“أمازيغ” المغرب بين الإستهداف “الإسرائيلي” والإستغلال “الدولي” (دراسة وندوة)

الحقول : مشكلات فنية تسببت بفقدان مقالات ومواد منشورة
تقرير أميركي يدعو إلى إنهاء «الكابوس العراقي»
طائرات تجسّسيّة أميركيّة في سماء لبنان: استطلاع وتنصّت 24/24

خاص ـ تحرير الحقول / أثارت دراسة صدرت في الأيام الأخيرة، وكشفت عن مخطط إسرائيلي لاختراق تنظيمات الحركة الثقافية الأمازيغية، جدلا جديدا في المغرب عن التطبيع مع إسرائيل، وتخوفات من أن تكون هذه الحركة بوابة لاختراق إسرائيلي للساحة الثقافية والسياسية في البلاد.

وتقول الدراسة، التي أعدها باحث صهيوني في مركز موشي دايان التابع لجامعة تل أبيب ـ إن إسرائيل تحاول أن تستميل أطرافا غير عربية في الصراع العربي الإسرائيلي من أجل مواجهة التيارات الإسلامية والقومية التي تضغط في اتجاه معاداة إسرائيل في بلدان المغرب العربي.

وكانت في السابق تروج أخبار بين الفينة والأخرى عن محاولات لتأسيس جمعيات “للصداقة اليهودية الأمازيغية”، إضافة إلى أنباء عن زيارة نشطاء من الحركة الثقافية الأمازيغية إلى إسرائيل بشكل سري.

كما أن هناك حالات أخرى قليلة لم يجد أصحابها حرجا في الإعلان عن زياراتهم إلى إسرائيل، ويعتبرون أن الصراع العربي الإسرائيلي “لا يعني الأمازيغ”.

وسبق للأمين العام للحزب الديمقراطي الأمازيغي المحظور أحمد الدغرني – المعروف بزياراته المتكررة لإسرائيل- أن صرح في حوارات صحفية بأن التطبيع مع إسرائيل “مصلحة أمازيغية لمواجهة الاستهداف العربي” للمغرب.

غير أن ناشطين في الحركة الثقافية الأمازيغية رفضوا ما ذهبت إليه الدراسة الإسرائيلية، وقالوا إنه لا علاقة لهذه الحركة بأي تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

رفض مبدئي
وقلل الباحث والناشط في الحركة الثقافية الأمازيغية أحمد عصيد من شأن الأخبار التي تروج عن سعي إسرائيل لاختراق هذه الحركة، واعتبر أنه لا يمكن الحديث في الواقع عن أي إمكانية لاهتمام الحركة الأمازيغية بإسرائيل أو مخططاتها، لأن عمل الحركة “ينصب فقط على الحفاظ على الحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ” في ما يسميه “المغرب الكبير”.

وأضاف عصيد في تصريح للجزيرة نت أن زيارات “بعض الأفراد” الأمازيغ لإسرائيل لا يمكن أن تكون مبررا للقول بوجود تطبيع بين الحركة الثقافية الأمازيغية وإسرائيل، مشيرا إلى أن تلك الزيارات “كانت بدوافع شخصية” ولم تنظم في إطار أي هيئة أمازيغية، كما أن أصحاب تلك الزيارات “لزموا الصمت” بعد عودتهم، على حد تعبيره.

وأكد أن رفض الحركة الأمازيغية التعامل مع إسرائيل ينبني على “رفضها المبدئي التعامل مع أي جهة أجنبية”، وعلى موقف الحركة التضامني مع الشعب الفلسطيني، واعتبار إسرائيل “كيانا عسكريا محتلا”، مضيفا أن تضامن الحركة الأمازيغية مع فلسطين ينطلق من “البعد الإنساني” وليس من البعد العربي أو الإسلامي.

