افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين، 18 تموز 2022

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 6 حزيران، 2016
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 17 تشرين الأول، 2016
تفاقم أزمة التيار الوطني الحر : العميد شامل روكز يؤسس حزباً سياسياً؟

البناء
هوكشتاين إلى بيروت لاستئناف المفاوضات تفادياً للمواجهة بعد تهديدات المقاومة… وإبراهيم متفائل
حردان في ذكرى سعاده: لتعزيز معادلة الردع لتثبيت الحقوق البحريّة… ووحدة الحزب أولاً وعاشراً.. لا للفراغ الرئاسيّ.. نعم لسورية بقيادة الأسد.. لا للحياد والتفتيت.. لقانون انتخاب لا طائفيّ.. لخطة إنقاذيّة
تقاطعت المعطيات التي تتحدث عن زيارة قريبة للوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود عاموس هوكشتاين هذا الأسبوع إلى بيروت، مع تواتر المعلومات عن إيجابيات تتصل بالملف في ضوء تهديدات المقاومة، بعد معادلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، «كاريش وما بعد كاريش»، وهو ما وصل برئيس حزب القوات اللبنانية للحديث عن أن تهديدات المقاومة كانت محاولة لاستباق هذه الإيجابيات ونسبتها لتهديداتها، بينما تؤكد مصادر على صلة بالملف أن ما نقلته السفيرة الأميركية دوروتي شيا أوحى للمسؤولين بأن الوقت سيستهلك في التطمينات دون رؤية شيء عملي، بعدما رفضت السفيرة تقديم أي تفاصيل تؤكد كلامها عن الإيجابيات، ليبدأ كلام هوكشتاين المرفق بتفاصيل تبلغها عدد من المسؤولين،  بالظهور مع كلام المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عن التفاؤل بحل يعيد الحقوق والثروات خلال أسابيع قليلة.

وطنياً وقومياً، أحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي ذكرى اغتيال مؤسسه وزعيمه أنطون سعاده بمشاركة سياسية وشعبية وحزبية حاشدة امتلأت معها قاعات وباحات قصر اليونيسكو بالمشاركين، وتحدث في الحفل الوزير السابق عدنان منصور وألقيت كلمات لحزب الطاشناق ألقاها عضو لجنته المركزية باروير ارسن، والأحزاب الوطنية ألقاها النائب حسن مراد، ولفصائل المقاومة الفلسطينية ألقاها القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو أحمد فؤاد، وفي ختام الاحتفال تحدث رئيس الحزب أسعد حردان، الذي استعرض تاريخ تضحيات الحزب وعناوين فكر ونضال مؤسسه، متوقفاً أمام العديد من المحطات السياسية الإقليمية والداخلية، مؤكداً أن الحزب السوري القومي الاجتماعي كحزب للمقاومة متمسك بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، يدعو للتمسك بكل أوراق القوة وحماية معادلات الدرع التي تمثلها المقاومة لضمان تثبيت الحقوق في الثروات البحرية، وضمان استثمارها، مؤكدا أهمية تعافي سورية، ووقوف الحزب الى جانبها في مواجهة الحرب الكونية التي استهدفتها، مشيراً الى انتصارها التاريخي وتعافيها، بقيادة الرئيس بشار الأسد.

عن الوضع الداخلي واستحقاقاته، قال حردان لا للفراغ الرئاسي داعياً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في المهلة الدستورية، معلنا باسم الحزب رفض طروحات الحياد والفدرلة، مشيراً الى ان المطلوب هو قانون انتخاب لاطائفي، وخطة إنقاذ اقتصادية مالية اجتماعية، تعبر عن التزام الدولة بمسؤوليتها عن مواجهة التحديات والمخاطر التي تستهدف مواطنيها.

في ختام كلمته قال حردان إن وحدة الحزب ستبقى أولوية مستخدماً معادلة، وحدة الحزب أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً، مشيراً الى مساعٍ ومبادرات تضع هذا الهدف في أولويات الحزب.

وأحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي، الثامن من تموز، ذكرى استشهاد مؤسسه أنطون سعاده، باحتفال مركزيّ حاشد في قصر الأونيسكو ـ بيروت، حيث احتشد الآلاف في القاعة والخارج، بمشاركة فصائل رمزيّة من النسور والأشبال وفرقة كشفيّة تولّت العزف خلال استقبال المشاركين.

