نسيت معظم الصحف الحراك الشعبي الوطني ومطالبه الإجتماعية والديموقراطية. تبدأ القضايا التي تعرضها الإفتتاحيات من تشكيل الحكومة، وتنتهي عند العقوبات الأميركية ضد قوى المقاومة الوطنية. أما الحراك فاختزل، صحفياً، إلى قطع الطرقات و"قمع" الجيش لـ"قطاع الطرق". "الأخبار" ما زالت تناصره، وكذلك، "البناء" وأقل منهما "اللواء"، أما البقية فقد حولت الموجز الصحفي الإخباري ـ التحليلي في الإفتتاحية اليومية، إلى وسيلة لتعزيز الأوليغارشيه وإضعاف الديموقراطية. فيما الأحوال العامة، ومصالح المواطنين، تستدعي إنعاش "حكم الشعب"، من خلال الإصلاح البنيوي للحياة السياسية اللبنانية. هذا التطرف الصحفي يشرع للحراك الشعبي الوطني مساءلة هذه الصحف عن مصادر التمويل السياسي التي "تتنعم" منها. هذا التطرف الذي يسخر من قوى الحراك والتزامها بمصالح الشعب، يجب مساءلته بكل الوسائل الديموقراطية المتاحة لهذه القوى. فالصحفيون المتطرفون الذين تكتريهم قطر وتركيا بـ"الدولارات الإخوانية" يمارسون الإرهاب الفكري على المواطنين تارة بالإحتفاء بمبعوثي الإدارة الأميركية إلى لبنان وعقوباتها عليه، وطوراً بالنفاق مع هؤلاء المبعوثين عن دور "شيوعيي حزب الله".
هيئة تحرير موقع الحقول
السبت 14 كانون الأول، 2019
الأخبار
عون لن يشارك في الحكومة المقبلة!
«مجموعة الدعم» وواشنطن: عليكم بـ«وصفات» صندوق النقد الدولي!
جمعية المصارف تهدّد: لا تطالبوا بأموالكم
لم تساهم كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في تليين موقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من المشاركة في الحكومة. فقد جزمت مصادر رفيعة المستوى في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار» بأن التيار «لا يمكن أن يشارك في حكومة يرأسها سعد الحريري. هذا قرار نهائي لا يمكن الرجوع عنه». وسبق لباسيل أن عبّر عنه في مؤتمره بالقول إنه «غير مستعد للدخول في حكومة تحمل عناصر الفشل نفسها».
وأشارت المصادر في هذا السياق إلى أن «من الأفضل، لنا وللحريري، أن يأخذ فرصته وحيداً من دوننا. ولن يرى منا إلا تسهيلاً». وربطاً بإبلاغ رئيس مجلس النواب نبيه بري لباسيل عند زيارته عين التينة يوم أول من أمس بعدم مشاركة حركة أمل من دون التيار «تحت أي اعتبار»، قالت المصادر نفسها إن «رئيس التيار حرّر الحركة وحزب الله من موقف مماثل خلال اللقاء، وفي المؤتمر الصحافي». وقد سرى في الصالونات السياسية في اليومين الماضيين، خبر مفاده أن رئيس الجمهورية ميشال عون يعتزم المشاركة في الحكومة بوزير أو اثنين عبر حقيبة وازنة، إلا أن أوساط رئيس الجمهورية وباسيل على حدّ سواء نفت ذلك قائلة لـ«الأخبار»: «لا يراهننّ أحد أننا سندخل الحكومة بطريقة غير مباشرة عبر حصة لرئيس الجمهورية أو أن يكون هناك مشاركة حتى للرئيس.. الأمر محسوم، لن يكون هناك حصة لا للتيار ولا للرئيس في حكومة يرأسها سعد الحريري».
