صراعات الدم : عندما يستثمر “داعش” و”الاخوان” الصراعات الافريقية لنشر الارهاب ليبيا والسودان مثالا !

صراعات الدم : عندما يستثمر “داعش” و”الاخوان” الصراعات الافريقية لنشر الارهاب ليبيا والسودان مثالا !

تركيا تسعى لتوريط دول عربية في شبه جزيرة القرم الروسية؟
هل “إسرائيل” مستقلة فعلاً عن الولايات المتحدة؟
الزلازل السياسية بعد حرب غزة!

صراعات الدم : عندما يستثمر “داعش” و”الاخوان” الصراعات الافريقية لنشر الارهاب
ليبيا والسودان مثالا !
تؤكد حقائق التاريخ ووثائقه أن التنظيمات الارهابية بقيادة (داعش والاخوان ) يستثمرون عادة الصراعات الداخلية في البلاد العربية والاسلامية أقصي درجات الاستغلال ويكون الهدف دائما هو العودة الي تلك البلاد أو جعلها مركزا للانطلاق والتوسع في الاقليم والبلاد المجاورة ..خالقة حالة وبيئة من الارهاب والصراع الدامي ..لانها عادة لا تنمو الا في (الدم ) ومناخ الفوضي ولا يستقيم لها وجود الا بتفكك الدول وغياب السلطة والدولة والجيش المركزي ..وهذا ما جري في أغلب البلاد العربية(بإستثناء مصر ) أثناء ما سمي زيفا ب”الربيع العربي” ولم يكن في الواقع إلا “شتاء عربيا للارهاب وفوضى الدم” ولعل في تأمل نماذج كالعراق وسوريا وليبيا والسودان ما يؤكد ذلك ولكنا سنتوقف أمام أحدث فصول الارهاب الجديد القادم في كل من ليبيا والسودان لاننا تناولنا العراق وسوريا في دراسات سابقة ولان ليبيا والسودان تأثيرهما مباشر على الامن القومي المصري الذي هو هدفنا الرئيسي؛ دفاعا عنه وحماية له من خطر الارهاب “الداعشي” و”الاخواني” الجديد القادم من الجنوب والغرب هذة المرة، مستغلا الازمات والصراعات الداخلية فماذا عنه؟
تقول ملامح الازمة الليبية التي نتجت عما سمي بالثورة الليبية، وهي في حقيقتها لم تكن ثورة بل صراعا حول النفط وزرع الارهاب في ليبيا الدولة ذات الثقل والدور الافريقي المهم، تقول الازمة في فصولها الاخيرة أنه رغم الرحلات المكوكية والتدخلات السياسية للوسطاء الدوليين والافارقة لحل إشكاليات الصراع بداخلها حلاً سلمياً ، ورغم التفاؤل الذي يتمنّاه البعض- ونحن منهم – بأن يكون عامنا هذا (2023) عام انتخابات وتشكيل حكومة قوية حاكِمة لكل البلاد ، وأن يكون عام اندحار لجماعات الإرهاب على اختلافها وفي مُقدّمها “داعش”؛ إلا أن الحقائق على الأرض تقول بغير ذلك ، وبأننا سنشهد مزيداً من التفكّك للدولة الليبية التاريخية ومزيداً من الإرهاب الدموي والصراع المسلّح بين الفرقاء السياسيين الرئيسيين من جهة سواء أولئك الذين في في طرابلس أو في بنغازي، وبينهم وبين “أنصار الشريعة” و”القاعدة” و”داعش” وأجنحة “الإخوان” المُسلّحة من جهة أخرى ، إن ليبيا تنتظرها للأسف أوقات عصيبة على نقيض الصورة التي تُصدَّر للإعلام ،لأن الجميع، تحديداً الغرب الاوربي والامريكي، متورِّط في عدم حلّها حلاً سلمياً عادلاً . على أي حال إن ما نوّدّ لفت الإنتباه ، أن أحد أبرز الجبهات التي ستشهد قلاقل وتوتّرات حادّة تصل إلى حد الصراع الدامي هي جبهة الحدود الليبية مع الجيران جميعا، تونس – الجزائر – تشاد – مصر. ولأن ما يهمنا ويشغلنا هو الامن القومي المصري، فإن ما يهمنا التأكيد عليه هو الحدود المصرية – الليبية ،التي رغم سكونها الحالي الناتج من قوّة القبضة الأمنية والعسكرية المشتركة (جيش حفتر-جيش مصر)؛ الإ أن احتمالات تفجّرها وارِدة مع نموّ جماعات الإرهاب من العائدين من سوريا والعراق ؛ ومن المستغلين لاحداث السودان والصراع الداخلي بها .. الخطر قادِم على مصر من هذه الحدود ومن الحدود الجنوبية مع السودان كما هو قائم ومُزعج في سيناء . فماذا عن تلك المخاطر ؟
أولا: خطر “الدواعش” و”الاخوان” في ليبيا :
تُحدِّثنا الحقائق أن طول الحدود بين مصر وليبيا يبلغ نحو 1115 كيلومتراً، ويقع العبء الأكبر في تأمينها على الجانب المصري بسبب ضعف إمكانيات الجيش الليبي في الشرق، وانشغاله بمحاولة فرض الأمن والاستقرار وهزيمة الجماعات الإرهابية داخل عموم ليبيا.
