حلمي شعراوي يكتب عن "إفريقيا فى المواجهة الصينية ـ الأمريكية" 

حلمي شعراوي يكتب عن "إفريقيا فى المواجهة الصينية ـ الأمريكية" 

حلمي شعراوي : مصر تدفع فاتورة ‏40‏ عاماً من تجاهل إفريقيا
محمد علي كلاي شيِّع إلى مدينة لويس فيل في "جنازة مسلمة" ومئات الآلاف ودَّعوه
"الفوضى الخلاقة " تهدد بالحرب العالمية؟

منذ الهجوم الأمريكى الواسع على سياسة الصين الإفريقية أثناء زيارة ” تيلرسون ” وزير الخارجية الأمريكى السابق لبعض دول القارة فى مارس 2018 ، لم تهدأ الكتابات الأمريكية عن العلاقات الإفريقية الصينية ومستقبلها . وقد صدر هذا التحدى الأمريكى شبه الرسمى بانطلاق تصريحات ” تيلرسون ” عن ” القروض الصينية الوحشية ” التى تعرقل النمو فى إفريقيا ، ولا توفر فرص العمل ، وتنزح الانتاج الزراعى الإفريقى لتغذية الصين . وقد أطلق هذا جدلا أمريكيا ملفتا فى بعض صحفها الكبرى ضد خطأ المفاهيم الأمريكية حول العولمة والاستعمار ، والوطنية و…الخ .
وقد اعتمد الرد الإعلامى الأمريكى على ” تيلرسون” لسوء فهمه للعلاقات الدولية ، وحقائق حركة الصين فى القارة ، مما جعل البعض يتصور أن موقف ” تيلرسون ” فى مثل هذه الرحلة كان واحدا من أسباب خروجه من ادارة الرئيس ” ترامب” …
بدا ” تيلرسون ” إذن غير متفهم لطبيعة رسائل ” ترامب ” نفسه عن الوطنية الاقتصادية ، رغم تصريحاته المعادية للدول الإفريقية ، بل والعربية فى ظل فكرة تحمل كلَّ شروط التنمية ورد الديون بالخدمات السياسية والاقتصادية ، وأن استثمار الولايات المتحدة لأكثر من تسعين مليار دولار فى الصين مقابل أكثر من 53 مليار من الصين فى الولايات المتحدة ، لا يفهم على أنه استعمار ، أو كما كتب بعض الأمريكيين عن ” الإمبريالية الصينية الجديدة ” ، والاستعمار الصينى ، كأننا ما زلنا فى أعقاب الحرب العالمية ، بينما هى طبيعة الاقتصاد العالمى الآن . أما حديث ” تيلرسون” عن استنزاف الصين لأفريقيا ، وخاصة فى المجال الزراعى ، فلا يجوز ، لأن تاريخ الاستعمار الغربى فى هذا المجال يتفوق على كل ما يحدث الأن فى مجال التبادل التجارى والخبرات . وكان أصدقاء ” تيلرسون ” من الكتّاب قد تحدثوا عن تجارب الصين فى الزراعة السودانية ، والكونغولية كنماذج للاستغلال ، وأن العلاقات فى مثال جنوب إفريقيا والصين ، توحى بكثير من مشكلات التجارة الصينية العالمية والإقليمية ، لكن كثيرون يرون ذلك نزاعا تقليديا فى مجال حماية الأسواق الوطنية على نحو ما يفعل الرئيس ” ترامب ” ، أو يصيغ سياسته الحمائية على النحو نفسه .
هنا يمكن للباحث أن يرجع لكتابات إفريقية هامة فى مجال تحليل العلاقات الصينية الإفريقية بما يحمل ردودا مبكرة على المعالجة الأمريكية ، أتمنى أن يطلع عليها الباحث العربى والإفريقى على السواء ، لأن تقييم سياسات الصين مع أمريكا بالغ الصعوبة تجاه بعضهما البعض وتجاه العالم . وتتوفر بعض العناوين الإفريقية الهامة من مراكز متخصصة لمست من علاقتى ببعضها عمق التفكير الإفريقى فى هذا الشأن .
