افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 28 أيار، 2018

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 24 تشرين الأول، 2023
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 24 آذار، 2017
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 19 آب، 217

عدَّدَت الصحف العقبات التي تواجه الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي يبدأ وينهي اليوم استشارات نيابية غير ملزمة. ومن أبرزها خلافات ثنائي معراب على الحصة المسيحية في الوزارة الجديدة. حيث يكثر التلميح، بأنها ستؤدي، بل أدت إلى تفسخ الثنائي، وتتسبب بخروج "نصفه" إلى المعارضة. وبينما يسعى الحريري إلى الإلتفاف على مشكلة الثلث السني في المجلس النيابي، الذي يحق له بمقاعد وزارية، فإنه يواجه إصرار النائب وليد جنبلاط على "حقه" في كامل الحصة الدرزية. ومع ذلك، فلم تتبدد أجواء التفاؤل بقرب إعلان الإتفاق على التشكيلة الوزارية، ويقال أن السبب هو تفاهم بعبدا ـ عين التينة، الذي ازداد متانة بعد "سهرية" الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله أول من أمس …
بري ونصرالله: النسبية إلى الحكومة
الجمهورية
مخاض التأليف يبدأ اليوم… والأمم المتحدة لإبعاد شبح الحرب

ينطلق الرئيس المكلّف سعد الحريري اليوم إلى تأليف حكومته الثالثة، فيبدأ الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في مقرّ المجلس النيابي في ساحة النجمة، استشاراتٍ غير ملزمة مع الكتل والنواب، مستمزجاً إياهم الرأيَ في الحكومة العتيدة التي يطالب كثيرون بأن تكون «حكومة وحدة وطنية»، ويَستعجلون تأليفَها لكي تتفرّغ لمواجهة الخطر الذي يتهدّد أوضاع لبنان الاقتصادية والمالية قبل مواجهة الخطورة السائدة راهناً على الأوضاع الإقليمية.
ويلاحظ المراقبون أنّ استشارات التأليف الحكومي تتزامن مع اختلاط التعقيدات الداخلية اللبنانية بالتطوّرات الخارجية. ففي وقتٍ يتخوّف البعض من تأثير ما يَجري حالياً في الخارج، وتحديداً في الإقليم على التأليف، يرى البعض الآخر وجوبَ عدمِ الاستهانة بحجم التعقيدات الداخلية في ظلّ النزاع القائم حول الأحجام السياسية والطوائفية، خصوصاً في ضوء النتائج التي أسفرَت عنها الانتخابات النيابية الأخيرة.
ويُنتظر أن لا يدخل الرئيس المكلّف خلال استشاراته النيابية في التفاصيل، لكي لا يلتزم مسبَقاً بأيّ شيء، بل سيكون مستمعاً أكثر منه محاوراً. ويترافق كلّ ذلك مع رفعِ الكتل النيابية سقوفَ مطالبها التوزيرية، ووضعِ شروط مسبقة، وكذلك يتزامن مع رسمِ هيكلية الحكومة الجديدة، حتى قبل أن تبدأ الاستشارات.
وتتحدّث معلومات عن وجود نوع من الامتعاض في «الوسط السنّي» من «محاولة وضعِ اليد» على دور الرئيس المكلّف، لا بل على صلاحياته، ومِن أطراف مختلفة، ولا سيّما منها الشيعية والمسيحية، ما دفعَ بعضَ القريبين من الحريري إلى نُصحِه بضرورة رسمِ حدود صلاحياته، لأنّ الوضع السنّي لا يتحمّل مزيداً من اللكمات التي تتوالى عليه منذ التسوية الرئاسية حتى الآن، والتي بَرزت معالمُها في نتائج الانتخابات النيابية، سواء في طرابلس أو في بيروت.
وعلمت «الجمهورية» أنّ الحريري الذي يستعدّ لزيارة المملكة العربية السعودية بعد إنهاء استشاراته، ينطلق في مهمّته اليوم، من قاعدة أنّ الجميع يستعجل تأليفَ حكومة وحدة وطنية لتبصرَ النور في أسرع وقتٍ ممكن، خصوصاً وأنّ التحدّيات التي تواجهها البلاد تستوجب ولادةً حكومية سريعة. وبالتالي فإنّ الحريري يرى أنّ هذه الولادة يفترض أن لا تتأخّر طويلاً، خصوصاً أنّ نيّات الجميع بالاستعجال والتسهيل وعدم العرقلة، صادقة.
وفي المعلومات أيضاً أنّ الحكومة الجديدة ستكون إلى حدٍّ كبير كالحكومة الحاليّة التي تصرّف الأعمال. علماً أنّ الحريري الذي لم يتبلّغ رسمياً من أيّ طرفٍ سياسي أيَّ شيء بالنسبة إلى المطالب والأحجام، يرفض البناءَ على ما هو متداوَل إعلامياً، بل سيَستمع اليوم إلى مطالب الكتل والنواب، ولا نيّة لديه لعزلِ أو تحجيمِ أحد، بل سيَسعى إلى تأليف أفضل حكومة ممكنة، آخذاً في الاعتبار التوازنات القائمة بالمقدار المستطاع، وهو على هذا الأساس، سيتعامل مع تمثيل «القوات اللبنانية» انطلاقاً من حجمها التمثيلي الذي توسَّع في الانتخابات النيابية، وسيَسعى إلى إعطائها حصةً وازنة.
بعبدا مرتاحة
وعشيّة استشارات التأليف، أبدت مصادر القصر الجمهوري ارتياحها إلى «عبور البلاد المحطات والمراحل التي تحدَّث عنها الدستور لإعادة تكوين السلطة وتأليف الحكومة التي بها يكتمل عقدُ المؤسسات الدستورية في البلاد الواقفة الآن على قاب قوسين أو أدنى من ولادة «حكومة العهد الأولى» التي راهنَ عليها بعد الانتخابات وما انتهت إليه من ولادة قوى وتكتّلات نيابية تنبئ بمسارٍ جديد ستسلكه الأوضاع في المرحلة المقبلة».
وسخرت المصادر «من التشكيلات الحكومية التي تمّ تسريبها أمس»، ووصَفتها بأنّها «هزلية توحي بوجود دوائر ترغب بالتشويش على تأليف الحكومة الجديدة والإيحاء بأنّ هناك مطابخَ خارج هذه المؤسسات الدستورية». ولفتت إلى «أنّ الحديث المتنامي عن حصص وزارية لم ينتهِ بعد إلى صيغة نهائية وأنّ ما جرى حتى الآن لا يعدو كونه عرضَ مواقف وتمنّيات خارج إطار المؤسسات الدستورية».
الراعي
وفي هذه الأجواء، رسَم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خريطة طريق لتأليفِ الحكومة من دون أن يمسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو المجلس النيابي، فجاءت خريطة طريق وطنية شاملة لجميع الأطراف تتخطى الانقسامات.
فقبَيل سفرِه إلى باريس على رأس وفد كنَسي يضمّ مطران بيروت للموارنة بولس مطر والمطران بولس عبد الساتر، للقاءِ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غداً الثلثاء، وكذلك لقاء رئيسَي مجلس النواب والحكومة ورئيس مجلس الشيوخ وأبناء الجالية اللبنانية، ناشَد الراعي القوى السياسية «ضبطَ شهيتِهم عن مصالحهم التوزيرية، والنظرَ إلى مصلحة لبنان والتحدّيات الكبيرة التي يواجهها على مختلف الصُعد، فتتألف الحكومة في أسرع وقتٍ ممكن».
وقال: «نصَلّي اليوم لقيامِ الدولة القادرة والمنتِجة عندنا في لبنان، ومن أجلِ تأليف حكومة جديدة سياسية وتكنوقراطية متكاملة ومتفاهمة، تكون على مستوى التحديات التي أشار إليها فخامة رئيس الجمهورية في مأدبة الإفطار في القصر الجمهوري الأربعاءَ الماضي، وهي الوحدة الداخلية وإعطاءُ الأولوية للمصلحة الوطنية، إقرارُ خطة للنهوض الاقتصادي، وضعُ أسسٍ عملية لحلّ مشكلة النازحين السوريين المتفاقمة؛ مكافحة الفساد المستشري في إدارات الدولة».
ودعا إلى إجراء «الإصلاحات في القطاعات والهيكليات الإدارية والمالية، وتحديثها»، معتبراً أن هذه «إصلاحات تعهّدت بها الحكومة اللبنانية أمام الدول الداعمة والمانحة، وخصوصاً في مؤتمر CEDRE بباريس في 6 نيسان الماضي، فضلاً عمّا طُولِب به في مؤتمر روما (15 آذار) وبروكسيل (24-25 نيسان).. وأثنى على الفعاليات الاجتماعية التي أنشَأت «حركة الأرض» انطلاقاً من مبادئ وثوابتَ وطنية تعني جميعَ اللبنانيين، وقد أشار إليها المجمعُ البطريركي الماروني (2003-2006) في نصٍّ خاص بعنوان «الكنيسة المارونية والأرض».
«الحزب»
في هذا الوقت، أكّد «حزب الله» بلِسان النائب حسن فضل الله، أنّ «أوّلَ يوم للبدءِ بالحديث الجدّي عن التشكيلة الحكومية هو الاثنين»، ونفى «وجود أيّ توزيع أو تشكيلات لوزارات كما يُتداوَل».
