افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 28 آذار، 2023

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 8 آب، 2019
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 12 كانون الثاني، 2023
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 22 كانون الأول، 2020

الأخبار
البخاري يُطمئِن «حلفاءه» وليف تحذّر: عقوبات على المعرقلين
«غلطة الشاطر» تعيد التوقيت الصيفي

«ستكون هناك عقوبات أميركية – أوروبية – عربية على المعرقلين». كانت هذه الرسالة المباشرة الوحيدة التي أبلغتها مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف إلى المسؤولين اللبنانيين الذين التقتهم خلال زيارتها الأخيرة إلى بيروت.
باستثناء الحديث عن العقوبات، لم تعط المسؤولة الأميركية موقفاً واضحاً من الملف الرئاسي، ولم تدخل في أسماء محددة، مركزة على «الواقع المخيف الذي تعيشه البلاد في ظل مؤشرات على قرب الانهيار الكبير»، معبّرة عن استيائها من «حالة الإنكار الذي تعيشها الطبقة السياسية وعدم تعاملها مع الأزمة إن لجهة انتخاب رئيس للجمهورية أو القيام بالإصلاحات المطلوبة للخروج من الأزمة».
وقال مطلعون على الاجتماعات إن المسؤولة الأميركية «تمثل بلادها في خلية الأزمة الإقليمية – الدولية للملف اللبناني وحضرت الاجتماعات الخماسية التي عُقدت في باريس، لكنها لم تدخل في تفاصيل لها علاقة بأسماء مرشحين رئاسيين، بل اكتفت بالقول إن بلادها ستتعامل مع أي رئيس مُنتخب»، وكشفت عن «تبايُن في الموقف بين الإدارة الأميركية وبقية الدول الشريكة في مناقشة الأزمة اللبنانية، وتحديداً مع المملكة العربية السعودية».
وإلى جانب الرسالة التي نقلتها ليف في ما خصّ العقوبات، ثمّة رسالة ضمنية أخرى حملتها تمثّلت في عدم تضمن جدول زياراتها أي لقاء مع القوى المسيحية، علماً أن «رئاسة الجمهورية كانت أحد البنود التي تناولتها». واعتبرت أوساط سياسية أن «تعمّد ليف تغييب المسؤولين المسيحيين عن جدول زيارتها، بما في ذلك تجاهل البطريرك بشارة الراعي، حمل إهانة كبيرة للمكوّن المسيحي وفيه تهميش كبير، ومن المستغرب أن هذا التهميش لم يستفز أحداً من القوى المسيحية التي لم تعلّق على الأمر أو تدينه وكانت مشغولة بمعركة الساعة». وفسّرت الأوساط هذا الأمر على «أنه تحميل مسؤولية للقوى المسيحية للشغور الرئاسي وكأنهم هم الذين يعرقلون وحدهم هذا الاستحقاق»، متسائلة ما إذا كانت العقوبات التي لوّحت بها «ستطاول شخصيات مسيحية وحسب».
يوم الجمعة الماضي، استقبلت ليف في مقر السفارة الأميركية في عوكر النواب وضاح الصادق وإبراهيم منيمنة وعبد الرحمن البزري وبلال الحشيمي وفؤاد مخزومي. وقالت مصادر مشاركة إن اللقاء يعكس «إقرار ليف بالتنوّع السني وعدم اعتبار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ممثلاً لهم، خصوصاً أن الاجتماع ضم نواباً يتبنّون أفكاراً وتوجهاتٍ مختلفة». ولم يخرج اللقاء عن الصورة العامة لسائر اللقاءات التي عقدتها ليف مع المسؤولين اللبنانيين، إذ تحدّثت مع النواب الخمسة عن ثلاثة خطوطٍ عريضة: أولها الإسراع في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، من دون أن تدخل في لعبة الأسماء إنما حصراً في المواصفات. وثانيها ضرورة عودة الانتظام إلى المؤسسات العامة، وثالثها إشارة إلى تقرير صندوق النقد الدولي الأخير والمخاوف التي أثارها حول وضع لبنان في حال الاستمرار بتأخّر تطبيق الإصلاحات. وطُلِبَ من النواب إعطاء آرائهم، فتناوبوا على الكلام، وكان هناك إجماع على أن «أحداً غير مرتاح لمشروع الصندوق في ظل حكومة غير شفافة في إظهار طبيعة حواراتها مع الصندوق»، وأن «الإصلاح غير ممكن قبل الإصلاح السياسي».
وبينما بلغَ التحريض الطائفي ذروته نهاية الأسبوع خلال «حرب الساعة»، تواصلَت حركة السفير السعودي في بيروت وليد البخاري الذي أوكِل مهمة «تطمين الحلفاء بأن الاتفاق الإيراني – السعودي لن يكون على حسابهم، وأن موقف الرياض لا يزال على حاله، وأنها لن تدخل في أي تسويات تفرض رئيساً على غير رغبة اللبنانيين، وتصر على رئيس سيادي إنقاذي بعيد من الفساد ولديه برنامج إنقاذي واضح». هذا الكلام العام كانَ فحوى حديث البخاري مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل، كما مع المسؤولين الروحيين الذي اجتمع بهم في منزل النائب فؤاد مخزومي.
وفي سياق آخر، عادَ أمس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من باريس برفقة النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور. وعلمت «الأخبار» أن الهدف من الزيارة كانَ عقد لقاءٍ مع مدير الاستخبارات الخارجية في فرنسا برنار إيميه ومستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط باتريك دوريل. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الزيارة جرى الاتفاق عليها بين جنبلاط وإيميه، لأن الأخير لم يكن موجوداً في باريس خلال زيارة جنبلاط الماضية.
