افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 9 آذار، 2020

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 22 أيار ، 2024
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 10 آب، 2019
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 13 أيلول، 2017

تقدير موقف سياسي 
نقيق حزب المصارف يملأ ارجاء المدينة. نقيق من حكومة الرئيس حسان دياب التي علقت سداد السندات المستحقة، اليوم 9 آذار، وقالت أنها تريد التفاوض مع الدائنين وإعادة هيكلة الدين، كذلك هيكلة القطاع المصرفي. ما كان للحكومة أن تتخذ هذه الخطوة المالية ـ السياسية الكبرى، لولا عزلة هذا الحزب اللصوصي الكوزموبوليتاني. هذا الحزب الذي عبر عن كراهية للوطن وللمواطنين، إلى حدٍ فاجأ "حلفاءه" من الأوليغارشيين الشعبويين. فشلت الخطة أ. لم يفلح حزب المصارف في منع الخطوة الحكومية. فانتقل، الآن، كما يبدو من افتتاحيات الصحف، إلى تنفيذ الخطة ب. يتجه حزب المصارف نحو "الدائنين الأجانب"، لتأليف جبهة عدوان داخلي ـ خارجي على الوطن والمواطنين. حلف المرابين. جبهة حرب اقتصادية ـ مالية تتوخى تأبيد "الإستعمار المالي" على موارد الوطن وجنى المواطنين. هي جبهة الإفقار والخراب التي رأسها في مصرف لبنان وذَنَبُها في "صندوق النقد الدولي". كافة صحف اليوم، ما خلا "الأخبار" و"البناء"، رددت هذا النقيق المصرفي الربوي. سخرت صفحاتها، واستعانت بأقلام المحررين و"ألسنة الخبراء" أو بمقتطفات "التقارير الدولية"، لكي "تقنع" اللبنانيين باللجوء إلى "الصندوق". سخرت صفحاتها لتخويفنا من "المجهول" قالت "النهار". ومن "تداعيات غياب التفاهم مع صندوق النقد الدولي" قالت "اللواء". جاهرت بأن "ما أعلنه دياب هو إذاعة بيان ‏‏التفليسة"، بينما "من دون لف ولا دوران المطلوب قرار واضح ‏وصريح بالذهاب إلى صندوق النقد" الدولي، قالت "نداء الوطن". أما "الشرق" فاتهمت "الثنائي الشيعي" بأنه "يرفض سداد حقوق مالكي ‏السندات، ويرفض اي اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يمكنه توفير ما يحتاجه لبنان من ‏مليارات الدولارات لتصحيح الوضع المالي المختل". هذا الإتهام، نفخته "الجمهورية" ببلاهة، فزعمت أن "حزب الله هو الوحيد القادر على ضخ السيولة النقدية بالدولار ‏الاميركي"، لأن "السيد حسن نصرالله هو الحاكم الفعلي لمصرف لبنان". كيف نفعل مع حلف المرابين بل ماذا نفعل بحلف المرابين المحلي والأجنبي. هذا السؤال الملح الذي على الحراك الشعبي الوطني أن يجيب عنه. هذا سؤال من أسئلة المرحلة. 
هيئة تحرير موقع الحقول، ‏الإثنين‏، 09‏ آذار‏، 2020

 

Image may contain: one or more people

البناء
أحداث غامضة في السعوديّة تكشفها الصحف الأجنبيّة… اعتقالات في الأسرة المالكة
دياب لمعركة الاستقلال الماليّ… وكوبيتش يشيد بجرأته ويدعو الدائنين للتعاون
المصارف اللبنانيّة والأجنبيّة تتجه للتفاوض على الهيكلة… وخطة الكهرباء على النار

مع تراجع المكانة الأولى في تمدّد فيروس كورونا للصين وإيران، وتقدّم إيطاليا لاحتلال الموقع الأول في سرعة النمو والتفشي والوفيات، عادت وزارة الصحة في لبنان للإمساك بخطة السيطرة على الفيروس، بعدما تسبّبت إصابات تسرّبت من بلدان كبريطانيا وفرنسا ومصر لم تكن مدرجة على لائحة منظمة الصحة العالمية للفحوص الوقائية، وحققت وزارة الصحة اللبنانية نجاحاً في حصرها وملاحقة الحالات ومخالطيها، وإخضاعهم للفحوص والحجر الصحيّ اللازم، ما تسبب بارتفاع عدد المصابين إلى 32 إصابة.
إقليمياً، برز الوضع الداخلي السعودي عنواناً تصدّر الصحافة العالمية التي تناقلت أنباء عن اعتقالات طالت الأسرة المالكة على مستوى شخصياتها الأولى كشقيق الملك سلمان بن عبد العزيز الأصغر أحمد ووزير الداخلية السابق محمد بن نايف، وعدد من الأمراء، استبعدت مصادر متابعة للوضع السعودي أن تكون نتيجة ما قيل أنها محاولة انقلاب، تبدو مستحيلة بعدما وضع ولي العهد محمد بن سلمان يده على الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة، ورجّحت أن تكون حالة حجز احتياطية ناتجة عن تقديرات للوضع الصحيّ للملك، أو لقرار ملكي بالتنازل عن العرش، للحؤول دون أي إرباكات ترافق انتقال العرش لصالح ولي العهد الذي أكمل استعداداته لهذه الغاية.

الوضع المستجدّ في السعودية أضاف سبباً لإرباك الجولة العربية المقررة مبدئياً لرئيس الحكومة حسان دياب، والتي كانت تنتظر جواباً سعودياً على الرغبة بزيارة الرياض، بينما تحوّل خطاب رئيس الحكومة الذي أعلن خلاله تعليق دفع سندات اليوروبوند ضمن خطة شاملة لهيكلة الدين العام، أسماها بمعركة استقلال من نوع جديد، داعياً اللبنانيين للوحدة والفوز بها. وبينما تفاوتت مواقف الأطراف الداخلية، بين التأييد الذي ناله دياب من الإجماع الرئاسي الذي سبق ببيان كلمة رئيس الحكومة، والتريث الذي طبع الأوساط المالية والشعبية، والمعارضة التي نظمت حملة تشكيك سياسية ضد الحكومة، بقيت محدودة الأثر، في ظل عدم انضمام قادة القوى السياسية الرئيسية للمعارضة بزخم للحملة، حيث ظهرت مواقف لنائب رئيس القوات النائب جورج عدوان تؤيد خطوة عدم السداد للسندات، ومواقف وصفت كلمة رئيس الحكومة بالتوصيف للحال القائم وأخذت عليها عدم التقدم بخطة بديلة، كما قال عدد من نواب المستقبل، بغياب موقف للرئيس سعد الحريري، وبدا الحزب التقدمي الاشتراكي بين مواقف رئيسه ونوابه، منفتحاً على الحكومة وسياساتها، دون بلوغ التأييد.

