افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 17 كانون الثاني، 2018 ​

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 12 تشرين الثاني، 2016
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 28 حزيران، 2016
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء، الأول من حزيران 2022

استبق التيار الوطني الحر لقاء الرئيسين عون والحريري لبحث أزمة "المرسوم المسموم" بإعلان اجتماع تكتله النيابي ان ملف الاقدميات طوي إلى غير رجعة، وانتهى البحث الدستوري والقانوني به. ومن المتظر ان تشهد البلاد تصعيداً سياسياً غداً، في جلسة مجلس الوزراء، الذي يتوقع أن يرفض الاقتراح الذي يحمله إليه وزير الخارجية  جبران باسيل، ويقضي بإدراج مشروع قانون معجل لتمديد مهلة تسجيل المغتربين للانتخابات حتى 15 شباط، بإعتبار ان تاريخ 22 شباط هو تاريخ حاسم لجهة الترشيحات واقفال الباب. وقد تبين أن الإجتماع الذي كان مزمعاً عقده بين الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري لمعالجة هذه "الأزمة" لن يحصل، فيما تنتظر البلاد عودة الرئيس نبيه بري من طهران، حيث شارك في اجتماعات رؤساء البرلمانات الإسلامية، وأثار معهم قضية الجدار الذي يشيده جيش العدو "الإسرائيلي" على حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة.

اللواء 
تراشق عابر للحدود بين بعبدا وعين التينة.. ومجلس وزراء ملتَهِب في السراي
عون يعتبر النسبية تعزِّز الإستقرار.. وترحيب سعودي بالتحقيقات الأميركية بتمويل «حزب الله»

تجاوز الرئيس ميشال عون في خطابه امام ممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة في لبنان الأزمة الراهنة، المتعلقة بالاشتباك الحاصل مع الرئيس نبيه برّي، مركزاً على الاستقرار السياسي، حيث يُشكّل قانون النسبية عاملاً يزيد الاستقرار السياسي، فضلاً عن أهمية حفظ الاستقرار الأمني في منطقة ملتهبة، معتبراً «ان مثل هذا الأمر بالغ الصعوبة».
وكشفت تطورات الموقف بعد استشارة هيئة القضايا في وزارة العدل والتي أيدت موقف رئيس الجمهورية في ما خص مرسوم الاقدمية المتعلق بضباط دورة 1994، من ان وزير المال علي حسن خليل ليس وصياً على زملائه الوزراء، وبالتالي فإن توقيعه على المرسوم ليس في محله.. ان الوضع القائم آخذ في التدهور، الأمر الذي يفسّر على الارجح نقل جلسة مجلس الوزراء من بعبدا إلى السراي، وتعذّر لقاء الرئيسين عون وسعد الحريري «لاحتواء تداعيات أزمة مرسوم الاقدمية لضباط دورة 1994، وتفادي انعكاساتها سلباً على الأداء الحكومي وعلى مصالح المواطنين»، على حد تعبير كتلة المستقبل النيابية بعد اجتماعها أمس برئاسة الرئيس الحريري.
وتوقفت أوساط متابعة للموقف عند استباق التيار الوطني الحر ما كان متوقعاً من لقاء الرئيسين عون والحريري الذي ارجئ، بإعلانه بعد اجتماع تكتله النيابي ان ملف الاقدميات طوي إلى غير رجعة، وانتهى البحث الدستوري والقانوني به.
وتخوفت هذه الأوساط من ان يؤدي التراشق الذي اعقب بيان التكتل، والعابر للحدود، لا سيما بعد تصريح الرئيس برّي الذي اعتبر مطالعة هيئة القضايا بمثابة «قرار غب الطلب» إلى التأثير سلباً، غداً على جلسة مجلس الوزراء، من باب رفض الاقتراح الذي يحمله إلى مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ويقضي بإدراج مشروع قانون معجل لتمديد مهلة تسجيل المغتربين للانتخابات حتى 15 شباط، بإعتبار ان تاريخ 22 شباط هو تاريخ حاسم لجهة الترشيحات واقفال الباب.
الدخول بمدار الانتخابات
عملياً، دخل لبنان مدار الانتخابات النيابية التي باتت الشغل الشاغل للحكومة ووزارة الداخلية، فيما يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية غداً الخميس في السرايا الحكومية، يدرس فيها جدول اعمال عادياً من 71 بندا، ابرزما فيها مشروع قانون لتعديل بعض المهل الملحوظة في قانون الانتخابات النيابية، وعرض وزارة الداخلية حاجة هيئة الاشراف على الانتخابات لتعيين موظفين اداريين لمساعدتها في عملها. 
وعلمت «اللواء» ان المهل المطلوب تعديلها في القانون تتعلق فقط بتمديد مهلة تقديم المغتربين الراغبين الاقتراع حيث هم طلبات التسجيل حتى 15 شباط المقبل، لمن لم يتسنَ له التسجيل في السفارات او القنصليات لسبب او لآخر. 
 وفي تقدير مصادر وزارية انه إذا كان من السهل مرور تمديد المهلة للمغتربين في مجلس الوزراء، فإن الخشية من ان يتعطل نتيجة صد أبواب المجلس النيابي امام أية إمكانية لتعديل القانون الانتخابي بسبب الاشتباك على مرسوم الضباط والاصلاحات في القانون، وخوفاً من طرح تعديلات أخرى عليه غير قابلة للتطبيق ما يجعل احتمال تأجيل الانتخابات وارداً، وهو ما يرفضه الرئيس برّي وغيره من القوى السياسية، فيما يتمسك رئيس «التيار الوطني الحر» بالاصلاحات «التي باتت في طور الاجهاض».
ومع ان وزارة الداخلية انهت تقريبا كل التحضيرات القانونية واللوجستية والادارية لإجراء الانتخابات النيابية، إلا ان مشكلة التصويت في اماكن السكن الذي يستلزم التسجيل المسبق للناخبين وانشاء «الميغا سنتر»، بقيت عالقة، مع ترجيح مصادر وزارية في اللجنة الوزارية المكلفة البحث بتطبيق قانون الانتخابات ان يطوى البحث في هذا الموضوع بسبب ضيق الوقت امام امكانية اجراء تعديلات على قانون الانتخاب تلحظ مسألة التصويت في اماكن السكن ومتطلباتها، مشيرة الى انه حتى يوم امس لم تكن قد وجهت الدعوة لعقد اجتماع اخر للجنة. 
لكن وزير الداخلية نهاد المشنوق انهمك في عقداجتماعات ادارية وامنية تحضيرا لمواكبة الانتخابات، التي اصبح من المؤكد انها ستجري في مواعيدها بالقانون المتوافر حسبما افاد اكثر من مصدر وزاري.. 
وللغاية ترأس المشنوق امس، الاجتماع الدوري المخصص لمتابعة التحضيرات للانتخابات النيابية وشارك فيه الفريق الاداري والتقني والاستشاري من كبار موظفي الوزارة. 
 وتناول الاجتماع التشاور في البرنامج المتكامل لتدريب جميع الذين سيعملون في العملية الانتخابية من موظفين الى رؤساء أقلام، وما يتبع ذلك من تنظيم دورات تدريبية تقنية مكثفة للجان القيد، خصوصا لجهة التكيف مع العناصر الجديدة التي تضمنها قانون الانتخاب الجديد على صعيد احتساب الحاصل الانتخابي وتوزيع الفائزين على اللوائح. 
مجلس الوزراء
 ويبحث مجلس الوزراء ايضا، طلب الداخلية تفويض الوزير التوقيع على اتفاق تعاون مع وزارة الداخلية الروسية. وطلب وزارة الدفاع الوطني تشكيل لجنة للتحضير لمؤتمر«روما2» لدعم الجيش. 
 ومن البنود ايضا، مقترحات مجلس الانماء والاعمار بشأن تنفيذ قرار مجلس الوزراء المتعلق بالنفايات، ومشروع قانون الصيد المائي، وطلبات لوزارة الشباب والرياضة لتاهيل ملاعب كرة قدم منها ملاعب المدينة الرياضية وبرج حمود وطرابلس وبحمدون وعاليه وانصار، وعشرة طلبات سفر لوفود الى خارج لبنان وعشرة طلبات لقبول هبات. 
وأبرز ما ورد في جدول أعمال جلسة الغد والذي وزّع أمس على الوزراء، وحصلت «اللواء» على نسخة منه، انه يتضمن سبعة مواضيع أو ملفات عائدة لوزارة الزراعة، ما يُشكّل ترضية للوزير غازي زعيتر الذي اثار في الجلسة الماضية عاصفة من الاعتراض على تجاهل الأمانة العامة لمجلس الوزراء المواضيع التي يطرحها على المجلس، ما دفعه لاحقاً إلى مغادرة القاعة احتجاجاً.