«غلطة الشاطر» تعيد التوقيت الصيفي
أنهى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أزمة التوقيت الصيفي بقرار اتخذه مجلس الوزراء نقَضَ الموافقة الاستثنائية التي كان وقعها في صدده في 23 آذار. رمى هذا المخرج – دونما أن يكون بعيداً مما لمح إليه اجتماع ميقاتي بالرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام – إلى تجنّب تحمّل مسؤولية إفرادية ودفع بالحل إلى مجلس الوزراء. عُدّ اجتماع الرؤساء السنّة الثلاثة مساء الأحد أكثر من مؤشر أولي إلى التراجع عن القرار، واحتاج كذلك إلى غطاء سنّي بعدما بلغ التسعير الطائفي ذروة في الاشتباك منذ أعلن عن القرار وأفصح عن انقسام عمودي خطير في البلاد. لأشهر طويلة لم يجتمع نادي رؤساء الحكومات السابقين ولم يعز ميقاتي مرة الحاجة إليه إلى أن تطلّب الأحد أن يمدّه بالسلم الذي ينزله عن مشكلة التوقيت (مقال نيقولا ناصيف).
انتهى حل المشكلة بصدور قرار عن مجلس الوزراء يؤكد قراراً سبق أن اتخذه المجلس برقم 5 مؤرخ 20 آب 1998 كان أكد التزام روزنامة التوقيتين الشتوي والصيفي العالميين المحدِّدين لموعد بدء سريان كل منهما ونهايته.
في ما رواه ميقاتي للوزراء أنه أبدى أمام رئيس مجلس النواب نبيه برّي ملاحظة مستقاة من المديرية العامة للطيران المدني تخطره أن من المتعذر الخروج من الروزنامة الدولية. للتو خابر برّي رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت فلم يمانع في تأجيل تأخير الساعة. من ثم توافق الرئيسان على هذا الإجراء.
مهد لقرار 1998 قرار سابق رقمه 5 مؤرخ 23 أيلول 1992 يتيح اعتماد توقيتين شتوي وصيفي قبل أن يُلحق به قرار 1998 الذي يلزم لبنان الانتظام في روزنامة التوقيت الدولية. منذ عام 1998 إلى البارحة، كلما دنا موعد أي من التوقيتين الشتوي والصيفي، تصدر مذكرة عن رئاسة مجلس الوزراء تذكر بقرار 1998 على أنه نافذ ومعوَّل عليه، فلم يُخرج عليه مذذاك أو يُغامر بالتلاعب به.
في نهاية المطاف انتهت المشكلة في خمسة أيام أوشكت أن تدخل البلاد في نزاع أهلي طائفي مستعاد من الماضي. كأن كل ما هو قائم بالكاد على عكاز. بالتأكيد لم تكن ثمة خلفية متعمدة للقرار أو استفزاز موصوف لفريق من دون آخر، بل توخى تأجيل تأخير الساعة بوضوح تسهيل إمرار الصيام، بيد أنها قادت إلى تبعات غير محسوبة:
أولها، دخول المرجعيات الدينية على خط الخلاف واصطفافها واحدة تلو أخرى في مواجهة بعضها بعضاً، كما لو أن البلاد على أبواب «حرب دينية».
ثانيها، إشارات سلبية أرسلتها أوساط ميقاتي إلى احتمال اعتكافه عن ممارسته صلاحياته هو الذي يترأس حكومة حلت في اختصاصات رئيس الجمهورية الشاغر منصبه. عنى ذلك التوقف عن أي جلسة لمجلس الوزراء والتوقف أيضاً عن إصدار موافقات استثنائية. مع أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نفى عزمه على الاعتكاف، إلا أن رسائل ذات مغزى حضّته على عدم المجازفة هذه في الوقت الحاضر التي لا تُفسَّر سوى تقويض المؤسسة الدستورية الوحيد العاملة – وإن كبطة عرجاء – بينما لا تزال الرئاسة بلا رئيس للجمهورية والتئام مجلس النواب دونه عقبات جدية. مع أنه انتهى إلى إلغاء قرار 23 آذار، إلا أن ميقاتي لم يكتم غضبه من الحملة الإعلامية التي طاولته. عوض إلغاء القرار للتو، ذهب إلى إلغاء جلسة مجلس الوزراء المحددة أمس لجدول أعمال مختلف تماماً عما نوقش، وهو تحسين تعويضات العسكريين لا سيما منهم المتقاعدين وموظفي القطاع العام ومنح تقديمات جديدة لهم.
ثالثها، مع أن قرار 23 آذار صدر بموافقة استثنائية وقعها ميقاتي على أن تعرض على مجلس الوزراء لاحقاً لتأكيدها، بيد أن ما حصل أن المجلس نقض القرار كي يحل آخر محله بعدما كان سرى تنفيذه خمسة أيام ووضع البلاد على فوهة بركان. يطرح هذا المخرج مشكلة مزمنة منذ بدء الشغور الرئاسي يشكو منها معارضو رئيس حكومة تصريف الأعمال، هي استنسابه إصدار موافقات استثنائية كما استنسابه الدعوة إلى جلسات مجلس الوزراء. عندما دعا إلى أولى جلسات المجلس في 5 كانون الأول الماضي وتفتق عنها خلاف حاد بينه وبين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تمددت عدواه على نحو أسوأ إلى باسيل وحزب الله، تمسك ميقاتي بانعقاد الجلسة أياً تكن وطأة معارضتها، دونما احتكامه إلى الموافقات الاستثنائية المتيحة له إصدار قراراته كأن مجلس الوزراء صادق عليها. في مرات تالية صار يربط اتخاذ أي إجراء بانعقاد مجلس الوزراء لا بالموافقة الاستثنائية، ما وضع بين يديه في مواجهة خصومه سلاحين يشهر كل منهما في الوقت الذي يختاره.
رابعها، كان مقرراً في فحوى مناقشات جلسة مجلس الوزراء أمس أن يقترن القرار المعاكس باعتماد التوقيت الصيفي بمباشرة تطبيقه، بيد أن رئيس حكومة تصريف الأعمال استمهل 48 ساعة تنتهي ليل الأربعاء – الخميس. كانت المديرية العامة للطيران المدني أخطرته أنها تحتاج إلى 72 ساعة لإعادة برمجة أنظمتها السارية. في الحصيلة لم تكن الجلسة سوى شكلية لتسهيل إخراج قانوني للتراجع عن قرار لم يكن سياسياً في أي لحظة، مقدار ما بَانَ في حجم «غلطة الشاطر». لم تكن ثمة نقاشات وآراء متعارضة. أما تعليقات الوزراء فلم تخرج عن سياق تأييد الإجماع الوطني والاستقرار الأهلي.