المواقف المصرفية بدأت تتبلور في الداخل والخارج باتجاه تشكيل وفود والتعاقد مع مؤسسات استشارية للتفاوض مع الحكومة ومستشاريها الماليين على خطة إعادة الهيكلة، التي تحدثت عنها كلمة دياب. وقالت مصادر مصرفية إن الاتجاه للتفاعل مع خطة الهيكلة هو الخيار الذي تتجه نحوه المصارف الدائنة في الداخل والخارج، حيث الموقف الموحّد للدائنين تشكل المصارف اللبنانية أغلبية راجحة فيه. وقال مصدر في جمعية المصارف إن المصارف التي كانت تفضل السداد الجزئي للدفعة الأولى أو لفوائد سندات السنة الجارية تمهيداً للتفاوض على الهيكلة، تجاوزت هذا البحث وهي تسعى لتغليب مسؤولياتها الوطنية على مصالحها المالية في التفاوض، للمساهمة في تجاوز لبنان المرحلة الصعبة التي يعيشها، وإدراكاً منها بأن الانهيار إذا وقع لن يستثني أحداً، ولا مصلحة للمصارف بوقوعه، كما لا مصلحة للحكومة بذلك، بينما توقفت مصادر سياسية أمام كلام المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي وصف كلمة الرئيس دياب بالجريئة والواضحة، معتبراً أنها تفتح الطريق لحل الأزمة التي يعيش لبنان في ظلها، داعياً الدائنين للتعاون مع الحكومة لرسم خطة هيكلة الدين العام.

وبعد إعلان الدولة اللبنانية قرارها عدم سداد الديون المستحقة اليوم والتفاوض لإعادة جدولتها، من المنتظر أن يحمل الأسبوع الحالي جملة تطورات على جبهات عدة. إذ من المرتقب أن تظهر التداعيات الداخلية والخارجية للقرار الحكومي في موازاة البدء بترجمته عبر انطلاق جولة التفاوض بين الشركات الممثلة للدولة والشركات الممثلة للدائنين للاتفاق على آليات إعادة الجدولة.

أما التطور الثاني فهو إعلان جملة إجراءات إصلاحية كما نُقل عن رئيس الحكومة حسان دياب في اطار الخطة الإصلاحية الاقتصادية التي تنكبّ الحكومة على إعدادها وإعلانها والبدء بتطبيقها. كما من المتوقع أن تظهر وجهة جولة الزيارات التي يعتزم الرئيس دياب القيام بها خلال الأسبوع المقبل. 

وفي أول موقف دولي من قرار الحكومة بدّد حملة التهويل التي سوقت لها قوى سياسية ووسائل إعلام بالتبشير بتداعيات كارثية فور إعلان القرار. أشار المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش على تويتر الى أن «الكلام الصريح للرئيس دياب حول فشل النموذج الاقتصادي السابق يفتح المجال أمام الخروج من الأزمة. أشجع الدائنين على العمل مع الحكومة لتفادي التخلف عن السداد غير المنظم بعد تعليق دفع سندات اليوروبوند التي تستحق في 9 آذار التي تمليها حالة البلاد الحرجة».

وأثار قرار الحكومة جدلاً مالياً وسياسياً واسعاً وانقساماً بين القوى السياسية. وإذ لم يصدر موقف رسمي من الرئيس سعد الحريري أو من تيار المستقبل انتقدت مصادر المستقبل كلام دياب واستمرت في ضخ أجواء تشاؤمية لجهة إمكانية الخروج من الازمة مقللة من أهمية القرار بإعادة جدولة الديون السيادية، معتبرة أن الحكومة لم تقدم خطّة متكاملة للنهوض وأن عمليّة الخروج من الوضع الحالي شبه مستحيلة وتتفوّق على قدرة ​حكومة حسان دياب​». في حين رأت مصادر «البناء» أن «سلوك تيار المستقبل من حكومة دياب واضح وهو محاولة عرقلة عملها قدر الإمكان من دون أن يظهر ذلك علناً امام الرأي العام»، مضيفة أن «دياب يعمل على إصلاح الأخطاء والسياسات العشوائية والفوضوية للحكومات المتعاقبة ولا سيما حكومات الحريري والسنيورة والرئيس نجيب ميقاتي»، متسائلة: هل تمكنت حكومات الحريري من تحقيق إنجازات اقتصادية ومالية كي تتهجم على حكومة دياب اليوم»، مضيفة: من الذي وفر الغطاء السياسي والحكومي لسياسات حاكم مصرف لبنان وتمادي المصارف في نهب أموال اللبنانيين؟ ومن الذي يستمر اليوم في الدفاع عن دولة المصارف؟ أليس الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط اللذان رفضا قرار المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم لضبط تمادي المصارف؟».

اما الحزب الاشتراكي فلم يصدر عنه موقف رسمي، إلا أن عضو «اللقاء الديمقراطي» ​فيصل الصايغ أوضح في تصريح أنّ «دياب أعطى برنامجًا إصلاحيًّا بعموميّة كبيرة، ويشبه كل البرامج المطروحة في الحكومات السابقة، الّتي انتقد الأخطاء الّتي ارتكبتها».

وبرز موقف للقوات اللبنانية مؤيد للقرار الحكومي ومنتقداً سياسة رياض سلامة والمصارف، إذ أكّد عضو تكتل القوات النائب ​جورج عدوان​، أنّ «قرار دياب​ بعدم دفع سندات «اليوروبوند كان صائبًا، ولم يكن هناك أي خيار آخر، والسبب أنّهم أخفوا الحقيقة». ولفت الى أنّه «كان يجب على حاكم «​مصرف لبنان​» ​رياض سلامة​ أن يوقف تديين الدولة، ويقول إنّني وصلت إلى مكان لم يعد يمكنني التديين، لأنّه أصبح هناك خطر على الودائع المصرفية وعلى الوضعين المالي والنقدي».

وأيد التيار الوطني الحر القرار الحكومي، وأعلن في بيان أن «ضبط القِطاع المصرفي لا يستهدف إطلاقاً وضع اليَد عليه أو إقفاله بل لجم جشع البعض فيه ‏وتحميل هذا البعض قانونياً مسؤولية أي ارتكاب قاموا به على حساب مصلحة الدولة والمودعين اللبنانيّن، واستعادة الأموال المُحَوَّلة إلى الخارج أو المَوهوبة، وذلك من خلال القضاء العادل غير المسيَّس، لا من خلال إجراءات عشوائية تبدو كأنها ثأريّة».

أما حزب الله، فأعلن على لسان عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق أن «البلد كان على حافة الانهيار، والحكومة بادرت إلى اتخاذ قرارات جريئة مالياً واقتصادياً وقضائياً لإنقاذ البلد، والمطلوب أن لا يعرقل أحد عملها، وإذا كان هناك من لا يريد أن يساعدها من بعض القوى السياسية، فعليه أن لا يعرقل وأن لا يحرض، علماً أن بعض القوى السياسية تراهن على فشل الحكومة حتى لو كان ثمن ذلك انهيار البلد، وهذا أبعد ما يكون عن المسؤولية الوطنية». وأكد أن «حزب الله يرحب بأي مساعدة خارجية شرط أن لا يتم التسلل لفرض وصاية وهيمنة خارجية على لبنان، فنحن لا نريد أن نرهن اقتصادنا ومجتمعنا ومستقبل أهلنا لجهات خارجية، وفي الوقت نفسه حريصون على الإصلاحات التي تشجع الجهات الخارجية على تقديم المساعدات. لبنان دخل في مرحلة جديدة، لأن الحكومة تعمل بنهج جديد ورؤية جديدة تضع لبنان على مسار الاقتصاد المنتج صناعياً وزراعياً، للخروج من أزماته».

وأكد الرئيس دياب أمس، مواصلة العمل من أجل معالجة الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية. وقال خلال لقاء جمعه مع رؤساء مجالس ادارة ومسؤولي محطات التلفزة اللبنانية للبحث في الوضع الإعلامي والتعاطي مع الازمات الراهنة: «إن موضوع سندات «اليوروبوندز» اصبح في ملعب الدائنين الأجانب والمصارف اللبنانية، وستقوم الحكومة بالتفاوض معهم للتوصل الى حل مناسب يُرضي كل الاطراف، ويضع اسساً جديدة للتوصل الى آلية للخروج من الازمة الراهنة».

