بلاك ووتر : الحكومة الأميركية تتستر على جرائم شركات الأمن الخاص؟

أوهام “العثملية الجديدة” : هل بدأت أميركا وأوروبا بتحجيم اردوغان و”إخوانه” في تركيا
الصين تقوض هيمنة الدولار عبر تكنولوجيا جديدة !؟
طوفان الأقصى / الجزائر تبتهج ودعم رسمي وشعبي للمقاومة الفلسطينية

خاص ـ الحقول / عادت إلى الواجهة قضية شركة بلاك ووتر الأميركية التي تنفذ مقاولات أمنية لحساب الحكومة الأميركية. تشير تقارير صحفية إلى أن “عمال” هذه الشركة، وهم عسكريون مرتزقة يحملون جنسيات أميركية وكولومبية وعرب وإفريقية، يلعبون دورا خطيرا في دعم المجموعات الإرهابية في سوريا، وذلك انطلاقا من أراضي كل من تركيا ولبنان والأردن.

ويدور الحديث الآن عن إنشاء شركة خاصة مشتركة بين الأميركيين والأتراك، لتنفيذ مهمات عسكرية وأمنية ضد مؤسسات الحكومة السورية، وللإعتداء على اراضي الدولة السورية، من خلال تدريب وتسليح وتوجيه إرهابيين سوريين وعرب وأجانب مأجورين. وحسب تقارير تركية، فإن هذ الشركة تضم ممثلين عن شركة بلاك ووتر ورجال أعمال “إخوانيين” مقربين من رئيس الحكومة التركية رجب أردوغان.
كانت شركة بلاك ووتر قد دخلت إلى العراق مع جيوش الإحتلال الأميركي في عام 2003، بذريعة حماية مقرات السفارة الأميركية. ثم تبين فيما بعد أن الحكومة الأميركية قد اوكلت إلى بلاك ووتر تنفيذ مقاولات أمنية مثل حماية الإمدادات، وتوقيف وسوق معتقلين وسجنهم والتحقيق معهم، بالتعاون مع الجهاز الإستخباري في الجيش الأميركي.

قبل أن تنفجر فضائح جرائم التعذيب في سجن أبوغريب ضد المواطنات والمواطنين العراقيين، ارتكب جنود بلاك ووتر في العراق جرائم فظيعة ضد المواطنين، لكن الراي العام انفجر غضبا بعد مذبحة ساحة النسور التي ارتكبها جنود شركة بلاك ووتر، حيث القوا قنابل يدوية داخل مدرسة للفتيات أثناء مواكبتهم لوفد من وزارة الخارجية الأميركية. وقد اسفرت الجريمة عن مصرع 17 مواطنا عراقيا مدنيا وجرح نحو عشرين آخرين، يوم 16 أيلول / سبتمبر 2007.
وكشف تقرير جديد للكونغرس عن حقائق تنشر للمرة الأولى (جريدة الأهرام المصرية، 3 أيلول /سبتمبر 2009) . وهذا التقرير الذي نشر مؤخرا، يتناول قضية توسع الجيش الأميركي في الاستعانة بالمرتزقة أو بمن تسميهم وزارة الدفاع الأميركية / البنتاغون المتعاونين المدنيين لدعم العمليات العسكرية في العراق وأفغانستان‏.‏

واعترف تقرير الكونغرس بأن ضعف الرقابة والمتابعة على هؤلاء المرتزقة أو المتعاونين المدنيين مع الجيش الأميركي، أدى إلى ارتكاب العديد منهم جرائم وانتهاكات مختلفة ضد المدنيين في العراق وأفغانستان، ما قوض الجهود الأمريكية لمحاربة “التمرد” أي المقاومة الوطنية ضد الإحتلال الأميركي في كلا المبلدين المسلمين‏.‏
كما كشف التقرير (http://www.ahram.org.eg/Archive/2009/9/3/WORL2.HTM) عن أن عدد المرتزقة الذين استعان بهم الجيش في أفغانستان يفوق عدد الجنود الأميركيين النظاميين‏,‏ وأن نسبتهم إلي القوات النظامية هي الأعلى في أي صراع خارجي خاضته القوات الأميركية في تاريخها‏.‏ وكشف التقرير أيضا عن أن الاستعانة بهم كلف الخزانة الأميركية أكثر من‏100‏ مليار دولار منذ ‏2003‏ حتي منتصف العام الماضي‏.‏

