افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 7 كانون الأول، 2020

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 17 حزيران 2017
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 12 تشرين الأول، 2018
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 9 نيسان، 2020

البناء
40 يوماً مع ترامب هبّة باردة وهبّة ساخنة.. والخطر الأبرز هو العمليّات الأمنيّة
الحريري في بعبدا بهيكل غير كامل للحكومة لملء الوقت الضائع
دياب وسلامة لخطة ترشيد الدعم وتمويلها لستة شهور بمليار دولار
بعد أربعين يوماً سيصبح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رئيساً سابقاً، رغم عودته أمس، لنغمة التبشير بالفوز بالانتخابات، حيث تؤكد مصادر متابعة في واشنطن للمسارات القانونية التي تلت الانتخابات استحالة انقلاب الصورة، بعدما حسمت المراجع القضائية 95% من المراجعات بتأكيد النتائج، ولا يبدو أن ثمة إمكانية لتكوين قضية تتيح التقدّم للمحكمة الدستورية للطعن بالنتائج، وحيث ينعقد المجمع الانتخابي خلال الأيام العشرة المقبلة ويعلن فوز الرئيس المنتخب جو بايدن، لكن حسم المسار الانتخابي الذي يحسم انتقال السلطة الى بايدن في الـ 20 من الشهر المقبل، لا يحسم مصير الأيام الأربعين التي يملأها ترامب بالقلق والخوف من دعسات ناقصة يقدم عليها. وفي هذا السياق تنبّه مصادر أمنية من كون لبنان نقطة رخوة في المشهد الإقليمي، ومن كون الأمن ساحة فعل مرشحة في مثل هذه الفوضى السياسيّة على الساحة الدولية.
رغم تشديد المصادر الأمنية على أن تشكيل حكومة جديدة مدعومة من القوى السياسية كافة يقطع الكثير من الطرق على مشاريع التخريب الأمني، يبقى المسار الحكومي مجمّداً، وفيما يجري التداول بمعلومات عن توجه الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الى بعبدا حاملاً إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مشروع مسودته الحكومية من 18 وزيراً، قالت مصادر مواكبة للمسار الحكومي إن الزيارة لن تحمل أكثر من هيكل ناقص للحكومة، وستكون محكومة بالعجز عن المضيّ في مسار التشكيل بانتظار مناخات دوليّة وإقليميّة مناسبة، ولذلك فالزيارة برأي المصادر لن تختلف عن سابقاتها لجهة ملء الوقت الضائع.

القضيّة التي لا تزال تتصدّر أولويات الناس وتتقدّم كأولويّة لا تحتمل ترف الوقت، هي خطة ترشيد الدعم التي سيبدأ البحث بها وبتمويلها في اجتماع يُعقد في السراي الحكومي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وحضور وزراء المال والاقتصاد والطاقة والصناعة والزراعة، وحاكم مصرف لبنان وأعضاء المجلس المركزي، حيث سيحمل الوزراء تصوّراتهم لمعايير الترشيد في وزاراتهم ومجال اختصاصاتها، والكلفة المطلوبة لتغطية هذه الاحتياجات، بينما يقدّم حاكم المصرف وأعضاء المجلس المركزي تصوّراتهم حول القدرة على التمويل، والبحث بتخفيض الاحتياط الإلزامي للمصارف من 15% الى 12% سيكون على الطاولة، وتوقعت مصادر معنية بخطط الدعم ومناقشات اليوم التي ستستمر غداً وربما بعد غد، أن يرسو التفاهم على خطة لستة شهور قيمتها مليار دولار، لا تطال تأمين الدعم للمحروقات، التي ينتظر تحريرها جزئياً من خطط الدعم المتوقعة عبر ربط دولار الاستيراد بسعرين للمبيع من مصرف لبنان، واحد بـ 3950 ليرة والآخر بسعر السوق أي 8000 بحيث يكون هناك سعران لصفيحة البنزين واحد بـ 50 الف ليرة والثاني بـ100 الف ليرة على ان يتم التعويض للسائقين العمومين بموجب بطاقات تسدّد بموجبها لهم مبالغ مالية شهرية تعادل الفارق عن سعر الـ1500 المعتمد حالياً لتمويل الاستيراد.