واللافت في البنود الزراعية الواقعة في البنود من البند 33 إلى البند 38، إضافة إلى البند 9 الذي يلحظ خطة لتطوير زراعة الاعلاف ودعم مربي الأبقار (منتجي الحليب) طلب الموافقة على نقل اعتماد بقيمة 22 مليار ليرة لتغطية كلفة الدعم، انها عبارة عن تفويض الوزير عقد اتفاقيات مع البلديات وجمعيات لشراء اغراس وشتول وعرض مناقصات لتلزيم معدات خلافاً لرأي ديوان المحاسبة.
سجال مرسوم الاقدمية
وفي شأن الخلاف حول مرسوم الاقدمية للضباط بعد قرار هيئة القضايا والتشريع في وزارة العدل بعدم وجوب توقيع وزير المالية على المرسوم، قال مصدر وزاري لـ «اللواء» ان حل الأزمة يحتاج إلى بعض الوقت حتى تبرد الأجواء، وفي النهاية لا بدّ من حل، وحزب الله حليف الرئيسين عون وبري لن يترك الأزمة معلقة بينهما وسيسعى عاجلا أو آجلا لحلها.
ولم يعرف ما إذا كان الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله سيتطرق إلى هذه الأزمة في الكلمة التي سيوجهها مساء الجمعة في ذكرى الأربعين على وفاة فايز محمود مغنية والد الشهيد عماد مغنية وشهداء القنيطرة في مجمع الامام المجتبى في الحدث، خصوصا بعدما بلغت منحى غير مسبوق في السجالات التي تجاوزت الرئاستين الأولى والثانية، إلى الكتل النيابية للطرفين، الأمر الذي بات يتطلب ان يفسح المجال امام دخول عناصر جديدة لتطرية الأجواء بين الرئاستين اولا تمهيدا لمعالجة تداعيات الازمة ثانيا، لا سيما بعدما أقفلت الرئاسة الأولى باب الاجتهاد في النقاش الدستوري والقانوني حول مرسوم الضباط، بعد صدور رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، واعتبار وزير العدل سليم جريصاتي بأنها أعلى سلطة إدارية، في حين اعتبر الرئيس برّي الذي يُشارك في مؤتمر اتحاد البرلمانات الإسلامية في طهران ان رأي الهيئة هي «استشارة بناء على طلب مع الاسف».
وقال وزير المالية علي حسن خليل عبر حسابه الخاص على «تويتر»»: البحث عن حجج لتغطية تجاوز الدستور لا ينفع ويزيد من إرباك أصحابها ويخلق إشكالات جديدة».
واضاف: «لسنا بحاجة إلى رأي غب الطلب ويتعلق بموضوعٍ غير مطروح أصلاً. وتوضيحاً لما نشر في فتوى بناءً للطلب فإن مجلس القضايا في مجلس الشورى أصدر بتاريخ ١٩/١١/١٩٩٢ قرار رقم ١٤/٩٢-٩٣ وقال حرفياً:»إن وزير المالية يجب أن يوقع على كل المراسيم التي يترتب عليها بصورة مباشرة، وحتى غير مباشرة، نتائج مالية أو أعباء على الخزينة».
وتابع: «ولنعد للمرجع المستشار يوم قال إن المرسوم لا يترتب عليه أعباء مباشرة بل غير مباشرة وبالتالي ليس بحاجةٍ الى توقيع وزير المال، فاليقرأ معاليه القرار حتى لا يكرر الخطأ بالخطأ». 
اما تكتل التغيير والاصلاح فقال بأسمه وزير العدل سليم جريصاتي بعد اجتماع التكتل امس: «إن هيئة التشريع والاستشارات أعطت رأيا بشأن مرسوم الأقدمية، وعلى الجميع الامتثال. ونسأل هل نحن من اعتبرنا سنة 1990 أن وزير المال ليس قيما على سائر الوزارات؟ لقد لجأنا الى القضاء الذي هو الملاذ، ولا يحق لأحد التطاول على القضاء، وهيئة الاستشارات في وزارة العدل اعطت رأيها».
وسأل: «عن أي غب طلب يتكلمون؟ والقرار صادر منذ عام 1990. ونحن نجل رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الرأي الذي ينسبونه اليه في هذا الاطار».
وقال: «إن الرئيس العماد ميشال عون لا يغالي بممارسة صلاحياته الرئاسية، ونحن لن نقبل بأن ينتقص أحد من صلاحيات الرئيس في هذا العهد، فالرئيس رئيسنا جميعا، وهو حامي الدستور والقانون».
واعتبر جريصاتي ان «النقاش الدستوري والقانوني انتهى في البلد، بعد صدور رأي هيئة التشريع والاستشارات، فهي اعلى سلطة ادارية»، مشيرا إلى أن «التكتل والتيار الوطني الحر مرجعهما دائما الدستور والقانون».
عون
إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية  لـ «اللواء» أن الرئيس عون  أكد منذ اليوم الأول  لقيام الأشكال بشأن مرسوم الأقدمية التزامه  بما تقرره  الجهة القضائية  في شأن هذه المسألة، أما وقد صدر رأي هيئة التشريع والاستشارات فإنه رأي قانوني يلتزم به.
ورفضت المصادر الدخول في تكهنات  عن المرحلة  المقبلة، مكررة القول أن رئيس  الجمهورية يحترم نصوص بشكل واضح. واعتبرت أنه  إذا كان  الموضوع  للتسييس  فهذا شأن آخر.
 وبالنسبة إلى ارجحية  التواصل بين الرئيس عون  ورئيس  مجلس الوزراء سعد الحريري فإن لا معلومات مؤكدة حوله، علما انه يبقى في إطار الترجيح.
ويلتقي الرئيس عون اليوم أعضاء السلك القنصلي ويطلق امامهم سلسلة مواقف جديدة، بعد المواقف التي أعلنها أمس، خلال استقباله أعضاء السلك الديبلوماسي، وممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة الذين قدموا له التهاني بالسنة الجديدة، حيث أكّد ان الحكومة التي ضمّت كل الأطراف، «ساهمت في إرساء الاستقرار السياسي، وحتى لو علت داخلها الأصوات المختلفة أحياناً، الا انها تبقى تحت سقف الاختلاف السياسي التي يُغني الحياة الديمقراطية، ولا شك في ان إنجاز قانون انتخابات وبعد جهود مضنية، يقوم على النسبية لأول مرّة في تاريخ لبنان، سيؤمن مزيدا من الاستقرار السياسي، لأنه سيسمح بعدالة أكثر في التمثيل، مؤكدا حرصه على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها».
وشدّد الرئيس عون على ان «حفظ الاستقرار الأمني وسط منطقة ملتهبة، وفي بلد كلبنان، ينفعل ويتفاعل مع محيطه الى حد كبير، هو أمر بالغ الصعوبة. ولكننا تمكنا من تحقيقه ومنع انتقال نار الفتنة الى الداخل اللبناني، وذلك بفضل تضافر كل الإرادات، والتنسيق الكامل بين مختلف الأجهزة الامنية بعد التعيينات الجديدة في قياداتها».
وعد الرئيس الحريري اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية بعقد جلسة لمجلس الوزراء قبل نهاية الشهر للنظر الجدي والفاعل في موضوع الأقساط المدرسية، انطلاقاً مما نقله المطران حنا رحمة رئيس اللجنة الأسقفية من أن الرئيس الحريري مستعد للنظر الجدي والفاعل في موضوع الأقساط المدرسية.
وفي تطوّر آخر، ومع التداعيات الحاصلة في المنطقة، لا سيما الاشتباك الميداني والدبلوماسي بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا رحب مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، بالتحقيقات الأميركية في شأن تمويل حزب الله عبر المخدرات.
وثمن المجلس «اعلان القضاء الأميركي إنشاء وحدة خاصة للتحقيق بشأن حصول ميليشيا حزب الله الإرهابية على تمويل عبر الاتجار بالمخدرات لغايات الإرهاب، وتكليفها بالتحقيق بشأن الأفراد والشبكات التي تقدّم دعما لهذا الحزب وملاحقتهم».
البناء
خلط أوراق انتخابي في العراق وضغوط أميركية سعودية على العبادي للتأجيل
الأتراك يلمّحون لدخولهم عفرين بضوء أخضر أميركي… ودمشق تستعدّ للاحتمالات كافة
طلب رأي هيئة الاستشارات في وزارة العدل يطيح مساعي الحريري للتسوية حول المرسوم

مع تراجع الملفات المشتعلة وفقاً لبرامج أولويات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعنوانها إيران، رغم الزخم الذي توحي به في البدايات، تعود إلى الواجهة الملفات الطبيعية غير المفتعلة، حتى لو كان الدور الأميركي فيها حاضراً ولا يخلو من الافتعال. فالملف النووي الإيراني عاد إلى موقعه الطبيعي بعد أيام فرض خلالها التوتر على المنطقة والعالم، ومثله قبل أسبوع ملف الوضع الداخلي في إيران، لتتصدّر الاهتمامات ملفات مثل الانتخابات العراقية مع نهاية مهل تشكيل اللوائح والتحالفات، والتجاذب التركي الكردي الأميركي حول الوضع شمال سورية. وفي كلّ من الملفين بعض من الضجيج الأميركي.
