يتجرأ صبيان "اليمين الجديد" على رسم خطوط "الحراك الشعبي الوطني". يحددون له الخطوط السياسية التي عليه أن "يهتدي" بها. لسنا بحاجة لذكر اسماء، هنا، الآن. لكنّا قرأنا وسمعنا ما قالوا. الكل قرأ وسمع. يقف هؤلاء خارج جبة "الحراك الطائفي السياسي" الذي يتصدره أنصار جنبلاط وجعجع وكذلك بعض جمهور الرئيس سعد الحريري. إلا أنهم يرفعون نفس الشعار السياسي المركزي : حكومة تكنوقراط. يسبغون عليها وعلى المرشحين لكراسيها صفات "النظافة"، "الإستقلالية، "الإنتقالية" … الخ.
لا يتعرض "الثوار الجدد" للنظام. لا ينبسون بكلمة ضد النظام الطائفي. "القاموس الثوري" الذي يحملونه، يخلو من أي نقد للنظام الإجتماعي ـ السياسي اللبناني. تمت تنقيته من أي تحد "طبقي" لاستبداد الأوليغارشيه ومصالحها. منذ الأسبوع الأول على انطلاقه، تعمدت منظمات "اليمين الجديد" الإختلاط بـ"الحراك الشعبي الوطني"، الذي يمكن أن يصبح نقيضاً سياسياً للنظام. فالإختلاط، هو الذي يسمح لهذه المنظمات بمحو الخطوط الإجتماعية والسياسية والفكرية، بين هذا "الحراك" الأصيل في تمثيله للمواطنين، وبين "حراك" الطائفيين السياسيين المذعورين من مطالبة المواطنين بالخلاص من حكم الأوليغارشيه ونظامها الرجعي. شعار صبيان "اليمين الجديد" قد يسبب عمى ألوان سياسي ـ فكري. فاحذروهم.
هيئة تحرير موقع الحقول
الإثنين 9 كانون الأول، 2019
البناء
المطران عطالله من القدس للمطران عودة: نرفض التطاول على السيد نصرالله… وكلامك لا يمثّلنا
الحريري مرشّح وحيد بعد انسحاب الخطيب وبيان الفتوى… والاستشارات الإثنين المقبل
صيغة الخطيب ـ إبراهيم صالحة لحكومة تكنوسياسية… والتفاوض لترسيم التفاصيل
لم تنجح لعبة الشارع في إسقاط تسوية تكليف المهندس سمير الخطيب تشكيل حكومة جديدة، كما لم تنجح في جعل سلاح حزب الله ومهابة قائد المقاومة السيد حسن نصرالله في التداول، فتقاسمت مرجعيات دينية المهمتين، وتولت دار الفتوى سحب ترشيح الخطيب وتسمية الرئيس سعد الحريري مرشحاً وحيداً، لرئاسة الحكومة الجديدة، فيما تولى المطران الياس عودة دون مقدمات، فتح النار على المقاومة وسلاحها وسيّدها، ومثلما سارع اللقاء التشاوريّ إلى استغراب وإدانة موقف دار الفتوى بتعقيم الحياة السياسية في طائفة رئيس الحكومة وقطع طريق التعدّد فيها، سارع مطران القدس للروم الأرثوذكس عطالله حنا إلى استغراب واستنكار وإدانة كلام المطران عودة.
وفقاً لتوصيف مصادر متابعة يشكل المشهد الجديد مع كلام المرجعيات الدينية تحولاً خطيراً، يهدّد بضياع الحياد الذي التزمته المرجعيات الدينية تجاه حال التعدّد التي تشهدها الطوائف، وانتقال بعضها إلى اللعبة السياسية هو علامة عجز وإفلاس لأصحاب المشاريع التي تستهدف لبنان ومقاومته عن امتلاك بدائل من جهة والعجز عن المضي في لعبة الاستنزاف الاقتصادي تحت ستار البحث في الوضع الحكومي. والأهم هنا هو أن البديل الذي راهن الغرب على استعماله لتحقيق الهدفين معاً، وهو الحراك الشعبي الغاضب على الفساد والطائفية والسياسات المالية القائمة على الدين والفوائد، وقد ثبت أن للاستعمال والتوظيف حدوداً لا يستطيع تخطيها المتربّعون على عرش قيادة الحراك وراء الستار، فالناس ليست قطيعاً وقد خرجت نحو التغيير وفقاً لضغط حاجات واضحة ومحدّدة، والاستثمار على جعل الحراك أداة لاستهداف المقاومة بلغ سقوفه وسقط. والرهان على الحراك لإيجاد الأعذار لعودة الرئيس الحريري مصاب بالعقم لأن شعار “كلن يعني كلن” الذي جرى تلبيسه للحراك للنيل من المقاومة، صار قيداً على عودة الحريري ببركة الحراك الذي منح الحريري على ظهره فرصة الاستقالة في ذروة التصعيد، بدلاً من ترك الحراك يخوض معركة الضغط لتحقيق أهدافه.
على الصعيد السياسي تشكّل الصيغة التي تبلورت في المفاوضات مع المهندس سمير الخطيب، والتي كان الرئيس الحريري الطرف غير المباشر فيها، أرضية مناسبة لحكومة تكنوسياسية، صاغ قواعدها بحصيلة التفاوض المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ويمكن اعتمادها من الحريري نفسه، كما سبق وقال له الخليلان في اللقاء الأخير، الذي جمعه بوزير المال علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، بأن أمامه صيغة صالحة لتشكيل حكومة تحظى بدعم الجميع واتفاقهم، وبمستطاعه أن يستبدل اسم الخطيب باسمه ويترأسها؛ وهو ما كانت أوساط ثنائي حركة أمل وحزب الله تفتح الباب أمام حدوثه كاحتمال دائم الحدوث كلما اقتربنا من اللحظة الفاصلة عن الاستشارات النيابية. وهذا ما حدث.
على الصعيد السياسي، جاء انسحاب الخطيب ببيان ترشيح للحريري من دار الفتوى، عشية موعد الاستشارات النيابية مدخلاً لتفاوض سيسعى الحريري خلاله إدخال بعض التحسينات لصالحه على صيغة الخطيب – إبراهيم، وسيقابل بمرونة تراعي الفروقات بين حكومة برئاسة الحريري وحكومة برئاسة الخطيب، وتراعي أن اللحظة لم تعُد لحظة خشية من مواجهة ستخاض بوجه المقاومة، من منصة الحكومة، فيما كل المؤشرات في الإقليم تأتي معاكسة، لكن المرونة لن تتعدّى الثوابت التي يفترض أن تتضمّنها أي حكومة يُراد لها النجاح في التصدّي للأزمة بغطاء جامع.
مع قرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات الى الاثنين المقبل اتجهت الأزمة الحكومية الى مزيد من التعقيد والغموض وفتح الباب على الاحتمالات كافة، منها إطالة أمد الفراغ الحكومي وتفعيل جزئي لحكومة تصريف الاعمال وتعميق وتعميم الفوضى المالية والاقتصادية والنقدية والمصرفية وربما الأمنية الى أجل غير مسمّى مع اتجاه الشارع الى التصعيد. الأمر الذي يتحمّل مسؤوليته الرئيس سعد الحريري بالدرجة الأولى بحسب مصادر في 8 آذار الذي يحرق المرشحين ليبقى المرشح الأوحد فيما لا يكترث لخطورة الوضع الذي وصل اليه لبنان. لكن الأوساط السياسية تترقب نتائج مؤتمر باريس المزمع عقده الثلاثاء المقبل بحضور دول غربيّة وخليجية لحشد الدعم المالي للبنان وانعكاسه على الملف الحكومي!
لكن تحذير وزير الخارجية جبران باسيل كان خطيراً بقوله إن «لبنان مهدّد في حال استمرت التوترات الحالية التي تشهدها، بالوقوع في فوضى لن تكون خلاقة بل ستكون مدمّرة».
وبعد التشاور مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والرئيس الحريري أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات الى الاثنين المقبل. قرار عون جاء بعد اتصال تلقاه من الحريري طالباً تأجيلها، وبعد قرار عدد من الكتل مقاطعة الاستشارات كالقوات اللبنانية واللقاء الديمقراطي وسط غموض في موقف كتلة المستقبل.
وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان أن «الاتصالات التي أجراها الرئيس عون بعد التطوّرات الحكومية الأخيرة شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري».
وقالت الرئاسة في بيان: «في ضوء التطورات المستجدة في الشأن الحكومي، ولا سيما ما طرأ منها بعد ظهر اليوم، وبناء على رغبة وطلب معظم الكتل النيابية الكبرى من مختلف الاتجاهات، وإفساحاً في المجال أمام المزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة ومع الشخصيات المحتملة تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة، قرر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة غداً الاثنين 9 كانون الأول 2019، إلى يوم الاثنين 16 كانون الأول الجاري وفق التوقيت والبرنامج والمواعيد التي نشرت سابقاً».