ويعتبر مفكر إفريقى كبير مثل ” كويسى براه” ( غانى فى جنوب إفريقيا ) Kwesi Prah ورئيس مركز CASAS للدراسات المتقدمة عن إفريقيا ، وعلاقاته قوية بالأكاديميات الصينية والغربية على السواء ، مثالا لهذا الجهد المكثف حول “العلاقات الأفروصينية ” الصادر عن مركزه 2007 ، يعتبر تنبؤا مبكرا أيضا عن مستقبل هذه العلاقات ، وطبيعة التنافس الصينى الدولى …وأثره ..وضمن ما يتضمنه الكتاب من دراسات لعدد من المفكرين الأفريقيين والصينيين ، يقدم ” براه” قضايا أساسية مثل ضرورة فهم عمق السلوك الصينى فى كل مرحلة من مراحل تطورها ، كعمق أيديولوجى وسياسى ، فى أولها وعمق السياسة الاقتصادية الوطنية الصينية ( البرجماتية ) فى منتصف الطريق ، إلى عمق عولمة الاقتصاد فى العالم مؤخرا ، ودخول الصين بآليات المنافسة الاقتصادية تجاريا ، وبمشروعات الاستثمارات الكبرى ثانية ، والتى بات بعضها يلف العالم (الحزام والطريق) . ثم يرى “براه” أن انقاذ إفريقيا من أى اتجاه صينى للهيمنة ، لابد أن يلتزم طريق التنمية المستقلة الوطنية العمل الثقافي عبر اللغلت الوطنية ، ومحو أمية الجماهير ، والانتقال الذاتى بذلك نحو الحداثة ، بتحفظ- فى رأيه- على برادايم أو مقولة التنمية على النمط الغربى .
باحث آخر – مع براه- مثل المفكر الراحل ” دان نابوديرى ” ( أوغندى) يرى أن حسابات العلاقات على أساس ثنائى لم تعد مجدية إزاء الاقتصاد المعولم ، مشيرا إلى كتابات صينية عن نمو مشروعات ” صىنية تمهد لقوة الوفاق الصينى ” ، وصناديقه لمساعدة شعوب العالم الثالث أمام ” وفاق واشنطون” وهيئاته العالمية الامبريالية .
يطالب آخرون المشرفين على السياسات الوطنية فى إفريقيا وغيرها بضرورة الانتقال من إطار شمال/ جنوب ، إلى ما تساعده الصين من التوسع فى بناء اطار جنوب / جنوب (صندوق بريكس )، على أساس in-win w وليس وفق السياسات الاستعمارية السائدة فى دول الشمال . والاشارات هنا كثيرة عن تارجح الصين بين “الوطنية الاقتصادية” ذات البعد الايديولوجي في النهاية وبين “العولمة الاقتصادية” التي تشارك فيها الراسمالية الغربية في المشاريع المعولمة
ومع ذلك يرصد بعض الباحثين – مع “براه ” أيضا عددا من المشروعات الصينية السلبية ، .بعض الكتاب الإفريقيين يتصدون بشجاعة للأخطاء الصينية فى إفريقيا ، حول نظام العمالة وتسليم المشروعات الإفريقية كاملة تماما دون تعاون محلى ، ومشاركة الغرب فى استنزاف الثروة المعدنية الإفريقية ( البترول – الذهب) فضلا عن الموقف فى مشاكل البيئة المعروفة .
يكمل باحثون آخرون وفى مراكز أخرى رحلة الدراسات الإفريقية حول الصين مثلما يتضمن كتاب ” فانتو شيرو Fantu Cheru ، وسيريل أوبىC. Obi ، عن “أثر النهوض الصينى والهندى فى إفريقيا””كعنصر معاون للاستقلالية ، أما ” فيروز مانجى ” – كينيا – فإنه يعرض مع زملائه – فى موقع ” بمبازوكا” ، حجم المخاوف الإفريقية ، والمواجهة الإفريقية الاستقلالية لها وذلك فى عمل ثقافى مفيد أيضا باسم African perspectives on china in africa” آفاق إفريقية للصين فى إفريقيا ” …

القاهرة، 16 أيار/مايو 2018