أما الناشط الأمازيغي عبد الله أوباري فيقول إن قضية فلسطين بالنسبة للأمازيغ “قضية عقدية”، وإن “الفئة المعزولة” التي تطبع مع إسرائيل تشتغل بمنطق “عبثي”.

ودعا في تصريح للجزيرة نت إلى ضرورة التفريق بين ما سماها “الحركة الأمازيغية الأصيلة” التي تشكل “عمقا هوياتيا” للشعب المغربي، وبين من اعتبرهم “متسللين” يسعون إلى تحقيق مصالح شخصية على حساب قضايا كبرى.

وأضاف أوباري أن الزيارات التي يقوم بها بعض النشطاء الأمازيغ لإسرائيل “غير بريئة” رغم محاولة إضفاء الطابع الثقافي أو الأكاديمي عليها، لأنها “تسعى في الحقيقة إلى خدمة الأجندة الصهيونية” كما يقول.

رهان خاسر
من جهته اعتبر نائب رئيس المبادرة المغربية للدعم والنصرة عزيز هناوي أن “ركوب” بعض الأمازيغ على “الخيار الإسرائيلي” لخدمة القضية الأمازيغية “خطأ كبير”، لأن “الاعتماد على كيان مجرم رهان خاسر ووهم عظيم”.

وقال هناوي في تصريح للجزيرة نت إن المجتمع الأمازيغي “مجتمع مقاوم وأصيل في طبعه، ويرفض التطبيع مع إسرائيل”، معتبرا أن “النخب المتساقطة التي تهرول نحو تل أبيب لا تمثل المكون الأمازيغي المغاربي”.

وفي السياق ذاته قال منسق مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين خالد السفياني إن “محاولات الاختراق الصهيوني شاملة” وليست مقتصرة على الحركة الأمازيغية، مضيفا أن الحالات التي تتمكن إسرائيل من اختراقها تبقى “محاصرة ومعزولة”.

واعتبر السفياني في حديث للجزيرة نت أن الأمازيغ المغاربة أبرياء من تهمة التطبيع، وأن من سماهم “عملاء المخابرات الصهيونية” لا يمثلون الحركة الأمازيغية، مشيرا إلى أن الأمازيغ “عرفوا تاريخيا بمقاومة الظلم ورفض الاحتلال”.

ندوة : دعاية إنقسامية وتحبيذ تدخل “دولي”

من ناحية أخرى، لم ينجح ممثلو ‘الجمعية المغربية لحقوق الإنسان’ و’الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة’ في تقديم جواب دقيق حول ما إذا كان الأمازيغ يمثلون أقلية إثنية في المغرب، وذلك في الندوة الصحفية التي نظماها، أول أمس بالرباط (السبت 11 أيلول 2010)، لتقديم التوصيات الختامية للجنة الدولية الخاصة باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. فبينما ركّز أحمد الهائج على ‘التمييز العنصري’ ضد المواطنين بغض النظر عما إذا كانوا أقلية أم لا، لم يستطع أحمد أرحموش أن يؤكد ما إذا كان الأمازيغ أقلية أم لا، مشيرا إلى معلومة وردت في التقرير الذي قدمته الجمعيتان للجنة الدولية تفيد أن ‘75% من المغاربة أمازيغ، منهم 3% أقليات يهودية ومسيحية’، وهي معلومة يؤكد التقرير أن الحكومة نشرتها في موقعها الإلكتروني بعد انطلاقه. مما يكشف أن كل حديث عن وجود أقلية أمازيغية، هو ادعاء غير موضوعي ولا علمي. ولم يجد ممثلو الجمعيتان في الندوة ما يبرّروا به التركيز على الأمازيغ وحدهم في التقرير، مع أنه يشير إلى وجود مكونات إثنية أخرى، مثل ‘الصحراويين وغيرهم من الأقليات’ ويزعمون تعرضهم للتمييز العنصري.