وكان المهندس سمير الخطيب قد أعلن انسحابه بعد زيارة له الى بيت الوسط ولقائه المفتي عبد اللطيف دريان في دار الفتوى قبل لقائه الحريري، وقال: «أعلن بكل راحة ضمير اعتذاري عن اكمال المشوار الذي رُشِّحت اليه سائلاً الله ان يحمي لبنان من كل شر».
«إلا أن اللافت هو ما أعلنته ما يُسمّى بـ «هيئة تنسيق الثورة» في بيان رفض ترشيح الحريري الى رئاسة الحكومة.
وفيما رأت مصادر تيار المستقبل لـ»البناء» أن تأجيل الاستشارات يشكل فرصة لإعادة صياغة اتفاق سياسي لعودة الحريري واستغلال نتائج مؤتمر باريس»، أشار مصدر مقرّب من بيت الوسط الى أن «التطوّرات والاتصالات التي تحصل أعادت عقارب الساعة الى الوراء وأبعد من 17 تشرين والاتصالات تحصل على أعلى المستويات».
وردّ «اللقاء التشاوري»، على موقف دار الفتوى وأشار في بيان بعد اجتماعه مساء اليوم في دارة النائب عبد الرحيم مراد، وبحضور جميع أعضائه، أن «مصادرة الحياة السياسية من قبل المرجعيات الدينية ينهي دور المؤسسات الدستورية، وفي طليعتها المجلس النيابي، ويصادر الحرية السياسية الوطنية التي تجلّت في حراك الشعب اللبناني المنتفض على سياسة الفساد وتوزيع المغانم الذي أوصل البلاد الى ما نحن فيه، ويسيء إلى الدور الروحي للمرجعيات الدينية التي تجمع ولا تفرق، وتنأى بنفسها عن زواريب الحياة السياسة والالعاب السياسية الرخيصة».
وبرز موقف لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أكد فيه أن «هناك مَن يعمل على انقلاب لموازين القوى وإبعاد نفوذ المقاومة عن المشاركة الفاعلة في الحكومة أو المجلس النيابي بعدما نتج عن الانتخابات النيابية التي حصلت أكثرية لفريق المقاومة وكان لا بد من اعادة التوازن بإسقاط الحكومة والإتيان بحكومة جديدة وانتخابات مبكرة وربما تقصير لمدة الرئاسة على حساب الناس وكراماتها ولقمة عيشها وللذين ينصاعون ويؤيدون مثل هذه المحاولة».وشدّد رعد في تصريح أننا “نتمسك بصيغة الوفاق الوطني واتفاق الطائف وتشكيل حكومة وفاق وطني من خلال الطائف على أن تتمثل بالأكثرية السنية وهو من يجب أن يرأس الحكومة لذلك كان قرارنا ان يتمثل رئيس الحكومة رئيس الأكثرية السنية، او من يوافق عليه أو من يرشحه كرئيس”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
الحريري من التعطيل إلى الابتزاز: أنا أو لا أحد… وبشروطي!
العدو «يستكشف» النفط في لبنان!
اليونيفيل حرس حدود لاسرائيل؟
مرة جديدة يحرق سعد الحريري اسماً كان يفترض أن يخلفه في رئاسة الحكومة. سمير الخطيب اعتذر من دار الفتوى، بعد أن سمع منها تأييداً لعودة الحريري. لكن ذلك كان مكلفاً. الحريري ودار الفتوى معاً أعطيا المشروعية لمبدأ التفاهم على اسم الرئيس المكلّف قبل الدعوة إلى الاستشارات، ما يعني التأليف قبل التكليف. وبذلك، يكون الحريري قد انتقل من التعطيل إلى الابتزاز: أنا او لا احد، وبشروطي. هذه المرة، يستند إلى موقف طائفي صريح، وإلى شروط دولية يُنتظر أن تظهر في مؤتمر باريس للمجموعة الدولية لدعم لبنان الخميس المقبل.
كل المؤشرات كانت تدل على أن مصير سمير الخطيب سيكون كمصير بهيج طبارة ومحمد الصفدي. «السادية» السياسية التي يمارسها الرئيس سعد الحريري صارت مكلفة جداً. البلد في انهيار مالي واقتصادي غير مسبوق، فيما هو يتلذذ بتقديم الأضاحي على طريق وصوله إلى السراي الحكومي… ودائماً تحت شعار: «ليس أنا بل غيري». ولذلك، تحديداً فإن سؤال ما بعد تأجيل الاستشارات النيابية إلى الإثنين المقبل، سيكون من هو التالي على لائحة الحرق؟ حتى الآن ثمة اسمان على الطاولة: نواف سلام وفؤاد مخزومي.
لم يكن مفاجئاً أن ينسحب الخطيب، لكن السيناريو هو الذي لم يكن واضحاً، فإذا بالإخراج يأتي سيّئاً وطنياً وطائفياً. «علمت من سماحته أنه نتيجة اللقاءات والمشاورات مع أبناء الطائفة الاسلامية تم التوافق على تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة»، قالها سمير الخطيب، بعد لقائه المفتي عبد اللطيف دريان. ثم «أبلغها» للحريري، الذي يُتوقع أن يكون، لزوم الحبكة الدرامية، قد فوجئ بقرار الخطيب الانسحاب.
ذلك السيناريو كان نضج مع بيان العائلات البيروتية، ثم مع زيارة الوزير نهاد المشنوق إلى دار الفتوى، لكن حق السبق يبقى محفوظاً لرؤساء الحكومات السابقين. هؤلاء كان هالهم، على ما جاء في بيانهم، «الاعتداء السافر على صلاحيات النواب بتسمية الرئيس المكلف من خلال الاستشارات النيابية الملزمة لرئيس الجمهورية بإجرائها وبنتائجها». لم يجدوا صعوبة، حينها، في اتهام رئيس الجمهورية وصهره باستباق الاستشارات و«ابتداع ما يسمى رئيساً محتملاً للحكومة».
أمس تبيّن أن المشكلة ليست بالاعتداء على صلاحيات النواب بتسمية الرئيس المكلّف، بل بالجهة التي تعتدي. ولذلك، فإن الاعتداء من دار الفتوى مسموح في هذه الحالة، ويقع في موقعه الطبيعي!
لكن هذا لا يلغي أن الحريري ودار الفتوى قد خطوا خطوة يصعب التراجع عنها. وهما أعطيا المبرر لعون، ولأي رئيس يأتي من بعده، ليعمد إلى التفاهم على اسم الرئيس المكلف قبل أي استشارات. هكذا ببساطة، وبعد أن حفلت الأيام الماضية بحساسية عالية من «تخطّي الدستور» و«استباق الاستشارات»، أعلن دار الفتوى على الملأ، وقبل الاستشارات، تسمية الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة.
خير من عبّر عن هذه السقطة كان بيان للقاء التشاوري وتغريدة للنائب فيصل كرامي. فقال اللقاء، بعد اجتماع له في منزل النائب عبد الرحيم مراد، إن «مصادرة الحياة السياسية من قبل المرجعيات الدينية ينهي دور المؤسسات الدستورية، وفي طليعتها المجلس النيابي». وذهب كرامي أبعد من ذلك، ليسأل «ما جدوى الاستشارات النيابية الملزمة إذا كانت الطائفة السنية أعلنتها من دار الفتوى مبايعة شاملة لسعد الحريري؟». ثم يضيف: «الطائف «باي باي»، وبأيدي السنّة قبل سواهم».
وتأكيداً لغرق الحريري في شرّ أعماله، كان بيان رئاسة الجمهورية مباشراً في الإشارة إلى أن تأجيل الاستشارات يهدف إلى إفساح المجال أمام «المزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة ومع الشخصيات المحتملة تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة». كما جاء في البيان أن التأجيل أتى بناءً على رغبة وطلب معظم الكتل النيابية الكبرى من مختلف الاتجاهات، علماً بأن الوزير سليم جريصاتي أكد أن الحريري كان من بين القيادات التي طلبت التأجيل.
ماذا بعد؟ وكيف يمكن أن ينتهي هذا الوضع؟ حتى اليوم، أثبت الحريري أنه يتحكم في اللعبة الحكومية، وإن خسر المعركة الدستورية. يعد ويتعهد ويلتزم، ثم يترك مهمة التخريب لغيره، واثقاً بأن خصومه لا يفضّلون غيره رئيساً للحكومة. وهو ما عاد وأكده النائب محمد رعد أمس بإشارته إلى تمسك حزب الله «بصيغة الوفاق الوطني واتفاق الطائف». أضاف: لذلك كان قرارنا أن يتمثل رئيس الحكومة برئيس الأكثرية السنية، أو من يوافق عليه أو من يرشحه كرئيس».
