المعمار ألفارو سيزا : الموقعُ، والمناخُ، والناسُ، وعمارةُ المكان

بلاك ووتر : الحكومة الأميركية تتستر على جرائم شركات الأمن الخاص؟
شؤون يهودية : حاخامات كلية “بني دافيد” يُشيدون بأدولف هتلر؟
ترامب: الناتو “نمر من ورق” يتراجع إلى الخلف

المعمار الفارو سيزا، هو من مواليدِ البرتغال عام 1933، درسَ في مدرسةِ العِمارة في جامعةِ بورتو، في البرتغال، حصلَ على دكتوراه فخريَّة في العِمارة، من عدَّة جامعاتٍ في العالم. وهو حائزٌ على العشراتِ من الجوائزِ في المسابقات الدوليةِ، أهمُّها، جائزة بريتزكر في العام 1992، وجائزة الأسد الذهبي لافضلِ مشروعٍ في بيينال البندقية عام 2002، والجائزة الكبرى للتخطيط المديني للعام 2005.
ويُعتبر الفارو سيزا، من أهمِّ الذين دعموا ثَورةِ القرنفلِ في البرتغال.

ـ من أبرزِ ما قاله سيزا عن ممارسته المهنية:
ـ يُقالُ لي، إنه تنقُصُني نظريةٌ رئيسةٌ، وينقُصُني منهجٌ يقالُ أيضاً، وأنَّ مساري ليس مساراً تربوياً، والطريقُ الذي أدلُّ عليهِ، ليس طريقاً واضحاً.
الطرقُ هي دائماً، غيرُ واضحةٍ أقول.
ـ مبانيَّ هي غيرُ منتهيةٍ يقالُ أيضاً.
ولكنَّ كونَها قد توقَّفتْ أو عُدِّلتْ، فلا علاقةَ لذلكَ، بما يُسمَّى راهناً جَمالُ المباني غيرِ المكتملةِ، أو بمفهومِ العملِ المفتوح، أقولُ.
ـ يُقالُ أيضاً، عن أعمالي القديمةِ والراهنةِ، إنها تتأسَّسُ على العِمارةِ المحليَّة التقليديَّة.
إن هذه الأعمالِ، هي التي سمحَتْ لي أن أفهمَ مُقاومَةَ عاملٍ، وغَضَبَ الذي يمرُّ بالمكانِ، ويُحاكِم العملَ، أقولُ مجدَّداً.
التقاليدُ هي تحدٍّ يُواجِهُ التجديدَ. إنها تتكوَّنُ من إضافاتٍ متتابعة.
انا محافظٌ وتقليديٌّ، يَعني أنني أتحرَّكُ وسطَ النزاعاتِ، والتسوياتِ، والتهجينِ، والتحوُّلات.

ـ أبرز ما قيل فيه.
ابرزُ ما قيل فيهِ،
ـ يقولُ Peter Testa «بيتر تستا»، إن أعمال الفاروا سيزا، هي ثمرةُ بحثٍ شديدِ التعقيدِ، والدقَّة. وهي مُلهَمَةٌ من إلتزامٍ عمليٍّ صارمٍ. وليس من الصدفةِ ان نَجزُمَ بأن عِمارتَه، هي شكلٌ من أشكالِ المعرفةِ. وهي، ككلِّ شكلٍ معرفيٍّ، لا تتوجَّه لتعكُسَ نِظاماً ساكناً لحقيقةٍ كونيَّةٍ أبديةٍ. إنها عمليَّةٌ إجتماعية.
ـ اما الناقد والمنظِّر (Kenneth Frampton) «كِنِتْ فَرامْبتُون»، فينقلُ عن سيزا قولُه، المعماريُّون لا يبتكرون شيئاً، إنهم يغيِّرون، او يحوِّلونَ الواقعَ. بهذه الكلماتِ يحدِّد سيزا بوضوحٍ، حدودَ مهنتِه.
المسطَّحُ، يقولُ سيزا، هو نوعٌ من الإظهارِ. وفي بعضِ الحالاتِ، الخطوطُ والرسوماتُ المنظَّمَةُ، تسمحُ بالوصولِ الى الدقَّةِ الصَّارمةِ المطلوبةِ. إنها ناتِجُ تفكيرٍ، ليسَ على الورقِ فحسب، بل في المجال. عندما أعمَلُ في مدينةٍ، أضعُ دائماً نقاطاً مَرجعيَّةً قريبةً، أستعمِلُها كنوعٍ من الدعمِ للمُسطَّحِ.