من جهتِه، أعلن الشيخ نبيل قاووق أنّ الحزب «يستعدّ لمشاركة فاعلة وقوية ووازنة في الحكومة الجديدة»، وجدّد «التمسّكَ باستراتيجية التكامل بين الجيش والمقاومة»، مشيراً إلى «أنّ المقاومة تستعدّ وتُحضّر لتصنعَ نصراً أكبر مِن أيار العام 2000 وأكبر من تمّوز العام 2006».
«اللقاء الديموقراطي»
ودعا عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل أبو فاعور إلى «الابتعاد عن المنطق والمناخ الانقلابيَين، كما سبقَ وعبَّر عن ذلك عددٌ مِن القوى السياسية سابقاً، والانقلابِ على الحقائق والتوازنات السياسية في البلاد»، مشدّداً على أنّ «أيَّ حكومةٍ مقبلة يجب أن تحترم نتائجَ الانتخابات النيابية». كذلك شدّد على وجوب «أن لا يتمّ استغلال شعار أو فكرةِ حكومة وحدة وطنية لإعادة توزير أو افتعالِ بعضِ الكتل النيابية والانقلاب على نتائج الانتخابات»، معتبراً «أنّ الكتل الخُلّبية والمبتدعة أو الكتل التي صُنعت في ذات ليل لا مكانَ لها في منطق حكومة الوحدة الوطنية الحقيقي التمثيلي».
الأمم المتّحدة
وسط هذا المشهد، بَرزت أمس محادثات أممية في إيران، حيث التقت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيلا دايلر كاردل وزيرَ الخارجية محمد جواد ظريف والمساعدَ الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي أمير حسين عبد اللهيان.
واعتبرَت كاردل «أنّ الانتخابات النيابية الأخيرة في لبنان كانت إنجازاً كبيراً، لكنّها ليست نهاية المهمّة، وينبغي أن نكون قادرين على المساعدة في استقرار لبنان».
وأكّدت «أنّ تحقيق التنمية الاقتصادية في لبنان وحماية اللاجئين السوريين من ضِمن أولوياتها»، آملةً في التوصّل إلى «اتفاقٍ شامل في إطارٍ سياسيّ حول هذه القضايا». وأشارت إلى عدمِ وجود ضمانات بعدم وقوع حربٍ أخرى في الظروف الراهنة، وقالت: «يجب أن نعمل جنباً إلى جنب مع الإجماع العالمي لاتّخاذ قراراتٍ صائبة ومنعِ نشوبِ حربٍ جديدة في المنطقة». واعتبَرت «أنّ تطوّرات المنطقة مترابطة، وينبغي أن تسعى دولُ المنطقة إلى إبعاد شبحِ الحرب عن لبنان وعدمِ السماح بتورّطِه في الأزمات الإقليمية».
مِن جانبه أكّد ظريف «تطلُّعَ إيران ورغبتَها في تعزيز الاستقرار والأمن في لبنان»، مشيراً إلى «ضرورة احترام تصويتِ الشعب اللبناني ورغبتِه».
بدورِه، اعتبَر عبد اللهيان «أنّ الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والسعودية تحاول من خلال تحالفها إثارةَ أزمةٍ جديدة في المنطقة». وأبدى ارتياحَه إلى نجاح الانتخابات الأخيرة في لبنان، وقال: «لحسنِ الحظ ومِن خلال حكمة المسؤولين اللبنانيين، نشاهد مرحلةً من الهدوء والاستقرار والتفاهم بين التيارات السياسية في هذا البلد، ولهذا السبب فقد أُجريَت الانتخابات اللبنانية الناجحة في أجواء هادئة، وإنّ نتائجَها تأكيد لسيادةِ العقلانية والحكمة في لبنان، ويَحدونا الأمل في أن تؤلّف الحكومة اللبنانية في أقصر فترةٍ ممكنة».
إسرائيل
وفي المقابل، أعلنَت إسرائيل أنّها لن تسمح بإنتاج سلاحٍ في لبنان أو استقباله في سوريا. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يعمل على إحباط تحويلِ «الأسلحة الفتّاكة من سوريا إلى لبنان أو إنتاجها في لبنان».

الأخبار
بري ونصرالله: النسبية إلى الحكومة
معركة التأليف: 7 عقد أمام الحريري

هو اللقاء الأول من نوعه بينهما منذ حوالى خمس سنوات. لم يدم الإعداد له سوى ساعات قليلة. ما إن انتهى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من إطلالته التلفزيونية، يوم الجمعة المنصرم، لمناسبة عيد التحرير، حتى كان يستعد لموعده مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. لقاء يتبدّى الجزء العاطفي منه في عناق الرجلين والثقة العالية التي صارت تحكم علاقتهما، بحضور «الأمينين» على العلاقة بكل أسرارها وخفاياها، المعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للسيد نصرالله الحاج حسين الخليل.
استمر اللقاء من قرابة التاسعة من مساء يوم الجمعة الماضي حتى قبيل منتصف ليل الجمعة ـــ السبت، ودشّنه السيد نصرالله بمقاربة واسعة للمشهد الإقليمي، من بوابته السورية، إلى العراق واليمن وإيران وصولاً إلى فلسطين. قبل أن يلاقيه الرئيس بري بقراءة تقاطعت في الكثير من عناوينها، خصوصاً أن الجانبين، وإن بنسب متفاوتة، يطلان على عدد من الملفات، بينها الملف العراقي.
لا قلق من التهديدات الأميركية أو الإسرائيلية، خصوصاً في مرحلة ما بعد خروج الأميركيين من الاتفاق النووي. توقف الرجلان عند أبعاد «ليلة الصواريخ» (بين العدو الإسرائيلي والجيش السوري) وما تحمله من أبعاد استراتيجية غير مسبوقة، فضلاً عن احتمالات ما بعد إنجاز معركة تحرير دمشق من كل البؤر المسلحة التي كانت تهددها، ولا سيما الوجهة الحتمية للنظام باتجاه الجنوب السوري. كذلك قاربا ملف النزوح السوري من زاوية ضرورة عودة النازحين إلى المناطق التي سيطر عليها الجيش السوري وباتت آمنة.
بعد قراءة نتائج الانتخابات النيابية، خصوصاً في ظل ما حققه «الثنائي» في معظم الدوائر، ومن ثم انتخابات رئاسة المجلس النيابي وهيئة مكتب المجلس وتكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة، لم تحتج مقاربة بري ونصرالله لموضوع الحصة الشيعية في الحكومة لأكثر من دقائق، وعنوانها تمسك الجانبين هذه المرة بالحصول على المقاعد الشيعية الستة في الحكومة الثلاثينية، مناصفة (3 وزراء لأمل و3 وزراء لحزب الله ونقطة على السطر)، فضلاً عن حسم موضوع المالية الذي لم يجادل به أصلاً لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة المكلف. وترك الجانبان للرئيس بري مهمة إدارة ما يخصّهما من ملف التأليف الحكومي، على أن يقدم الحزب اقتراحاته بخصوص الأسماء، وقال السيد نصرالله لبري: «عندما تنجز مهمة تحديد الحقائب، لن نختلف على الباقي»، في إشارة واضحة إلى أن الطرفين سيتفاهمان لاحقاً على توزيع الحقائب وتحديد الأسماء، خصوصاً أن الحزب قرر الفصل بين الوزارة والنيابة.
وفي هذا السياق، تبدى بشكل واضح أن رئيس الحكومة المكلف ارتكب «فاولاً» سياسياً، عندما استعجل خلال جولته على رؤساء الحكومات السابقين القول إن حزب الله وفق معلوماته لن يسمّي وزيراً ممن شملتهم العقوبات الأميركية أو السعودية (…)، فالحزب لم يحدد خياراته الوزارية، وكان الحريّ برئيس الحكومة أن ينأى بنفسه وبمهمته من هذه الإشكالية. ففضلاً عن أن الحزب لم يقل كلمته بعد، ماذا يمنع مثلاً أن يبادر الأميركيون والسعوديون إلى وضع اسم أي وزير يسميه الحزب في الحكومة المقبلة على لائحة الإرهاب، فهل سيطلب الحريري من الحزب تسمية بديل له في اليوم التالي؟
توقف بري ونصرالله مطولاً عند معاني وأبعاد اللقاء الذي عقد بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس غداة الانتخابات النيابية، وما يمكن أن يرتّبَ من أثر مستقبلي على العلاقة بين هاتين المرجعيتين، خصوصاً في ظل المقاربة الجديدة على مستوى عدد من الملفات الاستراتيجية. في هذا السياق أيضاً، فوّض السيد نصرالله الرئيس بري أن يتولى إدارة ملف الاستراتيجية الدفاعية عندما يطرح مجدداً على طاولة الحوار الوطني برئاسة رئيس الجمهورية، وخصوصاً أن العهد بدأ يتعرض لضغوط دولية في اتجاه إعادة وضعها على جدول الأعمال السياسي اللبناني في المرحلة المقبلة.
واتفق الجانبان في اللقاء على وجوب أن تكون حكومة الوحدة الوطنية الجديدة «موسعة وتعكس إلى حدّ كبير صحة التمثيل النيابي في ضوء نتائج الانتخابات النيابية، وما أفرزته في جميع البيئات (ضمناً وجود عشرة نواب من خارج بيئة المستقبل)»، ما يعني تقسيم المقاعد الوزارية وفق آلية «نسبية».