مصادر عراقية متابعة للملف الانتخابي تؤكد أنّ الضغوط التي مثلها السيّد مقتدى الصدر على خيارات رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي في انتقاد تحالفه مع قادة الحشد الشعبي، وهو التحالف الذي انفرط عقده خلال ساعات، لا تنفصل عن التحركات التي تضغط لتأجيل الانتخابات البرلمانية، لمنع قوى محور المقاومة من امتلاك أغلبية برلمانية حاسمة، خصوصاً بعدما بدا أنّ تحالفات كلّ من المتنافسين على رئاسة الحكومة حيدر العبادي وسلفه نوري المالكي ستجعل الأغلبية الحاسمة في البرلمان الجديد موزّعة بينهما، ولا يعود مهمّاً عندها مَن يتولّى منهما رئاسة الحكومة، طالما التحالفات تتمّ مع قوى منتمية لمحور المقاومة. وقالت المصادر إنّ ضرب تحالف العبادي مع الحشد الشعبي تمهيداً لربطه بحلف مع جماعات تتأثر بالموقفين السعودي والأميركي تحتاج وقتاً ولا تبدو جاهزة الآن. وهذا ما يجعل التأجيل مطلباً، لا يبدو العبادي مستجيباً لتلبيته بعد.
على الضفة الموازية في شمال سورية، واصلت واشنطن تلاعبها بالورقة الكردية بوجه الأتراك، فقال البنتاغون تعليقاً على التهديدات التركية بدخول مدينة عفرين الواقعة تحت السيطرة الكردية، إنّ عفرين ليست ضمن نطاق عمل التحالف الذي تقوده واشنطن. وهو ما سبق وقالته واشنطن قبل عامين عن بلدة منبج عندما هدّد الأتراك بدخولها، بينما تحدّثت مصادر تركية عن نتائج اجتماع رئيسَيْ أركان الجيشين الأميركي والتركي بما يمنح الجيش التركي الضوء الأخضر لدخول عفرين، فيما نفت مصادر كردية في لجان الحماية حصول أيّ توافقات من هذا النوع، مؤكدة رفض أميركا وروسيا ودمشق للعملية التركية، فيما أكدت مصادر سورية مطلعة متابعة التفاصيل لحظة بلحظة، والاستعداد لكلّ الاحتمالات بما فيها التدخل العسكري في عفرين ومواجهة أيّ عملية عسكرية تركية تستهدفها.
لبنانياً، قالت مصادر متابعة لمساعي رئيس الحكومة سعد الحريري للدخول على خط حلحلة قضية المرسوم العالق بين رئاستَيْ الجمهورية ومجلس النواب، إنّ إصرار وزير العدل على طلب رأي هيئة الاستشارات في وزارته في القضية وصدور هذا الرأي قبل قيام رئيس الحكومة بمفاتحة رئيسَيْ الجمهورية والمجلس النيابي بمبادرته، يجهض فرصة قيامه بمسعى الوساطة ويعيد التوتر والاشتباك إلى الذروة. وهو ما عبّرت عنه سجالات بعد ظهر أمس بين وزيرَيْ العدل والمالية بصورة خاصة.
عون: قضية المرسوم انتهت و«الاستشارات» قالت كلمتها
لم يمنح القضاء الوقت الكافي للعاملين على خط المعالجة السياسية لأزمة مرسوم أقدمية الضباط بين بعبدا وعين التينة، إذ «سبق السيف العذل» في بلدٍ يعيش على التسويات، وحسمت هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل نزاع القوم لمصلحة رئيس الجمهورية وقطعت الطريق على مسعى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي لن يُكتَب له النجاح بعد اليوم. ما يعني أن الأزمة مرشّحة للمزيد من التصعيد بعد الرأي الاستشاري الذي صبّ الزيت على نار الخلاف المستعر بين الرئاستين الأولى والثانية ورفع وتيرة السجال السياسي والإعلامي والقانوني بين حركة أمل والتيار الوطني الحر وتكتل التغيير والإصلاح.
وبعد أن رفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري اللجوء الى القضاء للطعن بالمرسوم، فضل رئيس الجمهورية استباق زيارة الحريري والاستكشاف بالنار قانونية ودستورية المرسوم عبر وزارة العدل المحسوبة على بعبدا التي اعتبرت أن قضية المرسوم انتهت وباتت خلفها، بعد أن قالت «الهيئة» كلمتها بحسب معلومات «البناء» وبالتالي أي مبادرة أو اقتراحٍ «معجل مكرر» يُنقل الى بعبدا فهو قابل للنقاش لكنه لن يُلغي مرسوم الأقدمية الموقع من رئيس البلاد ورئيس الحكومة والوزير المختص ولن تُجمّد مفاعيله القانونية والإدارية وحق ضباط دورة 1994 في الاستفادة منه.
واعتبرت هيئة «التشريع والاستشارات» في وزارة العدل خلال مراسلة مع وزير العدل بناءً على طلبه «أنّ الوزير المختص الذي يحقّ له توقيعَ المرسوم إلى جانب كلّ مِن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة هو وزير الدفاع، وأيّ وزير آخر يتبع أحد أو بعض الضبّاط لإدارته، ولا يشترك وزير المال في التوقيع معه»، واستندت الهيئة في قرارها الى قرار مجلس الشورى في العام 1991 الذي أفتى بعدم ضرورة توقيع وزير المال على المراسيم التي لا ترتب أعباءً مالية وأن وزير المال ليس قيّماً على سائر الوزارات.
وفي وقتٍ يعتزم الرئيس الحريري زيارة بعبدا خلال الأيام القليلة المقبلة وإطلاع رئيس الجمهورية على اقتراح رئيس المجلس، توقفت مصادر نيابية عند توقيت صدور رأي الاستشارات قبيل عرض الحريري وساطة بري على الرئيس عون، غير أن مصادر مطلعة أوضحت لـ «البناء» أن «رأي هيئة الاستشارات أقوى من أي مبادرة من هنا واقتراح من هناك ووضعت الخلاف السياسي والقانوني في نصابه، وبالتالي لم يعد هناك لزوم لأي تسوية وحلول وسطية للخلاف»، مؤكدة أن «هيئة الاستشارات هيئة مستقلة لا علاقة لبيانها بزيارة رئيس الحريري الى بعبدا». واستبعدت المصادر أن يوافق الرئيس عون على اقتراح الحريري لا سيما بعد رأي القضاء وأقصى ما يمكن أن يوافق عليه هو استلحاق دورات أخرى الى مرسوم الأقدمية».
وتوقفت المصادر عند تصريحات عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي الذي «غمز من قناة انتخاب رئيس للجمهورية واستحضاره مرحلة الشغور الرئاسي التي أنتجت في نهاية المطاف رئيساً قوياً للجمهورية في بعبدا شهد العام الأول من عهده سلسلة إنجازات من التشكيلات القضائية والدبلوماسية والأمنية الى مواقفه السيادية لم يعهدها لبنان في العهود الماضية شكّلت محطّ إجماع سياسي وشعبي لا سيما خلال قضية احتجاز الرئيس الحريري والقرار الأميركي حول القدس الى جانب مواقفه من إسرائيل والارهاب وسلاح المقاومة».
برّي: استشارة بناء على طلب
الرئيس نبيه بري الذي سبق واعتبر وزارة العدل أنها «تابعة»، علّق من طهران على ما نسب الى هيئة الاستشارات بالقول: «هي استشارة بناءً على الطلب، مع الأسف». في حين تولى وزير المال علي حسن خليل الردّ وقال: «إذا كان قرار مجلس الشورى في العام 1991 قال بعدم ضرورة توقيع وزير المال، فهناك حكم آخر عن مجلس القضايا في مجلس الشورى في الـ1992 يقول بوجوب توقيع وزير المال على كل المراسيم التي يترتب عليها بصورة مباشرة أو غير مباشرة نتائج مالية أو أعباء». واعتبر عبر تويتر أن «البحث عن حجج لتغطية تجاوز الدستور لا ينفع، ويزيد من إرباك أصحابها ويخلق إشكالات جديدة».