وبينما يزور رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعبدا اليوم الاثنين، وفق بعض الترجيحات لتقديم تشكيلة حكومية من 18 وزيراً من الاختصاصيين للوقوف على رأي الرئيس عون فيها، أفادت مصادر قناة «المنار» بأن الهدف الأول من الترويج لمعلومات عن إنجاز رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري التشكيلة الحكومية، هو إظهار أن رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل هما المسؤولان عن التعطيل، بينما هو قام بما عليه.

وأشارت المصادر إلى أن الهدف الثاني هو القول للفرنسيين إن المطلوب الضغط على عون وباسيل، لافتة إلى أن الحريري لن يقدم على أي خطوة من دون تنسيق مع الفرنسيين ومن دون الحصول على أسماء الوزراء الشيعة.

وكشفت المصادر أن الفرنسيين يعملون على إنجاز التشكيلة الحكومية قبل زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى لبنان في الشهر الحالي، وبالتالي خيار حكومة الأمر الواقع مستبعَد، بينما الحل هو وساطة متوازنة وتناسي أمر الأميركيين.

ولفتت مصادر بيت الوسط لـ«البناء» إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون يجب أن يتعاون مع الرئيس الحريري للإسراع في تأليف الحكومة من أجل إنقاذ الوضع، خاصة أن المجتمع الدولي يشترط دعم لبنان تأليف الحكومة الأمر الذي يتطلّب من الجميع التعاون لتسهيل التشكيل، بدل اللجوء الى رفض التشكيلة الحكومية، معتبرة أن الحريري يتعاطى بإيجابية ويعتمد أداء عدم التعليق على الكثير من الاتهامات التي يتعرّض لها فضلاً عن أنه التزم الصمت بعد الذي صدر عن اجتماع الأعلى للدفاع علماً ان ما حصل من قبل الرئيس عون كان مخالفاً للدستور.

ومع ذلك، لفتت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ«البناء» الى ان زيارة الحريري الى بعبدا لم تتأكد بعد، وفي حال حصلت، فإن البحث سوف يتناول توزيع الحقائب من دون الدخول في لعبة الأسماء خاصة أن كل المؤشرات توحي ان لا حكومة حتى الساعة، وبالتالي لن يطرح الرئيس الحريري اية تشكيلة.

وجدّد «التيار الوطني الحرّ» انتقاده للرئيس المكلّف سعد الحريري، محملاً إياه مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة فمن غير المقبول ربط التشكيل بتبدّل الظروف وبالضغوط الحاصلة. كذلك، أكد انسجام التيار مع الرئيس عون في ملف التدقيق المالي الجنائي. وقال إن الالتزام بوحدة المعايير والمبادئ هو حبل نجاة للرئيس المكلف. إذ يحفظ التوازنات ويحترم الأصول، ويحقق الهدف الوطني بقيام حكومة اختصاصين ‏تنفذ الإصلاحات المطلوبة، ويتمتع وزراؤها بالكفاءة والفعّالية والقدرة على الإنتاج.

وشدّد المجلس السياسي على ضرورة التزام الدستور في عملية التشكيل، باحترام موقع رئاسة الجمهورية وصلاحياتها، من دون أي انتقاص أو تجاوز.

ودعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في قداس الأحد رئيسَ الجمهوريّةِ والرئيسَ المكلَّفِ، ومهما كانت الأسباب الحقيقيّة التي تؤخّر إعلانَ حكومةٍ جديدة، إلى تخطّي جميع هذه الأسباب، واتخاذ الخطوة الشجاعة وتشكيلِ حكومةِ إنقاذٍ استثنائية خارج المحاصصة السياسيّة والحزبيّة. وتوجه اليهما بالقول: لا تَنتظِرا اتّفاقَ السياسيّين فهم لن يتّفقوا، ولا تَنتظِرا انتهاءَ الصراعاتِ الإقليميّة فهي لن تنتهيَ. ألِّفا حكومةَ الشعب، فالشعبُ هو البدايةُ والنهاية، وهو الذي سيحسم بالنتيجة مصير لبنان.

