والزورق الصغير الذي «يتّسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود»، أصبح الآن يتّسع لأربعة مقاتلين يرسو بهم على شواطئ عسقلان، وشعارهم «أموت وسلاحي بيدي، لا أن أحيا وسلاحي بيد عدوي». خلفهم الأم، التي استعصت على التطويع والانحناء، رغم كل ما حاق بها، والتي وصفتها في روايتك «أم سعد»: «إنّ أم سعد لا تزال شامخة، تمشي بقامتها العالية، كرمح يحمله قدر خفيّ (….) تصعد من قلب الأرض، وكأنها ترتقي سلماً لا نهاية له».
المقاتل اليوم يذهب إلى المعركة مودّعاً حبيبته، قائلاً: «سأظل أناضل لاسترجاع الوطن لأنه حقّي وماضيّ ومستقبلي الوحيد… لأن لي فيه شجرة وغيمة وظلاً وشمساً تتوقّد وغيوماً تمطر الخصب… وجذوراً تستعصي على القلع».
إذاً، الوطن «هو المستقبل»، كما قال خالد في روايتك «عائد إلى حيفا»، فقد حمل خالد السلاح، واليوم «عشرات الألوف مثل خالد لا تستوقفهم الدموع المفلولة لرجال يبحثون في أغوار هزائمهم عن حطام الدروع وتفل الزهور، وهم إنما ينظرون إلى المستقبل، ولذلك هم يصحّحون أخطاءنا، وأخطاء العالم كله».أحمد الدبش، كاتب وباحث عربي من فلسطين