ذكرت "الراديو الإسرائيلي" مساء أمس الإثنين، أن الولايات المتحدة الأمريكية تتبنى، وللمرة الأولى رسميًا، خطة لإنشاء خط سكة حديد “السلام الإقليمي”. وبلور هذه الخطة كل من رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، بنيامين نتنياهو، ووزير المواصلات في حكومته، يسرائيل كاتس.
ويشكل المشروع تطوراً ضاراً بمصالح الدول العربية وبالكثير من قد يؤثر على العديد من دول المنطقة. وأضاف أن تبني واشنطن لتلك المبادرة جاء عقب اتصالات مستمرة حولها، خلال العامين الماضيين، بين "إسرائيل" والإدارة الأمريكية وجهات عربية في المنطقة.
وتطرق مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، لهذه الخطة، في تغريدة له على موقع “تويتر”. وقال غرينبلات: “كاتس سيقدم خطة لبناء سكة حديد تربط بين "إسرائيل" والأردن والسعودية وباقي دول الخليج”. وأضاف: “دعونا نواصل الحوار، هذه الجهود تدعم جهودنا”.
وكانت وتيرة التطبيع "الخليجي" قد زادت، خلال الفترة الأخيرة، عبر مشاركات "إسرائيلية" في أنشطة رياضية وثقافية في دول عربية. وقبل نحو عشرة أيام، زار رئيس الوزراء "الإسرائيلي" سلطنة عُمان، في أول زيارة علنية لمسؤول "إسرائيلي" منذ 22 عامًا.
ومنذ عام 2016، تستعد إسرائيل لإنشاء سكك حديد باتجاه الأردن، على أن يتم لاحقاً مد الشبكة إلى ميناء العقبة الأردني جنوب المملكة، هذا ماكشفه وزير النقل "الإسرائيلي"، يسرائيل كاتس، أواخر آب الفائت، قائلاً إنه يجري حالياً "وضع حجر الأساس" لهذا الخط، وسبق تصريحه هذا بحوالي شهر إفادة مسؤول أردني رفيع المستوى بأن "إسرائيل" ستنفذ قريباً مشروعاً للربط السككي مع الأردن، على نفقتها، بتكلفة تقدر بنحو مليار دولار"، بهدف تعزيز حركة النقل وشحن البضائع بين الجانبين.
كذلك نقلت وسائل إعلام إسرائيلية قبل ثلاث سنوات معلومات عن بدء إسرائيل بمشروع لإحياء السكة الحديد الحجازية التاريخية ببناء سكة قطارات جديدة تربط بين مدينتي حيفا وبيسان على أن ترتبط بمدينة إربد الأردنية بالمرحلة الثانية من المشروع الذي سينتهي في غضون عامين، ويبدو أن الوقت قد حان للبدء بالمرحلة الثانية من المشروع الإسرائيلي.
يرى كثيرون أن إسرائيل تنظر إلى هذا المشروع كأحد الركائز الأساسية لدعم التجارة مع الدول العربية مستقبلاً، واستعدادا لتطبيع محتمل مع العالم العربي، علماً أن التجارة عبر إسرائيل ارتفعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بسبب تجنب شركات النقل البحري الطريق السوري جرّاء الحرب المستمرة هناك منذ عام 2011، وبحسب البيانات الإسرائيلية، فقد ارتفع تداول البضائع بين الأردن والاحتلال بمعدل 65% بين عامي 2010 و2015.
مد شبكة الحديد داخل الأردن، سيعمل على زيادة تدفق المنتجات الإسرائيلية إلى الأسواق الأردنية، وكذلك تمكين إسرائيل من اختصار حلقات النقل إلى دول أخرى عن طريق استخدام الأراضي الأردنية.
اللجان النقابية الأردنية المقاومة للتطبيع مع إسرائيل، تقول إن الحكومة الأردنية انتقلت من مرحلة الراعية للتطبيع إلى شريك أساسي بالتطبيع، وترى أن المشاريع الثنائية بين إسرائيل والأردن أمر واقعي موجود على الأرض، وأن الهدف من إنشاء خط سكة حديد لتسهيل إجراءات الدخول والخروج من المنطقة الصناعية، تحت اسم مشروع ( بوابة الأردن).
بالعودة إلى نهاية ستينيات القرن الماضي، فقد تأسست في إسرائيل عام 1968 جمعية "للسلام في الشرق الأوسط", مهمتها وضع الخطط والبرامج والمشاريع لإقامة سوق شرق أوسطية على غرار السوق الأوروبية المشتركة.
في ذلك الوقت طرح حزب العمل الإسرائيلي إقامة اتحاد إسرائيلي – فلسطيني أردني على غرار اتحاد بنيلوكس، بين بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ، وتبنى ياسر عرفات طروحات حزب العمل حول الاتحاد الثلاثي ومشروع مارشال.
وفي العام 1975 وضع جاد يعقوبي، وزير المواصلات في حكومة الجنرال إسحق رابين مخططاً للتعاون الإقليمي في مجال المواصلات بين إسرائيل والأردن ومصر، وقدمه للجنرال رابين وتضمن مشروع يعقوبي ربط الأردن بميناء حيفا بواسطة سكة حديد قطار الغور, وإيجاد اتصال بري بين الأردن وميناء أسدود، وتطوير شبكة خطوط حديدية بين إسرائيل والدول العربية المجاورة، وتحويل إسرائيل في نطاق التعاون الإقليمي إلى جسر بري بين مصر ولبنان.
وخلال زيارته للولايات المتحدة في بداية نيسان 1986 اقترح شمعون بيرس اعتماد مشروع مارشال للشرق الأوسط لتأمين الاستقرار في المنطقة حسب التخطيط والمصالح الإسرائيلية على غرار مشروع مارشال لأوربا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك لدمج إسرائيل في المنطقة.
وبحسب خبراء "إسرائيليين" فإن كيانهم العنصري سيصبح في ظل "السلام" مركزاً للأموال العربية والتأمين في الشرق الأوسط . يقول الخبير موشيه ماندلباوم: "وبما أن إسرائيل تتمتع بأفضل الاتصالات في الشرق الأوسط، فمن الممكن جداً أنه مع حلول السلام أن تتحول أموال النفط العربية إلى أسواق إسرائيل المالية، أما بالنسبة للتأمين فإسرائيل تتمتع بمكان عظيم للحصول على القسم الأكبر من السوق العربية".
وكالات، 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، 2018