
الإرهاب في اليهودية والمسيحية بين النصوص والظروف (2 - 2)
مارس اليهود باسم الدين ابشع صور الارهاب بدورهم البارز في صلب السيد المسيح
كتب الأستاذ سايد فرنجية / الحقول ـ بيروت : على امتداد قرون من الزمن كانت الدعوة للعنف والارهاب حاضرة في تاريخ اليهودية والمسيحية.
كانت ظاهرة الارهاب سائدة في مضمون بنود التوراة والتلمود وتجسدت في مرحلة الادعاء بأنهم "شعب الله المختار"، بل إن اليهود جعلوا من الرب يهوه، قوة مدنية تخدم مصالحهم بشن الحروب والقتل ضد الانسان الآخر أي الشعوب المجاورة من القبائل والمسيحيين.
مارس اليهود باسم الدين ابشع صور الارهاب بدورهم البارز في صلب السيد المسيح (عليه السلام) وقتله وألصقوا به تهمة "المسيح الدجال". وقد حصل ذلك بمساعدة بيلاطس البنطي الروماني.
مع اطلاق الفكر الصهيوني والحركة الصهيونية، ارتكب اليهود الصهاينة وباسم الدين، أنواعاً متعددة للإرهاب وكانت قمة ممارستهم للارهاب في احتلال ارض فلسطين والقتل الوحشي للفلسطينيين وتهجيرهم القسري عن بيوتهم وأملاكهم وارضهم وتشريدهم إلى أصقاع الأرض.
وعلى امتداد عقود من عمر الكيان الصهيوني كان طابعه الحروب والتهجير والقتل الدموي والارهاب الذي كان يمارس باسم الدين يومياً على الشعب الفلسطيني وشعوب لبنان وسوريا ومصر والأردن والعراق.
وفي العدوان الحالي على غزة يمارس الصهاينة الإجرام التوراتي قتلاً ومجازر وإبادة جماعية وتدمير ممنهجاً وتجويعاً ضد الفلسطينين في غزة والضفة الغربية في فلسطين المحتلة وكذلك لبنان وسوريا.
أما راهناً، فإن مسؤولي الكيان التوراتي الصهيوني مطلوبون من العدالة الدولية لارتكابهم الارهاب والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
وفي تاريخ المسيحية برزت ظاهرة الإرهاب وممارستها باسم الدين في عهود ومناسبات عديدة.
في مرحلة القرون الوسطى وبقرار بابا رومية وكبار رجال الدين نظم ملوك وأمراء أوروبا الحملات الصليبية على فلسطين ولبنان وسوريا في "الشرق". وخلال تلك الحملات شنوا الحروب على شعوب المنطقة وباسم الدين على امتداد قرنين من الزمن قتلوا وحرقوا رجالاً ومنازل وقرى كما مارسوا التعذيب وارتكبوا المجازر ضد مجموعات مسيحية مقاتلة معهم، لمجرد أنهم خالفوا تعاليم وأوامر رجال الدين وملوك الحملات ومارسوا الارهاب ضد المسلمين في المنطقة.
خرجت من ضمن جيوش الحملات الصليبية فرق دينية عسكرية مسيحية منها "فرسان الهيكل" (1118 ـ 1312) الذين تركوا القدس على خلاف ديني ومصلحي مع قيادة الحملات المذكورة، واستقروا في فرنسا وانضمت اليهم مجموعات مسيحية، قيل انهم كانوا يحتفظون بكميات كبيرة من الأموال وكنز ديني مهم هو "كأس العشاء السري".
لقد سيّر الملك الفرنسي فيليب الرابع (1268 ـ 1314) المعروف بلقب "فيليب لو بال/le Bel" حملات عسكرية، بقرار من البابا أينوسانس الثالث، للقضاء على مجموعات "فرسان الهيكل"، فقتل منهم أعداداً كبيرة باسم الدين ونكلوا بهم بجميع أنواع التعذيب والارهاب قتلاً وحرقاً وهم أحياء.
ومن القدس أيضاً خرجت من جيوش الحملات الصليبية فرقة دينية عسكرية تدعى "بدعة الكاتار"/ L'hérésie cathare، أو "الكاثار"/ Les Cathares. وهؤلاء "الكاتار" [الذين يصفهم مدير موقع هيرودت، أندريه لارانى، بأنهم أول فرقة أصولية على أرض مسيحية] تبنوا مفاهيم دينية مخالفة للتعاليم الكاثوليكية وتؤمن بتناسخ الأرواح، وتركوا القتال في القدس واستقروا في جنوب فرنسا [نواحي مدينة تولوزو]. وقد أمر البابا "بونيفاس الثامن" (1230 ـ 1303) أمراء وكبار رجال دين من فرنسا وأيطاليا بقيادة حملة عسكرية لقتال أتباع فرقة "الكاثار" في جنوب فرنسا، حيث قضوا على العديد منهم قتلاً وارهاباً وحرقاً.
أما في مرحلة محاكم التفتيش / Inquisitions في أوروبا، فأعطيت الكنيسة سلطة الموت والحياة لرجال الدين لتنفيذها ضد بعض مفكرين أو علماء طرحوا بعض المفاهيم الدينية أو الآراء العلمية وكان من أبرزهم "غاليلي"، فكان نصيبهم الحرمان الديني والاعتقال والقتل والحرق.
وفي رد فعل على التشدد الكاثوليكي وارهاب محاكم التفتيش انطلقت من المانيا وفرنسا وسويسرا مجموعات تحمل افكاراً دينية رافضة لبعض الأفكار والتعاليم الكاثوليكية وأوامر البابا وكبار رجال الدين فأطلق عليهم "البروتستانت اي المعارضين".
في العام ١٥٧٢ نفذت مجموعات فرنسية كاثوليكية مجازر في مناسبة عيد "سان برتولومي" وانفجرت الحروب الكاثوليكية ـ البروتستانتية في معظم مدن وبلدات دول أوروبا واستمرت عقود من القتل والارهاب توقفت مع اتفاق قيادات ممالك اوروبا وعقد اتفاقية ويستفاليا فيما بينهم.
لقد ترك ملك انكلترا الملك هنري الثامن الدين الكاثوليكي واعتنق المذهب الأنغليكاني [يتبع الكنيسة الأنغليكانية ecclesia Anglicana، وهي كنيسة إنكلترا التي أسسها البروتستانت]. وطلب من ماري ستوارت ملكة أسكتلندا الكاثوليكية الدخول في المذهب الأنغليكاني فرفضت طلبه، عندها شن الملك الإنكليزي حرباً على ستيورات باسم الدين، فقتلها ومارس كل أنواع الأرهاب ضد أعوانها في اسكتلندا .
سايد فرنجية، سياسي وكاتب عربي من لبنان
الإثنين، 01 ذو القعدة، 1446 الموافق 28 نيسان، 2025
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
أضف تعليقاً