إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 7 تشرين الثاني، 2017

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 13 تموز، 2018
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين، 4 كانون الأول، 2017
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 3 تشرين الثاني، 2017

ظهر اهتمام في كافة الصحف بالموقف الدستوري ـ القانوني الذي اتخذته بعبدا وعين التينة، حيال خطوة "الإستقالة التلفزيونية" للحكومة وإعلانها من السعودية. وكشفت "الأخبار" عن فشل مساع عربية وأوروبية مع الرياض، حركها الرئيسان ميشال عون ونبيه بري، للإفراج عن رئيس الحكومة سعد الحريري. ومع أن صحف "النهار" و"الجمهورية" و"اللواء" اتخذت جانب الحملة السعودية، إلا أنها أكدت وجود هذه المساعي، حتى إن "الجمهورية" اعتبرت استقبال الملك سلمان للحريري بأنه نتيجة اتصالات سريعة أجراها مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد بالمسؤولين السعوديين. كذلك فإنّ قصرَ الإليزيه تحرّكَ في هذا الإطار. واستنتجت "الديار" أن هذه المواقف اللبنانية والعربية تنقل "الكرة الان في الملعب السعودي"، لأن "المملكة مجبرة على الافصاح عن طبيعة النقلة التالية على رقعة الشطرنج المعقدة ليبنى على الشيء مقتضاه. فاذا كان السبهان جادا في تهديداته فما عليه الا الانتقال الى التنفيذ، لان التهويل لم يعد مفيدا، وتبين ان قلب المعادلات يحتاج الى اكثر من استدعاء وفرط للحكومة …"
Image result for ‫عون وبري وحريري‬‎
النهار
السعودية: حكومة "حزب الله" حكومة حرب

اذا كان من خلاصة أساسية اضافية يمكن ابرازها بعد ثلاثة أيام من انفجار مفاجأة استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري من الرياض، فهي ان هذه الازمة تشكل سابقة من حيث ملابساتها وظروفها وتداعياتها بحيث يصعب مقارنتها بأي من سابقاتها من الازمات الحكومية أو السياسية أو الوطنية. 
ففيما تصاعدت الآمال والرهانات على امكان عودة الرئيس الحريري الى بيروت في الايام القريبة تبعاً لما أكده أكثر من نائب ومسؤول في "تيار المستقبل"، بدأ الخط البياني الذي يتبعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مدعوماً من رئيس مجلس النواب نبيه بري وقوى سياسية عدة يتركز على نقطة محورية هي تجميد أي تعامل مع استقالة الحريري كأنها مستنفدة المفاعيل دستورياً بل التعامل معها من زاوية ربط اي اجراء مقبل في شأنها بعودة الرئيس الحريري فقط من دون أي اجراءات أخرى. وبينما برز ذلك من خلال الاجتماع الذي ضمّ مساء أمس رئيس الجمهورية ورئيس المجلس في قصر بعبدا، فان أوساطاً سياسية معنية بالمشاورات السياسية الجارية في كل الاتجاهات قالت لـ"النهار" إن الحركة الكثيفة التي شهدها القصر الجمهوري امس من خلال الاجتماعات التي عقدها الرئيس عون مع القادة الامنيين والعسكريين ومن ثم مع المسؤولين الماليين والمصرفيين سيليها يوم ماراتوني سياسي اليوم في القصر يشرع فيه الرئيس عون في اجراء مشاورات واسعة تهدف الى تحصين البلاد أمام الازمة وحض الجميع على تحمل المسؤوليات الكاملة لمواجهة الازمة بما يمكن لبنان من تجاوزها. 
وشددت الاوساط على انه من غير الوارد فتح صفحة التسليم باستقالة الحكومة والبحث في بدائلها أو وضع الخطوات الاجرائية الدستورية التي تمليها الاستقالة قبل حضور الرئيس الحريري الى بيروت واجتماعه مع الرئيس عون. غير ان هذه الاوساط لم تخف تشاؤمها من مسار التطورات الاقليمية المتسارعة وتأثيرها مباشرة وبقوة على الازمة الناشئة في لبنان. ولفتت في هذا السياق الى انه لم يعد في الامكان تجاهل التصعيد الحاد الحاصل بين المملكة العربية السعودية وايران بعد تمدده الاخير نحو الساحة اللبنانية، كما لفتت الى ان هذا التصعيد اكتسب دلالات خطيرة للغاية أمس في ظل اتهام السعودية "حزب الله " باطلاق صاروخ ايراني من منطقة في اليمن يسيطر عليها الحوثيون على الرياض بما اعتبرته اعلان حرب على المملكة. أضف أن مؤشراً أمنياً آخر برز أمس في شأن استقالة الرئيس الحريري عندما نقلت محطة "العربية" السعودية عن مصادر غربية رصد محاولات تشويش تعرض لها موكب الرئيس الحريري في بيروت قبل ايام من اعلان استقالته. وقالت ان التشويش كان ناجماً عن أجهزة مختصة لتعطيل اجهزة الاواكس والرادار تبين انها ايرانية الصنع وان تعقب الاجهزة كشف قيام القائمين على الرادار بجولات مسح أخرى على مواكب الحريري البديلة والتمويهية. 
الملك والحريري
في غضون ذلك، استرعى الانتباه استقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الرئيس الحريري أمس في الرياض، وسط تصاعد المزاعم المتصلة بوضع الحريري في اقامته الحالية في الرياض. وأوردت وكالة الأنباء السعودية "و ا س" ان الملك سلمان استقبل في مكتبه بقصر اليمامة الرئيس سعد الحريري وجرى خلال الاستقبال عرض الأوضاع على الساحة اللبنانية. وحضر الاستقبال: وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مساعد بن محمد العيبان، وزير الخارجية عادل الجبير ووزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان.
وصرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لاحقاً بان اتهام السعودية بانها أجبرت الحريري على الاستقالة "لا قيمة له" وأكد ان "في امكان الحريري مغادرة المملكة العربية السعودية ساعة يشاء". 
وأعلن السبهان ليلاً في حديث الى محطة "العربية" ان الملك سلمان "أبلغ الرئيس الحريري تفاصيل عدوان حزب الله على السعودية". وقال إن "الحديث عن اجبار الحريري على الاستقالة أكاذيب لتشتيت اللبنانيين". وحذّر من أنّ "السعودية ستعامل حكومة لبنان كحكومة إعلان حرب بسبب ميليشيات حزب الله التي تؤثر في كل القرارات التي تتخذها حكومة لبنان، وعلى اللبنانيين الإختيار بين السلام والإنضواء تحت حزب الله". وخلص الى أن "الرئيس الحريري وشرفاء لبنان لن يقبلوا بمواقف ميليشيا حزب الله". 
قلق دولي
ووسط الاستنفار السياسي الواسع الذي تشهده البلاد منذ اعلان الرئيس الحريري استقالته، برزت ملامح تصاعد للقلق الدولي على الوضع الناشئ في لبنان. وعبر عن ذلك بيان صدر مساء أمس عن مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان جاء فيه: "إجتمع اليوم أعضاء مجموعة الدعم الدولية في بيروت. أعربوا عن قلقهم عقب إعلان إستقالة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري. وأعادوا تأكيد دعمهم القوي والجماعي لوحدة واستقرار وسيادة وأمن لبنان وشعبه. وأشاد أعضاء مجموعة الدعم الدولية بالقادة اللبنانيين على الاستجابة لهذه الظروف غير المنظورة بطريقة هادئة وثابتة. وشددوا على أهمية قيام الجميع بدعم استمرارية مؤسسات الدولة اللبنانية وإجراء الانتخابات في حينها، وفقاً للدستور". 
أما على الصعيد الداخلي، فصرح الرئيس بري عقب لقائه والرئيس عون في قصر بعبدا ان "التفاهم كامل وناجز مع رئيس الجمهورية في الازمة الراهنة " وأيد "حرفياً "البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية عن الاستقالة، معتبراً انه "من المبكر التحدث عن استقالة حكومة او تأليف حكومة". 
في اجتماعه مع القيادات الامنية والعسكرية قال الرئيس عون، كما نقل عنه وزير العدل سليم جريصاتي، إن "الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي خط احمر كما طلب الجهوزية الكاملة قضائياً وامنياً لمتابعة التطورات". 
وفي الاجتماع المخصص لمتابعة الاوضاع المالية أبدى الرئيس عون ارتياحه الى التقارير المالية التي تلقاها أمس عن الحركة الطبيعية للاسواق المالية مع بداية الاسبوع، داعياً الى مزيد من التنسيق بين وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه. وقال وزير المال علي حسن خليل إن الاتصالات السياسية عكست "جواً من الاطمئنان الى حركة السوق المالية وإن انطباعاتنا جيدة ومقبولة والتقديرات ان لبنان من خلال مؤسساته المالية قادر على استيعاب كل التطورات وان اجتماعنا بعضنا مع البعض يطمئن الى استقرار الوضع المالي والنقدي".
الأخبار 
الملك السعودي: لبنان أعلن الحرب علينا!
جنون ابن سلمان: حصر إرث المملكة ومحاصرة لبنان
لقاء الحريري ــ ترامب مفتاح غضب ابن سلمان؟

«انتهى زمن التمييز بين حزب الله والحكومة اللبنانية». «سوف نتعامل مع الحكومة اللبنانية على أنها حكومة إعلان حرب علينا». «على اللبنانيين أن يختاروا بين السلام وبين الانضمام إلى حزب الله». «المخاطر المترتبة على تصرفات حزب الله سوف تكون وخيمة جداً على لبنان». «المسارات السياسية وغير السياسية متاحة» للتعامل مع «خطر حزب الله».
درجت العادة أن يكرر مسؤولون إسرائيليون هذه العبارات لتوجيه التهديد إلى لبنان. لكنها، أمس، لم تصدر عن مسؤول إسرائيلي، بل عن الوزير السعودي ثامر السبهان الذي قال إن الملك سلمان أبلغ الرئيس سعد الحريري (أمس) «ما تتعرض له المملكة من عدوان على أيدي حزب الله، وتم إبلاغه أن هذه الأعمال تعتبر أعمال إعلان حرب على المملكة من قبل لبنان» وحزب الله. كلام السبهان واضح، وكذلك أهدافه. هو يعلن الحرب على لبنان من جهة، ويريد من الجهة الأخرى حرباً أهلية تحت عنوان أن يواجه اللبنانيون حزب الله. مجدداً، لا بد من التذكير بأن السبهان لا ينطق باسمه الشخصي، بل يعبّر عن رأي الحكم في الرياض. فيوم أمس أيضاً، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن حزب الله يساهم في إطلاق الصواريخ الإيرانية من اليمن إلى داخل الأراضي السعودية، وهي التهمة نفسها التي وجهها السبهان للحزب.
