افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 29 آذار، 2023

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 18 شباط، 2021
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 20 آب، 2018
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 30 حزيران، 2020

اللواء
الاحتقان ينفجر باللجان.. والشارع غداً للمتقاعدين بحثاً عن المعاشات «الضائعة»!
بري يُطوِّق الإشكال بين الجميل وخليل.. و«التغييريون» يتهمون «القوات» بأنها جزء من المنظومة
ما كادت الاتصالات التي شارك في قسم بارز منها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تحتوي «الإشكال الكلامي» العنيف بين معاونه السياسي النائب علي حسن خليل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، على خلفية نقاش دار داخل أروقة اجتماع اللجان النيابية المشتركة لتوفير ما يلزم من أموال (قدرت بـ8 ملايين دولار) لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، بعد التمديد لمجالسها العام الماضي، حتى تحضرت الساحة لاشتباك، ربما على الارض، ودامٍ هذه المرة، بين موظفي ومتقاعدي القطاع العام، الذين اعدت المالية تحويلات رواتبهم عبر المصرف المركزي، الى المصارف التجارية، التي ما زالت تقفل ابوابها، على الرغم من تعليق الاضراب، من دون رفعه نهائياً، على ان تصرف اليوم على سعر صيرفة المعتمد في اليوم ذاته، اي 90٫000 ل.ل. لكل دولار أميركي.
قوبل هذا التطور، بردود فعل غاضبة من حراك العسكريين المتقاعدين، والمجلس التنسيقي لقدامى موظفي الدولة، وسط دعوات لرفض قبض الرواتب والمعاشات على سعر صيرفة 90 ألفاً، والتي لم تعد تعادل شراء شيء ناهيك عن الخدمات من كهرباء وماء وبعض من محروقات، مع تأكيد العسكريين على النزول الى الشارع غداً للاعتصام والتظاهر وسط بيروت وقبالة السراي الكبير.
وأعلن المجلس التنسيقي لمتقاعدي القطاع العام النزول الى الشارع لإيصال رسالة واضحة، من زاوية ان الحلول ليست قريبة للأزمة، للمطالبة بسعر صيرفة للدولار على 28500 ل.ل. لمعاشات المتقاعدين والعاملين في الخدمة، ودعم تعاونية موظفي الدولة وصندوق تعاضد اساتذة الجامعة اللبنانية، والتأكيد على التمسك بالحقوق «ولن نترك عائلاتنا تجوع، ومرضانا يموتون على أبواب المستشفيات».
التخبط سيد الموقف
وسط هذه التداعيات الحياتية الخطيرة، فضلاً عن التعثُّر النيابي في مقاربة أبسط المسائل من التشريع الى مناقشة اقتراحات القوانين الى انتخاب رئيس، بدا الواقع الداخلي ممعن في التخبط على وقع استعادة خطيرة للخطاب المذهبي، وتدني التخاطب بين النواب أنفسهم، الذي يترتب عليه ان يكونوا القدوة في العمل والسلوك على حدّ سواء.
ولفتت أوساط مطلعة لـ«اللواء» الى أن المعطيات بشأن الملف الرئاسي لا تزال غير واضحة وإن الحراك الخارجي بشأنه لم يستقر على مشهد ما، معتبرة ان الواقع الداخلي في المقابل يشهد تخبطا واستعادة للغة مذهبية.
‎وأوضحت هذه الأوساط أن الاشتباك السياسي متواصل ولن يتوقف وإن تدخلات من هنا وهناك تحول دون تفجير الوضع كما جرى مؤخرا، مؤكدة في الوقت نفسه ان الفوضى المالية تفرض نفسها من دون بوادر حل، حتى أن لا معلومات عن استئناف حكومة تصريف أعمال اجتماعاتها للبت في القضايا الملحة مع العلم ان الرئيس نجيب ميقاتي بدا واضحا في البيان الذي تلاه وإقراره بالأعباء التي تحاصره. ودعوته إلى انتخاب رئيس للبلاد في اقرب وقت ممكن.
واعتبرت مصادر سياسية ان السبب الاساس لتوتير الاجواء السياسية، لاي خلاف كان، على النحو الذي يشهده لبنان حاليا، هو حالة الفراغ السياسي والسلطوي جراء عجز الطبقة السياسية عن انتخاب رئيس للجمهورية، والتداعيات السلبية على باقي مؤسسات الدولة واداراتها، وتوقع مزيدا من التوترات والاشتباكات بين الاطراف السياسيين، لاي سبب كان، اذا استمرت مرحلة الفراغ الرئاسي لوقت أطول.
وقالت المصادر ان استسلام الطبقة السياسية برمتها للوضع القائم حاليا، وعجز اي زعيم او مسؤول سياسي عن تقريب القيادات من بعضهم البعض، كما كان يحدث خلال الازمات والظروف المفصلية التي مرت على لبنان في العقود الماضية، ظهر وكأنه لا يمكنها القيام بأي حراك جدي وفاعل باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، وترك الامور على مسؤولية الخارج، أكان فرنسا او اي دولة عربية اوغيرها، زاد من اهتراء الوضع السياسي والسلطوي العام، وترك مصير البلد في المجهول، ومصالح اللبنانيين في مهب الريح.
واشارت المصادر الى انه مهما كان الخارج حريصا على مساعدة لبنان لتخطي ازمته، ولكنه يهتم بحل مشاكله اولا كما هو ملاحظ، بينما يبقى الوضع في لبنان وحل ازمته، على مسؤولية اللبنانيين انفسهم.
ولاحظت المصادر ان هناك اهتماما لاعطاء دفع لعملية انتخاب رئيس للجمهورية من قبل الدول الشقيقة والصديقة للبنان، كما يظهر من خلال البيانات والمواقف الصادرة عنها، الا ان تحقيق مثل هذه التمنيات، ينتظر حل المشاكل والازمات المتعلقة بهذه الدول.
ترتيبات الاعتذار
إثر نقل ما جرى الى الرئيس بري، عبر نائبه إلياس أبو صعب، وبعد ان وضع النائب الجميل المسألة في عهدة رئيس المجلس، أجرى الاخير اتصالاً هاتفياً برئيس الكتائب، وقف على خاطره، رافضاً ما حصل، وطلب من ابو صعب استكمال مساعيه مع الجميل، الذي وافق على اتصال اعتذار من النائب خليل، الذي اوضح انه تأكد ان الكلام الذي سمعه بحقه واتهامه «بالمجرم»، لم يصدر عن رئيس حزب الكتائب، مؤكداً احترامه للنائب الجميل وحزب الكتائب، وكان ابو صعب حاضراً خلال مصالحة الاتصال.
اللجان المشتركة
… يوم صدامي
وفي الوقائع التي سبقت، شهدت جلسة اللجان المشتركة خلافاً حاداً بين بعض النواب كاد ان يتطور لولا تدخل عدد من النواب لضبط الامور. فمع بدء الجلسة، علا الصراخ من داخل الهيئة العامة بسبب سجال بين النائبين ملحم خلف وغازي زعيتر على خلفية دعوة خلف لانتخاب رئيس جمهورية. فما إن دعا خلف النواب إلى انتخاب رئيس جمهورية حتى ردّ عليه زعيتر معتبراً كلامه «مش بالنظام». وارتفع سقف النقاش بين النائبين، وقال زعيتر للنائب بولا يعقوبيان، «شو هالبضاعة»، وتوجّه لخلف بالقول «كول.. أنت متل صباطي».
ولاحقا، وقع نقاش حاد خلال الجلسة بين النائب الجميّل والنائب خليل بسبب رفض خليل استخدام اموال حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي لتمويل الانتخابات، وقد اعتبر الجميل أن هذه أموال ليست لتمويل الانتخابات البلدية والاختيارية وأنها بحاجة إلى قانون خاص، فرد خليل: هناك رئيس حزب اعتبر أن هذه الأموال يمكن أن تموّل الانتخابات البلدية (وهو هنا كان يقصد رئيس حزب القوات سمير جعجع).
لكن الجميل اعتبر انه هو المقصود فقال: أنا الوحيد رئيس حزب هنا وأنت تقصدني، وهذا الكلام ليس مقبولاً، كما لا يحق لك التكلم بذلك.
أجاب حسن خليل: لا اقصدك بل اقصد شخصاً آخر.