وحضر الاحتفال إلى جانب رئيس الحزب أسعد حردان ورئيس المجلس الأعلى سمير رفعت ونائب رئيس الحزب وائل الحسنية وأعضاء القيادة المركزية، ممثل رئيسَيْ مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي النائب محمد خواجة، نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، وشخصيّات سياسية ونيابية ورسمية وحزبية.

ورأى حردان في كلمته أنّ إنقاذَ لبنان لا يكونُ إلا بالوحدةِ، وبقيامِ دولةِ المواطنةِ العادلةِ والقادرةِ والقويةِ وبتكريسِ منطقِ الدولةِ والمؤسساتِ، وتطبيقِ الدستورِ بكلّ بنودِهِ وتحديثِ القوانين، ولبنانُ أحوجُ ما يكون إلى قانونِ انتخاباتٍ عصريٍّ يوحّدُ اللبنانيين ويحققُ المساواةَ بينَهُم، ويحرّرُهُم من كونِهم رعايا طوائف ومذاهب.

وحولَ استحقاقِ الانتخاباتِ الرئاسيةِ، أكد حردان وجوبَ إتمامِ هذا الاستحقاق، فنحن ضدّ أيّ فراغٍ في مؤسّساتِ الدولةِ، فكيف إذا كان في موقعِ رئاسةِ الجمهورية. وما نريدُه نحن للبنان، أن يسقطَ الخطابُ الطائفيُّ التفتيتيُّ المفكّكُ لبنى الدولةِ ومؤسساتِها. معتبراً أنّ الذين راهنوا على سقوطِ العمقِ القوميِّ للبنان، فشلوا في كلِّ رهاناتِهم، فها هي سورية وبعد أن حققت نصراً استثنائياً على العدوّ الإرهابيّ وداعميه وعملائِهم، تستعيدُ عافيتَها، وتسيرُ بخطىً ثابتةٍ في مسيرةِ إعادةِ إعمارِ ما دمّرَهُ العدوانَ الذي ما كان ليستهدفها لولا موقفها القوميّ التاريخي الصلبِ دفاعاً عن فلسطين والمقاومةِ بكلّ أحزابِها وفصائِلِها.

وأكد أنّ انتصارَ دمشق ثابتٌ راسخٌ، تحققَ بفضلِ قيادةِ الرئيس الدكتور بشار الأسد والتضحياتِ الجسامِ التي بذلَها الجيشُ السوري ونسورُ الزوبعةِ وقوى المقاومةِ، لكن الحربَ عليها مستمرةٌ، حصاراً اقتصادياً ظالماً بواسطة «قانون قيصر»، وفي ملفِّ النزوحِ. ففي الوقتِ الذي تؤكدُ فيه الدولةُ السوريةُ أنّ ذراعيْها مفتوحتان لاحتضان كلّ أبنائِها، وتبدي كاملَ استعدادِها للقيامِ بواجباتِها تجاهِهِم وتأمينِ كلّ متطلباتِ الحياةِ الكريمةِ لهم، نرى دولاً ومؤسساتٍ تتعمّدً إبقاءَ النازحينَ رهائنَ وفي معاناةٍ مستمرةٍ.

وتابع حردان: لا يجوزُ أن تنأى الحكومةُ اللبنانيةُ بنفسِها، وأن ترضخَ لضغوطِ الخارجِ، بل إنها مطالبةٌ بالتواصلِ بشكلٍ مباشرٍ وعلنيٍّ مع الحكومةِ السوريةِ، وبأسرعِ وقتٍ ممكن، وندعو إلى تفعيلِ وتنفيذِ الاتفاقياتِ المشتركةِ بين الدولتين، وهذا في مصلحةِ الشعبِ في البلدين.

كما اعتبر أن إعلان القدس ـ الصهيو ـ أميركي، هو حلقة جديدة من حلقة العدوان وضمن مندرجات «صفقة القرن» لتصفية المسألة الفلسطينية. وقال: إن الردّ على هذا الاعلان، هو تمسّك أبناء شعبنا بخيار المقاومة والكفاح المسلح سبيلاً وحيداً لتحرير فلسطين كل فلسطين.