وبينما يلتزم حزب الله وباقي القوى السياسية الأساسية الهدوء تجاه التهديدات السعودية لحزب الله وللحكومة اللبنانية والشعب اللبناني، بدأت مجموعة من الإعلاميين والسياسيين في الداخل بتبنّي خطاب التصعيد والتحريض. وفي المعلومات أن السبهان، الذي تولّى منذ أشهر رفع خطاب التحريض على حزب الله، بات يملك شبكةً من المتعاونين، بينهم إعلاميون وسياسيون، هدفهم تبنّي الرواية السعودية لاستقالة الحريري. ويعمل هؤلاء، على نقل الأزمة من كونها أزمة لبنانية ــ سعودية تجلّت في إجبار الحريري على الانتقال إلى المملكة وإعلان استقالته من هناك، إلى كونها أزمة لبنانية ــ لبنانية داخلية، بإعادة الانقسام السياسي الخطير إلى البلاد إلى مرحلة تشبه فترة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
إسرائيل إلى جانب السعودية
التناغم بين النظام السعودي والعدو الإسرائيلي ليس تقاطعاً لفظياً وحسب. فتل أبيب قررت الوقوف علناً إلى جانب الرياض في مواجهة حزب الله، معلنة السعي إلى تحقيق الهدف نفسه الذي قال السبهان، منذ ما قبل استقالة الحريري، إن حكومته تعمل لتحقيقه، وهو منع إشراك حزب الله في الحكومة اللبنانية المقبلة. على هذه الخلفية، سارعت حكومة العدو، عقب إعلان الحريري استقالته، إلى شن حملة دبلوماسية دولية واسعة، لتجنيد تأييد دولي في محاولة منها لمنع إشراك الحزب في المؤسسات السياسية اللبنانية. ويوم أمس، كشفت القناة 14 العبرية (العاشرة سابقاً)، أن وزارة الخارجية الإسرائيلية بعثت ببرقية إلى سفاراتها في جميع أنحاء العالم، تطلب فيها من دبلوماسييها التوجه إلى أعلى المستويات في الدول والمنظمات الدولية المعتمدين لديها للتشديد على ضرورة معارضة إشراك حزب الله ودمجه في الحكومة المقبلة.
جنون ابن سلمان: حصر إرث المملكة ومحاصرة لبنان
قُطع أمس الشك حول مصير الرئيس سعد الحريري. وعلمت «الاخبار» من مصادر وثيقة الصلة برئيس الحكومة انه وُضع قيد الاقامة الجبرية، بعد ساعات من وصوله الى الرياض الجمعة الماضي. وهو لا يزال، حتى الساعة، موجوداً في مكان منفصل عن مكان إقامة عائلته، فيما يتولّى فريق امني سعودي الاشراف على أمنه، كما هي حال الامراء والوزراء السعوديين الموقوفين (مقال إبراهيم الأمين).
وروت المصادر ان الحريري، بُعيد وصوله الى الرياض، طلب منه التوجه الى مجمع «ريتز كارلتون» الفندقي لعقد اجتماعات، تمهيداً لانتقاله الى قصر اليمامة للقاء الملك سلمان. ولدى وصوله الى الفندق، فوجئ باجراءات أمنية استثنائية، ليدرك، بعد دقائق، انه بات بحكم الموقوف. وتم نقله الى احدى الفيلات التابعة للمجمع، وليس الى الفندق حيث احتجز نحو 49 أميراً ووزيراً ورجل اعمال سعودياً. وكان هؤلاء، أيضاً، استُدعوا الى الرياض على وجه السرعة لعقد «لقاءات عمل» مع الملك وولي العهد، ليتم توقيفهم رهن تحقيقات تتعلق بتهم الفساد.
وبحسب المصادر، فان الجهات الامنية السعودية صادرت الهواتف الموجودة في حوزة الحريري وفريقه الامني. وتم تخيير أعضاء الفريق الامني إن كانوا يريدون المغادرة الى بيروت، وانه في هذه الحالة لن يكون بمقدور من يغادر المجمع ان يعود اليه مجدداً. وبناء على طلب الحريري، انتقل اربعة من مرافقيه بقيادة الضابط محمد دياب الى منزله للبقاء مع زوجته وأولاده، فيما بقي مع الحريري، في الفيلا نفسها، رئيس حرسه عبد العرب وأحد مساعديه الشخصيين. وأُبلغ الجميع بقواعد الاقامة لناحية عدم التحرك داخل الفندق وعدم التواصل مع الامنيين والموظفين، وتم ربطهم بضابط أمن سعودي في مكتب قريب، حيث يمكنهم التوجه مرات عدة في اليوم لتفقد هواتفهم، على ان ينحصر استعمالها في الرد على الرسائل التي تردهم عبر تطبيقات كـ«واتساب» وخلافه، وسمح لهم باجراء اتصالات هاتفية على ألا تشمل اي نقاش حول مكان اقامتهم وظروفها، تحت طائلة الحرمان من التواصل مرة جديدة.
وبعد لقاء مع مسؤول امني سعودي بارز، ولقاء آخر مع الوزير ثامر السبهان، سُلّم الحريري بيان الاستقالة الذي جاء مكتوبا من الديوان الملكي، وسمح له بمراجعته مرتين قبل التسجيل، مع التشديد على انه لا يمكن له الاتصال مع احد لشرح خلفيات الخطوة. وأبلغ السبهان الحريري انه سيتولى شرح الموقف لمن يهمه الامر في بيروت، وانه يجب التشديد على مساعدي رئيس الحكومة بأنه ممنوع عليهم القدوم الى الرياض الآن، وهو ما تولاه الحريري شخصياً في رسائل عدة الى مدير مكتبه نادر الحريري وبعض المسؤولين في تيار المستقبل.
بعد ذلك، أُبلغ الحريري بأنه سيخضع لتحقيق بصفة شاهد بوصفه مواطناً سعودياً لا رئيسا لحكومة لبنان. وسُئل عن ملفات تعود الى حقبة تولي خالد التويجري منصب رئيس الديوان الملكي خلال ولاية الملك السابق عبد الله. ورغم ان الحريري كرر ما سبق ان قاله قبل شهور عدة حول هذه الملفات، وخصوصاً في ما يتعلق بشبهة حصوله على عمولات تتعلق بالهبة الملكية للبنان والمقدرة بمليار دولار اميركي، او بعقود حصلت عليها شركة «سعودي اوجيه» من دون أن تلتزم بمواعيد انجاز الاعمال، اضافة الى مصير قروض مصرفية كبيرة. كما كرر الحريري الاشارة الى ان كل ممتلكاته في السعودية مرهونة للمصارف السعودية وانه لا يملك الا منزله.
وبعد رفض طلب الحريري عقد مؤتمر صحافي او السفر خارج السعودية، أُبلغ مرافقوه الذين انتقلوا الى منزل عائلته، بضرورة حسم قرارهم بالبقاء او السفر الى لبنان، وبالفعل عاد بعضهم أمس.
ورغم ان الجميع في بيروت اصيب بالذهول اثر اذاعة الحريري لبيان استقالته، الا ان الاتصالات التي جرت خلال الساعات الـ 24 التالية، دفعت بالقريبين منه الى اثارة الامر مع جهات محلية وخارجية. وكان التوافق على التصرف بهدوء، ومحاولة تأمين خروج آمن ولائق لرئيس الحكومة من السعودية، وهو امر حاول الرئيسان ميشال عون ونبيه بري القيام به من خلال التوسط مع مصر والاردن لكن من دون نتيجة. كما تولى النائب وليد جنبلاط وساطة مع السلطات الفرنسية والبريطانية انتهت الى الفشل ايضاً. حتى ان لندن فشلت في الحصول على اذن لأحد دبلوماسييها في الرياض بمقابلة الحريري في مقر اقامته، فيما رفض الاميركيون التدخل أساساً.
وليل امس، علم ان الوساطة الفرنسية فشلت، وأن ولي العهد السعودي اصر على ان الحريري لا يمكنه مغادرة الرياض من دون تعهد بعدم تغيير موقفه. وجرى الحديث عن ابقاء عائلته في الرياض كرهينة لمنعه من اعلان اي موقف سياسي مغاير لما اعلنه في بيان الاستقالة، فيما لم يتلقّ مساعدو الحريري في بيروت اي اشارات ايجابية حتى ما بعد منتصف الليل. علما ان فريقه في بيروت كان منشغلاً في ضبط تصرفات وتصريحات فريق اعلامي وسياسي ونيابي، تبين أن السبهان يتولى تحريضه على إطلاق تصريحات تنفي اعتقال الحريري وتؤكد على مضمون بيان استقالته. وكان لافتا ان النائب جنبلاط لم يحصل على اية تطمينات استثنائية من جانب السبهان الذي يتواصل معه عبر الوزير وائل ابو فاعور.
وتوقفت المصادر عند خبر استقبال الملك سلمان للحريري في قصر اليمامة امس، مشيرة الى ان الحريري نقل بحراسة امنية الى القصر، وان الهدف من الاجتماع كان ارسال اشارة بأنه ليس من ضمن قائمة الموقوفين بتهم الفساد الذين لن يستقبلهم الملك ولا ولي عهده، وانه سيصار الى تسوية وضعه ربطاً بامور تخص ملفات سعودية داخلية وبما خص ملف لبنان. مع الاشارة الى ان المقربين من الحريري يعتقدون ان موقف الرئيس عون ومواقف القيادات اللبنانية بعدم قبول الاستقالة الى جانب الوساطات العربية والغربية، ستجبر السعودية على السماح له بالمغادرة سواء الى فرنسا او الى لبنان.