وسأل: هل من مبرّر لعدم تشكيل حكومة جديدة تنهض بلبنان الّذي بلغَ إلى ما تحت الحضيض والانهيار اقتصاديًّا وماليًّا ومعيشيًّا وأمنيًّا، وتعيده إلى منظومة الأمم؟ أين ضميرهم الفرديّ وأين ضميرهم الوطنيّ؟ ماذا ينتظرون أو يضمرون في الخفاء؟ وفي كلّ حال لبنان وشعبه وكيانه فوقهم جميعًا، وصامد بوفائه وكرامته!

ويزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان بين 21 و23 كانون الأول الحالي، لكن برنامج الزيارة لم يتحدد رسمياً بعد ولا طبيعة الوفد الرسمي المرافق، ولم يُعرف بالضبط ما الذي سيحمله معه الى لبنان من مقترحات او مبادرات، سوى أنه سيقوم بزيارة تفقدية للقوات الفرنسية العاملة في إطار قوات اليونيفيل في الجنوب، وتأكيد الدعم للشعب اللبناني. وسيتم تحديد برنامج الزيارة التفصيلي واللقاءات التي سيعقدها لاحقاً، في ضوء المدة التي ستستغرقها الزيارة.

الى ذلك أفيد أن اجتماع السراي اليوم حول دعم المواد الأساسية والضرورية لن يكون الأخير إذ ستعقد لقاءات متتالية يوم غد الثلاثاء في نهار «ماراتوني»، علماً أن اللجان النيابية المشتركة سوف تجتمع الاسبوع المقبل لاستكمال البحث بملف الدعم، بعدما طالبت الحكومة ومصرف لبنان بإرسال مقترحات جدية عملية. وشددت المصادر المطلعة على موضوع الدعم على أن أكثر من 70 في المئة من الدعم لم يستفد منه ذوو الدخل المحدود والفقراء فهو ذهب الى الأغنياء والوسطاء والتجار والنازحين الذين يستفيدون من بطاقات الأمم المتحدة فضلاً عن ان نسبة كبيرة من المواد المدعومة هربت الى سورية، وبالتالي فإن الاجتماعات المتتالية سوف تبحث في ما حصل لتبني على الشيء مقتضاه حيال ضرورة ترشيد الدعم علماً أن البعض بدأ يطرح ضرورة الذهاب الى اعتماد بطاقات تموينية يستفيد منها الفقراء وذوي الدخل المتوسط بالاعتماد على إحصاءات ودراسات البنك الدولي والأمم المتحدة خاصة أن الاحتياطي الإلزامي بات في خطر.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

اللواء
«لغم الدعم» ينفجر أم يعّجل الحكومة؟
الحريري إلى بعبدا مع «تشكيلة متوازنة».. وجنبلاط يتهم العهد بالكيدية.. وماكرون إلى بيروت بعد أسبوعين
حتى يتوجه الرئيس المكلف سعد الحريري الى بعبدا، وعلى الأرجح اليوم، (الموعد المبدئي الساعة 11)، يبقى الانتظار سيّد الموقف، لمعرفة كيف سيتعامل الرئيس ميشال عون، الذي يتصرف بإدارة الدولة، من خلال مجلس الدفاع الاعلى او حكومة تصريف الاعمال، مع الصيغة الحكومية المكتملة، في وقت يتصدر موضوع رفع الدعم عن المحروقات والطحين والدواء، بدءاً من اليوم، حيث سيعقد اجتماع في السراي الكبير برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، مع حاكم مصرف لبنان او مَن ينتدبه والوزراء المعنيين للبحث في مسار الدعم، وفقا او ترشيدا او تدرجا، بانتظار الفرج الآتي من عالم الغيب.