فرد الجميل: أنت اصلاً مطلوب إلى العدالة وأنا لا أرد عليك.
فردّ خليل بانفعال قائلاً: أنت بتسكت.. أنت مجرم إبن مجرم.
ورفعت جلسة اللجان المُشتركة من دون اقرار أي بند.
وقد عقد الجميّل مؤتمراً صحافياً أكد فيه أن ما حصل خطير ومسّ بمقدسات ولن يمرّ. وقال: جئنا لنؤكد أن عدم حصول الانتخابات البلدية والاختيارية سيؤدي الى فوضى كبيرة في البلد، لافتا إلى أن هناك مئة طريقة للحكومة لإجراء الانتخابات البلدية وأعطينا امثلة ان مصرف لبنان يصرف يومياً 27 مليون دولار لمنصة «صيرفة» ولتهدئة سعر الصرف. هناك عدد من الطرق للتمويل خصوصًا ان المبلغ المطلوب هو 8 مليون دولار وهو ربع ما يدفعه مصرف لبنان يومياً.
وأكد أننا جئنا لحماية هذا الاستحقاق البلدي والاختياري لأن موقفنا ان المجلس هو هيئة ناخبة لا يحق لها التشريع والمسؤولية تقع على الحكومة التي لا يمكنها ان تؤمن تمويلاً للانتخابات البلدية فيما تجد تمويلا لأمور اخرى.
مضيفًا: لكن حصل شيء بهذه الجلسة التي شهدت منذ بدايتها توترات، ولن أدخل في تفاصيل ما حصل وسأضعه بعهدة الرئيس بري لنرى كيف سيتعاطى مع الأمر. إن أفصحت عمّا حصل سأكون مساهماً بفتنة يريد البعض جرّ البلد إليها وهذا ما لا نريده، من هنا لن أتحدث عما حصل خلال الجلسة والذي كان يمكن أن يأخذ البلد الى مكان آخر.
وتابع: تسجيل ما حصل في الجلسة موجود، أي ما قلته وما قاله الزملاء، وأدعو الرئيس بري لأخذ التسجيل والاستماع إليه وإن كان سيعتبر ان ما حصل يمرّ فنكون امام مشكلة كبيرة لن يقبل بها أحد. اكرر أن التسجيلات موجودة ولم أتوجّه لعلي حسن خليل بأنه مطلوب للعدالة.
في المقابل، رد حسن خليل بالقول: للأسف هناك جهات لأسباب عديدة تصرّ على تعطيل المجلس النيابي ورفض عقد جلسات تشريعية. والانفعال الذي تكلّم عنه أحد الزملاء هو ما يولّد ردّات الفعل وكان كلامي واضحاً إذ قلت نحن كمجلس نيابي لا نتحمّل مسؤولية سحب الأموال من صندوق النقد الدولي، وإذا أحد رؤساء الأحزاب اقترح ذلك فليتحمل هو المسؤولية.
واوضح انه قصد بكلامه سميرجعجع بتصريحه عن سحب الاموال من صندوق النقد وليس سامي الجميل، ولكن رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميّل أصرّ أنّه هو المقصود وتكلّم معي بلغة تخطّت لغة الزمالة، فاستحقّ ردّة فعلي ليعلو الصراخ في المجلس.
وقال: لن أقبل بأن يكون هناك أيّ مسّ بكرامتنا تحت أي شكلٍ من الأشكال، أننا لن ننجر إلى خطاب الإنقسام في البلد. أنّ «حركة أمل» حركة قاتلت من أجل وحدة لبنان وما زالت تُناضل، وهي الحريصة على السلم الأهلي بعكس جهاتٍ رفعت شعار «لكم لبنانكم ولنا لبناننا» بسبب «الساعة».
وعلّق أمين سرّ كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن على الخلاف الذي شهدته الجلسة وقال: إنَّ ما حصلَ في الجلسة كان صادماً والواقع في البلد خطير اذا ما استمر على هذا النحو والمطلوب ان يعلو صوت العقل في عين العاصفة.
أبو الحسن أكّد أنَّ «ما قام به رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي وليد جنبلاط و«اللقاء الديمقراطي» من محاولة لضبط الأمور قد نكون نجحنا بها ولكن مازالَ الجو محتقناً، داعياً الى تنفيس هذا الإحتقان.
وختمَ أبو الحسن متسائلاً: إذا الشارع توّتر فعلى المسؤول ضبطه ولكن عندما يتوّتر المسؤولون فمن يضبط المسؤول والشارع؟ مؤكدّاً أنَّ «ما حصل مخيّب للآمال ودعوتنا الى كلّ الفرقاء للعودة الى الحكمة والتروي والتعقّل والمنطق والحرص على المصلحة الوطنية.
وفي سياق السجالات، فبعد هجوم شنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على النائبين حليمة قعقور وابراهيم منيمنة، ردّ النائبان على جعجع، بتذكيره ان القوات جزء لا يتجزأ من المنظومة التي خربت لبنان.
جنبلاط في فرنسا
الى ذلك وفي حين لم يحصلجديدعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي، لم يظهر شيء بعد حول لقاءات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في باريس، لكن مصادر الحزب قالت لـ«اللواء» انه قد يعود الخميس او الجمعة الى بيروت وتتضح كل الامور في وقتها.
وأكد أمين سر الاشتراكي ظافر ناصر ان زيارة جنبلاط الى فرنسا ستشهد اكثر من لقاء لعدد من المعنيين، مشيرا الى ان جنبلاط يجري تشاوراً مستمراً مع القيادة الفرنسية من اجل البحث عن مخرج للأزمة اللبنانية.
الشامي: هذا ما نخشاه
على الصعيد الاقتصادي، صدر عن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي بيان ال فيه: حذَّرت بعثةُ صندوق النقد الدولي إبّان زيارتها لبنان أنه، في غياب الإصلاحات الضرورية التي تَمَّ الاتفاق عليها مع الصندوق على صعيد الموظفين، سيدخل لبنان في أزمة عميقة لا أفق زمنيا لها. كما كنّا نحن نُحذِّر تكرارا ولا نزال، من على منابر عدة ومن داخل مجلس النواب، من خطورة الوضع ولكن صوتنا لم يلقَ آذاناً صاغية، فعسى أن يكون صوتُ الصندوق أكثر وقعاً.
اضاف: لقد أعدَّت الحكومة برنامجاً اقتصادياً ومالياً تم الاتفاق عليه مع الصندوق، وكذلك خطة مفصلة وموسعة مستوحاة من هذا الاتفاق أُرسلت إلى مجلس النواب في التاسع من أيلول الفائت. فمن المستغرب أن بعض السياسيين من مشاربَ مختلفة، ما زالوا يدّعون جهاراً أنَّ ليس للحكومة أية خطة، إذ في ذلك استخفاف بأمور ذات أهمية بالغة وتداعيات على مسيرة الإصلاح، بل على مصير البلد.
وتابع: توصّل لبنان إلى اتفاق مع الصندوق قبل سنة، ولم ينجز إلا القليل من الإجراءات المُتفق عليها. إن عدم القيام بهذه الإصلاحات من قبل المسؤولين أينما وجدوا يقوّضّ صدقية لبنان ويزيد صندوقَ النقد تصلّباً في مواقفه ورفضا لقبول أفكار جديدة، حتى لو لم تكن متعارضة بشكل جوهري مع مذكرة التفاهم. لبنان بحاجة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي لنكسب بعضا من المرونة بالتعامل مع لبنان. المرونة من قبل الغير تتطلب صدقية من قبلنا.
وقال: في ضوء التعثّر الحاصل، أسهبَ البعضُ بالاستنتاج أن الصندوق سينسحب من الاتفاق مع لبنان، وها هو الصندوق يؤكد انه ملتزم بمساعدتنا، ولكن الخوف، كل الخوف، هو أن ننسحب نحن من الاتفاق فعلياً بحكم التلكؤ الحاصل في تنفيذ الإجراءات.
وتابع: المراوغة في تطبيق الإصلاحات قد يؤدي بنا إلى مزيد من المأسوية. فالضوء في نهاية هذا النفق الطويل يخفت شيئا فشيئا ويكاد ينطفئ. في ظل وجود حكومة تصريف أعمال، وعندما يُفقد الأمل، قد يضطر المسؤول الى الانكفاء بعدما قدَّم كل ما في حوزته وينتقل إلى الظل حتى لا يكون شاهد زور على الانهيار الحاصل.