ناقش الجانبان مطولاً الملف الاقتصادي والمالي والاجتماعي (قدم وزير المالية علي حسن خليل مداخلة مطولة في هذا السياق)، واتفقا على «مقاربة شاملة ومعمقة للملفات الاقتصادية والمالية والإدارية، حيث تم التأكيد على العمل الجاد لمحاربة الفساد، وتم الاتفاق على الآليات المناسبة لمتابعة هذه الملفات»، ومن بين هذه الآليات وجوب تفعيل المؤسسات الرقابية، مثل هيئة التفتيش وديوان المحاسبة ومجلس شورى الدولة وإدارة المناقصات، فضلاً عن احترام آلية التعيينات التي أقرّها مجلس الوزراء سابقاً باقتراح من وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش، وذلك وفق آلية تعطي دوراً محورياً لمجلس الخدمة المدنية بما يؤدي إلى إفراز الكفاءات والحدّ من المداخلات السياسية والطائفية، حتى إن بري ونصرالله اتفقا على أنهما سيحترمان هما أولاً على مستوى بيئتهما تطبيق هذه الآلية على مستوى وظائف الفئة الأولى في الدولة.
ووفق مصادر الطرفين، فإن كل مفردة تضمّنها البيان الصادر عن الاجتماع تعكس المضمون الدقيق للاجتماع، وخصوصاً في الشق السياسي (الحكومي) والاقتصادي والاجتماعي.
ووفق البيان الذي وزعه حزب الله عن اللقاء، فقد استعرض الطرفان «الأوضاع العامة في المنطقة وما يجري على الساحة الفلسطينية بشكل خاص، مؤكدين على الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في نضاله الوطني بكافة الوسائل. كذلك جرى نقاش معمق في الملفات الداخلية، حيث أبدى الطرفان تقييمهما الإيجابي لنتائج الانتخابات النيابية والمشاركة الشعبية الواسعة التي أكدت الالتزام بخيار المقاومة وبناء الدولة ومؤسساتها والمشروع السياسي الذي يحمله حزب الله وحركة أمل وحلفاؤهما».
بري لـ«الأخبار»: استعجال التأليف الحكومي
وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري اللقاء الذي عقد بينه وبين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، «بعد طول غيبة»، بأنه «كان ممتازاً جداً»، وقال لـ«الأخبار» أنا والسيد حسن نصرالله متفقان إلى حد التطابق في غالبية العناوين التي تطرقنا إليها، سواء الإقليمية أو المحلية، وفي الأولوية منها وجوب الاستعجال في تأليف الحكومة الجديدة.
ورداً على سؤال، قال بري أنا في الأساس من أكثر المتحمسين والمنادين بوجوب محاربة الفساد وعدم التهاون في هذه القضية، خصوصاً أننا أمام مخاطر تهدد الجميع من دون استثناء.
وإذ شدد على تجذر ورسوخ العلاقة بين حركة أمل و​حزب الله، جدّد بري القول: «أنا والسيد ​حسن نصرالله​ جسدان في قلب واحد».
معركة التأليف: 7 عقد أمام الحريري
في الشكل، يبدأ اليوم الحراك الحكومي مع البرنامج الطويل للمشاورات النيابية غير الملزمة، بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وجميع الكتل والنواب المستقلين في مجلس النواب. في المضمون، يصح القول إن الحراك الحكومي بدأ حتى من قبل تكليف الحريري الذي يُتوقع منه أن يتجاوز سبع عُقد تواجه التأليف، مع تأكيد غالبية المعنيين أن الحكومة ستُبصر النور في غضون أسابيع قليلة.
في اليومين الماضيين، رُميَت تشكيلات وزارية كثيرة، كما رُميَت صيغ للحصص السياسية لمعظم الكتل النيابية، فضلاً عن «العهد». إذا وُضعت كلها جانباً، وإذا نأى المتشائمون بأنفسهم عن التأليف، أين يمكن أن تبرز بعض «العقد السياسية» التي يمكن أن تعرقل مسار التأليف؟
أولاً، العقدة المسيحية: يصح القول فيها إنها الأبرز، لاعتبارات عدة، منها تنوع التمثيل المسيحي وعدم حصريته، فضلاً عن حصة العهد، وعمرها من عمر كل حكومات ما بعد الاستقلال، ولا سيما حكومات الجمهورية الثانية.
إذا كانت الحكومة المرتجاة هي حكومة وحدة وطنية، فإن ذلك يقود حتماً إلى البحث عن أوسع تمثيل مسيحي، بحيث تكون معظم الكتل التي فازت في الانتخابات ممثلة حكومياً. وإذا تم اعتماد معيار الثلاثة نواب، قاعدة للتمثيل الوزاري، فإن هذه المعادلة تسري مسيحياً على أحزاب التيار الوطني الحر (18 نائباً حزبياً و11 للعهد بينهم ثلاثة نواب يمثلون الطاشناق)، القوات اللبنانية (15 نائباً)، الكتائب (ثلاثة نواب)، المردة (ثلاثة نواب)، الحزب السوري القومي الاجتماعي (ثلاثة نواب مسيحيين هذه المرة)، كتلة المستقبل (ثلاثة نواب مسيحيين هم هادي حبيش وهنري شديد ونزيه نجم).
إذا قرر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري شطب كل مكوّن يقل عن أربعة نواب، يكون قد حرر نفسه، أولاً من تسمية وزير مسيحي، وبالتالي، قطع الطريق أمام تمثيل القوميين والكتائب، أما المردة، فلا يمكنه تجاوزهم لأنهم بانضمام فريد هيكل الخازن، صاورا يمثلون كتلة من أربعة نواب مسيحيين، بالإضافة إلى تحالفهم مع ثلاثة نواب آخرين هم فيصل كرامي وجهاد الصمد ومصطفى الحسيني.
يمكن كسر هذه المعادلة إذا قرر رئيس الحكومة أن يستثني نفسه منها، بإصراره على أن يتمثل بوزير مسيحي على الأقل، باعتبار ذلك حقاً من حقوق رئيس الحكومة المكلف، فيكون قد قطع الطريق على الكتائب التي لن تجد إلا الرئيس نبيه بري يتضامن معها، ومن بعدها الحزب القومي الذي سيستنجد، في حالة كهذه، بحلفائه جميعاً، ولا سيما حزب الله، للفوز بمقعد وزاري، وعندها، سيكون حزب الله محكوماً هذه المرة بجواب افتراضي: من حقك أن تتمثل كحزب، لكن ليس من الحصة الشيعية هذه المرة. هل يتطور موقف الحزب لاحقاً إلى حدّ القول إنه لا يشارك في حكومة لا يتمثل فيها الحزب القومي، أم يعتبر أن أولوية التأليف، وبشروط الحد الأدنى، قد تجعله يصرف النظر عن مشاركة القوميين في الحكومة؟
تبقى هناك عدة نقاط مرتبطة بما يسمى «العقد المسيحية»، أولاها، ماذا إذا قرر سليمان فرنجية أن يسمي فريد هيكل الخازن وزيراً مارونياً عن «التكتل الوطني» وليس وزيراً ينتمي إلى تيار المردة، هل يوقّع رئيس الجمهورية مرسوماً حكومياً كهذا؟
ثانية العقد، متصلة بالنسب والتناسب، بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية: إذا كان التيار يرى أن من حقه أن يتمثل بستة وزراء (الكتلة الأكبر مسيحياً)، ويصرّ على عدم إعطاء القوات اللبنانية أكثر من «حجمها الطبيعي»، أي ثلاثة وزراء في الحد الأقصى، وليس بينهم بطبيعة الحال موقع نائب رئيس الحكومة (المحسوم على الأرجح للنائب إلياس بو صعب)، ولا أي حقيبة سيادية (لا الدفاع ولا الخارجية على قاعدة أن الداخلية ستبقى في عهدة تيار المستقبل)، هل يمكن أن يمضي رئيس الحكومة بحكومة إذا قررت القوات أن لا تشارك فيها احتجاجاً على الحصة التي ستعطى لها (مقاعد وحقائب)؟
ثالثة العقد مرتبطة بحصة التيار الوطني الحر والعهد: من يضع الحد الفاصل بين الحصتين، خصوصاً أن العهد يتمثل عملياً بالكتلة النيابية للتيار، لا بل إننا للمرة الأولى منذ الطائف حتى الآن أمام معادلة «رئيس الجمهوري القوي»، أي الرئيس الذي يمتلك كتلة نيابية وازنة وأساسية. فهل ما يسري على الياس الهراوي وإميل لحود وميشال سليمان يسري أيضاً على ميشال عون، أم أنه صار للرئاسة مضمونها المختلف الآن؟ وهل يمكن أن تتعدى حصة العهد المقاعد المسيحية (استنساخ تجربة ميشال سليمان أيضاً)؟
رابعاً، العقدة الدرزية: إذا صحت فرضية أن «تركيب» كتلة للنائب طلال أرسلان هدفها ضمان توزيره في الحكومة الجديدة، من ضمن حصة رئيس الجمهورية، فإن ذلك سيثير إشكالية مفتوحة أصلاً: هل هناك من يريد اللعب بـ«البيت الدرزي»، وبالتالي الإخلال بتوازنات الجبل؟ وماذا لو قرر وليد جنبلاط أن لا يتمثل في الحكومة إذا حُرم من حق تسمية الوزراء الدروز الثلاثة؟ وهل يملك العهد فائضاً من المقاعد المسيحية، حتى يعرض على جنبلاط مقعداً وزارياً مسيحياً؟
خامساً، العقدة الشيعية: لا عقدة شيعية حقيقية في ظل توافق حزب الله وحركة أمل على اقتسام المقاعد مناصفة، لكن ما يصح هنا، ويسري على باقي المكونات، سيكون مرتبطاً بطبيعة الحقائب التي سيحصل عليها الطرفان، خصوصاً في ظل مطالبة حزب الله بأن يتمثل هذه المرة بشكل مختلف عن السابق. حتى إن الحديث عن قبول الحزب بجوائز ترضية من نوع وزارة دولة لشؤون مكافحة الفساد أو وزارة دولة لشؤون التخطيط، يبدو حتى الآن، في معرض الاجتهاد أكثر منه تعبيراً عن موقف الحزب الحقيقي. طبعاً، أسهم في تذليل العقدة الشيعية، بشكل مبكر، التسليم للرئيس نبيه بري ببقاء وزارة المال ضمن حصة الطائفة الشيعية.