وإذ حيا موقف أبناءِ «شعبِنا في الأردن الذين يواجهونَ اتفاقياتِ الغازِ والمياهِ المعقودةِ مع الاحتلالِ»، ثمّن حردان «وقوفَ العراقِ في خندقٍ واحدٍ مع الشامِ ضدَّ الإرهابِ، ومدِّه يدَ المساعدةِ للبنان ونحيي برلمانَه الذي جرّمَ التطبيعَ مع العدوِّ، ونؤكدُ أنّ من حقِّه أن يكون بلداً موحداً ومستقراً. وأن يذهبَ العراقيون باتجاهِ دستورٍ جديدٍ يقطعُ مع «دستورِ بريمر» الذي شرّعَ التقسيمَ والانفصال».

وكما وجّه تحية الى الكويتُ، مضيفاً: «ها هو مجلسُ الأمة يقرُّ قانوناً جديداً يشدّدُ فيه العقوبات على المطبّعين مع الاحتلال، في وقتٍ تتمسكُ الدولةُ بالمرسوم الأميري الصادر منذ العام 1967 بإعلانِ الحربِ على كيانِ العدو».

وختم حردان بكلمة للقوميين مؤكداً أن «وحدة الحزبِ أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً، وفي هذا اليومِ المهيبِ، وأمام عظمةِ الاستشهادِ، نجدّدُ التأكيدَ على مبادراتٍ أطلقناها وعملنا عليها مع كلِّ الحرصاءِ من حلفاءٍ وأصدقاءٍ مشكورين، في سبيلِ توحيدِ الجهودِ لخدمةِ القضيةِ التي من أجلِها اجتمعْنا»، مشدداً على أنّ «الاحتكامَ للإرادةِ العامةِ في حزبِنا كما طرَحْنا ونطرحُ باستمرار، وكما هو معتمدٌ في الأزماتِ، هو المدخلُ الطبيعيّ للانتقالِ الى مساحةِ التلاقي والتعافي ووحدةِ الصفوفِ والاتجاهِ».

ويتصدّر ملف ترسيم الحدود جدول الأولويات الداخلية في المرحلة المقبلة بعدما فرض نفسه بنداً رئيسياً في جدول أعمال جولة الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة، وبالتالي سوف يتقدّم على استحقاقي تأليف الحكومة وانتخابات رئاسة الجمهورية، في ظل مشاورات جديدة على المستوى الرسميّ اللبنانيّ ستبدأ خلال الأسبوع الجاري لإعادة تقييم المرحلة السابقة وصياغة موقف رسمي جديد استناداً الى ثلاثة معطيات وفق ما تشير أوساط مطلعة على الملف لـ«البناء»: خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي فرض أمراً واقعاً على جميع الأطراف المعنيّة بالملف بوضعه الحرب العسكريّة كخيار حتميّ إذا لم يتم حل ملف الترسيم وعرقلة استثمار لبنان لثروته الغازية في جميع البلوكات من الشمال الى الجنوب، مواقف الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته فلسطين المحتلة ومواقفه التي تعمّق الأزمات في الشرق الأوسط، والزيارة المرتقبة للوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الى لبنان خلال الأسبوعين المقبلين.

وعلمت «البناء» أن تحركاً أميركياً على صعيد ملف الترسيم سينطلق خلال الأسبوعين المقبلين، من خلال زيارة مرتقبة للموفد الأميركي هوكشتاين لإعادة إحياء المفاوضات حول مقترحات الحل للتوصل الى صيغة تُنهي الخلاف على الحدود. مشيرة الى أن «ملف الترسيم سيواجه حالة من المد والجزر والتوتر العسكريّ خلال الشهرين المقبلين الى أن يرسو على برّ الحل في نهاية المطاف لكون تقاطعات المصالح بين دول كبرى ستفرض الحل على لبنان و«إسرائيل»، لا سيما أن الولايات المتحدة الأميركية تولي هذا الملف اهتماماً كبيراً في إطار حربها مع روسيا، وكذلك أوروبا التي تنتظر بفارغ الصبر تصدير أول ذرة غاز من المتوسط لانطلاق قطار التصدير الى أوروبا قبل فصل الشتاء»، لكن كل ذلك وفق المصادر اصطدم بعقبة الخطاب الأخير للسيد نصرالله الذي قلب المعادلة وبعثر أوراق المصالح باتجاه وضع حقوق لبنان بثروته الغازية والنفطية وحق استثمارها على جدول أعمال «مشروع غاز المتوسط الى اوروبا»، ما سيفرض على شبكة المصالح الدولية الاميركية – الاوروبية – الاسرائيلية الوقوف عند مطالب لبنان كي لا تفلت الامور من عقالها وتُعطى المقاومة زمام المبادرة والحق بالتحرّك العسكريّ ضد منصة الاستخراج في كاريش وكامل المنطقة النفطية والغازية المحيطة بها ما يؤدي إلى حرب واسعة النطاق ونسف «مشروع الغاز الاسرائيلي» برمّته.