عندما طرح اسم الخطيب، أكد الحريري لعلي حسن خليل وحسين خليل أنه سيصوّت له. وعندما أُعلن بيان رؤساء الحكومات السابقين، أعاد التأكيد للخليلين أنه ملتزم بالاتفاق. صدّقه الأخيران، وصدّقه رئيس الجمهورية، فدعا إلى الاستشارات، التي كان يفترض أن يسمّى خلالها الخطيب. لكن يبقى سؤال بلا إجابة: لماذا منح عون مهلة زمنية لمن يريد إحراق الخطيب؟
إخراج أمس، أعاد به الحريري الأمور إلى المربع الأول. فإحراق اسم الخطيب هو إحراق للتسوية الحكومية، التي كان عنوانها تسمية الخطيب. وعليه، هل عاد الحريري إلى الابتزاز، مستعيداً شروطه القديمة: حكومة تكنوقراط يترأسها هو، ولا يشارك فيها حزب الله وجبران باسيل؟
بحسب معطيات أمس، فإن ما يؤخر تشكيل الحكومة حالياً هو الصراع بين «الحريري رئيساً لحكومة لا تضم باسيل» وبين «إما الحريري وباسيل في الحكومة معاً أو خارجها معاً». وإلى الإثنين المقبل، إذا لم تمل الكفة إلى أي من المعادلتين، فإن تأجيلاً جديداً لن يكون مفاجئاً.
العدو «يستكشف» النفط في لبنان!
اليونيفيل حرس حدود لاسرائيل؟
خرقت سفينة أبحاث تعمل لحساب العدو الإسرائيلي المياه الإقليمية اللبنانية في البلوك 9 الجنوبي وبقيت تقوم باستكشافاتها مدة 7 ساعات من دون أن يحرّك أحد ساكناً (مقال فراس الشوفي).
لا يضيّع العدوّ الإسرائيلي وقتاً في الإعداد لقضم ثروة لبنان النفطية والغازية الكامنة في البحر، تحديداً في البلوك 9 الجنوبي. وبلا شكّ، يتصرّف العدو مع الأحداث التي تعصف بالبلاد كأنها فرصةً مناسبة لانتهاك السيادة اللبنانية، والقيام ببحوث علمية داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، لتقدير حجم الثروة تمهيداً لسرقتها.
قبل نحو أسبوعين، خرقت سفينة أبحاث علميّة متخصصة في تقصّي أعماق البحر والثروات الكامنة في البواطن، مملوكة من قبل يونانيين وتحمل علم باناما، عمق المياه البحرية اللبنانية، وبقيت فيها ما يزيد على 7 ساعات، ثمّ غادرت من دون أي عوائق تذكر.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن السفينة med surveyor، بدأت عملها في خدمة الاحتلال للبحث عن النفط والغاز في حقول فلسطين المحتلة في 1 نيسان من العام الماضي، وهي مزوّدة بتكنولوجيا متطورة لمسح قاع البحر، مع طاقم مؤلف من 21 تقنياً، اخترقت المياه اللبنانية يوم 27 تشرين الثاني الماضي حوالى الساعة الواحدة فجراً، ووصلت إلى عمق أقصى يبلغ 5.6 أميال بحرية، لتعود وتخرج عند الثامنة والنصف صباحاً، أي إن السفينة المعادية لم تكتفِ بالدخول إلى ما تسميه الأمم المتحدة «المنطقة المتنازع عليها» والتي تبلغ نحو 860 كلم مربعاً، بين لبنان وكيان الاحتلال، بل دخلت إلى عمق المياه اللبنانية، قاطعة مسافة 0.6 من الميل في «منطقة التحفّظ»، وخمسة أميال في عمق البلوك رقم 9.
انقر على الصورة لتكبيرها
طبعاً، يرتبط تحرّك العدو في هذا التوقيت بانقطاع أي اتصال أميركي مع لبنان في ما خصّ مسألة الحدود البحرية، بعد سنوات من الضغط على لبنان للقبول بالتسوية الأميركية التي تعمل دائماً على تأمين المصلحة الإسرائيلية على حساب لبنان. فالزيارة المفترضة التي كان من المقرّر أن يجريها مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر، الذي حلّ مكان سلفه دايفيد ساترفيلد، ألغيت مع بدء التحركات الشعبية في الشارع في النصف الثاني من تشرين الأول الماضي، بعدما سبقتها زيارة لشينكر سمع فيها من الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي الكلام نفسه عن تمسّك لبنان بكامل حقوقه البحرية.
الإدارة الأميركية كانت طلبت، وتحديداً مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنير، من الرئيس سعد الحريري التحرّك بنفسه للقبول بالحل الأميركي خلال اجتماع غير علني جمعهما، واعداً إياه بـ«المن والسلوى»، فعاد الأخير إلى بيروت محاولاً التفرّد بهذا الملفّ (راجع «الأخبار» عدد الثلاثاء 10 أيلول 2019، «شينكر بعد ساترفيلد في بيروت: عن الحدود والنفط»). إلّا أن الحريري فشل في تليين موقف بري وحزب الله وعون وقتها، ثم خرج شينكر بالنتيجة ذاتها، لتنقطع المتابعة الأميركية الحثيثة سابقاً، مع بدء التحركات الشعبية.
الخرق الفادح للسيادة اللبنانية يعيد الأسئلة الدائمة عن دور قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب الونيفيل، وهل هي فعلاً في خدمة الحفاظ على الاستقرار في الجنوب ومساعدة الجيش اللبناني ومنع العدو الإسرائيلي من الاعتداء على لبنان، أم أنها تعمل في خدمة العدوّ الإسرائيلي؟
فتلك القوات التي تحصي الأنفاس في الجنوب وباتت تضيّق على الأهالي على كامل الشريط الحدودي، وتزعجهم وتمنع عنهم حرية الحركة والتنقل قرب الشريط الشائك في داخل أراضيهم، لم تتحرّك لإجبار السفينة المعادية على الخروج من المياه اللبنانية. أليست هي المسؤولة بموجب القرار 1701 عن أمن تلك المنطقة ومنع الخروقات فيها؟
مدّة الخرق وخطورته تضعان دور القوات الدولية في خانة صعبة. تقنياً، إن آلية الرصد والتبليغ والاتصال والردّ بين «اليونيفيل» والعدو الإسرائيلي لا تحتاج إلى أكثر من ساعة على أبعد تقدير، خصوصاً مع وجود خطوط اتصال ساخنة بين الطرفين. وهذا يعني أن السفن البرازيلية والألمانية واليونانية والتركية، المعنيّة بحماية المياه اللبنانية، لم تحرّك ساكناً لأكثر من ست ساعات. فالقوات الدولية إما لم تتدخّل وتطلب من السفينة الانسحاب، وإما أن العدو لم يتجاوب، وفي كلا الحالتين، بات السؤال عن الجدوى من وجود هذه القوات مشروعاً، ما دامت لا تقوم بأي من واجباتها تجاه لبنان. وهذا الأمر أيضاً يفتح الأسئلة عن سبب الزيارات المتكرّرة التي يقوم بها الجنرال ستيفانو ديل كول لفلسطين المحتلة، تحديداً في الشهر الأخير، مع كل الأجواء غير الإيجابية التي يبثّها سلوك «اليونيفيل» في الجنوب.
فالمقارنة بين السماح للعدو الإسرائيلي بخرق من هذا النوع والتعتيم عليه، والمعلومات التي تضمّنها التقرير الأخير الذي صدر قبل نحو أسبوعين عن الأمين العام للأمم المتحّدة، بشأن تطبيق القرار 1701، تضع التحيّز الأممي من اليونيفيل واضحاً لمصلحة العدو الإسرائيلي. فهو تضمّن على سبيل المثال 30 ألف نشاط للقوات الدولية، وحصول 10 عمليات اعتراض على التحركات في الجنوب من قبل الأهالي أو الجيش اللبناني، ومع ذلك يخوض التقرير في حملة دعائية للدفاع عمّا يسمّيه «حريّة الحركة» للقوات الدولية، بينما يتحدّث عن 500 خرقٍ للقرار 1701 من الجانب اللبناني، بحالات حمل سلاح غير مرخّص، تتضمّن فقط أربع حالات لسلاح حربي، و496 حالة حمل سلاح صيد، مع بدء موسم الصيد!