ويركز الاجتماع، وفقا لمصدر مطلع، على البحث عن آليات، وخيارات التعامل مع المخاطر المحدقة بنفاذ احتياطي المصرف المركزي من العملات الصعبة، في وقت لا يتعدى اسابيع قليلة، لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة.

ويدور النقاش، من زاوية تغيير المقاربة، عبر دعم الناس المحتاجين، لا السلع المدعومة التي يستفيد منها الاثرياء والميسورين، مثل الفقراء والمعوزين.

والملفت، ترقب اصحاب المطاحن والافران للقرار الذي سيصدر عن اجتماع السراي، في ما خص رفع الدعم، على ان تبلغ الاجتماعات ذروتها غدا الثلاثاء.

وفي السياق، قال نقيب الصيادلة غسان الامين ان الفاتورة الدوائية مرتفعة، ولا يُمكن خفضها، واصفاً وقف الدعم «بالكارثة، وان الناس سيقتلون بعضهم البعض في الشوارع».

الحريري إلى بعبدا

حكومياً، اشارت مصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، ان الرئيس المكلف سعد الحريري سيلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون عاجلا ام اجلا وفي التوقيت الذي يراه مناسبا  بنفسه لاكمال مشاورات تأليف الحكومة وليس كما يريده الذين يحاولون فرض مواصفات وشروط تعجيزية تتجاوز اسس ومضمون المبادرة الفرنسية. وقالت ان الترويج لمعلومات وتوقعات مسبقة عن رفض  الرئيس عون التوقيع على اي تشكيلة حكومية يحملها الرئيس المكلف، انما يندرج في اطار محاولات استدراج ردود فعل وتجاذبات من قبل الاخير للتشويش على مسار عملية تشكيل الحكومة عموما وحرفها عن مسارها، اما لتغيير آلية التشكيل المتبعة خلافا لرغباتهم واساليبهم السابقة المعهودة او لايصال مهمة الرئيس الحريري الى الطريق المسدود في النهاية وحمله على الاعتذار عن التشكيل.

واشارت المصادر إلى ان هذه المحاولات الابتزازية مكشوفة منذ البداية ولن تؤدي الا إلى اطالة امد الازمة الحكومية اكثر مما كان متوقعا، ولكنها بالطبع لن تحمل الحريري على الاعتذار عن التكليف لانه مايزال مصرا على الإلتزام بتشكيل حكومة المهمة الانقاذية المرتكزة على المبادرة الفرنسية باعتبارها تشكل الفرصة الفريدة والملائمة لمساعدة لبنان ليتمكن من المباشرة بحل الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها حاليا.

وقالت المصادر ان الرئيس الحريري سيحمل معه الى بعبدا تشكيلة وزارية متوازنة.

والسؤال: هل ينفجر لغم الدعم، اليوم، ام ان القرار ينتظر تأليف حكومة تحرّك المساعدات المالية، بعد ولوج باب الاصلاحات.

وتتحدث المعلومات ان صيغة الحريري تضم 18 وزيراً، وهو الامر الذي يعارضه الرئيس عون، اذ يفضل حكومة من 22 وزيرا لضمان تمثيل الامير طلال ارسلان فيها، وللحصول على الثلث المعطل، في حال، كان قدر هذه الحكومة العتيدة المقبلة، اذا تشكلت تقوم مقام رئيس الجمهورية اذا حدث شغور رئاسي بعد اقل من عامين، بانتهاء ولاية رئيس الجمهورية في 31 ت1 (2022).

