مشرعون في واشنطن يشككون بأهداف “الإحتلال الأميركي في سوريا” : أنريد فعلاً “هزيمة داعش”؟

مشرعون في واشنطن يشككون بأهداف “الإحتلال الأميركي في سوريا” : أنريد فعلاً “هزيمة داعش”؟

فريدمان : أميركا طائفية تشبه لبنان!
“إسرائيل” أحرقت جنوداً مصريين وهم أحياء في عام 1967 وأخفت قبرهم
السوق الدّينية في الولايات المتحدة الأمريكية

زار رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، الجنرال مارك ميلي، شمالي شرق سوريا يوم 4 آذار الجاري. وقال المتحدث باسم ميلي، إنه “التقى مع القوات الأميركية التي تنتشر هناك كجزء من حملة هزيمة داعش وتفقد إجراءات حماية القوات”. لكن تقرير ريان غريم/ Grim ودانيال بوغسلو Boguslaw، وعنوانه : “الصقور قضوا على جهود مشرعين جمهوريين وديموقراطيين لإنهاء الحرب في سوريا”، يكشف عن أن الزيارة كانت تدخلاً من أرفع شخصية عسكرية في الولايات المتحدة لصالح أولئك “الصقور”.

في التقرير الذي نشره الصحفيان والباحثان الأميركيان في موقع The Intercept، نطلع على تفاصيل هزيمة  مشروع قانون إنهاء العمليات العسكرية في الخارج، الذي أعده وقدمه إلى مجلس النواب الجمهوري مات/ Matt Gaetz النائب عن فلوريدا. وقد حظي المشروع بتأييد 47 جمهورياً و56 ديمقراطياً، من بين 435 نائباً يحق لهم التصويت. كان قانون Gaetz بحاجة إلى 218 صوتاً لإقراره. لم يكتف “حزب الحرب” بانتصار “الصقور” في السلطة التشريعية، فانبرى العسكري ميلي مُدَلِّساً على مواطنيه عن “هزيمة داعش” الإرهابية.

تذكر مصادر سورية محلية رداً على ماذكره الجنرال ميلي، بأن إرهابيي “تنظيم الدولة الإسلامية / داعش” ينتشرون بانتظام في محيط قواعد الإحتلال الأميركي من اتجاهين رئيسيين :  الأول جنوبي شرقي، تحميه قاعدة منطقة التنف بريف حمص الشرقي على الحدود مع العراق. والثاني شمالي شرقي، تحميه قاعدة الشدادي وقاعدة حقل عمر في محافظة الحسكة. وينفذ إرهابيو “داعش” جرائمهم ضد المدنيين السوريين وضد وحدات الجيش العربي السوري، تحت نظر القوات الأميركية، وبالتواطؤ من الميليشيا الكردية الإنفصالية التي تساعدهم على التوغل في عمق البادية.

وتملك القوات الأميركية في المناطق السورية التي تحتلها، نفوذاً حاسماً على “تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش” الإرهابي. وبحسب جهات حقوقية أجنبية، فقد احتجز في “سجن الثانوية الصناعية” في مدينة الحسكة، نحو 4 آلاف سجين بشبهة انتمائهم أو انتماء أفراد من عائلاتهم إلى “داعش”. ومن بين المسجونين 700 فتى، معظمهم من سوريا والعراق والباقي من عشرات الدول الأخرى. ويدير هذا السجن مقاولون أكراد من الميليشيا الإنفصالية المسماة “قسد”، بحماية أميركية، تاركين السجناء في “ظروف مزرية”.

في إطار العلاقة العملياتية بين قوات الإحتلال الأميركي ـ البريطاني وتنظيم “داعش” في سوريا، لا يوجد في سجل هذا التنظيم الإرهابي خطة عملياتية تنفيذية ضد الأميركيين والقوات الغربية التي ترافقهم، ولا ضد حليفهم المحلي الكردي. وبعد فشل هجومه على “سجن الصناعية”، قبل سنة، ظل “داعش” حريصاً على أمن القوات الأميركية والميليشيا الإنفصالية، ولم يمسهما بسوء، رغم قتلهما في صد الهجوم نحو 500 سجين ومهاجم. وبقيت العمليات “الداعشية” مركزة على ضرب وتهديد أمن المدنيين السوريين وقوات الحكومة السورية.

تدحض مصادر سورية محلية تصريح الجنرال مارك ميلي عن “انتشار القوات الأميركية [في سوريا] كجزء حملة هزيمة داعش”. وتبعاً لمعلوماتها تنقل قوات الاحتلال الأميركية هذه الأيام، بعض إرهابيي “داعش” ممن يحملون جنسيات أجنبية، من سجن الثانوية الصناعية في مدينة الحسكة إلى قواعدها داخل العراق. وتقول إن وفوداً أميركية تضم دبلوماسيين وعسكريين تنسق عمليات تدوير Recyclage هؤلاء الإرهابيين نحو الأراضي العراقية من خلال معابر غير شرعية. كما ينقل إرهابيون آخرون للتموضع في محيط قاعدة الإحتلال في منطقة التنف بريف تسليحهم وتوجيههم في الأراضي السورية.

وتتفق هذه المعلومات مع تقرير ريان غريم/ Grim ودانيال بوغسلو Boguslaw. الذي اقتطف مقاطع من رسالة السفير الأميركي الأسبق في سوريا روبرت فورد / Ford إلى الكونغرس يدعم فيها مشروع قانون Gaetz، ضد “الصقور” أو “حزب الحرب” الذين أسقطوا المشروع. يقول فورد : أنه “بعد أكثر من ثماني سنوات من العمليات العسكرية [للجيش الأميركي] في سوريا [والعراق]، ما زلنا نفتقر إلى تعريف [واضح] لـ[معنى الكلام الأميركي عن] الهزيمة الدائمة لداعش”. ولذلك، يطالب فورد المشرعين “بمناقشة جادة، حول ما إذا كانت مهمة [الجنود في سوريا] قابلة للتحقيق بالفعل”.

يتفق تشكيك فورد بالمهمة المعلنة لقوات الجنرال ميلي في سوريا والعراق ومعلومات المصادر المحلية السورية. إذ تتحدث عن استخدام الإحتلال الأميركي سلاح الإرهاب “الداعشي” في هاتين الدولتين العربيتين، لبلوغ أهداف جيواستراتيجية إقليمية ودولية مختلفة. وهذا التوافق في المعلومات يدحر سردية ميلي عن محاربة الإرهاب، ويثبت أنه سافر إلى سوريا في بداية هذا الشهر، لتعزيز موقف “حزب الحرب”، بعدما كتب فورد في رسالته، بكل صراحة : إن “الأساس العقلاني ـ القانوني للاحتلال الأميركي [في سوريا مفقود أو] مشكوك فيه في أحسن الأحوال” .

لا يتطرق تقرير غريم وبوغسلو إلى أعمال نهب الثروات النفطية والأرزاق الزارعية التي ترتكبها قوات الإحتلال الأميركي في سوريا. إذ يتم تسيير قوافل بالمسروقات باتجاه مناطق الإنفصالية الكردية في شمال العراق. ولا يعرف على وجه الدقة مصير هذه المسروقات من أموال الشعب العربي السوري. وقد بلغت قيمتها نحو 107.1 مليار دولار، ما بين عامي 2011 ـ منتصف 2022. كما أنه لا تتوفر تقارير أو معلومات عن الجهة النهائية التي تؤول إلى جيوبها هذه الأموال الطائلة، هل هي الجيش الأميركي أم ضباط هذا الجيش عبر شبكات مقاولين يعملون معهم، أم تذهب إلى خزينة الحكومة الأميركية.

لكن التقرير المذكور وثق معلومات نشرتها جريدة “واشنطن بوست” في آب 2021. ونقلت فيها عن مسؤولين أميركيين، تكشف أن إدارة الرئيس جو بايدن المشهور باسم “جو النعسان” “قد أضافت إلى “قمع داعش” المزعوم، “غرضاً آخر تسعى إليه قوات الاحتلال [الأميركي في سوريا] وهو العمل كحصن ضد إيران”.

كذلك، زعم هؤلاء المسؤولين أن “الانتشار العسكري الأميركي [في سوريا] يمنع القوات الإيرانية من إنشاء جسر بري مع لبنان، يمكنها من أن تزود حلفائها من حزب الله اللبناني بالأسلحة بسهولة أكبر”. وهذه المعلومات توضح أن الإحتلال الأميركي في سوريا يقوم بمهمة إقليمية ـ دولية تكمل مهمة قوات الإحتلال “الإسرائيلي” وتعزز عدوانها في هضبة الجولان السورية وفي جنوب لبنان أيضاً.

تدفع هذه الأهداف الجيواستراتيجية، بالولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا إلى رعاية المجموعات الإرهابية وتصنيعها إذا لزم الأمر، وهي تفسر الدوافع السياسية والإستراتيجية التي حدت بالجنرال مارك ميلي لانتهاك سيادة سوريا، بالتسلل إلى أراضيها. إذ أنه لا يريد “هزيمة داعش”، بالفعل، كما زعم،  وإنما أراد التأكد أداء قواته في استضعاف سوريا والعراق وإيران ولبنان وانتهاك أمنهم، والسهر على أمن “إسرائيل”.

مركز الحقول للدراسات والنشر
شبكة حماية ضحايا الحرب
‏الأربعاء‏، 15‏ آذار‏، 2023

COMMENTS