ويُحذر خبراء استراتيجيون لـ«البناء» من «تدويل حقل كاريش» وتحصينه بمنظومة مصالح مشتركة، ما يعني خلق «إرادة غربية – أميركية – أوروبية وحتى عربية – خليجية لإنجاز هذا المشروع، ما سيفرض على لبنان أمراً واقعاً ويصعب على لبنان مواجهته فور بدء عملية الاستخراج لوجود عقود موقعة مع دول عدة كمصر وقبرص والتزامات قانونية ومالية ولوجستية على الدول تنفيذها، لذلك يدعو الخبراء الدولة اللبنانية الى اقتناص الفرصة الدولية وحاجة القوى الغربية الى الطاقة للدفع بملف الترسيم الى الواجهة الآن واستخدام كافة أوراق القوة والتهديد والصمود لانتزاع الحقوق النفطية والغازية لكونها فرصة تاريخية قد لا تتكرر ظروفها». مشيرين الى أهمية استخدام ورقة تهديد المقاومة لمنصة كاريش والمصالح الغربيّة النفطيّة الحيويّة في المتوسط لفرض حقوق لبنان. ويشدّد الخبراء على أن المعادلة التي أرساها خطاب السيد نصرالله الأخير والتي على الدولة أن تقف خلفها باتت التالية: «غاز ونفط كامل شاطئ لبنان مقابل غاز ونفط كامل شاطئ فلسطين»، بعدما كانت المعادلة تقتصر على «قانا مقابل كاريش» وإلا فالحرب الوسيلة الأخيرة لإنقاذ لبنان من الانهيار الكامل والانفجار الهائل والموت المحتوم.

ويلفت خبراء في الشأن العسكري والاستراتيجي لـ«البناء» الى ضرورة أن تتحرّك المقاومة ميدانياً في رسالة ثانية للعدو الذي يمضي بأعماله التحضيرية لاستخراج الغاز مطلع أيلول، وبالتالي تكرار العمليات حتى الوصول الى حل سريع وعدم الغرق بعسل التطمينات الأميركية بمصطلحات مكررة وواهية كـ»إحياء المفاوضات والتوصل الى حل يرضي الطرفين»، والهدف منها تمرير الوقت والضغط على الدولة اللبنانية لتحييد العمل العسكري للمقاومة حتى مطلع أيلول موعد بدء عملية الاستخراج وحينها سيصعب على لبنان وحزب الله المواجهة وسيعتبر أي عمل عسكريّ من قبل المقاومة ضد «مشروع الغاز» عرقلة لتدفق النفط الى الغرب وتهديداً لأمن الطاقة العالمي واستهدافاً للمصالح الحيوية الغربية».

وفي هذا السياق، أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أن «لبنان أمام فرصة كبيرة جداً لاستعادة لبنان لغناه، من خلال ترسيم الحدود البحرية، وأعتقد على مسافة أسابيع وليس أكثر من تحقيق هذا الهدف، نحن على مقربة اذا تمسكنا بحقنا وبقينا موحدين لتحقيق هذا الهدف الذي يعيد أولادنا الى البلد، ولكن إذا تخلينا عن حقنا وكرامتنا، يمكن أن يهاجر كبار السن».

وخلال احتفال افتتاح نادٍ لكبار السن والمتقاعدين في الوردانية في إقليم الخروب، رأى إبراهيم أن «الموضوع له علاقة بمدى ثباتنا وصمودنا ووحدتنا، خلف حقنا، وأعتقد ما سوف نصل اليه على مستوى ترسيم الحدود، هو أقل من حق، هو تسوية، الظروف الدولية والإقليمية للأسف، تفرض علينا أن نصل الى تسوية، فحقنا ليس الخط 29 ولا 23، بل حقنا هو فلسطين كلها، وهذه تسوية موقتة، وكل ما نمرّ به في لبنان هو موقت، ونحن على يقين اننا سنعيد فلسطين الى أصحابها الحقيقيين، وهذه المياه هي فلسطينية، وليست اسرائيلية، وأدعو الإخوة الفلسطينيين أن يعلنوا موقفاً سياسياً من هذا الموضوع، من أن ما يفاوض عليه لبنان مع العدو الاسرائيلي، ليس حقاً للعدو».