وكشف دياب أنه بصدد التحضير لجولة خارجية تبدأ من الدول العربية والخليجية، للتباحث مع قادة الدول في مجمل القضايا وخصوصاً الازمة اللبنانية. وقال: انه يعمل مع فريقه ليل نهار للخروج بخطة اصلاحية متكاملة، وإعداد مشاريع قوانين من شأنها إحداث تغيير جوهري في كل المجالات، لا سيما الاقتصادي والمالي».

وكان قصر بعبدا شهد السبت الماضي سلسلة اجتماعات ولقاءات بدأت باجتماع سياسي مالي ترأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حضره رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة وعدد من الوزراء وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف والشركات المالية وبعض المستشارين. ثم تلته جلسة لمجلس الوزراء برئاسة عون استهلت بعرض للواقع المالي والنقدي تولاه الاستشاريون الدوليون الثلاثة والمسؤول عن التواصل وأجابوا على بعض أسئلة واستيضاحات الوزراء ثم ناقش المجلس بالتفصيل مسألة اليوروبوند في ضوء عرض الخبراء. وتم اتخاذ القرار بالإجماع بحسب ما علمت «البناء» ولم يبحث المجلس بموضوع الضرائب ولا بالخطة الاقتصادية على أن يُصار الى دراستها لاحقاً ومناقشتها في جلسات متتالية للحكومة في السرايا الحكومية.

ويعقد مجلس الوزراء جلستين هذا الأسبوع يحدّد موعدهما بالتشاور بين رئيسي الجمهورية والحكومة، الاولى عادية بجدول اعمال، والثانية لاستكمال البحث بالاوضاع المالية والاقتصادية. وعلمت «البناء» ان التفاوض مع الدائنين سينطلق اليوم فور تبلغهم قرار الحكومة. كما علمت أن «الشركات الممثلة للدائنين باتت مقتنعة بالتفاوض ومتفهمة لقرار الدولة اللبنانية كما أن المجتمع المالي الدولي متفهم أيضاً وسيشجّع الدائنين على التفاوض»، فيما أشار خبراء الى أن «لا مصلحة للدائنين بسلوك طريق مقاضاة الدولة لعلمهم أنها لن تصل الى نتيجة بل المصلحة تقتضي التفاوض مع الدولة لتحصيل اموالهم ولو بعد حين لا سيما أن كلام دياب شكل مصدر اطمئنان للدائنين وللمجتمع الدولي بأن الدولة ستدفع ديونها عندما تتمكن من ذلك». كما لفتت مصادر الانتباه لكلام دياب بأن الدولة ستنفق من إيراداتها الداخلية ما يعني توقف الحكومة عن الاستدانة. 

وفي غضون ذلك، يتزايد الحديث عن ضرورة إعادة هيكلة القطاع المصرفي ودمج مصارف مع اخرى لتجنب إفلاسها، ولفت خبراء اقتصاديون ​إلى وجود «ما يزيد من 60 مصرفًا لأربعة مليون لبناني، ودمج ​المصارف​ ممكن، أي أن تُصبح المصارف المتعثرة أكثر من غيرها، مستحوذة من مصارف غير متعثرة». وأوضحوا أنه «بسبب الأوضاع الاقتصاديّة والنقديّة وانكشاف المصارف على الدين السيادي و​القروض​ المتعثرة، أصبحت رساميل المصارف صفراً، لأنّ رساميل المصارف هي تقريبًا 20 مليار دولار، والخسائر المحقّقة وغير المحقّقة بسندات الدين والقروض المتعثرة تفوق الـ20 مليار دولار». كما لفتوا الى أنّ «الدمج ليس كافياً، وعلى المصارف مواكبة الدمج بإعادة رسملة».

على صعيد أزمة كورونا، أعلن ​مستشفى بيروت الحكومي الجامعي​، في تقريره اليومي عن تسجيل 4 إصابات جديدة بالفيروس، وبالتالي ارتفاع عدد الحالات الإيجابية في ​لبنان​ إلى 32 مصاباً: وضع 29 منهم مستقر، و3 في وضع حرج. وأكد أن «وضع المصابين بفيروس كورونا المستجد مستقر ما عدا 3 حالات وضعها حرج، وجميعهم يتلقون العناية اللازمة في وحدة العزل».

وأعلنت مدرسة الـACS – American community school  في بيروت، عن ثلاث إصابات «كورونا»، أحدها من الأهالي. والحالة الأولى تعود لوالدة احد الاطفال في صف الروضة الأولى، إضافة إلى أحد الاطفال في الصف نفسه، وحالة ثالثة لطالب في الصف الثاني الأساسي.

واصدر وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب التعميم رقم 11 دعا فيه للاستمرار في تعليق الدروس في كل المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة حتى مساء الأحد 15 آذار 2020.

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اللواء
لبنان يدخل أزمنة التعثر والتقشف .. والعين على خطة الطوارئ غداً!
مخاوف من تداعيات سلبية بغياب التفاهم مع صندوق النقد الدولي

يُمكن اعتبار السبت في 7 آذار 2020، يوماً مفصلياً في حياة لبنان المعاصر المالية والدولية، من المرجح ان يفتح الطريق أمام حقبة جديدة، تكاد تكون مغايرة تماماً عن عقود خلت، بعدما علق لبنان دفع 1.2 مليار دولار من السندات الأجنبية التي تستحق اليوم، على خلفية احتياطات متدنية في البلد من العملات الصعبة، بلغت مستويات حرجة وخطيرة.
ماذا سيحدث اليوم، على صعيد حاملي السندات في أوّل يوم عمل، مع العلم ان مجلس الوزراء يعقد جلسة غداً، للبحث في خطوة ما بعد تعليق الدفع، عبر جلسة للبحث في خطة طوارئ من زاوية الحاجة إلى تطمين حاملي السندات، حول طبيعة الاجراءات المتخذة..
وتنعقد الجلسة في قصر بعبدا، وسط مخاوف من انعكاسات سلبية، قد تتظهر في وقت قريب جداً، من زاوية اعتراف المعنيين ان الامتناع الظرفي عن السداد، لم يكن أفضل الخيارات لكنه اسهلها واضمنها لجهة حماية الأموال الموجودة لدى مصرف لبنان، حيث وعد حاكم مصرف لبنان بإبلاغ المعنيين بحجم الاحتياطي من العملات الصعبة..
وتساءل خبير اقتصادي بارز رداً على سؤال لـ«اللواء»: كيف تريد الحكومة التعاون مع المجتمع الدولي وطلب مساعدته لحل المشكلة المالية والاقتصادية بالتزامن مع تعليق دفع سندات اليوروبوند واصفا ما حصل بأنه خطوة في المجهول لان قرار تعليق الدفع سيؤدي حتما الى تداعيات سلبية غير محمودة لاسيما مع غياب تفاهم مسبق وعدم وضع الية محددة مع حاملي السندات المحليين والدوليين. ولفت الى ان القرار المذكور سينعكس حتما على تنفيذ قرارات مؤتمر سيدر أيضا في حين كان الامر يتطلب التعاون مع صندوق النقد الدولي للمساعدة لاسيما وان لبنان بحاجة ماسة لمبلغ يقارب الستة مليارات دولار اميركي بشكل سريع لإعادة ضخ السيولة اللازمة محليا لتحريك الدورة الاقتصادية والمباشرة للخروج من هذه الازمة وهذا المبلغ لا يؤمنه حاليا الا الصندوق وذلك ضمن برنامج اصلاحي وسلة من الاجراءات المطلوبة وهذا لم يحصل.