 

اللواء
طي صفحة «الساعة».. وميقاتي أمام خيار الاعتكاف
قلق دولي وعربي من الانحدار الطائفي في لبنان.. والقضاء يستدعي عون إلى التحقيق
نجحت الجهود التي بذلت في عطلة نهاية الاسبوع، ليس فقط في نزع فتيل ما عُرف «بالتوقيت» الشتائي او الصيفي لا فرق في النتائج، فعادت الامور لتنتظم وقتياً، بل لجهة ثني الرئيس نجيب ميقاتي، الذي فوجئ بحجم الحملة التي استهدفته، واعادت البلاد الى اجواء الانقسام المقيت، لا سيما بعد العام 1988، عن العزوف عن متابعة ادارة الدولة، او الاعتكاف، وما يترتب على هذه الخطوة من نتائج بالغة الخطورة، لجهة انعكاساتها المباشرة على تسيير الحد الادنى من مصالح البلاد والعباد.
فتح لقاء رؤساء الحكومات: الرئيسان فؤاد السنيورة وتمام سلام مع الرئيس ميقاتي الطريق مجدداً امام جلسة لمجلس الوزراء عقدت ظهر امس ببند وحيد اعادة العمل بالتوقيت الصيفي، بدءاً من ليل الاربعاء – الخميس بعد اجراء الترتيبات المطلوبة، بعد انقضاء 48 ساعة على بدء العمل باستمرار التوقيت الشتوي.
ولكن مسألة ما بعد العاصفة لم تهدأ، فقد لوّح الرئيس ميقاتي أن الوضع الحالي لا يمكن ان يستمر، وان تلقى المسؤولية على الحكومة ورئيسها فقط، داعياً الجميع لتحمل المسؤولية وانتخاب الرئيس، رابطاً نزاعاً واضحاً لجهة رهن خياره بالاعتكاف بوقت، شدد حسب مصادره على انه لا يجوز ان يطول.
اعاد الرئيس ميقاتي الكرة الى القادة الروحيين والسياسيين المسيحيين، معتبراً ان المشكلة «ليست في ساعة شتوية او صيفية ثم بتمديد العمل بها لأقل من شهر، انما المشكلة الفراغ في رئاسة الجمهورية الذي تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية».
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان قرار مجلس الوزراء بشأن التوقيت الصيفي اخرج الملف من دائرة السجالات الطائفية ووضعه في اطاره اللازم بعدما أحدث بلبلة بين اللبنانيين وانعكس على مجمل القطاعات ولا سيما التربوية منها.
وأكدت هذه المصادر أن الزيارة الأخيرة لوفد صندوق النقد الدولي وما خرج عنها من انطباعات تستوجب التوقف عندها لاسيما في الإشارة إلى خطورة الوضع في لبنان ملاحظة ان أي تحرك رسمي حيال تحذير الصندوق لم يتظهر.
اما في الملف الرئاسي فإن المصادر نفسها تفيد بأنه لم يتقدم قيد انملة وليس مرشحا لأن يدخل في إطار النقاش الجدي في الوقت الراهن، لافتة إلى أن الأنظار تتجه إلى الخلوة الروحية في حريصا والتي يجمع فيها البطريرك الراعي النواب المسيحيين في إطار التلاقي كمرحلة أولى.
وتتابع الاوساط النيابية ما يجري على جبهة الاتصالات الفرنسية – السعودية، على هذا الصعيد، في ضوء الاتصال الذي اجراه الرئيس ايمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، لمتابعة التنسيق الحاصل في ما خص الوضع في لبنان، وحسب بيان الاليزيه، فالجانبان الفرنسي والسعودي اعربا عن قلقهما ازاء عدم انتخاب رئيس للجمهورية والوضع السائد في لبنان، مؤكدين ان بلديهما تعملان على المساعدة في اخراج البلد من الازمة العميقة التي تعاني منها، وسط معلومات عن توجه ماكرون لزيارة الرياض.
إذاً، انتهى الخلاف السجالي حول تأخير العمل بالتوقيت الصيفي بالتراجع عن القرار خلال جلسة سريعة وقصيرة لمجلس الوزراء غاب عنها سبعة وزراء من المقاطعين ووزير الزراعة عباس الحاج حسن الموجود في سوريا، واقتصرت على هذا البند فقط، على ان يُعمل بالتوقيت الصيفي بدءاً من منتصف الاربعاء الخميس المقبل، وردّ الرئيس ميقاتي بعد الجلسة سبب اتخاذ القرار الى إراحة الصائم خلال شهر رمضان فقط ساعة من الزمن من دون اي ضرر لأي مكوّن لبناني آخر، علما ان هذا القرار سبق وتم اتخاذه في السابق. وقال: ان استمرار العمل بالتوقيت الشتوي الذي تشاورت به مع الرئيس نبيه بري سبقته اجتماعات على مدى اشهر بمشاركة وزراء معنيين.
واكد انه لم يتخذ القرار بأي منطلق مذهبي او طائفي. وقال: ما كان قرار كهذا يستوجب كل هذه الردود الطائفية البغيضة. وكرر القول: ان المشكلة ليست في ساعة صيفية او ساعة شتوية بل في الفراغ الرئاسي، مضيفاً: ومن موقعي كرئيس للحكومة لا اتحمل مسؤولية هذا الفراغ بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الاولى الكتل النيابية كافة التي فضّت النصاب 11مرة خلال جلسات انتخاب الرئيس.
وحسب المعلومات عن الجلسة، كان النقاش هادئاً وادلى كل وزير برأيه ولكن كان اجماع على استنكار الاستنفار والانقسام الطائفي ولا سيما من وزراء ثنائي امل وحزب الله، لكن بعض الوزراء عاتب ميقاتي لانه لم يستشر الوزراء في مثل هذا القرار، فيما ايد الوزير امين سلام اعتماد التوقيت الصيفي. وجاء المخرج بعدم التصويت على القرار حتى لا يحصل انقسام بين الوزراء وصدر القرار بالاجماع بالعودة عن قرار تأجيل التوقيت الصيفي.
