افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 23 أيلول، 2024

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 23 أيلول، 2024

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 4 نيسان، 2017
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 7 حزيران، 2019
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 12 تشرين الثاني، 2022

وذكر إيتي أبو كسيس، الذي يسكن منذ نحو عام في «مورشت»، بعدما أُجلي من «كريات شمونه»، مع أولاده الخمسة وزوجته: «كنت في المنزل لأنني في عطلة نهاية الأسبوع من (الخدمة العسكرية في) الاحتياط. في الصافرة الثالثة ضرب الصاروخ المنطقة بالقرب منّا. جميع البيوت حولنا أصيبت، وبيتنا مليء بالشظايا، النوافذ طارت من مكانها. وسياراتنا احترقت. شعورنا صعب جداً، فلا بيت لنا في كريات شمونه التي تركناها منذ نحو عام ولا بيت لنا هنا. إنه شعور صعب بعدم الأمن».
وقال شمعون سفيسا من مستوطنة «سديه يعكوف»، التي سقط فيها صاروخ على بعد مئتي متر من منزله، في مقابلة مع راديو «103 أف أم» إن «صباح اليوم نظرت للسماء وحمدت الرب لأن الأمر انتهى هكذا، فقد كان في الإمكان أن ينتهي بطريقة صعبة جداً». (من ملف “الحساب المفتوح”)

الأخبار
الحساب المفتوح
ما يجب فعله… وما يريده الجمهور
عند كل اختبار مفصلي، تظهر من جديد، إشكالية خاصة بفهم حزب الله. هي إشكالية تخصّ الأعداء، ولكنها تظهر أيضاً عند من يفترض أنهم باتوا قريبين من عقله، وحتى من بعض قواعده. فكيف، وقد طرأ التوسّع الكبير، الذي شهدته المقاومة، عديداً وجمهوراً ومساحة عمل، حيث فُتحت أبواب سمحت بنمو هائل على مستوى القدرات البشرية والتسليحية. لكنها أتاحت المجال أمام العابثين الذين يبحثون عن ثغرات للنيل منها. وعند الاستحقاق، يخضع الجسم كله، لامتحان إلزامي لإظهار الحقائق الصلبة، كما يسقط المتسلّقون أو المنتفعون أو الذين يريدون ثمار الانتصارات، لكنهم يخافون التضحيات.في معركة إسناد غزة، تصرّف البعض كما لو أن الحزب يقوم بعمل لا يريده. فكّر هؤلاء أن قراره وليد حسابات سياسية طارئة. لم يفهم هؤلاء جوهر المقاومة وموقعها في الصراع، حيث يتقدّم الالتزام على كل اعتبار آخر، سياسياً أو إنسانياً أو أخلاقياً. ولأن المقاومة تفهم العدو جيداً، نتيجة خبرة عقود من المواجهة، فقد انخرطت في معركة هدفها كسر أي محاولة لخنقها، أو النيل من دورها المركزي في المعركة من أجل فلسطين، حيث يتوجب فتح الساحات وتوحيدها.
وما فعلته المقاومة خلال عام تقريباً عكس الفهم الواقعي لطبيعة الصراع مع العدو. وشكّل توحش العدو في غزة دليلاً إضافياً على صوابية القرار بإسناد غزة. وهي مهمة كان متوقّعاً لها أن تتطور وتتوسّع، لسبب بسيط، وهو أن الإسناد لم يكن عملاً صورياً كما يفكّر كثيرون. وربما يجدر بهؤلاء مراجعة سرديتهم، في ضوء ما يقوم به العدو الذي لم يعد قادراً على تحمل حرب الاستنزاف القاسية التي تقوم بها المقاومة.
عندما بادرت المقاومة إلى هذا الخيار، كانت تعرف طبيعة المواجهة، وطبيعة الأثمان، وهي اختارت تكتيكاً عسكرياً له انعكاساته على الكثير من خططها، وعلى طبيعة تشكيلاتها. وإذا كان العدو نجح في بعض عملياته الأمنية – العسكرية، فإن الأسئلة ضرورية حول سبب اضطراره للقيام بها، الآن، وعدم تركها إلى لحظة الحرب الشاملة، لأن هناك ما يعكس حجم المأزق الذي يجعل العدو يتصرف برعونة وتوتر، ويقدم على جرائم غير مسبوقة، مثل مجزرتي البيجر وأجهزة الاتصالات.
صحيح أن أعداء المقاومة لم يخفوا يوماً موقفهم القميء، وربما وجدوا في بعض نجاحات العدو فرصة للانقضاض عليها. لكنهم يفعلون ذلك من موقع الشريك في هذه الجريمة. وعليهم أن يعرفوا ذلك، وأن يتصرفوا على هذا الأساس. فنحن لسنا أمام نقاش حول قانون الانتخاب أو مشروع في وزارة خدمات، بل في قلب معركة يفرضها وجود هذا العدو هنا. وهي معركة ليست صنفاً يتم اختياره من قائمة طعام. ومن يعتقد أنه يمكن التعايش مع كيان متوحش يفعل ما يفعله في فلسطين، ويقدم على ما أقدم عليه في لبنان، فهو ليس ساذجاً أو خائفاً أو فاقداً للقدرة، بل خانع ومتورّط في الجريمة.
في قلب هذا النقاش، ثمة أسئلة وهواجس برزت لدى جمهور المقاومة، بين من يبدي قلقه بعد العمليات الناجحة للعدو، ومن يستعجل ردوداً معينة تستهدف زرع صورة استعراضية يمكن استخدامها في سجال السردية مع الخصوم والأعداء. لكن، يجب العودة إلى أصل الموضوع، حيث يفترض بجمهور وقواعد المقاومة وداعميها، أن يحسموا أمر ثقتهم بقيادتها، وهي قيادة مُجرّبة، وقد خبرناها خلال أربعة عقود من الحروب الكبرى، فنجحت في صوابية الخيارات والبرامج، وأذهلتنا بقدرتها على العمل تحت الضغط الكبير، وتحقيق الانتصارات، كما علّمتنا أهمية التفكير بعقل بارد لا تحكمه الانفعالات في لحظة القرار، عدا أنها قيادة أكّدت لنا، بالدم، أنها مستعدة لتحمّل المسؤولية المباشرة، وتحمل الأثمان من أجساد القياديين فيها، وعائلاتهم وأرزاقهم. وليس من دليل أقوى مما نراه في أيامنا هذه.
وفي الجانب المتعلق بمعالجة أسباب الخلل، فهو جهد أمني وسياسي ومهني وتقني. وهو عمل دقيق يحتاج إلى خبرة خاصة. وتملك المقاومة سجلّاً كبيراً من الكفاءة والمهارة والخبرة بما يسمح بالوصول إلى نتائج دقيقة في وقت غير بعيد. لكنه عمل، وإن جرى في ظل الحرب، يبقى لأهل الاختصاص. وليس من فائدة في الغرق في تفاصيله، خصوصاً من قبل من لا يملك الأدوات المناسبة للتعامل معه. مع الأخذ في الاعتبار أن قيادة المقاومة لم تمارس الإنكار، ولم تهرب من المسؤولية، وهي تصرّفت بشجاعة حيال قساوة ما حصل.
لكن ما هو أهم يتعلق بردّ المقاومة. وهي مهمة تنطلق من قاعدة أساسها تأمين استمرارية إسناد غزة. ويضاف إليها الفصل الجديد من التحدي العلني، بمنع العدو من إعادة مستوطنيه قبل وقف الحرب على غزة. وفيها ما هو أهم، لجهة إعادة برمجة آليات العمل، بما يتناسب مع قرار العدو توسيع المعركة. وهو قرار اتُّخذ، وباشرت المقاومة برنامج عمل جديداً، وما على الجميع إلا ترقب الأفعال في الميدان. وما فعلته المقاومة خلال الساعات الـ 72 الماضية، لا يتعلق فقط بتأكيد القدرة على مواصلة القتال، بل في استئناف العمل وفق آليات جديدة، تحفظ ما يجب حفظه من الدفاتر السابقة وتفتح الباب أمام فصول جديدة يكتبها جيل جديد من القادة.
لا يوجد وهم عند أحد بشأن قرار العدو السير في قرار التصعيد. بل هناك مؤشرات إلى استعداد العدو للقيام بعمليات جديدة، ربما تكون قاسية أيضاً، ولكن ما يجب الالتفات إليه، هو أن العدو نفّذ أكثر من عشرة آلاف غارة خلال 11 شهراً، وقتل قادة وكوادر ومقاتلين. لكنه، لم ينجح مرة واحدة في منع المقاومة من تنفيذ عملية، سواء كانت على شكل إطلاق صواريخ موجّهة، أو إطلاق قذائف مدفعية عادية، أو تفعيل منصات الصواريخ، علماً أنه حتى قبل أيام قليلة، لم تكن المقاومة قد لامست بعد منشآتها الخاصة بالحرب الكبيرة. وهي ما يجب على العدو انتظار اختبارها.
الأخبار
الحساب المفتوح
واشنطن تغطّي قراراً إسرائيلياً بالتصعيد.. والعدو يسعى لاحتواء قصف حيفا
قاسم: دخلنا معركة الحساب المفتوح
بعد أيام على إعلان العدو دخول الحرب مع لبنان مرحلة جديدة، قبلت المقاومة التحدي، وأعلنت من جانبها الدخول في مرحلة جديدة، دشّنتها بقصف منطقة حيفا بصواريخ ثقيلة، في سياق ما أسماه حزب الله معركة الحساب المفتوح. وهو ما أكّده نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في كلمته خلال تشييع القائد الجهادي إبراهيم عقيل.وبعد ساعات من جنون الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت ما قال العدو إنه منصات معدّة للإطلاق، دشّنت المقاومة المرحلة الجديدة بقصف قاعدة «رامات ديفيد» الجوية في شرقي حيفا، ومجمع الصناعات العسكرية ‏لشركة «رفائيل» المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية الواقعة في منطقة زوفولون شمال حيفا. وأعلنت المقاومة إدخال عشرات الصواريخ من نوع «فادي 1» و«فادي 2»، إلى الخدمة، للمرة الأولى منذ حرب تموز 2006.
وقال الشيخ قاسم، خلال مراسم تشييع الشهيدين عقيل ومحمود حمد، إنّ «إسرائيل ارتكبت 3 جرائم حرب مؤلمة بالنسبة إلينا، وهي تمثّل أعلى درجات التوحّش»، إذ «استهدفت الأطفال والمسعفين والصيدليات والمنازل وكل حياة شريفة آمنة ولم تستهدف المقاتلين فقط». وذكر أنّ إسرائيل «كانت تريد من عملية الاعتداء على قادة الرضوان شلّ المقاومة وتحريض بيئتها عليها وإيقاف جبهة المساندة لغزة لإعادة سكان الشمال، لكنّ المقاومين عطّلوا هذه الأهداف». وقال: «عدنا أقوى والميدان سيشهد بذلك». وشدّد على أنّ «جبهة الإسناد اللبنانية مستمرّة مهما طال الزمن إلى أن تتوقف الحرب على غزة»، مضيفاً: «لن نحدّد كيفية الرد على العدوان، ودخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح»، وتابع: «ما جرى ليلة أمس دفعة على الحساب في معركة الحساب المفتوح، وراقبوا الميدان».
وكانت المقاومة قصفت بالصواريخ الثقيلة مواقع عسكرية وصناعية عسكرية، بعد ساعات من الغارات المعادية على أكثر من 230 هدفاً، قال العدو إنه ضربها في الجنوب. وأعلن جيش الاحتلال، أن المقاومة أطلقت نحو 120 صاروخاً من جنوب لبنان، منها نحو 30 صاروخاً أُطلقت باتجاه المنطقة الوسطى قرب حيفا. فيما دوّت صافرات الإنذار في كامل الشمال المحتل، ابتداء من منطقة حيفا والعفولة، وصولاً إلى إصبع الجليل والجولان السوري المحتل، ما دفع بنحو مليون مستوطن إلى الملاجئ والأماكن المحمية. وسُجّل سقوط صواريخ في 5 مواقع على الأقل، في المنطقتين المستهدفتين قرب حيفا، بينما أظهرت مقاطع الفيديو التي صوّرها المستوطنون دماراً كبيراً في المباني والسيارات. وعلى الأثر، أعلنت «جبهة العدو الداخلية»، تمديد إغلاق المدارس في الشمال، وإدخال المستشفيات في حالة الطوارئ، ونقل بعضها إلى الأماكن المحمية. كما تمّ استدعاء آلاف الجنود والعاملين ضمن الجبهة الداخلية. وتقرّر «تقليل كميات المواد الخطيرة القابلة للانفجار في معامل حيفا، وفرض رقابة وتشديدات على إدخالها»، بحسب قناة «كان» التي أشارت إلى أن «حيفا ومحيطها قد يصبحان كصفد وروش بينا، بحيث يستهدفها حزب الله بشكل دائم حتى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار».
