عملاء “موساد” صاغوا “حل” الدولة الفلسطينية المستقلة؟ (عن دور “الضابط” ديفيد كيمحي وآخرين)

خبير فرنسي : لهذه الأسباب يتقهقر جهاز موساد ويفشل؟
خبراء : واشنطن تنتهج إستراتجية عسكرية جديدة في آسيا والمحيط الهادئ
الوزير فاروفاكيس: برنامج الإصلاح الذي فرض على اليونان أكبر كارثة

خاص ـ ترجمة وتحرير الحقول / إن كلام التأبين الذي حصر “أعمال” الدكتور ديفيد كيمحي (دييف) في وظيفته في جهاز “موساد” قد ظلم انجازه. وقد تبين لي في حديث أجريته معه في حزيران 2007، احتفاء بانقضاء اربعين سنة منذ الاحتلال [الصهيوني للضفة الغربية وقطاع غزة]، انه لا توجد عملية يفخر بها دييف أكثر من “مبادرته السلمية” في حزيران 1967.

بعد تسعة ايام من نشوب حرب الايام الستة، صاغ ضابط الاستخبارات [الصهيوني] في الاحتياط كيمحي وصديقه دان بابلي، حل دولتين للشعبين ـ “اسرائيل” وفلسطين. وفي وثيقة أعداها معا، بعدما عقدا عددا من اللقاءات مع رجال فلسطينيين على رأسهم المحامي عزيز شحادة، اقترح الثنائي كيمحي ـ بابلي اقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وفي قطاع غزة.
ولقد كتبا، أن الدولة الجديدة ستكون مربوطة بـ”اسرائيل”، باتفاقات دفاع واقتصاد وسياحة وغير ذلك. لن يكون لهذه الدولة جيش بل قوات شرطة فقط. والجيش “الاسرائيلي” وحده، سيحمي غور الاردن أو من خلال دوريات مشتركة مع قوات فلسطينية.

قبل أن يوضع أول حجر “اسرائيلي” في الأحياء العربية في شرقي القدس، وبعد أن فحصا الفكرة مع زعماء فلسطينيين، كتب كيمحي وبابلي مع صديقين من الوسط الإستخباري/”موساد”، وهما اسحق اورون وهار ايفن، اللذين انضما الى المبادرة، الأسطر الآتية :
“ستُضم القدس الى اسرائيل، مع وضع خاص للأماكن المقدسة، وستقام ايضا بلدية فرعية للجزء العربي من البلدة القديمة. ستُنْشَأ الدولة الفلسطينية، عاصمتها في أقرب نقطة ممكنة من القدس”.

بل إن ضباط “موساد” الشبان، فكروا، يومها، في تبادل اراض : ضم جيب اللطرون، وسلسلة جبال الجلبوع، عوض التخلي عن عدد من القرى العربية داخل “اسرائيل”. وعلى مر الايام، عندما أسهم كيمحي، بحكمته، في مبادرات كثيرة للسلام والتصالح، فإنه تخلى عن فكرة التبادل.
وقد سُلمت نسخ من وثيقة كيمحي ـ بابلي الى رئيس الحكومة [الصهيونية، آنذاك] ليفي اشكول والى وزير الدفاع موشيه دايان والى الوزراء بنحاس سابير ويغئال الون واسرائيل غليلي.

بعد انقضاء اربعين سنة من [إتمام] الاحتلال [الصهيوني لكل أراضي فلسطين التاريخية] قال لي كيمحي : إن شمعون بيريز كان واحدا من اولئك الذين أقنعوا قيادة حزب “ماباي” [الصهيوني اليساري] بالتمسك بالخيار الاردني [الذي يعني تحويل شرق الأردن إلى وطن فلسطيني بديل]، وخلص، آسفا، قائلا : “كانت تلك إضاعة فرصة نادرة بمفاهيم دولة لم تعتد إضاعة الفرص لإضاعة الفرص”.
عكيفا الدار، كاتب وصحفي صهيوني، فلسطين المحتلة
مصدر المقال : صحيفة “هآرتس” 16/3/2010
ــــــــــــــــ

ملاحظات إضافية :
وكان النائب الأسبق لرئيس جهاز موساد “الإسرائيلي” ديفيد كيمحي، قد توفي يوم 9 آذار 2010، عن عمر يناهز 82 عاماً، نتيجة لإصابته بسرطان في الدماغ، وذلك بعد سنوات طويلة من العمل الاستخباراتي والدبلوماسي.
وكيمحي، المولود في بريطانيا، كان قد “هاجر” إلى فلسطين المحتلة عام 1948، حيث قاتل إلى جانب العصابات الصهيونية خلال الحرب العربية ـ الإسرائيلية الأولى (1948). ثم عمل مراسلا في فرنسا، لصحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية ، قبل أن يلتحق بجهاز “موساد” عام 1953، حيث اهتم خصوصا بالاتصالات مع المغرب.
شغل كيمحي منصب نائب رئيس “موساد” بين عامي 1976 ـ 1980، حيث تمكن من إقامة علاقات وثيقة مع عدد من قادة ميليشيات وأحزاب اليمين “المسيحي” في لبنان، وساهم بأدوار كبيرة في الحرب الاهلية اللبنانية (1975 ـ 1990) ، كما لعب دورا أساسياً في قضية “إيران ـ كونترا”، ثم ترك “موساد”، وتولى منصب مدير عام وزارة الخارجية “الإسرائيلية” حتى عام 1986.
وبعد تقاعده عن العمل، سعى كيمحي إلى الترويج لمشروع “موساد” القديم : حل الدولتين، حيث وقع في عام 2003، مع عدد من الفلسطينيين الصهاينة من أمثال ياسر عبد ربه وغيره، ما عرف بـ”مبادرة جنيف”، التي تدعو إلى انسحاب “إسرائيلي” من بعض الأراضي الفلسطينية التي احتلها الجيش الصهيوني عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب الكيان الصهيوني / “إسرائيل”.
وقد أثنى رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو، في بيان نعي رسمي، على كيمحي باعتباره رجلا شغل “سلسلة طويلة من المناصب الحيوية … بقدرة وإخلاص كبيرين” للمشروع الصهيوني.

COMMENTS