وعلمت «اللواء» ان المسعى الذي قام به عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب هادي ابو الحسن بتكليف من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لمعالجة «ازمة» التوقيت الصيفي، اسفر عن مخرج تم التوافق عليه مع الرئيسين بري وميقاتي «بالعودة الى الاصول الدستورية، لأن مذكرة عن الامانة العامة لمجلس الوزراء لا تُعدّل ولا تلغي قراراً صادراً عن مجلس الوزراء، والتعديل يجب ان يكون عبر جلسة لمجلس الوزراء مهما كان القرار». وتم اقناع ميقاتي بالعودة عن القرار نظرا لإنعكاساته لا سيما على القطاع التربوي، لكن ميقاتي اصر على موقفه فصدر قرار وزير التربية باعتماد التوقيت الشتوي قبل ان تفلح الاتصالات في التراجع عن القرار. كما دخل اكثرمن طرف سياسي على خط حل الازمة لا سيما حزب الله، واقترح ان تتم دعوة الحكومة الى جلسة يصدر عنها قرار رسمي بالاجماع. وهذا ما حصل.
واوضح النائب ابو الحسن لـ«اللواء»: انه منذ نهار امس الاول وحتى منتصف الليل استمرت الاتصالات، وشملت جنبلاط الموجود في باريس، وصدر في هذه الاثناء قرار وزير التربية بخصوص دوام المدارس، والذي ساهم في دفع الامور نحو الحل في مجلس الوزراء، والذي يجب ان يكون مُلزماً لكل اللبنانيين.
اضاف: ومنذ الصباح (امس) كل الطرح في الاتصالات كان يقوم على العودة الى مجلس الوزراء لإصدار القرار المناسب بعد النقاش الوافي للموضوع من كل جوانبه.
وكان وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي قد تبلغ من الرئيس ميقاتي، أنه بصدد الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث حصراً في موضوع التوقيت الصيفي، وبناء على ذلك ونظراً للإرباك الحاصل في القطاع التربوي الرسمي والخاص، يترك الوزير الحلبي للمسؤولين عن المدارس والمهنيات والجامعات الرسمية والخاصة، حرية اختيار وقت فتح مدارسهم ومؤسساتهم امس الاثنين، والعمل بالقرار الذي سوف يصدر عن مجلس الوزراء.
وبعد قرار مجلس الوزراء ابدى البطريرك الماروني بشارة الراعي ارتياحه للقرار في اتصال اجراه مع ميقاتي، مؤكداً ان لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة الى مزيد من القرارات التي توحد اللبنانيين وكل اشكال الانقسام بينهم. كما اعلنت شركة «طيران الشرق الاوسط» في بيان، عن إعادة جدولة جميع الرحلات المغادرة من مطار رفيق الحريري الدولي وفق التوقيت الصيفي إبتداءً من منتصف ليل 29-30 آذار 2023.
وقدّر الحزب التقدمي الإشتراكي في بيان له، «الموقف المسؤول لرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي اللذين بادرا إلى التلقف الإيجابي لمساعي رئيس الحزب وليد جنبلاط، ومعهما وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي وجميع المسؤولين المعنيين، وقد أثمر كل ذلك إنهاء الاشكالية التي حصلت حول تعديل التوقيت وما تلاها من تأجيج خطير للخطاب الطائفي».
وقال: وإزاء ذلك يجدد الحزب دعوته الى ضرورة الابتعاد عن كل شحن طائفي استفزازي وعن ردات الفعل المتوترة، التي من شأنها الدفع بالبلاد أكثر الى أتون الخطر في ظل الأزمات الكبيرة الراهنة التي تستوجب المعالجات السريعة والحكيمة.
وكان رئيس الحكومة والرئيسان السابقان فؤاد السنيورة وتمام سلام قد عقدوا اجتماعا مساء امس الاول، تم خلاله البحث في اخر المستجدات، «وتحديدا استعار الأجواء الطائفية في هذه اللحظة الوطنية المصيرية والخطيرة التي يعيشها لبنان والشعب اللبناني على مختلف المستويات».
وقد تمنى الرئيسان السنيورة وسلام على رئيس الحكومة «متابعة تصريف الاعمال الحكومية، ودعوة مجلس الوزراء في اقرب فرصة ممكنة لاتخاذ القرار المناسب في موضوع التوقيت ومعالجة الامور بما يراه مناسبا انطلاقا من مداولات مجلس الوزراء».
وعلّق ميقاتي، على ردود الفعل حول قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي حتى انتهاء شهر رمضان، بالقول: أن الأمور وصلت إلى حد الاشمئزاز وليتحمل الجميع المسؤولية. وأعرب ميقاتي عن «أسفه للمنحى الطائفي الذي تتّخذه مسألة تأخير التوقيت الصيفي، والذي لا علاقة له بالموضوع». مضيفاً: يحز في نفسي أن يتخذ الامر هذا المنحى، ولكن ما إتُّخذ قد إتُّخِذ.
وتساءل: هل المطلوب هذه التعبئة الطائفية بدل الحرص الضروري على العيش الواحد، فيما كان يتوجّب تفعيل اجتماعات الطوارئ والاهتمام بمناقشة كيفية الخروج من المخاطر التي عبّر عنها صندوق النقد الدولي؟.
وكانت معلومات قد أفادت أن ميقاتي اجرى اتصالاً بالبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، لشرح ملابسات مذكرة تأخير تقديم الساعة، لكن الراعي أصرّ على موقفه.
وفي السياق، اعلن وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى في بيان، ان ما تتداوله بعض وسائل الاعلام عن لسانه هو غير دقيق، والصحيح ان وزير الثقافة اجاب على سؤال تم توجيهه اليه عما اذا كان مجلس الوزراء ورئيسه قد توقفا عن اداء مهامهم، فكان جوابه بأن رئيس مجلس الوزراء ممتعض عن حق من ردّات الفعل على قراره بشان تأخير العمل بالتوقيت الصيفي، ويعتبر بأن هناك من يريد ان يشطر البلد طائفيا.
رئاسيات
وحول الاستحقاق الرئاسي، اجتمع ميقاتي مع السفيرة الفرنسية آن غريو، التي قالت بعد اللقاء: بحثت الأوضاع الراهنة في البلد مع الرئيس ميقاتي مثلما نقوم به بانتظام مع رئيس المجلس النيابي ومع كل الأطراف السياسية. واتفقنا بأن هناك حاجة ملحة للحوار ولحسن سير المؤسسات ولانتحاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة جديدة.