من جهته، أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال قداس في الديمان، الى أنه «ليس بمقدور لبنان أن ينتظر طويلاً لاستخراج النفط والغاز، ونتمنى على الولايات المتحدة أن تحسم الموضوع مع «إسرائيل»«. وأكد الراعي، أن «الشعب ينتظر حلولاً إنقاذية ويأمل أن تنحسر عنه الأزمات»، لافتاً الى أن «المشاكل السياسية تضعف الثقة بالسياسيين والمسؤولين، كما تضعف ثقة الخارج بلبنان».

وطالب الراعي، القوى السياسية أن «تبتعد عن أجواء التحدي في وقت يجتاز فيه لبنان أخطر تحدٍّ وجودي في تاريخه»، مشيراً الى أن «هذه التحديات تعسر انتخاب رئيس جمهورية، وهذا التعسر نرفضه بشدة»، متمنياً على القوى السياسية أن «يتموضعوا لانتخاب رئيس جمهورية يحمل القضية اللبنانية».

لكن الراعي عاد ولفت في كلمة أخرى الى أنه «لا يحق لأي فئة أن تنصّب نفسها محل جميع المرجعيات الدستورية وجميع المكونات اللبنانية وتقرر مصير لبنان».

في المقابل تتساءل أوساط سياسية عبر «البناء»: على أية عناصر قوة ستستند الدولة لفرض استثمار حقوقه في البحر وللضغط على الأميركيين لحسم الملف مع «اسرائيل» كما يدعو البطريرك الراعي؟ هل هناك وسيلة ضغط غير المقاومة وسلاحها وتهديداتها ضد أعمال الاستخراج في كاريش وما بعد بعد كاريش وفق المعادلة التي أعلنها السيد نصرالله؟ وهل الوسائل الدبلوماسية اللبنانية مع الأميركيين وسواهم نجحت في استعادة الحقوق اللبنانية منذ عقود وآخرها تفعيل خط الغاز الغربي الى لبنان؟ فكيف باستعادة حقوق لبنان في النفط والغاز في أكثر أماكن البحر المتوسط حساسية وخطورة؟

على صعيد آخر، لم يسجل الملف الحكوميّ أي جديد، بانتظار عودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى بيروت اليوم لانطلاق جولة مشاورات جديدة قد يبدأها بزيارة الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، علماً أن أكثر من جهة سياسية أكدت لـ«البناء» أن الحماسة لتأليف حكومة جديدة مفقودة لدى أغلب الأطراف لا سيما الرئيس ميقاتي الذي يعتبر أن الوقت المتبقي من عمر العهد الحالي ومن عمر أية حكومة جديدة لا يكفي لإنجاز بند واحد فكيف بجدول الملفات الذي يعج بالأزمات والاستحقاقات. وبالتالي يفضل ميقاتي وفق الجهات السياسية الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال لتسيير الأعمال وإدارة المرحلة المقبلة الفاصلة عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية ويصار بعدها الى تأليف حكومة جديدة تملك قوة الدفاع والعمر الطويل والمشروعية في ظل عهد جديد لاستكمال وضع وتنفيذ الخطط الاقتصادية والمالية.

وتكشف جهات ديبلوماسية لـ«البناء» أن لا ضوء أخضر أميركياً – خليجياً لتأليف الحكومة الجديدة في ظل الانشغال الأميركي بملفات في المنطقة أكثر أهمية من الملف اللبناني، وأي تعديل في المقاربة الأميركية للوضع في لبنان ستنطلق من المصلحة الاميركية – الإسرائيلية إزاء ملف ترسيم الحدود. لكن الجهات تشير الى أن «الأميركيين يفضلون تأليف حكومة جديدة بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية لرهانهم على وصول رئيس يكون قريباً من التوجهات الأميركية، وبالتالي تأليف حكومة وفق نتائج الانتخابات النيابية الجديدة وتوازنات سياسية مختلفة عن التوازنات الحالية للاستمرار بالضغط على لبنان للتنازل بملفات عدة».