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الأخبار
الحريري يصحو على وقع «المبادرة الأوروبية»
بالشكل، سيكسر الرئيس يسعد الحريري اليوم الجمود الذي كان مسيطراً على المشهد الحكومي. وبعد أيام طويلة من الانتظار، يتوقع أن يقدم تشكيلة حكومية يدرك أنها لن تبصر النور إن كانت تشكيلة أمر واقع. لكن مع ذلك، فإن خطوته تلك التي تصنف في خانة «اللهم إني حاولت»، لا يمكن عزلها عن الزيارة المتوقعة للرئيس الفرنسي إلى لبنان أو عن التحرك الأميركي – الألماني لوراثة المبادرة الفرنسية
بعد ظهر اليوم، يزور الرئيس سعد الحريري قصر بعبدا. سيدخل من الباب الرئيسي، لإضفاء طابع رسمي على الزيارة. ويرجّح أن يحمل بيده تشكيلة، بصرف النظر عما إذا كانت مكتملة أو لا. ثمة روايتان. الأولى تؤكد أنه سيعرض على رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، تشكيلة أمر واقع من ١٨ وزيراً، والثانية تشير إلى إمكان عرضه بعض الأسماء الجديدة التي تضاف إلى الأسماء التي سبق أن طرحها على رئيس الجمهورية. الحديث عن تشكيلة الأمر الواقع يشكل عملياً تأكيداً لرفض التشاور مع ميشال عون بالأسماء المسيحية. ولذلك، تحديداً، لم يسلّم ثنائي حزب الله وأمل أيّ أسماء للحريري، لا بل إنه بدا واضحاً أن حزب الله لن يسلّم الأسماء قبل أن يتفق الحريري مع رئيس الجمهورية، لأنه «لن يسمح بالاستفراد بعون».

مع ذلك، فإن في قصر بعبدا ارتياح إلى قيام الرئيس المكلف بواجبه الدستوري، بدلاً من المراوحة التي تميّزت بها المرحلة الماضية. خطوة الحريري يفترض أن تفتح الباب الدستوري أمام رئيس الجمهورية للنقاش في الأسماء والحقائب، تمهيداً لتوقيعه على مرسوم التأليف. وهنا، إذا لم يجرِ التعاون بين الطرفين لإنجاز التشكيلة، فإن المحاولة ستنتهي إلى عودة كل طرف إلى التمسك بشروطه.
من جهة أخرى، وبصرف النظر عن النتيجة المتوقعة، يُنظر إلى خطوة الحريري بوصفها جزءاً من تحرك لبناني يستبق زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ما مدى نجاح هذه الخطوة؟ ذلك ينتظر لقاء اليوم وما سيليه. كذلك لا يمكن عزل الزيارة عن الاجتماع الذي يعقد اليوم في مقر الاتحاد الأوروبي، بهدف بلورة مبادرة أوروبية ترث المبادرة الفرنسية تجاه لبنان.
سبق أن تردد في أوساط الحريري أن هذه المبادرة تأتي كخلاصة تنسيق ألماني أميركي بالدرجة الأولى، يتعامل مع المبادرة الفرنسية بوصفها عاجزة عن تلبية متطلبات وشروط دعم لبنان. وهذه المبادرة التي تعوّل عليها مصادر معنية بالتأليف لإحداث ثغرة في المراوحة المستمرة، تواجه معضلة أساسية، هي اعتبارها أن واحدة من سلبيات المبادرة الفرنسية أنها لم تتعامل بحزم مع حزب الله أو حتى مع إيران، التي تفتح معها باريس خطوط تواصل عديدة. السفير الأميركي في ألمانيا سبق أن كان رأس الحربة في دفعها إلى تصنيف حزب الله إرهابياً. وهو لن يكون بعيداً عن المبادرة الجديدة، علماً بأنه معروف بتشدّده وتطرفه في التعامل مع ملف إيران وحزب الله. لكن ما هي القيمة المضافة التي يمكن أن تقدمها المبادرة الجديدة؟ تؤكد مصادر مطلعة أن أي مبادرة عنوانها المواجهة مع حزب الله ستكون محكومة بالفشل مسبقاً. يدرك الفرنسيون أن العقوبات على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس كانت نتيجتها التشدّد مع الرئيس المكلف مصطفى أديب، كما يدركون أن فرض العقوبات على الوزير جبران باسيل أسهم في تشدد التيار الوطني الحر. ولذلك، فإن أي مبادرة تهدف إلى عزل حزب الله لن تكون بعيدة عن المصير نفسه.
بحسب وثيقة دبلوماسية وصلت إلى الخارجية اللبنانية، فإن فرنسا التي لم تكن تحمل أي خطة بديلة للبنان، اقتنعت بأن «الخطة الوحيدة المتبقية هي انتظار الانهيار الكلي للبنان مالياً واقتصادياً، وذلك لإرغام الأطراف كافة على الجلوس معاً للنظر في ما يمكن القيام به في مرحلة ما بعد الانهيار». على الأرجح هذا السيناريو كان مقنعاً لكثر في الداخل. لكن هل المبادرة الجديدة تبني على الفرضية نفسها؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن الافتراض المسبق سيكون الاستفادة من هذا الانهيار للوصول إلى نتائج لم تكن ممكنة قبلاً، في السياسة قبل الاقتصاد. إذا تبلورت هذه المبادرة اليوم، فقد تكون آخر محاولات إدارة ترامب لفرض تصورها للحلول في المنطقة. وهذا قد يكون كفيلاً بعدم تجاوب المتضررين من سيناريو، قرر التحالف الألماني الأميركي سلفاً توجيهه ضد فئة من اللبنانيين.
سلامة يصوّب على الدعم ليصيب الاستيراد: تخفيض ميزان المدفوعات أولويّة