وأمس، عقدت القيادات الإسرائيلية، السياسية والأمنية، اجتماعات هدفت «إلى تحديد الاستراتيجية الشاملة بشأن حزب الله»، وأُعلن في كيان الاحتلال، أنه تقرر «التصعيد التدريجي دون دخول حرب شاملة». فيما أعرب وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، عن دعمه لـ«حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها إزاء هجمات حزب الله»، مشيراً في الوقت عينه، إلى «أهمية إيجاد حل دبلوماسي لتمكين السكان من العودة شمالاً». وأفادت «القناة 12» بأن «إدارة بايدن أبلغت إسرائيل عدم دعمها دخول الحرب استباقياً، أو تعمّد الانجرار إلى حرب شاملة»، وأشارت «القناة 13» إلى استعداد «لليلة أخرى من التصعيد في شمال البلاد، ويتوقّع توسّع رقعة القصف من حزب الله لشمال البلاد». وفي سياق متصل، نقلت صحيفة «إيكونوميست» عن مصادر عسكرية قولها إن «إسرائيل تخطّط لهجوم بري يشمل الاستيلاء على مناطق من بضعة أميال في عمق أراضي لبنان». ونقلت الصحيفة عن ضابط احتياط إسرائيلي أن «خطط الغزو جاهزة، ولكن لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه قبل أن يكون لدينا ما يكفي من قوات لتطبيق ذلك».
من جهته، قال نتنياهو إن «تل أبيب وجّهت خلال الأيام الماضية إلى حزب الله ضربات لم يكن يتخيّلها»، مضيفاً: «إذا لم يفهم حزب الله الرسالة، أعدكم بأنه سيفهمها». بينما قال غالانت، إن «حزب الله بدأ يستشعر بعض قدراتنا». أما هاليفي، فقال إن الاغتيال في الضاحية هو «رسالة واضحة إلى حزب الله، وإلى الشرق الأوسط برمته. بل وأكثر من ذلك: سنعرف كيف نصل إلى كل من يهدّد مواطني إسرائيل». وأضاف: «منذ أشهر، كنا نعمل على تآكل القدرات التي بناها حزب الله على مدى عقود، طبقة بعد طبقة. نحن نُبعد حزب الله عن الخط الحدودي». لكن بعد دقائق قليلة من تصريحات هاليفي، خصوصاً حول إبعاد حزب الله عن الحدود، كشفت وسائل إعلام العدو عن إصابة نحو 5 جنود إسرائيليين بصاروخ مضادّ للدروع أُطلق باتجاههم من المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، وتمّ نقلهم بمروحية إلى مستشفى رمبام، في حين أعلنت المقاومة تنفيذ عدة عمليات باتجاه المواقع العسكرية الحدودية، واستهداف مواقع العدو بالصواريخ وقذائف المدفعية، إضافة إلى استهداف دبابة إسرائيلية في موقع المرج، بصاروخ موجّه، ما أدى إلى مقتل وجرح من فيها.
الأخبار
الحساب المفتوح
خبراء العدوّ: التصعيد فيه عيوب وأميركا قلــقة
بعد وصول صواريخ المقاومة الثقيلة إلى منطقة حيفا، انشغل المحلّلون والخبراء الإسرائيليون في قراءة أحوال «جبهة الشمال». وأجمعوا على أن إسرائيل لم تتجه بعد إلى الحرب الشاملة مع لبنان. لكنهم أجمعوا أيضاً على اعتبار أن سياسة توجيه الضربات والتصعيد الكبير محفوفة بالمخاطر وتحتوي على ثغرات. وإلى جانب التعليقات التي أشارت إلى قدرة حزب الله على التكيّف مع الضربات وإيجاد البدائل للقادة الذين تغتالهم إسرائيل، قال المحلل العسكري في «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور إن إسرائيل وجّهت «ضربات شديدة إلى حزب الله في الأيام الأخيرة، لكنها لم تؤدِّ حتى الآن إلى الانعطاف الإستراتيجي المرجوّ». ورأى أن «إسرائيل توسّع بشكل متعمّد الرهان مقابل حزب الله، وتسعى إلى حشره في الزاوية للتوصل إلى اتفاق يسمح بإبعاد عناصره عن الحدود وإعادة سكان الشمال إلى بيوتهم»، مشيراً إلى أن «هذا خط متشدّد ومختلف جوهرياً عن الطريق المدروسة والحذرة التي اتّبعتها إسرائيل حتى الآن»، مضيفاً أنه «ينطوي على مزايا وعيوب». ورأى ليمور أن مزايا هذا الخط هي إعادة «المبادرة» إلى أيدي إسرائيل والتخلّي عن «سياسة المعادلات» في الشمال، فيما عيوبه تتمثّل «بفقدان أوراق مساومة كان يفترض أن تستخدمها إسرائيل في الحرب». ورأى أن العيب الأبرز هو «إمكانية أن يُحشر حزب الله في الزاوية، ويفتح حرباً شاملة ستكون أثمانها كبيرة في الجانب الإسرائيلي أيضاً». واعتبر ليمور أن «عدم الردّ الفوري من جانب حزب الله لا يشير إلى ضعفه»، بل إنه «فيما تبحث إسرائيل عن نتائج فورية كي تغيّر الواقع في الشمال، يبدو مريحاً لحزب الله إبقاء الواقع الحالي على حاله، أي امتصاص الاستهداف (…) شريطة أن يحافظ على الإنجاز الإستراتيجي المتمثّل باحتلال الجليل الذي هو أمر لا يُحتمل بالنسبة إلى إسرائيل».
بدوره، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن «الكثيرين في القيادة الإسرائيلية لا يعارضون بالضرورة سيناريو الحرب الشاملة، بعد سنة محبِطة ومن دون حسم في الشمال». ورأى أن «أسلوب المعادلات الذي يمارسه نصرالله أفلس، ويُرجَّح أنه رأى بأنه ملزم بالرد بقوة ضد أهداف في وسط البلاد أو في منطقة حيفا، ورغم ذلك فإن حزب الله لم يتجاوز بعد خطاً أحمر باستهداف مدنيين». وأشار هرئيل إلى أن «التعليمات التي وجّهها الكابينت السياسي – الأمني للجيش، قبل عدة أيام، لم تتحدث عن تصعيد آخر، وإنما حصرت الأمر بعمليات هجومية محدودة، بانتظار إدراك كيفية تأثيرها على نصرالله»، مشيراً إلى أنه «هذه المرة، الجيش الإسرائيلي هو الذي قاد الخط الهجومي». ولفت هرئيل إلى «وجود خلافات حول أي مدى يمكن استغلال حالة الضعف التي وصل إليها حزب الله، وهل بالإمكان المخاطرة بحرب إقليمية من أجل زيادة استهداف قدرات حزب الله الهجومية التي من شأنها أن تستهدف إسرائيل في المستقبل». وأضاف أن «الخلافات موجودة أيضاً داخل هيئة الأركان العامة، حيث يطالب قائد سلاح الجو، تومير بار، وقائد القيادة الشمالية، أوري غوردين، بشن عمليات حازمة أكثر»، في موازاة «تقليص نتنياهو حرية عمل وزير الأمن، يوآف غالانت، عندما سرّب ضدّه، متّهماً إياه بأنه يضع مصاعب أمام عمليات هجومية في لبنان».
أما رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق عاموس يدلين، فقد رأى أن «على المؤسسة الأمنية أن تثبت لحماس أنه لا فرصة لتصعيد إقليمي»، مشيراً إلى أن «حزب الله يحاول الحفاظ على معادلة مواقع عسكرية مع تقليل خطر الانزلاق إلى تصعيد غير منضبط». واعتبر يدلين أن «الحرب في الشمال سيناريو غير مرغوب فيه حتى بالنسبة إلى إيران»، في حين أن «إسرائيل لم تبلغ واشنطن بشأن خطتها في لبنان، وواشنطن مستاءة خشية اندلاع حرب تضرّ بفرص انتخاب المرشّحة الديمقراطية كامالا هاريس».
وعلى صعيد متصل، قال مسؤولون أميركيون كبار لموقع «واللا» العبري إن واشنطن تأمل في «استخدام الضغط العسكري الإسرائيلي المتزايد على حزب الله للتوصل إلى حل دبلوماسي يسمح بعودة المواطنين إلى منازلهم على جانبي الحدود». ووفقاً للتقرير، يدّعي مسؤولون إسرائيليون أن «الضربات المتصاعدة ضد حزب الله في الأيام الأخيرة ليست بهدف إشعال حرب واسعة، بل هي محاولة لاحتواء التصعيد عبر التصعيد نفسه». وأضاف المسؤولون الإسرائيليون أن تل أبيب «تعتقد بأن ممارسة مزيد من الضغط على حزب الله قد تدفعه إلى الموافقة على اتفاق دبلوماسي». وبحسب التقرير، أجرى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، ووزير الدفاع، لويد أوستن، ومستشارا الرئيس بريت ماكغورك وعاموس هوكشتين محادثات مع نظرائهم الإسرائيليين يومي الجمعة والسبت الماضيين. وعبّر المسؤولون الأميركيون عن «تفهّمهم وموافقتهم على السياسة الإسرائيلية»، لكنهم شدّدوا على أن «هذا يتطلب توازناً حساساً ودقيقاً للغاية، حيث يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة بسهولة، ما يؤدّي إلى حرب شاملة». ووفقاً لمسؤولين أميركيين، تحدّثوا لـ«واللا»، فإن «الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل أن مثل هذه الحرب لن تساعدها في تحقيق هدفها بإعادة النازحين»، في حين يزعم المسؤولون الأميركيون أن «تأثير الولايات المتحدة على القرارات العسكرية الإسرائيلية محدود، ولذلك يركّزون على التوصّل إلى تفاهمات مع القيادة الإسرائيلية بشأن درجات التصعيد».
الأخبار
الحساب المفتوح
العالم يتفرّج وفرنسا تتسلّى: توقّفوا عن نصرة غزة
باتت المنطقة بأسرها تقف على «إجر ونص» بعدما ذهب العدو بعيداً في عدوانه على لبنان. واستنفرت العواصم الغربية الحريصة على كيان الاحتلال، في محاولة جديدة للضغط على لبنان من أجل التنازل، موحية بأنها تفعل الأمر نفسه مع كيان الاحتلال. لكنّ خطوط التواصل الجدية متوقّفة تماماً. ويقول مسؤولون إن الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين، لا يزال غائباً عن السمع منذ زيارته الأخيرة لتل أبيب. فيما يسلّي سفراء الدول في لبنان أنفسهم بحديث مكرّر عن المخاطر والتحديات. وكما في كل مرة، يتنطّح الجانب الفرنسي بادّعاء القدرة على لعب دور فاعل. أما فعلياً، فقد كرّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اتصالين مع الرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط نقل الرسالة الإسرائيلية ذاتها بأن «على حزب الله أن يغلق جبهة الجنوب ويذهب إلى اتفاق على الحدود لمنع حصول أي تدحرج دراماتيكي ستكون نتائجه كارثية على كل العالم».ومع ذلك، فإن الخشية الأميركية من تعاظم المأزق الإسرائيلي انعكست في تصريح المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي الذي قال إن «التصعيد العسكري ليس في مصلحة إسرائيل»، وإن بلاده «لا تعتقد بأن تصعيد النزاع العسكري يصبّ في مصلحتها، هذا ما نقوله مباشرة لنظرائنا الإسرائيليين»، مجدّداً دعوته إلى التوصل إلى «مخرج دبلوماسي للنزاع». كما حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرتش من خطورة تحوّل لبنان إلى غزة جديدة. فيما شدّد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، على «أننا نريد وقفاً فورياً لإطلاق النار في لبنان لبدء العمل على المسار السياسي».
وفي السياق، كرّرت دول عدة من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا والأردن مطالبة رعاياها بمغادرة لبنان فوراً، فيما حدّثت الفرق الأمنية في سفارات غربية كثيرة «خطط الإجلاء» في حالة الطوارئ.