وردّ وزير العدل سليم جريصاتي على كلام بري وخليل، وتساءل: «عن أي غبّ طلب يتكلّمون؟ القرار صادر منذ عام 1990. ونحن نجلّ رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الرأي الذي ينسبونه إليه في هذا الإطار»، وفي بيان تلاه جريصاتي عقب الاجتماع الأسبوعي لتكتل التغيير والاصلاح في الرابية تساءل: «هل نحن من اعتبرنا سنة 1990 أن وزير المال ليس قيماً على سائر الوزارات؟ لقد لجأنا الى القضاء الذي هو الملاذ، ولا يحق لأحد التطاول على القضاء». واعتبر أن «النقاش الدستوري والقانوني انتهى في البلد، بعد صدور رأي هيئة التشريع والاستشارات، فهي أعلى سلطة إدارية».
ولفت التكتل الى أن «الشغور الرئاسي أتانا برئيس قوي بمفهوم المعايير الديمقراطية، هذا الرئيس أتانا أيضاً بقانون انتخاب وفق النظام النسبي، ما لم يحصل منذ الاستقلال، وينكرون علينا اليوم الإصلاحات التي هي بمثابة ضمانات نص عليها هذا القانون لصحة التمثيل وفعاليته والمشاركة الكثيفة للمواطنين في هذا الاستحقاق الذي طال انتظاره بعد تمديدات بألف حجة وحجة. فليكن معلوماً، نحن طلاب استحقاق انتخابي، نحن أصحاب المبادرة القانونية وأصحاب الاستحقاق في موعده».
ردّ جريصاتي استدعى رداً آخر من وزير المال قائلاً: «آخر الإبداعات أن أسمع من وزير معني أن من استشارها هي أعلى سلطة قضائية، ونتحدث بالقانون، لا أحد فوق الدستور، ونحن نتحمّل مسؤولية كل كلمة نقولها ونعرف معناها جيداً، ولا يهوّل أحد علينا، الأفضل لمعاليه أن يقول إنه لم يعد يريد الحديث بالدستور، ولا يعتقد أن بإمكانه منع الآراء المخالفة لفتاويه».
الحريري: أنتظر رئيس المجلس…
أما بيت الوسط الواقعة في وسط الاشتباك الرئاسي والحائرة بين بعبدا وعين التينة، باتت مهمتها أصعب بعد قرار القضاء، لكن مصادر مستقبلية نقلت لـ«البناء» عن الرئيس الحريري تأكيده الاستمرار في مسعاه التوفيقي بين المقرّين، ولفتت الى أن «الحريري بانتظار عودة رئيس المجلس الى بيروت لزيارته وبحث اقتراحه الأخير دمج المراسيم في مرسوم واحد قبل اطلاع رئيس الجمهورية على مضمونه».
وأشارت المصادر الى أن «الحريري كان يفضّل لو استأخرت هيئة الاستشارات رأيها القانوني بعض الوقت ليتسنّى له تسويق مبادرة بري وإقناع رئيس الجمهورية وإيجاد الحل المناسب». واستبعدت المصادر أن «تؤثر أزمة المرسوم على العلاقة التحالفية بين الرئيسين بري والحريري التي مرّت بأصعب منها وعادت الى طبيعتها»، مشيرة الى أن «الحريري يعوّل على رحابة صدر الرئيس بري»، وأكدت أن «رئيس الحكومة لم ينحَز الى الرئيس عون ضد بري، بل هو مع تعاون وتوافق الرئاسات الثلاث لمصلحة الاستقرار السياسي واستمرار عمل المؤسسات في لبنان».
ولفتت المصادر الى أن «الحريري يولي الوضع الاقتصادي الأولوية ويعوّل على المؤتمرات الدولية لدعم لبنان ومؤسساته من خلال المشاريع الكبرى المرتقب إنجازها خلال السنوات المقبلة التي سترفع نسبة النمو الى حوالي 7 في المئة»، وعلمت «البناء» أن «الحريري سيقوم بزيارة الى دافوس في سويسرا للتحضير للمؤتمرات حيث سيعقد الأول في فرنسا والثاني في روما، ولم يحسم زيارته إلى السعودية بعد».
التحالفات تتجاوز 8 و14 آذار!
وفي وقتٍ يرتفع منسوب التوتر السياسي ورفع سقف المواقف للتحشيد الانتخابي على مسافة ثلاثة أشهر من الانتخابات النيابية، يُصرّ التيار الوطني الحر على الإصلاحات التقنية الواردة في متن قانون الانتخاب ويحذّر من أن «الذهاب الى الانتخابات بحكم الأمر الواقع قد يعرّض العملية الانتخابية ونتائجها الى الطعون»، في المقابل يعارض رئيس المجلس النيابي إدخال أي تعديل على القانون لضيق المهل ولتجنب أي محاولة لنسف القانون والاستحقاق النيابي برمّته، وبالتالي هو على موقفه بإبقاء أبواب المجلس النيابي موصدة أمام أي محاولات من هذا القبيل»، غير أن أوساطاً نيابية في المستقبل أشارت لـ «البناء» الى أن التيار مع إجراء الانتخابات في موعدها بمعزل عن إدخال إصلاحات أم لا، الأهم هو انجاز الاستحقاق، وأي إصلاحات تحتاج الى توافق سياسي».
أما عن التحالفات فاستبعدت الأوساط المستقبلية أن تتمكن اي جهة داخلية أم خارجية توحيد صفوف فريق 14 آذار تحت راية انتخابية واحدة، وقالت: «هل هناك شيء اسمه 14 و8 آذار بعد التحالفات السياسية والحكومية الجديدة؟ التحالفات الانتخابية ستتجاوز الفريقين، مشيرة الى «انقسامات داخل الفريقين تجعل من الصعب فرز هذه القوى ضمن معسكرين انتخابيين».
وأوضحت أن تحالفات المستقبل لم تُحسم حتى الآن وهي قيد النقاش والدرس لدى فريق مختص، ورغم أن التحالف ثابت مع التيار الوطني الحر، فإن التحالف مع القوى الأخرى ستحكمها طبيعة كل دائرة وبـ»المفرق» وليس بالجملة.
أما على محور الرابية معراب، فلم يتضح المشهد الانتخابي رغم اللقاء الثلاثي الذي عقد أمس الاول بين رئيس التيار الحر جبران باسيل والوزير ملحم رياشي والنائب إبراهيم كنعان، الذي لا يعدو بحسب مصادر مطلعة لـ«البناء» كونه عملية تجميل للعلاقة التي لا يزال التوتر سيد الموقف فيها، لكن الحزبين التقيا على ضرورة إنقاذ ورقة النيات في الحد الأدنى. وتضيف المصادر بأن «سياسة القوات اتضحت معالمها بإقدامها على الترشيحات المبكرة والانفرادية في البترون وجزين وتفاهمها مع قوى أخرى مناوئة للتيار الحر قبل بتّ التفاهم بين التيار والقوات ما يضرب خيار التفاهم الانتخابي».
وأوضحت المصادر أن «اللقاءات بين الحزبين تندرج في إطار اللقاءات الاعتيادية ولا مؤشرات على تفاهم انتخابي، أما مع تيار المستقبل فالعلاقة جيدة، لكن لم تبت الترشيحات والتحالفات الانتخابية حتى الآن بانتظار لقاءات بين الطرفين بعد أن يحسم كل منهما خياراته».
رئيس الجمهورية: حرص على الانتخابات
في غضون ذلك، أكد رئيس الجمهورية ميشال عون خلال استقباله اعضاء السلك الدبلوماسي في بعبدا أمس أن «الحكومة التي ضمّت الاطراف كافة، ساهمت في ارساء الاستقرار السياسي، وأن إنجاز قانون انتخابات، يقوم على النسبية لأول مرة في تاريخ لبنان، سيؤمن مزيداً من الاستقرار السياسي وأؤكد حرصي على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها».
واعتبر أن «اختيار الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل مقر سفارة بلاده اليها، يعمّق الفجوة ويبعد السلام ويزيد النار استعاراً في الشرق، وان السلام لن يكون ما لم تبحث جدياً مشاكل هذه المنطقة، من منطلق العدالة لا القوة وعبر الاعتراف بالحقوق لا الاعتداء عليها».
وجدد رئيس الجمهورية دعوة المجتمع الدولي والأمم المتحدة الى «العمل على العودة الآمنة للنازحين السوريين الى بلدهم».
الجمهورية
سجال الأقدمية يزداد ضراوة.. وتعديل مهَــل في قانون الإنتخابات غداً

مع دخول البلاد مدارَ الانتخابات النيابية، والتحضيرات والاستعدادات لخوض غمارها في السادس من أيار المقبل، دخل مرسوم الأقدمية لضبّاط دورة 1994 مرحلةً جديدة، بعدما اعتبَرت هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل أنّ وزير المال لا يشترك في التوقيع على المرسوم مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، وأنّ الوزير المختص بالتوقيع هو وزير الدفاع، مؤيّدةً بذلك موقفَ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تلقّى جرعة دعمٍ إضافية من بكركي، فقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبَيل سفره إلى القاهرة: «إذا كنّا نريد الاحتكام إلى القانون، فاليوم (أمس) بالذات نشِر رأيُ هيئة الاستشارات، والأمر واضح، فإذا كانت النيّات سليمة ولا خلفيات وراءَها فالدستور والمادة 54 واضحان. إنّ موضوع الأقدمية شيء وموضوع الترقيات شيء آخر، فالأوّل يوقّع على مرسومه وزير الدفاع، أمّا الثاني فحتماً يوقّع عليه وزيرُ المالية، لذلك الخلاف يجب أن ينتهي لأن لا سبب له».