دولار الـ 1515 يتلاشى. كان استيراد المواد الأساسية من بين الأمور القليلة التي تعتمد هذا السعر. لكن حتى هذه لن تجد طريقها إلى الاستمرار، مع بداية العمل جدياً على الحدّ من الدعم، بحجة نفاد الاحتياطي. رياض سلامة ليس همّه الاحتياطي، بعدما رمى كل موبقاته، التي أهدرت الدولارات، على الدعم. ولأنه لم يعد بإمكانه الاستمرار في هدر المزيد، صار همّه تخفيض الاستيراد تمهيداً لتخفيض العجز في ميزان المدفوعات. وذلك لا يتحقق إلا من خلال تحميل غير الأثرياء كلفة تضخم إضافي يحدّ من قدرتهم الشرائية!

الحاجة إلى ترشيد الدعم صارت ملحّة. ثمّة شبه إجماع على ذلك، حتى بين المتخاصمين في السياسة والاقتصاد. من يؤمن بأن الدعم هو حق للمواطن، لطالما شكك بأن الدعم، بطبيعته الراهنة، لا يصل إلى مستحقّيه. مئات ملايين الدولارات ذهبت إلى جيوب التجار، من دون أن يُحرّك المعنيّون ساكناً. طرح ذلك شكوكاً بشأن شبكة المستفيدين. هل من تعطّلت «أعماله» في نهب المال العام بالطريقة التقليدية، وجد في لعبة الأسعار المتعددة للدولار ضالّته؟ إن كان في السلّة الغذائية أو في المحروقات، يؤكد عاملون في الاستيراد أن التجار حققوا أرباحاً هائلة من خلال أمرين: تضخيم أسعار المنتجات المستوردة وعدم التصريح عن الحسومات التي يحصلون عليها. على سبيل المثال، لو أراد أحد المستوردين استيراد سلع، مصنّفة في خانة المدعومة، بقيمة ألف دولار، بحسب المستندات المقدمة إلى المصرف الذي يتعامل معه، فهو يدفع مليوناً ونصف مليون ليرة، على أن يتم تحويل الألف دولار إلى الشركة المحددة في الاعتماد.

لكن أحداً لا يتأكد مما إذا كانت الفاتورة المقدّمة مضخّمة أو لا. هناك يمكن أن تكون القيمة الفعلية للفاتورة لا تتجاوز 800 دولار. في هذه الحالة، يحصل التاجر على المئتي دولار في حسابه الخارجي، والتي يضاف إليها حكماً حسم قد يصل في أحيان كثيرة إلى 30 في المئة. هذا يعني ببساطة أن المستورد يمكن أن يحصل على ما يقارب 500 دولار نقداً في الخارج، مقابل دفعه مليوناً ونصف مليون ليرة في الداخل. وهذا يعني أن ربحه المحقق من خلال فتحه اعتماداً مصرفياً بقيمة مليون ونصف مليون ليرة يمكن أن يصل إلى ٤ ملايين ليرة، يضاف إليها الربح الناتج من بيع السلع المستوردة، وربما تضاف إليها أرباح غير مشروعة أخرى من جرّاء إعادة تهريب جزء من هذه السلع إلى الخارج.

