بيان أبو الغيط ـ بلينكن تجاهل تقريراً أميركياً عن ضحايا “حروب ما بعد 11 أيلول/سبتمبر” !!

بيان أبو الغيط ـ بلينكن تجاهل تقريراً أميركياً عن ضحايا “حروب ما بعد 11 أيلول/سبتمبر” !!

برلسكوني يفضح أسرار "الربيع العربي" : فرنسا ساركوزي هي التي أطلقت حملة غزو ليبيا
سويسرا (غير) المحايدة تسلح إرهابيي “الإسلام السياسي” في سوريا وليبيا عبر الإمارات
تلفزيون العدو “الإسرائيلي” يحذر من “تفوق” سلاح الجو المصري !

تعتبر الدراسة الإحصائية التي أصدرتها جامعة براون في الولايات المتحدة الأميركية في شهر أيار/ مايو المنصرم، عن أعداد الضحايا العرب المدنيين الذين سفك الجيش الأميركي دماءهم، أثناء “غزواته” العسكرية في العراق وسوريا وليبيا والصومال واليمن (وفي باكستان وأفغانستان)، أحد الوثائق الهامة في تاريخ العلاقات العربية ـ الأميركية المعاصرة.

لقد أعدت هذه الدراسة لأغراض أميركية أساساً، ضمن “مشروع تكاليف الحرب على الإرهاب” الذي مولته الصحيفة العسكرية الأميركية “ستارز إند ستريبز/ Stars and Stripes”. لكن خظورة النتائج التي توصلت إليها، يجعلها تستحق، برأينا، أن تدرج في جدول أعمال “الحوار الاستراتيجي بين جامعة الدول العربية و[وزارة] الخارجية الأميركية” الذي افتتح يوم 17 ـ 18 تموز/ يوليو الجاري في واشنطن.

لقد نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً مفصلاً عن هذه الدراسة، تحت عنوان : “حروب ما بعد الحادي عشر من أيلول / سبتمبر أسفرت عن مقتل حوالي 4,5 مليون شخص”. بيد أن الإعلام والميديا ومراكز البحوث أهملت عرض مضمونه على الجمهور في الوطن العربي والبلاد الإسلامية، ربما باستثناء موقع الحقول الذي أعاد نشر التقرير، نقلاً عن موقع جامعة براون والصحيفة الأميركية المذكورة. أما أبرز النتائج التي وردت فيه، فهي :

  1. “إن تحديد العدد الكامل لقتلى الغزو [العسكري] الذي قادته الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق [وفي دول عربية وإسلامية أخرى]، ناهيك عن [ما يسميه الأميركيون في التقرير] الحرب العالمية الأوسع على الإرهاب، لا يزال صعباً”. لا سيما إذا ما حسبنا ضمنه، “عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم نتيجة للآثار البعيدة المدى التي خلفتها النزاعات وموجات العنف التي أعقبت حروب 11 [أيلول/] سبتمبر[2001]، وكذلك الجوع [والفقر]، وتدمير [مؤسسات وبنى] الخدمات العامة، وانتشار الأمراض”.
  2. “استند باحثو جامعة براون، في تقريرهم الذي اصدروه، على بيانات الأمم المتحدة وتحليلات الخبراء، في حساب الحد الأدنى لعدد الوفيات الزائدة [من غير العسكريين] التي سببتها آثار الحرب على الإرهاب، في العراق وسوريا وليبيا والصومال واليمن وفي أفغانستان وباكستان. وباعتراف الباحثين أنفسهم، فإن تلك الآثار [المدمرة] واسعة ومعقدة للغاية، بحيث لا يمكن قياسها في النهاية”.
  3. “في الحسابات التقديرية التي أمكن قياسها، بلغ عدد القتلى [المدنيين، في الدول المذكورة] ما بين 4,5 ـ 4,6 مليون نفس. من بين هؤلاء القتلى هناك ما بين 3,6 مليون ـ 3,7 مليون شخص، ماتوا بسبب تدهور الظروف الاقتصادية والبيئية والنفسية والصحية التي تسببت بها حروب [أميركا] ما بعد 11 أيلول/سبتمبر، وهذا العدد قابل للإرتفاع، لأن عواقب هذه الحروب مستمرة ونيرانها لم تخمد”.
  4. إن غالبية قتلى حروب ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر، هم من سكان الدول التي تعرضت للغزو والإحتلال. في صفوف الجيش الأميركي “قُتل أكثر من 7000 جندي في العراق وأفغانستان ونحو 8000 متعاقد”. كما ارتفعت “معدلات الانتحار بين الجنود الأميركيين المسرحين بما يزيد عن نسبتها بين عامة السكان” في الولايات المتحدة. بالمقابل، فإن القوات الوطنية التي واجهت الغزاة والمحتلين، خسرت حتى عام 2019، أكثر من 177 ألفًا من الجنود الأفغان والباكستانيين والعراقيين والسوريين، قتلوا باللباس  الرسمي.
  5. “هناك فريق مكون من 50 باحثاً وخبيراً قانونياً وممارساً في مجال حقوق الإنسان وطبيباً مشاركاً في مشروع تكاليف الحرب، احتفظوا بحساباتهم الخاصة منذ عام 2010. ووفقًا لآخر تقدير إحصائي يعتمده هذا الفريق”، فإن حروب 11 سبتمبر / أيلول، أكرهت 38 مليون شخص في العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال وكذلك في أفغانستان وباكستان على النزوح أو اللجوء. وهذه الإحصاءات كررتها مصادر غربية أخرى.