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 82 اصابة جديدة بفايروس كورونا وحالة وفاة واحدة.

 

البناء
باريس بعد تل أبيب: الحكومة تعجز عن احتواء الشارع… والانفجار الكبير وراء الباب
اتصالات سعودية صينية إيرانية لتزخيم مسار التفاهمات… وقلق أميركي من البوابة السورية
بعد تراجع ميقاتي أمام بكركي… خليل يعتذر من الجميل: الفتنة نائمة ولن نمنح فرصة لإيقاظها
شهدت باريس والعديد من المدن الفرنسية ما وصفته وسائل الإعلام الفرنسية والعالمية بأضخم حشد شعبي معارض في حال احتجاج، قالت الشرطة إنه خارج عن قدرتها على السيطرة، رغم حشد آلاف العناصر. وألقت الحكومة بلسان وزارة الداخلية اللائمة على من وصفتهم بعناصر اليسار المتطرف لأخذ الاحتجاجات نحو العنف، وفيما قدرت الشرطة عدد المشاركين في كل المدن الفرنسية بأقل من مليون متظاهر، قال المنظمون إن باريس وحدها شهدت مشاركة نصف مليون متظاهر وإن العدد الإجمالي في كل فرنسا فاق المليونين، بينما أجمعت وسائل الإعلام على اعتبار رقم وزارة الداخلية كافياً للقول بأن فرنسا تواجه مرحلة صعبة، طالما أن الحوار والتفاوض حول مطالب المتظاهرين ليس على طاولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته، وتأتي مخاطر الانفجار الكبير الذي تتوقعه التجمّعات النقابية التي تقود الاحتجاجات ومن خلفها أحزاب الوسط التقليدي واليسار واليمين، فيما يقف يمين الوسط والليبراليون وحدهم وراء الرئيس ماكرون وحكومته. ويتلاقى المشهد الفرنسي مع مشهد الشارع في كيان الاحتلال حيث لم تمنح الهدنة التي أطلقها رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو بتجميد السير بتعديلات النظام القضائي، الأمل بحلول تقول المعارضة إنها لا تثق بأن نتنياهو صادق في البحث عنها، ما يعني أن شهر أيار ربما يكون شهر الانفجار الكبير في تل أبيب وباريس معاً.
في المنطقة تزاحمت الاتصالات على خطوط بكين والرياض وبكين وطهران وطهران والرياض، للتأكيد على السير سريعاً وبزخم لتفعيل بنود التفاهمات التي تضمنها الاتفاق الموقع في بكين، التي أبدت استعدادها للمساهمة حيث يلزم. وبقدر ما يبدو السعي لتنشيط الاتصالات الخاصة بإنهاء الحرب في اليمن الموضوع الأول والتحدّي الأول للاتفاق، تبدو الحلقة السورية الترجمة الأسرع للانفراج، والمصدر الأول للإزعاج، الانفراج سوري سعودي بدعم صيني إيراني روسي، والانزعاج أميركي عبرت عنه واشنطن مراراً وأعادت تأكيده أمس، بأنها لا تشجع على أي تحسين لمستوى العلاقات مع الحكومة السورية، ومثلما حاولت الغمز من قناة السعودية بحديثها عن الاتفاق الإيراني السعودي مرفقاً بالإعلان عن إيقاف سفن ايرانية تنقل السلاح الى اليمن، أرفقت كلامها عن التحذير من الانفتاح على سورية بإعلان عقوبات على سوريين ولبنانيين قالت إنهم يتولون التجارة بالمخدرات التي تشكل السعودية وجهتها.
لبنانياً، يبدو الوضع القلق طائفياً وما يرافق الانسداد السياسي والرئاسي على موعد كل يوم مع مناسبة جديدة، فلم يكد إعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن التراجع عن قرار اعتماد التوقيت الشتوي حتى نهاية شهر رمضان منعاً لمناخ الفتنة بعدما وقفت بكركي في صف التمرد على القرار وأعلنت السير بالتوقيت الصيفي، حتى كاد سجال نيابي في اجتماع اللجان المشتركة في مجلس النواب، تشهد الاجتماعات النيابية مثله وأكثر ولا يتوقف أمامه أحد، أن يتحول الى عنوان طائفي تحت شعار المسّ بالمقدسات، كما قال النائب سامي الجميل عن الكلام الذي وجّهه اليه النائب علي حسن خليل، ورغم إيضاح الجميل أن المقدسات التي قصدها ليست طائفية بقي التوتر السياسي والطائفي يتعاظم على وسائل التواصل الاجتماعي، ما استدعى بمبادرة من نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب، وبمباركة رئيس المجلس نبيه بري، اتصال النائب خليل بالجميل والاعتذار منه، منعاً لمنح الفتنة النائمة أي فرصة للاستيقاظ،، وإجهاض أي محاولة للعبث إن كان أحد يريد إيقاظها، كما علق مصدر نيابي.
وبعد انحسار عاصفة الجنون التي هبّت على خلفية الخلاف على التوقيت ووضعت مصير البلاد والعباد على ساعة الانفجار الطائفي، يبدو أن الجمر لا زال تحت الرماد، حيث انتقلت الأجواء الطائفية الى مجلس النواب بإشكال كبير بين النائبين علي حسن خليل وسامي الجميل كاد أن يفجّر البلد من جديد لولا تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائبه الياس بوصعب لاحتواء الموقف.
وفي التفاصيل أنه مع بدء الجلسة، علا الصراخ من داخل الهيئة العامة بسبب سجال بين النائبين ملحم خلف وغازي زعيتر على خلفية دعوة خلف لانتخاب رئيس جمهورية. فما إن دعا خلف النواب إلى انتخاب رئيس جمهورية حتى ردّ عليه زعيتر معتبراً كلامه «مش بالنظام». وارتفع سقف النقاش بين النائبين، وتبادل النواب الشتائم والكلام النابي. ثم تبعه نقاش حادّ خلال الجلسة بين رئيس حزب الكتائب والنائب علي حسن خليل على خلفية الخلاف حول ملف الانتخابات البلدية وقد عقد الجميّل مؤتمرًا صحافيًا أكد فيه أن ما حصل خطير ومسّ بمقدسات ولن يمرّ. قال «جئنا لنؤكد أن عدم حصول الانتخابات البلدية والاختيارية سيؤدي إلى فوضى كبيرة في البلد»، لافتاً إلى أن «هناك مئة طريقة للحكومة لإجراء الانتخابات البلدية وأعطينا أمثلة ان مصرف لبنان يصرف يومياً 27 مليون دولار لمنصة صيرفة ولتهدئة سعر الصرف».
في المقابل، رأى خليل أنّ «للأسف هناك جهات لأسباب عديدة تصرّ على تعطيل المجلس النيابي ورفض عقد جلسات تشريعية». وأضاف من مجلس النواب: «الانفعال الذي تكلّم عنه أحد الزملاء هو ما يولّد ردّات الفعل وكان كلامي واضحًا إذ قلت نحن كمجلس نيابي لا نتحمّل مسؤولية سحب الأموال من SDR وإذا أحد رؤساء الأحزاب اقترح ذلك فليتحمل هو المسؤولية».
وتابع «قصدت جعجع بتصريحه عن الـSDR منذ يومين ورئيس «الكتائب» النائب سامي الجميّل أصرّ أنّه هو المقصود وتكلّم معي بلغة تخطّت لغة الزمالة فاستحقّ ردّة فعلي ليعلو الصراخ في المجلس». وأكد أن «لن أقبل بأن يكون هناك أيّ مسّ بكرامتنا تحت أي شكلٍ من الأشكال»، موضحًا «أننا لن ننجر إلى خطاب الانقسام في البلد». وشدد خليل على أنّ «حركة «أمل» حركة قاتلت من أجل لبنان وما زالت تُناضل وهي الحريصة على السلم الأهلي بعكس جهاتٍ رفعت شعار «لكم لبنانكم ولنا لبناننا» بسبب «الساعة».
