، لا تتوقف محاولات ضرب واستهداف المؤسسة فعلاً وقولاً، من ضمن مسار عملية استهداف المقاومة والمؤسسات التابعة لها أو القريبة منها. آخرها هجوم سيبراني ضخم على بيانات المؤسسة (مقال ميسم رزق).
كان سلاح الجو الإسرائيلي فوق الضاحية الجنوبية لبيروت عام 2006 يُنفّذ عملية تدمير ممنهجة، هي في جزءٍ منها انتقام مِن بيئة المقاومة. حينذاك، نالت فروع جمعية مؤسّسة القرض الحسن نصيبها من «الغلّ» الإسرائيلي، فأُطيح بعض مبانيها أرضاً على غرار مئات الأبنية الأخرى. مع ذلك، لم يضِع حقّ أي من زبائنها والمساهمين فيها. بقيت الودائع من المساهمات والذهب المرهون مؤمنة بالكامل. كانت تلك التجربة الردّ على أول تحدٍّ جدّي واجهته المؤسسة. ثم تصدّت «الجمعية» لمحاولة جديدة من الاستهداف، عبر وضعها على لائحة العقوبات الأميركية، إلى أن تكشّفت خلال الأزمة المالية ــــ الاقتصادية التي اشتدّت منذ نهاية عام 2019، حقيقة أن المؤسسة لم تتأثر. بل على العكس، رغم كل الهجمات عليها، لم تُجمّد أي حساب من حسابات المودعين لديها، ولم تعمد الى تحديد أي سقوف مالية. الذين يتعاملون مع هذه المؤسسة يؤكدون أن عمليات الصرف والإيداع استمرت بحرية تامّة، في وقت قامت فيه البنوك اللبنانية بحجز أموال المودعين وتحديد سقوف للسحوبات بمبالغ محددة، وإذلال المواطنين على أبوابها. وصحيح أن المؤسسة لا تندرِج ضمن سوق الصيرفة، لكنها في إطار تقديم التسهيلات للمساهمين فيها استحدثت خدمة الصراف الآلي «ATM» في بعض فروعها، ما أصاب البعض بـ«الجنون».
ولأن للحرب وجوهاً كثيرة، ومنها الوجه الإلكتروني، تعرّضت «الجمعية» قبل يومين لهجوم سيبراني ضخم جدّاً، زعم منفّذوه أنه مكّنهم من رفع السرية المالية عن آلاف المتعاملين معها، قبل نشر فيديو لمجموعة تُطلِق على نفسها اسم «سبايدرز» تدّعي خرق أنظمة «القرض الحسن». كشفت المجموعة عمّا تزعم أنه شبكة واسعة من الأسماء والأرقام والموازنات لأعداد المساهمين والزبائن، وتحديداً من عامي 2019 و2020، ناصحة المودعين والمقترضين بـ«وقف التعامل مع الجمعية كي لا يكون مصيرهم كمصير المودعين في المصارف». وقد وعدت المجموعة بنشر معلومات إضافية في الفترة المقبلة عن الجمعية وغيرها من المؤسسات التابعة لحزب الله. فيما وصلت آلاف الرسائل الهاتفية و«الإيمايلات» تتضمن «لينك» لصفحة الجمعية، نشرت فيها معلومات و«تهديدات» أشارت الى ارتباط حوالى 300 ألف زبون بعلاقة مالية ــــ تجارية مع جمعية القرض الحسن، ما يقارب 200 ألف منهم مقترضون في مقابل نحو 100 ألف مودع.
وبسبب القرصنة والحصول على المعلومات، كما ورد على الصفحة «لم تعُد الجمعية سرية ولا يمكن استخدامها ملجأً ماليّاً سرياً يمكن من خلاله إخفاء الأموال عن البيئة والسلطات اللبنانية، بما فيها البنوك والسلطات الضريبية والجهات القانونية في البلاد. وبعملية نشر هذه التفاصيل، تكون المخالفات بأشكالها وألوانها التي ارتكبها المودعون تحت جناح السرية التي تمنحها الجمعية لزبائنها، قد أصبحت مكشوفة للسلطات اللبنانية والدولية. وإذا كانت أسماؤكم أو تفاصيلكم مندرجة في القوائم المسرّبة فيجب أن تعلموا أن من المتوقع أن تكونوا موضع تحقيق السلطات في لبنان أو في دول أخرى، بل قد تخضعون وفقاً لوظيفتكم لفحص جهات في وزارتَي المالية والتجارة الأميركية بسبب تعاملكم مع جمعية وضعت على لائحة الإرهاب منذ عام 2007».