الأخبار
الحساب المفتوح
حزب الله يبدّد رهانات العدو: نحو ردود تصاعدية
أظهر الردّ الصاروخي لحزب الله ليل الأحد، كـ«دفعة على الحساب»، أن الضربات التي وجّهها العدو الأسبوع الماضي لم تؤثّر في إرادة القرار لدى المقاومة، على خلاف ما كان يطمح ويراهن عليه، بالتأثير في حسابات قيادة حزب الله وتقديراتها للتراجع عن مواصلة إسناد غزة، أو على الأقل الإقدام على خطوات ما إلى الوراء تشكل مؤشراً إلى هذا الاتجاه لاحقاً. إلا أن المواقف الحاسمة للحزب وردّه الميداني أظهرا أنه ماضٍ في خياراته أياً كانت العواقب والتضحيات والتداعيات، وأن منظومته القيادية تحافظ على تماسكها وصلابتها وحكمتها حتى في ذروة الضغوط العسكرية والنفسية.الردّ وما توعّد به نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أظهرا أيضاً أن الحزب لا يزال يحافظ على منظومة القيادة والسيطرة، كذلك على خلاف ما راهن العدو على تحقيقه من خلال سلسلة الاعتداءات غير المسبوقة (بدءاً بمجزرتي الـ«بايجر» واللاسلكي)، لإرباك الأداء العملياتي بما يمنح العدو تفوّقاً يمكن توظيفه في رفع منسوب الضغوط.
شكَّلت هذه المحطات ورهاناتها ونتائجها مناسبة لتظهير بعض ما يتمتّع به حزب الله من صلابة ومرونة في آن، وأظهرت قدرة استثنائية على الاستيعاب والتكيّف ستكون موضع دراسة وتأمل لدى خصومه وأعدائه. وعلى المستوى العملياتي، أظهرت الدفعات الصاروخية أن كل الحملة الجوية التي نفّذها العدو لم تنجح في إرباك قدراته العملياتية، وأن العدو يعاني فعلياً من محدودية استخبارية على مستوى الميدان، وفقد عنصر المفاجأة الميدانية والتكتيكية الذي كثيراً ما كان ولا يزال يراهن عليه.
من أهم ما تمّ اختباره في الأيام الماضية، أيضاً، أن بيئة المقاومة أظهرت التفافاً حولها وتفانياً قلّ نظيره وأنها تزداد صلابة مع التحديات، وهو من أهم العوامل والمؤشرات التي تكشف عن اتجاه هذه المعركة وآفاقها.
ومن الرسائل المهمة التي كشفتها الأيام الماضية أيضاً أن العدو أصبح أكثر إدراكاً لخيبته مما افترضه أوراقاً يمكن استخدامها كخيارات حاسمة في المنعطفات المفصلية. ولذلك، يمكن القول إن العدو، بعد مجزرتي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وجد نفسه أمام محطة جديدة على مستوى القرارات، لذلك أتبعهما بخطوات عدوانية لاحقة، على أمل أن يحقق تراكم الضغوط وتسارعها شيئاً ما في هذا الاتجاه.
لكن، بعد الدفعات الصاروخية، باتت المعضلة محكمة الإغلاق انطلاقاً مما حملته معها من رسائل تشير إلى آفاق هذه المعركة، بما بات معه العدو في ضوء ذلك، أمام مروحة خيارات:
– إن تراجع – وهو ليس في هذا الوارد حتى الآن – ووافق على وقف العدوان على غزة، سيشكل ذلك هزيمة مدوّية له، تسبّب بها لنفسه عندما أصرّ على عدم التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس.
– وإن عاد وتكيّف مع منسوب الاستنزاف الذي كان قائماً ولا يزال، سيكشف ذلك محدودية خياراته ويساهم في تقويض صورته الردعية. وهذا مسار سيساهم أيضاً في استمرار تآكل هيبة إسرائيل وصورتها الإقليمية، ومن ثم العودة ولو لاحقاً إلى تسوية بحسب ثوابت حركة حماس وفصائل المقاومة في غزة.
– وإن أصرّ على مواصلة التصعيد بالمنسوب الذي نشهده، فقد شكّلت «الوجبات» الصاروخية التي أطلقها حزب الله باتجاه قاعدة رمات ديفيد ومنشآت «رفائيل» (سلطة تطوير الوسائل القتالية) مؤشراً إلى أن قواعد الاشتباك في الرد على اعتداءاته قد تغيّرت، وأنه سيُقابل بردود تصاعدية تراكمية متواصلة، ستكون ساحتها عمقه الاستراتيجي، وستكون أهدافها وأدواتها ووتيرتها وفق الإيقاع الذي تحدده قيادة حزب الله.
في الخلاصة، العنوان الأكثر تعبيراً عن واقع المشهد الميداني وآفاقه هو «الحساب المفتوح» الذي أطلقه حزب الله على المرحلة الجديدة التي دخلتها المعركة. وهو عنوان يجمع بين طياته مروحة من الخيارات المفتوحة يواصل فيها حزب الله جبهة الإسناد والمواجهة، بالتوازي مع خيارات مفاجئة «من خارج الصندوق»، يُصفّي من خلالها حساباته مع العدو «من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون». وهذا ما يفرض مواكبة لكل محطة يمكن أن تتحوّل إلى منعطف في هذا الاتجاه أو ذاك. وبالإجمال، يمكن القول فعلاً إن المرحلة الجديدة التي دخلتها المعركة بين حزب الله وكيان العدو ستكون لها تداعياتها أيضاً على مستوى تقديرات وخيارات القيادتين السياسية والأمنية في تل أبيب وواشنطن.
الأخبار
الحساب المفتوح
واشنطن تكذب وتشارك في «المُقامرة» الإسرائيلية
لم تكن «المُقامرة» الأميركية – الإسرائيلية في ما يتعلق بالحرب مع حزب الله واضحة كما هي حالها اليوم. فبعدما أمضت واشنطن الأشهر الماضية في الترويج لـ«حل ديبلوماسي»، و«نيّتها» منع توسيع رقعة الصراع يين الطرفين، ها هي اليوم «تحتضن» التصعيد الإسرائيلي الأخير، مراهنةً على أنّ الوحشية الإسرائيلية قد تُجبر حزب الله على «التراجع» عن دعم المقاومة في غزة. وفيما أبلغ مسؤولون أميركيون موقع «أكسيوس» الأميركي، السبت، أنّ إدارة جو بايدن «قلقة للغاية» من خطر اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل ولبنان، لفتوا، في المقابل، إلى أنّهم يأملون أن يؤدي «الضغط العسكري الإسرائيلي المتزايد على حزب الله» إلى انتزاع اتفاق ديبلوماسي يعيد «المدنيين إلى ديارهم» في الشمال. ويقرّ المسؤولون الأميركيون بأنهم يتبنّون «المنطق» الإسرائيلي الحالي الذي يقوم على مبدأ «خفض التصعيد من خلال التصعيد»، والذي قد يجبر، طبقاً لهؤلاء، حزب الله على الموافقة على اتفاق «ديبلوماسي» بعيداً عن التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة، علماً أنّ المسؤولين الأميركيين يقرّون بأنّ هذا الرهان «صعب للغاية»، نظراً إلى أنّ الأمور يمكن أن تخرج عن السيطرة بـ«سهولة»، وتؤدي إلى حرب شاملة.وإلى جانب تبنّيهم لـ«المخطط» الإسرائيلي، يحتفي صناع السياسة في واشنطن، علناً، بـ«الأهداف» التي تحصدها حليفتهم، ولا سيما عندما تشمل تلك الأهداف شخصيات «أوجعت» واشنطن في السابق، بغضّ النظر عمّا إذا كان استهدافها يخاطر بجعل الحرب تخرج عن السيطرة. في السياق، رحّب مسؤولو إدارة بايدن باستشهاد القيادي في حزب الله، إبراهيم عقيل، معتبرين أنّ قتله هو بمثابة «إحلال للعدالة»، بسبب دوره المزعوم في التفجيرات التي استهدفت السفارة الأميركية في بيروت، في نيسان 1983، وفي الهجوم على ثكنة لمشاة البحرية الأميركية في تشرين الأول 1983. وعبّر مستشار الأمن القومي للإدارة الأميركية، جيك سوليفان، عن ذلك بوضوح، معتبراً أنّه «في كل مرة يتم فيها تقديم إرهابي قتل الأميركيين إلى العدالة، نعتقد أنّ ذلك يكون جيداً».
«التناقض» الأميركي
وكتبت صحيفة «بوليتيكو» أنه فيما يقلّل المسؤولون في إدارة بايدن، في العلن، من أهمية التوترات المستمرة بين إسرائيل وحزب الله، فإنّهم يقرّون، في الخفاء، بأن الضربات الأخيرة تمثل انتكاسة كبيرة لجهود واشنطن المستمرة منذ نحو عام لتجنب حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، لافتين إلى أنّه سيكون من الصعب «خفض التصعيد» في المستقبل القريب. وفي مؤشرات إضافية إلى «التضارب» بين تصريحات واشنطن والوقائع الميدانية المستجدة، والتي تعيها الإدارة الأميركية جيداً، نقلت الصحيفة نفسها، في تقرير منفصل، عن مسؤولين أميركيين آخرين قولهم إنّ من المتوقع أن ترتفع وتيرة القتال بـ«شكل كبير» في الأيام المقبلة، ما قد يؤدي إلى اندلاع حرب شاملة بين الجانبين. وطبقاً للمصدر نفسه، فإنّ الهجمات الأخيرة هي بمثابة «ضربة افتتاحية لحملة عسكرية إسرائيلية أوسع نطاقاً»، لتقويض قدرات حزب الله القتالية، فيما تجري واشنطن محادثات مع إسرائيل وحلفائها الإقليميين لمحاولة منع اندلاع مواجهة مباشرة بين الجانبين، ما يجعل التقييمات الخاصة تتناقض، طبقاً للصحيفة، مع الرسائل الرسمية الصادرة عن الإدارة، حول أنّ «الديبلوماسية لا تزال قادرة على منع المزيد من إراقة الدماء».
وفي خضمّ فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها في غزة، ووضع أهداف «طموحة» في ما يتعلق بحزب الله، وعلى رأسها إعادة المستوطنين إلى الشمال، وفك الارتباط بين جبهتَي لبنان وغزة، يبدو أنّ الإحباط الإسرائيلي انعكس رغبةً لدى صنّاع السياسة في الكيان بشنّ «حرب شاملة» مع لبنان. في الإطار، نقلت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية عن سياسيين وعسكريين إسرائيليين قولهم، في الأيام الأخيرة، إنّ «استراتيجية البلاد يمكن أن تشمل تصعيداً أكبر للصراع، قد يصل إلى حدّ اندلاع الحرب الشاملة». ولفتت إلى أنّ معظم المحللين الإسرائيليين، و«أغلبية» الجمهور الإسرائيلي، بحسب الاستطلاعات، يرون في «الحرب الشاملة مع حزب الله ضرورة استراتيجية»، فيما تبقى مسألة التوقيت وحدها العالقة. وبحسب مراقبين، تنبع «الحاجة الواضحة» لمهاجمة حزب الله من ضرورة إخراج «الجماعة من حلقة النار الأوسع المدعومة من إيران، والتي تحيط بإسرائيل». وفي تقرير منفصل، نقلت الصحيفة نفسها عن مايكل ميلشتاين، وهو ضابط مخابرات إسرائيلي سابق، قوله إنّ «إسرائيل تريد فعلياً إلحاق الضرر الوظيفي والعسكري بحزب الله»، إلا أنّ العديد من المخاطر تحيط بها أيضاً، ولا سيما في حال انزلاقها إلى تصعيد واسع، ربما إقليمي، من دون استراتيجية واضحة». وأضاف: «رأينا ما حصل في غزة. بدأت الحرب بشكل جيد باحتلال ما يقرب من نصف القطاع، لكننا الآن في حرب استنزاف»، محذّراً من أنّه من دون استراتيجية ستجد إسرائيل نفسها «في حرب غير واضحة، ذات كلفة باهظة، وتتسبب لها بالكثير من المشاكل مع الحلفاء، ومن دون أهداف ملموسة»، ما سيشكل «كارثة» بالنسبة إليها.