اما بالنسبةِ للرسمِ عندَ سيزا، يقول Frampton «فرامبتون»،
الرسمُ عنده، هو عمليةُ تحوُّلٍ دقيقةٍ ومؤلَمةٍ. عبر عمليةِ التحوَّلِ هذه، يتغيَّر التصوُّر أو الإظهارُ الرئيسُ للإرادةِ الأولى، ويتطوَّر. وهو يعتبرُ أنَّ الخُطَيْطَةَ الأولى، تُرسَمُ على الأرضِ بشكلٍ لا يتغيَّر.

ـ مواقفه الرئيسة
ـ أهتمَّ سيزا بأمورٍ كثيرةٍ، كالرسمِ مثلاً. وقد أشار إلى ذلكَ بدقة، الناقد Frampton «فرامبتون». إلا أن العِمارةَ تبقى من الثوابتِ في حياتي يقولُ سيزا، والوقتُ الراهنُ، هو وقتٌ صعبٌ لإنتاجِ عِمارةٍ جيدة. أرى اليوم أن هناك مسألتان:
ـ المسألةُ الاولى، كلُّ شيءٍ عليهِ ان يُعطَى بسرعةٍ لا تُصدَّق، مع الاملِ بأن كلَّ هذه التكنولوجيا الجديدة، ستسمَحُ بالتفكيرِ بسرعةٍ أكثر.
ـ والمسالةُ الثانية، تعودُ إلى سيطرةِ المعمارِ على عمليَّة البناءِ أو البنيان. وهي، أي السيطرةُ، تُصبحُ محدودةً بتصاعدٍ، وضعيفةً جداً.
ـ وفي الوقتِ الراهنِ، ما هو مُنتَظرٌ من المِعمارِ، ينحصِرُ في أن يُنتِجَ رسماً يُطابقُ القوانين، حتى يحصَلَ المالكُ على رُخصة.
أنا لستُ معماراً منطوياً على ذاته، فأنا جزءٌ مما يجري في عالمِ العِمارة، حيثُ أُلاحظ تنوُّعا، والعديدَ من الافكار.. وأساسُ عملي، هو الاستمراريةُ والتواصل.
ـ هناكَ مسائل أخرى تُهمُّني، وتؤثِّر في الطرقِ التي أبني فيها، مثل غياب الحرفيِّ مثلاً، مما يستدعي حلولاً جديدةً، وتغييراتٍ لا يُمكِنُ تلافيها في العِمارة.
وأكثرُ ما يؤثِّر في العملِ، هو فقدانُ الصبرِ عند المطوِّرين، وعدمُ اهتمامهم بالعِمارة. ومن الصعبِ جداً، أن نجدَ مالكاً يتطلَّع الى بنيانٍ بجودةٍ عاليةٍ. الإتجاهُ العامُ في كلِّ الامكنةِ التي بنيتُ فيها، كان دائماً إنتاجَ الصورةِ الخارجيَّةِ للعمارةِ، الأكثر إبهاراً، ولكن دون الاعتناءِ بالمجالاتِ الداخلية.