وأكدت مصادر نيابية ومجلسية لـ«البناء» أنه لم يحصل أي تضارب بين النواب في الجلسة، بل علا الصراخ والسجال بين خليل والجميل على خلفية بعض الملفات الخلافية بين الطرفين، وهذا طبيعي أن يحصل في ظل أجواء الاحتقان في البلاد والانقسام حول ملفات كثيرة. وشدّدت المصادر على أن أكثر من نائب خرج وأكد بأنه لم يحصل أي تضارب، مبدية استغرابها مسارعة بعض وسائل الإعلام بنقل أخبار مغلوطة تساهم في النفخ بالفتنة.
وتدخل الرئيس بري لاحتواء الموقف، وكلف بوصعب ايجاد المخرج المناسب لسحب فتيل الأزمة وتجنب أي تداعيات، وكشف بوصعب «أنني تواصلت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وأطلعته على تفاصيل ما حصل، فبادر بعدها مباشرة برّي واتصل برئيس حزب «الكتائب» اللبنانية سامي الجميل»، مؤكداً له «حرصه على معالجة ما حصل». وعلى أثر هذه الاتصالات، زار بو صعب مقرّ حزب الكتائب في الصيفي حيث اجتمع مع الجميل واتفق معه على طريقة معالجة الموضوع.
في هذا السياق، أجرى النائب خليل اتصالاً بالجميل بصفته رئيس حزب الكتائب معتذراً منه على الكلام الذي صدر عنه، مؤكداً «كامل احترامه للجميل ولحزب الكتائب».
وكانت السجالات اندلعت خلال جلسة اللجان المشتركة لمناقشة ملف الانتخابات البلدية والاختيارية وسط خلاف حاد بين الكتل النيابية حول هذا الموضوع، ووفق ما تشير مصادر نيابية مشاركة في الجلسة لـ«البناء» الى أن المشكلة في إجراء الانتخابات التمويل والقدرة اللوجستية، وهناك احتمالان: أو تمويلها من نقل اعتماد إضافي من احتياط الموازنة لصرفه وفق قاعدة الاثنتي عشرية. وهذا اقتراح النائب علي حسن خليل أو من حق السحوبات من صندوق النقد الدولي، لكن الاقتراح الأول أي نقل الاعتماد على موازنة 2022 وليس 2023 ولا قانون تشريعي يجيز الصرف على القاعدة الاثنتي عشرية.
وتؤكد مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» الى أن التيار مستعدّ لحضور جلسة تشريع لموضوع الانتخابات البلدية للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية»، لكن القوات اللبنانية وفق مصادرها ترفض هذا الأمر.
وتكشف المصادر النيابية لـ«البناء» الى أن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل لم يقدم أي دراسة مالية تبين قدرته للتمويل ولا على توقيعه على حقوق السحب الخاصة، فيما وزير الداخلية لم يقدم خطة أمنية ولوجستية وقانونية لكيفية إجراء الانتخابات».
وتشير مصادر إعلامية الى أن «حكومة تصريف الأعمال يمكنها تأمين التمويل اللازم للانتخابات البلدية مثلما فعلت في ملف جوازات السفر، وكما تفعل في مواضيع عدة». وذكّرت بأن «وزير الداخلية لا يزال بصدد دعوة الهيئات الناخبة في 3 نيسان حرصاً منه على الالتزام بالمهل القانونية».
في الشأن الرئاسي، لم يسجل أي جديد، ودعت مصادر كتلة التنمية والتحرير أطراف المعارضة الى الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية طالما أنهم اتفقوا على «الساعة»، موضحة لـ«البناء» أنه عندما تتقدّم ترشيحات جدية ويرى الرئيس بري مرشحين جديين ويعلن رئيس المردة سليمان فرنجية رسمياً ترشيحه سيدعو بري الى جلسة «وصحتين عاللي بيربح»، وأضافت: «فليرشح النائب جبران باسيل ورئيس القوات سمير جعجع مرشحاً أو فلتتفق المعارضة على ترشيح النائب ميشال معوّض ويعلن فرنجية ترشيحه ولينزل الجميع إلى المجلس النيابي للتصويت». كما بيّنت المصادر أن «الثنائي أمل وحزب الله داعم لترشيح فرنجية وليس مرشحه. وهذا الثنائي دعا الى التوافق على فرنجية على قاعدة الحوار، وليس فرضه على الآخرين».
الى ذلك، يواصل رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط والوفد المرافق لقاءاته في باريس مع المسؤولين الفرنسيين، وأشارت أوساط في الحزب الاشتراكي لـ«البناء» الى أن «وفد الاشتراكي لا يزال في باريس وسيعود اليوم وبانتظار وصوله لمعرفة نتائج الزيارة والاتجاه الدولي لا سيما الفرنسي السعودي باتجاه لبنان»، وأوضحت أن «الزيارة تشاورية مع القيادة السعودية واللقاء مع المعنيين بالشأن اللبناني».
ولفتت الى أن «الأمور حتى هذه الساعة مقفلة ولا بادرة إيجابية إلا إذا أثمر الاتصال بين الرئيس الفرنسي والأمير محمد بن سلمان، لكن لا يمكن الركون اليه لتأكيد حصول خرق إيجابي قريب قبل تلمّس نتائجه على الأرض»، وشدّدت على أن جنبلاط «لم يطرح مبادرة جديدة وهو متمسك بطرحه السابق بطرح ثلاثة أسماء للتوافق، ولكنه منفتح على النقاش ويؤكد بأن لا يمكن مقاربة وإنجاز الملف الرئاسي من دون تسوية». ولفتت الى أننا «نتواصل مع مختلف الأطراف أكان في المعارضة وفي فريق الثنائي لكن التوافق هو الحل للأزمة»، مشددة على أن «السعودي لا يزال على موقفه من الرئاسة».
وأكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، أن «لا أحد في لبنان يستطيع أن يدير شؤون البلد من موقعه الطائفي على حساب بقية المكونات، ولا أحد يطمح لذلك على الإطلاق، كلنا نطلب شراكة ونسعى من أجل أن تكون الشراكة حقيقية قائمة على الاحترام المتبادل والمواطنية الصادقة وعلى عدم التمايز والتمييز بين المواطنين».
ورأى رعد، في كلمة له أنه «ليس هناك خيار ولا حل ولا طريق للخروج من مأزق الفراغ الرئاسي إلا بالتفاهم الوطني. نحن نمدّ أيدينا ولا زلنا لهذا التفاهم حتى ننقذ بلدنا وحتى نتجاوز الأزمة التي نحن فيها».
من جهته، دعا تكتل «لبنان القوي»، خلال اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل، حكومة تصريف الأعمال، الى «البتّ سلباً أم إيجاباً بموضوع الانتخابات البلدية والاختيارية والتوقف عن رمي المسؤولية على غيرها»، سائلاً «هل تتوفر للحكومة المستلزمات المادية واللوجستية والتقنية لإجراء الانتخابات؟ فإذا كان الجواب نعم فلتقدم الحكومة على إجرائها في موعدها بشكل لائق وديمقراطي ومن دون أي إشكالات. وإذا كان لا، فلتصارح الناس ولتعلن بجرأة أن الأوضاع والظروف المتعلقة بالانتخابات لا تسمح بإجرائها وبالتالي فلتطلب ما تحتاجه من مجلس النواب، إذ لا يجوز دعوة الهيئات الناخبة من دون تأمين الاعتمادات والإمكانات واتخاذ الإجراءات اللازمة على ما خلصت إليه اليوم اللجان النيابية المشتركة».
أوضح التكتل، في بيان، أنه «سبق له أن نبّه مراراً الى خطورة المخالفات بعقد مجلس وزراء من دون أي مبرر طارئ او ضرورة قصوى، وللعلم فإن ميقاتي يوقع منفرداً ما يسمّيه موافقات استثنائية أي أنه يحلّ وحده مكان الحكومة ورئيس الجمهورية في قرارات تصدر عنهم، كما أنه يتخذ قرارات عشوائية عدة لها تبعات غير معلومة الأسباب والنتائج، كاتخاذ مجلس الوزراء، من خارج جدول الأعمال قراراً بالتعاقد مع حوالي ثمانمئة أستاذ مدرسة».