في هذه الاثناء، كانت بيروت تتلقى صدى الانباء المتقطعة من الرياض. وعلى المحور الرسمي، عقد الرئيسان عون وبري اجتماعا في القصر الجمهوري انتهى الى التوافق على اعتبار الاستقالة غير تامة الى حين عودة الحريري الى بيروت. وتم الاتفاق على تأخير البت في الاجراءات الدستورية الى اطول فترة ممكنة، وافساح المجال امام الاتصالات الهادفة الى «تحرير رئيس وزراء لبناني قيد الاعتقال في بلد خارجي» بحسب مصدر رسمي واسع الاطلاع. وهو قال لـ«الاخبار» ان «الامر بسيط للغاية: فلتترك السعودية الحريري يغادر الرياض الى اي مكان يريده، حتى يجري التثبت من انه قرر من تلقاء نفسه الاستقالة والخروج من التسوية التي حملته الى رئاسة الحكومة». وجدد المصدر «الثقة بأن الرياض لن تقدر على ابقاء الحريري قيد الاقامة الجبرية لفترة طويلة، وانها مضطرة للافراج عنه، لكن المشكلة هي في نوعية القيود التي ستحاول فرضها عليه». وأبدى خشيته من ان تكون الرياض قد قررت تشكيل قوة خاصة بها داخل تيار المستقبل، وهو ما تظهر مؤشراته في تواصل سعودي مباشر مع سياسيين واعلاميين ونشطاء في التيار. الامر الذي لم تنفه مصادر بيت الوسط التي عملت على محاولة لجم البعض عن اطلاق مواقف تصعيدية.
وعلم ان رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي توافقا على عدم نقل المواجهة إلى الداخل، والعمل على احتضان تيّار المستقبل وقياداته الأساسية، والاستمرار في الضغط الدولي لمعرفة مصير الحريري. كما تقرر ان يبادر الرئيس عون اليوم الى التشاور مع رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومات السابقين ورؤساء الكتل الممثّلة في الحوار للوقوف على رأي الجميع، وليس للبدء بالاستشارات الحكومية، لأن استقالة الحريري حتى الآن لم تثبت قبل أن يسمع عون منه ذلك شخصياً.
على صعيد اخر، اظهرت تطورات الامس، ان منسوب القلق الذي يسود لبنان منذ السبت الماضي قد تراجع كثيرا. واشادت قيادات في تيار المستقبل بمواقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وعدم انجراره الى التصعيد. كما لفتت تقارير امنية الى عدم وجود مناخات شعبية للقيام بتحركات تحاكي التصعيد السعودي ضد لبنان وحكومته وضد حزب الله.
القلق والارباك انعكسا على دار الفتوى التي اريد لها ان تلعب دورا خاصا في هذه الفترة. ونقل زوار المفتي عبد اللطيف دريان عنه ان لم يلمس استعدادا كافيا لعقد اجتماع عاجل للقيادات السنية، وان تيار المستقبل يهتم بعودة الرئيس الحريري قبل كل شيء. علما ان دريان سمع من الرئيس نجيب ميقاتي اقتراحا بأن تجري المطالبة بتشكيل حكومة حيادية لا تضم ممثلين عن الاحزاب السياسية في لبنان. وانه رشح مديرا عاما سابقا لرئاستها، الامر الذي لا يحظى بترحيب القوى الاخرى في البلاد.
لقاء الحريري ــ ترامب مفتاح غضب ابن سلمان؟
بانتظار تكشّف ملابسات حقيقة ما حصل يوم السبت الفائت، عندما خرج الرئيس سعد الحريري معلناً استقالته من الرياض، لا بد من العودة قليلاً إلى أشهر خلت، للوقوف على أحداث قد تساعد في تفسير بعضٍ من مشهد الاستقالة الملتبسة. ما الذي فعله الحريري حتى يعاقبه العهد السعودي الجديد بهذا الشكل المهين؟ سؤال قد يكمن جزء من الإجابة عنه في واشنطن التي زارها في تموز الماضي (مقال علي مراد).
لم يكن خافياً على اللبنانيين منذ قرابة عام ونصف عام أنّ الرئيس سعد الحريري كان يعاني من أزمة مالية حادّة، منذ أن قرّر محمد بن سلمان ابتلاع شركته «سعودي أوجيه»، ضمن توجّه عام لولي العهد السعودي باحتكار عطاءات المشاريع وتجييرها لمصلحة شركاته والأميركيين والمقرّبين منه. في تركيا، تعثّر آخر للحريري حيث استثمارات شركته «أوجيه تيليكوم» في شركة «تورك تيليكوم» التركية، وتعثّر في قروضه التركية التي من المفترض سدادها هذا الشهر.
إذاً، وضع الشيخ سعد المالي كان بالغ التأزّم، الأمر الذي انعكس على أدائه السياسي حتى إنجاز الصفقة الرئاسية أواخر العام الماضي ووصوله إلى رئاسة الحكومة. أداؤه في السرايا الحكومية من خلال السعي إلى تأمين كل الظروف المطلوبة لتعويض خسائره، انعكس سلاسة في تمرير الاستحقاقات والعمل الحكومي بالتفاهم مع الشركاء الحكوميين، ولا سيما حزب الله. على المقلب الآخر في الرياض، كان محمد بن سلمان يطبخ صفقته مع دونالد ترامب، الذي دخل البيت الأبيض بداية العام وفي جعبته مشروع مخالف لسياسة أوباما التفاوضية مع إيران. السعودية كما كيان العدو الإسرائيلي، في صلب مشروع ترامب الذي تحرّكه أيادي المحافظين الجدد في أروقة البيت الأبيض.
التوجّه الصقري السعودي تجاه إيران وحلفائها في المنطقة يحتّم توتير الساحة اللبنانية، تماماً كما في كل ساحة يوجد فيها حليف لطهران. منذ ما قبل قمة سلمان ــ ترامب في الرياض في أيار الفائت، كان الحريري يعرف جيداً أن الرياض تسعى جاهدة لإقناع الأميركيين بالسماح بتفجير الساحة الوحيدة الباقية في المنطقة، التي كان هناك حرص على تحييدها عن سيناريو التفجير والمواجهة. في 11 أيار الماضي تلقّت وزارة العدل الأميركية تصريحاً (وثيقة رقم 1) من النائب الجمهوري السابق وليام بروك عن اتفاق شفهي (دون مقابل مادي) بينه وبين مكتب الرئيس سعد الحريري. ينصّ الاتفاق على «مساعدة مكتب الحريري على إجراء اتصالات مباشرة مع مكتب ترامب وترتيب اجتماع بين الحريري والرئيس الأميركي». يظهر هنا أن الحريري أراد أن يفتح قناة اتصال مباشرة مع مكتب ترامب، مع العلم بأن التعاقد الشفهي هذا جاء بعد 4 أيام على إعلان ترامب أن زيارته الأولى خارج الولايات المتحدة ستكون للسعودية. هناك قطبة خفيّة هنا: لماذا لم يطلب الحريري من السعوديين مثلاً أن يساعدوه لترتيب اللقاء مع ترامب؟ أو لماذا لم يقم الحريري كما درجت عادته هو وقيادات تيار المستقبل عند نيتهم زيارة واشنطن للقاء مسؤولين أميركيين، بالطلب من مساعدته للشؤون الأميركية آمال مدللي، العمل على ترتيب اللقاء مع ترامب؟ مدللي (سفيرة لبنان الحالية في الأمم المتحدة منذ أواخر تموز الماضي) المعروفة بنشاطها في مجال جماعات الضغط الأميركية، لم تكن حين طلب الحريري لقاء ترامب مرتبطة إلا بعقد واحد وحصري مع جماعة ضغط اسمها BGR Government Affairs، ويرد في العقد (وثيقة رقم 2) أنها تقدّم خدماتها لـ «مركز الدراسات والشؤون الإعلامية في الديوان الملكي السعودي» مقابل مبلغ 26.500 دولار أميركي شهرياً. لا تفسير منطقياً للخطوة، إلا أن الحريري فضّل تحييد مدللي هذه المرة، لكي لا يتسرّب التوجّه إلى مركز الديوان الملكي الذي يرأسه سعود القحطاني، أحد مساعدي محمد بن سلمان المقرّبين.
بداية تموز الفائت أبلغ الحريري مجلس الوزراء أنه سيتوجّه إلى واشنطن للاجتماع بترامب وبعض أعضاء الكونغرس. كان معلوماً أن الحريري أخذ على عاتقه مخاطبة الرئيس الأميركي وأعضاء الكونغرس لتخفيف صيغة مشاريع قوانين العقوبات على حزب الله التي كان المشرّعون الأميركيون بصدد إقرارها. اجتمع الشيخ سعد مع ترامب في 25 تموز والتقى في اليوم التالي الجمهوريين، رئيس مجلس النواب توم كوتون ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس إد رويس، وردّد تماماً ما قاله لترامب «أنّ من الضروري تحييد لبنان عن أي مواجهة إقليمية مع إيران، وأن الحرب على حزب الله ومحاصرة بيئته غير مجدية، ومن شأن أي استهداف من هذا الشأن أن يفجّر الحكومة والاستقرار». الجدير بالذكر أن الحريري توجه إلى جدة في 20 تموز (أي قبل سفره لواشنطن بيوم) والتقى ولي العهد السعودي، في إشارة إلى أنه ذهب ليطلعه على ما سيناقشه مع الأميركيين. يظهر هنا وكأنّ الحريري التفّ من وراء ظهر محمد بن سلمان بدايةً عبر فتح قناة الاتصال المباشر مع البيت الأبيض، ولاحقاً عبر ترتيب لقاءاته ومضمون ما سيناقشه في واشنطن بمعزل عن الإشراف السعودي المباشر، واكتفى قبل ذهابه للقاء ترامب بيوم أن يقف على خاطر «الإرادة السامية» في السعودية. أصبح الاستنتاج الطبيعي يقول إن الحريري أراد ــــ متخطياً ابن سلمان ــــ أن يخاطب ترامب مباشرةً ويطلب منه تحييد لبنان عن سيناريو المواجهة (وهو ما تريد عكسه الرياض)، وهذا في حد ذاته جريمة في نظر ابن سلمان تستوجب العقاب. عقاب بدا واضحاً أنه موجّه إلى تيار الحريري السياسي وجمهوره بالدرجة الاولى، بأن من غير المسموح لأي شخصية سنّية لبنانية أن تلتفّ على إرادتنا، وأي تحرك استقلالي عن قرارنا مصيره القضاء عليه أياً كان قائد هذا التحرك، ومصيركم في بلدكم نحن نحدّده لكم. والرسالة الثانية التي أراد توجيهها ابن سلمان إلى اللبنانيين كانت لشركاء الحريري في الحكومة، بأن صفقته مع ترامب أكبر من أن تستثني ساحة صغيرة بحجمها الجغرافي كلبنان، وأنّه في المحصّلة حصل على الضوء الأخضر الأميركي الذي أراده للّعب في الساحة اللبنانية.