ـ الإستدامة، والنسيج المبنيُّ التقليدي
في مسألةِ الإستدامةِ يقول، لا أعتقدُ انَّ احداً يفكِّر بترميمِ كنيسةِ «العائلةِ المقدَّسةِ» (ساغرادا فاميليا) «لغودي» في برشلونه، بواسطةِ ألواحٍ شمسيةٍ لاقطةٍ توضَعُ على سَطحِها.. لدينا تطوُّرٌ في التقنياتِ، وحاجةٌ الى التكنولوجيا. ولكننا نرى، في الوقت ذاتِه، إهتماماً واسِعاً بالمحافظةِ على أحيائنا القديمةِ، وبالعملِ على إبقائها حيَّةً، بكلِّ الجودةِ التي تتمتَّع بها. والحوارُ، والتأثير المتبادلُ، واضحَا الغيابِ، بين كاتدرائيةِ «العائلةِ المقدَّسة لغودي»، وبرج «أغبار» (برج مياه برشلونة) الذي بناهُ «جان نوفل» في برشلونة.
وعن تدميرِ المشهدِ الطبيعيِّ يقولُ، إن ذلك يتزامنُ أو يترافَقُ، مع تراجُعِ الزراعة. فالزراعةُ هي مولِّدة المشَاهدِ الطبيعيَّة. وقد عمَدتْ الدولةُ في سويسرا، إلى أن تدفع لكلِّ صاحبِ أرضٍ لقاء زَرْعِها، وذلكَ للحفاظِ على جودةِ البيئة الطبيعية.
وحول اختناقِ المدن التاريخيَّةِ بالسياراتِ، وبالحركةِ فيها، عند المحافظةِ عليها يقول:
يُمكِنُنا أن نُعيد الحياةَ الى المراكزِ التاريخيةِ في مُدنِنَا، بما لا يتعارضُ مع متطلِّبات الحياةِ الحديثة، وفي الوقت ذاِته الحفاظُ على النسيجِ التقليديِّ للمدينة، وعلى عِمارةِ الشوارعِ فيها، وعلى الكتلِ المبنيةِ في هذه الشوارع.
النقصُ هنا مزدوجٌ:
ـ في السياساتِ التي تتَّبُعها السلطاتُ،
ـ وفي عدمِ كفاءةِ المخطِّطين والمعماريين. وتكمنُ المسالةُ من وجهةِ نظري، في كيفية مُلاءَمةِ برامجِ الإستعمالاتِ الجديدةِ، مع المباني التاريخيَّة.
وهذا يَفتَرضُ من المعمارِ، أن يكتسِبَه خلالَ عَملِهِ. والمهمُّ في هذا العملِ، وفي كلِّ التحوُّلاتِ الممكنةِ، هو المحافَظةُ على ميزاتِ النسيجِ التقليديِّ الكثيفِ، ذي الطابعِ التأليفي الواحدِ. فالتاريخَ لا يغيبُ، حتى في الأعمالِ الراديكاليةِ للمعمار «لوكوربوزييه» مثلاً. إذ أننا نجدُ فيها، لمساتٍ واضخةً تعودُ الى المحيطِ القريبِ، او إلى السياقِ المحلِّي.
لقد فاجأنا في استعمالِ السيراميك، والغرانيت الزهريِّ والرماديِّ السائدِ في «ريُّو»، والبلاطِ الأبيضِ والازرقِ من «لشبونه» في البرتغال، كلُّ ذلكَ في مبنى وزارةِ التربيةِ الوطنيةِ في «ريُّو دي جانيرُو»، بالإضافةِ إلى المفرداتِ الحديثةِ الكلاسيكيةِ في عِمارتِه، كالأعمدةِ الحرَّةِ المنتظمة، والظاهرةِ في الطابقِ الأرضيِّ، والواجهاتِ الزجاجيَّةِ الواسعة.
أعتقدُ، أن كلَّ من يريد ان يجدِّدَ، سيجدُ انَّ التقليدي هو تحدِّ له، وكلُّ تجديدٍ يمرُّ بالضرورة، عبْر التقليدي.
نقاطُ «لوكوربوزيه» الخمس للعمارة الجديدة، كانت موجودةً بشكلٍ أو بآخر. والمثيرُ في عملِهِ، هو هذه القوَّةُ التي كان ينقلُها عَبْر كلِّ أعماله. والإنارةُ من السقفِ أو من الجدرانِ الكثيفةِ الثقوب، في كنيسةِ «رونشان»، والمعبِّرةِ بشكلٍ لا يُصدَّق، هي ليست من ابتكاراته. إنك تَراها مُستعملةً لأغراضٍ مختلفةٍ، في عِمارة إفريقيا الشمالية، والمغرب.
وهكذا تعامَلَ «فرانك لويد رايت» مع العمارةِ التقليدية في اليابان، «ولويس كان» مع عِمارة الهند.
أنا لا أنظُرُ إلى أعمالِ المعماريين الذين ذكرتُ، بكونِها قَطْعاً مع الماضي، ومَنْ ليس لديه الحسُّ التاريخيُّ، او معرفةُ ثقافاتٍ أخرى، فهو لن يستطيعَ ان يقدِّم نتائج كالتي ذكرت.
نحن نقبلُ بأن نعتَبِرَ، أن «لوكوربوزيه» لم يكنْ يملكُ موهبةً عظيمة. لقد كانَ الرجلَ المناسبَ للزمنِ المناسِب. والجديدُ الذي أتى به، لم يكن تلبيةً لرغبةٍ في الإبتكار، أو رغبةٍ في تاكيدِ شخصيَّتِهِ.
عندما أتكلَّمُ عن النسيجِ التاريخيِّ، أنا لا أستعملُ مفرداتٍ مثل الترميمِ، او الإحياءِ، بل أستعملُ مفردةَ الإنعاش.
أنا اعتقدُ حقيقةً، انَّ الأشياء في الواقعِ هي غيرُ مُكتمِلَة. فالمعمارُ لا يستطيعُ ابداً أن يُنهي مبنى. وأنا أنظرُ لكلِّ مبنى أُنجِزَ، بأنَّه الحجرُ الأولُ، وعلى التاريخِ ان يُكمِلَ البنيان. وعمليَّةُ البنيانِ هذه التي يقومُ بها التاريخُ، تبدأُ مع أولِ ساكنٍ للمبنى. والأعمالُ تُصبِحُ أكثر غنىً وعُمقا مع الزمنِ، حتى لو كان ذلكَ عَبر الاخطاء.
الإحساسُ بالنسبةِ للمعمارِ، يكمُنُ في التمرينِ على طريقةِ النظرِ إلى الأشياءِ. تمرينُ قُدرتنا على المراقبةِ. وهذ لا يحصَلُ الا بالعملِ الدؤوبِ. وهذا ما نجدُه عند آخرين، مثل المصوِّرين الفوتوغرافيِّين، عندما يَستطيعونَ أن يلتقِطُوا لحظةَ ثباتٍ في شكلٍ ما.
إنها مسالةُ أن تَتْركَ نفسكَ تتشرَّبُ ما هو غيرُ منظور، ولكنَّه موجودٌ في الهواء.
أن تلتقطَ مناخَ المدنِ مثلاً، يتضمَّنُ إدراكَ ما هو الاكثرُ تاثيراً فيكَ في هذا المناخِ، وما الذي يُعطيك طابعَهُ وهُويتَه.