وفيما تعاملت «اليونيفيل» مع الخرق بالكتمان لأسباب معروفة، مارس الجيش اللبناني الكتمان أيضاً، لأسباب مجهولة، ولم يعلن في أي بيان رسمي عن هذا الخرق الخطير. ولم تتمكّن «الأخبار» من التأكّد ممّا إذا كانت وزارة الخارجية قد علمت بالخرق، ولم تبادر إلى إرسال احتجاج رسمي إلى الأمم المتحدّة، أم أنها لم تعلم، علماً بأن السفينة med surveyor انطلقت في رحلتها الحالية يوم 2 كانون الأول الحالي من قبرص باتجاه سواحل فلسطين المحتلّة، ولا تزال تعمل في المياه المقابلة لمدينة حيفا منذ نحو أسبوع، وتتنقّل بين المياه المحتلة والمياه القبرصية. وتشير معلومات «الأخبار» إلى أنها قد تكرّر خرق المياه اللبنانية مرة جديدة لاستكمال أبحاثها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
أسبوع التأجيل: فسحة للتفاهم أو توسيع التفاقم؟!
الخطيب ينسحب من البازار .. وعودة يتّهم نصرالله بالتفرّد في البلد وقبلان ورعد يردّان
المسألة أبعد من تأجيل الاستشارات النيابية إلى الاثنين المقبل، أو انسحاب المرشح سمير الخطيب أو تسمية هذه الشخصية أو تلك، فهي تتعلق بالتداعيات الخطيرة لمؤشرات الخلافات حول الخيارات، وهي تتجاوز في نتائجها مسألة حتى المطالب، والوضع الاقتصادي الصعب، والذي يتوقع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل ان «لبنان إذا استمر على هذا المنوال، لن يتمكن من الصمود طويلاً، وتعد له فوضى لن تكون خلاقة بل مدمرة».
في الوقت هذا، دخل حزب الله في خضم الأزمة عبر الاشتباك الكلامي بين متروبوليت بيروت للطائفة الأرثوذكسية المطران الياس عودة وكل من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد، الذي اعتبر كلام عودة عن السيّد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله والمقاومة بأنه ليس بريئاً ومن يقوله ليس بريئاً.
الأهم في موقف رعد انه يلمح إلى رفض حزب الله تمثيل الحراك، لأن الهدف الضغط على المقاومة، وهو تجاوز لاتفاق الطائف.
على ان الأهم، في ضوء تأجيل الاستشارات اسبوعاً تعويم صيغة ما قبل الخطيب، والتي تقوم على الركائز الأربع التالية:
1 – تأليف حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري بعدما استقر رأي الطائفة السنية على ذلك.
2 – ان تكون الحكومة من 24 وزيراً.
3 – يكون أربعة من هؤلاء وزراء دولة، يمثلون جهات سياسية، لكن من دون شخصيات «فاقعة» أو مكشوفة الانتماء.
4 – ان يمثل الحراك بثلاثة وزراء، وقد تمّ الاتصال بثلاثة من النشطاء في الشارع، لتمثيل الحراك، بشخصيات لا شبهة حولها من جهة الانتماءات أو العلاقات مع السفارات.
وتوقع مصدر واسع الاطلاع، ان تتكثف الاتصالات لتوفير ارضية تفاهم، تسمح بالاسراع بالتفاهم على الصيغة الحكومية، لجهة الوزراء والشخصيات، قبل الاثنين المقبل.
اعتذار الخطيب
ووفق ما كان مرتقباً، أعلن المرشح لرئاسة الحكومة المهندس سمير الخطيب، اعتذاره عن اكمال المشوار الذي رشح من أجله، وذلك بعد زيارة لدار الفتوى، استتبعها بزيارة ثانية لـ«بيت الوسط» حيث اطلع الرئيس سعد الحريري على الموقف الذي تبلغه من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، والذي يؤيد إعادة تسمية الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة.
وأعاد انسحاب الخطيب من السياق الحكومي اسوة بما حصل مع غيره من المرشحين، خلط الأوراق والمعطيات، لكنه هذه المرة حشر الجميع في الزاوية الحادّة، خصوصاً وان الإعلان عن هذه الخطوة جاء عشية الاستشارات النيابية الملزمة التي كان مقرراً اجراؤها اليوم في قصر بعبدا، الأمر الذي اقتضى اجراء مشاورات سريعة بين الرئيس ميشال عون وكل من الرئيسين نبيه برّي والحريري، انتهت ليلاً إلى إعلان تأجيل هذه الاستشارات اسبوعاً، بهدف إفساح المجال امام مزيد من الاتصالات، لمعرفة ما إذا كان الرئيس الحريري سيرضى بالنزول عند رغبة دار الفتوى للترشح مجدداً لرئاسة الحكومة بعدما كان مصراً على موقفه المعلن: «ليس أنا بل أحد غيري»، ووفق أية شروط يمكن ان يقبل بها للعودة، فضلاً عن استطلاع آراء بقية الكتل النيابية، ولا سيما تكتل «لبنان القوي» الذي كان تردّد انه قد لا يسمي الخطيب بسبب خلافه مع الحريري على تشكيلة الحكومة، ما يعني خلافاً أيضاً مع الخطيب على شكل الحكومة وتوزيع الحقائب.
وفي كل الأحوال، فقد بات من الصعب ان تعود الأمور إلى الوراء بعد ان عادت إلى نقطة الصفر، وبات الحريري الوحيد في الساحة الذي يحظى بالغطاء الطائفي والدعم السياسي، وان بقي الشارع متردداً بين القبول به أو رفضه مجدداً، في سياق رفعه شعار: «كلن يعني كلن بمن فيهم الحريري»، لكن المشكلة ان تكليف الحريري يعني ان أزمة التأليف ستعود إلى النقطة صفر، أي حكومة تكنوقراط غير مطعمة بسياسيين، أو ان يعود الحريري فيعود معه الوزير جبران باسيل؟ أو يقبل الحريري بحكومة تكنوقراط مطعمة بسياسيين، وليس حكومة سياسيين مطعمة بتكنوقراط، وهذا يعني احتمالاً من اثنين:
اما يحصل تكليف للحريري ويتعذر أو يتأخر التأليف نتيجة الخلاف على تشكيل الحكومة، أو لا يحصل تكليف الحريري بل شخصية أخرى غيره، وهذا يعني انه أياً كان المكلف سيعيد تجربة الرئيس نجيب ميقاتي بعدم وجود غطاء سني وسياسي واسع له، ومع ذلك استمرت حكومته قرابة سنة ونصف السنة.
وثمة من يذهب للتشاؤم أكثر ليقول: ان الأزمة طويلة وقد لا يخرج منها لبنان قريباً في المدى المنظور، ما يعني دخول البلاد في الفراغ، أو في «الفوضى غير الخلاقة» على حدّ تعبير وزير الخارجية جبران باسيل، الذي «توقع ان لا يتمكن لبنان من الصمود طويلاً إذا استمر على هذا المنوال».
وقال باسيل في تصريحات لـ«فرانس 24» امس الأوّل، ان «لبنان مهدد في حال استمرت التوترات الحالية بالوقوع في فوضى لن تكون خلاقة بل ستكون مدمرة».
وأضاف «إذا لم نتدارك أنفسنا بالإصلاحات المطلوبة وبحماية البلد من التدخلات.. قد نكون أمام باب التدهور المالي والاقتصادي الذي يوصلنا إلى حالة من اللااستقرار المعيشية والاجتماعية وللأسف قد تتطور إلى أكثر من ذلك».
تأجيل الاستشارات اسبوعاً
في كل الأحوال، فإن المشاورات السريعة التي جرت مساء أمس، في أعقاب اعتذار الخطيب عن ان يكون مرشحاً للتكليف، أظهرت رغبة الكتل النيابية في تأجيل الاستشارات الملزمة اسبوعاً، لاجراء اتصالات في ما بين هذه الكتل، حول احتمال عودة الحريري، أو تسمية أحد غيره، وهو ما ألمح إليه بيان التأجيل الذي صدر قرابة العاشرة عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، وفيه: «في ضوء التطورات المستجدة في الشأن الحكومي، ولاسيما ما طرأ منها بعد ظهر اليوم، وبناء على رغبة وطلب معظم الكتل النيابية الكبرى من مختلف الاتجاهات، وافساحا في المجال امام المزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة ومع الشخصيات المحتملة تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة، قرر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة غدا الاثنين 9 كانون الاول 2019 الى يوم الاثنين 16 كانون الاول الجاري وفق التوقيت والبرنامج والمواعيد التي نشرت سابقا».
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» انه كان هناك توقع بما حصل في الموضوع الحكومي لجهة وجود «افخاخ» مشيرة الى اتصالات تمت مع القصر الجمهوري لتاجيل الاستشارات وافيد انها تمحورت مع عين التينة وبيت الوسط.
واعلنت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» انه بعد كل ما جرى لم يكن الرئيس عون يوما محبذا التأجيل في التكليف او التأليف قبل التكليف وتأبيد تصريف الأعمال، واملت ان يكون قد ادرك الشعب اللبناني من يحدد ومن يرجىء.