حصيلة هذه العملية أن المستهدف بالدعم بالكاد يحصل عليه، على أن تذهب «النصبة الكبرى» إلى المحتكرين وشركائهم، الذين يمكن أن يكونوا موظّفين حكوميين ومصارف وسياسيين.
هذه العملية لا تجري بشكل فردي، بل تحولت إلى سياق منظّم، بحسب مصدر يعمل في الاستيراد والتصدير. ولذلك فإن الجريمة المرتكبة في ظل شح الدولارات في البلد تصلح لتكون جريمة ضد الإنسانية، لكونها تطال لقمة عيش الناس ودواءهم.

«المصلحة» هنا ربما تفسّر عدم قيام أحد بأي خطوة تحدّ من هدر الدولارات، بالرغم من أن خطوات بسيطة كان يمكنها أن تخفض فاتورة الاستيراد أكثر، وبالتالي، الحفاظ على المتوفر من العملات الأجنبية. على سبيل المثال، تضمّنت السلة الغذائية المدعومة أصنافاً ربما لا تخطر في بال المستهلك، حتى في عز البحبوحة. حتى في ما خص الأدوية. لطالما حكي عن أن التوقف عن استيراد الأدوية «البراند» يخفض الفاتورة الدوائية إلى النصف، لكنّ عاماً مرّ من دون أن يتخذ أحد القرار. يتردد كمثال استيراد «البانادول». كلفة دعم هذا المنتج فقط تصل إلى 30 مليون دولار سنوياً، فيما يمكن ببساطة استبداله بالباراسيتامول. على هذا المنوال، يتم التعامل مع الكثير من الأدوية. يكفي أن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن ما يحتاج إليه أي بلد هو 220 تركيبة دوائية فقط. وبالتالي، فإنه لا جدوى من وجود آلاف الأدوية المتشابهة التي تختلف فقط باسمها التجاري وبسعرها.
مصرف لبنان الذي راسل الحكومة في آب لإعلامها بأنه لم يتبقّ سوى مليارَي دولار يمكن استخدامهما، تعامل مع الأمر على قاعدة اللهمّ إني بلّغت. ظن حينها أنه بذلك يمكن أن يتبرأ من كل الموبقات التي ارتكبت سابقاً والتي أدت إلى هدر ما يصل إلى 40 مليار دولار من أموال الناس، من دون أن يكون للدعم أي علاقة بها (الهندسات المالية، الفوائد السخية لغير المقيمين، تغطية العجز في الميزان التجاري…).
أوحت «صرخة» سلامة أن الدعم يؤدي إلى استنزاف أموال المودعين، وفاته أن يقول إن تلك الأموال سبق أن سرقت عندما كان يدّعي حماية الليرة ويفاخر بأنه حامي الاقتصاد. مع ذلك، أما وقد وقعت الواقعة، فلم يعد من حل سوى توجيه الدعم إلى مستحقيه الفعليين، حتى لو اقتضى الأمر أن تتولى الدولة، في هذه المرحلة الاستثنائية، استيراد المواد والسلع الاستراتيجية.

مرّ كلام سلامة من دون رد فعل يُذكر. عُقد اجتماع في قصر بعبدا، وتلاه اجتماع في السرايا الحكومية لمناقشة الوضع، من دون أن يتم التوصل إلى أي خلاصة. كان واضحاً أن احداً لا يريد تحمّل مسؤولية رفع الدعم. بالنسبة إلى حسّان دياب، بالإمكان استعمال كل الاحتياطي، بما فيه الودائع الإلزامية، لدعم سعر الدولار، وبالنسبة إلى سلامة فإن الودائع الإلزامية لا تمسّ.