الجمهورية
الملك سلمان يلتقي الحريري.. وعون يوسّع مشاوراته اليوم

دخلَ لبنان مرحلة سياسية جديدة بعد استقالة رئيس حكومته سعد الحريري وارتفاع حدّة المواجهة السعودية مع إيران و«حزب الله»، بإعلانها أنّها ستعامل حكومة لبنان «حكومة إعلان حرب». وقد تجلّت آخر فصول هذه المواجهة في تأكيد وزير الخارجية عادل الجبير أنّ تدخّلات طهران «تضرّ بأمن دول الجوار وتهدّد الأمن والسلم الدوليين»، وإعلانه أنّ الصواريخ التي أطلِقت على الرياض «إيرانية الصنع، أطلقَها «حزب الله» من منطقة في اليمن يسيطر عليها الحوثيون»، وإنّ هذه العملية «بمثابة إعلان حرب على المملكة العربية السعودية». ونفى أن تكون بلاده أجبَرت الحريري على الاستقالة، وقال: «إتّهام السعودية بأنّها أجبَرت الحريري على الاستقالة لا قيمة له، وفي إمكانه مغادرةُ المملكة ساعة يشاء». فيما أعلنَ الوزير السعودي ثامر السبهان «أنّنا سنعامل حكومة لبنان كحكومة إعلان حرب بسبب «حزب الله»، داعياً اللبنانيين إلى «الاختيار بين السلام وبين الانضواء تحت الحزب».
فيما تتلاحق الاحداث في السعودية في إطار فتح ملفات الفساد والمساءلة القانونية، تسيطر اجواء الترقب والقلق في لبنان، وتستمر المحاولات عبثاً لفكّ «لغز» استقالة الحريري الذي استعاد حركتَه داخل السعودية، فنشَر عبر «تويتر» صورة تجمعه مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، كتب فوقها: «تشرّفتُ اليوم (أمس) بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في مكتبه بقصر اليمامة».
وافادت وكالة الانباء السعودية («واس») الرسمية انّ الملك سلمان استقبل «دولة رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري. وجرى خلال الاستقبال، استعراض الأوضاع على الساحة اللبنانية.
وحضَر الاستقبال، صاحبُ السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، ومعالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ومعالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير، ومعالي وزير الدولة لشؤون الخليج العربي الأستاذ ثامر بن سبهان السبهان». وقد نشرَت الوكالة صورةً لهذا اللقاء.
الصوَر والإشاعات
وقد خفّفت صورُ استقبال الملك سلمان للحريري وتغريداتُ الأخير مِن الإشاعات التي انطلقَت في اليومين الماضيين متحدثةً عن «إقامة جبرية» فرِضت على رئيس حكومة لبنان. لكنّ الاتصالات بين الحريري ولبنان، وخصوصاً بينه وبين المرجعيات الرئاسية، شِبه مقطوعة، ما يُبقي ملابسات الاستقالة في دائرة الغموض حتى الآن.
وتردَّدت معلومات مفادها أنّ الوضع الجديد الذي يعيشه الحريري في السعودية جاء نتيجة اتصالات سريعة أجراها مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد بالمسؤولين السعوديين. كذلك فإنّ قصرَ الإليزيه تحرّكَ في هذا الإطار، خصوصاً وأنّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يَعتزم زيارة لبنان في الأشهر القليلة المقبلة.
وذكرت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» انّ الملك الاردني عبد الله الثاني تشاوَر مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، وكذلك فعلَ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لتنسيق المواقف في هذه المرحلة واحترام سيادة لبنان المنتهَكة بنحوٍ دائم من اكثر من طرف.
ويبقى انّ معيار وضوح الصورة هو رهنٌ بعودة الحريري الى لبنان. وفي هذا الإطار، تشير معلومات الى أنّ هذه العودة ليست مرتبطة فقط بوضعه في السعودية، انّما ببداية تبلوُرِ صورة التسوية الحكومية الجديدة في البلاد، لأنّ مجيئه الآن سيفرض بدءَ الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل حكومة جديدة، في حين انّ غيابه يعطي المبرّرات الكافية لتأخير هذه العملية الدستورية الطبيعية.
وعلى صعيد ما بعد الاستقالة، علِم انّ الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة بعدما حصَل تثبيت للوضع الامني والنقدي، هو البحث عن شكل الحكومة قبل البحث عن رئيسها، لأنه اذا كانت الحكومة سياسية يصعب إيجاد رئيس ذي تمثيلٍ سنّي لخلافة الحريري من دون موافقةِ بيئته الداخلية والعربية، في حين إذا كانت حكومة للانتخابات النيابية فيمكن إمرار التكليف على اساس انّ للحكومة بُعداً تقنياً انتخابياً وليس سياسياً.
عون
ونشَطت الاتصالات على اكثر من جبهة، وظلّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على تريثِه، وقد زاره رئيس مجلس النواب نبيه بري العائد من مصر، مؤكداً انّ التفاهم مع «فخامة الرئيس في الأزمة الراهنة كاملٌ وتامّ ومنجَز». وأيَّد «حرفياً البيان الذي صَدر عن رئاسة الجمهورية في ما يتعلق بالاستقالة، وقال: «بكّير كتير كتير كتير» الحديث عن استقالة أو تأليف حكومة». وقال ردّاً على سؤال: «دستورياً، لا يمكن ان اقول إنّ هناك استقالة جدّية أم لا».
وقال زوّار عون لـ«الجمهورية» إنّه يتريّث في اتّخاذ موقف من استقالة الحريري الى حين عودةِ الاخير الى بيروت، وإنّ هناك مشاورات واسعة يجريها على اكثر من مستوى لتوحيد موقف اللبنانيين بدءاً بتوصيف موحّد للأزمة التي تعيشها البلاد وإنّه ليس في وارد اتّخاذ ايّ خطوة في شأن قبول الاستقالة قبل ان يجتمع بالحريري، وهو امرٌ يتوقعه في الأيام القليلة المقبلة للبحث معه في ظروف استقالته.
ولاحَظ هؤلاء أنّ البيانات الرسمية الصادرة عن القصر الجمهوري ما زالت تتعاطى مع الحريري بإصرار على صفته رئيساً لمجلس الوزراء، وأنّ من يتناوله بغير هذه الصفة لا يلزم أيّاً من المسؤولين اللبنانيين، وذلك في إشارة الى اعتباره عند زيارته امس العاهلَ السعودي على انّه «رئيس وزراء لبنان السابق» .
وعلمت «الجمهورية» انّ عون سيوسّع اليوم لقاءاته السياسية والحزبية، ولهذه الغاية، وُجّهت الدعوات الى رؤساء الجمهورية والحكومات السابقين والى رؤساء الأحزاب المشاركة في الحكومة، وكذلك الى رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل لزيارة قصر بعبدا في مواعيد تمّ ترتيبها على مدى النهار قبل الظهر وبعده .
وأكّدت مصادر مطلعة انّ عون يَرغب التشاور مع الجميع في التوقعات الخاصة بالمرحلة المقبلة والخطوات التي يمكن اللجوء اليها في ضوء المعطيات المتوافرة لديه بغية توفيرِ إجماع لبناني على كلّ المستويات وأنه لن يتفرّد بأيّ قرار بهذا الحجم.
المشنوق
وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق من دار الافتاء إنّ لقاء الملك سلمان مع الحريري «ينفي كثيراً من الإشاعات ويشير الى أنّ الدنيا في خير ويعطي انطباعاً أنّ الرئيس الحريري سيعود خلال أيّام الى لبنان»، وشدّد على أنّه «انطباع وليس معلومات».
وحول المعطيات عن محاولة اغتيال الحريري أوضَح المشنوق أن «ليس لدى الأجهزة اللبنانية أيّ معلومات، لكن يمكن أن تكون جهة غربية جدّية قد أبلغَت الى الرئيس الحريري مباشرةً وليس من خلال الأجهزة الأمنية».
تشويش إيراني
وكانت «مصادر غربية» قد تحدّثت عن رصدِ محاولات تشويش تعرّضَ لها موكب الحريري في بيروت قبل أيام من إعلان استقالته. وذكرت أنّ التشويش كان ناجماً عن أجهزة مختصة لتعطيل وإرباك أجهزة الأواكس والرادار، تبيّن أنّها إيرانية الصنع»، قائلة «إنّ تعقّبَ الأجهزةِ كشف قيام العاملين على الرادار بجولات مسحِِ أخرى على مواكب الحريري البديلة والتمويهية.
الاجتماع الأمني
وعلى الضفّة الأمنية، عقِد اجتماع أمنيّ وقضائي في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية الذي طلب من القيادات الأمنية البقاءَ على جهوزية ومتابعة التطوّرات بعناية وتشدُّد، وخصوصاً لجهة التشدد في ملاحقة مطلقي الإشاعات الذين نشَطوا خلال الايام الماضية بهدف إحداثِ بَلبلة.
كذلك طلبَ من الاجهزة القضائية التنسيقَ مع الاجهزة الامنية لمواكبةِ الإجراءات المتخَذة للمحافظة على الاستقرار العام، مشدّداً على دورِ وسائل الإعلام في عدم الترويج للإشاعات وكلّ ما يسيء الى الوحدة الوطنية والسلامة العامة.
وقدّم القادة الامنيون تقاريرَ عن الوضع الامني في البلاد، والإجراءات والتدابير المتخَذة للمحافظة على الاستقرار، وتَقرّر إبقاءُ الاجتماعات مفتوحة لمتابعة التطوّرات.
وقالت مصادر اطّلعَت على مجريات الاجتماع الأمني في بعبدا لـ«الجمهورية» إنّ «أجواء من الارتياح سادت اللقاء نتيجة التقارير التي رفعَها القادة العسكريون والأمنيون، والتي أجمعَت على أنّ الأمن ممسوك ومضبوط، مشيرةً الى أنّ القوى الأمنية والعسكرية على جهوزيتها الدائمة كما كانت ولا تزال، للتدخّل عند أيّ طارئ»، داعيةً المواطنين الى «عدم الأخذِ بالإشاعات والتحليلات»، ومشيدةً بـ«وعيِ الأطراف السياسية والقواعد الشعبية التي تعاملت مع الأحداث بحسٍّ وطنيّ عالٍ».