لم يُنهِ رأيُ هيئة التشريع والاستشارات في قضية مرسوم الأقدمية أبوابَ الأزمة السياسية، بل كشَف عقمَها وعمقَها، خصوصاً بعد ردِّ رئيس مجلس النواب نبيه بري، معطوفاً على ردِّ وزير المال علي حسن خليل.
وفيما لم يَصدر عن رئيس الحكومة سعد الحريري أيّ تعليق على رأي الهيئة، اكتفَت كتلة «المستقبل» بعد اجتماع عقدَته برئاسته، بتثمينِ الجهود التي يقوم بها «لاحتواءِ تداعيات أزمة مرسوم الأقدمية لضبّاط دورة 1994، وتفادِي انعكاسها سلباً على الأداء الحكومي وعلى مصالح المواطنين».
وفي الوقت الذي اعتبَرت أوساط معنية أنّ «اقتراح بري دمجَ مرسومَي الأقدمية والترقيات بمرسوم واحد يوقّعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء المختصون، يشكّل مخرجاً قانونياً ودستورياً لخطأ ارتُكِب بإصدار مرسوم الأقدمية من دون توقيع وزير المال»، قالت أوساط أخرى لـ«الجمهورية»: «إنّ الكرة الآن في ملعب رئيس الحكومة، إذ يُفترَض به مع صدور قرار هيئة التشريع والاستشارات أن ينشرَ المرسوم في الجريدة الرسمية لكي يصبح نافذاً عملياً»، وأضافت: «ربّما هذا هو الهدف من الاستشارة، أي إيجاد مخرج، ليس لرئيس مجلس النواب لكي يقبلَ بالمرسوم، وإنّما مدخل لرئيس الحكومة لكي ينشرَه». وبين هذين الموقفين، لاحظ البعض أنّ المعترضين على مرسوم الأقدمية لم يلجأوا إلى القضاء لنَيلِ حكمٍ اعتراضي، فيما الذين وقّعوه، هم الذين لجأوا إليه.
برّي
وكان رئيس مجلس النواب قد اكتفى بالقول من طهران تعليقاً على ما نُسِب إلى هيئة القضايا والاستشارات: «هي استشارةٌ بناءً للطلب مع الأسف»، في حين غرّد وزير المال على «تويتر» قائلاً: «البحث عن حججٍ لتغطية تجاوزِ الدستور لا تنفَع، وتزيد إرباكَ أصحابِها وتخلق إشكالات جديدة».
وأضاف: «لسنا بحاجة إلى رأيٍ غبّ الطلب ويتعلّق بموضوع غير مطروح أصلاً.» و«توضيحاً لِما نشِر في فتوى بناءً للطلب، فإنّ مجلس القضايا في مجلس الشورى أصدر بتاريخ 19/11/1992 قراراً حملَ الرقم 4/92-93 وقال حرفياً: إنّ وزير المالية يجب أن يوقّع على كلّ المراسيم التي يترتّب عليها بصورة مباشرة، وحتى بصورة غير مباشرة نتائجَ مالية أو أعباء على الخزينة.»
وأضاف: «لنعُد للمرجع المستشار يوم قال إنّ المرسوم لا يترتّب عليه أعباء مباشرة بل غير مباشرة، وبالتالي ليس بحاجة إلى توقيع وزير المالية.
«التكتل»
وعلّق تكتّل «التغيير والإصلاح» على قرار الهيئة معتبراً أنّ القرار صَدر عن أعلى مرجعية قضائية، وعلى الجميع الالتزام به. وسألَ وزير العدل «عن أيّ غبّ طلب يتكلمون والقرارُ الصادر عن الهيئة في العام 1990 اعتبَر أنّ وزير المال ليس قيّماً على سائر الوزارات»؟
واعتبَر أنّ النقاش الدستوري والقانوني بمرسوم الأقدمية قد انتهى، «واستقرّ الرأي مشفوعاً بقرار مبرَم صادر عن أعلى قضاء إداري»، وإنّ «كلّ انحراف كلامي وكلّ تهوّرٍ في الكلام وكلَّ سقفٍ عالٍ في الكلام، لم يعُد يَعنينا، وهو يدلّ، إنْ دلَّ على شيء، فعلى عجزِِ عن استيعاب أو عن قبول سلطة الدستور والقانون. نحن احتكمنا وصَدر الحكم، وعليه بالامتثال، كما علينا الامتثال، عندما تصدر الأحكام».
خليل
وسارَع وزير المال إلى الرد على وزير العدل، فقال: «آخر الإبداعات أن أسمعَ مِن وزير معنيّ أنّ مَن استشارَها هي أعلى سلطة قضائية، ونتحدّث بالقانون. لا أحد فوق الدستور، ونحن نتحمّل مسؤولية كلّ كلمة نقولها ونعرف معناها جيّداً، ولا يهوّلنّ أحد علينا. الافضل لمعاليه أن يقول إنّه لم يعد يريد الحديثَ بالدستور، ولا يعتقد أنّ بإمكانه منعَ الآراءِ المخالفة لفتاويه».
حمادة
وفي المواقف، أكّد رئيس الجمهورية أنّ الحكومة التي ضمَّت كلَّ الأطراف السياسية الرئيسية، ساهمت في إرساء الاستقرار السياسي «وحتى لو علَت داخلها الأصوات المختلفة أحياناً، إلّا أنّها تبقى تحت سقفِ الاختلاف السياسي الذي يُغني الحياة الديمقراطية».
من جهته، قال الوزير مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «تستمرّ الحكومة في العمل نظرياً، ولكنْ في جوّ من عدمِ التوازن السياسي والتوتّر المكتوم أو العلني بين المكوّنات التي عملت على تسوية انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة «استعادة الثقة».
في هذه الحال من عدم التوازن، قد تبدو الأمور معلّقة حتى الانتخابات النيابية. فالموازنة تنتظر بحثاً في مجلس الوزراء، وشؤون التربية تنتظر الاجتماعَ الموعود للحكومة، والمجلس النيابي خارج الدورة العادية ولم يصدر مرسوم فتحِ دورة استثنائية. باختصارٍ كلّي، كأنّنا معلّقون بحبال الهواء حتى الاستحقاق الانتخابي».
موازنة 2018
وفي ما يخصّ جلسات الموازنة العامة لعام 2018، أوضَحت مصادر وزارة المال لـ«الجمهورية»: «أنّ الوزارة سلّمت منذ شهر تقريباً موازنة الـ2018 إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وهي أصلاً كانت قد سلّمتها النسخة الأساسية من شهر آب الماضي لكنّها أجرَت بعضَ التعديلات وفقاً لجداول وأرقام معدّلة وتوصيات لمجلس النواب في خلال مناقشة موازنة سنة 2017، بانتظار أن يدعو رئيس الحكومة سعد الحريري إلى تحديد جلسات لدراستها».
زيادة الأقساط
وفي إطار محاولةِ إنقاذ السنة الدراسية والبحثِ عن مخارج لأزمة زيادة الأقساط والرواتب، زارت اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية برئاسة المطران حنّا رحمة السراي الحكومي أمس ونَقلت إلى الحريري ما تُواجهه المؤسسات التربوية الخاصة من تحدّيات نتيجة إقرارِ سلسلة الرتب والرواتب ومفاعيلها.
وفي هذا الإطار، قال رحمة لـ«الجمهورية»: «أوضَحنا للحريري صعوبة المشكلة التربوية وأنّ الأهالي ليس في وسعهم تكبُّد أيّ زيادة، فمجموع الأقساط غير المحصّلة من العام الماضي نحو 40 مليار ليرة». وأضاف: «في حال طُبِّقت السلسلة بكامل مفاعيلها ودرجاتها ستبلغ الزيادة على القسط للتلميذ الواحد نحو مليون و400 ألف ليرة لبنانية. لذلك، المشكلة جدّية وعلى الدولة أن تتعاون معنا».