مفاوضات مرتقبة
وفي تقدير مصادر سياسية، ان قرار الحكومة والذي أعلنه الرئيس دياب بنفسه، غروب السبت، حول تعليق دفع سندات «اليوروبوندز» والتي يبدأ استحقاقها اليوم الاثنين، مقرر منذ فترة، في ضوء الاجتماعات الماراتونية التي عقدت سواء في بعبدا أو في السراي الحكومي، من دون ان تكون عين التينة بعيدة عنها، على ان تمضي الحكومة في مفاوضات مع الدائنين بالتزامن مع خطة للاصلاح المالي والاقتصادي يفترض ان تظهر خطواتها تدريجياً، خلال الأشهر الستة المقبلة، وهي الفترة التي قد تستغرقها مفاوضات إعادة هيكلة الدين بشكل رسمي مع حملة السندات، والتي توقعت وكالة «رويترز» أمس، ان تبدأ في غضون أسبوعين، بينما قال وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة لـ«اللواء» ان الشركتين الاستشاريتين المالية «لازارد» والقانونية «كليري غوتليب ستين اند هاملتون»، (المتخصصتين بإدارة الديون السيادية)، هما من ستتوليا مفاوضة الدائنين الخارجيين والدائنين المحليين اي المصارف اللبنانية.

واوضح الوزير نعمة لـ«اللواء» ان حاملي السندات الخارجية تبلغوا من خلال كلمة الرئيس دياب بعد جلسة مجلس الوزراء السبت، قرار لبنان التفاوض على تأجيل الدفع، ونحن ننتظر مبادرتهم والاتصال بنا لنحدد موعد البدء بالتفاوض، مبدياً تفاؤله بنجاح التفاوض «لأن لبنان تعهّد ان تتم العملية بشفافية عالية وبالمعايير الدولية، علماً ان التفاوض هو امر طبيعي حصل سابقا ويحصل دائماً وليس جديدا او غريباً». وقال: ان التفاوض سيحصل مع حاملي السندات الخارجيين والمحليين في الوقت نفسه (على الطاولة ذاتها) ومن خلال الاستشاريين لكل طرف.

ونفى نعمة علمه بما تردد عن ان المصارف اللبنانية تعمد الى التفاوض مع الجهات التي باعتها السندات لإستعادتها عبر اعادة شرائها (ربما بعد انخفاض ثمنها بسبب الركود وهبوط الاسهم والاسواق الذي سببه انتشار وباء كورونا عالمياً).

وحول البدء بتنفيذ الخطة الاصلاحية الانقاذية الاقتصادية؟ قال الوزير نعمة: «لقد باشرنا بها أصلاً من خلال قرار عدم دفع سندات «اليوروبوندز»، ولهذا كنا نعقد الاجتماعات ليل نهار للتوصل الى الحلول للأزمة، وقرار عدم دفع السندات جزء من الاصلاح المالي والاقتصادي، وقد انهينا مشروع قانون رفع السرية المصرفية، وهناك مشروع قيد التحضير لاستقلالية القضاء، وانا اعمل على مشروع قانون حول حماية المستهلك وسيُنجز خلال أسبوعين، وثمة خطوات باتت معلومة عبّر عنها البيان الوزاري وفق المراحل التي حددها».

مجلس الوزراء
ويبدو ان الاجتماع الرئاسي المالي – الاقتصادي، الذي سبق مجلس الوزراء، توصل إلى توفير غطاء سياسي للحكومة بعدم الدفع المنظم للسندات، وهو الغطاء الذي تمت ترجمته بالإجماع من الحكومة بعدم الدفع تمّ اتخاذه بعد التصويت على القرار، حيث تحفظ وزير الصناعة عماد حب الله لعدم تلازم القرار بتفاصيل الخطة الإصلاحية.

وكشفت معلومات مسرّبة أن الرئيس بري قال في اجتماع بعبدا المالي: «إنه ليس مع التعثّر انما مع التعثر المنظم، وهو لديه لوم على المصارف لناحية بيع السندات ورفع الدين الخارجي، ما أوصل لبنان الى ما هو عليه اليوم لناحية صعوبة عملية التفاوض».

وافادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان قرار مجلس الوزراء في ما خص سندات اليوروبوند وعلى الرغم من مرارته اي تعليق الدفع لم يكن افضل الخيارات لكنه كان خيارا لا بد منه مشيرة الى انه لو وجد قرار اسهل واضمن لكان تم اعتماده متخوفة من انعكاسات سلبية قد تتظهر في وقت قريب جدا.

وستعقد الحكومة جلستين هذا الاسبوع، واحدة غداً الثلاثاء في قصر بعبدا لاستكمال البحث بالأوضاع الإقتصادية والمالية وخريطة طريق المفاوضات، وجلسة أخرى الخميس مع جدول أعمال عادي لم يتحدد مكانها وسيتم التشاور بشأنها بين الرئيسين.

وعلى خط موازٍ، سيُعقد إجتماع غداً الثلاثاء، بين مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات وجمعية المصارف لاتخاذ اجراءات من شأنها تسهيل معاملات المودعين، من ضمن الاجراءات التي تعهدت بها المصارف لتوفير السيولة للمودعين، والتي اتفقت عليها مع عويدات الاسبوع الماضي وادت الى تعليق قرار المدعي العام المالي علي ابراهيم تجميد اصول اصحاب المصارف ورؤساء مجالس اداراتها.

قرار متأخر
وخلافاً لما كان متوقعاً، عدا عن قرار تعليق أو تأجيل دفع استحقاق اليوم لسندات «اليوروبوندز» فإن البيان الذي شاء الرئيس دياب ان يعلنه من غرفة الصحافة في السراي، وبغياب الصحافيين أنفسهم، حيث اقتصر المشهد على صفوف أربعة من الوزراء جلسوا يستمعون إلى رئيسهم، خلا من تحديد الخطة الإصلاحية التي كان يفترض ان تتلازم مع إعلان عدم الدفع، أقله لاقناع دول العالم ان لبنان جاد في مفاوضات للخروج من حالة التعثر التي يعانيها، خصوصاً وأن الإعلان يعني ان لبنان دخل نادي الدول المتعثرة، وبات جزءاً من الدول الخمسين التي تتفاوض مع دائنيها لإعادة هيكلة هذه الديون، وإنما بطريقة منظمة، وهذه الطريقة، يعني في مفهوم المجتمع الدولي وجود برنامج للخطوات الإصلاحية التي يفترض السير بها للخروج من حالة التعثر.

ويخشى مطلعون، من ان لا يقتنع الدائنون ولا سيما الأجانب بالخطة اللبنانية للانقاذ، أو أقله قد لا يثقون بجدية الدولة اللبنانية في التنفيذ، استناداً إلى تجارب سابقة، فيصار حينذاك إلى إقامة دعاوى إفلاس على الدولة وحجز ممتلكات، وهو ما المح إليه موقع «بلومبرغ» الذي لفت إلى احتمال لجوء الدائنين الأجانب الى القضاء وفي مقدمهم مجموعة «أشمور».