ورأى التكتل أن «ما حصل في اللجان المشتركة من تشنج دليل خطورة على ما وصلت إليه الأوضاع في البلاد مما يوجب التعقل وضبط الخطاب السياسي لمنع الانزلاق الى التحريض الغرائزي والطائفي الذي يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه»، معتبراً أن «عمل الحكومة المستهتر وغير الشفاف واضح في مجالات عدة، منها تلزيم إنشاء مبنى جديد في المطار من دون مناقصة واعتماد سعر متحرك للدولار الجمركي، وغيره من القرارات التي تظهر عشوائية حكومة تصريف الأعمال المبتورة في إدارة ملفات كبيرة وحساسة خلافاً للدستور وللقوانين».
على صعيد آخر، لفت نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي في بيان الى أن «بعثةَ صندوق النقد الدولي حذَّرت إبّان زيارتها لبنان أنه، في غياب الإصلاحات الضرورية التي تَمَّ الاتفاق عليها مع الصندوق على صعيد الموظفين، سيدخل لبنان في أزمة عميقة لا أفق زمنياً لها. كما كنّا نحن نُحذِّر تكراراً ولا نزال، من على منابر عدة ومن داخل مجلس النواب، من خطورة الوضع ولكن صوتنا لم يلقَ آذاناً صاغية، فعسى أن يكون صوتُ الصندوق أكثر وقعاً. لقد أعدَّت الحكومة برنامجاً اقتصادياً ومالياً تمّ الاتفاق عليه مع الصندوق، وكذلك خطة مفصلة وموسّعة مستوحاة من هذا الاتفاق أُرسلت إلى مجلس النواب في التاسع من أيلول الفائت. فمن المستغرَب أن بعض السياسيين من مشاربَ مختلفة، ما زالوا يدّعون جهاراً أنَّ ليس للحكومة أية خطة».
على صعيد آخر، فرضت الإدارة الأميركية عقوبات جديدة طالت كلاً من حسّان محمد دقّو، شركة حسّان دقّو ونوح زعيتر، إضافة الى عدد من الشخصيات السورية.

 

الأخبار
محاولة فرنسية للالتحاق بواشنطن والرياض في لبنان
بدل الإنتاجيّة لأساتذة «اللبنانيّة»: مقابل ماذا؟
بعد فشل سياستها في لبنان، تبدو باريس في مراجعة رئاسية ومحاولة الالتحاق بسياسة الرياض وواشنطن اللتين لا تزالان عند المربع الأول في تشخيص الأزمة وتحديد مواصفات المعركة الرئاسية والرئيس العتيد (تقرير هيام القصيفي).
يبدو السباق جدياً بين تصاعد مؤشرات التصعيد الداخلي بكثافة والمحاولات الخارجية لاحتواء التوتر اللبناني، عبر إجراء الانتخابات الرئاسية. لكن السقف الأساسي الذي لا يزال يتحكم بمجريات السعي الخارجي، الدفع «لبنانياً» لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، معطوفاً على ترتيب الأوضاع المالية بما تيسّر من عناصر أساسية من أجل تقطيع وقت التصعيد الدولي، وليست حرب أوكرانيا وحدها التي يشار إليها، بل أيضاً الملف النووي الإيراني والموقف الإسرائيلي منه، في انتظار حلول طويلة الأمد.
منذ الاتفاق السعودي – الإيراني، ثمة محاولات لترجمته لبنانياً، عبر إيحاءات وسيناريوهات تتعلق بسبل تطبيقه على الساحة اللبنانية. والاجتهادات في هذا المجال متناقضة، بحسب هوية القوى السياسية سواء المتحالفة مع السعودية أو إيران. في المقابل تتجه وقائع غربية إلى التعامل معه وفق معايير مختلفة تتعلق بدور الصين والعامل النفطي المؤثر في مجال العلاقة مع السعودية، وأهمية موقع اليمن في الاتفاق، والخطوات العملانية المنتظر ترجمتها خلال الشهرين المقبلين، ونظرة إسرائيل، على رغم تخبطها الحالي، إلى إيران النووية ودور السعودية في المنطقة، وهي المتجهة إلى خطوات عملانية في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد. من هنا، تصاعد المنحى الغربي، الأميركي في غالبيته، في قراءة الاتفاق بواقعيته، من دون القفز فوق الدوائر الأميركية المطلعة حكماً على مختلف جوانبه مسبقاً. هذه الواقعية تحتم لبنانياً التعامل مع المداولات الإقليمية على قدر أهميتها للدول المعنية بها.
يحتاج الأمر بالنسبة إلى لبنان كثيراً من التدقيق في المعطيات الأميركية والفرنسية والسعودية، ليس في ما يتعلق بالاتفاق الإقليمي، بمعناه المباشر، بل بالتفسيرات التي تعطى للوجهة الحقيقية لسياسة العواصم الثلاث تجاه لبنان، قبل الاتفاق وبعده، انطلاقاً من الانتخابات الرئاسية.
من الصعب على قوى سياسية لبنانية الاقتناع بأن اللقاء الخماسي في باريس كان نقطة تحول أساسية انعكست أولاً بأول على باريس قبل بيروت. هذا الأمر لم تكن له علاقة بالاتفاق الذي كانت تعد له السعودية بعلم واشنطن، لأن باريس قفزت سريعاً فوق استنتاجات سياسية في بيروت وباريس على السواء أوصلتها إلى حائط مسدود، وانعكست على فريق الإليزيه تخبطاً ظهر تدريجاً في محاولات احتواء سلبيات اللقاء الخماسي وما خرجت به ديبلوماسيتها في بيروت من توقعات مغلوطة أعقبتها توضيحات. من هنا جاء اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ليعكس خلاصة مستجدة في سياسة فرنسا مبنية على اقتناع بأخطاء ارتكبت وتجاوزات في فرض إيقاعات ورسم سيناريوهات غير مستندة إلى وقائع عملية، لم تكن السعودية ولا واشنطن موافقتين عليها. وعلى رغم أنها ليست المرة الأولى التي تحاول فيها باريس إظهار أنها تسير وراء السعودية وسياستها في لبنان، إلا أن الأسابيع الأخيرة، في عز انشغال الإليزيه بمشكلات فرنسا الداخلية الحادة، أظهرت حجم الفشل الذي منيت بها الاستراتيجية الرئاسية في مقاربة ملف الرئاسة اللبنانية، ما حتم مقاربة مختلفة ومحاولة لاحتواء التعثر الفرنسي، والسعي مرة أخرى إلى التقرب من الرياض ومجاراة سياستها في لبنان.
لم يكن الأمر يحتاج إلى زيارة الديبلوماسية الأميركية باربرا ليف إلى لبنان لكشف واقع المسارين المختلفين في رؤية باريس وواشنطن تجاه الأزمة اللبنانية بشقيها الرئاسي والسياسي. فواشنطن، بخلاف باريس، لا تزال عند موقفها الأول وغير الملتبس حيال تشخيص الأزمة ومواصفات الرئيس المقبل. لكن في الوقت نفسه ليس لديها بعد ما يمكن أن تقدمه للقوى «المعارضة» والحليفة التقليدية لها، ولا تستطيع أن تقدم تعهدات ووعوداً لا يمكن لها أن تفي بها في الوقت القريب. وهذه من الأسباب الرئيسية الحالية في تخفيف مظاهر الاصطفاف إلى جانب حلفائها. علماً أن هناك مفارقة يتحدث عنها سياسيون على اطلاع على مواقف أميركية معنية، هي هذا التحول الكبير لدى الدول الكبرى الراعية للقوى السياسية، إذ تظهر باريس راعية للثنائي الشيعي، والسعودية راعية للقوى المسيحية المعارضة في غالبيتها، في غياب الدور السني، فيما تقف واشنطن في منطقة رمادية، تنتظر مزيداً من الوقت لبلورة الاتجاه الحاسم في التعاطي مع لبنان. لكنها في الوقت نفسه، تؤكد انسجامها مع الموقف السعودي في قراءة الوضع اللبناني وسبل معالجته. وهذا الموقف لا يزال على حاله، لم تغيّر فيه الاتفاقات الإقليمية حرفاً واحداً، على رغم أن هناك تمنيات لدى المعارضة وبعض القوى الرئيسية فيها، في أن يسهم الاتفاق في تخفيف حدة الانقسام الرئاسي، الأمر الذي يترجم التقاء بين المعارضين والثنائي حول اسم توافقي يسهل انتخابات الرئاسة. فالأميركيون والسعوديون يحثون على إجراء الانتخابات لبنانياً لأن «الوضع الداخلي لم يعد يحتمل في لبنان مزيداً من التوترات والخشية من انفجار اجتماعي». وتحذير صندوق النقد الدولي واحد من المؤشرات الدولية الأبرز أخيراً. لكن هذه الخشية لم تبدل في تعاطي السعودية مع محاولات فرض إيقاع فرنسي بـ «إيحاء لبناني بحت»، نحو تسوية ومقايضات رئاسية وحكومية. وهذا ما أدركته باريس بعد تأخر أسهم في تعميق الأزمة الداخلية. وكل من له صلة بدوائرها اليوم يتحدث عن متغيرات حديثة في مقاربة الملف الرئاسي والعلاقة مع السعودية، لا سيما بعد فشل اللقاء الخماسي في منحاه الفرنسي. والأمر نفسه ينسحب على واشنطن التي وإن كان لديها مع السعودية مرشحون لهم الأفضلية، إلا أنهما اليوم في مرحلة انكفاء عن التسمية المباشرة، قبل نضوج ظروف المنطقة بكل تلاوينها من إسرائيل إلى إيران، كي يمكن السير بتسوية كبرى. على عكس المغامرة الفرنسية المتسرعة في فرض تسوية مجتزأة من فوق. لكن الطرفين لا يزالان يعتبران أن لدى اللبنانيين فرصة حقيقية للسير بالانتخابات محلياً وفق قواعد مدروسة تسهم في وقف النزف الحالي اقتصادياً واجتماعياً، وحينها قد تمنح لها المظلة السعودية – العربية والدولية المطلوبة.