وأعربَ رحمة عن تفاؤله بانفراج قبلَ نهاية الشهر، قائلاً: «لدينا أملٌ في أن يتحوّلَ التعليم أولويةً وطنية، ضِمن جلسةٍ حكومية وَعدَنا الرئيس الحريري بعقدها قبل نهاية الشهر الجاري وانقضاءِ مهلة تقديم إدارات المدارس موازناتها لوزارة التربية»، وأكّد أنّ الحريري «أظهر لنا كاملَ تفهّمِه لعمقِ الأزمة وللواقع الاقتصادي المرير، وسيضعُ المعضلة التربوية على طاولة البحث الحكومي لأخذِ قرارات واضحة في هذا الشأن».
مجلس وزراء
وفي هذه الأجواء، ينعقد مجلس الوزراء عند الحادية عشرة والنصف قبل ظهر غدٍ الخميس في السراي الحكومي وعلى جدول أعماله 71 بنداً مختلفاً، ومن بينها مجموعة من الملفّات الجارية معالجتُها.
وما هو لافتٌ بالإضافة إلى عقدِها في السراي الحكومي بدلاً مِن قصر بعبدا، أنّ الجلسة ستناقش في بندِها رقم 24 مشروع قانون معجّل يَرمي إلى تعديل بعض المهلِ الملحوظة في قانون الانتخابات النيابية الرقم 44.
وقد أثارَ هذا البند علامات استفهام عدة. وعلم أن المشروع المقدم من الوزير جبران باسيل يلحظ التمديد لإقتراع المغتربين، فهل يكون هذا المشروع «مشكل» جديد يضاف إلى أزمة المرسوم؟، أم هل يكتفي المجلس بتعديل مهَل إدارية تقنية مرتبطة بهيئة الإشراف على الانتخابات وبتاريخ دعوة الهيئات الناخبة، والسؤال لماذا يُدرج اليوم على جدول الأعمال بعدما رَفع الرئيس بري لأكثر من مرّة البطاقة الحمراء في وجه محاولة تعديل قانون الانتخاب؟
وستناقش الجلسة طلب وزارةِ الداخلية تأمينَ موظفين في هيئة الإشراف على الانتخابات لمساعدتها في عملها في وزارة الداخلية، وطلبَ وزيرِ الخارجية إنشاءَ عددٍ مِن القنصليات في عواصم ومدنٍ مختلفة، وطلبَ وزارةِ الدفاع لجنة خاصة مهمتُها التحضير لمؤتمر «روما 2» الخاص.
كذلك سيناقش المجلس تنفيذ ما تقرَّر على مستوى توسيعِ مكبَّي النفايات في الكوستابرافا وبرج حمّود وإقامة معمل للتسبيغ في العمروسية بناءً لاقتراح مجلس الإنماء والإعمار، وعرض مجلس الإنماء لإجراء مصالحةٍ مع شركة سوكلين للتعويض على كلفةِ أعمال رفعِ النفايات من بلدياتٍ في جبل لبنان وبيروت الكبرى.
ولوحِظ أنّ جدول الأعمال سيعالج مطالبَ وزير الزراعة غازي زعيتر دفعةً واحدة بعدما انسحبَ مِن جلسة الأسبوع الماضي اعتراضاً على عدم إدراج بنودٍ لوزارته على جدول الأعمال، ومنها ما يتصل بصرف مجموعة مليارات وتعيينات.
قائد الجيش
أمنياً، اعتبَر قائد الجيش العماد جوزف عون أنّ «خطر الإرهاب يبقى قائماً»، و«مواجهته جذرياً تتطلّب معالجةً حقيقية للقضايا الثقافية والاجتماعية والاقتصادية الشائكة».
وقال أمام وفد رابطة الملحقين العسكريين العرب والأجانب المعتمدين في لبنان وممثّلي هيئة مراقبة الهدنة ومساعديهم: «غير أنّ ذلك وعلى أهميته، لا يقلّل في أيّ شكلٍ مِن الأشكال من ضرورة استمرار المواجهة الأمنية المباشرة لهذا الخطر، لأنّ النجاح في كسرِ شوكته من شأنه أن يزرع الإحباط واليأسَ في نفوس الإرهابيين، ويَجعلهم في نهاية المطاف مقتنعين بأنّ مشاريعهم العبثية لا جدوى منها وغيرُ قابلة للحياة».
وأكّد أنّ الجيش «ماضٍ في مسيرة الدفاع عن لبنان والحفاظ على أمنه واستقراره مهما كلّفه ذلك من أثمان وتضحيات، فنحن ملتزمون الحفاظ على استقرار الحدود الجنوبية بالتعاون مع القوات الدولية في إطار القرار 1701، وفي الوقت عينه، نحن مستعدّون لمواجهة أيّ عدوان إسرائيلي ضدّ لبنان، كذلك نحن ملتزمون ضبط كاملِ الحدود البرّية والبحرية لمنعِ أعمال التسلّل والتهريب».
الأخبار
قانون الانتخاب أمام الحكومة مجدداً
أزمة «الأقدمية» تشتدّ… ولا بوادر حلول
مصير مجهول للتحالف العريض في الشوف ــ عاليه: مصلحة العونيين في مواجهة جنبلاط

تزداد أزمة مرسوم الأقدمية تعقيداً، وترتفع حولها حدّة الخطاب المتشنّج. رأي هيئة الاستشارات أمس ليس إشارة التصعيد الوحيدة. إذ أن البند 24 على جدول أعمال الحكومة غداً لتعديل قانون الانتخاب، سيشكل مادة جديدة للكباش بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري
لم تعد تطوّرات أزمة مرسوم الأقدمية تؤشّر إلى رغبة لدى القوى السياسية في الوصول إلى حلول. منذ أن وقّع الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري مرسوم الأقدمية لدورة عام 1994، ونقاط التباعد بين عون وبرّي تزداد كمّاً ونوعاً. وجاءت مطالعة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل أمس، وتبنّيها وجهة نظر رئيس الجمهورية، لتزيد الأمور سوءاً، خصوصاً مع وصف برّي لهذا الرأي بأنه «استشارة بناءً على الطلب، مع الأسف»، مطلقاً موقفه هذا من طهران.
التصعيد، أمس، يناقض ما أبلغه الحريري لبرّي، في الأيام الماضية، عن أن الأزمة ستنحسر وأن «الأمور متجهة نحو الحلحلة»، بعدما وصل الخطاب إلى سقوف مرتفعة، حول صلاحيات رئيس الجمهورية ووزير المال، والكلام عن نيّة العونيين رفض انتخاب برّي رئيساً للمجلس النيابي المقبل، ومنع حركة أمل من الحصول على وزارة المال، فضلاً عن الكلام عن تعديلات دستورية، لا سيّما المادة 56 من الدستور. وإذا كان البعض يرى في السجال الحاصل مصلحة انتخابية للتيار الوطني الحر في شدّ عصب المسيحيين، فإن ما قد يترتّب على تفاقم الأزمة يفوق قدرة الأطراف الحاليين على اجتراح حلول، في ظلّ غياب راعٍ إقليمي ودولي، والمنطقة برمّتها في طور إعادة التشكّل من جديد.
رأي هيئة الاستشارات أتى مخالفاً لغالبية الدستوريين ذوي الشهرة والخبرة؛ فبعد مواقف الرئيس حسين الحسيني، والوزراء السابقين إبراهيم نجّار وألبير مخيبر وإدمون رزق والنائب السابق صلاح حنين، الى موقف رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب روبير غانم والرئيس نجيب ميقاتي، الذين أكّدوا ضرورة توقيع وزير المال على مرسوم الأقدميات، أتى رأي هيئة الاستشارات ليدعم تفسيرات وزير العدل سليم جريصاتي، الذي اعتبر بعد اجتماع تكتّل التغيير والاصلاح أن «النقاش الدستوري والقانوني انتهى في البلد، بعد صدور رأي هيئة التشريع والاستشارات… وعلى الجميع الامتثال».
ولمّح جريصاتي إلى صلاحيات رئاسة الجمهورية، مؤكّداً أن «الرئيس العماد ميشال عون لا يغالي بممارسة صلاحياته الرئاسية، ونحن لن نقبل بأن ينتقص أحد من صلاحيات الرئيس في هذا العهد، فالرئيس رئيسنا جميعاً، وهو حامي الدستور والقانون».
كلام جريصاتي استدعى ردّاً عاجلاً من وزير المال علي حسن خليل الذي أكّد أن «البحث عن حجج لتغطية تجاوز الدستور لا تنفع وتزيد إرباك أصحابها وتخلق إشكالات جديدة». وشرح خليل أن مجلس القضايا في مجلس الشورى أصدر قراراً بتاريخ 19/11/1992 ويحمل الرقم 4/92-93، وفيه أن «وزير المالية يجب أن يوقّع على كل المراسيم التي يترتب عليها بصورة مباشرة، وحتى بصورة غير مباشرة، نتائج مالية أو أعباءً على الخزينة». ودعا جريصاتي، «المرجع المستشار»، الى أن «يقرأ القرار حتى لا يكرر الخطأ بالخطأ».