ويؤكد مصدر في ثنائي حركة أمل وحزب الله لـ«البناء» إلى أن «الثنائي مستعجل تأليف الحكومة ويبذل جهوداً كبيرةً بعيداً عن الإعلام لتذليل العقد على خط بعبدا اللقلوق – السراي الحكومي، لتحسسه خطورة المرحلة على المستوى الاقتصادي والمالي والاجتماعي وأهداف المخطط الخارجي لخلق الفوضى المالية والاجتماعية والانفجار الأمني في الشارع لإرباك المقاومة ودفعها للتنازل في ضوء التصعيد في ملف ترسيم الحدود، وتزداد الخطورة بعد زيارة بايدن الى المنطقة ودعم الاحتلال وتهويد القدس ومشروع الغاز الإسرائيلي ودفع المنطقة الى التطبيع مع «إسرائيل» بعد إلحاق السعودية بالدولة المطبّعة مع العدو».

وأشار عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد رعد، خلال احتفال في الجنوب «أننا نحن الشّعب اللبناني أسياد هذا البلد ونحن الذين نرسمُ سياساته وفق مصالحِ أبنائنا وأجيالِنا المقبلة وليس وفقَ البرامجِ التي تعدُّها الغرفُ السوداء». ولفت الى أنه «سيكتشف هؤلاء أنّ الرّهان على العدوّ الإسرائيلي بإخضاع منطقتنا هو رهان عابث لا طائل منه وأنّ العدوّ الإسرائيلي لا مكان له في منطقتنا، وهذا ما سيكون نتيجة فعل شعوب هذه المنطقة بدءًا من الشعب الفلسطيني المقاوم في الداخل وصولًا إلى كلّ الشّعوب المقاومة في منطقتنا».

وبدأ الهمس والغمز في الكواليس السياسية حول شخصية ومواصفات رئيس الجمهورية المقبل مع افتتاح بورصة الأسماء وجوجلتها، وسط ترجيح اسم رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية في ظل المساعي الحثيثة لترتيب لقاء بين فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لتأمين دعم الأخير لفرنجية في رئاسة الجمهورية، وذلك استكمالاً للقاء الذي حصل بين القطبين السياسيين برعاية السيد نصرالله قبل الانتخابات النيابية.

وإذ لم يعلن حزب الله بشكل علني دعمه لفرنجية، لا تستبعد أوساط التيار الوطني الحر حصول تفاهم بين باسيل وفرنجية على انتخابات رئاسة الجمهورية بعد توحّد كتلتي المردة ولبنان القوي في تكتل واحد داعم للرئيس المقبل وبالتالي يؤمن له الأغلبية المسيحيّة. لكن الأوساط تؤكد لـ«البناء» أن التيار لم يحسم هذا الملف بانتظار المشاورات المقبلة.

إلا أن مصادر في قوى 8 آذار تلفت لـ«البناء» الى أن «الثنائي أمل وحزب الله وتحالف المقاومة والتيار الوطني الحر يؤمنون الأكثرية النيابية المطلوبة لانتخاب رئيس الجمهورية أي 65 نائباً في الدورة الثانية، طالما أن مختلف الكتل لا سيما القوات اللبنانية والكتائب والقوى التغييرية وكذلك اللقاء الديمقراطي تعلن رفضها التام لمقاطعة جلسات الانتخاب والفراغ في رئاسة الجمهورية، ما قد يرفع من احتمال حصول انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها المحدد، وما يعزز هذا الخيار هو حصول تفاهم بين باسيل وفرنجية على اسم الأخير، في ظل تفاهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على دعم فرنجية».

ودعا البطريرك الماروني الى أن «عدم تشكيل حكومة جديدة والإبقاء على حكومة تصريف الأعمال الحالية هو خيار محفوف بالخطر. فالحكومة هي لتصريف الأعمال حتى لو انتقلت اليها صلاحيات رئيس الجمهورية إن حصل فراغ رئاسي، لا سمح الله». وأضاف: «كفوا أيها المسؤولون عن مخالفة الدستور وشكلوا حكومة جديدة فعالة وانتخبوا رئيس جمهورية قادراً على التواصل مع جميع اللبنانيين، ليتمكن من معالجة القضايا المطروحة بما يتلاءم مع سيادة الدولة والأمن القومي والتزامات لبنان».