بدل الإنتاجيّة لأساتذة «اللبنانيّة»: مقابل ماذا؟
بخلاف كلّ مكوّنات القطاع العام الأخرى، لم تتوقف الجامعة اللبنانية عن العمل منذ بدء العام الدراسي الجاري في وقت تتناقص فيه رواتب الأساتذة وضماناتهم الصحية والاجتماعية بشكل كبير. أصوات الأساتذة المرتفعة، للإعلان عن عدم القدرة على الاستمرار، لم تُترجم إلى اليوم بأيّ تحرّك لأسباب متعدّدة، منها التساؤلات عن جدوى الإضراب وآفاقه. ومع انتخاب رابطة جديدة للأساتذة، عُلّقت الآمال عليها، وكان الامتحان الأول هو تفاعلها مع قرار وزير المال، يوسف الخليل، بإعطاء الأساتذة «بدل إنتاجية» يومي بقيمة 6.25 دولارات عن حضورهم إلى العمل من بداية آذار ولمدة أربعة أشهر (تقرير فاتن الحاج).
قرار استفزّ الأساتذة شكلاً ومضموناً، لما يحمله، بحسب قولهم، من «إهانة وإذلال» وضرب لمفهوم عمل الأستاذ الجامعي الذي تحول إلى مياوم. وسألوا: «مقابل ماذا يعطوننا الـ6 وربع؟ هل أصبح القيام بالواجب التعليمي والحضور إلى الكليات إنتاجية؟ وإذا كان البدل يتعلق بعملنا الاعتيادي فلماذا لا يضمّنونه في أساس الراتب؟».
أما مضمون القرار فملتبس، إذ ليس معلوماً ما إذا كانوا سيقبضون البدل بالدولار أو بالليرة اللبنانية، ووفق أي سعر صرف.
يأتي ذلك في ظلّ تدهور الرواتب هذا الشهر إلى النصف في ما لو صُرفت وفق سعر صيرفة 90 ألف ليرة بدلاً من 38 ألفاً، وانخفض معدل الرواتب الثلاثة من 396 دولاراً إلى 165 دولاراً.
وثمة من قال إنه «جرى إقرار الإنتاجية ليُسكتوا الأساتذة الذين قبضوا أول الشهر الجاري 10% من رواتبهم قبل الأزمة، وسيقبضون في بداية نيسان 5% من قيمة هذه الرواتب. وأشار البعض إلى أن الإنتاجية في نيسان وحزيران ستنخفض كثيراً نتيجة العطل.
وكانت دعوة للهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة بإصدار ولو موقف من القرار ومنهم من طالبها بإعلان العودة إلى الإضراب.
القرار، الذي يشمل الأساتذة والعاملين في الجامعة، اكتفى باشتراط أن يستفيد من البدل من يحضر إلى مركز العمل ثلاثة أيام أسبوعياً على الأقلّ.
بدل الانتاجية
من أين نبعت الـ 6.25 دولارات؟
تشير المصادر الإدارية إلى أن قرار وزير المال الرقم 199 بتاريخ 23 آذار 2023 يطبق المرسوم 11046 بتاريخ 15 شباط 2023، الذي يعطي وزارة التربية سلفة خزينة بقيمة 1050 مليار ليرة لتأمين دعم الأساتذة والمدرّسين والمتعاقدين والعاملين في المدارس والثانويات والمعاهد الفنية الرسمية والجامعة اللبنانية بجميع مسمياتهم. وبما أن قرار وزير التربية، عباس الحلبي، المتعلق بتسديد بدل إنتاجية للأساتذة والموظفين والعاملين في الوزارة يقضي بإعطائهم 125 دولاراً لأشهر آذار ونيسان وأيار وحزيران، فإن المصادر افترضت أن مبلغاً مشابهاً سيكون مرصوداً للأساتذة والموظفين في الجامعة اللبنانية، باعتبار أن الأستاذ يداوم 20 يوماً في الشهر. من الأساتذة الجامعيين من يتحدث عن أعمال جامعية خارج الدوام الرسمي مثل الإشراف على الرسائل وغيرها؟ تجيب المصادر أن كيفية احتساب بدل الإنتاجية في هذه الحالة يصبح تدبيراً داخلياً، وبالاتفاق مع مسؤول الفرع أو الوحدة. لكن هل سيقبض الأساتذة والموظفون المبلغ بالدولار أم لا؟ علماً أنه سبق لوزير التربية أن قال، في تصريحات إعلامية، إن البدل سيُدفع بالدولار الأميركي وعبر شركات تحويل الأموال، من دون أن يذكر قراره ذلك في ما بعد.
وعود ميقاتي للرابطة
من جهتها، قامت الرابطة بزيارة كلّ من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يوم الجمعة الفائت، ووزير التربية عباس الحلبي أمس، عارضة مطالب الأساتذة ومشاكل الجامعة.
في الاجتماع مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نهاية الأسبوع الماضي، تبلّغت الرابطة المنتخبة حديثاً، بحسب مصادرها، بأن بالمبالغ الإضافية التي ستُعطى لأساتذة الجامعة ستُرصد بالدولار وليس بالليرة اللبنانية، ومن ثم ستُصرف لهم وفق سعر صيرفة، علماً أن هذا الكلام تزامن مع مشروع المرسوم الذي كان مقرّراً عرضه على جلسة مجلس الوزراء الملغاة والتي كانت مقرّرة الإثنين الماضي. المرسوم يقضي بإعطاء بدل إنتاجية يعادل ما يلي بالليرة اللبنانية على سعر صيرفة: 300 دولار للفئة الأولى، 250 دولاراً للفئة الثانية، 200 دولار للفئة الثالثة و150 دولاراً للفئة الرابعة، و100 دولار للفئة الخامسة ومقدّمي الخدمات. كذلك وعد ميقاتي بصرف بدل نقل عادل من دون أن يحدّد القيمة، وبتغذية صندوق التعاضد.
وقد تكرّرت المطالب نفسها في اجتماع أمس مع وزير التربية، الذي حضره رئيس الجامعة أيضاً. وفيما وعد الحلبي بأنه سيسعى للعمل على تحقيق المطالب، أكد أن موضوع بدل الإنتاجية سيحلّ في أول جلسة لمجلس الوزراء، وسيحتسب وفق سعر صيرفة.