سادساً، العقدة السنية: بطبيعة الحال، سيكون للرئيس الحريري أن يسمي أغلبية الوزراء السنّة، لكنه يواجه معضلة عشرة نواب سنة أفرزتهم الانتخابات النيابية من خارج لوائحه، إلا إذا استثنينا منهم النائب الاشتراكي بلال عبدالله حليف تيار المستقبل انتخابياً. هؤلاء يحق لهم نظرياً أن يتمثلوا بوزيرين في الحد الأقصى، وبوزير في الحد الأدنى، فهل سيقبل رئيس الحكومة بذلك؟ وماذا إذا اشترط رئيس الجمهورية أن يكون له الحق في تسمية وزير سنّي من خارج هذا الفريق الذي فاز في الانتخابات النيابية؟
سابعاً، عقدة «الفيتوات»: في الحكومة السابقة، أدى «الفيتو» على الوزير علي حسن خليل إلى تثبيته في وزارة المالية. لذلك، لم يتجرّأ التيار الوطني الحر على وضع «فيتو» على اي اسم في العلن. يسري ذلك أيضاً على العهد، لكن ثمة سؤال، ماذا إذا صحت فرضية «الفيتوات»، وآخرها تهديد الوزير الياس بو صعب المبطّن للوزير ملحم رياشي بوضع «فيتو» على ترشيحه للحكومة، من خلال تغريدته التي قال فيها «كان أفضل لو صام الشاطر عن الكلام حفاظاً على نجاحه بملف مهم، لكن وبعد ما قرأناه اليوم أقول غلطة الشاطر بألف». تسري عقدة «الفيتوات» أيضاً على الحريري، خصوصاً في ضوء ما نقل عنه قبل أربعة أيام من أنه لن يضع تشكيلة وزارية فيها وزير ينتمي إلى «سنّة 8 آذار»!

اللواء
الحريري يبدأ اليوم رحلة التأليف بين ألغام المحاصصة والتوازنات
شهوة الإستيزار عند «التيار الوطني» تُعقِّد التفاوض.. و«القوات» تتمسّك بالحقيبة السيادية

تستبعد مصادر واسعة الاطلاع ان يطرأ على المشهد التأليفي، ما من شأنه ان يُشكّل مفاجأة للرئيس المكلف سعد الحريري، الذي سيبدأ عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، رحلة الاستشارات النيابية، لتشكيل الحكومة، وفقا للمادة 46، في سباق مع الوقت، لم تفرضه أية تطورات خارجية، سوى حاجة اللبنانيين لحسم، ما يجب ان يحسم، من زاوية: إنجاز التأليف بأسرع وقت ممكن، وعلى قاعدة حكومة وفاق، مماثلة لتوازنات الحكومة التي تصرف الأعمال اليوم، وجاءت ضمن «التسوية الرئاسية» غداة انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 ت1/ 2016.
يتسم المشهد الانتخابي في صورته التي سبقت الجلوس في المجلس النيابي، للاستماع إلى رؤية ومطالب الكتل النيابية بالترقب، وأكثر الترقب الحذر، ويتسم ايضا بالتجاذب حول حصة كل كتلة، ونوعية الحقائب التي تنشدها، أو تسعى إليها.
وفي حين يحرص الرئيس الحريري على التوازن وتمثيل الكتل كافة، وفقا للمعاير التي راعت تأليف الحكومة المستقيلة، تتحدث جهات على اطلاع على مقاربة مباينة إلى حدّ غير صدامي في بعبدا تنطلق من قواعد ثلاث:
1 – تمثيل الكتل حسب الاحجام..
2 – حصة وزانة للرئيس، بما في ذلك حقيبة سيادية.
3 – مهلة غير مفتوحة لإنجاز إصدار المراسيم بحكومة وحدة وطنية، إذا امكن، والا بحكومة غالبية، على ان تتجه القوى التي لم تمثل الى المعارضة، مع وضع «فيتو ما» على عودة بعض الوزراء في الحكومة المستقيلة..
وبين الرؤيتين: بدأت تتدافع المطالب، والمتاعب: 1 – الثنائي الشيعي بعد جلسة الساعات الخمس بين الرئيس نبيه برّي والسيّد حسن نصر الله، حدّد طريقه: المالية لعلي حسن خليل (حركة «امل») ثلاثة وزراء لحزب الله، والباقي تفاصيل.
2- الرئيس الحريري يواجه صعوبة تمثيل النواب التسعة السنة الأخيرين، وان كان هناك شخصيات ستتمثل من خارج نواب المستقبل، سواء بسيدة أو أكثر من طرابلس وبيروت.
3 – «القوات اللبنانية» تخوض مع التيار الوطني الحر لعبة التنافس، مَن يأخذ ممن.. وتدل التغريدات (الوزير ملحم رياشي) (الوزير جريصاتي) (الوزير باسيل) (النائب السابق فادي كرم)، على عمق الخلافات والسجالات، عبر «تويتر» تكشف عن حجم التباعد والخلافات. كل ذلك على جبهة التأليف الحكومي، ورفض التيار الوطني الحر تقاسم الحقائب المسيحية مع «القوات اللبنانية».
4 – النائب السابق وليد جنبلاط عتب بالرد على تحالفات الأمير طلال أرسلان بالمطالبة بكل الحصة الدرزية (ثلاثة وزراء بالتمام والكمال).
الملف الحكومي
وبحسب مصادر وزارية فان الملف الحكومي سينطلق بزخم أكبر بدءا من اليوم حيث تتوضح الصورة بشأن توزيع الكتل في الحكومة الجديدة، ولفتت إلى أنه حين يبدأ هذا التوزيع يميل المشهد إلى حقيقته أما تسهيلا أو تعقيدا خصوصا أن المطالب تعلن لجهة الاشتراك في الحكومة وإسناد الحقائب وغير ذلك.
 وأوضحت المصادر أن من أطلق الوعد بتسهيل مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري يجب أن يبقى على وعده ويبقى التخوف من وضع بعض الكتل الشروط المتصلة بحصولها على هذه الوزارة، أو تلك مع العلم أن هناك قاعدة تم ارساؤها وهي أن تعكس الحكومة التمثيل الذي ترجمته الانتخابات النيابية التي جرت مؤخراً.
وفي تقدير مصادر سياسية مواكبة لعملية تأليف الحكومة، ان مطالب الفرقاء بالتوازي وبالحصص الوزارية لن تتضح في شكل نهائي قبل ان تنتهي الاستشارات الرسمية التي سيجريها الرئيس المكلف سعد الحريري مع الكتل النيابية، والتي يبدأها في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، وتنتهي في الرابعة والدقيقة 20 عصراً، بحسب شريط استشارات التأليف الذي إذاعته الأمانة العامة لرئاسة مجلس النواب، بحيث أعطيت لكل كتلة نيابية ربع ساعة من الوقت و10 دقائق للنواب، وذلك بهدف تحديد شكل الحكومة وتوزيع الحقائب على القوى السياسية فيها، بناء لنتائج الانتخابات النيابية التي أفرزت وقائع جديدة من حيث بعض الاحجام والتوجهات والتحالفات السياسية، لا بد من أخذها في الاعتبار في عملية التأليف.
لكن مصادر رسمية رفيعة المستوى متابعة عن كثب لاتصالات التشكيل، اكدت لـ«اللواء» ان لا نية لدى الفرقاء حسب الظاهر في تعقيد التشكيل، وان رغبة رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف هي في تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تُقصي احداً إلاّ من رغب في إقصاء نفسه واعتماد المعارضة البرلمانية. وان الرئيس عون قد وضع بالتفاهم مع الرئيس الحريري عناوين عامة منطلقا للبحث في تشكيل الحكومة تعكس حقيقة الاحجام.
وتضيف المصادر: ان الجو المتشنج بين «التيار الحر» وبين «القوات اللبنانية» برغم تصاعده خلال يومي العطلة عبر «تويتر» وسواه من مواقع ومنابر اعلامية، ما زال قابلا للاستيعاب والحل، خاصة ان رغبة الرئيس عون هي تلافي التعقيدات في تشكيل الحكومة واستيعاب الكل وقد يتدخل لحل العقد، لا سيما بين طرفي «تفاهم معراب».
وتشير المصادر الى ان البحث التفصيلي في تشكيل الحكومة لن يبدأ قبل البت في مسألة تمثيل القوى السياسية كل حسب حجمها السياسي والشعبي الذي افرزته الانتخابات، ومن ثم يبدأ البحث في توزيع الحقائب، علماً ان موضوع المداورة في توزيع الحقائب لم يجرِ البحث به مطلقا حتى الآن.