ـ الحركة، والشكل، والهندسة
المسطَّحُ هو إظهارٌ، هو جزءٌ مما ستكونُ عليه العمارة.
مبانٍ جيِّدة، لا يُمكِنُها أن تنشأ من تأليفٍ في المسطَّح. والمباني الجيِّدة بصورةٍ عامة، ليس لها مسطَّحات جميلة.
عندما درستُ مشاريعَ منازلٍ «لأدولف لوز»، كانت ردَّةُ فعلي سلبيَّة، لأنني لم أُعجَبْ برسوماتِه، وبخطوطِ مسطَّحاتِه. نحنُ نرى أعمالَه الانَ بصورةٍ مختلفة، فشكراً لفهمِنا للتاريخ.
والحقيقةُ ذاتُها أقولُها، حِيال أعمال «غاودي». «سكِتْشاتُه»، أي رسوماتُه السريعة، ليستْ جميلة بذاتِها، وهي لا تمثِّلُ شيئاً، مقارنةً بما تكتشِفُه عندما تَزورُ مَبانيه.
منزلٌ او مسكنٌ من تصميمِ «لوز»، فيه ما لا يُصدَّق من الغنى والتعقيدِ المجالَّيين، ولكن لا شيء من ذلك يظهرُ في رسوماتِه السريعة، فهي شديدةُ البساطة. عندما ترسُمُ، تكونُ في الواقعِ تُظهِرُ مكوناتٍ، هي في الحقيقةِ إختصارٌ للعِمارة.
ان الإمكانياتِ المُتاحةِ اليوم للإظهارِ، قادتْ إلى درجاتٍ عاليةٍ من الإفتعال، والزَخْرفةِ، والحِيَلِ الواسعةِ، وهذا ما شجَّع منحى صُنع الصورِ الاكثر جاذبية، المسالةَ الأهمَّ في المسابقاتِ الدوليةِ اليوم. يستعمِلُ المعماريون عادةً، الهندسةَ، للسيطرةِ على الأشكالِ في مشاريعهم.
وأنا، من جهةٍ، أنظرُ الى الهندسةِ، كوسيلةٍ للسيطرةِ على الأشكالِ في المشاريعِ،
ومن جهةٍ أخرى، أنظرُ الى الهندسةِ كشكلٍ من التواصُلِ، بين الذي تُصمِّمُه، والذي تَبنيه.