عند هذا الخلاف، توقف النقاش في مسألة توجيه الدعم إلى مستحقيه. ثلاثة أشهر منذ رسالة سلامة من دون أي تحضير لمرحلة ما بعد تخفيف الدعم. لا البطاقة التموينية أو التمويلية بُحثت بشكل جدي ولا أجري إحصاء للعائلات المحتاجة إلى الدعم. في الاجتماع الأخير للمجلس المركزي، كان القرار واضحاً برفض تحمّل مسؤولية تخفيض الدعم، على اعتبار أن هذا الأمر هو من مهمات الحكومة. وبالتالي، إذا لم تقرر وجهة الدعم في المستقبل، فإنه لن يكون أمامه سوى الاستمرار على المنوال نفسه، إلى حين نفاد الأموال (سبق أن أعلن سلامة أن الاحتياطي يكفي لشهرين).

40 مليار دولار أهدرها سلامة… ليس الدعم بينها!
يدرك جميع المعنيين أنه في حال الوصول إلى هذه المرحلة، فإن كارثة اجتماعية ضخمة ستحلّ بالبلد. وإذا كان متوقعاً أن يعقد اليوم اجتماع في السرايا الحكومية لمتابعة مسألة الدعم (تمهيداً لعرض الاقتراحات على اللجان النيابية المشتركة)، فإن تخلّي مصرف لبنان عن المسؤولية لا يعكس رغبته الشديدة في تخفيض استهلاك الدولارات التي لديه. في الأساس، ليس تخفيض الدعم هو الغاية بالنسبة إلى سلامة، بل هو الوسيلة للوصول إلى تخفيض الاستيراد. الدولارات التي تخرج من لبنان جزء منها فقط معنيّ بالدعم، فيما الدولارات الأخرى تخرج من الاقتصاد لتمويل واردات أخرى. وبالرغم من انخفاض الاستيراد بنسبة 50 في المئة، إلا أنه يطمح إلى تخفيضه أكثر. وذلك لا يتحقق عملياً إلا من خلال ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للبنانيين. فمن يستهلك فعلاً هم غير الأثرياء (الطبقة الوسطى والفقراء)، وهؤلاء قدرتهم الشرائية لن تبقى على حالها إن ارتفع ثمن صفيحة البنزين، على سبيل المثال، من 25 إلى 75 ألفاً. ذلك سيقود إلى تخفيض الاستهلاك للكماليات أو حتى لبعض السلع التي اعتاد الناس شراءها، بما سيؤدي لاحقاً إلى عدم استيرادها لانخفاض الطلب عليها.
بعدما كان العجز في الميزان التجاري قد وصل إلى 16 مليار دولار في عام 2018، انخفض هذا العام بشكل كبير من جراء انخفاض الواردات نحو 50 في المئة، لكن سلامة يأمل أن يزيد الانخفاض أكثر، بما يؤدي إلى تخفيض واضح في عجز ميزان المدفوعات. وهذا كان يفترض أن يكون أولوية منذ عام، لكن بفضل الإصرار على ترك الأزمة تتمدد، استمر الطلب على الدولار مرتفعاً، واستمر الاستيراد مباحاً من دون أي قيود، فكان بديهياً أن يرتفع سعر الدولار وتنهار الليرة. وصول سعر صرف الدولار إلى عشرة آلاف ليرة كان منطقياً، وربما متعمداً، في هذه الحالة، لكن بعد وقف الدعم، سيكون من الصعب ضبط الارتفاعات الإضافية، ما سيشكل عملياً كارثة يصعب على سلامة أو غيره توقع نتائجها. ولذلك، لم يعد أمامه سوى كبح جماح ارتفاع سعر الصرف وهو ما لن يتحقق إلا بتخفيف الاستيراد، لكن بالطريقة الأصعب والأكثر أذى للناس، بعدما تغاضت السلطة لأكثر من سنة عن تقييد حركة الاستيراد. تلك عبارة تقلق مدّعي الحرص على الاقتصاد الحر. ولذلك، لم يجرؤ أحد على المسّ بحركة الاستيراد والتصدير أو حركة الأموال، ما حصر الخيارات بتقليص الدعم، وزيادة التباطؤ الاقتصادي من جراء التضخم المتوقع.