بهذا المعنى فإن الحدود مع ليبيا تمثّل خطراً مباشراً على الأمن القومي المصري، خاصة أن جزءاً كبيراً من العناصر الإرهابية الآتية من عدّة دول في العالم، وتُقاتل حالياً في ليبيا، يحاول الدخول إلى الأراضي المصرية عبر المناطق الحدودية الهشَّة، والمعروف أنه باستثناء السلوم وسيوة، لا توجد مدن أو أية تجمّعات سكانية مصرية على طول الحدود المصرية الليبية. وتُعدّ منطقة بحر الرمال – بمُحاذاة الحدود مع ليبيا – التي يبلغ طولها نحو 150 كيلومتراً وعرضها نحو 75 كيلومتراً، أصعب ممر للعبور إلى داخل مصر، وخلال السنوات الأخيرة الماضية أعلنت مصر عن إحباطها عدداً من عمليات تهريب أسلحة وسيارات دَفْع رُباعي عبر الحدود مع ليبيا . هذه الجغرافيا الواسعة تمثل اليوم مصدراً للتهديد ومُنطلقاً للعمليات الإرهابية من تنظيمات متواجدة بقوّة في المدن الليبية القريبة من الحدود المصرية ، ومن أشهر تلك التنظيمات وفق خريطة توزيعها تأتي “داعش” و”القاعدة” والأجيال الجديدة منهم ، وهي جماعات تتواجد في مراكز تدريب عالية الخبرة بالقرب من الحدود مع مصر
إن ليبيا تعاني أيضاً من انتشار أنواع كبيرة من تجارة السلاح التي يرغب أصحابها في استغلال التوتّر الموجود على الحدود، والدخول بقوّة مع سلاحهم إلى مصر وقد وجِدَت بالفعل أنواع نادرة ومهمّة من الأسلحة في أيدي إرهابيي سيناء بما فيها صواريخ مُضادّة للطائرات وصلت إليهم من ليبيا . الأمر الذي يزيد من المخاطر والتهديدات التي تؤثّر على مصر في الجانب السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري.
يهمّنا هنا أيضاً أن نُنبِّه إلى أن الحدود البرية مع ليبيا تُعدّ من أطول الحدود المصرية بعد الحدود مع السودان الذي يعاني هو الاخر اليوم من أزمة صراعات داخلية دامية ومدمرة ، وهي تتمتّع بطبيعة طبوغرافية تصعب السيطرة الكاملة عليها ، والمعروف أن مصر تعرّضت لتهريب كميات كبيرة من الأسلحة منذ بداية ما يُسمَّى ب”الثورة” الليبية وعلى مدار السنوات الماضية . إن المستقبل إذن يحمل احتمالات تنامي العمليات الإرهابية على الحدود بين مصر وليبيا ، وهو ما يتطلب يقظة تامة وهو ما يقوم به بشجاعة وعلم وتضحية الجيش المصري العظيم.
ثانيا : “الدواعش” و”الاخوان” سيستغلون الصراعات في السودان :
مع بدء الازمة الداخلية السودانية بين الجيش الوطني وقوات الدعم السريع في 15/4/2023 توالت المشكلات الامنية القاتلة التي لم تطل السودانيين وحدهم بل والدول المجاورة أيضا ويكفي أن نعلم أن محصلة شهداء هذه الحرب الاهلية البائسة إقترب من الف شهيد وعشرة الاف جريح وقرابة ال3 ملايين نازح . وإذا علمنا أن دولة كبري من دول الجوار وهي مصر وحدها قبل بدء هذه الحرب البائسة (حرب الجنرالات !) تستضيف على أرضها أكثر من خمسة ملايين سوداني، فلنا أن نعلم حجم المعاناة للبلد المستضيف، أمنيا وإقتصاديا بعد إشتعال الازمة وإستمرارها !! ويضاف لذلك أن طول الحدود المصرية – السودانية يصل الي 1276 كم وهو ما يولد مشكلات أمنية استدعت يقظة كبري، إستطاعت الدولة والجيش المصري أن يوفره بما لديه من خبرات طويلة، مع مثل هذة الازمات وبما تتمتع به الدولة المصرية من خبرات وقدرات في اليقظة والمتابعة والمواجهة للمخاطر المحتملة على الامن القومي المصري خاصة أن بيئة الصراع في السودان ستمثل نقطة جذب مهمة لعناصر “داعش” و”الاخوان” والجماعات الارهابية والمرتزقة الجدد في المنطقة والعالم . وتتزايد إحتمالات إستيطان “الدواعش” وفلول “الاخوان” المسلحين بعد أنباء عن عمليات هروب لعدد من أنصار “التيار الإسلامي” المتطرفين، الذين كانوا موقوفين في السجون منذ إسقاط حكم البشير، وتحديدا من سجن “كوبر” وقد تكرر هذا السناريو في العراق عام 2012، وفي سوريا ومصر عام 2011، وبعدها بدأت فوضى الدم والارهاب “الداعشي” و”الاخواني” في الاندلاع، فأكلت الاخضر واليابس في العراق وسوريا وإمتدت الي دول الجوار لاكثر من عشر سنوات قاتلة.
إن الفوضى والحرب وغياب السلطة الواحدة والدولة المركزية كما هو الحال الان في السودان؛ يمثل بيئة ملائمة تماما لاجتذاب عناصر “داعش” و”الاخوان” والانطلاق من هناك الى باقي دول المنطقة بعد أن يكونوا قد أثخنوا السودان جراحا وفتنا وإرهابا. هذه الازمة بكل مآسيها وأحداثها وسناريوهاتها الدامية والتي قد تستمر لخمس سنوات، ستتفكك فيها دولة السودان الى عدة دويلات متناحرة، تستدعي يقظة عربية وإفريقية شاملة لانها ستطال الجميع؛ ليس فحسب في الاقتصاد والهجرة والسياسة بل وفي عودة الارهاب “الداعشي” و”الاخواني” مجددا وهو ما يمثل خطرا كبيرا على الامن القومي العربي والافريقي،.
رفعت سيد احمد، باحث وكاتب عربي من مصر

الأربعاء، 9 آب/ أغسطس، 2023

COMMENTS