وعوَّلت المصادر على «حكمة الجميع لإمرار هذه المرحلة بأقلّ أضرار ممكنة»، مكرّرةً التأكيد أنّ «الوضع الأمني اليوم أفضل بكثير من السابق، فالأجهزة الأمنية والعسكرية تتابع عملَها تحت إشرافِ رئيس الجمهورية وقيادتِه بوصفه القائدَ الأعلى للقوات المسلحة، والساهر على حماية الدستور»، وقالت إنّ «الدولة بكلّ أجهزتها تعمل تحت سقفِ القانون والدستور الذي يضمن حقوقَ جميع اللبنانيين ويصونها بالتساوي في ما بينهم».
وعلمَت «الجمهورية» أنّ قادة الأجهزة الأمنية أجمعوا في تقارير مفصّلة عن تطورات الساعات التي سبَقت استقالة الحريري وأعقبَتها ومن دون الإشارة الى أيّ خَللٍ أمني أو مخاوف أمنية تُطاوله.
وعلمت «الجمهورية» انّ اتفاقاً انتهى اليه المجتمعون لتعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية والقضائية لمواجهة الإشاعات بالدرجة الأولى والتركيز على تعزيز التدابير في مناطق محدّدة قد تشكّلُ مسرحاً لمجموعات إرهابية نائمة او ممّن يلعبون دور «الطابور الخامس» في مناطق حسّاسة، وتحديداً في المخيمات الفلسطينية ومحيطها وتجَمّعات النازحين السوريين.
المال والنقد
وعلى خطّ الملفّ المالي والنقدي، اجتاز البلد أمس قطوعَ اليوم الاوّل للعمل بعد صدمة الاستقالة. ولم تشهد المصارف تهافتاً على تحويلات من الليرة الى الدولار. لكن المؤشّر السلبي صَدر عن اسواق السندات حيث هبَطت اسعارها في التداول، في اشارةٍ الى إقدام حمَلةِ السندات اللبنانية، ولا سيّما منهم الاجانب، على عرض محافظهم من هذه السندات للبيع.
مجموعة الدعم
وفي المواقف، اعربَ أعضاء مجموعة الدعم الدولية في بيروت في بيان مشترك بعد اجتماعهم في بيروت عن قلقهم عقبَ إعلان استقالة الحريري. وأكّدوا «دعمهم القوي والجماعي لوحدة لبنان واستقراره وسيادته وأمنِه وشعبه». وأشادوا «بالقادة اللبنانيين على الاستجابة إلى هذه الظروف غير المنظورة بطريقة هادئة وثابتة». وشدّدوا «على أهمية دعم استمرارية مؤسسات الدولة اللبنانية وإجراء الانتخابات في حينها، وفقاً للدستور».
من جهتها، تمنَّت الخارجية التركية «أن لا تؤدّي التطورات في لبنان إلى أزمةٍ سياسية جديدة» ودعَت جميع الأطراف إلى ضبط النفس.
الديار
عون بري نصر الله ابطلوا " عاصفة "الاستقالة …. فماذا بعد ؟ 
لاءات حاسمة في بيروت وحراك اقليمي لوقف التدهور

خروج وزير الدولة لشؤون الخليج تامر السبهان عن "طوره" مساء امس، وتهديده بانه سيعامل الحكومة اللبنانية كحكومة اعلان حرب بسبب ما اسماه "ميليشيا" حزب الله، لم يكن مفاجئا بعد ان ادركت المملكة ان اجبار رئيس الحكومة سعد الحريري على الاستقالة، لم يؤد الى النتائج المتوخاة، بعد نجاح "الثلاثي" عون – بري – نصرالله في امتصاص مفاعيل "العاصفة" السياسية السعودية من خلال توزيع متقن ودقيق للادوار والمسؤوليات، فتم حصر الاضرار بحدها الادنى، ويمكن القول ان البلاد تجاوزت "الصدمة" وانتقل العمل الى مرحلة جديدة من "الاستيعاب" وباتت "الكرة" الان في "الملعب" السعودي، فالمملكة "مجبرة" على الافصاح عن طبيعة "النقلة" التالية على "رقعة الشطرنج" المعقدة ليبنى على "الشيء مقتضاه"، فاذا كان السبهان جادا في تهديداته فما عليه الا الانتقال الى التنفيذ، لان التهويل لم يعد مفيدا، وتبين ان "قلب المعادلات" يحتاج الى اكثر من "استدعاء" وفرط للحكومة.. ومن هنا نجحت الادارة "الحكيمة" للازمة في اجبار السعوديين على "كشف اوراقهم" في توقيت لا يريدونه، وهذا ما ستتضح معالمه خلال الساعات المقبلة خصوصا ان وزير الخارجية عادل الجبير حاول "تلبيس" حزب الله تهمة المساهمة في تركيب الصاروخ الذي سقط في الرياض؟!.. 
هذه الخلاصة لاوساط وزارية بارزة، نقلت عن اوساط دبلوماسية في بيروت وجود "غضب" سعودي كبير من رئيس الجمهورية ميشال عون بسبب ادائه ازاء الازمة المستجدة، ونقلت بحقه كلاما طائفيا سعوديا "قاسيا"، طال ايضا وزير الخارجية جبران باسيل.. خصوصا مع توارد المعلومات عن تنسيق رفيع المستوى مع "حارة حريك" في ادارة الازمة.. 
وفي هذا السياق تشير تلك الاوساط الى ان ما افصح عنه الرئيس نبيه بري بعد لقائه رئيس الجمهورية في بعبدا كان معبرا للغاية عن الاستراتيجية المعتمدة لمواجهة المستجد السعودي، وهو يفسر سبب كل هذا الغضب، فعندما اكد رئيس المجلس انه من المبكر جدا الحديث عن استقالة او تأليف حكومة، فهو يشير صراحة الى ان الدولة اللبنانية تعتبر ان "الخطوة" السعودية وكأنها لم تكن، واستقالة الرئيس سعد الحريري ليست نافذة، ولن تكون الا عندما تقدم بالطرق الدستورية المرعية الاجراء، ومن رئيس الحكومة شخصيا، او بالطريقة التي تظهر انه اتخذ قراره وفقا لقناعاته، وهو امر متفاهم عليه مع رئيس الجمهورية، وهذا يعني أخذ النقاش الى مربع دستوري قانوني بعيدا عن النقاش السياسي الذي لن يحصل الا مع رئيس الحكومة شخصيا، خصوصا ان تيار المستقبل على مختلف مستوياته الوزارية والنيابية غير مؤهل للعب هذا الدور في غياب قرار مركزي يمكن الركون اليه في ظل محاولة رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة ومجموعاته داخل التيار استغلال الموقف لتعبئة "الفراغ"..
"شراء الوقت"
وبحسب تلك الاوساط، فان "التريث" او عملية "شراء الوقت" ليست عبثية، فثمة اتصالات دولية تجري الان لمحاولة "لملمة" الوضع واستكشاف النوايا السعودية، وباريس ليست وحدها على "خط" الاتصالات، فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "القلق" بدأ تحركا على اعلى المستويات لمحاولة "تهدئة" الجانب السعودي واقناعه بوقف التدهور وعدم الذهاب الى خطوات غير محسوبة، وانه اذا كان في الامر "رسالة" الى طهران، فهي قد وصلت، وليس هناك مصلحة في الذهاب ابعد من ذلك، والاجدى عودة الحريري الى بيروت لمحاولة ايجاد المخارج المتاحة لهذه الازمة قبل ان "تخرج" الامور عن السيطرة، وهذا لن يكون من مصلحة احد.. كما دخل الاردن بقوة على خط اتصالات التهدئة بعد الاتصال الذي اجراه الرئيس عون مع الملك الاردني عبدالله الثاني. 
وتتحدث اوساط في تيار المستقبل، عن خروج مرتقب للرئيس الحريري من السعودية خلال الساعات القليلة المقبلة دون تحديد وجهته، مع ترجيح ذهابه الى باريس، فيما تبقى عودته الى بيروت مرتبطة بتطور الاتصالات الفرنسية – المصرية مع الجانب السعودي..
وفي الانتظار سيبدأ الرئيس ميشال عون اليوم لقاءات تشاورية واسعة وليس "استشارات" من كافة القوى السياسية على ان يكون له موقف يحدد فيه الخطوة التالية في ضوء نتائج التشاور، لكن اوساطاً سياسية مطلعة على "كواليس" الاتصالات تشير الى ان الرؤية باتت واضحة في بعبدا، وعين التينة، وحارة حريك، ازاء كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة، فالقرار متخذ بعدم جر البلاد الى مواجهة مع تيار المستقبل، فلا مصلحة "بكسره"، ولا مصلحة في منح بعض "الطفيليين" ومن ورائهم السعودية، الفرصة لتحويل الازمة الى مشكلة مذهبية، فحصر الخلاف في سياقه السياسي اولوية ويعتبر افضل رد عملي لمعالجة الازمة، واذا كان الرئيس الحريري لديه اسباب موجبة دفعته للاستقالة فالحوار هو السبيل الوحيد لمعالجتها او الابقاء عليها ضمن "ضوابط" معقولة..
لا "عزل" "للمستقبل"
وكما فهمت تلك الاوساط، فان القرار واضح بعدم "عزل" تيار المستقبل، ولذلك لا توجد اي رغبة في تشكيل حكومة تحدي، وبقاء حكومة تصريف الاعمال يبقى في هذا السياق "اهون الشرور" الى ان تتغير الظروف الاقليمية التي افضت الى الازمة الراهنة… اما الحديث عن حكومة "تكنوقراط" فهو امر لم يطرح جديا من قبل اي جهة وازنة، وهو طرح يبقى غير مقبول من قبل حزب الله طالما ان موجباته غير مقنعة، وتبقى مسألة تشكيل حكومة سياسية بدون وجود الحزب، او كما تحدث البعض خلال الساعات الماضية عن تمثيله "بمقربين" منه، امرا غير متاح ولن يبصر النور، مهما كانت الظروف، ومن يعرف المعطيات على الارض يدرك ان الحزب ليس في وارد منح السعودية "ما لا يتناسب" مع قدراتها او مع توازنات القوى في لبنان والاقليم..