لقد غطت بحوث دراسة جامعة براون معطيات عشرين سنة من حروب العدوان الأميركية، التي تمتد من يوم إعلان الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الإبن، ما سمي “الحرب على الإرهاب” بعد الهجمات التي وقعت يوم 11 أيلول/سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن” حتى عام 2019. وبصرف النظر عن الدوافع الأميركية البحتة التي حضت الممولين والباحثين لإنجاز هذه الدراسة، فإن على “جامعة الدول العربية” اعتمادها كوثيقة أميركية، ذات قيمة مضاعفة في “الحوار العربي ـ الأميركي”، لسببين:

أولاً، لأنها صادرة عن جهة أكاديمية تعتمد البحث العلمي، وهي في نفس الوقت جامعة أميركية تملك حضوراً وازناً في نظام التعليم العالي بالولايات المتحدة. ثانياً، لأنها توثق وتؤرخ جرائم الجيش الأميركي وحلفائه ضد المواطنين العرب والمسلمين المدنيين، في مرحلة صعود وهبوط قوة أميركا في النظام الرأسمالي الدولي.

بهذه الطريقة يمكن أن تصبح دراسة جامعة براون فرصة لـ”جامعة الدول العربية” لكي تقوم بعملية “تبييض وجه” شاملة سياسية وديبلوماسية وإعلامية هي بأمس الحاجة إليها في الشعب العربي. لا سيما وأن نص “البيان المشترك حول الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأميركية وجامعة الدول العربية“، قد تضمن “وجهة نظر” واحدة وحيدة، منسوخة بالمبنى والمعنى، من قاموس جهاز العلاقات العامة في وزارة الخارجية الأميركية.

وكان من المسيء أن يوقع الأمين العام أحمد أبو الغيط على هكذا نص متخم بالأيديولوجيا الأميركية، وبالدعاية والزيف. ويكفينا، مثلاً، أن ننظر في الفقرة الأخيرة من “البيان” عن “الإستثمار في الشعوب”، حتى ندرك أن كتبة هذا “البيان”، مصرون “بالحلال أو بالحرام” على محو سيرة الضحايا العرب والمسلمين من التاريخ السياسي الدولي وعلى طمس حقوقهم المادية والمعنوية في الواقع السياسي الدولي.

كنا نتمنى أن تنوب “جامعة الدول العربية” عن مواطنينا القتلى الأبرياء فتوثق موتهم وتحدد خصمهم. ثم بعد هذا الإجراء التمهيدي، تطلب تحصيل حقوقهم من خصومهم، حالما تنعقد اجتماعات “ما يطلق عليه الحوار الاستراتيجي [الذي تشارك به “الجامعة”]، مع عدد من القوى الدولية الفاعلة مثل الصين واليابان والإتحاد الأوروبي، وبالتأكيد، مع الولايات المتحدة“.

لكن الآوان لم يفت بعد. فالأمين العام أحمد أبو الغيط قدم دعوة للوزير الأميركي لزيارة مقر الأمانة العامة لـ”جامعة الدول العربية” ومخاطبة مجلسها الوزاري. وهذه فرصة جديدة لكي يصبح ملف حقوق العرب والمسلمين الذين قتلوا بسبب “حروب ما بعد الحادي عشر من أيلول / سبتمبر”، بنداً أساسياً على جدول أعمال “الحوار العربي ـ الأميركي” في الجولة القادمة، إذا … شاءت الأمانة العامة.

هيئة تحرير موقع الحقول
السبت‏، 05‏ محرم‏، 1445 الموافق ‏22‏ تموز / يوليو‏، 2023

COMMENTS