ويستند هؤلاء في خشيتهم، إلى خلو الخطة أو أقله عناوين البرنامج الاصلاحي، من أي دور لصندوق النقد الدولي، حيث لم يظهر أي طلب رسمي لعودة الصندوق إلى بيروت من أجل المزيد من الاستشارات، علماً ان معلومات عربية كشفت النقاب عن ان صندوق النقد رفض طلب لبنان مساعدته في إصلاح هيكل الاقتصاد، بسبب تأخره في اتخاذ تلك الإجراءات، مع العلم أيضاً ان الصندوق هو الجهة الوحيدة التي بإمكانها ان توفّر للبنان ما بين 8 إلى 9 مليارات دولار، لمساعدته على النهوض في خلال ثلاث سنوات، وإعادة هيكلة ديونه الخارجية، بشرط تنفيذ الإجراءات الإصلاحية، التي عادة ما يطلبها من الدول المتعثرة والمعروفة.

ترحيب حزب الله والأمم المتحدة
وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه «وصف «حزب الله» على لسان عضو المجلس المركزي الشيخ نبيل قاووق، قرار الحكومة بخصوص الامتناع عن الدفع، «بالجريء»، معتبراً انه يحمي مصالح اللبنانيين وحقوق المودعين».

وأكّد ان الحزب يُرحّب بأي مساعدة خارجية شرط ان لا يتم التسلل لفرض وصاية وهيمنة خارجية، مشيراً إلى ان الحزب لا يريد ان يرهن الاقتصاد ومستقبل أهلنا لجهات خارجية، وفي الوقت نفسه حريص على الإصلاحات التي تُشجّع الجهات الخارجية على تقديم المساعدات.

وفي أوّل تعليق أممي على قرار الحكومة، رأى المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش ان الكلام الصريح حول فشل النموذج الاقتصادي السابق يفتح المجال امام الخروج من الأزمة.

وقال في تغريدة عبر حسابه على «تويتر»: «اشجع الدائنين على العمل مع الحكومة لتفادي التخلف عن السداد غير المنظم بعد تعليق دفع سندات «اليوروبوندز» التي تستحق في 9 آذار التي تمليها حالة البلاد الحرجة.

وكانت وكالة «رويترز» نقلت عن مصدر مطلع قوله إن حملة السندات اللبنانية يكثفون جهودهم لتشكيل مجموعة تمثلهم بعد أن أشارت الرئاسة يوم السبت إلى أنها ستتخلف عن سداد ديون.

وقال المصدر، وهو عضو في المجموعة وطلب عدم ذكر اسمه، «أعتقد أنها (مجموعة الدائنين) ستجتمع قريبا».

وأضاف: «ندرك أن الحكومة تريد أن تتحلى بالتعقل وكذلك أغلب الدائنين. هم يتفهمون أن البلد في موقف صعب».

وأفادت «رويترز​» بأن ​جمعية المصارف​ اللبنانية مستعدة لمحاورة الدائنين الأجانب لإعادة هيكلة الدين، مشيرة إلى أن «تعيين شركة هوليهان لوكي مستشارا ماليا لجمعية مصارف لبنان مع سعي الدولة لإعادة هيكلة الدين الحكومي».

واجمعت ردود فعل أخرى، على أن القرار خطوة في الاتجاه الصحيح، رغم انه جاء متأخراً، وانه كان في الإمكان الوصول إليه قبل شهر، من دون حاجة إلى وضع البلد واللبنانيين في حالة قلق طوال هذه الفترة، انعكست سلباً على مزيد من التدهور المالي والنقدي والاقتصادي، فضلاً عن انه لم يحمل أو يتلازم مع إعلان خطة مالية واقتصادية واضحة ومحددة، واكتفى رئيس الحكومة الذي تولى إعلان القرار، بإيراد عناوين أو خارطة طريق لوعود سبق ان جاءت في البيان الوزاري للحكومة، من دون ان يُصار إلى ترجمتها بقرارات على الأرض.

وباستثناء مشروع قانون رفع السرية المصرفية، وهو مشروع يتعلق بموضوع مكافحة الفساد، مثله مثل مشروع التشكيلات القضائية، فإن عناوين الخطة ستبقى مجرّد وعود، لا سيما بالنسبة لتأمين الكهرباء 24 على 24 ساعة.

بيان دياب
واللافت في بيان الرئيس دياب تحميله مسؤولية التعثر إلى السياسات المالية والاقتصادية السابقة، التي قامت على فلسفة الاستدانة التي تراكمت مع الفوائد، كاشفاً بأن مجموع الدين تخطى 90 مليار دولار بما يُشكّل نحو 170 في المائة من إنتاج المحلي، وانه بحسب تقديرات البنك الدولي، فإن أكثر من 40 في المائة من السكان قد يجدون أنفسهم قريباً تحت خط الفقر.

ولفت إلى ان قيمة استحقاق «اليوروبوند» لهذا العام تبلغ 4،6 مليارات دولار، وان احتياطات البنك المركزي من العملات الصعبة بلغ مستوى حرجاً وخطيراً، مما يدفع الجمهورية اللبنانية إلى تعليق سداد استحقاق 9 آذار، من دون ان يُشير إلى استحقاقات الأشهر المقبلة، وإذا كان مفهوماً ان تعليق الدفع يشمل كافة هذه المواعيد.

وأوضح ان الدولة اللبنانية ستسعى إلى إعادة هيكلة ديونها بما يتناسب مع المصلحة الوطنية، عبر خوض مفاوضات منصفة وحسنة النية مع الدائنين كافة، تلتزم المعايير العالمية المثلى.

وإذ أكّد تصميمه على تطبيق الإصلاحات اللازمة للتفاني من مسألة التخلف عن سداد الديون أسوة بالدول الخمسين مثل لبنان، كشف ان الحكومة انصرفت منذ ولادتها قبل أقل من شهر على صياغة برنامج إصلاحي يرتكز على معالجة الدين وإعادة التوازن إلى المالية العامة، انطلاقاً من انه لا يجوز ان ننفق أكثر مما نجني، والإصلاح في قطاع الكهرباء عبر خطة التغويز التي توفّر 350 مليون دولار في العام، إلى جانب وقف التهرب الضريبي، ومكافحة الفساد وإصلاح النظام القضائي وتطوير القطاع المصرفي، مشدداً هنا على ضرورة حماية الودائع، ولا سيما ودائع صغار المودعين، كاشفاً عن مشروع قانون خاص سيقدم قريباً بتنظيم العلاقات بين المصارف وعملائها لتصبح أكثر عدلاً وانصافاً، معتبراً ان لبنان لا يحتاج قطاعاً مصرفياً يفوق بأربعة اضعاف حجم اقتصاده، مشدداً على ان إعادة هيكلة الدين والاصلاحات ستكون في صلب هذه الخطة، لكنها قد تستغرق وقتاً وجهداً، وتحتاج حتماً إلى تدابير صعبة.

ترهيب الكتائب
تجدر الإشارة إلى ان إعلان الحكومة الامتناع عن دفع السندات، تزامن مع تنظيم تحركات شعبية على الأرض، عبر مسيرات سارت في شوارع الذوق- انطلياس، وصور وبيروت وطرابلس، وزحلة، تعبيراً عن رفض الشارع لتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، ودعوة الحكومة إلى الاستقالة بعدما فشلت في معالجة هذه الأوضاع، والدعوة إلى اجراء انتخابات نيابية مبكرة.

وافيد مساء أمس عن مسيرة لحراك صيدا دعماً لحقوق المرأة في يومها العالمي الذي احتفل به لبنان رسمياً عبر مجموعة من المواقف والبيانات والتغريدات.