ورغم الجدل القضائي الذي دار في الولايات المتحدة بين المحكمة الإتحادية ومحكمة الإستئناف حول جرائم جنود بلاك ووتر (جريدة الرياض السعودية يوم 24 نيسان/ أبريل 2011)، فإن القضاء الأميركي الذي نظر في دعاوى العراقيين ذوي ضحايا مذبحة ساحة النسور، قد خذل الضحايا وأهلهم. فقد تدخلت أخيرا، وزارة العدل الأميركية وأوقفت التحقيق القضائي في ملفات بلاك ووتر المشبوهة، بما في ذلك ملف الرشاوى التي دفعتها الشركة لموظفين في وزارة الداخلية العراقية.
لقد غيرت بلاك ووتر إسمها إلى “أكاديمي سرفيسز” بعد أن طردت من العراق وأفغانستان، وذلك لتتمكن من العمل في السودان، وسوريا ولبنان، والإمارات العربية المتحدة، وأفغانستان، وكذلك للتسلل مجددا إلى سوق الأمن الخاص في العراق. لكن يجري ضد سوريا اليوم، يعيد تسليط الضوء على جرائم وارتكابات الشركات الأمنية الخاصة التي تتعاقد مع الحكومة الأميركية (ومع حكومة أنقرة في حالة سوريا) لتنفيذ مقاولات أمنية وعسكرية تهدد حياة مدنيين مسالمين في دول أخرى، كما تمس بسيادة هذه الدول وأمنها الوطني.

فالأميركيون استخدموا ويستخدمون شركات المقاولات الأمنية كوسيلة أمنية غير خاضعة للقانون، وذلك للقيام بدور المنظمات الإرهابية، أو أجهزة الإستخبارات السرية، أو جيوش المرتزقة. وتعتبر بلاك ووتر، بغض النظر عن اسمها الجديد، من الشركات الأميركية الأمنية الخاصة التي لا تخضع للقانون الدولي، ولكنها تعمل من أجل تحقيق أهداف السياسة الخارجية الأميركية. في دول أخرى. ما يعني وجود ثغرة في القانون الدولي نفسه.
وتتولى حكومة الولايات المتحدة حماية جرائم وتجاوزات وارتكابات هذه الشركة وسواها من شركات المقاولة الأمنية والعسكرية. وأميط اللثام مجددا (رويترز، 8 آب / أغسطس 2012) عن وثائق سرية في المحكمة الأميركية الجزائية في نيو بيرن بكاليفورنيا، تكشف (http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE87703Y20120808)ع أن وزارة العدل الأميركية وجهت لشركة بلاك ووتر 17 تهمة جنائية ذات صلة ببيع السلاح وامتلاك أسلحة غير مشروعة. لكن وزارة العدل وافقت على ارجاء المحاكمة القضائية ما دامت الشركة ستدفع غرامة للحكومة الأميركية (نحو 5 مليون دولار) وتلتزم بمتطلبات المراقبة وقيود التصدير

وهكذا يتضح أن الأميركيين يسبغون على شركة بلاك ووتر ومثيلاتها من شركات مقاولات الأمن والعسكرية الخاصة، نوعا من الحصانة الديبلوماسية، أسوة بالجهاز الديبلوماسي والقوات العسكرية. وهذا ما يعني طمس جرائم هذه الشركات الإجرامية، وتركها تعمل كجزء من أدوات العدوان العسكري والأمني في الدول العربية أو الإسلامية. إن “قصة” شركة بلاك ووتر تذكرنا كثيرا بـ”قصة” “شركة الهند الشرقية” رغم اختلاف الظروف الدولية لعمل كل منهما.

COMMENTS