وفهم من المصادر نفسها ان سلسلة اتصالات سياسية ستجري في الفترة الفاصلة عن الموعد الجديد للاستشارات في السادس عشر من كانون الاول المقبل وتتركز على الملف الحكومي برمته.
مجموعة الدعم
ولم تستبعد مصادر مطلعة، ان يكون تأجيل الاستشارات اسبوعاً، جاء لمعرفة نتائج اجتماع مجموعة الدعم الدولية الأربعاء المقبل، والتي قد يتمثل فيها لبنان بالرئيس الحريري، الذي سيقدم شرحاً حول الوضع اللبناني بما يؤمن الدعم المطلوب في هذا الظرف، وهو كان واصل بذل جهوده لمعالجة النقص في السيولة، وتأمين مسلتزمات الاستيراد الأساسية للمواطنين، عبر توجيه المزيد من الرسائل إلى رؤساء ووزراء ومسؤولي عدد من الدول الصديقة، شملت أمس الأوّل كلاً من المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون واسبانيا بيدرو سانشيز.
وذكرت مصادر مطلعة ان الدعوة التي تسلمها الأمين العام للخارجية السفير هاني شميطلي من نظيره الفرنسي عبر السفير الفرنسي في بيروت، لاجتماع مجموعة الدعم الدولي في باريس في 11 الجاري، موجهة للبنان. فمجموعة الدعم تأمل أن تكون المشاركة اللبنانية فاعلة ومكونة من مسؤولين يمثلون مركز القرار كما ويتمتعون بتفويض كافٍ يخوّلهم التفاعل والتجاوب مع باقي الأعضاء المشاركين بالإجتماع، خصوصا أنه سيصدر في الختام بيان يحدد التوجه في الفترة المقبلة.
ولفتت المصادر إلى دقة توقيت هذا الإجتماع الذي يتزامن مع سعي لبنان لتأليف حكومة توحي بالثقة داخليا أو خارجيا، معتبرة أنه يبرز اهتمام مجموعة الدعم بوضع حد للتدهور الحاصل في لبنان.
إشارة إلى أن هذا الإجتماع الذي سيعقد في وزارة الخارجية الفرنسية وسيترأسه الأمين العام للخارجية الفرنسية، دعيت إليه الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، الأمم المتحدة، جامعة الدول العربية، ألمانيا، إيطاليا، مصر، ونظرا لأهمية ودقة التوقيت دعيت أيضا السعودية والإمارات. ومع أن المجموعة لم تتلقّ بعد جوابا من المملكة العربية السعودية والإمارات حول الحضور أو عدمه، لكنّ المصادر أشارت إلى أن الأجواء إيجابية.
الكتل والحراك
إلى ذلك لفت الانتباه ان الكتل النيابية لم تكن مستعجلة لتحديد موقفها في الاستشارات، ربما لأنها كانت تتوقع مفاجأة اعتذار الخطيب، إذ لم ترد معلومات عن اجتماع كتلة نيابية، وحتى إعلان كتلة «اللقاء الديموقراطي» عن مقاطعة الاستشارات، جاء في تغريدة عبر «تويتر» لرئيس اللقاء النائب تيمور جنبلاط، فيما أعلن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل رفضه تأجيل الاستشارات، وانتقد «اللقاء التشاوري» الذي يضم مجموعة من النواب السنَّة من خارج «المستقبل» ان مصادرة المرجعيات الدينية للحياة السياسية في البلاد ينهي دور المؤسسات الدستورية، في إشارة ضمنية، إلى الموقف الذي صدر عن دار الفتوى وأنهى مسألة ترشيح الخطيب لرئاسة الحكومة.
اما الحراك المدني الذي كان يتهيأ للقيام بسلسلة خطوات لمنع وصول النواب إلى قصر بعبدا اليوم، فقد بدا واضحاً انه لم يتخذ أي موقف في هذا الصدد، بسبب انقسام الآراء داخل مجموعاته إلى فريقين، فريق يميل إلى قطع الطرقات على النواب، ويتركز في المناطق خارج العاصمة، حيث أعلن الحراك في طرابلس عن تنفيذ إضراب عام اليوم مع قطع الطرق ابتداء من الرابعة فجراً، ودعمه الحراك في عكار في حين أعلن حراك صيدا انه لن يقطع الطرق، وانه سيتخذ الموقف في ضوء ما سينجم عن الاستشارات.
أم الفريق الآخر، فقد كان من رأيه التوجه والاعتصام امام مجلس النواب في ساحة النجمة، ولهذا الغرض، حاولت مجموعة حزبية من الحراك التسلل إلى ساحة المجلس، عبر البوابة الحديدية التابعة لكنيسة مار جاورجيوس، مستغلة احياء الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد جبران تويني، لكن حرس المجلس تنبه للمحاولة ومنع أفراد المجموعة من الوصول إلى الساحة.
ولاحقاً، سجل تدافع بين المتظاهرين والقوى الأمنية، عند مدخل ساحة النجمة لناحية أسواق بيروت، مع تزايد اعداد المتظاهرين الذين حاولوا الوصول إلى مبنى المجلس، وهم يهتفون: «توت.. توت.. عالمجلس بدنا نفوت»، وهتف آخرون تجمعوا امام أحد مداخل «بيت الوسط»: «ما رح ترجع حريري»، في حين انطلقت مسيرة دراجات من منطقة الطريق الجديدة إلى دار الفتوى، أعلنت تأييد المشاركين ودعمهم لموقف المفتي دريان والرئيس الحريري.
ومن جهته، دعا حزب «سبعة» في بيان إلى التظاهر الضاغط والدائم امام القصر الجمهوري ومجلس النواب والسراي، معتبرا انه حان وقف التصعيد السلمي على كل الصعد وتسريع الأحداث، فالوطن لم يعد يحتمل المماطلة».
وأعلن انه لن يتوقف قبل تشكيل حكومة حيادية انتقالية وتحديد موعد لانتخابات نيابية مبكرة من أجل تغيير مجلس النواب، داعيا إلى «الانتقال من مرحلة التحركات الرمزية إلى مرحلة المقاومة المدنية بكل ما للكلمة من معنى».
سجال عودة- «حزب الله»
وبعيداً عن مسألة الحكومة والحراك، اندلع سجال يخشى ان تكون له تداعيات، على هامش القدّاس بذكرى تويني، حيث سأل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، في عظته: «هل نعيش في جمهورية اصنام أم دمى؟
وقال في إشارة واضحة إلى «حزب الله» وامينه العام السيّد حسن نصر الله، «ان هذا البلد يحكم من شخص كلكم تعرفونه ومن جماعة تحكمنا بالسلاح، شخص يرجع الله ولا يرجع إلى الأعلى منه».
وسرعان ما رد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان على المطران عوده، حيث رأى رعد «ان هناك من يطلع ليقول ان البلد يحكم من رجل واحد وبقوة السلاح مع احترامنا لهذا الرجل وحكمته ولأنه حكيم فهو لا يسمح لنفسه بحكم البلاد وفيها عقول ومكونات أخرى لكن هذا الكلام يصدر عمن يحاول ان يجهّل الاسباب الحقيقية للازمة ويحاول ان يعطي ويبرر استهداف المقاومة في لبنان وهذا الكلام ليس بريئاً ومن يقوله ليس بريئاً».
اما المفتي قبلان فقال في تصريح له «لبنان يمر بأدق مراحل تاريخه الحديث، وليس مسموحا لأحد أن يزيد النار تسعيرا، سواء أكان مطرانا أو شيخا، بل الواجب الديني والأخلاقي يفرض عليه أن يسهم في إطفائها».
وتوجه الى المطران عودة قائلا: «هذا الشخص وتلك الفئة حررت وقاومت وحمت وصانت وأعادت الحرية والسيادة والاستقلال لبلد كان محتلا ودولة كانت بين أنياب إبليس، حررت ولم تحكم، قدمت ولم تأخذ، أعطت لله وللوطن، قاومت وعينها على لبنان وليس على كراسيه.