تعديل قانون الانتخاب غير وارد
وفيما تتصاعد حدّة الاشتباك حول مرسوم الأقدمية، ويضاف إليه رفض برّي إدخال تعديلات على قانون الانتخاب بعد أن طرح الوزير جبران باسيل في اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة تنفيذ القانون قبل أيام إدخال تعديلات عليه، أتى البند رقم 24 على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقرّرة غداً، وفيه يطلب باسيل تعديل قانون الانتخاب لتمديد مهلة تسجيل المغتربين حتى 15 شباط المقبل، ليضيف عاملاً جديداً على خطّ التوّتر، إذ أكّدت مصادر وزارية بارزة في حركة أمل لـ«الأخبار» أن «تعديل أي مادة في قانون الانتخاب أمر غير قابل للنقاش، لأنه سيفتح الباب أمام تعديلات أخرى بما يهدّد بتطيير الانتخابات النيابية». ورغم أن خلافاً كبيراً اندلع حول تمديد مهلة تسجيل المغتربين في اللجنة الوزارية، إلّا أن الحريري عاد وأدرج الأمر على جدول أعمال مجلس الوزراء.
بري: لإلغاء أوسلو وسحب السفارات من واشنطن
الى ذلك، أكّد برّي في كلمة أمام مؤتمر البرلمانات الإسلامية في طهران، أمس، أن «إسرائيل تنوي بناء جدار على الحدود الجنوبية اللبنانية الفلسطينية، في أراض متنازع عليها، وهي ضمن الحدود اللبنانية، يعتبرها لبنان حدوده». وأعلن أن «قوات اليونيفيل أخذت علماً بالبدء بالبناء آخر الشهر الحالي، بالرغم من الرفض اللبناني»، معتبراً أن «كل هذا ضغط مؤكد لتمرير صفقة العصر أو عقاب لعدم تمريرها». وكرّر برّي دعوته التي أطلقها في «مؤتمر دعم الشعب الفلسطيني» (انعقد في طهران في شباط 2017)، إلى الدول الإسلامية لـ«إغلاق سفاراتنا في واشنطن، إذ إن سفاراتنا أساساً لا تفعل شيئاً سوى تلقّي الإملاءات التي تناسب السياسات والمصالح الاميركية». كذلك دعا المجتمعين إلى «وقف كل المفاوضات المتصلة بما يوصف بعملية السلام، وإصدار إعلان واضح بالاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها الأبدية القدس، ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني وإلغاء اتفاق أوسلو…».
مصير مجهول للتحالف العريض في الشوف ــ عاليه: مصلحة العونيين في مواجهة جنبلاط
تعدّ دائرة الشوف ــ عاليه من أعقد الدوائر الانتخابية وأكبرها. النائب وليد جنبلاط يريد انتقالاً ثابتاً للزعامة إلى ابنه تيمور بأرقام مرتفعة، والتيار الوطني الحرّ يريد حقّه من المقاعد، واستعادة النفوذ المفقود بفعل حرب الجبل. التحالف العريض احتمال، لكنّه يضعف كل يوم في ظلّ المصالح المتضاربة، إلّا أن المؤكّد أن مصلحة التيار الوطني الانتخابية هي في مواجهة جنبلاط وليس في التحالف معه (مقال فراس الشوفي).
تحمل نتائج الانتخابات المقبلة في دائرة الشوف ــ عاليه أكثر من بعد سياسي، كخلاصة طبيعيّة لوصول الرئيس ميشال عون إلى سدّة الرئاسة. فهي بالدرجة الأولى، ستكون اختباراً لمدى قدرة عون على إعادة نفوذ الرئيس «المسيحي القوي» إلى الجبل الجنوبي، بعد أن أفرزت نتائج الحرب الأهلية انحساراً للنفوذ السياسي الماروني في الشوف وعاليه، وإطباق الزعامة الجنبلاطية على مفاصل القرار. وفي الوقت نفسه، يضع الاستحقاق الانتخابي جنبلاط أمام تحدّي توريث زعامة غير «مهزوزة» لابنه تيمور، الآتي إلى كرسي «البكويّة»، بتسليم تلقائي من رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي، في ظاهرة نادرة عند زعماء آل جنبلاط.
رئيس اللقاء الديموقراطي أكثر السياسيين اللبنانيين قدرةً على إعادة التموضع. وهو سلّم أخيراً بالقدر المرسوم في قانون الانتخابات الجديد، وبخسارته نائبين أو ثلاثة من كتلته، مع أن قانون الانتخاب كان يمكن أن يكون قاسياً عليه للغاية، لو لم يضغط الرئيس نبيه بري وحزب الله لإبقاء الشوف وعاليه دائرة واحدة.
إلّا أن جنبلاط، الذي استبق الآخرين بكشف أوراقه وأسماء مرشّحيه، لا يزال ينتظر بازار البيع والشراء في التحالفات الانتخابية، بعقليّة الماضي. فهو يستميت لحصول ائتلاف عريض في الشوف وعاليه يضمّ الاشتراكيين والقوات اللبنانية وتيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ، يحميه سياسياً ويؤكّد دوره المحوري في الجبل.
لكنّه في ذات الوقت، لا يقدّم عروضاً مشجّعة للآخرين للتحالف معه، فيعرض نائباً على تيار المستقبل ونائباً على القوات ونائبين على التيار الوطني الحرّ. وهو من جهة يستثمر بالعلاقة التاريخية والشخصية مع الرئيس سعد الحريري لكي يقبل بنائب واحد ويتخلّى عن ترشيح الوزير غطّاس خوري، وبثبات التحالف مع القوات الذي نسجه مع النائب جورج عدوان، معترضاً على ترشيح القوات أرثوذوكسياً في عاليه، هو أنيس نصّار. فيما يغازل التيار الوطني الحرّ من كيسه، بمقعد للوزير سيزار أبي خليل، وهو محسوم من دون منّة من أحد، ويقلّص حصّة العونيين المثبتة من نائبين إلى نائب في الشوف، ويرفض ترشيح التيار لإيلي حنا عن المقعد الأرثوذوكسي في عاليه، ملتزماً مع الكتائب ترشيح النائب فادي الهبر على المقعد نفسه.
حتى الآن، تتخبّط الدائرة بجملة خيارات انتخابية وسياسيّة، من دون أن يظهر أفق التحالفات. فالعلاقة بين القوات والتيار الوطني الحر لم يتّضح مستقبلها، بعد أشهر من الصّدام والاتهامات المتبادلة، وهي متوقّفة على الاتصالات التي تحصل أخيراً. وكذلك الأمر بالنسبة إلى علاقة القوات بتيار المستقبل، والأزمة التي حصلت بعد إجبار الحريري على تقديم استقالته في المملكة العربية السعودية. ولعل الجزء الأصعب، هو العلاقة الانتخابية بين التيار الوطني الحر وجنبلاط، علماً بأن الحريري سيكون محرجاً إذا تواجَه حليفاه ولم يصل التحالف المرتجى إلى خواتيم إيجابية، وهو الذي يرغب في تحالف عريض مع التيار الوطني الحرّ في كلّ الدوائر. وعلى ما تؤكّد مصادر نيابية معنيّة في تيار المستقبل والحزب الاشتراكي، فإن الحريري وجنبلاط اتفقا مسبقاً على التحالف معاً في الشوف وبيروت والبقاع الغربي. كذلك، لعلاقة تيار المستقبل بالجماعة الإسلامية تأثير مباشر في الدائرة، وما إذا كان المستقبل سيساعد الجماعة الإسلامية في بيروت للحصول على مقعد، ليستفيد من قدرتها التجييرية في إقليم الخروب، أم أن الخلافات القطرية ــــ السعودية تمنع الحريري من التحالف مع الجماعة، وبالتالي ستندفع الأخيرة إلى تبنّي مرشّح خاص بها في الإقليم.
على المقلب الآخر، يمنع رفض النائب طلال أرسلان تأليف لائحة مشتركة مع الوزير السابق وئام وهّاب، قوى 8 آذار من تأليف لائحة منافسة قويّة في وجه أي تحالف آخر، تستطيع حصد خمسة مقاعد في حال التحالف مع التيار الوطني الحرّ من أصل 13 مقعداً في الدائرة (8 مقاعد في الشوف و5 مقاعد في عاليه).