ولم تسجل خلال هذه المسيرات احتكاكات أو إشكالات، لكن حزب الكتائب أعلن أمس ان «البيت المركزي في الصيفي تعرض فجر أمس لاطلاق نار من أسلحة حربية، وان واجهته الشرقية اصيبت بست رصاصات، واضعاً هذا الاعتداء في عهدة الدولة واجهزتها الأمنية لكشف هوية المعتدين والمحرضين ليبنى على الشيء مقتضاه».

ولم يلمح بيان الحزب إلى هوية هؤلاء المعتدين، لكن مصادر مطلعة، لم تستبعد ان يكون ما حدث جزءاً من خطة لترهيب الحزب، خصوصاً بعدما بدا ان تظاهرات الحراك في ذوق مصبح وجل الديب وانطلياس من تنظيم الكتائب، وهو ما ألمح إليه في بيان بأن الصيفي بعد ثورة 17 تشرين أصبح بيت الشعب وملتقى الثوار والاحرار وحاضنهم.

«كورونا»: 4 اصابات جديدة
وعلى صعيد فيروس «كورونا» الذي بات جزءاً من الهم اليومي لكل النّاس، فقد أعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي في تقريره اليومي عن تسجيل 4 اصابات جديدة بالفيروس، وبالتالي ارتفاع عدد الحالات المصابة به في لبنان الـ32 مصاباً، وضع 29 منهم مستقر في حين ان ثلاثة في وضع حرج.

وأوضح انه استقبل خلال الـ24 ساعة الماضية 100 حالة في قسم الطوارئ، خضعت جميعها للكشوفات الطبية اللازمة، وقد احتاجت 19 حالة منها إلى دخول الحجر الصحي، فيما يلتزم الباقون الحجر المنزلي، وانه اجريت فحوصات مخبرية لـ116 حالة جاءت نتيجة 112 حالة منها سلبية و4 حالات إيجابية.

ولفت الي انه غادر المستشفى 15 شخصاً كانوا موجودين في منطقة الحجر الصحي، وانه يوجد حتى اللحظة 19 حالة في المنطقة نفسها، في حين ان عدد الحالات الإيجابية في المستشفى بلغ 28، وان عدد الحالات التي شخصت باصابتها بالفيروس داخل الأراضي اللبنانية بلغ 32، في أشارة إلى ان هؤلاء أي الـ4 هم خارج المستشفى، من دون ان يعلن عن المكان.

وكانت معلومات قد ذكرت عن إصابة اثنين من الاباء اليسوعيين من سكن مونو بالفيروس، فيما تداولت اخبار عن إصابة تلميذ في مدرسة العائلة المقدسة الفرنسية في جونية، وان العدوى انتقلت إليه من والده المصاب، وانه اجريت فحوصات للام والولدين تبين انها سلبية، ثم تبين لاحقاً انها مصابة، فتم نقلها من المنزل إلى المستشفى.

وأعلنت بلدية معركة الجنوبية ان مجندة ماليزية من ضمن قوات الطوارئ الدولية، نقلت إلى مستشفى الحريري لاجراء فحوصات لها، بعد عودتها من مصر في إجازة، وان النتائج ستظهر اليوم.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الأخبار
الحكومة تبتعد عن صندوق النقد؟
خطاب دياب: أول إعلان رسمي عن حجم الكارثة
حماية الحكومة مسؤوليّة عملانيّة على عاتق عون وبري ونصر الله