وعبر البيان الختاميّ لقمّة جدة للأمن والتنمية عن «دعمهم لسيادة لبنان، وأمنه واستقراره، وجميع الإصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصاديّ، ودعوة جميع الأطراف اللبنانيّة لاحترام الدستور والمواعيد الدستورية، ودعم دور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ أمن لبنان، والتأكيد على أهميّة بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية».

وسارع الرئيس ميقاتي الذي زار السعوديّة لأداء فريضة الحاج من دون عقد أي لقاء رسميّ مع المسؤولين السعوديين، الى الترحيب ببيان قمة جدة، وفي تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، اشار الى «اننا نثمن ما ورد في البيان الختامي لـ«قمة جدّة للأمن والتنمية» لجهة الوقوف الى جانب لبنان وخاصة دعم الجيش وقوى الأمن الداخلي ومؤازرتها لتتمكن من بسط سيادة الدولة اللبنانيةعلى كل اراضيها، اضافة الى دعوة جميع أصدقاء لبنان للمشاركة في الجهود الرامية لضمان أمن لبنان واستقراره».

بدوره رحّب «التيار الوطني الحر«، في بيان للجنة الإعلام والتواصل في التيار «بما تضمنه بيان قمة جدّة من دعم لبنان وبما وعدت به دول عربية من مساعدات». ورأى أن استفادة لبنان من أي دعم لا تتحقق ما لم يتم تنفيذ الإصلاحات اللازمة، وان الخروج الفعلي من الانهيار الحاصل يكمن في وجود إرادة سياسية لتنفيذ برنامج إصلاحي كامل في المال والاقتصاد. ونوه التيار بما ورد في البيان من دعم لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، «حيث انه لا بدّ أن يتوافق هذا مع موقف التيار المتمسك بحقوق لبنان كاملةً في استخراج ثروته الغازية والنفطية، كما يتوافق مع مطلب التيار بإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم آمنين وكريمين، فيتم بذلك رفع عبء كبير ‏عن كاهل الاقتصاد الوطني».

من جهته، لفت السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، الى أن «قادة الدول في قمة جدة، أكدوا على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها».

الاخبار
ترسيم الحدود عالق في انتظار مبادرة جديدة | الراعي لأميركا: لبنان قدّم أقصى التنازلات
لم يُختَتم الأسبوع الماضي بتطورات علنية في ما يتعلق بملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً مع فلسطين المُحتلة، فيما بقي الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي أكّد جدّية الحزب في الذهاب إلى مواجهة أو حرب في حال مُنِع لبنان من استخراج ثروته النفطية، متحكّماً بمسار المفاوضات التي يتولاها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين. وفهم أن المشاورات الأميركية – الإسرائيلية حول الملف أخذت بعداً جديداً على ضوء مواقف نصرالله.

وقد تلقى الوسيط الأميركي رسائل من جهات لبنانية للاستفسار عن موعد عودته إلى بيروت، لكنه امتنع عن الإجابة المباشرة، في وقت تشير مصادر السفارة في بيروت إلى أن الأمر قيد التشاور لأن المهمة تقتضي منه الذهاب إلى إسرائيل.

استمرار تشديد الرقابة العسكرية في إسرائيل على وسائل الإعلام والمعلقين في شأن الحديث في هذا الملف يشير إلى أن إسرائيل لا تريد أن تطلق أي مواقف أو اجتهادات تؤدي إلى البعث برسالة خاطئة نظراً إلى دقة الوضع. أما على المستوى الرسمي، فان الامتناع عن التعليق مرده إلى أن المشاورات مع الأميركيين تستهدف وضع رد جديد من قبل إسرائيل على المطالب اللبنانية بما يحول دون مزيد من التصعيد.

ويوضح مراقبون بأن إسرائيل تلقت رد حزب الله على الجولة الأولى من المفاوضات من خلال عملية المسيّرات. وبعد كلام نصرالله فإن أي رد سلبي إسرائيلي سيعني دعوة حزب الله إلى القيام بخطوات تشكل ارتقاء في التعامل مع الموقف، مع ما يتطلب ذلك من خطوات عملانية يفترض أن تأخذ شكلاً أكبر وأوسع وأكثر فعالية من عملية المسيّرات. لذلك، فإن التشاور جار مع الأميركيين حول الصيغة التي يفترض أن يحملها هوكشتين إلى بيروت من أجل ضمان استمرار التفاوض بطريقة إيجابية.