الأخبار
الحساب المفتوح
مواجهة في جنيف: إسرائيل مجرمة حرب
خاضت البعثة اللبنانية إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، خلال انعقاد الدورة العادية الـ 57 للمجلس، مواجهة مع البعثة الإسرائيلية على خلفية المجزرة التي ارتكبها العدو الأسبوع الماضي بتفجير أجهزة الـ«بايجر» واللاسلكي. وعرضت البعثة أمام المجلس حجم الإصابات ونوعيتها، واعتبرت أن العدو الإسرائيلي قام بجريمة حرب بعدما «تعمّد محاولة قتل الآلاف من المدنيين وترويع مجتمع بأكمله، في مخالفة غير مسبوقة نوعاً وحجماً لكل القوانين الدولية لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني»، و«الأخطر أن هذا التفخيخ يشكل سابقة تهدد مستقبل الإنسانية جمعاء من خلال استخدام وسائل الاتصال لارتكاب القتل الجماعي، وتؤشر إلى مدى النية الجرمية لدى العدو». وشهدت الجلسة ردوداً متبادلة بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي بعدما حاولت رئيسة الأخير إثارة حادثة سقوط صاروخ في ملعب لكرة القدم في قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل في 28 تموز الماضي، واتهمت حزب الله الذي وصفته بأنه «منظمة إرهابية» بالوقوف خلفها. وردّ مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة في جنيف سليم بدورة على اتهامات العدو لحزب الله بالإرهاب بأن «لبنان ليس في وارد تلقّي مواعظ ومحاضرات من قبل دولة قائمة بالاحتلال». ولفت إلى أن قوات الـ«يونيفل» والـ«أوندوف» أو أي جهة دولية محايدة لم تثبت المزاعم بأن الصواريخ التي سقطت في مجدل شمس انطلقت من الأراضي اللبنانية. وأكدت ممثلة بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة في جنيف رنا خوري، أن حزب الله «جزء أساسي من النسيج السياسي والاجتماعي اللبناني، وتحاول القوة المحتلة دائماً تشويه صورته لأنها مستاءة من دوره الأساسي في مقاومة العدوان الإسرائيلي المستمر واحتلاله لأجزاء من جنوب لبنان»، ودعت المجلس إلى أن لا يغفل أن هذه الادّعاءات تأتي في وقت تلاحق فيه محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية إسرائيل بتهم ارتكاب جريمة إبادة، ما ينفي صدقية أي ادّعاءات إسرائيلية.
وبعدما ردّ الوفد الإسرائيلي مكرّراً الاتهامات حول حادثة مجدل شمس، ردّ الوفد اللبناني بأن إسرائيل تحاول أن تشتت انتباه المجلس عن الغارة التي شنتها على الضاحية الجنوبية الجمعة الماضي، ما أدى إلى استشهاد عشرات المدنيين، ولفت إلى موقف مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الذي اعتبر فيه أن جريمة أجهزة الاتصال «تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني». كما عرض الوفد للبيان الذي كان صدر للتوّ عن «المقررين الخاصين»، وهم الخبراء الدوليون في قضايا حقوق الإنسان الذين يعيّنهم المجلس، والذين وصفوا في موقفهم الموحّد تفجيرات أجهزة الاتصال بـ«الانتهاكات المرعبة للقانون الدولي التي تشكل جريمة حرب»، تُضاف إلى جريمة حرب أخرى هي «ترويع المدنيين لتهديدهم أو منعهم من دعم أحد أطراف النزاع»، ودعوا الأمم المتحدة للقيام بـ«تحقيق عاجل في هذه الانتهاكات»، و«ملاحقة كل من أمر ونفّذ هذه الاعتداءات».
الأخبار
الحساب المفتوح
«رافائيل» مفخرة الكيان العسكرية في مرمى نيران المقاومة
من بين الأهداف الاستراتيجية التي استهدفها الهجوم الصاروخي للمقاومة، ليل الأحد، «مُجمعات الصناعات العسكرية لشركة رافائيل المتخصّصة في الوسائل والتجهيزات الإلكترونية» في شمال مدينة حيفا. ضربة معنوية قبل أن تكون عسكرية أو أمنية لفخر شركات التصنيع العسكري الإسرائيلية، والأكبر في هذا القطاع. تعمل «رافائيل» على عدّة صعد، من صواريخ جو – أرض، إلى منظومات الدفاع الجوي، والاستخدام التكنولوجي في الحرب الذي ظهرت بعض منتجاته بشكل جلي خلال الأشهر الـ 11 الماضية باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية.
المعرفة التي تمتلكها «رافائيل» مدمجة في كل الأنظمة التي تستخدمها القوات العاملة في جيش العدو. وتتمتع الشركة بعلاقة خاصة مع جيش الاحتلال، إذ تقوم بتطوير المنتجات وفقاً للمتطلبات المحددة لجنوده وتشكيلاته في الميدان. وهي تلعب دوراً أساسياً في الحرب الوحشية التي يشنّها العدو على غزة، وفي اعتداءاته اليومية على لبنان.
أهمية «رافائيل» ليست عسكرية فقط، بل أيضاً في كونها مصدر دخل للاقتصاد الإسرائيلي. فقد بلغ حجم مبيعاتها في النصف الأوّل من السنة الجارية نحو مليار دولار، وجزء مهم من هذه المبيعات يذهب إلى الجيش الإسرائيلي، بدليل ارتفاع حجم المبيعات بنسبة 25% مقارنة بالنصف الأول من عام 2023، بالتزامن مع بداية الحرب الإسرائيلية على غزّة. شكّلت هذه النتائج المالية حافزاً لشركات التصنيف الائتماني لرفع تصنيف الشركة إلى A مع أفق مستقر، وهو أعلى تصنيف أُتيح لشركة إسرائيلية. ويتربّع على رأس مجلس إدارة الشركة يوفال شتاينتس، فيما يحتل يوآف تورغمان منصب الرئيس التنفيذي للشركة.
تعمل «رافائيل» في العديد من المجالات، منها قسم أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي الذي طوّر منظومة «مقلاع داوود»، بالشراكة مع شركة «رايثيون» الأميركية، وهي مُصمّمة لاعتراض الصواريخ المتوسطة المدى، وجزء من نظام الدفاع الجوي المعقّد الذي تمتلكه إسرائيل لمحاولة صدّ الهجمات الصاروخية. كما أن «رافائيل» واحدٌ من متعهدي تزويد نظام القبة الحديدية بالذخيرة الخاصة به.
وللشركة قسم يُعنى بسلاح الجو وأنظمة الاتصالات والمراقبة والاستطلاع. كما تنتج صواريخ «كروز» من عائلة Popeye. وبدأت في أوائل الثمانينيات في تطوير صواريخ Popeye-1 كصاروخ كروز جو – أرض متوسط المدى، وPopeye-2 هو أخف وزناً وأصغر حجماً. وتصدر «رافائيل» صواريخ كروز Popeye إلى عدد من البلدان، من بينها أستراليا وتركيا والهند وكوريا الجنوبية. كذلك عملت الشركة على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي، أهمها نظام «puzzle» الذي يدمج معلومات من أجهزة استشعار متنوعة لإنشاء مجموعة بيانات شاملة و«مفلترة»، ويحلل كمية كبيرة من المعلومات للمساعدة في عملية اتخاذ القرار في الحروب.
أحد أهم أقسام الشركة هو قسم التطوير والأبحاث الذي تستثمر «رافائيل» فيه 7% من مداخيلها السنوية، وهو الأساس لكل عمليات التطوير التكنولوجي الذي تقوم به. كما تمتلك أقساماً تعمل في المجالات البرية والبحرية وتطوير محركات الصواريخ والرؤوس الحربية وغيرها. وتُعدّ «رافائيل» جزءاً من «تاريخ» الكيان. ففي عام 1948، أنشأت الحكومة الإسرائيلية ما سُمّي «فيلق العلوم»، وهو الاسم السابق لشركة «رافائيل»، كمختبر للأبحاث والتصميم للجيش الإسرائيلي. وأعيد تنظيم الفيلق عام 1958، ليتحوّل إلى شركة مستقلة تابعة لوزارة الدفاع تحت اسم «رافائيل». ونظراً إلى علاقتها الوثيقة بوزارة الدفاع، شاركت الشركة، ولا تزال، في عمليات البحث والتصميم وإنتاج العديد من تقنيات الدفاع المبتكرة. وقد أدّى تأسيس الشركة إلى نقل صناعة الأسلحة الإسرائيلية إلى مستوى أعلى. وفيما انشغلت شركة «إيميت» بشكل أساسي بتطوير وتصنيع أنظمة الأسلحة التقليدية؛ تخصصت «رافائيل» في تعزيز البرامج التكنولوجية المتقدّمة.
وتمتلك الشركة عدداً كبيراً من المصانع في إسرائيل، كلها في مرمى صواريخ المقاومة الإسلامية، ومن بينها ثلاثة في منطقة الجليل. وبحسب «مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير» («يوفيد»)، هي مصنع ثيراديون الذي يعمل في مجال الأنشطة السيبرانية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، و«مصنع رافائيل لأنظمة القتال المتقدّمة المحدودة»، وثالث في مستوطنة شلومي.
الأخبار
الحساب المفتوح
«رامات ديفيد» عصب الحروب الإسرائيلية
«إسرائيل بدأت مرحلةً جديدةً في الحرب»، هو ما صرّح به وزير الحرب في حكومة العدوّ يوآف غالانت قبل أسبوع من قاعدة «رامات ديفيد» التي استهدفها حزب الله فجر الأحد بصواريخ «فادي 1» و«فادي 2»، رداً على اعتداءات العدو الاسرائيلي المتكررة.وتعدّ «رامات ديفيد» إحدى أهم ثلاث قواعد جوية لجيش الاحتلال على امتداد الكيان، وتقع في شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتعود إلى حقبة الاحتلال البريطاني لفلسطين. وقد بناها البريطانيون عام 1942 وكانت جزءاً من البنية التحتية لسلاحهم الجوي، واستُخدمت كبديل لقاعدة حيفا التي تعرضت لهجوم ألماني خلال الحرب العالمية الثانية.
تضم القاعدة مجموعة من التشكيلات والفرق العسكرية البرية تحت قيادة لواء الجبهة الشمالية، من بينها وحدات مشاة ومشاة ميكانيكية ومظلّيو مدفعية فرقة هندسية، كما تحتوي على مجموعة من الاختصاصات الجوية التي تشمل مقاتلات حربية، ومروحيات قتالية، ومروحيات نقل وإنقاذ، ومروحيات استطلاع بحري، ومنظومات حرب إلكترونية هجومية، ومنظومات دفاعٍ جوية متطورة؛ أبرزها منظومة الدفاع الجوي التكتيكي الأميركية «باتريوت إم آي إم – 104» ومقلاع داود والقبة الحديدية.
تتولى القاعدة مهمة الهجمات العسكرية الجوية والرصد والاستطلاع والاعتراض والإنزال، وتشغل ثلاثة أسراب قتالية وهي «الوادي 109» و«المعركة الأولى 101» و«العقرب 105»، إضافةً الى سرب الاستخبارات «صيادو الليل 160»، وسرب الاستطلاع البحري «حماة الغرب 193» وسرب الحرب الإلكترونية «157» وأربعة أسراب أركانية لمهام خدمات الدعم والصيانة والإدارة. تبلغ مساحة القاعدة حوالي 11 كيلومتراً مربعاً، وتضم ثلاثة مدرجات للإقلاع والهبوط ومنصات لإطلاق طائرات التجسس المسيرّة.
تبعد القاعدة 46 كلم عن الحدود اللبنانية، وتقع في سهل زرعين بين جنوب شرق حيفا وجنين وطبريا، على مقربة من الخط الأخضر الفاصل بين الضفة الغربية وأراضي 1948، وتحيط بها من كل الجهات هضاب وتلال ومرتفعات تصدّ طبيعياً أي هجمة منخفضة.
شاركت «رامات دافيد» في كل الحروب التي خاضها الكيان، بدءاً من حرب 1967، مروراً بحرب أكتوبر 1973، والاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وعدوان تموز 2006، والحروب التي شهدتها غزة، وصولاً الى الحرب الحالية، واستُخدمت للإعداد للهجوم على مطار بيروت عام 1968 رداً على خطف طائرة «إلعال» إسرائيلية، وللإعداد لعمليات عسكرية ضد أهداف في لبنان وسوريا بعد تحرير عام 2000.
تمكن حزب الله من اختراق الأنظمة الدفاعية للقاعدة في تموز الماضي عبر مسيّرة «الهدهد» التي مسحت القاعدة جوياً وصوّرت البنية التحتية العسكرية للقاعدة وأدقّ تفاصيلها، كما كشفت المقاومة عن اسم قائد القاعدة العقيد أساف إيشد المعروف باسم «العقيد أ».
الأخبار
الحساب المفتوح
ليل ثقيل على مستوطني الجليل الأسفل: دمار غير مسبوق منذ عام 2006
ليلة ثقيلة غير معهودة مرّت على سكان مستوطنات الجليل الأسفل خصوصاً في منطقتي حيفا و«عيمق يزراعيل»، بعدما «أطلق حزب الله 150 صاروخاً، بينها صواريخ مجنحة وطائرات مسيّرة، باتجاه إسرائيل» وفقاً لموقع «واينت». ورغم أن منظومات الاعتراض تمكنت من صدّ بعضها، إلا أن قسماً منها أصاب مباني وشوارع ومناطق مأهولة متسبباً في دمار لم يُشهد منذ عدوان تموز 2006.في مستوطنة «مورشت» في المجلس الإقليمي «مسجاف» في الجليل الأسفل، سقط صاروخان، الأول في شارع «يافيه نوف»، والثاني في شارع «هشيلوح»، وتسبّبا في دمار جسيم كما وثّقت ذلك كاميرات المراقبة. فيما الموقع الذي شهد الدمار الأكبر كان شارع «حرتسيت» في «كريات بيالك» في ضواحي حيفا.