عقدتان في الظاهر
وبحسب هذه المصادر، فإن الظاهر من العقد أو العقبات التي تواجه التأليف، يكمن في عقدتين: الاولى: تتعلق بالخلاف بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» على الحصة المسيحية من التوزير والحقائب، بالإضافة إلى إشكالية حصة رئيس الجمهورية، التي يعتبرها البعض تكريساً لعرف غير دستوري، لا ينسجم مع ان لرئيس الجمهورية كتلة دعم وتيار سياسي.
والثانية تتعلق بالتمثيل الدرزي، إذ يطالب الحزب التقدمي الاشتراكي بحصر اختيار الوزراء الدروز الثلاثة في حكومة ثلاثينية بمن يسميهم رئيس الحزب وليد جنبلاط من دون تمثيل النائب طلال أرسلان. إلا ان الأمر بالنسبة لهذه النقطة قابل للتفاوض، بحيث يحصل «اللقاء الديمقراطي» على حقيبتين للدروز وحقيبة ثالثة لشخصية سنية، والاغلب ستكون مسيحية إذا وافق جنبلاط على ذلك، «انطلاقا» من مبدأ ومنطق يعتمده الآخرون، وهو ان التمثيل الأكبر يكون للطرف الأقوى في طائفته التزاماً بالميثاقية الوطنية، والسياسية والطائفية التي يطرحونها هذه الأيام بحسب تعبير المصادر.
اما عقدة التمثيل المسيحي، فقد تولت من «شهوة الاستيزار» لدى «التيار الحر» الذي يطالب لنفسه بحصة وزارية لا تقل عن سبعة وزراء، خارج حصة رئيس الجمهورية، فيما تتطلع «القوات» إلى تمثيل أكبر من تمثيلها في حكومة تصريف الأعمال الحالية (ثلاثة وزراء قوات ووزير حليف هو ميشال فرعون) وهي طالبت بتوزيع التمثيل مناصفة بين الثنائي المسيحي اسوة بالمناصفة في تمثيل الشيعي.
وأكدت مصادر «القوات اللبنانية» رغبتها في تسهيل وتسريع تشكيل الحكومة اسوة ببقية القوى السياسية، لكنها ترفض فرض وقائع عليها لا تناسب مصلحتها وحجمها التمثيلي المتنامي، وتتمسك بتمثيلها حسب الاحجام والتوازنات القائمة في الساحة المسيحية وفقا لما افرزته الانتخابات، وبالتالي هي سترفض منطق «التيار الحر» بالاستحواذ على معظم الحصة المسيحية ومنح البقية للقوى الاخرى.. مشيرة إلى انها لم تعد متمسكة بمنصب نائب رئيس الحكومة بمقدار تمسكها بالحصول على حقيبة سيادية و3 حقائب أخرى أساسية استناداً إلى مضاعفة كتلتها النيابية.
  وتوضح مصادر «القوات» انها ستبقى على تواصل مع المعني بالتشكيلة وهو الرئيس المكلف وليس مع «التيار الحر» فقط، باعتبار ان القرار النهائي عنده ويتوافق عليه مع رئيس الجمهورية.
وفي هذا السياق، انتقد عضو كتلة «القوات» النائب انيس نصار امس، في حديث صحافي، كلام رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل المتكرر عن الأحجام، سائلا: «من خوّل باسيل تحديد حجم القوات؟» وقال: انه جرت في السابق العادة ان تكون لرئيس الجمهورية حصة وزارية كي تكون له كلمة في مجلس الوزراء، بينما اليوم يختلف الوضع باعتبار ان الرئيس عون لديه كتلة وازنة وبالتالي لا داعي لأن يكون له وزراء آخرون من خارجها.
وكان الخلاف المبكر على التمثيل المسيحي تصاعد أمس الأول عبر سجال متجدد بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» بعد تغريدة على «تويتر» لوزير الإعلام ملحم رياشي تحدث فيها عن «نمرود… أسقطه العلي من الأعلى فمات مسحوقاً». فردّ عليه رئيس «التيار الحر» جبران باسيل قائلاً: «كل واحد لازم يكتفي بحجم تمثيلو مش أكتر، وراح يتمثّل، ولن ينفعهم نق بالداخل واستقواء بالخارج»… وكرت سبحة الردود والردود المقابلة، في مؤشر إلى صراع على الأحجام في التركيبة الحكومية العتيدة.
عقد في كل الطوائف
وفيما أكدت مصادر مواكبة لاتصالات التأليف، ان لا عقدة شيعية، ولا مشكلة على صعيد التمثيل السني الذي سيُعهد به إلى الرئيس الحريري الذي تضم كتلته ثلثي النواب السنّة في البرلمان، تزامنا مع طرح تسريبات إعلامية مسألة توزير بعض الشخصيات السنّية الحليفة لسوريا أو «حزب الله» قالت مصادر أخرى، ان توزير نواب سنّة معارضين للحريري على هذا الشكل قد يطرح احتسابهم من الحصة الشيعية، ويقود إلى اختيار الحريري وزراء من الشيعة في حصته بدلا منهم، وهو أمر سيؤدي إلى بروز مشكلة في التوزير الشيعي والسني معاً، فضلا عن مسألة التمثيل المسيحي حيث ستبرز مشكلة رغبة حزب الكتائب في المشاركة بالحكومة، بعدما سمت كتلته الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، رغم ان كتلة الكتائب لا تضم سوى ثلاثة نواب، ما يخالف الرأي القائل، بأن يتم توزير كل كتلة يتجاوز عدد أعضائها الأربعة نواب، ومن شأن إعطاء الكتائب وزيرا في الحكومة الجديدة ان يُفاقم المشكلة داخل القوى المسيحية، بحيث تختل التوزيعة التي يرسمها «التيار الحر» في خططه للتشكيلة الحكومية.
وثمة مسألة اخرى تتمثل في امكانية توزير شخصية من الكتل الاخرى مثل «التكتل الوطني» الذي يضم سبعة نواب من تحالف «كتلة المردة» وكتلة «الكرامة الوطنية» وكتلة «قلب القرار»، وهي تضم تشكيلة طائفية ومناطقية وسياسية متنوعة، وهو امر يمكن ان يعيد كتابة كل السيناريوهات المكتوبة سلفا للحكومة العتيدة, في حال طلب «المردة» ان يتمثل بالنائب فريد هيكل الخازن أو النائب فيصل كرامي.
على ان اللافت، وسط كل هذه المشكلات كان القرار المشترك الذي اتخذه الرئيس نبيه برّي في لقائه المطوّل مع الأمين العام «لحزب الله» السيّد حسن نصر الله، مساء الجمعة الماضي، لمناسبة عيد «المقاومة والتحرير»، حيث تقرر ان يكون تمثيل الحزب هذه المرة مختلفا عن تمثيله في الحكومات السابقة، لجهة رغبته بالحصول على حقائب وازنة ومقبولة، مع رغبته الاكيدة في تسهيل تشكيل الحكومة وعدم وضع اي عراقيل امامها، لكن هذا الامر في حال إصرار ثنائي «امل» والحزب على التمثيل بكل الحصة الشيعية (6 وزراء)، اي ان طرف اخر لن يتمكن من الحصول على وزير شيعي، الا في حال قرر الرئيس بري التنازل عن وزير شيعي والتفاوض على توزير شخصية سنية او مسيحية او حتى درزية من تكتله.
لقاء بري- نصر الله
وبحسب معلومات «اللواء» فإن لقاء بري- نصر الله والذي استمر 5 ساعات كاملة، في حضور المعاون السياسي لبري وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل، افضى إلى اتفاق على ثلاث نقاط رئيسية:
– الاتفاق على تشكيل سريع لحكومة وحدة وطنية موسعة تعكس التمثيل الصحيح، على ان تكون حصة الثنائي الشيعي 6 حقائب توزع بينهما بالتساوي.
– الاتفاق على الآليات المناسبة لمتابعة الملفات الاقتصادية والمالية والإدارية، والتأكيد على العمل الجاد لمحاربة الفساد.
– الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في نضاله الوطني بالوسائل كافة.
وتخلل اللقاء، وفق ما جاء في بيان العلاقات الإعلامية في الحزب، «نقاش معمّق في الملفات الداخلية» وأبدى الطرفان تقييمهما الإيجابي لنتائج الانتخابات النيابية والمشاركة الشعبية الواسعة التي أكدت الالتزام بخيار المقاومة وبناء الدولة ومؤسساتها والمشروع السياسي الذي يحمله «حزب الله» وحركة «امل» وحلفاؤهما».
وكان السيّد نصر الله، نفى في كلمة ألقاها مساء الجمعة لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، مطالبة الحزب بحقيبة سيادية، أو وضع شروط على الحريري، مشيرا الى ان هذه الحقيبة ستكون من حصة الرئيس برّي، مؤكدا ان العقوبات الأميركية والخليجية على الحزب لن تؤثر في تأليف الحكومة، مشيرا إلى تفاهم الحزب مع حركة «امل» على توزيع الحقائب حين يتفق عليها، ولن تكون هناك مشكلة.
وكشف نصر الله ان قيادة الحزب شكلت ملفا لمكافحة الفساد، وعينت مسؤولا عنه هو النائب حسن فضل الله يعمل تحت نظر الأمين العام للحزب الذي سيتابع هذا الملف بشكل مباشر، مكررا قرار الحزب بالفصل بين الوزارة والنيابة، لكن أكّد ان هذا القرار لا يلزم احداً».