ويبدو أن الأميركيين رصدوا باستياء ردود الفعل اللبنانية على خطاب نصرالله، خصوصاً مع شعورهم بأن لا مواقف بارزة رافضة له، كما أن بيان رئيس الحكومة ووزير الخارجية لا يمثل موقفاً جدياً في ظل تفاهم الرئيس ميشال عون مع الرئيس نبيه بري وتفهم قيادات أخرى من بينها رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط.

وكان لافتاً أمس، انضمام البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى الفريق الذي يدعو الأميركيين إلى ممارسة ضغوط إضافية على العدو لإنجاز اتفاق سريع. ومع أن بكركي لا تؤيد ما قاله نصرالله في خطابه، إلا أن عظة الراعي أمس تضمنت كلاماً مباشراً. إذ اعتبر أن «لبنان قدّم الحد الأقصى لإنجاح المفاوضات»، متمنياً على «الولايات المتحدة أن تحسم الموضوع مع إسرائيل، إذ ليس بمقدور لبنان أن ينتظر طويلاً ليستخرج النفط والغاز».

مصادر رسمية على صلة بالملف أكّدت «أننا دخلنا مرحلة العدّ التنازلي»، مشيرة إلى أن أيلول المقبل سيشكّل مفترق طرق في هذا الملف. وأشارت إلى أنه «وصلتنا إشارات إيجابية حول نية الطرف الآخر التوصل إلى حلول، لكن بناء على التجارب الماضية، فإن الثقة مفقودة والخشية موجودة دائماً من اللجوء إلى التسويف والمماطلة»، مشيرة إلى أن «ما يعزز موقف لبنان يتصل بكون أوروبا، تظهر حاجتها الكبيرة إلى الاستقرار في المتوسط للحفاظ على مصادر تدفق الغاز الحالية والحصول على بدائل للغاز الروسي».

مصادر مطلعة أشارت إلى أن «المعادلة التي وضعها نصرالله وضعت الأميركيين والإسرائيليين في كل الأحوال بموقع مربِك، فإذا حصل تصعيد سيكون على عكس الرغبة الإسرائيلية التي تريد الحفاظ على الاستقرار لضمان عمل الشركات، والرغبة الأميركية التي لا تريد فتح جبهة إلى جانب الحرب الروسية». أما في حال تم تسريع التوصل إلى اتفاق فسيُنسب الانتصار إلى حزب الله وفي كل الأحوال هم الآن في موقف دقيق جداً يحتاج إلى تحديد أي من الخسارتين سيختاران بأقل الأثمان».

أوساط مطلعة أكّدت أن جهات رسمية لبنانية تبلّغت من هوكشتين أنه «سيستكمل عمله للوصول إلى اتفاق»، مع التأكيد على أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا ترغبان بالتصعيد رغم ما نُقل عن وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار، بعد لقائها الوسيط الأميركي، بأن الأخير لم يقدّم الأجوبة اللازمة التي ينتظرها الإسرائيليون من اللبنانيين.

ورغم أن المصادر الرسمية أكدت أن أحداً لم يتبلّغ بعد بموعد عودة هوكشتين مشيرة إلى أن «عدم الحضور لا يعني أن العمل متوقف»، وقد أشيعت معلومات في بيروت عن عودة الوسيط خلال أسبوعين لـ«إيجاد حل لمعضلة الخطوط بين لبنان وإسرائيل» والدعوة إلى جولة مفاوضات غير مباشرة جديدة في الناقورة لـ«تضييق الفجوات» في ما يتعلق بالخلاف على الخطوط. وقالت مصادر سياسية متابعة إن الجانب الأميركي يريد حصر التفاوض بين خطي «هوف» و23، فيما لا تزال إسرائيل ترفض توسيع التفاوض ليشمل الخط 23 وفق الاقتراح الذي قدمه لبنان بما يجعل حقل قانا المحتمل بكامله ضمن الحصة اللبنانية، وتفضل أن يبقى النقاش محصوراً ضمن الخطين «1» و«هوف».