من يضع حدّاً لفلتان السفير الألماني؟

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 27 آذار، 2020
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 1 تشرين الثاني، 2017
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 2 آذار ، 2024

عندما يعتذر رئيس الحكومة من دبلوماسي لأن وزيراً أنّبه على مخالفته، لن يكون مفاجئاً أن يمعن هذا الدبلوماسي في المخالفات غير آبه بأي قوانين أو دساتير.
وإذا كانت ألمانيا تعدّ نفسها دولة تحترم القوانين وأصول العلاقات الدبلوماسية، فهي أبعد ما تكون عن ذلك في لبنان، حيث تمارس أبشع أنواع التدخل والوصاية، مستفيدة من حثالة لبنانية، سياسية وحزبية وإعلامية، ومن حشد من مرتزقة الـ NGOs الذين يبررون للسفير الألماني في بيروت أندرياس كيندل، ولغيره، تدخله في الشؤون اللبنانية.
أول من أمس، وقع خلاف بين الفريق القضائي الألماني والقاضي رجا حاموش المنتدب من النائب العام غسان عويدات لمواكبة الفريق، بعد رفض حاموش طلب الألمان تسليمهم نسخة كاملة عن التحقيقات التي أجراها لبنان في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وقد عبّر الوفد الألماني عن استيائه من الرفض، وغادر قصر العدل.
لكن، بعد انتهاء الدوام الرسمي، فوجئ من بقي من عاملين في قصر العدل وعناصر المخفر التابع له بدخول كيندل الى «العدلية» وتجوّله لبعض الوقت قبل أن يغادر. ولم يُعرف ما إذا كان قد عقد اجتماعات بعيدة عن الأضواء لم يعلن عنها. لكن المؤكد، بحسب مصادر في قصر العدل، أن السفير الألماني تصرّف باعتباره مندوباً سامياً لا يُردّ له طلب.
وهو لم يكن ليمارس هذا النوع من التدخل السافر والسلوك المشين، لولا أنه سبق له أن حصل على حصانة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، منتصف الشهر الماضي، بعدما استدعى وزير الخارجية عبد الله بوحبيب السفير وأبلغه ملاحظات لبنان على مخالفته قواعد العمل الدبلوماسي في لبنان. يومها، غادر السفير وزارة الخارجية، وراسل حكومته طالباً التدخل، زاعماً أنه تعرض للتهديد من المسؤولين اللبنانيين. فتولّت برلين التواصل مع ميقاتي ومارست ضغوطها، عبر السفير مصطفى أديب، قبل أن يحدد ميقاتي موعداً لكيندل في السرايا الحكومية، ويصدر بياناً بعد الاجتماع أثنى فيه «على الدور النشيط الذي يقوم به وتقديره لشخصه وللجهود التي يبذلها في تنمية العلاقات اللبنانية – الألمانية».

عملياً، ربما بات من الضروري رفع شعار طرد السفير الوقح من لبنان، أو الدعوة الى مواجهته ورفض استقباله شعبياً إذا تعذر ذلك رسمياً. لكن كل ذلك لا يعفي الرئيس ميقاتي من تحمل المسؤولية شخصياً عما قام به هذا السفير، وهو ما يفتح الباب أمام تدخلات يومية أكثر فظاظة للسفارات الغربية في لبنان.

ابراهيم الأمين، الأخبار، الجمعة 13 كانون الثاني 2023

COMMENTS