صارت مسألة دفع السندات من الماضي. إعلان رئيس الحكومة التوقف عن السداد أنهى مرحلة التردد والانتظار. بعده بدأت مرحلة الجد. فالإعلان بمعزل عن إجراءات إعادة الاقتصاد إلى سكة التعافي والنمو، لا يقدم ولا يؤخر. وهذه الإجراءات ستجرى، بحسب ما يتردد، بالاعتماد على خطة إصلاحية حكومية لا على برنامج مستورد من صندوق النقد.
بحسب عاملين في السرايا الكبيرة، فإن ما شهده مقر رئاسة مجلس الوزراء في الأيام التي سبقت إعلان الرئيس حسان دياب «تعليق سداد استحقاق 9 آذار من اليوروبوندز» لم يشهده يوماًَ. استنفار كامل حلّ على كل دوائر السرايا. في كل غرفة كانت اجتماعات مفتوحة، يضاف إليها اجتماعات في الممرات. بالنتيجة، انتهت الجولة الأولى، وصار هنالك تاريخ مفصلي هو 7 آذار. لبنان لن يدفع ديونه حتى إشعار آخر، والإشعار الآخر يتعلق بأمرين أساسيين: تغيير وجه لبنان الاقتصادي، والتوصل إلى تسوية مع الدائنين تقضي بإعادة هيكلة ديونهم. قبل ذلك، بقي هؤلاء، وتحديداً صندوقا أشمور وفيدلتي الاستثماريان، بالإضافة إلى جمعية المصارف، يرمون بثقلهم لحثّ الحكومة على دفع الدين، لكن الأمر انتهى. منذ يوم أمس تغيرت الوجهة. بحسب المعلومات، فإن جمعية المصارف بدأت التفاوض مع الدائنين الأجانب للبحث في آلية لهيكلة الدين، قبل بدء الحكومة بذلك. حيث سبق أن أعلن دياب أن الدولة اللبنانية ستسعى إلى «إعادة هيكلة ديونها، بما يتناسب مع المصلحة الوطنية، عبر خوض مفاوضات منصفة، وحسنة النية، مع الدائنين كافة، تلتزم المعايير العالمية المثلى».
على المقلب الآخر، كان لافتاً أن دياب لم يتطرق في كلمته يوم السبت إلى صندوق النقد الدولي. وهذا، بحسب مصادر مطلعة، محسوب بدقة. فالحكومة، أقله في المدى المنظور، ليست في وارد الدخول مع صندوق النقد في برنامج جاهز. ولذلك، تركز حالياً على إطلاق خططها المتعلقة بالخروج من الأزمة. بهذا المعنى، هي ترفض، بناءً على كل التجارب الدولية في التعامل مع الصندوق، وبناءً على دراسة هذه التجارب، الرضوخ لبرنامج تقليدي منه. تؤكد المصادر، على سبيل المثال، أن زيادة الضريبة على البنزين ليست من الطروحات المقبولة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى زيادة الضريبة على القيمة المضافة بشكل شامل. الخلاصة أن الحكومة ستسعى إلى قرارات لا تطاول بتأثيرها كل الناس، فلا معارضة على سبيل المثال لزيادة الضريبة على الكماليات. كذلك، يتردد أن كل ما يحكى عن الـ Hair cut للودائع ليس دقيقاً. صحيح أن القرار لم يتخذ بعد، في ظل دراسة عدد من الخيارات والبحث في الشرائح التي يمكن أن يطاولها أي خيار، إلا أن أياً منها لا يتعلق بقص الودائع. لكن مع ذلك، فإن الترجيحات تشير إلى أن الوجهة هي وضع ضريبة على الثروة، بما يؤدي عملياً إلى عدم المس بأصل الودائع، تماماً كما أن فرض الضريبة هو حق سيادي للدولة.
باختصار، فإن الخطة الإصلاحية ستركز على تخفيض النفقات لا على زيادة الواردات. هذا ما أعلنه دياب («تتصدر إعادة التوازن الى المالية العامة سلّم أولوياتنا. فإذا أردنا تحرير أنفسنا من عبء الدين، لا يجوز أن ننفق أكثر مما نجني»). ولأن الموازنة أساساً موزعة بين ثلاثة أبواب ضخمة للإنفاق، أي خدمة الدين العام ودعم الكهرباء والقطاع العام، فإن إعلان التوقف عن الدفع حرّر الموازنة من الباب الأكثر صعوبة، أي خدمة الدين. ولذلك يبقى بابان. رئيس الحكومة استقبل أكثر من مرة شركات وجهات مهتمة بالاستثمار في معامل الكهرباء أو محطات الغاز. ويفترض أن لا تتأخر الحكومة في بتّ هذين الملفين، ولا سيما بدء تنفيذ خطة التغويز التي أعلن دياب أنها ستحقق وفراً يتخطى 350 مليون دولار في العام. يبقى الملف الأكثر حساسية، أي ملف القطاع العام. وتشير المعلومات إلى أن رئيس الحكومة عازم على إيجاد حل له، إذ لم يعد بالإمكان الاستمرار في تحميل القطاع العام تبعات السياسات النفعية التي اعتمدتها مختلف الجهات السياسية على مدى سنوات. يتردد هنا أن من يقبضون ولا يعملون، والذين يتخطّى عددهم العشرين ألفاً، سيكونون في مرمى الإجراءات الحكومية، من دون أن تتحدد طبيعة هذه الإجراءات.
بعد إعلان دياب الموقف المنتظر، صارت تتردد عبارات من قبيل لبنان صار بلداً ثانياً. من يقول ذلك يثق بأن العبور من دولة الفوائد والربح السهل إلى دولة الإنتاج صار «أمراً واقعاً». لكن هكذا كلام هو أقرب إلى التمنيات منه إلى الواقع. ولتحقيقه، ينتظر أن ينتقل العمل المكثف من السرايا الحكومية التي كانت مركز كل الاجتماعات المتعلقة بقضية عدم دفع سندات اليوروبوندز إلى الوزارات المختصة، حيث يفترض أن تعمد كل وزارة إلى تقديم اقتراحاتها التي تتناسب مع الوضع المستجد، تمهيداً لاتخاذ القرار بشأنها ثم البدء بتنفيذها. أما في ما خص القطاع المصرفي، فهو بدوره ستعاد هيكلته، لأنه لم يعد بالإمكان الاستمرار على المنوال ذاته، ولذلك يتوقع أن تركز السياسة الحكومية على اندماج المصارف وإنهاء مرحلة انتفاخ القطاع الذي يتخطى حجمه أربعة أضعاف الناتج المحلي.
خطاب دياب: أول إعلان رسمي عن حجم الكارثة
حماية الحكومة مسؤوليّة عملانيّة على عاتق عون وبري ونصر الله
سيكون من الصعب على غير مجانين السلطة السابقة انتقاد خطاب رئيس الحكومة حسان دياب. من نكد الدهر أن يخرج سعد الحريري وكل أركان تيار المستقبل مثلاً ليعطوا الدروس لدياب وفريقه الوزاري. وهم الذين لم يعملوا لأكثر من 4 ساعات في اليوم الواحد. وما فكّروا يوماً بأي نوع من الإصلاحات. وكل ما يقومون به اليوم هو اللجوء الى عدّاد الدين العام، ليحسبوا ما زاد خلال السنوات الـ 15 الأخيرة من خارج مسؤوليّتهم. والنكتة الأكثر رواجاً، اعتبار الإنفاق على قطاع الكهرباء من مسؤوليّة ميشال عون وفريقه لكونه كان يتسلّم وزارة الطاقة. أما وليد جنبلاط وسمير جعجع وآل الجميل وكل الإرث السمج لفريق 14 آذار، وملحقاته من بنى انتفاضة 17 تشرين، فلن تصلح أي انتقادات من جانبهم حتى لبرنامج مملّ على الشاشات الباردة في بيروت. بينما سيكون من الوقاحة على فئة الـ 5 بالمئة من مكدّسي الثروات والأرباح توجيه النصائح لأحد. فكيف إذا كان رمزهم في الحكم اليوم هو رياض سلامة ومندوبه في جمعية المصارف هو سليم صفير، والأخير كاد يبكي في اجتماع بعبدا قبل يومين من شدة الفقر، حتى كاد أحد ضبّاط القصر يجمع له مبلغاً من المال ليعطيه إياه عند مغادرته مصاباً باكتئاب يضاف الى ما يعانيه بسبب الغضب الأميركي عليه (مقال إبراهيم الأمين).
قيمة خطاب دياب ليست في مضمونه الواضح، بل في كونه نتاج عمل مجموعة ليست منفصلة عن الوقائع السياسية وغير السياسية في لبنان. لكنها ليست متصلة ــــ تماماً ــــ بآليات العمل التقليدية التي يعرفها الناس منذ توقف الحرب الأهلية، ووصول المنقذ الأبدي رفيق الحريري الى السلطة. وهذه المجموعة تعرف أن رصيدها محصور في قدرتها على «نكش» القائم، ولو كانت النتيجة الأولى انتشار رائحة العفن من المكان. لكنها عملية جعلت كثيرين في لبنان والخارج يتعرفون لأوّل مرة إلى حقيقة الوضع. تخيّلوا أن مسؤولاً فرنسياً بارزاً وناشطاً في الملف الاقتصادي والمالي، قال إنه تعرّف أخيراً إلى تفاصيل تجعله يصف رياض سلامة بـ«الكاذب الذي كنا نفترض أن يقول في الإعلام كلاماً هدفه إشاعة مناخات إيجابية، لكن تبيّن أنه يكذب أمام أركان الدولة، وأمام ممثلي الشركات الاستشارية المستقدمة لمساعدة لبنان على مواجهة أزمة الدين، وأنه يكذب على رئيس الحكومة الذي يحتاج إلى كل الحقيقة حتى يعرف تحديد طريقه في المعالجة». ومع ذلك، فإن سلامة كما سليم صفير ومجموعة من مارقي المصارف اللبنانية، لا يزالون يلجأون الى العدّة القديمة من شراء الذمم عند سياسيين وإعلاميين لأجل تلميع صورتهم، كأنهم يعيشون في عالم آخر، أو قل كأنهم لم يستفيقوا بعد.