وبينما قلّلت الجمعية من مخاطر العملية التي نفّذتها «جهات معادية»، وفق ما قالته في بيان لها، وأكدت العمل على حماية الحسابات، علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن «التحقيق لا يزال جارياً، فيما لم تُعرف بعد الجهة التي تقِف وراء الهجوم». وفيما يُحاط مسار التحقيق بتكتّم شديد، قالت المصادر «إن الجهات المعنية تدرس احتمالين: إما أن الهجوم نفذته جهات استخبارية خارجية، وإما أن يكون لموظفين سابقين بالجمعية يد بالعملية بالتعاون مع قراصنة محليّين». وحتى عصر يوم أمس، كان الهجوم على نظام المؤسسة لا يزال مستمراً، ما حال دون تحديد حجم الخرق والمعلومات التي أصبحت في حوزة المهاجمين. ويجري الحديث عن أن الجمعية ليست وحدها من تعرضت لهجمات ومحاولات قرصنة، بل هناك عدّة مؤسسات تدور في فلك حزب الله، ما يرجّح فرضية أن يكون الهجوم منسقاً من جهات استخبارية خارجية. ولفتت المصادر إلى أن «البيانات التي نُشرت ليست صحيحة بالكامل، فهناك أسماء وأرقام مغلوطة»، مشيرة إلى أن «الهجمة ضخمة ومبرمجة وقد بدأت منذ يوم السبت الماضي».
أما في الإطار السياسي، فإن الهجمة التي تعرّضت لها «مؤسسة جمعية القرض الحسن» جاءت مدجّجة بالرسائل، التي دهمت المقاومة وجمهورها في لبنان. في الاحتمالات، الكفة راجحة إلى عدم إمكانية الفصل بين ما حصل والعقاب الأميركي الذي طال سابقاً مصرف «جمّال ترست بنك»، بتهمة توفير خدمات مالية ومصرفية لمؤسسات تابعة لحزب الله. وقد بات واضحاً أن عصا العقوبات الأميركية تتوسّع، بوجود إرادة للتمدّد إلى المؤسسات المحسوبة على المقاومة بأي وسيلة لضربها، ما يرفع ــــ من وجهة نظر الإدارة الأميركية ــــ منسوب تضييق الخناق على حزب الله وبيئته، من ضمن مسار المواجهة المكشوفة.
الهجمة على الجمعية لها تفسير واحد، حتى الآن: بسبب عدم إمكانية هزيمة المقاومة عسكرياً، نتيجة تعاظُم قدراتها، تتوالى العقوبات والحملات على حزب الله وكل المؤسسات التابعة له أو التي تدور في فلكه، في توقيت مالي ــــ اقتصادي بالغ الخطورة، يتطلّب جهداً من قبله للتقليل من تداعيات الانهيار على بيئته. ضمن هذا الإطار، يأتي استهداف الجمعية، وهو في الواقع استهداف للمستفيدين من خدمات الجمعية، سواء المودعين (المشتركين) أو المقترضين.
ولا نقاش في أن هذه الهجمة، سواء كانت هجمة استخبارية أميركية أو إسرائيلية، أو مجرّد عمل فردي داخلي ــــ وهو احتمال قائم لدى المحققين ــــ قد أصابت المؤسسة بضرر، لأن الاستهداف يخدم أعداء المقاومة، كونه عدواناً جديداً على بيئتها، ويتطلّب إعادة النظر في أمن مثل هذه المعلومات، علماً بأن الجمعية سبق أن اتخذت إجراءات لفصل شبكاتها عن شبكة الإنترنت. وإلى حين انكشاف الصورة كاملة، يُمكن التأكيد أن مؤسّسة القرض الحسن، منذ مدة، وتحديداً منذ بدء أزمة المصارف، صارت تحت المجهر أكثر فأكثر في الداخل والخارج.
من الولايات المتحدة الأميركية إلى رئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، الذي صرّح مطلع الشهر الحالي لـ«سكاي نيوز» بأن «المنتصر الأكبر والعامل الأقوى هو حزب الله، فهو ينتظر ويقوم بالوقت ذاته بترتيباته على الأرض، حيث أصبح لمؤسسة القرض الحسن التابعة للحزب ATM تعطي المشتركين فيها مبلغ 5000 دولار مقابل رهن الذهب في الوقت الذي يعاني فيه المواطن اللبناني مع المصارف وأمواله المحجوزة، لذلك فإن حزب الله بمأمن ومرتاح، ونحن في المأزق» (مقرّبون من جنبلاط يؤكدون أن كلامه موجّه إلى الأميركيين والدول الخليجية، للتحذير من مغبة ترك لبنان ينهار). يضاف إلى ما تقدم، هجوم إعلامي مدفوع الثمن، أميركياً، على الجمعية وعملها. ففي مقابل فشل المصارف اللبنانية، كانت المؤسسة في صدد توسيع دورها وحجم عملها بالمرحلة المقبلة، إذ جرى الحديث عن إمكان تقديمها قروضاً تجارية وزراعية وصناعية وسكنية، ما يعني مساهمتها في التخفيف من آثار الانهيار. ومن هنا، يصبح مفهوماً أكثر سبب الهجوم عليها، لمعاقبة جمهور المقاومة.