الحريري
اما الرئيس الحريري، فلم يشأ خلال جولته التقليدية على رؤساء الحكومة السابقين، يوم الجمعة، بدءا بالرئيس سليم الحص ثم الرئيس نجيب ميقاتي، فالرئيس فؤاد السنيورة وانهاها بزيارة الرئيس تمام سلام، التأكيد عمّا إذا كانت حكومته الجديدة ستبصر النور عشية عيد الفطر السعيد، الا انه تساءل «لمَ لا..؟» مؤكدا انه «يعمل لهذا الغرض ليل نهار».
وأشار إلى ان وجود «القوات» في الحكومة هو قيمة مضافة في مجلس الوزراء، آملا بأن يتفاهم مع الجميع، ويكون لكل فريق حصة، مؤكدا في الوقت نفسه ان تيّار «المستقبل» سيفصل الوزارة عن النيابة، نافيا في هذا الصدد وجود خلاف مع الوزير نهاد المشنوق، أو توزير نادر الحريري من حصة رئيس الجمهورية، كما نفى ان يكون قد تفاجأ بتسمية الرئيس ميقاتي له، قائلاً: كنت اعلم لأنه كانت هناك رسائل غير مباشرة بيننا، وان شاء الله يكون الود في طريقه للعودة.
ورأى الحريري انه ليس لديه مشكلة في تمثيل وزراء سنّة من خارج تيّار «المستقبل»، إذا كانت هناك مصلحة للبنان في ذلك، داعيا إلى اعتماد المداورة ليس فقط في الوزارات بل في كل شيء، متسائلاً: «لماذا نحصر الحقائب الأساسية بالطوائف الاساسية»؟ (راجع التفاصيل ص 2).
القانون 10 السوري
في غضون ذلك، شكلت الرسالة التي وجهها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، إلى نظيره السوري وليد المعلم، في شأن التداعيات السلبية المحتملة للقانون رقم 10 الذي صدر في سوريا، في ما يتعلق بنزع الملكية من النازحين السوريين، أو اتصال رسمي لبناني معلن بالحكومة السورية، وان كان هدفه الاعراب عن قلق لبنان من تداعيات هذا القانون، من ان تعيق شروط تطبيقه عودة عدد غير قليل من هؤلاء النازحين إلى مناطقهم.
وإذ أكّد باسيل الذي ارسل رسالة مماثلة في هذا الشأن إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس، على القانون السوري في تشجيع الكثير من النازحين السوريين، الا انه أوضح ان الاجراءات المتعلقة بالمراسيم التطبيقية للقانون ومهلة الثلاثين يوماً التي تليها لمالكي العقارات غير كافية، وبالتالي فانه حذر من عدم قدرة النازحين عملياً على الإدلاء بما يثبت ملكيتهم خلال المهلة المعطاة قد يتسبب بخسارتهم لملكياتهم وشعورهم بفقدان الهوية الوطنية، ما يؤدي إلى حرمانهم من أحد الحوافز الرئيسية لعودتهم إلى سوريا.
وأكد باسيل في رسالته إلى المعلم وغوتيرس عزم السلطات في لبنان العمل بشكل فوري وحازم لاعتماد سياسة لبنانية مترافقه مع اجراءات عملية تؤدي الى تأمين العودة المرغوبة للنازحين السوريين وتشجيعها.
(راجع التفاصيل ص 2)

البناء
استراتيجية ترامب بعد نصف عام: إيران مرتاحة مع أوروبا… وبومبيو يهرول إلى كوريا
الجيش السوري يواجه شرقاً داعش ويستعدّ لدرعا… وساترفيلد يعرض مبادرة للجنوب
بري ونصرالله لخريطة طريق… والحريري لـ «حكومة وفاق» بمعادلات الحكومة الحالية

مطلع حزيران يكون قد مضى على الاستراتيجية الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب ستة شهور. وهي الاستراتيجية التي قامت على ثنائية، الانسحاب من التفاهم النووي مع إيران، والسير بالسرعة القصوى لتفاهم نووي مع كوريا الشمالية، فيحقق ترامب بذلك صورة الرئيس القوي الذي يوحي بالقدرة على الإنجاز التفاوضي في الملف الأصعب، حيث سلاح نووي جاهز ومصوّب إلى واشنطن، ويضع إيران تحت الضغط فيرضي الكيان السعودي وكيان الاحتلال، كحليفين ثابتين في المنطقة، بعدما أعلن نهاية زمن التسويات للقضية الفلسطينية بإعلان القدس عاصمة لكيان الاحتلال، والتمسك بمعادلة سُمّيت بصفقة القرن عنوانها تسوية بلا قدس وعودة، ودولة على غزة وحكم ذاتي في الضفة، وضمن التأييد السعودي لها.
حاصل الشهور الستة يبدأ في فلسطين بنهوض فلسطينيّي الأراضي المحتلة عام 48 في أوّل حزيران لسلسلة بشرية تصلهم بغزة، وتليها سلسلة استحقاقات على طريق الانتفاضة الشاملة، أهمّها سيكون يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان، يوم القدس العالمي كما أعلنه الإمام الخميني مؤسّس الجمهورية الإسلامية في إيران ودأبت على إحيائه فلسطين وعشرات العواصم الإسلامية في العالم وعدد من جاليات الاغتراب.
في الملف النووي الإيراني، كما في الملف الكوري الشمالي تلقّى ترامب صفعتين قويتين، فبعد أسابيع من الانسحاب الأميركي من التفاهم، والمشاورات الإيرانية الأوروبية الروسية، تعلن إيران بلسان رئيسها ارتياحها للتفاهمات التي تمّت مع أوروبا تحت عنوانَيْ، الحفاظ على قدرتها ببيع حصتها الحالية في سوق النفط العالمية، ومواصلة معاملاتها المصرفية بصورة طبيعية. وفي أوروبا القضية تتخطى المصالح الاقتصادية، فشعور قادة أوروبا أنها تقف أمام تصرّف غير مسؤول لرئيس الدولة الأعظم في العالم التي يفترض أن تتولى ضبط الأمن العالمي. فما فعله ترامب هو أنه رمى قفاز الملف النووي الإيراني بوجه أوروبا دون بديل يجيب على سؤال: كيف نمنع إيران من العودة لتخصيب مرتفع لليورانيوم إذا ألغينا التفاهم؟ وكيف نتفادى مواجهة امتلاك إيران لأوّل قنبلة؟ والجواب الأميركي باهت وضعيف طالما أنّ الحرب غير واردة، ويقتصر على القول إنّ على أوروبا التصرّف واللحاق بالعقوبات الأميركية، ليجد الأوروبيون أنّ الدفاع عن التفاهم بات مسؤوليتهم عن الأمن القومي لأوروبا الواقعة في مدى الصواريخ الإيرانية، التي ستصير دولة عدوّة إذا التحقت أوروبا بالموقف الأميركي، بينما الحفاظ على التفاهم يحول دون الخروج الإيراني منه، ويضمن علاقة حوار حول القضايا الأمنية والسياسية الثنائية والإقليمية، إضافة لما يضمنه من تحقيق أهدافه بإبعاد إيران عن امتلاك القنبلة الأولى.
أما في الملف الكوري فكانت الصفعة لوجه ترامب بالإعلان الكوري الشمالي عن عدم الحماس للقمة التي اتفق على عقدها بين الرئيس الأميركي وزعيم كوريا الشمالية في سنغافورة في الثاني عشر من الشهر المقبل، وبعد محاولات أميركية لإبقاء القمة على قيد الحياة، وفي ظلّ عدم وجود تجاوب كوري شمالي، خرج الرئيس الأميركي يعلن إلغاءها، ليكتشف استمرار البرود الكوري الشمالي، فيعود لتوسيط كوريا الجنوبية لنقل الضمانات والعروض، ويعيد إرسال الوفود ويتوّجها وزير خارجيته مهرولاً إلى كوريا لتأمين عودة القمة إلى قيد الحياة.
في سورية يعيش الأميركيون الارتباك نفسه بين لغة العنجهية، وواقع محدودية وسائل منع تقدّم مسار تحرير الجغرافيا السورية الذي يختطه الجيش السوري منذ تحرير حلب ويواصله بلا توقف. وقد خرجت قمة سوتشي بين الرئيسين الروسي والسوري بما يتضمّن مشروعاً للجمع بين السياسي والعسكري، تحت عنوان مواصلة التحرير. وجاءت العمليات السورية في محيط دير الزور شرقاً على مواقع داعش بالتزامن مع التحضيرات الحثيثة لحسم وضع الجنوب السوري بعد بيان غرفة المصالحة الروسية في حميميم عن سقوط اتفاق منطقة خفض التصعيد، ولم تكَد التهديدات الأميركية تصدر بوجه الجيش السوري حتى ألحقها نائب وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد بعرض تسوية تتضمّن سحب آلاف المسلحين إلى إدلب وضمان انتشار الجيش السوري حتى الحدود الأردنية وضمان فتح المعابر الحدودية السورية الأردنية، مشترطاً أن تكون منطقة الحدود خالية من أيّ وجود لحزب الله وإيران. بينما تشترط موسكو، كما تقول مصادر متابعة، تفكيك قاعدة التنف الأميركية بعد تحوّلها نقطة خلفية للجماعات المسلحة ومركزاً لتخريب تفاهمات التهدئة والتسويات.