وكانت الرابطة أكّدت ضرورة أن تُكافأ الجامعة على مجهودها وخصوصاً أنها المؤسسة الوحيدة التي لم تقفل ولم تضرب منذ بداية العام الدراسي، مشدّدة على أهمية أن تُذكر الجامعة في كل المراسيم التي تصدر للقطاع العام، وأن لا تضطرّ في كلّ مرة أن تذكّر المعنيين بشمولها. وفي ظلّ إعلان الكثير من الأساتذة عدم قدرتهم على الاستمرار في التعليم، حضورياً كان أو عن بعد نظراً إلى ارتفاع أسعار المحروقات وبطاقات الإنترنت، نسأل مصادر الرابطة عن إمكان العودة إلى الإضراب، فتجيب: «الإضراب هو أحد السيناريوهات، لكن ليس منطقياً أن نجتمع مع رئيس الحكومة الجمعة ونضرب الإثنين».

 

الجمهورية
نيو ميقاتي سيسير على توقيته.. وعواصم القرار تضغط لتسمية مرشحين
مشهدية جديدة بعد فيلم «الساعة» المقيت، عاشها لبنان أمس، وكان مسرحها المجلس النيابي، وأبطالها اعضاء اللجان المشاركة الذين اجتمعوا لكي يبحثوا حلاً لأزمة تلوح في الأفق القريب جداً، تتمثل بالانتخابات البلدية التي تحتاج إلى اجراء قانوني في حالتين: تأجيلها (قرار حكومي او اقتراح قانون من المجلس النيابي) او إجراؤها (صرف اموال لها ايضاً عبر فتح اعتماد من مجلس النواب). لكن الجلسة تحوّلت «قلوب مليانة»، وانفجرت نتيجة الاحتقان الكبير الذي ولّدته «الساعة» التي قدّمت سيناريوهات كباش سياسي كبير، أصبح على الابواب، بعد تلاشي احتمالات التفاهم او تسوية لحل الأزمة وأخّرت معالجات داهمة يحتاجها لبنان أمس قبل اليوم….
وقالت مصادر حكومية لـ»الجمهورية»، انّ «العلاج الكيماوي لهستيريا الساعة الطائفية انتهى، لكنه ترك وراءه اثاراً جانبية على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الممتعض حتى «القرف»، حيث ألغى مواعيده في السرايا الحكومي التي كانت مقرّرة امس، ودخل في مرحلة تفكير وتأمّل تمهيداً لاتخاذ القرار». واضافت: «ما حصل دفع بميقاتي الى اتخاذ موقف حاسم، فالرجل على التوقيت الصيفي سيختلف عن التوقيت الشتوي، وسيعمل على مواقيته وعلى إيقاعه وليس على غيقاع الآخرين، فهو من يحدّد مسار الامور ولن يعمل بعد اليوم تحت تأثير او ضغط من احد، وليتحمّل الجميع المسؤولية». وكشفت، انّ رئيس الحكومة هو حالياً في مرحلة إعادة تفكير، على ضوء الخطاب الذي اطلقه من السرايا بعد جلسة مجلس الوزراء الاثنين، في انتظار ان يرى كيف ستتعامل القيادات السياسية، وما هو موقفها تجاه هذا الخطاب.
واكّدت المصادر، انّ ميقاتي قال للوزراء في الجلسة الاخيرة انّه لا يستطيع ان يحمل كل شيء، «ومن اليوم وصاعداً سأعمل على نمط آخر».
في الاطار نفسه، كشفت اوساط قريبة من ميقاتي لـ»الجمهورية»، انّه لم يداوم في السرايا الحكومي امس، بل أمضى وقته في مكتبه الخاص وسط بيروت، في إشارة إلى حجم انزعاجه من الوضع السائد نتيجة تخلّي غالبية القوى الداخلية عن مسؤولياتها واستسهالها اعتماد الخطاب الطائفي.
وأكّدت هذه الاوساط لـ«الجمهورية»، انّ ميقاتي كان قد ابلغ فعلاً إلى عدد من القريبين منه، بعد تفاقم أزمة الساعة وعوارضها الطائفية، انّه في صدد ان يسافر، أي الاعتكاف، ولكنه لم يلق تشجيعاً على قاعدة: «لمن تترك البلد؟». وأوضحت «انّ ميقاتي وحين لمس انّ الخطاب الطائفي يشتد، ويستولد خطاباً مضاداً رُصد في تغريدات ومواقف رجال دين مسلمين، امتلك شجاعة ان يتراجع عن تأجيل التوقيت الصيفي، واضعاً مبادرته في خانة «الفعل الوطني» الرامي إلى منع تفلّت الامور».
وأشارت الاوساط نفسها، إلى انّ ميقاتي لا يريد ان يسجّل على نفسه انّه ساهم في تغذية الخطاب الطائفي، فاتخذ قرار التراجع ضمن مجلس الوزراء، في دلالة من جهته الى انّه يريد ان يحافظ على مجلس الوزراء ودوره. واعتبرت انّ ميقاتي يعتبر انّ وجوده اليوم في سدّة المسؤولية يندرج في اطار الحفاظ على آخر ما تبقّى من شكل الدولة وهيبتها.
ولفتت الاوساط إلى انّ حكومة تصريف الاعمال هي نظام داخلي لا يزال مطلوباً خارجياً، ومن هنا سارعت عواصم عدة إلى الاستفسار عن احتمال اعتكاف ميقاتي، والحذر من تداعيات ذلك على الوضع اللبناني، إذ لا احد يريد ان تتفلّت الساحة اللبنانية.
وأشارت الاوساط إلى انّه «لا يُعقل ان تعمد قوى واحزاب كانت أساس المنظومة السياسية على مدى عقد ونصف من الزمن، إلى اتهام ميقاتي بما خّلفته هي في ادارة الدولة». وشدّدت على «أنّ ميقاتي الذي يحمل كرة النار وحده، سيكون خطابه سياسياً وليس طائفياً، لأنّ واقع البلد لا يتحمّل مغامرات ولا ادبيات من شأنها ان تعيده إلى مرحلة ما قبل اتفاق الطائف».
أجندة ميقاتي اليومية
وفي هذه الأجواء، نفت مصادر قريبة من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عبر «الجمهورية» مساء أمس، وجود أي قرار حتى اليوم في شأن موعد جديد لجلسة مجلس الوزراء لاستئناف البحث في المشاريع المقترحة لزيادة رواتب العاملين في القطاع العام والحوافز المقرّرة لهم، بعد تأجيل جلسة الاثنين الماضي إلى موعد غير محدّد.
ولفتت المصادر، إلى انّ الحديث عن مواعيد محدّدة لمجلس الوزراء يتحمّل مسؤوليته مطلق هذه المواعيد. فلا جلسة محدّدة للمجلس بعد، وعلى الجميع ان يدرك انّ «جدول اعمال رئيس الحكومة بات كل يوم بيومو وحسب الأجندة الخاصة به».
وعمّا إذا كانت هذه الآلية الجديدة تنمّ عن طريقة جديدة للتعاطي مع القضايا المطروحة عقب التطورات الاخيرة التي رافقت تجميد العمل بالتوقيت الصيفي وما تركته من ردّات فعل، لفتت المصادر إلى «انّ الامور ستتضح يوماً بعد يوم».
انفجرت في المجلس
في غضون ذلك، وفيما كانت الأجواء السياسية لا تزال مشحونة ومتوترة بفعل التصعيد الذي رافق عاصفة «التوقيت الصيفي والشتوي»، امتدت الشرارة إلى مجلس النواب، لينفجر خلاف حاد خلال جلسة اللجان النيابية المشتركة التي اجتمعت لتناقش 8 بنود، الّا انّها انتهت من دون مناقشة اي بند بسبب كثرة الإشكالات التي تجاوزت حدود التخاطب الاخلاقي.
فمع بدء الجلسة، تعالى الصراخ بفعل سجال دار بين النائبين ملحم خلف وغازي زعيتر على خلفية دعوة خلف إلى انتخاب رئيس جمهورية. فما إن دعا خلف النواب إلى انتخاب رئيس جمهورية حتى ردّ عليه زعيتر معتبراً كلامه «مش بالنظام». وارتفع سقف النقاش بينهما وشاركت فيه النائبة بولا يعقوبيان وتخلّله تبادل اتهام بالإجرام واستخدام بعض التعابير النابية.