ومن جهته، اعرب رئيس أساقفة القدس وفلسطين للروم الارثوذكس المطران عطاالله حنا، عن حزنه وصدمته من كلام عودة الذي وصفه بأنه «غير مبرر وغير مقبول ولا يمثلنا كمسيحيين. مشيراً إلى «ان الكنيسة ليست مكاناً للتحريض ولا الإساءة لأحد». والى ان السيّد نصر الله وحزب الله كان لهم دور في الدفاع عن الحضور المسيحي في سوريا وفي أكثر من موقع، وانه يرفض التطاول عليه وعلى الحزب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهار
الحريري مرشحاً وحيداً… وحيداً في مواجهة الأزمة؟
بات سعد الحريري المرشح الاوحد لرئاسة الحكومة المقبلة، وربما لمواجهة الازمة، ذلك أنه على رغم تلميحات الى وجود اسماء اضافية الا ان الغطاء السني الذي اعلن عنه من دار الفتوى لم يعد يسمح للاخرين بتجاوزه، كما لا يتيح للحريري نفسه امكان الرفض. وقد تأجلت الاستشارات النيابية ليل أمس بعدما حسمت نتائجها منذ العصر عندما اعلن المهندس سمير الخطيب عزوفه عن الترشح للمنصب و"اعادة الامانة الى صاحبها" الذي كان سماه ودعمه أي الرئيس سعد الحريري. وقد انتهت الاستشارات من دارالفتوى، قبل ان تسلك طريق القصر الجمهوري، في بادرة تثبت عقم النظام الذي يتبجح بميثاقية تكاد تضرب الاسس الدستورية للجمهورية، اذ باتت الاتصالات التي تسبق الاستحقاق تلغيه وتلغي دور المؤسسات والنواب وتكتلاتهم. وبدا امس بوضوح ان السحر انقلب على الساحر انطلاقا من اعتماد مبدأ القوي في طائفته الذي الغى الدور الفعلي للمؤسسات، ليأتي اخراج العزوف مسيئا الى المؤسسات، وخصوصا الى الرئاسة الاولى التي دعمت الخطيب، فاذا به يتفق مع مرجعيتيه الطائفية والسياسية، ولا يقيم وزناً لمجموع الاتصالات والدعم السياسي الذي واكب عمله في الفترة القصيرة السابقة.
واذا كانت دوائر قصر بعبدا أبدت شكوكها في امكان المضي بالخطيب مرشحاً محتملاً للتكليف، وأبدى الثنائي الشيعي رغبة في عودة الحريري عن عزوفه، الا ان الاخراج ولد استياء، ولو شكليا، في مقري الرئاستين الاولى والثانية، وارباكا سياسيا، اذ ان الاستشارات كانت لترسو على الحريري قبل الاتفاق معه على شكل الحكومة المقبلة، واسماء الوزراء والمستوزرين. وتعتبر مصادر متابعة ان "التكليف من دون الاتفاق سيؤدي حكما الى عدم التأليف والاستمرار في تصريف الاعمال الى امد طويل، يعتقد البعض انه قد يمتد الى الربيع المقبل ليتزامن مع الحكومة العراقية، في عملية ربط للنزاعات القائمة في المنطقة واعتبارها سلة واحدة يتم الاتفاق عليها دفعة واحدة".
من جهة أخرى، قال وزير سابق لـ"النهار" ان "الثنائي الشيعي نجح في الزام الحريري العودة لتسلم المسؤولية في هذه الازمة الخانقة، وذلك من الباب السنّي تحديداً، بعدما كان الرئيس بري ملحاً في مطالبته بالتراجع عن قرار العزوف".
وقد صدر بيان التأجيل في ساعة متقدمة، خصوصاً بعدما أكد "اللقاء الديموقراطي" مقاطعته الاستشارات، وأعرب عدد من النواب عن نيتهم اختيار أسماء أخرى، ورفض "اللقاء التشاوري" السني القرار، كما انطلاق تظاهرات استهدفت "بيت الوسط" ومقر مجلس النواب وأماكن أخرى، رفض المشاركون فيها منطق الاتفاقات المسبقة القائمة على المحاصصة.
والاوضاع المستجدة، والارباك الذي يحكم العملية في ضوء العودة الى معزوفات تكنوقراط، وتكنوسياسية، ومشاركة جبران باسيل وعلي حسن خليل ومحمد فنيش من عدمها، دفعت الى تحريك الاتصالات بين بعبدا وعين التينة و"بيت الوسط"، وتناولت الاتصالت موضوع تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة بعد تواتر انباء من بعبدا عن امكان الاقدام على هذه الخطوة.
وجاء في البيان الصادر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية: "في ضوء التطورات المستجدة في الشأن الحكومي، ولاسيما ما طرأ منها بعد ظهر أمس، وبناء على رغبة وطلب معظم الكتل النيابية الكبرى من مختلف الاتجاهات، وافساحا في المجال امام المزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة ومع الشخصيات المحتمل تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة ، قرر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة الاثنين 9 كانون الاول 2019 الى الاثنين 16 كانون الاول الجاري وفق التوقيت والبرنامج والمواعيد التي نشرت سابقا".
واعتبرت مصادر متابعة ان التأجيل اسبوعاً كاملاً يتيح للرئيس الحريري السفر الى باريس للمشاركة في اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان. وتردد من مصادر سياسية انه يرفض اصطحاب وزيري الخارجية والمال، وسيكتفي بوزير الاقتصاد ووزير الاتصالات بصفته رئيس الهيئات الاقتصادية وحاكم مصرف لبنان ومستشارين. لكن اي مصدر رسمي لم يؤكد هذا الامر.
وشن"اللقاء التشاوري" هجوما على دار الفتوى اذ اعتبر "إن مصادرة الحياة السياسية من قبل المرجعيات الدينية ينهي دور المؤسسات الدستورية وفي طليعتها المجلس النيابي ويصادر الحرية السياسية الوطنية التي تجلت في حراك الشعب اللبناني المنتفض على سياسة الفساد وتوزيع المغانم الذي اوصل البلاد الى ما نحن فيه، ويسيء الى الدور الروحي للمرجعيات الدينية التي تجمع ولا تفرق وتنأى بنفسها عن زواريب الحياة السياسة والالعاب السياسية الرخيصة".
واذ لاذت مصادر "بيت الوسط" بالصمت حيال التطورات، نقل هم مصادر قريبة من مرجعية اخرى ان "الحريري راض عما آلت اليه الامور، وانه قبل بحكومة تكنوسياسية، لكن المشكلة ستكمن ربما في الاسماء".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمهورية
طار الخطيب وعاد الحريري.. وعون لإستشارة "الشخصيات المحتمل تكليفها"
بين ليلة وضحاها من كان رافضاً صار قابلاً، ومن كان مرشّحاً صار مستبعداً، رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري يعود عن عزوفه ويقبل التكليف، والمهندس سمير الخطيب ينسحب بـ"راحة ضمير" من ترشيحه لهذا التكليف، وتولّى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الإخراج مبلغاً الى الخطيب الذي زاره "اننا اتفقنا على تسمية الرئيس سعد الحريري" لرئاسة الحكومة، بما يقطع الطريق على احتمال وجود أي مرشح آخر يطرح نفسه عضواً جديداً من نادي المرشحين لرئاسة الحكومة. وتأسيساً على هذه الخطوة تقرر تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كان سيجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم لتسمية من سيكلّفه رئاسة الحكومة الجديدة الى الاثنين المقبل "إفساحاً في المجال أمام المزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة، ومع الشخصيات المحتملة تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة"، على حدّ ما ورد في بيان التأجيل الذي أصدرته رئاسة الجمهورية مساء أمس. وجاء هذا الموعد معاكساً لرغبة أبداها الحريري لعون في أن يكون الخميس المقبل.
فقد صدر مساء أمس عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية البيان الآتي:
"في ضوء التطورات المستجدة في الشأن الحكومي، ولاسيما ما طرأ منها بعد ظهر اليوم، وبناء على رغبة وطلب معظم الكتل النيابية الكبرى من مختلف الاتجاهات، وإفساحاً في المجال أمام المزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة ومع الشخصيات المحتملة تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة، قرّر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة غداً الاثنين 9 كانون الاول 2019 الى يوم الاثنين 16 كانون الاول الجاري وفق التوقيت والبرنامج والمواعيد التي نشرت سابقاً".
قصة
وكانت سلسلة الاتصالات التي حصلت، وبعد إعلان الخطيب اعتذاره عن الاستمرار في الترشح لرئاسة الحكومة، تمحورت بين الحريري وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر الوزير علي حسن خليل.
وبحسب المعلومات، فإنّ الحديث تناول مسألة تأجيل الاستشارات الملزمة، بعد تواتر أنباء من القصر الجمهوري عن توجّه لدى رئيس الجمهورية الى هذا التأجيل.
وعكست المعلومات ما وصفته "ارتياحاً" لدى الحريري لاعتذار الخطيب، وقالت مصادر عاملة على خط الاتصالات لـ"الجمهورية" انّ "الامور من بدايتها كانت واضحة لجهة الوصول الى اعتذار الخطيب، على رغم من كل الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي بلغته من الحريري".
ورداً على سؤال قالت هذه المصادر: "لا شيء يمنع على الاطلاق انطلاق الاستشارات خلال ايام قليلة مع تحديد موعدها، على ان تتخلل هذه الايام حركة اتصالات متجددة ومكثفة بين الاطراف، وتحديداً مع الحريري كونه الوحيد المرشّح لرئاسة الحكومة، على ان تحمل الاستشارات المنتظرة تكليفاً له تشكيل الحكومة".