لبنانياً، يبدأ الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري الاستشارات النيابية اليوم، بعد كلام واضح لكلّ من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن السعي لحكومة وحدة وطنية تحترم نتائج الانتخابات النيابية وتقوم على تمثيل الكتل الفائزة بما يعادل حجمها النيابي. وبعد لقاء ثنائي جمع الرئيس بري والسيد نصرالله، وضع ما يمكن تسميته بخريطة طريق لتسهيل ولادة الحكومة الجديدة بشروط تضمن فاعليتها وتلبيتها لما تفرضه الاستحقاقات، المتصلة خصوصاً بالحفاظ على الاستقرار السياسي ورفع الإنتاجية في الحكومة والمجلس النيابي، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي وأولوية مكافحة الفساد، حيث قالت مصادر مطلعة إنّ تفاهماً تاماً جرى حول آليات عمل مشتركة في ملف مكافحة الفساد تشريعياً وإجرائياً، كما تمّ التفاهم على ضرورة إنشاء وزارة فاعلة للتخطيط، والتمسك بإسناد حقيبة المالية للثنائي الذي اتفق على ترك التسمية للرئيس بري.
في مناخ الرئيس المكلف، أمام تعقيدات كيفية التملّص من توزير اللون الآخر في الطوائف السنية والدرزية والمسيحية، دعوة عبّرت عنها مقدمة نشرة تلفزيون «المستقبل» لحكومة وفاق وطني بدلاً من حكومة الوحدة الوطنية، والفارق هو بحصر التمثيل الرئيسي بالقوى الكبرى في الطوائف، ومنحها حق الفيتو على كلّ تمثيل آخر من خارجها، وبصورة تعتمد توازنات الحكومة الحالية كأساس. فالتمثيل السني من خارج تيار المستقبل في الحكومة الحالية عبر الوزير طارق الخطيب تمّ من حصة رئيس الجمهورية وبرضا الحريري وموافقته. وهذا يمكن تطبيقه، وفقاً لمصادر قريبة من الحريري، بالمجيء بالنائب طلال أرسلان وزيراً، وبمن يمثل النواب السنة الذين فازوا من خارج تيار المستقبل، عبر النائب فيصل كرامي وزيراً، ويجري الحفاظ على توازنات التمثيل الأخرى في الحكومة الجديدة كما جاءت في الحكومة الحالية، فتصير مشكلة تمثيل القوات اللبنانية محلولة، ومثلها وزارة المالية، وتمثيل تيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي.
مصادر متابعة تقول إنّ هذا الطرح المتداول في الأوساط القريبة من رئاسة الحكومة وإغراءاته، إذا كان يحلّ مشكلة الرئيس المكلف مع الطلب القواتي المدعوم سعودياً، ويُرضي رغبته باستبعاد الاعتراف بأنّ الفائزين من طائفته خارج تياره السياسي هم ثلث ممثلي الطائفة، فمن الصعب بل شبه المستحيل أن يحظى بقبول رئيس الجمهورية الذي صرّح مراراً أنه يريد حكومة عهده الأولى بعد أوّل مجلس منتخب في عهده لتكون تعبيراً عن نتائج هذه الانتخابات لا لتكون نسخة مكرّرة عن الحكومة التي تنتقل لتصريف الأعمال. وقال الرئيس عون إنها ليست حكومة العهد الأولى، كما أنّ تحالف حزب الله وحركة أمل الذي وضع ثقله لإقرار قانون انتخابي على أساس النسبية وصرّح علناً أنّ أحد أهدافه هو إنصاف حلفائه في سائر الطوائف ليس بوارد إجهاض نتائج الانتخابات تحت شعار التسهيل لمهمة رئيس الحكومة. والتيار الوطني الحر الذي يتصرف على قاعدة اعتبار ما قبل الانتخابات غير ما بعدها لن يقبل بمناصفة منحها للقوات ثمناً لتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية، ولا القبول بتكريس ثنائية تستنسخ الثنائية الشيعية يبشر بها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع دون توافر شروط مشابهة بالأحجام والأوزان التي أظهرتها الانتخابات رغم تحسّن وضع القوات، فالمعادلة التي لا تزال متفوّقة وتحظى بشبه إجماع هي حكومة وحدة وطنية تمثل الجميع وفقاً لمعادلة حاصل التمثيل النيابي.
الحريري يبدأ اليوم رحلة التأليف
بعد تكليفه بشبه إجماع نيابي وسياسي، يبدأ الرئيس سعد الحريري اليوم رحلة التأليف بمشاورات مع الكتل النيابية في المجلس النيابي، حيث يستمع الى مطالب الكتل وعدد ونوع الوزارات التي تريدها ورؤيتها للحكومة المقبلة ليبني بعدها تصوّراً أولياً لتشكيلة الحكومة التي حُسِم بأنها ستكون وحدة وطنية وثلاثينية تُمثل فيها مختلف القوى السياسية في البرلمان بحسب حجمها، وفقاً لمعايير اتفق عليها الرؤساء الثلاثة.
وعلى الرغم من المناخ الوفاقي والتوافقي الذي يظلّل البلاد منذ لقاء بعبدا بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وانتخاب الأخير رئيساً للمجلس النيابي وتكليف الحريري لتشكيل الحكومة، لكن عملية التأليف دونها عقبات داخلية عدة. وأبرزها:
صراع الثنائي المسيحي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على الحصص والتصعيد المتبادل في المواقف بين الطرفين ما يُوحي بأن أياً منهما لن يتنازل للآخر عمّا يعتبره يتناسب مع حجمه النيابي لا سيما الحقائب الخدمية كوزارة الشؤون الاجتماعية والصحة والطاقة المياه. ومن العقد التي ستواجه الرئيس المكلّف أيضاً هي الوزير الذي سيتولى وزارة المال، علماً بأنها حُسِمت لحركة أمل وتنتظر أن يسمّي الرئيس بري اسم الوزير الذي سيتولاها، لكن هل سيتمسك الرئيس بري بالوزير علي حسن خليل أم سيدخل اسم الوزير في إطار التسوية بين الرئيسين عون وبري؟ لكن مصادر حركة أمل تؤكد أن خليل سيكون وزيراً في الحكومة المقبلة بمعزل عن الوزارة التي سيتولاها.
الجرّاح للداخلية وأرسلان للدفاع؟
علاوة على ذلك تظهر مشكلة تمثيل الكتل النيابية الصغيرة وتوزير شخصيات سنية ومسيحية ودرزية من فريق 8 آذار من خارج الكتل النيابية الكبرى!
وفيما تجزم مصادر الحزب الاشتراكي بأن رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط متمسّك بالحصة الدرزية، تشير بأنه إذا أراد أحد الأطراف توزير شخصية درزية فليعطِه من كيسه، وحينها يأخذ الاشتراكي وزيرين من الطائفة الدرزية ووزير ثالث مسيحي.
ويتم التداول في الكواليس السياسية ببعض الأسماء المطروحة للتوزير ومنها السيدة ميراي عون لوزارة الاقتصاد واحتفاظ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بوزارة الخارجية وسيزار أبي خليل للطاقة والمياه و4 وزراء آخرين للتيار الوطني على أن يكون النائب طلال أرسلان وزير دولة من حصة رئيس الجمهورية كما يتمّ التداول بأن حزب الله سينال 3 حقائب لها علاقة مباشرة ببناء الدولة ومكافحة الفساد وبالقطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة.
في ما يتجه تيار المستقبل الى تسمية وزير الاتصالات جمال الجراح لوزارة الداخلية والبلديات مكان وزير الداخلية نهاد المشنوق. وعلى الأغلب أن تكون السعودية وراء هذا التبديل لاعتبارات سياسية لكن مصادر تحذّر من تسلّم الجراح وزارة أساسية وحيوية وأمنية وهو الذي لم ينجح في وزارة الاتصالات وتحوم حولها شبهات الفساد. وقالت مصادر في تيار المستقبل لـ»البناء» إن «المستقبل لم يحسم بعد أسماء وزرائه بانتظار مسار التأليف وكيفية التوزيع وحسم الرئيس سعد الحريري، لكنها أشارت الى أن «المستقبل لا يتمسّك بأي حقيبة إن اعتمد مبدأ المداورة في الحقائب، لكن في حال تمسّكت الأحزاب الأخرى بحقائب معينة، فنحن لن نتخلى عن حقيبة الداخلية»، مشيرة الى أنه «في حال أراد التيار الوطني الحر الحصول على الداخلية فنحن نريد بالمقابل وزارة الخارجية. الأمر الذي سيرفضه حزب الله الذي لا يثق بوزير للخارجية من تيار المستقبل في ظل الخلاف السياسي مع الحزب على السياسة الخارجية». ورفضت المصادر «مقايضة الداخلية بالدفاع»، وأكدت أن «الوزير نهاد المشنوق لن يكون وزيراً في الحكومة العتيدة انطلاقاً من مبدأ فصل النيابة عن الوزارة الذي اعتمده التيار والحلّ الوحيد لعودته الى الوزارة هو استقالته من النيابة وهذا غير وارد عنده». ونفت المصادر أن «يكون الحريري تخلّى عن المشنوق وبالتالي لا يعني استبعاده من الوزارة خلافاً مع الرئيس المكلف، إذ لا وزارة مطوّبة باسم أحد». وعن انسحاب المشنوق من كتلة المستقبل ومواقفه التصعيدية، أشارت المصادر الى أن «المشنوق هو مَن يحدّد إذا كان سيبقى أم سيخرج من الكتلة وليس التيار».