المستوطن موطي بريش الذي سقط أحد الصاروخين في «موريشت» أمام منزله قال للموقع إنه «لم تكن هناك صافرات إنذار هنا منذ بدء الحرب. لكن، طوال الليل سمعنا صافرات الإنذار في كل مكان. وفي الرابعة فجراً انطلقت صافرة إنذار جديدة فقررت المبيت في الملجأ. في السادسة والنصف صباحاً سقط الصاروخ وبالنسبة إليّ توقفت الساعة عندئذ». وتابع: «أسكن هنا منذ 27 عاماً. ولم أفكر يوماً في أنني سأكون ضمن دائرة النار. لا يمكن إبقاء الوضع على ما هو عليه. فلا طعم ولا منطق لعقد اتفاق معهم».
وذكر إيتي أبو كسيس، الذي يسكن منذ نحو عام في «مورشت»، بعدما أُجلي من «كريات شمونه»، مع أولاده الخمسة وزوجته: «كنت في المنزل لأنني في عطلة نهاية الأسبوع من (الخدمة العسكرية في) الاحتياط. في الصافرة الثالثة ضرب الصاروخ المنطقة بالقرب منّا. جميع البيوت حولنا أصيبت، وبيتنا مليء بالشظايا، النوافذ طارت من مكانها. وسياراتنا احترقت. شعورنا صعب جداً، فلا بيت لنا في كريات شمونه التي تركناها منذ نحو عام ولا بيت لنا هنا. إنه شعور صعب بعدم الأمن».
وقال شمعون سفيسا من مستوطنة «سديه يعكوف»، التي سقط فيها صاروخ على بعد مئتي متر من منزله، في مقابلة مع راديو «103 أف أم» إن «صباح اليوم نظرت للسماء وحمدت الرب لأن الأمر انتهى هكذا، فقد كان في الإمكان أن ينتهي بطريقة صعبة جداً».
إلى ذلك، بدأت المستشفيات في منطقة الشمال العمل وفقاً لنظام الطوارئ، وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية، أنه «في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة، فإن جميع المستشفيات في شمال البلاد، بما في ذلك في حيفا والناصرة والعفولة وصفد ونهريا وطبريا، ستنتقل للعمل في مناطق محمية».
وبدأ مستشفى «رمبام» منذ ظهر أمس نقل المرضى من الأقسام المختلفة إلى المستشفى التحت أرضي الذي افتتح منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، وهو عبارة عن موقف سيارات المستشفى الذي بُني بعد حرب تموز 2006، انطلاقاً من خلاصة مفادها بأن حرباً شاملة في المستقبل قد تشمل إطلاق صواريخ تستهدف المنشآت المدنية. وشرع المستشفى في نقل مرضى العناية الفائقة، والموصولين بأجهزة التنفس، بمساعدة جنود من الجيش ومن القوات البحرية.
الأخبار
الحساب المفتوح
انتقام الأحد يمحو ثقل الجمعة على غزة
تبدّلت الأجواء في غزة بين الجمعة والأحد. كان يوم اغتيال قادة قوة الرضوان، وفي مقدّمهم الحاج إبراهيم عقيل، ثقيلاً بكل ما للكلمة من معنى، إذ طغى انطباع جمعي، خصوصاً بعد مجزرة البيجر، بأن إسرائيل تمكّنت من حسم الحرب في الجهة الشمالية قبل أن تبدأ، في ظل طغيان الإعلام الإسرائيلي وتبجّح رئيس وزراء الاحتلال الذي أعلن أنه سيغيّر وجه الشرق الأوسط. غير أن الأمور انقلبت فجر أمس بعدما نفّذ حزب الله دفعة من تهديداته بقصف بعض الأهداف الدقيقة التي كان قد رصدها في تصوير «الهدهد»، ما أعاد الثقة إلى الشارع الغزاوي الذي يعلّق كل آماله في كسر الغرور الإسرائيلي على محور المقاومة، وعلى رأسه حزب الله. يقول «أبو فادي دياب»: «الله يعلم أننا عشنا معهم الوجع في حدثي البيجر واغتيال قادة الرضوان، وأننا فرحنا وشعرنا بالعز لانتقامهم في قصف حيفا وما بعد حيفا». يضحك الرجل الذي تجاوز الستين، ويقول لـ«الأخبار»: «فرحت أكثر باسم الصاروخ فادي على اسم ابني البكر… طيب إذا جعفر أو حيدر أو قاسم شو كان صار».في الشوارع والأسواق ومواقع التواصل الاجتماعي، طغى الانتقام اللبناني على المشهد، مع إشادات بالتضحية والأثمان التي يدفعها حزب الله منذ أحد عشر شهراً، وبـ«الموقف المبدئي والأخلاقي للسيد حسن نصرالله»، واعتزاز بالأذى الذي تسببت فيه جبهة الإسناد اللبنانية لدولة الاحتلال. يقول أيمن أبو أميمة في رثاء الحاج عبد القادر (الشهيد القائد إبراهيم عقيل) على صفحته على «فايسبوك»: «كم هو شعب غزة مدين لك أيها الشجاع، إذ استرخصت دمك أمام دمائهم، ودفعت الثمن مبتهجاً به غير متأفّف أو متذمّر من فداحته. إن إبراهيم كان أمة». ويتابع: «قد يبدو موقف حزب الله عادياً في عين العالم بأسره، لكنه عظيم في عين أهل غزة. ونحن، عهداً ووعداً أن نركض خلفكم في الشوارع لنوغل جنوباً جنوباً، جنوب الفقراء والمستضعفين والثائرين، لنعبر معكم في أمة حزب الله التي لا تموت». فيما كتب المحامي أيمن الحافي: «الضربة التي لا تميت، تزيد قوة وصلابة، سيجدون رجال حزب الله حيث لا يتوقعون بإذن الله تعالى». وفي منشور له على منصة «إكس» كتب براء نزار ريان: «وسط غبار قصف الضاحية، نحن بحاجة إلى استذكار الحقائق، هذه المعركة قاتل معنا فيها اللبنانيون والعراقيون واليمنيون والإيرانيون، وأبناء شعوبنا المظلومة وبذلوا في ذلك ديارهم وأموالهم (…) نحفظ المواقف جيداً، خيرها وشرها وعند الله كتاب لا يغادر كبيرة ولا صغيرة إلا أحصاها، التاريخ لا يحابي ولا يرحم».
في محصّلة الأمر، تجاوز دور المقاومة الإسلامية في لبنان، كل الأبواق ومحاولات التشويه والتعمية، وهزمت سردية التضحية بالدماء والشجاعة في الانتقام، سرديات أبواق اجتهدت طوال عشرات السنين لزرع الفرقة والشقاق.
الأخبار
الحساب المفتوح
ابتهاج في الضفة
تابع فلسطينيو الضفة الغربية في نابلس وجنين وغيرهما، صباح الأحد، إطلاق صواريخ المقاومة الإسلامية في لبنان، وهي تدخل أجواء بلادهم وتصل إلى أهدافها العسكرية في مدينة حيفا المحتلة. وارتفعت التكبيرات وصيحات الفرح بردّ المقاومة، وضجّت حسابات الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي بصور وفيديوهات قصف مدينة حيفا، مشيدين بردّ حزب الله الأولي على مجازر الاحتلال الأخيرة في لبنان.وشهدت مدينة رام الله، مساء السبت، مسيرة شعبية دعا إليها ناشطون وشبان، دعماً وإسناداً للبنان، وتنديداً بالمجازر التي ارتكبها الاحتلال خلال الأيام القليلة الماضية. ورفع المشاركون في المسيرة الأعلام الفلسطينية واللبنانية، ولافتات تحيّي المقاومة اللبنانية وجبهة الإسناد التي فتحتها، وترفض التخلّي عن فلسطين، وتؤكّد الثقة بقوة المقاومة وقدرتها على ردع العدوان.
الأخبار
الحساب المفتوح
جثث مفقودة وأخرى مجهولة في «مجزرة القائم»: من لكِ هنا تحت الأنقاض؟… كلّهم!
حتى عصر أمس، بعد ثلاثة أيام على استهداف العدوّ الإسرائيلي مبنيَين مأهولين في شارع القائم في الضاحية الجنوبية، كانت ملامح الجريمة لا تزال حاضرة ومكتملة. مبنيان سُوّيا أرضاً، وحولهما أبنية تآكلت أطرافها، وتلطخت بالسواد، وتمزقت ستائر شرفاتها والثياب المعلقة على حبال الغسيل. جرافتان تقلّبان الركام بحثاً عن المفقودين، وخيمة نصبت لتوزيع الطعام والماء على عناصر فرق الإنقاذ والإسعاف المنهكين، ولتدوين أسماء الضحايا الذين يُعثر عليهم وشطبهم من خانة المفقودين. الغبار في كل مكان، والدخان لا يزال «يعسّ» من بين الحجارة، فيما رائحة «الجريمة» تملأ المكان. ضحايا الجريمة حتى يوم أمس «51 شهيداً و68 جريحاً، 53 منهم عادوا إلى منازلهم، فيما لا يزال 11 في عداد المفقودين، بعد انتشال جثتَي طفلتين» أمس، بحسب معلومات الهيئة الصحية الإسلامية.«لا شيء يخيفني أكثر من الإعلان عن انتهاء عمليات البحث عن المفقودين، ثم يأتي من يسأل عن مفقود تحت الأنقاض»، يقول مدير العمليات في بيروت في الهيئة الصحية مهدي الحلباوي، الذي يؤكد أنه لم يغادر الموقع منذ أن وقعت المجزرة، كما بدا واضحاً من صوته المتعب وثيابه التي تعبق برائحة الدخان والغبار. يشير إلى العشرات من أهالي المفقودين ممن يفترشون جانبَي الطريق المؤدي إلى مكان الجريمة، بانتظار مناداتهم للتعرف على الجثث، بعدما فقدوا الأمل بعودتهم أحياء، ويصلّون للعثور على جثثهم لئلّا يبقوا في عداد المفقودين. «يا ربّ ما يكونوا دايبين»، تنقل مريم عن أخيها متمنياً العثور على زوجته وابنه كما انتشلوا ابنه الآخر الشهيد هادي فواز. المفارقة أن «اللهفة» تعلو الوجوه لدى العثور على جثة، وكأنّ كل يتمنى أن تكون لمفقوده، لأن «احتمال ألّا تكون هناك جثة يبقى أشد قساوة»، على ما تقول إحدى المنتظرات.
فيما يقلّب عناصر الدفاع المدني بين الحجارة، تلقي فتاة نظرها نحو الأسفل وتدعو: «يا رب يطلّعوهم، صرلهم ثلاثة أيام، يا رب»، لدى سؤالها: «من لكِ هنا»؟ تجيب: «كلّهم»، بعدما خسرت تسعة من أفراد عائلتها، الأم والأب والإخوة والأخوات وأولادهم، لا يزال اثنان منهم مفقودَين. تتنقل بين ركام المبنى والرصيف الذي تجمّع عليه من بقي من العائلة الصغيرة والأقارب وشقيقة في حالة صدمة بعدما خسرت أولادها وأفراد عائلتها في لحظة واحدة.
وجوه الأهالي المتعبة تشي بالانتظار الصعب. يقضيه البعض في استعادة الذكريات مع المفقودين والضحايا الذين خرجوا قبلهم، ويستنجد آخرون بتمنيات أن «يكونوا قد خرجوا من المنزل قبل الغارة»، كما تتمنى جدّة تنتظر خروج حفيدها ووالدته، قبل أن تستدرك: «بس لو ضهروا ،كانوا رجعوا». يكسر صمت الجالسين العثور على «ألبوم» صور أو دفتر مدرسي أو أي من أغراض الضحايا. لكن، ليس هذا ما ينتظره الأهالي، بل الجثث، والتي كلما خرجت واحدة يهبّون لمعاينتها، ينظرون من زجاج سيارة الإسعاف، يفتحون بابها، ويسألون السائق عن هوية صاحبها.
