
ليبيا : الدينار والدولار و... شبح الانهيار
الدينار الليبي يواصل رحلة الانهيار، الأسعار في السوق المحلية ترتفع بلا توقف ...
كتب الدكتور فتحي الشبلي/ الحقول ـ طرابلس الغرب : مصرف ليبيا المركزي خرج علينا ببيان رسمي يقول فيه إن العجز في النقد الأجنبي بلغ 5.9 مليار دولار خلال ثمانية أشهر فقط، الأرقام لا تكذب: إيرادات 15.8 مليار دولار مقابل استخدامات بلغت 21.7 مليار، الفجوة، كالعادة، تُرمى في وجه المواطن الذي صار يتحمل فرق الدينار والدولار و”مزاج” السوق السوداء.
المضحك المبكي أن العجز قبل شهر كان 5.7 مليار دولار، أي أن ليبيا – صاحبة أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا – أضافت 200 مليون دولار عجزًا جديدًا في شهر واحد فقط. نعم، نحن نتقدم لكن بالعكس!.
ولو رجعنا قليلًا للأعوام الماضية، سنكتشف أن الدائرة تتكرر بنفس النغمة:
في 2021 كانت الإيرادات النفطية حوالي 22 مليار دولار، والاستخدامات قاربت 24 مليار دولار، أي عجز يقارب 2 مليار دولار.
في 2022، قفزت الإيرادات إلى حوالي 37 مليار دولار بفضل ارتفاع أسعار النفط، لكن الاستخدامات تجاوزت 40 مليار دولار، أي عجز يقارب 3 مليارات دولار.
في 2023، ورغم استمرار الصادرات النفطية، إلا أن الاعتمادات والإنفاق قفزت لتسجل فجوة قاربت 4 مليارات دولار.
واليوم في 2025/2024 نحن أمام 5.9 مليار دولار عجزًا خلال ثمانية أشهر فقط… وما زال في العام بقية!
النتيجة على الأرض؟ الدينار الليبي يواصل رحلة الانهيار، الأسعار في السوق المحلية ترتفع بلا توقف، وسعر صرف الدولار في السوق الموازية صار ميزان حرارة يكشف كل كذبة رسمية. المواطن البسيط الذي يتقاضى راتبًا بالكاد يغطي أسبوعًا، يكتشف أنه يدفع ثمن عجز لم يساهم في صناعته، بينما كبار التجار وأمراء الاعتمادات يعيشون حياتهم بالدولار الطازج.
ويجيك حسني بي يطل علينا بفذلكته المعتادة: “يجب تعويم الدينار!”… أي نعم، أحسن تعويم هو تعويمه في برميل زيت الذرة الذي يستورده، أو في البضائع التي يجيبها قبل انتهاء صلاحيتها بشهر ليبيعها وكأنها خرجت من المصنع أمس. باختصار: تعويم في السوق وتعويم في البطون، واللي يضيع في النص هو المواطن.
إدارة النقد الأجنبي في ليبيا أشبه بشخص يتقاضى 1500 دينار ويصرف 2100 دينار شهريًا، لكنه يطمئن نفسه بأنه “سيدبرها لاحقًا”. لاحقًا هذه، في حالتنا، تعني مزيدًا من الاستدانة من الاحتياطي أو طباعة أوراق جديدة لا قيمة لها، مع تحميل المواطن عبء التضخم.
الخطر الأكبر أن استمرار العجز بهذا النسق يعني أن ليبيا قد تجد نفسها في نهاية العام أمام 10 مليارات دولار عجزًا – لا قدر الله – وعندها سنرى سيناريو أكثر سوداوية: دولار بلا سقف، رواتب تنهار قيمتها الشرائية، ومشهد اقتصادي يقترب من “الفوضى النقدية”.
الخلاصة الساخرة: ليبيا بلد يملك أكثر من 40 مليار برميل نفط، لكنه عاجز عن موازنة حساباته الشهرية مثل تلميذ يرسب في جدول الضرب. والمفارقة أن المسؤولين سيخرجون علينا آخر السنة ليقولوا: “الأمور طيبة، العجز تحت السيطرة”.
م. فتحي الشبلي، رئيس تجمع الأحزاب الليبية، نُشر في موقع عين ليبيا، يوم الجمعة، 12 سبتمبر/ أيلول 2025
مركز الحقول للدراسات والنشر
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
أضف تعليقاً