اصافت: أن تدهور الأوضاع المعيشية للبنانيين تدعونا لأن نكون قادرين على الإستجابة لكل احتياجاتهم، واتفقنا بأن الاحوال باتت طارئة وملحة ويجب استعادة زمام المبادرة على أسس تستند الى الحوار البناء.
وفي جديد المواقف من الاستحقاق الرئاسي، التقى رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، في بيت الكتائب المركزي السّفير السعودي في لبنان وليد البخاري، يرافقه الملحق العسكري في السفارة فواز بن مساعد المطيري، وأفاد المكتب الإعلامي في الكتائب أن «اللقاء المطول تناول آخر المستجدات في المنطقة ولبنان، لا سيما الملف الرئاسي، حيث جرى تشديد على ضرورة انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن على أن يكون قادراً على مواكبة المرحلة التي يمر فيها لبنان وينكب على معالجة كل الملفات لإخراج البلد من أزماته وفك عزلته عن العالم.
وأعرب البخاري عن ثقته في «تطلعات الشعب اللبناني وإرادته في الخروج من الأزمات، لا سيما أن لبنان عودنا على مناعته تجاه الأزمات وقدرته على النهوض منها».
وكان البخاري قد شدد على أهميّة انتخاب رئيسٍ للجمهورية «يكون سيادياً وإنقاذياً وبعيداً عن الفساد السياسي والمالي». وفي تصريحٍ له، مساء الأحد، خلال افطار اقامه النائب فؤاد مخزومي حضره مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وشخصيات، رأى البخاري «أنه من الضروري أن يحمل الرئيس العتيد برنامجاً إنقاذياً واضحاً، وقال: يجب أيضاً تكليف رئيس حكومة يمتلك المواصفات التي يجب أن تكون في رئيس الجمهورية، وذلك من أجل تشكيل حكومة فاعلة وقادرة على إعادة بناء مؤسسات الدولة وإنتشال البلد من أزماته».
جنبلاط في فرنسا
الى ذلك، باشر رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي وليد جنبلاط لقاءاته في العاصمة الفرنسية باريس لمتابعة البحث بملف رئاسة الجمهوريّة.
ويزور جنبلاط باريس على رأس وفدٍ يضمّ نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط والنائب وائل فاعور، ومن المقرر أن يعقد لقاءٍ مع مدير المخابرات الخارجية في فرنسا برنارد إيميه ومستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط باتريك دوريل.
وأشارت المعلومات إلى أنّ الوفد متسمكٌّ بموقفه الداعي لإنتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، لا يُشكل تحدياً لأحد وينفذ برنامج الإصلاحات المطلوبة.
معالجات مؤجلة
معيشيا، وفي وقت ارجئت جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة امس، لبحث اوضاع موظفي القطاعين العام والخاص، وتردد ان الرئيس ميقاتي سيزور المملكة السعودية لغداء فريضة العمرة وقد تكون لقاءات مع بعض المسؤولين السعوديين، ويعود خلال يومين اوثلاثة ليدعو الى جلسة جديدة لمجلس الوزراء بدل الجلسة التي كانت مقررة امس.
ونفذ موظفو هيئة «أوجيرو» اعتصاما في منطقة بئر حسن مؤكدين استمرارهم في الاضراب. وكان المجلس التنفيذي للنقابة أعلن الجمعة الماضي، تمسّكه بمطلبه الأساس وهو «تحسين الرواتب وربطها بالدولار، وبتأمين الأموال اللازمة للقيام بأعمال الصيانة والتشغيل، لتعود هيئة «أوجيرو» إلى ما كانت عليه في خدمة الوطن والمواطن».
ووسط حالة الفراغ هذه والعجز عن المعالجات، بات لبنان مهدداً باتصالاته مع العالم الخارجي وفي الداخل، فقد اعتصم عمال وموظفو هيئة «أوجيرو» أمام مبنى الهيئة في منطقة بئر حسن، للمطالبة بتعديل رواتبهم ودولرتها، على وقع إضراب مفتوح بدأ قبل أيام.
كما قطع الموظفون طريق أوتوستراد المدينة الرياضية قبالة مبنى الهيئة، أي عند الطريق المؤدية من الكولا إلى المطار.
وأكد موظفو هيئة «أوجيرو»، انهم مستمرون في الاضراب.
وبرزت مخاوف من ان يؤدي الاضراب الى عزل لبنان عن العالم، علماً أن خدمة الإنترت في لبنان سجّلت تراجعاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع كلفة تشغيل الشبكة وإصلاح الأعطال وتحديث الآلات.
الاضراب أدّى إلى خروج سنترالات عدة عن الخدمة بشكل شبه كامل، باستثناء ما تغذّى بالتيار الكهربائي الرسمي. هذا التوقّف يعني خروج 100 ألف مشترك بين أفراد ومؤسسات عن الشبكة، وعدم تمكّنهم من إجراء الاتصالات الهاتفيّة أو الاتصال عبر الإنترنت، فضلاً عن زيادة الضغوط على سنترالات أخرى. وما يزيد الوضع كارثيّة أن هذه المراكز ليست محصورة بعمل «أوجيرو».
قضائياً، استدعى «المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون الى جلسة إستجواب بعد غد الخميس بناءً على دعوى قدح وذمّ مقدمة من الرئيس ميقاتي».