ورداً على سؤال آخر، قالت المصادر نفسها: "خروج الخطيب وعودة الحريري مجدداً كمرشح وحيد لرئاسة الحكومة، معناه عودة الى المربّع الاول الخلافي حول معادلة الحريري ـ باسيل. هذه المسألة قد تكون العقدة الاساسية امام تشكيل الحكومة المقبلة".
مرجع مسؤول
وتعليقاً على ما آلت اليه الامور لجهة التعثّر في طريق الخطيب، قال مرجع سياسي مسؤول لـ"الجمهورية": "كان من الافضل لو انّ موعد الاستشارات لم يكن بهذا البعد الزمني بين الاعلان عنه وبين موعده، فلو كان تحدد هذا الموعد الخميس الماضي لكان التكليف قد حصل، ولَما كنّا وصلنا الى ما وصلنا إليه من تعقيد".
وأضاف المرجع: "أمّا وقد حصل ذلك، فلم يبقَ سوى الحريري كمرشح لرئاسة الحكومة الجديدة. ومعنى ذلك انّ الاستشارات الجديدة يجب ان تحصل في أسرع وقت، على ان يتم التأليف في وقت أسرع منه وعدم إضاعة أشهر مثلما كان يحصل في السابق. وهذا المستجد يطرح المسؤولية في أيدي الجميع، وقد سبق لنا أن حذّرنا من أنّ وضعنا لا يتحمّل مزيداً من الهدر في الوقت والتسبّب بالاهتراء السياسي والاقتصادي والمالي، وهذا الكلام نكرره اليوم خصوصاً أننا نلقى حرصاً خارجياً على لبنان وتحديداً من الجانب الاوروبي اكثر من حرص اللبنانيين على بلدهم، وها هم يحذروننا ويحضّوننا على الاسراع في تأليف حكومة لأنّ كل تأخير له ثمن سلبي يدفعه الناس، وبالتالي قد يؤدي الى سقوط البلد في ما هو أبعد من الجوع".
ورداً على سؤال، قال المرجع: "مع الأسف علّتنا تكمن في الطائفية التي انتعشت في الآونة الاخيرة، فهذه الطائفية خربت لبنان سياسياً وها هي تخربه اقتصادياً ومالياً".
مرحلة أخرى
وفي هذه الأجواء قالت مصادر "بيت الوسط" لـ"الجمهورية" انّ ما جرى أنهى مرحلة وفتح التطورات على مرحلة أخرى.
وعن سبب إلغاء اجتماع كتلة "المستقبل" الذي كان متوقعاً عشيّة الإستشارات النيابية، قالت المصادر نفسها: "انّ من تحدث عن اجتماع للكتلة كان يترقّب خطوة تقليدية لا بد منها، وانّ ما قيل في هذا الأمر كان استنتاجاً. ولكن الحقيقة تقول انّ الدعوة لم توجه أصلاً الى اجتماع ليتم التراجع عنه او إلغاؤه. ولذلك، فإنّ كل ما قيل في هذا الموضوع كان مجرد توقعات لم تكن واردة في ذهننا".
وعن هوية المجموعات التي قصدت "بيت الوسط " للتعبير عن رفضها تكليف الحريري، قالت المصادر "انها مجموعة من شبّان الحزب الشيوعي، ولا نعرف مدى العلاقة بينهم وبين الحراك القائم في البلاد".
سفر الحريري؟
وفي جانب آخر رجّحت مصادر سياسية، ولكن بلا تأكيد، إمكان سفر الحريري الى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي دعت اليه فرنسا حول لبنان بعد غد الاربعاء.
وعلمت "الجمهورية" انّ الحريري كان يفضّل أن يشارك لبنان في هذا المؤتمر عبر وفد يترأسه وزير المال علي حسن خليل، الّا انّ الاخير آثَر عدم الذهاب، وتقرر بالتالي أن يشكّل وفد لبناني للمشاركة في هذا الاجتماع، ويضم كلّاً من المدير العام في القصر الجمهوري انطوان شقير والمدير العام لوزارة المال الان بيفاني، إضافة الى موظف كبير في وزارة الخارجية يرجّح ان يكون الامين العام للوزارة هاني شميطلي.
وفي هذا الصدد قالت مصادر "بيت الوسط"، رداً على سؤال عمّن سيمثّل لبنان في مؤتمر باريس بعد غد، انّ "الترتيبات اتخذت على اساس ان يمثّل لبنان الأمين العام لوزارة الخارجية هاني شميطلي، تأسيساً على أنّ مستوى المشاركين في الاجتماع هو على مستوى وزراء الخارجية".
وقيل للمصادر: أليس من المنطقي ان يمثّل الحريري لبنان بعد الرسائل التي وجّهها الى قادة الدول المدعوة الى المؤتمر طالباً الدعم؟ فأجابت: "إنّ الدعوة الى المؤتمر لا علاقة لها بمضمون الرسائل التي وجهها الحريري، وإنها كانت خطوة مقررة سابقاً، وبالتالي لا علاقة تربط بين الخطوتين".
رسائل
ومن جهة ثانية، أكدت مصادر مالية لـ"الجمهورية" انّ بعض المستويات الرسمية اللبنانية تلقّت رسائل مباشرة من ممثلين للبنك الدولي تعبّر عن الاستعداد لمساعدة لبنان على تجاوز أزمته، إلّا انّ تأكيد هؤلاء كان مشروطاً بأن تؤلّف حكومة في لبنان في أسرع وقت بمعزل عمّن سيكون رئيسها وتوحي بالثقة للبنانيين، وبدرجة مهمة تحظى بثقة المجتمع.
قلق مالي مُبرَّر
الى ذلك، يُفتتح الاسبوع الطالع على مجموعة تطورات اقتصادية ومالية تؤكد ما هو مؤكد، لجهة دقة الأزمة وخطورتها.
على المستوى الحياتي، برزت أزمة تأمين الفيول لمؤسسة كهرباء لبنان لضمان استمرار توليد الطاقة. وعلى رغم انه تمّت معالجة المشكلة من خلال الاتصالات مع دولتي الجزائر والكويت، إلّا أنّ تداعيات المشكلة بَدت أعمق من مجرد حل إشكالية وصول الفيول، وصولاً الى خطورة ما جرى لجهة رفض مصارف عالمية فتح اعتماد عبر مصرف لبنان، بسبب ارتفاع المخاطر الائتمانية.
وفي الموازاة، يتم التركيز حالياً على النتائج التي قد يخرج بها اجتماع دول مجموعة الدعم التي ستلتقي في باريس في 11 الجاري، لبحث الاوضاع المالية في لبنان، والنظر في سبل مساعدته.
لكن، وبصرف النظر عن النتائج التي قد يخرج بها الاجتماع، يسود شعور بالقلق العام في الداخل، بسبب اضطرار لبنان الى طلب المساعدة للتمكّن من استيراد المواد الأولية الضرورية. ومجرد التمعّن في نوعية طلب المساعدة الذي قدّمه لبنان بواسطة الحريري، يمكن الاستنتاج أنّ البلد وصل الى مرحلة متقدمة في أزمته المالية، وانّ الوقت بات ضاغطاً اكثر مما يظنّ البعض. 0
عودة
من جهة ثانية، لفت متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في ذكرى استشهاد جبران تويني الى أنّ "ما أخاف المسؤولين ولا يزال يخيفهم، هو صوت الحق والحقيقة، صوت الشعب الجائع والمتألم، صوت كلّ محبّ للوطن".
وقال: "اليوم، هذا البلد يُحكم من شخص تعرفونه جميعاً، ولا أحد يتفوّه بكلمة، ويُحكم من جماعة تحتمي بالسلاح"، سائلاً: "أين الثقافة؟ أين العلم؟ أين المستوى اللبناني الذي نفتخر به؟ شخص لا نعرف ماذا يَعرف، يحكمنا".
