"الإخوان" والقومية : لماذا يواصل أردوغان شن الحرب على الشعب الكردي؟

Quand les États-Unis voient leurs alliés leur échapper
“المحفل” لـ ناتاشا براون: حكايةُ العِرق والطبقة الاجتماعية في بريطانيا
العنصرية في الجيش الأميركي : اعتراض “أبيض” على تولي “أسود” وزارة الدفاع

تستعر الحرب الأهلية بين الأتراك والأكراد في تركيا. تخلت حكومة أردوغان “الإخوانية” عن أي مقاربة تصالحية مع المجتمع الكردي. يريد الحزب “الإخواني” المعروف باسم “حزب العدالة والتنمية” الحاكم، حصر السلطة السياسية لديه. بينما تقاسم السلطة مع منطقة كردية مستقلة ذاتياً، يهدد مخطط أردوغان لتحويل تركيا من النظام البرلماني الحالي إلى الحكم الرئاسي.

وبرأيMaurizio Geri  الباحث في “معهد واشنطن”، فإن هذه المصلحة الشخصية ـ الحزبية اتضحت بعد أن غيّر «حزب العدالة والتنمية» استراتيجيته، عقب خسارته انتخابات المجلس النيابي في حزيران/يونيو 2015. إذ انقلب أردوغان على المفاوضات السلمية مع “حزب العمال الكردستاني”، ورجع إلى استراتيجية الحرب ضد مناطق الأكراد وتجمعاتهم السكانية الكبرى في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية[1].

لقد أصبحت هذه المناطق منكوبة بدمار الحرب التي يشنها الجيش التركي عليها. مأساة بلدة جيزرة في محافظة شرناق جنوب شرق البلاد، أصبحت عبرة رهيبة عن نتائج استراتيجية الحرب وفرار السكان أمام الدولة. الريفيون الأكراد الذين ضاقوا ذرعا بحظر التجوال الذي فرض على بلدتهم في نهاية العام الماضي. نزحوا سيراً على الأقدام، تحت الأمطار والثلج، رافعين الرايات البيضاء إلى مدن قريبة من بلدتهم، بعدما جعلتها القوات الحكومية التركية بلدة أشباح. أغلب أهالي جيزرة نزحوا إلى مدن مرسين وأضنة وإلى العاصمة إسطنبول[2].

يوم الاثنين 1 آب الجاري قتل خمسة من أفراد القوات الخاصة في الشرطة في محافظة بينغول في الشرق، بفعل انفجار عبوة وضعت على الطريق التي تسلكها عربتهم. في اليوم السابق، قتل اثنا عشر جندياً. بعضهم سقط في محافظة هكاري في الحنوب الشرقي، فيما قتل البقية في أوردو، وهي مدينة على ساحل البحر الأسود في الشمال.

تلفت Marie Jégo مراسلة صحيفة Le Monde الفرنسية في اسطنبول، إلى أن محافظة أوردو تمتد من الشرق حتى شاطئ البحر الأسود شمالاً، وحضور المتمردين الأكراد فيها ضئيل. لكن أجهزة القمع الأردوغانية، تزعم أن “الجبهة الشعبية الثورية المتحدة” التي نفذت الهجوم ضد الجيش، تخضع لأمرة دوران كالكان أحد قادة “العمال الكردستاني”. لقد طوقت القوات الخاصة المهاجمين بسرعة، وانضم إليها في المعركة قرويون يحملون بنادق صيد.

خفض الأكراد هجماتهم على الجيش والشرطة، بعد محاولة الإنقلاب العسكري الفاشل على أردوغان يوم 15 تموز الماضي. كانوا يظنون أن مشاركة جنرالات الحرب عليهم، مثل آدم هودوتي قائد الجيش الثاني، بالإنقلاب الفاشل، سوف ينعش آمال السلام بين ديار بكر وأنقرة. وعلق كثير من الأكراد على مواقع التواصل الإجتماعي بأن هؤلاء الجنرالات “سوف يدفعون ثمن جرائمهم في بلدة جيزرة”.

كما أعلن صلاح ديميرتاش زعيم “حزب الشعوب الديموقراطي” الكردي، وهو ثالث قوة في البرلمان، تأييده لشرعية أردوغان، ورفض تأييد الإنقلابيين عليه. لكن أردوغان لم يرسل أي إشارة سلام نحو الأكراد، بعد “انتصاره” على الجيش. لم يظهر الرئيس “الإخواني” التركي أدنى بادرة تنم عن رغبته بالإستفادة من “دروس الإنقلاب”، لوقف الحرب الأهلية مع الأكراد.

وترى Marie Jégo أن التحول الديموقراطي الذي يدعي أردوغان أنه يقوده، من خلال تصفية الإسلاميين من أنصار فتح الله غولن، لن ينجح من دون حل المسألة الكردية في تركيا، بما يضمن حقوق الأكراد في الحكم الذاتي. وينتقد ديميرتاش سياسة أردوغان، ويقول أن أنصار غولن وصلوا إلى هذه القوة من النفوذ بفعل دعم أردوغان لهم، أما الإنقلابيين فإنهم من “الساخطين على سياسة” الحكم “الإخواني”، وليس من بينهم “غولينيين”، كما تروج الحكومة “الإخوانية” التركية[3].

تمضي الحرب الأهلية التي يقودها أردوغان ضد الأكراد دون توقف. وهذا التدهور السياسي الذي تضاعف بعد انقلاب 15 تموز 2016، حمل مكتب منظمة العفو الدولية في النمسا على توجيه تحذير يفيد بأن “حقوق الإنسان في تركيا تحت الخطر”[4].

ويعرض Maurizio Geri  عدداً من الأدلة على أن أردوغان قد اختار الحل الأمني للمسالة الكردية، ولذلك لا أفق سلمياً للصراع التركي ـ الكردي[5]. أما جهاد الزين، وهو “تركولوغ” لبناني لطالما روج لـ”النموذج التركي”، فإنه يعيد هذا الإختيار، إلى مشروع “الإخوان المسلمين” نفسه، وهو الوصول إلى السلطة عبر الديموقراطية ولكن ليس التخلّي عن السلطة مهما كان الثمن. فالمسألة ـ يقول الزين ـ هي أعمق مِنْ مَنْ حاول الانقلاب لأن حصول محاولة الانقلاب نفسها هو العلامة على تدهور بل موت “النموذج التركي”[6].

مركز الحقول للدراسات والنشر
الإثنين، 8 آب 2016

[1] http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/turkeys-securitization-of-the-kurdish-issue-a-dangerous-strategy

[2] http://www.zamanarabic.com/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A3%D9%87%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%AC%D9%8A%D8%B2%D8%B1%D8%A9-%D9%8A%D9%86%D8%B2%D8%AD%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%AD%D8%A7%D9%85%D9%84%D9%8A%D9%86-%D8%A7/

[3] http://www.lemonde.fr/international/article/2016/08/02/turquie-pas-de-negociations-en-vue-entre-le-pkk-et-l-etat_4977394_3210.html#MSQmklZx7ITEVVVf.99

[4] http://www.zamanarabic.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%81%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AA/

[5] http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/turkeys-securitization-of-the-kurdish-issue-a-dangerous-strategy

[6] http://newspaper.annahar.com/article/442092-%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%A7-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7