 

البناء
نتنياهو يشتري الوقت بقبول الحوار بعد دخول الكيان حالة شلل تام… على شفا حرب أهلية
معادلة «أوهن من بيت العنكبوت» تواكب اشتعال الشارع في آخر محاولة قبل الرحيل
ميقاتي يدفع الضرر الأعلى بالضرر الأدنى: وأد الفتنة أعلى مرتبة من صلاحية التوقيت
كل العيون شخصت نحو فلسطين المحتلة تتابع عن كثب على مدار الساعة مشهد الكيان «الأقوى والأكثر ديمقراطية» في المنطقة، وهو يظهر في أشدّ لحظاته ضعفاً وأكثرها بعداً عن الديمقراطية، كما هتف مئات آلاف المتظاهرين يطالبون باستقالة الديكتاتور وفقاً للوصف الذي أطلقوه على رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو. وقد بدا الكيان خلال يومين وهو يحتضر، ويتقدّم بخطى ثابتة نحو حرب أهلية، بعدما سيطر الشلل التام على كل مرافق الحياة، من إغلاق المطار والموانئ الى الإضراب العام في المؤسسات العامة والخاصة، وتمرّد ضباط الاحتياط عن الالتحاق بالخدمة، وإقفال المدن الكبرى بمئات آلاف المتظاهرين، وقد اختزل الصراع العميق حول الهوية والخيارات الاستراتيجية ومستقبل الأزمة الوجودية، ما سُمّي بالانقسام حول التعديلات التي يريد من خلالها نتنياهو حليفيه ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلغاء استقلال المؤسسة القضائية كمرجعية موازية للحكومة، بما يضمن وقف ملاحقتهم القضائية بجرائم مالية وعنصرية، ويضمن اتخاذ قرارات ورسم سياسات لا تلقى قبول الجيش ويشكل القضاء ضابط الإيقاع في منعها، تهدد بأخذ الكيان الى مواجهة خطر انفجار كبير مع الفلسطينيين وفي المنطقة، في ظل تراجع في القوة يخيم على قراءة القيادات العسكرية، وتراجع في الحضور الأميركي وضمور في مسار التطبيع، وصعود في قوة محور المقاومة وتهديداته وتصاعد في المقاومة الفلسطينية وخروجها عن السيطرة.
«أوهن من بيت العنكبوت» معادلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في توصيف الكيان منذ تحرير الجنوب عام 2000 حضرت كابوساً على الرأي العام في الكيان الذي رأى أشد عناصر ضعفه حضوراً وهو يستعيد هذه المعادلة، وبدا أن الشارع الذي لا يريد منح نتيناهو وبن غفير وسموتريتش شيكاً على بياض، يخشى إضافة لمخاطر التورط في حروب غير محسوبة، سواء انطلاقاً مما يجري في الضفة، وما قد يجري مع غزة أو لبنان أو سورية أو إيران، من تأثيرات إطلاق يد نتنياهو وحليفيه على الحريات الشخصية والسياسية، مع الطابع الديني المتعصب والمتطرف للجماعات المسيطرة على الحكومة، خصوصاً بالنسبة للشارع العلماني والليبرالي، بينما دب الذعر في أوساط رجال الأعمال إضافة للقلق من انفلات الوضع الأمني من تراجع دور القضاء كضامن ضروري للاستثمار، ووفقاً لخبراء في شؤون الكيان، يتشكل ائتلاف الشارع الغاضب من تحالف الذين يخوضون حروبهم الأخيرة مع حكومة نتنياهو حليفيه قبل قرار الرحيل، الذي يشكل بديلاً وحيداً للفشل في إعادة ضبط نتنياهو وحكومته عند حدود التوازن الذي يفرضه دور القضاء والجيش.
لبنانياً، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التراجع عن قرار الإبقاء على التوقيت الشتوي خلال شهر رمضان، فرصة لتنفيس الاحتقان الذي قسم اللبنانيين بصورة مريعة ومرعبة خلال اليومين الماضيين، حيث افتقدت كل التحليلات والمواقف التي تدعي حسابات لاطائفية الى تظهير أي تفاعل من خارج طائفتها يمنحها صفة الوطنية، بحيث كان على الرئيس ميقاتي، كما تقول مصادر مقربة منه، أن يدفع الضرر الأعلى بالضرر الأدنى، فيرتضي التنازل عن صلاحياته الإجرائية في مسألة التوقيت، ويلجأ إلى مجلس الوزراء لتغطية هذا التنازل، وهو كان بالأصل في قراره قد لحظ العودة إلى مجلس الوزراء، لكنه لم يعد إليه لتثبيت الإقرار بل للتراجع عنه، لأنه وضع يده على خطر فتنة لا بدّ من وأدها، واعتبار ذلك أعلى مرتبة من التمسك بصلاحية التوقيت، رغم اغتصاب مرجعيات سياسية وروحية لهذه الصلاحية بصورة مستغربة، فأعلن كل منها توقيتاً، بدا معه لبنان للأسف يعمل بتوقيتين إسلامي ومسيحي، لا صيفي وشتوي.
وسحب مجلس الوزراء فتيل التوتر الطائفي الذي طبع الأيام القلية الماضية، بالعودة عن قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، وقرّر العودة الى التوقيت الصيفي ابتداءً من ليل الأربعاء الخميس. وذلك في جلسة استثنائية عقدها المجلس ببند وحيد هو بند التوقيت.
وقد تمكنت الوساطات والاتصالات التي قاد جزءاً منها رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في تجنيب لبنان الشر الطائفي المستطير، وقد علمت «البناء» أن «ردود الفعل على قرار وزاري لم تقتصر على حزب أو فريق سياسي بل شملت مختلف القوى المسيحية التي زايدت على بعضها البعض واتخذت الردود منحى طائفياً، وكادت أن تشتعل البلاد، ما دفع برئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الاستجابة للوساطات وإخماد نار الفتنة التي يريد البعض جرّ البلد إليها من حيث يدري أو لا يدري، وعرض الموضوع على مجلس الوزراء لأخذ القرار المناسب لكي يتحمل الجميع مسؤولياته ولكي لا يتحمّلها الرئيس ميقاتي وحده». وعلمت «البناء» أن كل وزير أدلى بدلوه في إبداء رأيه تجاه هذا الملف، وكان نقاشاً بناءً ولو أنه اتسم بالحدية، لكن أغلب الوزراء شدّدوا على ضرورة العودة عن القرار لأسباب وطنية ولإنقاذ البلد من مصالح ومطامع واستغلال البعض لأهداف سياسية».
وكان لموقف جنبلاط الذي وجه انتقادات الى ميقاتي وأرسل له النائب هادي أبو الحسن موفداً لعرض وساطة لإنهاء الأزمة قبل تفاقمها وانعكاسها على الشارع المشتعل أصلاً، دور أساسي في تراجع ميقاتي وفق معلومات «البناء» وكذلك موقف البطريركية المارونية الذي شكل عاملاً حاسماً بقرار ميقاتي الذي جمع مجلس الوزراء ليكون قراره المخرج المناسب للتراجع.