الخيارات السعودية
وفي هذا السياق، تقول تلك الاوساط، ننتظر "الخطوة" السعودية التالية، وهي عمليا لا تصب في صالح المملكة، فاذا قبلت المملكة تشكيل حكومة بمشاركة تيار المستقبل فيعني ذلك ان الاستقالة لم تأت باي مفعول ومجرد خطوة "متهورة" لا معنى لها، واذا استمرت في رهانها على تعطيل العمل الحكومي فان ذلك يعني انها تخسر من "كيسها"، فقد كان لديها رئيس حكومة "اصيل" وهو شريك اساسي في تسوية سياسية كان منتجة، والان سيكون رئيس حكومة تصريف اعمال، وهذا سيضعف من مكانته وفعاليته، وفي المقابل لن يتضرر حزب الله لانه لا يستمد قوته من الحكومة… 
وفي هذا الاطار، تنقسم الاراء داخل تيار المستقبل ازاء الخطوة السعودية فبعض قيادات التيار الوزارية تحدثت عن مجرد خطوة سعودية للرد على "التبجح" الايراني بالسيطرة على القرار اللبناني، فكان القرار السعودي "المتعجل" بتطيير الحكومة لافهام الايرانيين انها لا تزال حاضرة بقوة على "الساحة" اللبنانية وتستطيع تخريب "التسوية" وما حصل مع الحريري عندما دخل للقاء باراك أوباما، قبل 6 سنوات جرى الرد عليه مساء السبت الماضي، بعد ساعات من استقباله موفد المرشد الاعلى للجمهورية الايرانية… في المقابل ترى اوساط نيابية مستقبلية ان الخطوة لها ما بعدها وتجزم ان تلك استقالة ليست مسألة ذهاب حكومة ومجيء أخرى، ونحن امام أزمة سياسية ودستورية كبرى، سوف يكون من الصعب جداً إغلاقها دون تنازلات من الطرف الاخر..
"ارتياب" المشنوق
وفي هذا الاطار، لاحظ من التقوا وزير الداخلية نهاد المشنوق انه غير مرتاح لما آلت اليه الامور، وهو ما يزال تحت وقع "صدمة" استقالة الحريري المفاجئة، لكنه "مرتاب" لتصرفات القيادة السعودية بقيادة محمد بن سلمان، وهو يدرك ان معظم اصدقائه في المملكة قد اصبحوا خارج السلطة او ملاحقين، ووفقا لما نقلته عنه اوساط في تيار المستقبل، اكد ان الشعار المطروح سعودياً اكبر من "استقالة"، المملكة تريد الذهاب الى ابعد من الغاء التسوية، بل تريد اجهاض "المساكنة" الحالية دون وضوح في "الصورة"، فالمعركة ليست داخلية بل إقليمية، والسعودية الان تقول للبنانيين عليكم ان تتخذوا الخيار "ولكل شيء ثمن" وقد يكون اوله ثمنا اقتصاديا…
اللواء
السبهان: الملك أبلغ الحريري تفاصيل عدوان حزب الله على السعودية
«غيوم سوداء» في سماء لبنان.. ومأزق الإستقالة لا قبول ولا رفض

في اليوم الأوّل، من أوّل أسبوع، بعد استقالة الرئيس آخذاً سعد الحريري، بدا الموقف آخذ بالتصاعد وغيوم سوداء في سماء لبنان على وقع اشتداد حملة المملكة العربية السعودية على إيران وحزب الله، على خلفية الصاروخ البالستي الذي أطلق على مطار الملك الراحل خالد بن عبد العزيز في الرياض، والإجراءات السعودية بإقفال المنافذ الجوية والبحرية والبرية على اليمن، باعلان بيان للتحالف العربي – الدولي في دعم الشرعية في اليمن أنه «ثبت ضلوع النظام الإيراني في إنتاج هذه الصواريخ وتهريبها إلى الميليشيات الحوثية..»، مؤكداً (أي التحالف) حق المملكة في الرد على عدوان إيران في الوقت والشكل المناسبين، بتعبير وزير الخارجية عادل الجبير.. وهو الأمر الذي دفع بوزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف للرد بإطلاق تهديدات مماثلة..
على ان المشهد لم يبدأ متطابقاً بين بيروت والرياض، لجهة التعامل مع استقالة الرئيس الحريري، الذي قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبيل حول وضعه في المملكة انه «يمكنه مغادرة المملكة في أي وقت كان».
ففي حين بدا ان التريُث هو سيّد الموقف في لبنان، إذ عبّر الرئيس نبيه برّي من قصر بعبدا، بعد لقاء الرئيس ميشال عون انه «من المبكر التحدث عن استقالة حكومة أو تأليف حكومة». كاشفاً عن ان «التفاهم كامل وتام ومنجز مع رئيس الجمهورية في الأزمة الراهنة وعلمت ان بياناً صدر عن رئاسة الجمهورية في ما يتعلق بالاستقالة وأنا أؤيد هذا البيان حرفياً».
ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) في معرض نقل خبر استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس الحريري بصفته «رئيس وزراء لبنان السابق».. وهذا يعني وفقاً لمصادر مطلعة ان المملكة لا تتعامل مع الرئيس الحريري كرئيس للحكومة الحالية.. وأشارت الوكالة السعودية إلى انه جرى «خلال الاستقبال استعراض الأوضاع على الساحة اللبنانية».
وذكرت انه حضر الاستقبال وزير الداخلية السعودية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، ووزير الدولة مساعد بن محمد العيبان، والوزير الجبير، ووزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر بن سبهان السبهان.
تجدر الإشارة إلى ان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري، قال في خبر الاستقبال ان الملك سلمان «استقبل قبل ظهر أمس رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري»، يُشار إلى ان الرئيس الحريري أجرى أمس اتصالاً بمدير مكتبه نادر الحريري.
واستأثرت المواقف السعودية ذات الصلة باستقالة الرئيس الحريري باهتمام الأوساط اللبنانية الرسمية والسياسية:
1- الوزير الجبير نفى في حديث لشبكة «سي ان ان» الإخبارية الأميركية «مزاعم بأن المملكة اجبرت الحريري على الاستقالة»، واتهم الجبير حزب الله «بدفع الحريري للاستقالة بافعاله وبإختطافه للعملية السياسية في لبنان وبتهديده للزعماء السياسيين».
2- الوزير السبهان كشف ان الملك سلمان أبلغ «رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري تفاصيل عدوان حزب الله على السعودية»، مشيراً إلى ان على «الحكومة اللبنانية ان تعي خطر تلك الميليشيات على السعودية».
وقال وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، في مداخلته مع «العربية»، إن على اللبنانيين الاختيار بين السلام وبين الانضواء تحت حزب الله، مضيفاً: «كنا نتوقع من الحكومة اللبنانية أن تعمل على ردع حزب الله»، مشيراً إلى أنه بيد اللبنانيين تحديد ما ستؤول إليه الأمور مع السعودية. واتهم السبهان حزب الله بأنه يهرب المخدرات للسعودية ويدرب شباباً سعوديين على الإرهاب.
وقال المسؤول السعودي إن الحريري وشرفاء لبنان لن يقبلوا بمواقف ميليشيات حزب الله، مؤكداً أن الحديث عن إجبار الحريري على الاستقالة أكاذيب لتشتيت اللبنانيين، مشدداً على أن «لبنان مختطف من قبل ميليشيات حزب الله ومن خلفها إيران.. واللبنانيون قادرون على إيقاف تجاوزات ميليشيات حزب الله».
وكان السبهان غرد عبر حسابه على موقع «تويتر» الأحد قائلاً: «لبنان بعد الاستقالة لن يكون ابداً كما قبلها لن يقبل ان يكون بأي حال منصة لانطلاق الإرهاب إلى دولنا وبيد قادته ان يكون دولة إرهاب أو سلام».
3- نقلت محطة «العربية» عن مصادر غربية أمس الاثنين «رصد محاولات تشويش تعرض لها موكب رئيس الوزراء اللبناني المستقيل الحريري في بيروت قبل أيام من إعلان استقالته».
وذكرت المصادر ان التشويش كان ناجماً عن أجهزة مختصة لتعطيل وارباك أجهزة الاواكس والرادار، تبين انها إيرانية الصنع، قائلة إن تعقب الأجهزة كشف قيام القائمين على الرادار بجولات مسح أخرى على مواكب الحريري البديلة والتمويهية.
الرئاسة: لا رئيس سابق ولا مستقيل
وفي بيروت، أوضحت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» أنه بالنسبة إلى القصر الجمهوري فإن الرئيس سعد الحريري هو رئيس مجلس الوزراء وهو ليس برئيس سابق ولا برئيس مستقيل. ولفتت إلى أن الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، اللذين عرضا للتطور المستجد بفعل إعلان استقالة الرئيس الحريري، وتوافقا على التأكيد أنه لا يمكن اعتبار الاستقالة قائمة لأن رئيس الجمهورية لم يستلمها وفق المعطيات المنصوص عنها في الدستور.
وقالت إن هذه الاستقالة لم تراع الأصول كما إن انها أعلنت خارج البلاد. وأعلنت انه لن يبت بها قبل أن يستمع الرئيس عون من الرئيس الحريري الشروحات والتفسيرات التي لديه. وأكدت أن البيان المقتضي للرئيس بري واضح لجهة تأكيده دستورياً انه لا يمكن ان يقول ان هناك استقالة جدية ام لا.
وكشفت المصادر أن الرئيس عون باشر اليوم مروحة اتصالات مع القيادات السياسية في البلاد، من بينها لقاءات مع رؤساء سابقين للجمهورية والمجلس النيابي والحكومة كما مع رؤساء الأحزاب الممثلة في الحكومة، وهي تهدف إلى إجراء قراءة للتطورات من أجل اتخاذ موقف لاحق يتخذه الرئيس عون تحت عنوان المحافظة على الوحدة الوطنية.
وأكدت أن الرئيس عون يملك هامشا كبيرا لما سيقدم عليه، موضحة أن الاتصال مقطوع مع الرئيس الحريري وان أي اتصال جديد معه سيكون كفيلاً بتظهير الصورة وأنه لن يقدم على أي خطوة قبل أن يتاح له الاستماع للرئيس الحريري. وقالت المصادر إن الاجتماعين اللذين عقدا في قصر بعبدا أي الأمني -القضائي والاقتصادي هدفا إلى التمهيد لمعالجة الوضع الذي نشأ بعد إعلان الاستقالة.
وعلم أن الاجتماع الأمني -القضائي خلص إلى التأكيد أن ما من شيء يستدعي القلق وان الإشاعات تتم متابعتها لأنها تمثل خطرا. أما الاجتماع الاقتصادي فكان مطمئنا لجهة الإجراءات المتخذة واستقرار الوضع النقدي.