ومع أنّ الفرق العاملة دوّنت أسماء المفقودين وبياناتهم لتطابقها مع الجثث التي تخرج، بما يسهّل الوصول إلى ذويهم، لكن «تشوّه بعض الجثث يصعّب المهمة، ولا يمكن تعريض الأهالي لهذه المشاهد المؤذية، كما أنهم لن يتعرّفوا عليها وهي بهذه الحال»، يقول الحلباوي، مشيراً إلى أن «هناك جثثاً لم يجرِ التعرّف عليها حتى الآن في انتظار إجراء فحص الحمض النووي». يحاول الأهالي الاستدلال على الجثث بأي طريقة. يسأل أحدهم مثلاً عناصر في الدفاع المدني بحيرة: «إذا نظّفنا الوجه ألا يمكن أن نتعرّف عليهم؟ أنا أعرفهم من عيونهم، أليست هناك أي عين مفتوحة؟». يقول الحلباوي: «لا تكفي الإشارة إلى عمر المفقود أو شكله الخارجي لتحديد هويته، وإنما يجب البحث عن علامات فارقة مثل ملابسه أو قلادة يرتديها. عندما نسحب الجثة نعرض الوجه إذا كان مكتملاً على أحد أفراد العائلة، أما عدا ذلك فنظهر جزءاً من الملابس فقط، أو قلادة أو سواراً، علّ ذلك يساعد في التعرف على هوية صاحب الجثة». ويلفت إلى «عقبات تعترض عمليات الإنقاذ، وخصوصاً أننا نبحث تحت مبنيَين، أحدهما من تسع طبقات والآخر من خمس، سقطا تحت الملجأ، وتشابكت سقوفهما»، وفي الوقت نفسه «نحرص على الدقة في البحث لعدم إيذاء الجثث، فما إن يظهر جانب منها حتى تتوقف الجرافات عن رفع الأنقاض ويبدأ البحث اليدوي». كل ما يحيط بالحلباوي ورجاله هنا، «لا يمكن وصفه، لكن مشهد الأب الذي أخرجناه وهو يحتضن ابنته لا يفارقني».
الأخبار
الحساب المفتوح
أهالي المفقودين ينتظرون حتى آخر حجر
بكبسة «زرّ أحمر» في طائرة أميركية انطلقت «القنابل الغبية» نحو أهدافها. سريعاً، قضى المستهدفون نحبهم. ربما ما «يهوّن» الأمر أنهم لم يشعروا بشيء، أو على الأقل هذا ما تشير إليه أنقاض المبنيين اللذين زالت معالمهما تماماً، واختلطت بركامهما أجساد السكان التي لم يعد ممكناً التعرف إليها من دون فحوص الحمض النووي.نجا من لم يكن في بيته، وبقي الأقارب للتفتيش عن أحبةٍ لهم. على الجهة المقابلة للمنطقة المستهدفة، جلست العائلات المنكوبة، آباء وأمّهات وزوجات وبنات افترشوا الأرصفة. تورّمت العيون من البكاء، واختلجت دقات قلوبهم مع كلّ صفارة إسعاف تخرج من موقع الحدث.
مصادر «الأخبار» في الدفاع المدني أكّدت أنّ «المفقودين هم من لم يجرِ التعرّف إلى هوياتهم»، في إشارة إلى العثور على العدد الأكبر من سكان المبنى. وأعادت السبب في تأخير الإعلان عن الهويات إلى «تأخر صدور نتائج فحوصات الحمض النووي»، ولا سيّما أنّ عدداً من العائلات المفقودة «أبيد تماماً، ما يقتضي أخذ عينات من أشخاص ذوي صلة أبعد بالضحايا، وهذا يؤدي إلى تأخير إضافي في إعلان النتائج».
بعض الأهالي رفضوا فتح بيوتهم للعزاء، وتعلّقوا بأمل الانتظار. تقف أمّ أمام الجرافة، عسى أن تخرج ابنتها ذات العامين حيّة من تحت الأنقاض، رغم أنّ أشلاء الشهيدة نُقلت إلى المستشفى، وتمّ التعرّف إليها من خلال الفحوصات. ورفضت أختان الانضمام إلى العزاء الذي فُتح للأب والأم وأختين وأخ، وفضلتا البقاء أمام الأنقاض، علّ أحداً من أفراد العائلة يخرج حياً.
أحد الآباء تفحّص أكياس الجثث بحثاً عن ابنته وزوجته في موقع الاعتداء. وطاف على برادات المستشفيات للتفتيش عن عائلته، قبل أن يأتيه اتصال أُبلغ فيه بـ«توافق عينات الحمض النووي الخاصة به مع عينة طفلته»، من دون أن يُعثر على الوالدة بعد.
أما من لم يجدوا أبناءهم، لا في برادات المستشفيات، ولا عبر الفحوصات المخبرية، فلا يحرّكهم من أمام ساحة رفع الأنقاض سوى صوت سيارات الإسعاف. يفترشون الأرض ويعدّون خلال انتظارهم الطويل الطبقات التي تزيلها الجرافات والرافعات. وكلّما وصل البحث إلى طبقة، هرعوا إلى العسكر الذين يطوّقون مكان رفع الأنقاض لمحاولة معرفة أيّ جديد. إحداهن وصفت لعنصر الدفاع المدني شكل ابنتها وحفيدتها. لم يجد كلمات مناسبة للإجابة، فهم كانوا قد وجدوا فعلاً امرأة وطفلاً، لكن لا إمكانية للتعرف إلى ملامحهما.
الأخبار
الحساب المفتوح
تجدد النزوح من الضاحية: الإيجارات أكثر مراعاة
ليل الجمعة – السبت الفائت، خرج عدد من سكان الضاحية الجنوبية لبيروت بأطفالهم نحو منطقة الجبل، من دون أن تكون لديهم وجهة محددة يقضون ليلتهم فيها. عدد قليل ركن سياراته في بلدة بيصور وبات ليلته داخلها بحسب شاهد عيان من أبناء القرية. آخرون اتصلوا عند منتصف الليل بوسطاء عقاريين يطلبون المساعدة في تأمين منزلٍ في الحال. هكذا بدأت تستقبل بلدات الجبل موجةً جديدة من النازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف المبنيين السكنيين في شارع القائم. وكان الأسبوع الثقيل على أهل الضاحية الجنوبية بدأ مع مجزرتي الـ«بايجر» واللاسلكي يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، من دون أن تسفرا عن حركة نزوحٍ جدّية. فاقتصرت عمليات الانتقال من الضاحية إلى خارجها على من كانوا قد استأجروا خلال موجات النزوح السابقة منازل في مناطق تُعد آمنة، ولا يزالون يحتفظون بها. غير أن غارة الجمعة شكّلت بداية حركة نزوح جديدة لمسها الوسطاء العقاريون. ففي غضون يومين تلقّى سمسارٌ يعملُ في نطاقِ منطقة عاليه حوالي 80 اتصالاً من سكان في الضاحية. وأكّد زميل له لـ«الأخبار» أنّ «الشقق السكنية ذات الإيجارات المقبولة، بدأت تنفد بسبب الطلب الكبير» الذي «يتركز على مناطق أعالي الشويفات وبشامون وعرمون والبساتين، التي تقع في أعالي عرمون. وبالدرجة الثانية على مساكن في بلدات بيصور وعاليه وقبرشمون ومحيطها، حيث الشتاء أشد قسوة لجهة الطقس ومستلزمات التدفئة». إلا أن «هذه الجزئية لم تمنع عدداً كبيراً من النازحين من استئجار منازل في تلك المناطق، إذا لم يكن لديهم خيار مناسب في مناطق أخرى»، وفق سامر، الوسيط العقاري الذي عمل مع النازحين خلال موجات النزوح المتعددة، لافتاً إلى أنّ «الإيجارات هذه المرّة أكثر مراعاةً مقارنةً بالسابق».ويُجمع أكثر من وسيط عقاري على أنّ إيجارات المنازل المفروشة (غرفتي نوم) تراوح بين 500 و700 دولار، وهو بدل لم يكن وارداً لدى أصحاب المنازل المعروضة للإيجار في فترة الصيف، بعد اغتيال القائد الجهادي فؤاد شكر، في 30 تموز الفائت. أما الشقق غير المفروشة فتراوح بين 220 و300 دولار، دون أن يخلو الأمر من بعض تجار الأزمات.
حركة النزوح لحظها كذلك العاملون في مكاتب سيارات الأجرة، إذ يقول صاحب أحد المكاتب إنه تلقّى 30 طلباً في غضون ساعتين فقط من استهداف المبنى السكني في منطقة القائم، أغلبها من عائلات فضّلت الخروج من الضاحية خوفاً من تكرار سيناريو استهداف المدنيين، وجاء عدد أقل من الطلبات من عائلات فلسطينية – سورية، تقطنُ في مخيّم برج البراجنة، قررت الانتقال المؤقت إلى سوريا هرباً من احتمال توسّع الحرب.
الأخبار
الحساب المفتوح
تشييع شهداء ميس السبعة
في ذروة التهديد الإسرائيلي وبعد ساعات من مئات الغارات على مختلف أنحاء الجنوب، شارك المئات من أهالي بلدة ميس الجبل أمس في تشييع سبعة من أبناء البلدة، بينهم طفلان، استشهدوا في الغارة التي شنّها العدو على منطقة الضاحية الجنوبية الجمعة الماضي، وهم غادة شقير ونجلها الكشفي علي حمدان والكشفية آية حمدان وابنتها فاطمة حمدان ومحمد شقير والطفلة مرام حمدان والشهيدة جميلة الأخرس. (الأخبار)

 

اللواء
حزب الله يدخل مرحلة «الحساب المفتوح».. ونار الشمال تُسقط عودة المستوطنين
غوتيريش يخشى من «غزة ثانية» في لبنان.. والمقاومة تستهدف حيفا بصاروخ استراتيجي
مع مطلع أيلول، وفي الأسبوع الأخير منه، وفي أول يوم شتاء مبكر، بدا التحدّي على أشده بين اسرائيل وحزب الله، الذي استعاد المبادرة، وتجاوز محنات تفجيرات البايجرز واللاسلكي واغتيال قائد وحدة الرضوان ابراهيم عقيل ومعاونه و15 قيادياً في وحدة النخبة داخل حزب الله.
وفي وقت، ذهب رئيس حكومة دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو الى التباهي بما فعله الجيش الاسرائيلي باستخباراته وقواته الجوية من خلال ما اسماه برسائل الى حزب الله، رفض الحزب استلام الرسائل، وقال على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم في كلمة تأبينية، في تشييع القيادي الكبير ابراهيم عقيل (الحاج عبد القادر) والقيادي محمود حمد الذي كان في عداد القيادة المجتمعة، ان «ما جرى باستهداف حيفا دفعة على الحساب» مع استخدام صواريخ استراتيجية، بعيدة المدى من نوع «فادي1» و«فادي 2» التي استخدمت في حرب الـ2006، وتستخدم لاول مرة في الحرب الدائرة اليوم بين اسرائيل وحزب الله.
قال قاسم: مستمرون بالاسناد والتهديدات لن توقفنا، ولا نخشى الأخطر، ومستعدون لمواجهة كل الاحتمالات العسكرية.
اضاف: سكان المستوطنات لن يعودوا بل سيزداد النزوح ويتوسع الاسناد.
وأول طلائع الرد على تفجيرات البايجرز واللاسلكي الثلثاء والاربعاء؟ الماضيين اشعال النار في شركة «رافائيل للصناعات التكنولوجية الحربية في اسرائيل»، ورامات ديفيد، القاعدة الجوية، ضمن 3 قواعد كبرى للاحتلال، وهي محصنة وتقع في عمق حيفا.
نتنياهو يتبجح
وفي رسالة تبجح جديدة، اعلن بنيامين نتنياهو (رئيس حكومة اسرائيل) «وجّهنا في الايام الأخيرة سلسلة من الضربات لحزب الله لم يكن يتوقعها، وإذا لم يكن قد فهم الرسالة، فإنه سيفهمها بعد هذه الضربات».
وكشفت صحيفة «حدشوت يسرائيل» ان سلاح الجو الاسرائيلي سيوسع هجماته في لبنان.
واعلن المنسق الاميركي جون كيري ان الولايات المتحدة تبذل كل ما في وسعها لمحاولة منع تمدُّد الحرب بين اسرائيل وحزب الله الى حرب واسعة.
وتتحرك في نيويورك الدبلوماسية اللبنانية ممثلة بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب، بعد قرار الرئيس نجيب ميقاتي صرف النظر عن السفر بسبب التطورات الجارية في لبنان، والتي تقتضي بقاءه لمتابعة الوضع.
غوتيريش يحذِّر من تحوُّل لبنان إلى غزة
وحذر الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش من مخاطر تحويل لبنان الى غزة اخرى.
المشهد الميداني
لم يتأخّر كثيراً ردّ حزب الله «الاوّلي» على مجازر الكيان الاسرائيلي الاخيرة في الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق جنوبية وبقاعية وشمالية، التي ادت الى ارتقاء اكثرمن 70 شهيداً وآلاف الجرحى بتفجيرات اجهزة الاتصال «بايجر» واللاسلكي، وبالغارة على حي القائم في حارة حريك التي استهدفت قادة ميدانيين للمقاومة وعائلات كاملة من المدنيين، فقصفت المقاومة بعد منتصف ليل السبت- الاحد وبصواريخ ثقيلة (فادي1 و2) تستخدم للمرة الاولى قاعدة «رامات ديفيد» العسكرية ومُجمعات الصناعات العسكرية ‏لشركة «رفائيل» المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية والواقعة في منطقة «زوفولون» شمال ‏مدينة حيفا المحتلة، وهي اهداف سبق ونشرت المقاومة تقارير مصورة عنها في ما عاد به «الهدهد»الاستطلاعي.