وإذ اعتبرت أوساط حزبية مسيحية لـ»البناء» أن «الفيديو المسرب عن حديث رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي واتخاذهما قرار تأجيل التوقيت الصيفي أثار استفزاز شريحة واسعة من اللبنانيين وظهر جلياً الاستفراد بالحكم وتجاهل موقع رئاسة الجمهورية وإمعان بضرب الشراكة الوطنية وكأن لا رئاسة جمهورية ولا رئيس، فضلاً عن أنه مخالف للقانون ويضرّ بمصلحة لبنان وتواصله مع الخارج»، في المقابل تتهم مصادر في كتلة التنمية والتحرير رئيس التيار الوطني الحر ورئيس القوات سمير جعجع باستغلال الفيديو لشدّ العصب الطائفي للتوظيف السياسي وتعزيز تموضعهم في الملف الرئاسي، مشيرة لـ»البناء» الى أن «الخطابات التي أعقبت نشر الفيديو تؤكد استمرار سياسة تقسيم البلد والدعوات الى الفدرلة والطلاق مع المكونات الأخرى في البلد والتي جاهرت بها قيادات حزبية عدة تحت عنوان اللامركزية الموسعة التي تشكل انقلاباً على اتفاق الطائف». وتمنت المصادر لو يتفق المسيحيون على انتخاب رئيس للجمهورية كما اتفقوا على رفض قرار الحكومة.
وكان ميقاتي أطلق سلسلة مواقف بعد جلسة مجلس الوزراء، مشيراً الى أن «المشكلة ليست ساعة شتوية او صيفية تمّ تمديد العمل بها لأقل من شهر انما المشكلة الفراغ في الموقع الأول في الجمهورية، ومن موقعي كرئيس للحكومة لا أتحمل اي مسؤولية عن هذا الفراغ بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الأولى الكتل النيابية كافة تلك التي فضّت النصاب خلال 11 جلسة انتخاب سابقًا، وتلك التي تعهدت بعدم تأمينه في جلسات لاحقة من دون أن تتفق على مرشح يواجه مرشح الفريق الآخر».
وقال ميقاتي: «أمام هذا الاستعصاء، وأمام الدفع لجعل رئاسة الحكومة المسؤول الأول عما آلت اليه البلاد، قررت دعوة مجلس الوزراء اليوم لعرض ما سبق وورد في مذكرتي تاريخ 23 الحالي، بوجوب عرض الموضوع على مجلس الوزراء، وكان نقاش هادئ، حيث أبدى كل وزير رأيه وقرّر المجلس الإبقاء على قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20-8-1998 باعتماد توقيت صيفي وشتوي من دون اي تعديل في الوقت الحاضر، ويبدأ التوقيت الجديد منتصف ليل الأربعاء – الخميس المقبل، لأننا اضطررنا ان نأخذ فترة 48 ساعة لمعالجة بعض الأمور التقنية بموجب المذكرة السابقة، فأعطينا وقتاً لإعادة تعديلها».
ولفت ميقاتي إلى أننا «اليوم حللنا مشكلة واحدة لمواجهة الضخّ الطائفي وإسكاته، لكنني أضع الجميع امام مسؤولياتهم الوطنية في حماية السلم الأهلي والاقتصاد الوطني وعمل المرافق العامة. من هنا أدعو الجميع لانتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة من دون إبطاء. لقد تحمّلت ما ناءت تحته الجبال من اتهامات وأضاليل وافتراءات، وصمدت وعانيت بصمت غير اني اليوم أضع الجميع أمام مسؤولياتهم. وختم: ليتحمل الجميع مسؤولياتهم في الخروج مما يعانيه اللبنانيون. فالمسؤولية مشتركة ولا يمكن، ومن غير العدل أن تلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين او مزايدين. اللهم اشهد أني عملت ما في وسعي فلا تكلفني ما لا طاقة لي به. اللهم اشهد اني قد بلغت. اللهم اشهد اني قد بلغت».
وترك قرار مجلس الوزراء ارتياحاً لدى الأطراف المسيحية السياسية والروحية، فاعتبر جعجع أن «قرار الحكومة اليوم… فضيلة».
وأبدى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال اتصال هاتفي أجراه مع ميقاتي، «ارتياحه للقرار الذي صدر عن جلسة مجلس الوزراء في شأن العودة إلى التوقيت الصيفي». وأكد الراعي أن «لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة إلى المزيد من القرارات الحكيمة التي توحّد اللبنانيين وتبعد كل أشكال الانقسام بينهم». وشددا على «ضرورة تجاوز أي اختلاف في وجهات النظر بروح وطنية جامعة، بعيداً من كل معيار طائفي أو فئوي». وجددا تأكيد «عدم إعطاء موضوع التوقيت الصيفي أي بعد طائفي أو فئوي». كما توافقا على أن «المدخل الأساسي لانتظام عمل المؤسسات الدستورية هو انتخاب رئيس للجمهورية». ودعوا «كل القوى المعنية بهذا الاستحقاق إلى مضاعفة جهودها لإتمامه في أسرع ما يمكن».
في المقابل وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان نداء إلى «البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والاخوة المسيحيين» ابرز ما جاء فيه»… لبنان ينتظركم، وإخراج البلد من كارثة التعطيل السياسي وسرطان القطيعة ينتظركم، وأم الكوارث بطريقها إلينا بل باتت بيننا، والتسوية الرئاسية المقبولة وطنياً تنتظركم، والقطيعة قطع للبنان، والتقسيم تفجير، والطائفية تدمير، والرؤوس الحامية أسوأ خطر على لبنان وشراكته الوطنية، والإصرار على «نحن وأنتم» هدم لآخر حجارة هذا البلد المطوّق بسكاكين العالم، فالعجل العجل لأن لبنان يقوم بوحدته الإسلامية المسيحية وشراكته الوطنية وإلا اشتعلت نار المذابح، وخيانة لبنان خيانة للرب ولشعب هذا البلد المنهك، فتداركوا لأن اللعبة الدولية وأوكار السفارات وسواتر مفوضية اللاجئين وجماعة الخرائط باتوا بالعلن، ولبنان على مفترق أخطر طريق على الإطلاق، ولا ينجينا من هذه الفتنة الصماء العمياء إلا تسوية رئاسية وطنية وتضامن وطني واسع بحجم إنقاذ لبنان، والخطر كل الخطر يكمن ببعض الرؤوس الحامية التي تعتقد أن مزيداً من القطيعة السياسية ومنع التسوية الرئاسية يعني تمزيق لبنان على طريقة الكانتونات، رغم أن ذلك يضع لبنان بقلب الخراب. حمى الله لبنان من فتنة أهله لأن نار الخراب تلوح بالأفق».