وحسب ناشط أمازيغي، فإن تعامل التقرير الأمازيغ كأقلية، من شأنه بث منطق الأقليات فيهم والذي يولد الإحساس بالمظلومية وهو العامل الذي يدفع إلى إثارة نزعات عرقية غير موجودة أصلا كمقدمة لإثارة الفتنة.

من جهة أخرى، يعكس التقرير تحاملا على حزبا العدالة والتنمية وحزب الاستقلال، ويصفهما بأنهما تأسسا على الميز -بحسب ادعاء التقرير-، بخلاف ما ينص عليه القانون، لكونهما لهما مرجعية دينية وعرقية، حسب منطوق التقرير، وهو ما يعتبر تحريضا ضد الحزبين، في الوقت الذي يدافع في الفقرة ذاتها عن حق حزب آخر هو ‘الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي’ في الوجود، مستنكرا حرمانه من الاعتراف القانوني ضدا على القانون.

ووصل الأمر بكبير مولود، ناشط أمازيغي، في الندوة، أن هدّد برفع دعوى قضائية ضد العدالة والتنمية، طبقا للمادة 14 من الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، بوصفه حزبا يقصي الأمازيغ، مع أنه عجز إثبات ما يؤكد ذلك في وثائقه وتصريحات قيادييه، متجاهلا تأكيد الحزب نفسه ومسؤوليه مرارا بأنه ‘حزب سياسي بمرجعية إسلامية’، وهو ما اعتبر موقفا سياسيا ضد حزب وازن، ولا علاقة له بحقوق الإنسان. وقال الحسن الداودي، نائب الأمين العام للحزب، إن موقف الجمعيتان من حزبه ‘ينم عن جهل بمواقفه واختياراته’، مبرزا أنهم ‘لايستحقون الرد ‘، لأن ‘الحزب لا يقبل أن يزايد عليه أحد بالأمازيغية أو غيرها’.

ويطفح التقرير كذلك بأحكام قيمة، حول تعرض الأمازيغ في المغرب لما وصفه بـ’أبشع أنواع التمييز بسبب اللغة والانتماء القومي’، بل إنه ينساق وراء مطالب اللجنة الأممية للمغرب بتقديم خريطة إحصائية دقيقة حول المكونات الإثنية لسكانه، دون مراعاة خطر توظيف ذلك ضد وحدة المغرب ونسيجه الاجتماعي مستقبلا.

وزعم أرحموش أن الأمازيغية في المغرب ‘أصبحت في خطر’، حيث يتم تعريف مطلق للمحيط، ووصف السياسة المنتهجة من لدن الدولة بأنها ‘سياسة خطيرة جدا’، مبرزا أنه لا زال ‘يتم تعيين مسؤولين عرب مثل القواد والعمال في مناطق أمازيغية سكانها لا يعرفون العربية’.

وقارن كبير مولود، ناشط في الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، المغرب بالبوسنة والبرازيل، وقال إنهما قدما معلومات حول التشكيلة العرقية ببلديهما للجنة الدولية ، دون أن ينتبه للفروقات الكبيرة في المعطيات التاريخية والإثنية والثقافية. فالبوسنة منقسمة عرقيا ولغويا ودينيا، وفي سنوات التسعينات كانت معرضة لإبادة حقيقية من صربيا، بينما في البرازيل ظلّ السود في غيتوهات عنصرية، لا زالت مستمرة إلى اليوم، ولا يجوز بحال مقارنة ذلك بوضع الأمازيغ في المغرب.

إعداد : مركز الحقول للدراسات

المصادر :

ـ تقرير الدراسة والمقابلات :

الجزيرة نت، الرباط

11 أيلول، 2010

المصدر :

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F3074B04-DE52-45E4-8968-DFD78CE8D0F7.htm?GoogleStatID=20

ـ تقرير الندوة والتعليقات :

إسماعيل حمودي

‏الاثنين‏، 13‏ أيلول‏، 2010

المصدر :

http://www.hibapress.com/news8294.html

COMMENTS