وفي الاجتماع القضائي الأمني، الذي شارك فيه وزراء الدفاع والعدل والداخلية، إضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية والقضائية، شدّد عون على الوحدة الوطنية كأساس للمحافظة على الاستقرار الأمني والسياسي، مشيراً إلى ان كل الجهود يجب أن تنصب على المحافظة على هذه الوضعية، ولافتاً إلى ان تجاوب القيادات السياسية التي اتصل بها بعد إعلان الحريري استقالته مع ضرورة اعتماد التهدئة أسهم في المساعدة على معالجة الوضع الناشئ عن الاستقالة، وسوف يُمكن من إيجاد الحلول المناسبة للوضع السياسي الراهن.
وكشف وزير العدل سليم جريصاتي الذي شارك في الاجتماع ان القادة الأمنيين قدموا تقارير أمنية مشجعة أظهرت انه لم يسجل أي حادث أمني غير مألوف أو غير اعتيادي، وان أي جهاز أمني لم يُؤكّد أية معلومة تتعلق بمحاولة اغتيال الرئيس الحريري، علماً ان قناة «العربية» نقلت أمس عن مصادر غربية قولها انها رصدت محاولات تشويش تعرض لها موكب الرئيس الحريري في بيروت قبل استقالته بأيام، وان هذا التشويش تمّ بأجهزة إيرانية الصنع.
أما في الاجتماع المالي والذي حضره وزير المال علي حسن خليل ورئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف الدكتور جوزف طربية، فبدا ان الرئيس عون كان مرتاحاً للتقارير المالية التي تلقاها عن الحركة الطبيعية للأسواق المالية مع بداية الأسبوع، ودعا إلى مزيد من التنسيق بين وزارة المال وحاكمية البنك المركزي وجمعية المصارف للمحافظة على الاستقرار المالي.
دار الفتوى
في هذا الوقت، بقيت دار الفتوى محور حركة مشاورات لتحصين الساحة الإسلامية، ومواكبة تداعيات استقالة الرئيس الحريري. واستقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في هذا الإطار النائب السيدة بهية الحريري، ثم وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أشاد بحكمة الرئيس عون، التي خلقت توازناً مع الفراغ الذي حصل بسبب الاستقالة، خصوصا وانه أوضح انه لن يقوم بأي بادرة قبل لقائه الرئيس الحريري ليسمع منه مباشرة ما هي أسباب استقالته وان كان مستمراً بها.
واعتبر المشنوق ان لقاء خادم الحرمين الشريفين مع الرئيس الحريري ينفي الكثير من الشائعات، ويشير إلى أن الدنيا بخير، ويعطي انطباعاً ان الرئيس الحريري سيعود خلال أيام إلى لبنان، مشدداً على ان هذا انطباع وليس معلومات.
وإذ طمأن إلى ان الوضع الأمني ممسوك من كل النواحي، نافياً أن تكون لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية معلومات في شأن محاولة اغتيال الحريري، توقع ان تكون جهة غربية جدية ابلغت ذلك للرئيس الحريري مباشرة وليس من خلال الأجهزة الأمنية.
تجدر لاشارة الىان المكتب الاعلامي في دار الفتوى، نفى أمس، ما تردد أن المفتي دريان ألغى زيارة له إلى السعودية، مؤكداً انه لم تكن هناك أصلاً زيارة للمملكة لكي يرجئها.
ومن جهته، أجرى الرئيس فؤاد السنيورة، أمس سلسلة اتصالات هاتفية شملت كلا من الرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان والرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام، إضافة إلى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، تركزت على وجه الخصوص في ما يتعلق باستقالة الرئيس الحريري. وشدّد السنيورة خلال هذه الاتصالات على أهمية مقاربة المشكلات الوطنية من زاوية وطنية جامعة، ولا سيما في هذه الظروف الدقيقة.
البناء
الحريري يظهر في صور من السعودية لنفي فرضية خضوعه للاحتجاز فيؤكّده
قلق دولي من انقلاب بن سلمان… وتصعيد سعودي بالتلويح بالحرب مع إيران
عون وبرّي: الاستقالة مشروطة بعودة الحريري… والوضع الأمني والمالي ممسوك

كانت الإشادة الخارجية والداخلية برفض رئيسَيْ الجمهورية العماد ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، التعامل مع الاستقالة قبل عودة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى بيروت، لافتة، واللافت وصفها بالحكمة، انطلاقاً من دار الفتوى ومَن جمعت ومَن تمثل، ومن مواقف نواب ووزراء تيار المستقبل المقرّبين من الحريري، وليس الذين كان يقاطعهم وهبّوا لاستثمار الاستقالة، وصولاً للمواقف الأوروبية والمصرية والتركية التي أشادت بالتعامل الحكيم للقيادات اللبنانية مع الأزمة، سواء بالتصريحات المعلنة أو بالرسائل الدبلوماسية والاتصالات الشخصية للرئيسين عون وبري.
كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق عن انطباع بأنّ الرئيس الحريري سيعود لبيروت، في ظلّ عجز أيّ من القيادات عن التواصل مع الحريري، كما كلام دار الفتوى عن حكمة رئيس الجمهورية، كما الصورة الكئيبة المفعَمَة بالذهول لوجه المشاركين في اجتماع كتلة نواب المستقبل، إشارات زادت اليقين بوجود الحريري قيد الاحتجاز، حتى وصل الخيال بالبعض إلى وضع بعض تفاصيل اللباس في صور الحريري مع السفير السعودي الجديد، أو في لقائه مع الملك السعودي، أو في اقتصارها على صور جامدة أو مشاهد فيديو مسجّلة، كان يمكن لأيّ ظهور تلفزيوني حيّ للحريري أن يمنحها مصداقية مطلوبة في ظلّ التساؤلات الكبرى حول مصيره، ليبنى عليها التأكيد لا النفي لفرضية الاحتجاز، وصولاً لقول البعض بطريقة لا تخلو من الخيال، إنّ الحريري ربما يكون انتبه لهفوات وأخطاء البيان المكتوب الذي طلب إليه أن يتلوه وتعمّد السير بها، مراهناً على تلقف معناها من القيادات اللبنانية، للتمسك بالإصرار على إطلاقه من الاحتجاز كشرط للتعامل مع الاستقالة، التي تحوّل بيانها في هذه الحالة إلى نداء استغاثة عنوانه لا تتخلّوا عني ولا تتركوني في الأسر.
الهروب إلى الأمام كان سمة التصرف السعودي، سواء تجاه التساؤلات الدولية الكبرى حول حقيقة ما يجري خلف أسوار المملكة، كما عبّرت عنها كبريات الصحف الأميركية والبريطانية، والفرنسية، أو تجاه كشف مصير الرئيس الحريري كما عبّرت التصريحات المشيدة بحكمة القيادات اللبنانية، فجاء التعامل السعودي هستيرياً، مستعيضاً عن التعامل مع الوقائع بهدوء وتقديم التوضيحات، وتبديد الظنون والشكوك والمخاوف، بالتصعيد والتهديد، فكان للبنان نصيب من كلام «المفوض السامي المشرف على لبنان» في الديوان السعودي،
ثامر السبهان الذي يردّ على هاتف الحريري ويتحدّث بالنيابة عنه، مهدّداً بحرب على لبنان، ليتبعه ويستكمله كلام مصدر سعودي رسمي، يصف الصواريخ اليمنية على المطارات العسكرية السعودية كإعلان حرب إيرانية ستلقى الردّ المناسب.
التهديدات السعودية التي بدت مفاجئة، خصوصاً مع سعي دولي لتهدئة الوضع الإقليمي، وضعها المراقبون في دائرة الهروب إلى الأمام، خصوصاً في ظلّ قلق «إسرائيلي» من تقدّم مناخ التسويات مع انتصارات محور المقاومة، وفرضية تلاقي الانقلاب السعودي مع تحريض «إسرائيلي» للتصعيد بواسطة السعودية، ووضع الغرب وعلى رأسه أميركا أمام خيار حرب مع إيران، تشارك فيها «إسرائيل» والسعودية، أو تسوية مع إيران بالتشارك مع «إسرائيل» والسعودية، بينما توقعت مصادر يمنية أن يكون اليمن ساحة التصعيد السعودي الأميركي «الإسرائيلي» يترجم هجوماً على ميناء الحُدَيْدَة لوضع معادلة تسوية جديدة في اليمن.
برّي من بعبدا: «بعد بكير» على استقالة الحكومة
لا تزال الساحة الداخلية تحت تأثير صدمة قرار السعودية إقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، في وقتٍ دخلت البلاد في حالة من الجمود والشلل على الصعيدين الحكومي والنيابي، وما بينهما حزمة الملفات المالية والاقتصادية والنفطية والحياتية والانتخابية وأزمة النازحين والتي كانت جميعُها تُطبخ على نارٍ هادئة في اللجان الوزارية والنيابية لتحال إلى طاولة مجلس الوزراء وإلى قاعة البرلمان لإقرارها، غير أن انخفاض منسوب القلق والإرباك الذي رافق إعلان الاستقالة ومواقف القيادات والمرجعيات السياسية والدينية المختلفة الصادرة حتى الآن باستثناء بعض الأصوات الموتورة والاستغلالية، تُوحي بمؤشرات إيجابية على صعيد حماية السلم الأهلي والوحدة الوطنية وضبط الشارع من الانزلاق باتجاه أي فتنة يُخطّط لها من السعودية.
وإذا كان لبنان قد استطاع استيعاب تداعيات «الضربة السعودية» التي جاءت ترجمة للتهديدات المتكرّرة لوزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان ضد لبنان، فإنه بفضل الخطاب الاحتوائي والهادئ للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي ترك ارتياحاً عارماً لدى الأوساط السياسية والشعبية معاً والذي حال دون انتقال الخلاف السياسي من المؤسسات الى الشارع مع جانب التنسيق وتوحيد الموقف بين رئيسَيْ الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، منذ لحظة إعلان الاستقالة واللذين اتفقا بعد اجتماعهما في بعبدا أمس، على عدم إعلان اعتبار الحكومة الحالية قائمة واعتبار الرئيس سعد الحريري رئيساً وانتظار عودته إلى بيروت للبناء على الشيء مقتضاه.
غير أن كلام بري عن رفضه اعتبار الحكومة مستقيلة قد فتح الباب أمام احتمال إعادة الأمور الى نصابها والتوصل الى تسوية مع السعودية تفضي إلى عودة الحريري عن استقالته، بعد تواصل الرئيسين عون وبري مع دول عربية وإقليمية وسط مساعٍ يبذلها الرئيس بري لإزالة أسباب الاستقالة، إذا كانت لبنانية محضة، فقد نقلت قناة «أو تي في» عن مصادر مستقبلية أن «كلام بري مسؤول ويُوحي بإمكانية التوصل الى تسوية ما في موضوع الاستقالة إذا تمّت معالجة الأسباب».