عقدة تيمور
يجد الحزب التقدمي الاشتراكي صعوبةً في تقسيم أصواته التفضيلية بين تيمور جنبلاط والنائب مروان حمادة. بالنسبة إلى جنبلاط، من المهمّ أن يصل تيمور بأرقام مرتفعة ما دام المنافس هو وهّاب، وبالتالي يجب تأكيد ابتعاد تيمور بأشواط عن وهّاب، وكذلك في رفد نجله بالأصوات الكافية لكي لا يتقدّم عليه النائب أكرم شهيّب، ذو الحيثية القويةّ في عاليه والمرشّح لتصدّر اللائحة بالأرقام. إلّا أن حماية تيمور وتحصينه يفرضان أيضاً ضمان حمادة بالأصوات الجنبلاطية حتى لا يكون أي خرق على حسابه، على اعتبار أن خسارة جنبلاط أحد المقاعد الدرزية لا تضاهيها خسارة. ومع أن ماكينة الحزب الاشتراكي هي الأفضل بين منافساتها في الجبل، مع قدرة تجييرية وتنظيمية عالية، إلّا أن عملية توزيع الأصوات بين تيمور وحمادة دقيقة حتى لا تشوبها أخطاء قاتلة. وعلى الحزب الاشتراكي أيضاً حماية مقعد النائب نعمة طعمة، ابن المختارة وإحدى صلات وصل جنبلاط بالسعودية، وأبرز ممولي لائحة «البيك». تعدّ حيثية طعمة الشعبية مهدّدة أمام المرشّحين الكاثوليك الآخرين مثل القيادي في التيار الوطني الحرّ غسان عطالله. ولعلّ الأخطر على طعمة، وعلى لائحة جنبلاط، وجود وهّاب على لائحة التيار الوطني الحرّ، بحيث يصبح الخطر مضاعفاً، ما دام عطالله أتى أوّلاً في الانتخابات الداخلية للتيار الوطني الحرّ، ومن المحتمل أن يحوز أصوات التيار التفضيلية، متقدّماً على المرشحين الموارنة.
كان لافتاً تأكيد جنبلاط لتحالفه مع الوزير السابق ناجي البستاني. 40 عاماً من الصراع العلني والخفي بين البستاني وجنبلاط محتها المصلحة الانتخابية. «ناجي قيمة مضافة» قال جنبلاط. البعض شعر وكأن جنبلاط ورّط البستاني، فلا هو استطاع رفض كونه قيمة مضافة، ولا التأكيد، مثبّتاً التحالف مع جنبلاط. فصباح اليوم التالي، كان البستاني في قصر بعبدا يزور الرئيس عون، وعلى ما تقول مصادره فإن «علاقتنا بالرئيس عون ثابتة ومتينة ونحن نتواصل مع الجميع ومع وليد بك، وكل الخيارات موجودة». فيما تؤكّد مصادر في التيار الوطني الحرّ أن «جنبلاط اتصل بالبستاني قبيل مقابلته التلفزيونية الأسبوع الفائت وأبلغه أنه سيرشحه، ولم يعترض». بالنسبة إلى جنبلاط، ناجي البستاني رافعة للائحته، ويستطيع أن يستقطب أصوات مسيحيين من القاعدة المشتركة مع التيار الوطني الحر. وبالنسبة إلى العونيين، البستاني يضمن أن لا تتشتت أصوات التيار، وقد يكون وجوده عاملاً لفوز آخرين في لائحة التيار، وليس بالضرورة أن يكون هو الفائز. بينما يهمّ البستاني أن يكون في لائحة، أي لائحة، تؤمّن له الحاصل الانتخابي وهو يتكفّل بأصواته التفضيلية، مع الحفاظ على العلاقة مع الجميع، مع تفضيله أن يكون في لائحة التيار. وبحسب المعلومات، فإنه اتفق مع الوزير جبران باسيل على أن يلتقيا قريباً. وبين غالبية القوى في الشوف، القوات اللبنانية وحدها من يجد أزمة في النزول بلائحة واحدة مع البستاني.
ماريو عون: أنا الأقوى
لا يتعب الوزير السابق ماريو عون من السعي لحصول ائتلاف بين جنبلاط والتيار الوطني الحر. وهو يعمل جنباً إلى جنب مع طعمة لتأمين حصول هذا التحالف، الذي يضمن فوزهما، باعتقادهما. وفي الوقت نفسه، يزور عون وهّاب ويعلن رغبة التيار في تشكيل لائحة معه في مواجهة لائحة جنبلاط. إلّا أن ماريو عون، الذي يؤكّد وجود سعي لأجل التحالف مع جنبلاط، يقول لـ«الأخبار» إن «التحالف لم يحسم بعد ونميل أكثر نحو تشكيل لائحة مع وهّاب، زرته من يومين وتحدثّنا بالأمر». ويؤكّد أنه زار البستاني أيضاً وعرض عليه أن يكون في كتلة التغيير والإصلاح، لكنّه لم يرد جواباً، مع العلم أن التيار رشّح غياث البستاني. وعن المرشّح زياد الشويري ابن بلدة الدامور، يقول عون إن «الشويري يصنّف نفسه قريباً من التيار، لكنّه لا يقتنع بأن التيار لديه مرشح قوي هو ماريو عون». أمّا حول التحالف مع المستقبل، فيؤكّد أن التيار يرغب في أن يكون اللواء إبراهيم بصبوص على لائحته (المقعد السني)، علماً بأن الوزير طارق الخطيب مرشّح (سنّي)، و«الحريري يريد أن يجد حلّاً للتحالف العريض، لأنه يريدنا ويريد جنبلاط». وينتقد عون تعاطي جنبلاط مع القوى السياسية: «يتعامل على قواعد كما في السابق بأن يعطينا الفتات». فيما تقول مصادر متابعة في التيار الوطني الحرّ، إن مصلحة التيار ليست في التحالف مع جنبلاط، بل على العكس، لأن «هناك الكثير من أصواتنا لن تشارك في الانتخابات إذا كنّا في تحالف معه، وبالتالي إن أي خرق من اللوائح المضادة سيكون على حسابنا». ثمّ إن «جنبلاط يطرح علينا مقاعد عليها معركة، حتى مقعد ماريو عون لن يكون محسوماً، إذ إن أي خرق سيكون على حسابه، لأن عدوان يستطيع الحصول على كامل أصوات القوات التفصيلية، والبستاني يأخذ من أصوات التيار، بينما قد تنقسم أصوات عون مع الشويري في الدامور، وبالتالي المقعد ليس محسوماً في التحالف، بينما نحن حصتنا نائبان في الشوف وكسور».
وهّاب واللائحة الثالثة
أمام غياب الوضوح في التحالفات، يجري الحديث عن الخيارات الأفضل أمام قوى 8 آذار. وإن كان الائتلاف بين وهاب وأرسلان يكاد يكون مستحيلاً، فإن تحالفاً بين وهّاب والحزب السوري القومي الاجتماعي وباقي قوى 8 آذار، قد يكون خياراً وحيداً أمام هؤلاء لمحاولة الخرق، مدعوماً بأصوات حزب الله. ويضع الحزب القومي عينه على المقعد الأرثوذوكسي في عاليه، فيما يؤكّد أكثر من «خبير انتخابي» أن هذ التحالف قد لا يوصل وهّاب إلى الندوة البرلمانية، إنّما يسمح له بإيصال أحد المرشّحين على لائحته. وحتى الآن، يبرز اسم المرشّح القومي حسام العسراوي عن المقعد الدرزي، فيما لم يحسم القومي أسماء مرشّحيه في الدائرة، مع ترجيح طرحه مرشّحاً أرثوذوكسياً.
برجا تريد نائباً
على الرغم من القرار والرغبة المشتركة بين النائب وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري في خوض الانتخابات في لائحة موحّدة في الشوف وعاليه، إلّا أن خريطة التحالف لم تتّضح بعد. فجنبلاط حتى الآن يعرض على المستقبل مرشّحاً واحد هو النائب محمد الحجّار، الذي يستطيع المستقبل ضمان ربحه من دون هذا التحالف. وبإعلان الزعيم الاشتراكي ترشيحه الوزير السابق ناجي البستاني، فإنه قطع الطريق على ترشيح غطّاس خوري، فيما يتمسّك جنبلاط بترشيح الدكتور بلال عبدالله (ابن بلدة شحيم) لأحد المقعدين السنيين. ومع أن كثيرين يعتقدون أن ترشيح عبدالله قابل للمساومة، إلّا أن جنبلاط يصرّ على ترشيح المستقبل أحد الأسماء من بلدة برجا، نظراً إلى الاعتراض الواسع في البلدة على غياب أيّ مرشّح منها، والدور الذي يلعبه النائب علاء الدين ترّو للمساهمة في اعتراض أبناء برجا على ترشيح جنبلاط اسماً من شحيم.
ويقول الحجّار لـ«الأخبار» إن «التحالفات ليست نهائية؛ نحن لدينا اتفاق مع الحزب الاشتراكي، لكن هذا الاتفاق يجب أن يتبلور أكثر في المرحلة المقبلة، والقانون الحالي يفرض تحالفات موضعية. وبشكل عام، التحالفات لم تنضج بعد، لا سيّما في النقاشات مع القوات والاشتراكي والتيار الوطني الحر».