على صعيد آخر، حضر الملف اللبناني خلال الاتصال بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان الأحد الماضي الذي ناقش تعزيز تعاونهما في مجال الدفاع والطاقة، وجدّدا عزمهما على «العمل معاً» لمساعدة لبنان. وذكر الإليزيه أنّ الزعيمين عبّرا خلال اتّصال هاتفي عن قلق مشترك حيال الوضع في لبنان وكرّرا عزمهما على العمل معاً للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمرّ بها. وأوضح أنهما أشادا بـ»ديناميّة علاقتهما الثنائيّة» ولا سيّما لناحية «تعميق التعاون في مجالي الاقتصاد والثقافة». وأكدت الرئاسة الفرنسيّة أنّهما بحثا أيضاً في المجالات التي يمكن تعزيز هذا التعاون فيها، خصوصاً في ما يتعلّق بقضايا الدفاع والطاقة. من جهة ثانية، رحّب ماكرون بقرار السعوديّة وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسيّة، مشدداً على «أهمّيته للاستقرار الإقليمي».
وتوجه جنبلاط نهاية الاسبوع الماضي الى باريس على رأس وفدٍ يضمّ نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط والنائب وائل فاعور، وشدّد أمين سر «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن على أن «لا بد أن تجري عملية تدوير للزوايا للخروج بموقف ينقذ البلد لأنه الهم الأساسي اليوم». وأشار إلى أن «جنبلاط سيناقش في زيارته باريس الموضوع الرئاسي»، داعيًا إلى «مقاربة هذا الملف على قاعدة لا غالب ولا مغلوب»، لافتًا إلى أن «الطرح الفرنسي حول «المقايضة» بين رئاستَيْ الجمهورية والحكومة قد تراجع». ونفى «ما يُشاع عن توجه «الاشتراكي» لانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية بسبب خياراته السياسية».
ولفتت مصادر مطلعة على الملف الرئاسي لـ»البناء» الى أن انعكاسات الانفراجات الإقليمية لا سيما على مثلث الرياض – طهران – دمشق سينعكس بطبيعة الحال على لبنان إيجاباً بنهاية المطاف، لا سيما بعد تصحيح العلاقات السعودية السورية وعودة العلاقات الدبلوماسية وبدء الزيارات المتبادلة على مستوى رفيع قد يصل الى الرئيس السوري بشار الأسد والأمير محمد بن سلمان، وعندها ستخلق معادلة إقليمية جديدة سيستفيد منها لبنان باتجاه تسوية سياسية تؤمن الاستقرار السياسي والأمني، وبالتالي الاقتصادي، لكن المصادر تُبدي مخاوفها من أن يطول أمد هذه التسوية ويدفع لبنان الثمن بمزيد من الانهيارات الى الارتطام الكبير، ما يستدعي من القيادات اللبنانية الى الإسراع في تأمين الحد الأدنى من التوافق على انتخاب رئيس من دون انتظار الخارج.
وشدّد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق على «أننا نريد رئيساً يحمل مشروع توافق، ويريدون رئيساً مشروع فتنة بين اللبنانيين»، مضيفاً أن انتظار الخارج من أجل انتخاب الرئيس ليس سوى مضيعة للوقت في الزمن الصعب، مؤكداً أن قرار انتخاب الرئيس لن يكون إلاّ قراراً لبنانياً أولاً وثانياً وعاشراً.
وأشار الشيخ قاووق إلى أن المنطقة تدخل في مسارات وتحوّلات استراتيجية جديدة نتيجة التقارب مع سورية وإيران، وعلينا أن نواكب هذا التحوّل لكي لا نبقى خارج المسار، معتبراً ان «مصالح لبنان تقتضي أن يكون لبنان أول المبادرين لتحسين وتطوير العلاقات مع سورية».
ولفت كلام نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي انتقد فيه النائب جبران باسيل، الى أن «رئيس مجلس النواب نبيه برّي يطلب ما يريد، ونحن نطلب ما نريد، لكن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هو الذي اتخذ القرار، وميقاتي أخطأ لأنه لا يمكنه أن يعدّل مرسوماً بتعميم، ولكن لستُ موافقاً على ردّات الفعل غير المقبولة على القرار أيضاً».
ولفت بو صعب في حديث تلفزيوني الى أن «لديه اعتراضاً على طريقة كلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الأحد، وهو مستفزّ لشريحة من الناس، والخطأ لا يعالج بكلام من هذا النوع».
وأكد وزراء الزراعة في سورية ولبنان والأردن والعراق، «ضرورة تشكيل مجموعة عمل لخلق شراكات بين وزارات الزراعة في الدول الأربع مع المنظمات الدولية لإقامة مشاريع إقليمية مشتركة لمواجهة التغيرات المناخية وتحقيق الأمن الغذائي وإنشاء منصة لتبادل البيانات الإحصائية وتسهيل انسياب السلع الزراعية ومعالجة الصعوبات التي تواجه الترانزيت». كما أكد الوزراء في البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الرباعي الذي عقد في دمشق على مدى يومين، «ضرورة إيجاد صيغة للتعاون والتنسيق والتكامل فى المجالات الزراعية والخدمات المرتبطة بها لتحقيق أفضل درجات التنسيق فى مجال الزراعة والغذاء بين الدول الأربع».
الى ذلك، استدى المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون الى جلسة استجواب الخميس بناءً على دعوى قدح وذمّ اقامها ضدها الرئيس ميقاتي».

COMMENTS