وأكد الرئيس بري الذي توجّه الى قصر بعبدا فور عودته لبيروت من القاهرة أن «التفاهم كامل وتام ومنجز مع رئيس الجمهورية في الازمة الراهنة، وعلمت أن بياناً صدر عن رئاسة الجمهورية في ما يتعلق بالاستقالة، وأنا أؤيد هذا البيان حرفياً»، مشدّداً على أنه «من الباكر التحدث عن استقالة حكومة أو تأليف حكومة».
وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إن رئيس الجمهورية كما رئيس المجلس يتعاملان مع إقالة الحريري على أنها لم تكن، لأنها لم تُعلَن في لبنان وغير دستورية وبالتالي الحكومة الحالية قائمة»، مشيرة الى أن الرئيس عون سيُجري مشاورات مكثفة مع الكتل السياسية لا سيما تيار المستقبل للطلب من الجميع التعامل مع الحكومة الحالية كحكومة أصيلة».
أسباب رفض استقالة الحكومة …
أما الأسباب فتتلخّص بالتالي: أولاً لأن الدولة اللبنانية وعلى رأسها رئيس الجمهورية لا يمكن أن تستند الى بيان استقالة تحت الضغط والترهيب، وفي دولة أخرى غير لبنان، وفي ظروف غامضة.
ثانياً أن الرئيس عون لن يقبل الاستقالة إلا بعد عودة رئيس الحكومة الذي يُعتَبَر محتجزاً حتى يثبت العكس ويعود الى الأراضي اللبنانية وسيطلع عون على أسباب الاستقالة، وإن كانت بملء إرادته أو تنفيذاً لرغبة السعوديين، لا سيما وأن الاستقالة لم تكن بطريقة طبيعيّة ومألوفة ولا تراعي العرف الدستوري، وفي ظلّ غياب المهل الدستورية التي تُلزم رئيس الجمهورية بأن يقبل أو يرفض الاستقالة التي لها أعراف وأشكال وتفاهمات، بحسب مصادر وزارية ودستورية.
ثالثاً لا يمكن الدخول في خطوات غير محسوبة، حيث إنّ قبول الاستقالة وتكليف الحكومة الحالية تصريف الأعمال والدعوة الى استشارات نيابية قد لا يجد عون مرشحاً يحظى بإجماع طائفي ووطني ما يدخل البلاد في أزمة حكومية قد تمتدّ لأشهر لا بل لسنوات كالأزمة الرئاسية، وبالتالي أزمة سياسية دستورية وميثاقية تتعلّق بخلو سدة الرئاسة الثالثة ما يُشرّع الأبواب أمام فتنة طائفية مذهبية في الشارع تُرمى في وجه الرئيس عون وحزب الله.
وقالت مصادر نيابية لـ «البناء» إن «الاحتمالات كافة واردة إزاء الأزمة وهي رهن المشاورات المستمرّة بين الرئيسين بري وعون ومع مختلف القوى السياسية»، لكنّها أشارت الى أن «الاستقالة لن تؤثر على الانتخابات النيابية المقبلة».
وعن مصير قانون الانتخاب وإمكانية تطبيق بنوده العالقة في ظل تجميد عمل الحكومة واللجان الوزارية المختلفة، لفتت الى أن «الانتخابات ستجرى وفقاً لقانون الانتخاب الجديد، أما تطبيق القانون فهذه بنود إجرائية يمكن لوزارة الداخلية أن تبتّ بها بعد الاتفاق السياسي حولها».
وفي سياق ذلك، أعلن المجلس السياسي لـ «التيّار الوطني الحر» بعد اجتماعه الدوري برئاسة رئيسه الوزير جبران باسيل أنّ عجلة الدولة مستمرّة على الأصعدة كلها، وقد أوعز إلى وزرائه ونوّابه الاستمرار في عملهم، ومتابعة شؤون المواطنين وتحمّل المسؤولية التي يفرضها هذا الظرف. كما أكّد أنّ الانتخابات النيابيّة قائمة في مواعيدها، داعياً «المنتشرين اللبنانيّين إلى تسجيل أسمائهم في لوائح الاقتراع، كي تتسنّى لهم المشاركة في الانتخابات، من حيث يقيمون، تحقيقاً لمطلب وطنيّ مزمن».
خلية أزمة في بعبدا
وتحوّل قصر بعبدا يوم أمس، الى خلية أزمة، حيث واصل الرئيس عون اتصالاته لمواكبة الوضع المستجدّ. وترأس اجتماعاً وزارياً مالياً، حضره وزير المال علي حسن خليل، رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف في لبنان الدكتور جوزف طربيه.
وأعرب عون عن ارتياحه للتقارير المالية التي تلقاها اليوم عن الحركة الطبيعية للأسواق المالية في البلاد مع بداية الأسبوع، داعياً الى «المزيد من التنسيق بين وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف، بهدف المحافظة على الاستقرار المالي في لبنان».
وطمأن وزير المال إلى استقرار الوضع المالي والنقدي في البلد، وأكد أن «الدولة قادرة على تمويل نفسها وعلى إدارة هذه العملية وفق الآليات الدستورية والقانونية، وهناك تنسيق وثيق بين وزارة المالية ومصرف لبنان وجمعية المصارف وجميع المعنيين بهذا الملف».
كما رأس عون اجتماعاً أمنياً وقضائياً تقدّم خلاله «القادة الأمنيون بتقاريرهم الأمنية المشجّعة وهم أكدوا عدم تسجيل أي حادث أمني بعد هذه الاستقالة»، وفق ما جاء في بيان الاجتماع الذي تلاه وزير العدل سليم جريصاتي الذي أعلن أنّه «تقرّر إبقاء الاجتماعات الأمنيّة والقضائيّة مفتوحة لمواكبة الوضع عن كثب يوماً بعد يوم». ورداً على أسئلة الصحافيّين، قال جريصاتي «لا جهاز أمنياً أكد اليوم أي معلومة تتعلّق بمحاولة اغتيال الرئيس الحريري»، مضيفاً «عندما يكون رئيس حكومتنا خارج لبنان، فالرئيس عون لن يُقدم على خطوات من شأنها الاجتهاد في موضوع استقالة رئيس حكومتنا من خارج لبنان».
«المملكة» تُفرج عن الحريري!
وبقيت العيون شاخصة الى مصير الرئيس سعد الحريري ومعرفة أي معلومة تفصيلية عن مكان وجوده وتوقيت عودته الى لبنان، غير أن لقاءه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، أعطى إشارات تفاؤلية، لكنها غير مؤكدة قبل عودة رئيس الحكومة الى لبنان، لكن يبدو أن الضغوط الدولية على المملكة دفعتها للخروج عن صمتها، وأعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن الإفراج عن الحريري، معلناً في تصريح أن «اتهام السعودية بأنها أجبرت الحريري على الاستقالة لا قيمة له وبإمكانه مغادرة المملكة العربية السعودية ساعة يشاء».
مشاورات دار الفتوى
وتحوّلت دار الفتوى إلى تجمّع تشاوري لشخصيات سنّية أجمعت في مواقفها على ضرورة احترام الميثاقية وعدم اتّخاذ موقف من الاستقالة قبل عودة الرئيس الحريري، مثنيةً على ما وصفته حكمة الرئيس عون وتوازنه. وشدّد وزير الداخلية نهاد المشنوق من الدار، على «الإمساك بالوضع الأمني تجنّبا لأي حدث يُعكّر البلد»، مشيراً إلى ان «الأجهزة اللبنانية لم تكن لديها معلومات حول محاولة لاغتيال الرئيس الحريري، لكن يبدو أن هناك جهازاً غربياً موثوقاً نقل هذا الكلام للحريري مباشرة». وقال: «ولديّ انطباع أنه سيكون خلال أيام في لبنان».
استمرار الاعتداءات السعودية على لبنان
على صعيد آخر، استمرّت الاعتداءات السعودية على السيادة اللبنانية، فبعد وضع رئيس الوزراء اللبناني في القيد القسري، صعّد وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان من لهجته ضد لبنان، وأشار عبر «تويتر» أمس، الى أن «لبنان بعد الاستقالة لن يكون أبداً كما قبلها، لن يقبل أن يكون بأي حال منصة لانطلاق الإرهاب الى دولنا وبيد قادته أن يكون دولة إرهاب أو سلام». وأعقب تصريحه بتصريح آخر، قال فيه «إننا سنعامل حكومة لبنان كحكومة إعلان حرب بسبب حزب الله ولن نرضى أن يكون لبنان مشاركاً في حرب على السعودية»، كاشفاً أن «الملك سلمان أبلغ الحريري تفاصيل عدوان حزب الله على السعودية».
كما استمرّ الإعلام السعودي بالتحريض وبث سموم الفتنة، حيث نقلت قناة «العربية» الناطقة باسم النظام السعودي عن مصادر غربية، أنه «تمّ رصد محاولات تشويش تعرّض لها موكب الحريري في بيروت قبل استقالته بأيام»، مدّعية بأن «التشويش على موكب الحريري في بيروت تمّ بأجهزة إيرانية الصنع».
غير أن اللافت هو المعلومات التي تحدّثت عن أن السفير السعودي الجديد في لبنان المعتمد لديها وليد اليعقوب، خلفاً للسفير علي عواض العسيري سيصل الى بيروت خلال الأيام المقبلة بعدما أقسم اليمين أمام الملك سلمان بن عبد العزيز.
مواقف دولية
وتوالت المواقف الدولية إزاء الحدث اللبناني، وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان، «أن فرنسا أخذت علماً باستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وهي تحترم قراره». ودعت «جميع الأطراف اللبنانية للعمل بروح من المسؤولية والتوافق». وأكد البيان «ان فرنسا تقف إلى جانب لبنان وتؤكد مجدداً دعمها لوحدة هذا البلد الصديق وسيادته واستقراره».
وفي حين أشار مندوب بريطانيا في مجلس الأمن، أن «أسباب استقالة الحريري ليست واضحة حتى اللحظة ونحتاج وقتاً لفهم الأسباب الحقيقية للاستقالة»، أملت الخارجية التركية أن لا تؤدي التطورات في لبنان إلى أزمة سياسية جديدة، ودعت جميع الأطراف المعنية إلى الاعتدال وضبط النفس.