وإعترفت وسائل اعلام عبرية ظهراً بسقوط 13 جريحاً أحدهم إصابته خطرة واندلاع حرائق وأضرار كبيرة في المباني والسيارات، نتيجة إطلاق صليات الصواريخ من قبل حزب الله. وحيث تم إطلاق اكثرمن 150صاروخاً. وكشفت القناة 12 الإسرائيلية: «أن أكثر من مليون إسرائيلي باتوا في نطاق نيران حزب الله». وأن نصف مليون مستوطن في تل ابيب باتوا ليلتهم في الملاجيء.
وحسب مصادر مقربة جداً من المقاومة فإنّ هذا «الردّ الاوّلي الثقيل» يُثبت بما لا يدع مجالاً للشك ان بنية المقاومة العسكرية ما زالت متينة برغم الضربات الموجعة التي تلقتها الاسبوع الماضي وخسارتها لعدد من كبار القادة الميدانيين، وانها فعلاً ما زالت تحتفظ بمفجآت كبيرة للعدو الاسرائيلي، برغم شدة التصعيد الذي قام به العدو خلال الاسبوعين الماضيين بمئات الغارات على مناطق الجنوب والبقاع عدا المجازر الاخيرة منذ الثلاثاء الماضي.
وتشير مصادر ميدانية في المقاومة الى «ان الصواريخ الثقيلة التي استخدمتها امس، تؤكد فشل أهداف الحملات الجوية العنيفة التي ينفذها العدو عبر طائراته الحربية على الأودية في جنوب لبنان والبقاع، وتكشف زيف ادعاءاته بتدمير مئات منصات الاطلاق حيث تم اطلاق الصواريخ الثقيلة من الجنوب، وتؤكد قدرة المقاومة على تكبيد العدو خسائر موجعة بالقدر الذي تتطلبه طبيعة المواجهة».
وافادت مصادر مقربة جداً من المقاومة لـ «اللواء» ان آليات التنظيم والعمل في هيكلية المقاومة مرنة ودقيقة، بحيث انها تستطيع ان تجدد نفسها بسرعة وتلبّي اي متغيرات او خسائر بشرية بسرعة نظراً للإعداد الدائم للكوادر وتطوير قدراتها واعادة تنظيم الوحدات، لذلك من المنتظر أن يأخذ حزب الله قليلاً من الوقت لملء الشغور في المراكز القيادية العليا وما دونها من مساعدين وكوادر، بحيث تعود بنية المقاومة الى سابق عهدها بعد الخسائر التي منيت بها جراء تفجيرات اجهزة الاتصالات والاغتيالات، بخاصة ان لديها عشرات آلاف المقاتلين المدربين والمُجهّزين.
وفي المقابل، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية امس، «أن اغتيال القائد العسكري للمقاومة ابراهيم عقيل ومعاونيه كان بمثابة رسالة واضحة للحزب أن حرب الاستنزاف انتهت وقواعد اللعبة تغيّرت». لكن مصادرمتابعة اكدت لـ «اللواء»: ان قصف اهداف حيوية للعدو في حيفا ومناطق اخرى في عمق الكيان الاسرائيلي يؤكد ايضاً ان قواعد المواجهة لدى المقاومة تغيرت ايضاً، وانها نفذت كلامها بأن حيفا ستكون هدفاً مقابل الضاحية الجنوبية، واذا تمادى العدو اكثر بالإعتداء على بيروت ستكون تل ابيب مقابل بيروت. ولدى المقاومة القدرة على تنفيذ ما تقوله حسبما ظهر امس من قصف حيفا.
وقالت قناة «كان» الاسرائيلية ان حيفا ومحيطها قد تصبح كصفد وروش بنا، بحيث يستخدمها حزب الله بشكل دائم، بعد وصول صواريخ «فادي1» و«فادي 2» إليها.
أميركا – إسرائيل
وفي واشنطن ذكرت وزارة الدفاع الاميركية ان الوزير لويد أوستن أعرب لنظيره الإسرائيلي «عن قلقه بشأن سلامة وأمن المواطنين الأميركيين في المنطقة».
واعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان يوم السبت: انه بحث مع القادة الإسرائيليين كيفية إيجاد طريقة للمضي قدماً للتهدئة مع حزب الله وعودة سكان الشمال إلى منازلهم. وقال: خطر التصعيد بين إسرائيل وحزب الله مرتفع.واعتبر سوليفان: أن الطريقة التي قدّم بها نصرالله خطابه هذا الأسبوع فتحت جبهة الشمال.و أن حزب الله هو من بدأ هذا التصعيد بعد هجوم حماس في تشرين الأول الماضي.
ورأى سوليفان أن (الشهيد) «إبراهيم عقيل يحمل دماء أميركيين قتلوا، وقد رصدنا مكافأة مقابل القبض عليه…ومن الجيد أن يتم تقديم الأشخاص للعدالة» .
وذكرت صحيفة «بوليتيكو» الاميركية ان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تخشى اندلاع حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله بعد الهجمات التي نفذتها تل أبيب خلال الأسبوع الماضي ومقتل قادة كبار في الحزب.
اضافت: أنّ مسؤولَيْن أميركيَّين لم يفصحا عن هويتهما يعتقدان أنّ الهجمات الإسرائيلية يمكن أن تكون بمثابة بداية لحملة عسكرية أكبر في جنوب لبنان.
وقال مسؤولان أميركيان كبيران مطلعان على المناقشات للصحيفة: يتوقع المسؤولون الأميركيون أن يشتد القتال بين إسرائيل و«حزب الله» بشكل كبير في الأيّام المقبلة، مما قد يؤدي إلى اندلاع حرب شاملة بين الطرفين.. ويشير أحدث تحليل من داخل إدارة بايدن إلى أنّه سيكون من الصعب على الجانبين وقف التصعيد.
وقال مسؤول أميركي للصحيفة: إنّ الهجمات في لبنان، وتحديدًا في (ضاحية) العاصمة بيروت ستستمرّ، وتعتقد الولايات المتحدة أنّ حزب الله سوف ينتقم من إسرائيل، ربما عبر هجمات بطائرات مسيَّرة. بالإضافة إلى ذلك، وفقًا لمسؤول أميركي آخر، فإن القتال سيشمل أيضًا عمليات اغتيال لقادة حزب الله، وشن هجمات على مستودعات الأسلحة، وكذلك على البنية التحتية لاتصالات الحزب.
اضاف المسؤولان: إنّ الاشتباكات الدورية في شمال إسرائيل من غير المرجح أن تؤدي إلى مواجهة مباشرة مع لبنان، لكن الهجمات على الأراضي الإسرائيلية أو اللبنانية تثير القلق ولن تؤدي إلا إلى زيادة التوتر.
ونقلت «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي قوله:«إن مسؤولين بالبيت الأبيض يعتقدون أن استراتيجية إسرائيل الأوسع في لبنان غير واضحة».
ميقاتي يُلغي سفره إلى نيويورك
الى ذلك، صدر يوم السبت الماضي عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بيان قال فيه: كنت عزمت على السفر الى نيويورك في اطار تكثيف التحرك الديبلوماسي اللبناني،خلال أعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة، لوقف العدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان والمجازر التي يرتكبها العدو.
مهمة لودريان
ومن المتوقع ان يصل في الساعات المقبلة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، في مهمة اصلية، تتصل بتحريك الملف السياسي، والبحث بإمكان الاستفادة من التطورات الجارية لإنهاء الشغور في الرئاسة الأولى.
وفي اطار حراك سفراء اللجنة الخماسية في بيروت، استقبل الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط مساء السبت السفير السعودي وليد البخاري، في كليمنصو بحضور عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور.. وجرى حسب معلومات «اللواء» استعراض آخر المستجدات والبحث في الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان. وتطرَّق النقاش الى المخاوف على لبنان من تطور الأمور بشكل أسوأ من قبل العدو الاسرائيلي.
وفي اطار متابعة مناقشة موازنة العام 2025، يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم الاثنين في السراي الكبير.
الراعي لوقف الحرب
في المواقف، ناشد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مجلس الامن وضع حد للحرب الجارية بكل الوسائل المتاحة.
وطالب بانتخاب رئيس للجمهورية يعيد لمجلس النواب صلاحياته التشريعية والمحاسبة ولمجلس الوزراء كامل صلاحياته الدستورية، رئيس جدير بثقة اللبنانيين والدول الصديقة.
وقال الراعي من الديمان: نصلي من اجل نهاية الحروب، واحلال سلام عادل وشامل في جنوب لبنان وغزة، ونصلي لراحة نفوس القتلى وشفاء الجرحى الذين سقطوا من حزب الله الاسبوع المنصرم.
عدد الشهداء
في عمليات رفع الانقاض في المبنىالمستهدف استمرت خلال اليومين الماضيين، أعمال رفع الانقاض في موقع المبنى الذي انهار في محلة الجاموس نتيجة العدوان الإسرائيلي بحثاً عن مفقودين، وتم التنسيق مع الأجهزة الأمنية المختصة، وباشرت الأدلة الجنائية في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أخذ عينات من جثامين شهداء في المستشفيات لم تحدد هويتهم بعد وذلك لإجراء فحوصات الـ DNA وتحديد هويات أصحابها.
وأعلن الدفاع المدني امس، أن الحصيلة الأخيرة للشهداء الذين تم انتشالهم من المبنى ارتفعت الى 51 شهيداً بعد انتشال جثامين 5 شهداء بينهم طفلان من تحت الأنقاض، أما الجرحى فبلغ عددهم ٦٦ جريحاً. أما المفقودين لغاية الآن فيبلغ عددهم 10 مواطنين.
واوضح الدفاع المدني، أن عمليات البحث والإنقاذ والمسح الميداني الشامل ستستمر في الموقع الى حين العثور على كافة المفقودين.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية ان 3 شهداء سقطوا و4 مصابين في غارات اسرائيلية على بلدات جنوبية.
وقال حزب الله انه قصف قاعدة رامات للمرة الثانية.
وشنت اسرائيل ليلا غارات على بلدة الخيام ومجرى الليطاني.
وأعلنت الإذاعة الإسرائيلية عن العثور على مسيَّرة مفخخة داخل مستوطنة في الشمال.

 

البناء
صدق الوعد وجاء الرد: مصانع رافائيل وقاعدة رامات ديفيد… وحيفا وما بعد
قاسم في تشييع عقيل: تجاوزنا الصدمة ونحن أقوى… والرد دفعة في حساب مفتوح
نتنياهو للتصعيد وهاليفي يتوعد: مليون مستوطن في الملاجئ وربع مليون مهجر
لم يطل الانتظار حتى أثبتت المقاومة أنها استثنائية وقد أظهرت المزيد من الإبهار في أدائها، وكان خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مجدداً صادق الوعد مع الرد الأولي، كما قال بيان المقاومة الإسلامية، وقد استهدفت صواريخ تستخدم للمرة الأولى في نطاق جبهة الشمال، هي صواريخ فادي 1 وفادي 2، كلاً من قاعدة رامات ديفيد الجوية ومصانع رافائيل للتجهيزات العسكرية الإلكترونية الاستخبارية، وأصابتهما إصابات مباشرة، بينما أصاب الذعر كل منطقة خليج حيفا حيث يقع الهدفان، وقد سقطت بعض شظايا الصواريخ التي اصطدمت صواريخ القبة الحديدية، في مستوطنات تقع في المنطقة تسبّبت بإشعال حرائق هائلة ودمار كبير، نشرت صورها على وسائل التواصل الاجتماعي من مستوطنين وعادت القنوات العبرية ونشرت بعضها.
حزب الله الذي شيّع أحد قادته الكبار من رعيل المؤسسين الشهيد القائد إبراهيم عقيل، أعلن بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، أن الحزب تجاوز الصدمة، وأنه اليوم أقوى بكثير من قبل ويدرك حجم المسؤولية والتحدي وهو جاهز للتعامل مع ما تفرضه المرحلة ولن يتراجع، مؤكداً تمسّك حزب الله بمواصلة مهام الإسناد لغزة من جبهة لبنان وفق معادلة لا وقف إطلاق نار ولا عودة لمهجّري شمال فلسطين المحتلة إلا عبر التوصل الى اتفاق يُنهي الحرب على غزة، واصفاً الردّ الذي نفّذته المقاومة أمس، باعتباره دفعة على الحساب في حساب مفتوح بين المقاومة والاحتلال.