ولفتت المصادر الى أن «الرئيس المكلف محرج بين حليف الأمس القوات وحليف اليوم التيار الوطني الحر، إذ سيعمل على إيجاد حل وسط يُرضي الطرفين، لكنه سيكون بالتأكيد أقرب الى التيار والرئيس عون حيث العلاقة معه ضرورية لإنجاح تشكيل الحكومة ويُقرّب العهد الى الوسطية. كما أن العلاقة مع القوات استراتيجية ومن هنا سيكون من الصعب التوفيق بينهما في تركيبة الحكومة إلا إذا تدخل الرئيس عون ومنح من كيسه للقوات. وهذا ربما لن يتحقق ما يعني أن أمد تشكيل الحكومة طويل».
اشتعال جبهة «التيار» – «القوات»
وفي سياق ذلك، اشتعلت مجدداً على جبهة «التيار» «القوات» التي تحاول دائماً تظهير نفسها على أنها الضحية، وأنها تواجه العزل بهدف تحقيق مكاسب أكبر في «الكعكة الحكومية» واستجداء الخارج لدعم مطالبها والضغط على الرئيس المكلف، رغم أن المعايير المعتمدة تحدّد حجم التمثيل «القواتي» بما يتناسب مع الحجم النيابي، وقال رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل، على «تويتر»: «العزل» صار خبرية بيلجأوا لها للاستعطاف وللاستحصال على زوائد سياسية… ولا في «عزل» ولا في شي، في أنو كل واحد لازم يكتفي بحجم تمثيلو مش أكتر ولح يتمثل، وما رح ينفعهم لا اتصالات واجتماعات ولا شكوى ونقّ بالداخل. وأكيد ما لح يفيدهم الاستقواء بالخارج».
في المقابل حمل نائب «القوات» السابق فادي كرم على باسيل بشدّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً: «وزير باسيل هل تعتقد أنك مالك الجمهورية»، مضيفاً: «تلفيقاتك لم تعد تنفعك وأكبر دليل نتائج الانتخابات الأخيرة التي اضطررت فيها أن تستعين بمجموعة كبيرة من المستقلين كي تغطي ضعفك».
وأشار إلى أن «باسيل عمل على عزلنا، وعندما لم ينجح تراجع، وهو مهزوم، وكأن شيئاً لم يكن»، قائلاً: «ما حدا كان سامع فيك لو منك غطا للخارج وسلاح الخارج».
مصادر «القوات» لفتت لـ «البناء» الى أنه «من الطبيعي أن تنال القوات حصة وزارية هامة وأن يؤول منصب نائب رئيس مجلس الوزراء إلى التيار الوطني الحر وإما للقوات لأنهما أكبر كتلتين مسيحيتين، لكن من المفترض أن يذهب الى القوات على اعتبار أن التسوية الرئاسية أفرزت هذا الاتفاق والتوزيع، لا سيما أن القوات لديهم 4 نواب أرثوذكس وهم وهبي قاطيشا وعماد واكيم وأنيس نصار وسيزار المعلوف، أما بالنسبة للحقائب السيادية فتضيف المصادر بأن «القوات تدرك بأنها لن تحصل على أي منها لأنها ستواجه برفض من بعض القوى كما حصل في الحكومة الماضية لا سيما من حزب الله، لكن اللقاء الذي حصل بين الرئيس عون ورئيس القوات سمير جعجع كان إيجابياً، وبالتالي سنحصل على حقائب خدمية، علماً أننا لن نتحدّث عن نوع هذه الحقائب إلا بعض اللقاء مع الرئيس المكلف».
لكن أوساط سياسية ترجّح بأن يقرّر الرئيس عون إبقاء منصب نائب رئيس الحكومة مع القوات مقابل عدم توليها أي حقيبة سيادية.
نصرالله: العقوبات لن تؤثر على التشكيل
ويبدو أن حزب الله سيعمل على تسهيل تأليف الحكومة رغم حجب كتلة الوفاء للمقاومة أصواتها عن الحريري، إذ لم يظهر من كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أي مطالب تعجيزية أو شروط كما توهّم البعض، فأعلن نصرالله أن «حزب الله لن يطلب وزارة سيادية عندما يلتقي مع الرئيس المكلف سعد الحريري ، بل نريد أن يكون لنا وجود فاعل في الحكومة وعندما تُحسم الحقائب سنتفاهم مع حركة أمل على هذا التوزيع، ولن يكون هناك أي مشكلة». ونفى صحّة الحديث عن أن العقوبات ووضع حزب الله على لائحة الإرهاب سيعقد تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أننا نستعجل تشكيل الحكومة كما كل الأفرقاء من أجل مصلحة البلاد وليس من أجل الأوضاع الحاصلة أو خوفاً من أي شيء آخر.
وأكد أن هذا الحصار ليس بجديد، معتبراً أن المؤذي في العقوبات الأميركية الجديدة هو المسّ بالناس، ومشدداً على أن الدولة اللبنانية مسؤولة أمام المواطنين الذين طالتهم العقوبات الأميركية الجديدة.
ونبّه السيد نصر الله من أن العقوبات الأميركية الجديدة تأتي في سياق مسار أميركي خليجي للانتقام من داعمي المقاومة في أوروبا وأفريقيا، مشيراً إلى أن من أهداف هذه العقوبات الضغط على البيئة الحاضنة للمقاومة بشكل مباشر والضغط على الأصدقاء والحلفاء وقطع مصادر التمويل للمقاومة في لبنان.
وإذ دعا إلى تشكيل حكومة قوية فاعلة وجدية تتابع كل الملفات وتتمثل فيها كل الكتل السياسية على أن تأتي هذه الكتل ببرامجها الانتخابية معها لتصدق مع الناس، طالب السيد نصرالله بإيجاد وزارة تخطيط لكي لا نعمل فقط بشكل يومي، مؤكداً تصميم حزب الله على مكافحة الفساد ووقف الهدر في خزينة الدولة.
وحثّ نصر الله على وجوب خوض معركة وطنية واسعة وشاملة في مواجهة الفساد وليس مواجهة حزبية فقط أو مذهبية، مذكّراً بأن قيادة حزب الله شكّلت ملفاً لمكافحة الفساد وعيّنت مسؤولاً له يعمل تحت نظر الأمين العام لحزب الله الذي سيتابع أيضاً بشكل مباشر، معلناً اختيار النائب حسن فضل الله ليكون مسؤولاً لهذا الملف الذي سيكون مركز الإسناد وتقديم المقترحات والمتابعة مع كل بنية حزب الله في هذه المعركة الوطنية.
وأوضح السيد نصر الله أن معركتنا في مكافحة الفساد معركة جدية وكبرى. وهي تكمل ما حصل في تحرير عام 2000، لأن لبنان ذاهب إلى الانهيار اذا استمر الوضع على ما هو عليه في الفساد والهدر، مبدياً الانفتاح على التعاون مع بعض الأفرقاء الذين قد نختلف معهم استراتيجياً في مكافحة الفساد.
لقاء بري نصرالله: المقاومة وبناء الدولة
وفي غضون ذلك، خطف لقاء السيد نصرالله والرئيس بري الأضواء، لا سيما أنه يأتي غداة انتصار المقاومة وخياراتها في الانتخابات النيابية وإعادة انتخاب بري رئيساً للمجلس، وفي ظل احتفال لبنان في عيد المقاومة والتحرير.
وحضر اللقاء الذي استمرّ لساعات عدة، المعاون السياسي لبري علي حسن خليل، والمعاون السياسي للسيد نصرالله حسين الخليل. واستعرض الطرفان خلال الاجتماع الأوضاع العامة في المنطقة وما يجري على الساحة الفلسطينية بشكل خاص، مؤكدين الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في نضاله الوطني بالوسائل كافة.
وكان نقاش معمّق في الملفات الداخلية، وأبدى الطرفان «تقييمهما الإيجابي لنتائج الانتخابات النيابية والمشاركة الشعبية الواسعة التي أكدت الالتزام بخيار المقاومة وبناء الدولة ومؤسساتها والمشروع السياسي الذي يحمله «حزب الله» وحركة أمل وحلفاؤهما». كما نظر الطرفان «بارتياح كبير لانتخاب رئيس المجلس النيابي وتكليف رئيس الحكومة»، آملين «استكمال هذه الخطوات بتشكيل سريع لحكومة وحدة وطنية موسّعة تعكس التمثيل الصحيح».
وجرى في اللقاء مقاربة شاملة للملفات الاقتصادية والمالية والإدارية، حيث تمّ التأكيد على العمل الجاد لمحاربة الفساد، وتمّ الاتفاق على الآليات المناسبة لمتابعة هذه الملفات.
نتنياهو يهدّد لبنان
وبعدما أعلن رئيس الوزراء السابق ايهود باراك بأنه يفتخر بسحب جيشه من لبنان في العام 2000، وجّه رئيس الوزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تهديداً للبنان، وأشار الى أن «إسرائيل لن تسمح بإنتاج سلاح في لبنان أو استقباله في سورية »، مشيراً إلى أنه «يعمل على إحباط تحويل الأسلحة الفتاكة من سورية إلى لبنان أو إنتاجها في لبنان». وتابع أن «هذه الأسلحة موجهة ضد دولة إسرائيل، ومن حقنا في إطار حقنا في تقرير المصير إحباط إنتاجها أو تحويلها».