وتساءل: "ألا تسمعون ما يُطالب به أبناؤنا في الشارع اليوم؟ يُطالبون بأن يلتفت المسؤولون إلى مطالبهم المحقة، يصرخون قائلين إنّ احتجاجاتهم سلميّة وستبقى كذلك، ولكن هناك من يحاول تشويه سلميّة احتجاجاتهم".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نداء الوطن
دار الفتوى تنتفض للطائف والطائفة… "الحريري أو لا أحد"
السلطة محاصرة… مراوحة أو مواجهة؟
… كما أسلافه، انضمّ سمير الخطيب إلى نادي "الرؤساء المحروقين" بعدما لفحته نار "الدار" فخرج منها "مُكلّفاً" إعلان نزع الغطاء السنّي عن ترشيحه لرئاسة الحكومة وعزوفه عن "إكمال المشوار". طار الخطيب فطارت معه الاستشارات "المعلّبة" ما اضطرّ المنظومة الحاكمة إلى ترحيلها أسبوعاً بانتظار "تعليب" مرشح آخر خارج إطار الدستور والأصول وسماع أصوات الشعب. عملياً، وتحت وهج الثورة، باتت السلطة محاصرة تتوجس من أي "دعسة ناقصة" إلى الأمام تؤجج انتفاضة الشارع عليها وتخشى التراجع إلى الوراء كي لا يدهسها قطار التغيير العابر للمناطق والطوائف، ما وضعها تالياً أمام خيارين أحلاهما مرّ: مراوحة أو مواجهة!
وبينما تبدو السلطة مستمرة حتى اللحظة في محاذرة خيار المواجهة خشية انفجار لغم الأرض تحت قدميها وانفضاح وجهها القمعي أمام مرآة العالم ودوله المانحة، بدأت معالم خيار المراوحة تتمظهر فعلياً من خلال قرار قصر بعبدا إرجاء موعد الاستشارات النيابية الملزمة إلى الاثنين المقبل "إفساحاً في المجال أمام المزيد من المشاورات والاتصالات"، وسط بروز حملة تحامل مساءً عبر وسائل إعلام قوى 8 آذار و"التيار الوطني الحر" ومنصات تواصلهم الاجتماعية على رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري انطلاقاً من العودة إلى نغمة تحميله وزر تأخير "التكليف والتأليف" وعرقلة وصول أي بديل عنه إلى سدة الرئاسة الثالثة، بشكل يتعامى عن مكمن الداء في تجاهل إرادة التغيير لدى الناس وصمّ الآذان عن مطالبتهم بسحب البساط من تحت أقدام المنظومة السياسية القائمة التي عاثت خراباً وتحاصصاً وتدميراً ممنهجاً في بنية الدولة واقتصادها ومقدرات خزينتها العامة.
إذاً، جاء موقف دار الفتوى بالأمس أشبه بالانتفاضة الشرعية ضد تهشيم دستور الطائف وتهميش الطائفة السنية في النظام اللبناني، بعدما أمعن أهل النظام في "شقلبة" معايير تكوين السلطة التنفيذية من خلال اشتراط رئيس الجمهورية ميشال عون تسلّم ورقة التأليف في يُمناه قبل تحرير ورقة التكليف من يُسراه بشكل يجرّد رئيس الحكومة المكلّف من صلاحية رسم خريطة تشكيلته الحكومية ويحوّله تالياً إلى مجرد "مخلّص جمركي" مهمته إفراغ حمولة السلطة على رصيف التأليف، في وقت يتربع "الرئيسان القويان" على الكرسيين الأولى والثانية ويُطلب من الرئيس السنّي القوي التنحي عن الكرسي الثالثة لشخص وكيل يقبل بما لا يقبل به الأصيل ويبصم سلفاً على أجندة التركيبة الحاكمة مكرّساً سياسة "ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم" في عملية التكليف.
وأمام هذا الإمعان في التهشيم الدستوري والتهميش الطائفي طفح كيل "الدار" فخرج المفتي عن اعتصامه بحبل الصمت ليحزم موقفه وموقف "أبناء الطائفة" ويجاهر بصوت المرشح المعتزل سمير الخطيب: الحريري أو لا أحد في رئاسة الحكومة. وإثر سماعه "من سماحته أنه نتيجة اللقاءات والمشاورات والاتصالات مع أبناء الطائفة الإسلامية تم التوافق على تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة"، انتقل الخطيب إلى "بيت الوسط" ليعلن "بكل راحة ضمير" اعتذاره عن المضي قدماً في مشروع ترشّحه وليجدد الشكر إلى الحريري "الذي سيبقى قدوة في الوفاء والوطنية والقيادة الحكيمة".
إزاء هذا المستجد، رجحت مصادر مواكبة للمشاورات الجارية أن تلجأ القوى السياسية إلى "إعادة نبش الدفاتر القديمة والجديدة" خلال الساعات المقبلة في رحلة بحث متجددة عن مرشح مقبول تتقاطع حوله مختلف القوى، على أن يتم التكتم هذه المرة عن تسميته قبل التأكد من أنه يحظى بغطاء طائفته سياسياً وروحياً، مضيفةً لـ"نداء الوطن": "ومن الآن وحتى ذلك الحين ستتكثف محاولات الثنائية الشيعية لإقناع رئيس حكومة تصريف الأعمال بالعدول عن قراره التنحي عن ترؤس حكومة تكنو – سياسية، وربما مع تقديمات إضافية من جانبهما تعزز طابعها التكنوقراطي على حساب الصبغة السياسية لتصبح هذه الصبغة في حدود مجرد الوجود للوجود في التركيبة الحكومية المرتقبة".
وإذا كانت الأمور الحكومية باتت بحكم المعلّقة أسبوعاً إضافياً على حبائل "المشاورات والاتصالات"، يبقى السؤال… كيف سيواجه لبنان المجتمع الدولي بعد 72 ساعة حين يلتئم شمل مجموعة الدعم في باريس لبحث سبل استنهاض الواقع اللبناني المنهار، بينما أركان الدولة اللبنانية أنفسهم لا يزالون منهميكن في لعبة تناتش الحصص وتنازع دفة القيادة على متن مركب غارق؟!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرق
انسحاب الخطيب يخلط الأوراق.. والإستشارات في مهب الريح
الحريري يشارك في مجموعة الدعم الدولية للبنان في مهمة انقاذية
انسحاب المرشح لرئاسة الحكومة سمير الخطيب من السباق الحكومي خلط الاوراق والمعطيات، ووضع الاستشارات النيابية الملزمة اليوم في قصر بعبدا في مهب الريح، وعادت كرة تكليف رئيس لتشكيل الحكومة الى ملعب العهد والثنائي الشيعي بعد اجماع الطائفة السنية على ترشيح الرئيس سعد الحريري لهذه المهمة، والذي عبر عنه المهندس سمير الخطيب في دار الفتوى نقلا عن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ومن ثم اعلانه من بيت الوسط بعد اجتماعه بالحريري اعتذاره عن اكمال مشوار التكليف.
وقد برز امس خبر اتصالات جرت بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، ما فتح المجال للحديث عن ابقاء الاستشارات في موعدها وتكليف الرئيس الحريري ليذهب الى باريس من موقع قوة.
اما إذا ارجئت الاستشارات فقد تكون يوم الخميس المقبل في ضوء نتائج اجتماع مجموعة الدعم التي سيتمثل فيها لبنان بالرئيس الحريري الذي سيقدم شرحا حول الوضع اللبناني بما يؤمن الدعم المطلوب في هذا الظرف من اجل انقاذ لبنان. فإذا حصل ذلك فإنه سيكون مؤشرا الى عودة الحريري مرشحا وحيدا لترؤس الحكومة بشروطه وليس وفقا لإملاءات الاطراف المعرقلة والمصرة على حكومة تكنوسياسية تكون نسخة عن الحكومة المستقيلة.
وشكر «اتحاد جمعيات العائلات البيروتية»، في بيان، الخطيب «لتجاوبه مع موقف القوى الاسلامية الذي عبر عنه سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، والذي أجمع على تأييد ترشيح دولة الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة العتيدة، وذلك باعتذاره عن الاستمرار في الترشح لرئاسة الحكومة».
وختم مشددا على «أهمية الالتزام بأحكام الدستور والميثاقية الوطنية في تكليف رئيس الحكومة وتشكيلها، ومراعاة مطالب الشعب في تحديد بيانها الوزاري».
وفي هذا السياق، كتب رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط، امس تغريدة عبر «تويتر» جاء فيها: «بعد انتهاك الدستور ومخالفة الأسس المتبعة في تأليف الحكومات من خلال استشارات جانبية مريبة شكلت نكسة حقيقية تتعارض مع الأصول ولا تقيم وزنا لاحترام المؤسسات ودورها، فإن اللقاء الديموقراطي يمتنع عن المشاركة في الاستشارات النيابية المقررة اليوم».
من جهته رد النائب السابق وليد جنبلاط عبر صفحته الخاصة على تويتر قائلاً: «انني ومن موقع معرفة آل الخطيب والصداقة السياسية والشخصية القديمة التي كانت تربط كمال جنبلاط بمنير الخطيب وأنور الخطيب وأيام النضال الجميلة والتاريخية مع زاهر الخطيب ادين بشدة حملة التشهير التي تعرض إليها الأستاذ سمير الخطيب من قبل خفافيش الليل الطارئين على السياسة والمخربين».
وأكد رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ان «الكتائب» ستشارك في الاستشارات وستسمي نواف سلام.