ـ النوافذ، وترتيب المجالات
من الصعبِ تَحديدُ مكانِ وجودِ نافذةٍ في مبنى بصورةٍ جيِّدة، وتحديدُ شكلِها وقياساتِها.
يقولُ «فرانك لويد رايت»، إن العمارةَ ستكونُ أجملَ، لو لم يكن فيها نوافذُ، أو إذا لم نكن مضطرِّين أن نلحظَ فيها نوافذ.
جذبتني دائماً، طريقةُ «أدولف لوز»، في تصميمِ النوافذِ في مشاريعه. ربَّما تجدُ في أعمالي، أن النوافذَ قد لُحِظتْ استراتيجياً، ليكونَ الناظرُ الواقفُ أمامها، في لحظةِ إنفعالٍ شعوري.
لم اكن ابداً، مهتمّاً بصنعِ جدرانٍ من الزجاج، لانه في مثلِ هذه الحالةِ، تختفي كلِّياً، مسالةُ التوازنِ والنظام اللذين نراهما في «جدران لوز».
لم أقدِّر أبداً تغليفَ المبنى كليَّاً بالزجاج. إذ يبدو لي في مثلِ هذه الحالةِ، وكأنه تمَّ نسيانُ شيء ما، او إضاعتُه.
أنظُرُ الى المظهرِ الخارجيِّ لمبنى، إنطلاقاً من أسبابٍ داخليةٍ فيه، وليسَ من مسالةِ التأليفِ في هذا المظهرِ، ومن صورةِ المبنى الخارجيَّة.
أعتقدُ، أن النافذةَ هي صعوبةٌ مضافةٌ الى المشروع. وهي تُنتجُ تعقيداتٍ إنشائيةً كبيرةً، وهذا ما يقودُ الى تصغيرِ العلاقةِ مع الخارجِ، وجعلِ المقَاربَةِ في هذا المجالِ، دقيقةً وإنتقائية.
موقِعُ النافذةِ وشكلُها، مُرتبطان باستعمالِ المبنى، أي باستعمالِ مجالاتِه. وفي سياقٍ تاريخيٍّ أيضاً، يرتبطان بالنِسَبِ في الواجهاتِ، وبإيقاعاتِ المدُن.

ـ اللون
انا اهتمُّ باللون. ولا اعتقدُ أن اختيارَ الألوانِ، يمكنُ ان يكونَ إنطلاقاً من «كاتالوج». عندما تتكلَّمُ عن اللونِ، فأنت تتكلَّمُ، عن الضوءِ، والمناخِ الجغرافيِّ، والسياقِ، والمناخِ العامِّ في المكان، وعن الناس فيه.
يُمكِنُ ان نجدَ اللونَ في هذه الاشياءِ الفيزيائية، ويمكنُ ان نَجدَه أيضاً في أشياءٍ أقل ملموسيةٍ.
أنا أستعملُ الأبيضَ في عملي في «إيفورا»، لأن المدينةَ بيضاء، ولأنَّ العمارةَ الجديدة التي أُضيفها، أُريدُها ان تكونَ امتداداً للمدينة.
ومن ناحيةٍ أخرى، فإن الأبيضَ في «إيفورا»، يبدو كجوابٍ على المناخِ، وعلى الفناءِ الداخليِّ المتوسِّطي.

ـ المسكنُ أو البيت
يقالُ، إن المِعمارَ، لا يُمكن أن يُعتَبرَ معماراً، إذا لم يبنِ منزلاً. وهذه مسألةٌ شديدةُ الأهمية بالنسبة لي. كي تستطيعَ أن تتعامل مع مشروعٍ كبيرٍ، عليكَ ان تفهمَ المشروعَ الصغيرَ. والعكسُ هو الصحيح أيضاً، لتصنعَ منزلاً، عليك أن تفهم المشروعَ الكبير. فالمسألتان موجودتان في المدينة: من جهة المسكنُ او المنزلُ، ومن جهةٍ أخرى، النسيجُ المديني، بكثافاته المختلفة.
المنزلُ، ليس مجرَّد رسمٍ أوليٍّ، إنه تراكمُ تجاربٍ واسعةٍ، من اللجوءِ الى أفكارٍ وحلولٍ متعدِّدةٍ، منها الحلول والافكار التقليدية. ويشعرُ الناس بالراحةِ، عندما يتبادلون الأفكارَ والأراءَ مع المعماريين.
يقول معمارٌ صديقٌ، إن العِمارة لا تُبتَكَرُ بل تُكتَشفُ، عَبْر التجاربِ والأحلامِ، وهذا صحيح.
المنزلُ هو مكانُ التجارب والأحاسيس، التي لا تشعرُ بها في مكانٍ آخرٍ، وفي ظروفٍ أخرى. إنه مكانٌ فريدٌ، رائعٌ، بشكلٍ لا يُمكن تفسيرُه.

ـ الرسم
غالباً، ما أُوصَفُ بأنني مِعمارٌ فنَّانٌ، يقولُ سيزا.
ربَّما، لأنهم يعتقدون، أنني شديدُ الإحساسِ في التقاطِ جوهرِ الأشياء.
أن تصنَعَ العِمارةَ، هو فنٌ، وآخرون غيري لا يرونَ الامورَ بهذه الطريقة. فعندما يُنتِجُ نحَّات تجهيزاً، (Installation) فهو يستعمِلُ المجالَ، وما يعمَلهُ هو عمارةٌ.
فالمِعمار يحتاجُ الى علاقةٍ متينةٍ مع الفنونِ الأخرى، كما أعتقدُ أن التخصُّصَ، هو واحدٌ من شياطين هذا الزمن.

COMMENTS