في الكيان مزيد من خطاب التصعيد لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وحديث عن رسائل القوة التي يجب أن يفهمها حزب الله حتى تتحقق عودة المهجرين، وتهديدات رئيس أركان جيش الاحتلال تلاقيه في الاتجاه نحو المزيد من التصعيد، بينما تكفل رد المقاومة أمس، بنزول مليون مستوطن الى الملاجئ، كما قالت القنوات التلفزيونية العبرية، بينما قدّرت وسائل الإعلام الإسرائيلية عدد الذين غادروا شمال فلسطين المحتلة يوم أمس، بربع مليون أصابهم الذعر من تساقط الصواريخ على منطقة حيفا.
دخل لبنان مرحلة جديدة من الحرب الإسرائيليّة عليه، تتمثل بتكثيف العدو الغارات وتوسيع رقعة الاستهداف، حيث شهد الجنوب اللبناني، سلسلة مكثفة وطويلة الأمد من الغارات، في محاولة من حكومة بنيامين نتنياهو لإنشاء أحزمة ناريّة على امتداد جنوب نهر الليطاني وشماله.
وفي سياق الجنون الإسرائيلي، أعلن جيش العدو الإسرائيلي، أن «الضربات ضد حزب الله ستتواصل وتتصاعد»، مشيراً إلى أنه «نفذ هجمات استهدفت بعض الأهداف للحزب في لبنان». وشن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة من الغارات استهدفت بلدات حدودية ومناطق حرجية ومفتوحة في الجنوب والبقاع الغربي، وسجّل تنفيذ اكثر من 60 غارة جوية تركزت على الوادي بين أنصار والزرارية، عيتا الشعب، الوادي المحاذي لطريق النبطية – الخردلي، المنطقة بين المعلية والمالكية، أطراف زبقين لجهة شيحين، وادي حسن عند أطراف مجدل زون، أطراف بلدة ياطر، أطراف الطيبة ومركبا وطلوسة، ومدينة الخيام، أطراف بلدة كفرملكي، ومجرى نبع الطاسة – اللويزة في منطقة إقليم التفاح، أطراف فرون، المحمودية، أطراف لبايا، منطقة الدمشقية، أطراف رب الثلاثين ويارون وبلدة عديسة كما نفّذ الطيران الحربي الاسرائيلي عدواناً جوياً حيث شنّ غارات مستهدفاً أطراف بلدتي جباع وعين قانا. وقد أدّت الغارات إلى سقوط 6 شهداء أحدهم في القليلة، والآخر في عيترون والثالث في الخيام، بالإضافة إلى 3 شهداء سقطوا في المالكية.
ورداً على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مختلف مناطق لبنان، وسّع حزب الله مدى استهدافاته، حين أطلق رشقات صاروخية متعددة على مناطق واسعة في مناطق الجليل والجولان وضواحي حيفا، حيث دوّت صافرات الإنذار بشكل متكرر في جميع أنحاء “الشمال”. وأعلن حزب الله عن استهداف قاعدة ومطار “رامات دافيد” جنوب شرق حيفا بعشرات الصواريخ من طراز فادي 1 وفادي 2.
وفي غضون ساعة، أطلق حزب الله عشرات الصواريخ على 3 دفعات، باتجاه مناطق في “إسرائيل”، وطالت الرشقات الصاروخية الجديدة مناطق في شرق حيفا والجليل الأسفل، وتسببت بأضرار واشتعال النيران في بعض المناطق.
وأصدرت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي تعليمات جديدة بسبب الأوضاع الأمنية، والتصعيد مع حزب الله، وشملت التعليمات فرض نشاطات جزئية مع منع الأنشطة التعليمية في “الجولان الجنوبي، والجليل الأعلى، ومركز الجليل، والجليل الأسفل، ومنطقة حيفا، والأغوار”. وتم الإعلان عن إلغاء التعليم لليومين المقبلين في الجولان والجليل الأعلى والجليل الأسفل وخليج حيفا والمروج وغور الأردن.
وأعلن “حزب الله” عن استهدافه للمرة الثانية قاعدة ومطار “رامات ديفيد” الواقعة جنوب شرق حيفا بعشرات الصواريخ من نوع فادي 1 وفادي 2. وهذه القاعدة هي واحدة من 3 قواعد جوية رئيسية في “إسرائيل”. لها أهمية استراتيجية لجهة ساحة لبنان وسورية. تقع في مثلث بين حيفا وجنين وطبريا. مساحتها لا تقلّ عن 10 كيلومترات وهي الأكبر في القطاع الشمالي. تنطلق منها طائرات محاربة وتجسّسية وهي محاطة بمنظومة دفاع صاروخي وجوية متطوّرة. أما الصواريخ المستخدمة، فصاروخ “فادي 1” هو من عيار 220 ملم ومداه 80 كلم، وصاروخ “فادي 2” هو من عيار 302 ويصل مداه إلى 105 كلم.
وفي بيان ثانٍ، أعلن حزب الله أنه “في رد أولي على ‏المجزرة الوحشيّة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في مختلف المناطق اللبنانية يومي الثلاثاء والأربعاء، قصفنا مجمّعات الصناعات العسكرية ‏لشركة رفائيل المتخصّصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية والواقعة في منطقة زوفولون شمال ‏مدينة حيفا بعشرات الصواريخ من نوع فادي 1 وفادي 2 والكاتيوشا”.
وفي المقابل، أشار رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى “أننا نفضّل عدم الذهاب إلى حرب شاملة في التصعيد مع حزب الله ولكن يجب إبعاده”. ولفت رئيس الأركان الإسرائيلي، إلى “أننا كثفنا عملياتنا ضد حزب الله خلال الأيام الأخيرة وسنواصل ضرباتنا إذا لزم الأمر”. ونقلت إذاعة جيش العدو الإسرائيلي عن وزارة التعليم إعلانها عن “استمرار تعليق الدراسة في مستوطنات الشمال غدًا الاثنين تنفيذًا لتعليمات الجبهة الداخلية”.
وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، واصلت فرق الدفاع المدني وكشافة الرسالة الإسلامية والهيئات الصحية والصليب الأحمر انتشال جثث الشهداء والمصابين ورفع الأنقاض من مكان الغارة المعادية، حيث دمّر المبنى المستهدف بشكل كلي وتضررت بعض المباني المجاورة بشكل جزئي، وتمّ العمل على إخلاء بعضها، وضرب الجيش طوقًا امنيًا حول المنطقة. وتمّ انتشال عائلة بكاملها استشهد أفرادها الأربعة من تحت أنقاض المبنى الذي استهدفه العدوان.
ويقوم أمين عام الهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، بتوجيهات من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وبالتعاون مع بلديات الضاحية، بجولة تفقدية لمنطقة القائم في الضاحية الجنوبية يرافقه فريق فني للكشف والاطلاع على الأضرار وأوضاع المواطنين هناك. وأعلن الدفاع المدني، أن “الحصيلة الأخيرة للشهداء الذين تم انتشالهم من موقع المبنى الذي انهار في محلة الجاموس نتيجة العدوان الإسرائيلي ارتفعت الى 50 شهيداً بعد انتشال طفلين من تحت الأنقاض أما الجرحى فبلغ عددهم ٦٦ جريحاً. أما المفقودون لغاية الآن فيبلغ عددهم 11 مواطناً”.
وأشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مراسم تشييع القائد الجهادي الكبير الشهيد إبراهيم عقيل في الضاحية الجنوبية الى أن “جبهة الإسناد في لبنان مستمرة إلى أن تتوقف الحرب على غزة ولن يعود سكان الشمال، بل سيزداد النزوح وسيتوسع الإسناد والحل “الاسرائيلي” يزيد مأزقهم فاذهبوا الى غزة واوقفوا الحرب، ولسنا بحاجة إلى إطلاق التهديدات ولن نحدد كيفية الرد على العدوان فلقد دخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح”.
وقال: ليلة أمس قدّمنا دفعة على الحساب في معركة الحساب المفتوح وراقبوا الميدان لينبئكم عن دفعات الحساب، نتابع جبهة الإسناد والمواجهة وبين الحين والآخر نقتلهم ونقاتلهم من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون.
وفي سياق التحقيقات، بدأ حزب الله تحقيقاته الداخلية للوقوف على أسباب الخرق وتتولى إيران من جهتها التحقيق في توريد أجهزة اللاسلكي، وهي أرسلت وفداً إلى بيروت مهمته كشف الخروق المتعددة في حزب الله. وكان القضاء العسكري باشر بجمع المعطيات الأمنية والفنية المتعلقة بتفجير أجهزة الـPagers، وأجهزة اللاسلكي فضلاً عن الأدلة حول الشركة المصنّعة للأجهزة.
وكانت إذاعة العدو أعلنت أنّ مصدرًا استخباريًّا موثوقًا نقل معلومة بشأن اجتماع قادة “فرقة الرضوان” ما جعل الجيش ينفذ عملية الاغتيال في الضاحية الجنوبية لبيروت.
الى ذلك يواصل لبنان الرسميّ، اتصالاته مع الأطراف الخارجيّة الدولية والغربية لوضع حدّ للتصعيد الإسرائيلي، وجدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التزام لبنان بكل قرارات مجلس الأمن للتهدئة، وقال: “نسعى لوقف الحرب الإسرائيلية وتفادي الوقوع في المجهول ونداؤنا لكل الدول الصديقة للعمل على وقف إطلاق النار ومنع الانزلاق في الحرب”.
وقال: “أنا اقوم باتصالاتي ومشاوراتي مع اطياف المجتمع اللبناني للوصول الى السلام والاستقرار في لبنان وتجنيبه دخول الحرب، كما ونبحث إعادة تطبيق القرار 1701 كجزء من استقرار طويل المدى”، موضحاً أن “الدور الأساسي في تطبيق القرار 1701 هو للجيش اللبناني في حين ان دور قوات اليونيفيل هو دور مساند”.
والتقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، خلال مشاركته في الأعمال التحضيرية للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين في نيويورك، وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. واتفق الوزيران، على “أهمية الاستفادة من اجتماعات الجمعية العامة لحشد دعم المجتمع الدولي للعمل على تجنب حرب واسعة، خاصة في ظل التصعيد الخطير الإسرائيلي وأحداث الأيام الأخيرة، وذلك يتمّ عبر وقف إطلاق النار في غزة، والوقف الفوري للأعمال العدوانية على لبنان”.
كذلك التقى بو حبيب وزير الخارجية النروج اسبين بارث، حيث أعربا عن “قلقهما الشديد من التصعيد المتدحرج، وضرورة العودة الى وقف إطلاق النار الشامل على كل الجبهات، ومعالجة اسباب الصراع”.
ووضع بو حبيب أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، في أجواء جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول لبنان ومواقف الدول الأعضاء في المجلس. وقد توافق الجانبان على “أهمية اعطاء أصوات الاعتدال والعقل فرصة بدلاً من ترك الساحة للمتطرفين، وأهمية وقف إطلاق النار في كل من لبنان وغزة”.
وتوافق المجتمعان، على “أهمية الانتخاب الفوري لرئيس الجمهورية نظراً للانعكاس السلبي للفراغ الرئاسي على التحديات التي يواجهها لبنان”.
هذا ويصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لبيروت اليوم، بهدف متابعة تطوّرات الوضع اللبنان على المستويين السياسي والأمني، حيث سيلتقي رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وعدداً من القيادات السياسية ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية. وتشير مصادر فرنسية إلى أن زيارة لودريان الى لبنان مهمة أكثر من أي وقت وتشير المصادر الى أن الرئيس ايمانويل ماكرون يعمل مع الأميركيين من أجل خفض التصعيد وإيجاد حل لما يجري بالدبلوماسية. وليس بعيداً ترى مصادر سياسية ان ما حصل في الايام الماضية على مستوى المجازر التي ارتكبتها “إسرائيل” الثلاثاء والاربعاء والجمعة فضلا عن تكثيف غاراتها في الجنوب يؤكد ان الاهتمام اليوم منصبّ على مستوى التهدئة وليس على الملف الرئاسي، مشيرة الى أن ما يجري من اتصالات في ما خص الملف الرئاسي سيبقى يدور في حلقة مفرغة طالما أن الحرب مستمرة.
الى ذلك يعقد هذا الأسبوع في باريس الاجتماع العسكري الدولي الذي يهدف إلى البحث في تعزيز تجهيزات الجيش اللبناني، بحضور ممثل عن قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي لن يشارك في الاجتماع نظراً للظروف التي يمر بها لبنان جراء العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت الأسبوع الفائت.
ويعقد مجلس الوزراء جلسة عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم الاثنين في السراي الحكومي لمتابعة البحث في مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2025.

Please follow and like us:

COMMENTS