ثم دار نقاش حاد بين رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميّل والنائب علي حسن خليل. وعقد الجميّل مؤتمرًا صحافيًا أكّد فيه «أنّ ما حصل خطير ومسّ بمقدّسات ولن يمرّ، واضعاً ما حصل بعهدة الرئيس بري». وقال: «إن أفصحت عمّا حصل سأكون مساهماً بفتنة يريد البعض جرّ البلد إليها، وهذا ما لا نريده، من هنا لن أتحدث عمّا حصل خلال الجلسة والذي كان يمكن أن يأخذ البلد إلى مكان آخر».
في المقابل، لفت خليل إلى أنّ «الانفعال الذي تكلّم عنه أحد الزملاء هو ما يولّد ردّات الفعل، وكان كلامي واضحًا، إذ قلت نحن كمجلس نيابي لا نتحمّل مسؤولية سحب الأموال من SDR، وإذا أحد رؤساء الأحزاب اقترح ذلك فليتحمّل هو المسؤولية». وتابع: «قصدت جعجع بتصريحه عن الـSDR منذ يومين ورئيس «الكتائب» النائب سامي الجميّل أصرّ أنّه هو المقصود وتكلّم معي بلغة تخطّت لغة الزمالة، فاستحقّ ردّة فعلي ليعلو الصراخ في المجلس». وأكّد أنّه «لن ينجرّ إلى خطاب الإنقسام في البلد».
وعُلم أنّه خلال المشادّة الكلامية قال الجميل لخليل «أنت مطلوب للعدالة، وأنا لا أردّ عليك»، ليردّ الأخير عليه: «إنت بتسكت، إنت مجرم إبن مجرم». ولاحقاً حصل اتصال بين رئيس المجلس نبيه بري والجميّل، وتمّ اتفاق على المعالجة ووضع الأمور في مسارها الطبيعي.
ولاحقاً صدر عن المكتب الإعلامي لنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بيان قال فيه: «على إثر السجال الذي حصل خلال جلسة اللجان المشتركة في مجلس النواب، صباح اليوم، تواصل نائب رئيس المجلس الياس بو صعب مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وأطلعه على تفاصيل ما حصل، فبادر بعدها مباشرة الرئيس بري واتصل برئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل مؤكّدًا له حرصه على معالجة ما حصل. كما طلب بري من بو صعب استكمال اتصالاته لإيجاد حل من شأنه أن يعالج الموضوع سريعًا». وأضاف: «على أثر هذه الاتصالات، زار بو صعب مقرّ حزب الكتائب اللبنانية في الصيفي، حيث اجتمع مع رئيس حزب الكتائب سامي الجميل واتفق معه على طريقة معالجة الموضوع. وبعدها، أجرى النائب علي حسن خليل اتصالًا بالشيخ سامي الجميل بصفته رئيس حزب الكتائب، معتذرًا منه على الكلام الذي صدر عنه، لا سيما بعدما تأكّد النائب خليل أنّ الكلام الاستفزازي الذي صدر بحقه لم يكن صادرًا عن رئيس حزب الكتائب. وأكّد خليل خلال الاتصال الذي شارك فيه بو صعب، كامل احترامه للشيخ سامي الجميل ولحزب الكتائب».
مرحلة جديدة
وعلى جبهة الاستحقاق الرئاسي، لم يُسجّل امس اي تطور بارز، وكأنّ المعنيين دخلوا في حال انتظار للحراك السعودي ـ الفرنسي الجاري في ضوء الاتصال الاخير بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.
وكشفت اوساط معارضة متابعة لملف الانتخابات الرئاسية لـ«الجمهورية»، انّ رؤساء الكتل النيابية والقوى المعنية تبلّغت من اوساط ديبلوماسية غربية بضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة من الترشيحات الرئاسية، لأنّ المرحلة الاولى بيّنت استحالة وصول أي من المرشحين المطروحين، وانّ هذه القوى في حال لم تبادر إلى الانتقال إلى لائحة من الترشيحات الجديدة فستتحمّل مسؤولية الشغور الرئاسي، وانّ القوى الغربية والعربية تضع ثقلها من اجل إتمام الانتخابات الرئاسية، وقد وصلت إلى خلاصة اساسية مفادها انّ الاستمرار في مربّع الترشيحات الحالي يعني استمرار الفراغ نفسه، ولذلك يجب على جميع هذه القوى الانتقال إلى خطة «ب»، في محاولة ان تكون المرحلة الجديدة مختلفة عن المرحلة الاولى، اي ان تشهد تقاطعات على الاسماء المطروحة، وانّ عواصم القرار جدّية جداً بممارسة أقصى الضغوط على هذه القوى من اجل ان تسمّي مرشحين ليصار إلى غربلتهم وايجاد التقاطعات بين القوى المختلفة على هذه الأسماء تمهيداً للوصول الى مرشح رئاسي، وانّ هذه المرحلة قد بدأت وجميع القوى قد تبلّغت، واي استمرار في تمسّك كل فريق بمرشح يعني استمرار الفراغ، الامر الذي لا يجوز، والمجتمع الدولي بدأ سلسلة اتصالات مواكبة مع ضغوط، وايضاً اتصالات اقليمية، لإبلاغ القوى المعنية بأنّ الشغور الرئاسي ممنوع وانّ هناك لائحة من الاسماء قيد التحضير، وسيُصار إلى عرضها على القوى المعنية في القريب العاجل.
مواقف
وفي المواقف السياسية، لفت امس موقف لرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد خلال احتفال تأبيني في محلة النويري في بيروت، حيث قال إنّ «لا أحد في لبنان يستطيع أن يدير شؤون البلد من موقعه الطائفي على حساب بقية المكونات، ولا أحد يطمح إلى ذلك على الإطلاق، كلنا نطلب شراكة ونسعى من أجل أن تكون الشراكة حقيقية قائمة على الإحترام المتبادل والمواطنية الصادقة وعدم التمايز والتمييز بين المواطنين، ليس هناك خيار ولا حلّ ولا طريق للخروج من مأزق الفراغ الرئاسي إلا بالتفاهم الوطني. نحن نمدّ أيدينا وما زلنا لهذا التفاهم، حتى ننقذ بلدنا ونتجاوز الأزمة التي نحن فيها».
ومن جهته تكتل «لبنان القوي» رحّب بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل بـ«تراجع الحكومة عن القرار الخاطئ بتجميد العمل بالتوقيت الصيفي، مما يؤكّد الموقف السليم للمتمسكين بمنطق الدولة». وقال: «بدل أن يلغي رئيس الحكومة مذكرة تجميد العمل بالتوقيت الصيفي بمذكرة مماثلة عملاً بتوازي الصيغ، أمعن في مخالفة الدستور وتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية، ولم يكن ليتجرأ لو أنّ الذين انتفضوا قبل أيام ضد مذكرة التوقيت، لم يسكتوا في الأساس على ادائه منذ توليه تصريف الاعمال». واعتبر أنّ «الإعتراض على ما حصل لا علاقة له بالطائفية، بل هو اعتراض على نهج متبع في سوء إدارة الدولة من خارج الأصول والدستور والميثاق»، ورفض «إلصاق أي تهمة طائفية لتكتل لبنان القوي ورئيسه». وقال إنّ «ما حصل في اللجان المشتركة من تشنج دليل خطورة على ما وصلت إليه الأوضاع في البلاد، ما يوجب التعقل وضبط الخطاب السياسي لمنع الإنزلاق الى التحريض الغرائزي والطائفي الذي يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه».
لجنة المؤشر
على صعيد آخر، قالت المصادر المتابعة، انّه لم يصدر بعد اي تأكيد رسمي عن اجتماع لجنة المؤشر الذي كان مقرراً غداً في وزارة العمل للبحث في زيادات جديدة للأجور في القطاع العام، ما لم تتضح القرارات الاخيرة التي يمكن ان تتخذها الحكومة في ضوء التقرير الذي وضعته وزارة المال لهذه الغاية، والذي قيل انّه يخضع لتعديلات جديدة بعد تأجيل جلسة الحكومة الاثنين الماضي.
وكانت التعديلات المقترحة قد توصلت بالاتفاق بين أطراف الإنتاج على تحديد الحدّ الأدنى للاجور بـ٤،٥ ملايين ليرة وزيادة بدل النقل الى 125 الف ليرة بدلاً من 95 الفاً ومضاعفة المنح المدرسية والتعويضات العائلية.

COMMENTS