ما أعلنه رئيس الحكومة جيّد جداً لكونه المسؤول الأول الذي يجرؤ على توصيف الواقع من دون أيّ تزيين. ولكونه المسؤول الأول في لبنان، الذي يطلّ على الناس منذ توقف الحرب الأهلية، ويضعهم أمام المرآة ليروا الحقيقة. حقيقة الواقع الذي نحن فيه الآن، وحقيقة أن الّذين صوّتوا لهم ولحقوا بهم وطوّبوهم قادة ومسؤولين على مدى ثلاثة عقود، قد أوصلوهم الى ما هم عليه اليوم. وإذا كان البعض يريد من دياب أن يضع مواد التجميل على صورة القبح، فهو هذا البعض الذي يصرّ على فكرة شراء الوقت. وكأن الإنقاذ في طريقه الى لبنان. هؤلاء الذين يواصلون الإنكار بأن عملية شراء الوقت كلّفت اللبنانيّين نحو 130 مليار دولار أميركي على الأقل، وهي خسارة غير قابلة للتعويض مهما قال الكذّابون وأجادوا.
لكن الخطوة التالية هي الأهم. وهنا، لا يبقى الأمر من مسؤولية حسان دياب وفريقه حصراً، بل هي أيضاً مسؤولية قوى سياسية يفترض أنها تشكل الحاضنة السياسية لحكومته. ومع قليل من التدقيق، سيكون واضحاً أنها المسؤولية الملقاة اليوم على عاتق الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر والرئيس نبيه بري وحركة أمل والسيد حسن نصر الله وحزب الله. وحقيقة الأمر أن دياب وفريقه الوزاري يحتاجون إلى دعم هؤلاء بقوة، وكل ساعة وكل دقيقة. والدعم ليس لتغطية المواقف أو القرارات فحسب، بل للمساعدة على إزالة عقبات كبيرة قد تحول دون دخول مرحلة العلاجات على قساوتها. وبحسب ما هو معروف، ولو في دوائر مغلقة، فإن هذه القوى الثلاث لا تزال تتصرّف بحذر شديد مع دياب وفريقه الوزاري. تارة بسبب الخشية من نقص في المعطيات أو الخبرة، وطوراً بسبب الحسابات السياسية، أو بسبب السعي الى حماية مكاسب تخص هذه القوى داخل مؤسسات السلطة. لكن ما يفترض أن يكون قد ورد الى هذه القوى أو «اعترضه وسيط على الطريق»، فهو واضح:
أولاً: إن الحكومة بحاجة الى مساعدة كبيرة لمعالجة ملف الإدارة الرسمية للسياسات المالية والنقدية. وهذا يتطلب إحداث تغيير كبير على صعيد الفريق المسؤول عن هذه السياسات. وإذا كان متعذراً إقناع رياض سلامة بالاستقالة فوراً، أو كان من غير الممكن إقالته، فإن إلزامه بتغيير جوهري يتطلب ليس سؤاله، بل إلزامه، وهذا يعني ببساطة اختيار فريق جديد كلياً في مناصب نواب الحاكم ولجنة الرقابة على المصارف ومفوض الحكومة وهيئة الأسواق المالية والقضاء المالي. والمسألة هنا لا تتعلق بأشخاص الفريق، بل في أن لا يكون أي منهم على صلة بهذا النادي الذي قاده سلامة في كل مواقع الدولة منذ وصوله الى منصبه. وهذا يعني أن على عون وبري قبل حزب الله التخلي عن كل الميول التقليدية إزاء السعي لإمرار من يعتقدون أنهم الأنسب، وأن يصار الى وضع آلية تفرض على الحكومة الإتيان بالأفضل والأنسب. لا أن يصار الى إمرار ترشيحات تشبه ما هو قائم اليوم (وصل الأمر إلى حدّ ترشيح شخصية لتولي منصب نائب الحاكم، سبق لها أن تورطت في ملف القروض المدعومة). وهذه المهمة قد تفرض مراجعة عاجلة حتى لاختيارات وزارية. ولا بأس هنا من مصارحة رئيس المجلس النيابي حول سلوك وزير المال غازي وزني، الذي لم يعرض فكرة واحدة تقول إنه يسير في خطة فريقه السياسي، إلا إذا كان الفريق السياسي يناور بالمواقف.
ثانياً: إن الحكومة بحاجة الى قرارات غير مسبوقة على صعيد ضبط الإنفاق العام وضبط أداء القطاع العام. وهذا يستلزم الشروع فوراً في إلغاء أي وجود لمؤسسات وهيئات ومناصب ووظائف ومقارّ ونفقات ليس لها عنوان سوى الزبائنية المتوارثة. وهذا أمر سيكون له تأثيره المباشر على سياسات هذه القوى وغيرها من القوى التي تقف اليوم خارج السلطة. لكنها إجراءات ضرورية وإلزامية. وربما يكون الوقت قد حان لاستعادة الوزارات ليس كامل صلاحياتها فحسب، بل أيضاً كامل أجهزتها التنفيذية، بدل استمرار عمل الوزارات الموازية القائمة اليوم على شكل مجالس وصناديق وهيئات.
ثالثاً: إن الحكومة مقبلة حتماً على إصدار قرارات أو إعداد مشاريع قوانين تصيب القطاع المالي والنقدي بصورة مباشرة. وسيكون اللبنانيون قريباً أمام قوانين واضحة تخصّ إعادة هيكلة الدين، مع ما يتطلّب ذلك من عملية شطب لنسبة غير قليلة من الدين. وهي عملية ستواجه بأعنف حملة من حزب الـ 5 بالمئة المنتشر في كل جسم البلاد. لأن هذه القوانين ستزيل الشحم والورم من الجسم المالي والنقدي في لبنان، إذ لا وجود لـ 155 مليار دولار ودائع، بل يوجد ما هو أقل بكثير إذا تمّت إزالة الأرباح الخيالية. ولا وجود لثروة عقارية بمليارات الدولارات عند المصارف وعند المطورين العقاريين. بل ثمة ثروة عقارية متواضعة لا بد أن تعود الى حجمها المالي الحقيقي. ولا يمكن ترك اللبنانيين من دون نظام ضريبي مختلف عمّا هو قائم اليوم. والجباية متى تمّت وفق القانون فسنكتشف كم جرى التهرب منها على مدى العقود الماضية. والحكومة معنية بسياسات تمنع اللبنانيين عن نظام الاستهلاك العشوائي الذي يندرج في خانة «التشاوف والمفاخرة» والتي لا تتصل بحقيقة دخل الناس وحجم أعمالهم. وهذا سيؤدي حتماً الى تعديل جوهري في سياسة الاستيراد، الذي ستتقلّص سلّته الى النصف كحد أدنى، ما يعني أن الناس عليهم التوجّه غصباً لا طوعاً صوب بدائل محلية.
رابعاً: إن العلاجات للمديونية العامة والنفقات ستطرح هذه المرة الأسئلة المباشرة حول كلفة القوى العسكرية والأمنية في البلاد. من العديد ومطابقته لحاجات البلاد، الى نوع البدلات المخصصة لكبار الضباط والقادة، الى المصاريف السرية التي تذهب لشراء ذمم سياسيين وإعلاميين ومخبرين لا علاقة لهم بأمن البلاد، وصولاً الى موازنات النفقات التشغيلية من كلفة الطعام الى كلفة المحروقات الى بدلات السفر والمهمات الخارجية. وهذا بحد ذاته يتطلّب علاجاً يقوم أساساً على اقتناع الفريق العامل في هذه المؤسسات بأن البقاء على ما كنا عليه لم يعد ممكناً تحت أي ظرف، وأنهم مثل بقية الناس، سيساهمون في تحمّل الخسارة، ويجب أن يتم الأمر من دون أي محاولة لابتزاز السلطة أو الناس بأمنهم اليومي.
ما أعلنه حسان دياب في خطابه ليس إلا العنوان. ومتى قرر الرجل المضيّ في برنامج عمل تنفيذي، فهذا يعني أننا سنقبل على مواجهات أشد قساوة. ومن الضروري هنا، وحتى لا يتكرر الحديث عن التشكيك لاحقاً، أن هناك قوى محلية، وجهات خارجية، تسعى منذ أسبوعين على الأقل، الى العودة إلى تحريك الشارع بطريقة فوضوية تامة، فيها الكثير من المخاطر وفيها الكثير من التوترات التي قد تخلق نزاعات وصدامات… وهذه المرة، يفترض بمن يعتقدون أنهم يؤثّرون في حركة الشارع تحمّل المسؤولية، لأن الفوضى متى تمكّنت سوف تزيلهم قبل غيرهم من الواجهة… ولمن لا يريد الاقتناع، علّه يراجع أرشيفاً لا يزال حاراً موجوداً تحت عنوان: الربيع العربي، كيف انطلق وإلى أين انتهى!

Please follow and like us: