في العلن، يتحدث القواتيون عن «قرار حاسم» بعدم السماح لباسيل باستخدام بكركي لمساندته في تحويله مرجعية سياسية مجدداً. يكرر هؤلاء الحجة نفسها بأن «ما يفعله باسيل ليسَ سوى محاولة جديدة لرفع سعره عند حزب الله والحصول على التعويض الذي يريده عبر ورقة وحدة الموقف المسيحي». و«هذا ما لن يحصل عليه»، وفقاً لما يؤكده القواتيون الذين يعتبرون أن «الافتراق بين باسيل والحزب لا يزال لفظياً، والمطلوب من رئيس التيار الذهاب إلى مواقف أكبر من ذلك بكثير». مشكلة باسيل بالنسبة إلى معراب أن «الحزب لم يعره أيّ اهتمام رغمَ كل محاولات الابتزاز، ويستمر في تجاهله، أولاً بدعم فرنجية، وثانياً بدعم رئيس الحكومة وتغطية اجتماعاتها، وفي ملفات أخرى كما في ملف التمديد لقائد الجيش» العماد جوزف عون. لذلك، في رأي هؤلاء، «يهرب باسيل الآن إلى ورقة كبيرة عنوانها وحدة الموقف المسيحي التي تدغدغ إلى حد كبير مشاعر الغالبية في بكركي»، ولكنها «لا تحرج القوات التي تصرّ على وحدة الموقف السياسي». صحيح أن التيار، عبر ممثليه في اجتماعات اللجان في بكركي، وصلَ إلى حدّ «تبني القرارات الدولية (التي تُعتبر مستفزة بالنسبة إلى حزب الله)، ولكنه لا يزال يصرّ على عدم الدخول في تسميات أو محددات، ويصرّ على إدراج بند سلاح حزب الله في إطار ما يُسمى الإستراتيجية الدفاعية»، وعليه، فإن «كثيراً من الأمور تؤكد لنا أن باسيل لا يهدف من صورة بكركي سوى الضغط على حزب الله»، وأنه «ضمنياً لا يريد فك التحالف، ويعلم أن أي تحالف مع المسيحيين لن يعود عليه بأي مكاسب كتلك التي يحققها له التحالف مع الحزب. وإذا كانت معراب تقبل بإعطائه صورة التقاطع الظرفي، لكنها حتماً لن تمنحه ورقة الوحدة المسيحية لتحقيق مكاسب من حزب الله على حسابها، ولن تكون القوات قوات عهد باسيل».
أياً يكن، وبعيداً من شكليات «المصلحة المسيحية» التي يدّعيها الطرفان، فإن كل ما يحصل اليوم ليسَ سوى ارتدادات عام 2016. يومَ وُقّع التفاهم، ظن سمير جعجع أن انتخابه ميشال عون، سيعود عليه بالرئاسة بعدَ ست سنوات تحت عنوان ردّ الجميل، منطلقاً من قاعدة أن «الوجود في الحكم يفترض المشاركة والليونة»، متخيلاً أن عون وباسيل سيردان الجميل بانتخابه رئيساً. لكن باسيل، بدأ منذ اليوم الأول لانتخاب «عمه» يحضّر للعهد الذي يليه، وهو عهد «جبران باسيل».
قبلَ انقضاء السنوات الستّ، أكل جعجع الضرب. وبعدَ انقضائها لحق به باسيل. فلا رئيس «القوات» نالَ ما أراد ولا باسيل قادِر على أن ينال ما كان يخطّط له. إلا أن جعجع وجدَ نفسه في وضع أفضل من وضع «غريمه» الذي أصبحَ «وحيداً» ويُمكن الاستفراد به. صحيح أن جعجع يرفض وصول أي رئيس يدعمه حزب الله أو يُسميه، لكن معركته الأساسية هي في منع باسيل من الوصول إلى بعبدا عبر المسيحيين ومعراب، ومنعه أيضاً من إحياء تحالفه مع حزب الله عبر العبور فوقَ الجسر المسيحي وجسر معراب»… عملياً هو «انتقام قواتي بمفعول رجعي»!.