2025-11-28
Alhoukoul
الضبعة.. ننتظر الضوء

الضبعة.. ننتظر الضوء

المشروع سيجعل مصر الدولة الثانية في أفريقيا التي تمتلك محطة نووية عاملة بعد محطة كوبرغ للطاقة النووية بجنوب أفريقيا.

24-11-2025

كتب الأستاذ أحمد سعيد طنطاوي / القاهرة : في شمال مصر، حيث تختلط رائحة البحر النقي بصوت الريح، تنهض "محطة الضبعة"... لا كمدينة جديدة، بل كجملة افتتاحية في كتاب لم نقرأه بعد. كتاب الطاقة. كتاب المستقبل.

فالنووي عندنا لم يكن فكرة، بل كان شبحًا... يظهر ويختفي... يزور حكومات، ويغادر أخرى... حتى قرر أن يقيم هنا بعد كل النجاحات التي حدثت مؤخرًا... وقرر أن يفتح أول صفحة له على شاطئ هادئ فيروزي المياه.

الطاقة النووية ليست سرًا. العالم يعرفها جيدًا. لكنه الآن يتعامل معها كعلامة طموح... كرمز. هناك من يزرع الشمس، وهناك من يحصد الرياح... لكن مصر اختارت الطاقة النووية بجانب طاقة الرياح وطاقة المياه وطاقة الشمس.

بالمناسبة وهامش جانبي، هل تعرف أننا من الدول القلائل التي عندها طاقة رياح.

ومصر اختارت أن تدخل ناديًا لا يفتح أبوابه بسهولة. نادي الطاقة النووية.

في برنامج "العالم غدًا" على القناة الأولى المصرية، بشّرنا كبير خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، العالم الدكتور يسري أبوشادي، بأن تركيب وعاء الضغط في المفاعل هو أهم جزء في عملية البناء، وأنه مؤشر على اقتراب الحلم من التنفيذ، واقتراب تشغيل المرحلة الأولى من محطة الضبعة النووية.

إذن حين وُضع أول وعاء ضغط في مكانه، لم يكن مجرد قطعة معدنية ثقيلة... كان إعلانًا كأن المشروع يقول:

"لقد بدأنا... ولن نتوقف... ولقد اقتربنا."

حين تنجح مصر في تشغيل محطة نووية بهذا الحجم، فإن المشروع سيجعل مصر الدولة الثانية في أفريقيا التي تمتلك محطة نووية عاملة بعد محطة كوبرغ للطاقة النووية بجنوب أفريقيا... وستكون مصر مثالًا للاتباع.

ومع كل خطوة بناء، يرتفع سؤال صغير في الهواء:

هل تصبح مصر مركزًا للطاقة في المنطقة؟ السؤال يبدو كبيرًا... لكنه الآن أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى.

فالطاقة النووية ليست كهرباء فقط... إنها نفوذ وحضور... مكان واضح على الخريطة، لا في الهامش.

وتبقى لغة الأرقام هي الأهم. فإذا كانت محطة كوبرغ تسهم بنحو 5% فقط لجنوب إفريقيا... والسد العالي يسهم بنحو 7% فقط من كهرباء مصر... فإن محطة الضبعة متوقع لها أن توفر نحو 12% من احتياجات مصر الكهربائية عند تشغيل المفاعلات الأربعة بقدرة تصل إلى 4800 ميجاوات.

في النهاية، الضبعة ليست محطة. وليست هندسة مُعَقَّدة... إنها علامة... إعلان كبير، يقول إن مصر قررت أن تكتب مستقبلها بيدها... لا تنتظر أحدًا... ولا تخشى التجربة.

فحين يعمل المفاعل الأول... لن تضيء المصابيح فقط... بل ستضيء فكرة كاملة: "أن البلد الذي يصنع مستقبله، لا يعود كما كان أبدًا".

فهنيئًا لنا جميعًا اقتراب افتتاح محطة الضبعة النووية... قولوا آمين.


أحمد سعيد طنطاوي، كاتب وصحفي عربي من مصر

المقال منشور في المقال منشور يوم الخميس 20 تشرين الثاني/ نوفمير، 2025، في موقع بوابة الأهرام

مركز الحقول للدراسات والنشر

‏الإثنين‏، 04‏ جمادى الثانية‏، 1447 الموافق‏24‏ تشرين الثاني‏، 2025


tantawipress@gmail.com


التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

أضف تعليقاً

يرجى إدخال الاسم
يرجى كتابة تعليق