على صعيد آخر، نفّذ الجيش اللبناني قراره بمنع قطع الطرقات، لكنه أفرط في استخدام القوة لتحقيق ذلك في جل الديب، فيما وقفت قوى الأمن الداخلي متفرّجة على اعتداء موظفين في هيئة أوجيرو على المتظاهرين. وقد بدأت الاشتباكات منذ السادسة صباحاً عندما عمد بعض المتظاهرين إلى إقفال مسربَي أوتوستراد جلّ الديب، للمطالبة بحكومة مستقلة لا يرأسها سعد الحريري أو يشارك فيها أي من أطراف السلطة السياسية. جرى ذلك بمؤازرة مجموعة من الشباب القادمين من طرابلس يقودهم ربيع الزين. حاول عناصر الجيش إعادة فتح الطريق وإزاحة السيارات بأياديهم فلم يتمكنوا سوى من فتح مسرب واحد. عندها توجه بعض المتظاهرين للتفاوض مع العناصر كما كان يجري غالباً، لكن هي «المرة الأولى التي لا يبدي الجيش ليونة ويبدأ عناصره بضربنا بوحشية»، يقول بعض من تواصلت «الأخبار» معهم. وقد أظهرت الفيديوات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن الجيش استعمل العصي لضرب المعتصمين وبعضهم عمد إلى ركلهم، ما تسبب بإصابات بين المتظاهرين، وتم نقل 4 منهم إلى المستشفيات. وذلك استفزّ مجموعة من الشبان الذين بدأوا يعيّرون الجيش بأدائه ويسألونه عما حال دون قمعه من تهجموا على الناس في بيروت، الأمر الذي ساهم في استفزاز عناصر الجيش أكثر، فيما كان من المفترض أن يتفهّموا المتظاهرين لا العكس. ويشير من شاركوا في التظاهرة إلى أن «كل ما طلبناه من الضباط الموجودين هناك أن نتكلم معهم، وكنا نجابه بالضرب من العناصر المحيطين بهم». اعتقل الجيش 6 شبان: كارل كرم، كارل غالب، وائل خداج، يوسف بو سليمان، جوزيف أسمر وجوزيف إبراهيم، واقتادهم إلى ثكنة صربا ليخلي سبيلهم بعد نحو ساعة. تكرر مشهد جلّ الديب ليلاً في الجية حيث حاولت مجموعة من الشابات والشبان دخول معمل الكهرباء احتجاجاً على انقطاع التيار المتواصل في بلدة برجا، فتم منعهم من قبل الجيش، ليتطور الأمر إلى تضارب بين العسكريين والمحتجين. هناك أيضاً استعمل الجيش القوة لفضّ التجمع، وتسبّب بإصابات في صفوف المعتصمين.
واستكمالاً للاعتصامات المتنقّلة أمام مؤسسات الدولة، توجهت مجموعة من الناشطين إلى مبنى أوجيرو في بئر حسن وهي ليست المرة الأولى التي تشهد المؤسسة احتجاجات مماثلة رفضاً لهدر الأموال والفساد المستشري فيها. كانت الفكرة الرئيسية «رفع شعارات مندّدة بذلك داخل المبنى سلمياً». لم تدم طويلاً سلمية بعض الموظفين الذين وقفوا يراقبون التحرك، فما إن هتفت إحدى الفتيات «عماد كريدية حرامي» حتى جنّ جنونهم، بحسب الشبان المشاركين في الاحتجاج. سريعاً، تحول الأمر إلى ساحة معركة «وتعرضنا للضرب المبرح من موظفي كريدية وأحد مرافقيه لا الموظفين الرسميين، وسط «حيادية» تامة من قوى الأمن الداخلي الموجودة عند مدخل المبنى»، ما أدى إلى نقل شابة وشاب إلى المستشفى نتيجة تعرضهما للضرب القوي على الرأس والجسم. وخرج المسؤول الإعلامي في هيئة أوجيرو كريم الرفاعي ليستنكر ما حدث مشيراً إلى أن «مشادّة حصلت بين مجموعة من الناشطين وبعض الموظفين» رغم قرار كريدية في عدم التعرض لأي محتجّ». ولفت إلى أن الأخير «فتح تحقيقاً فورياً لمعرفة ملابسات الإشكال». كذلك غرّد كريدية من حسابه على تويتر واصفاً ما جرى بـ«تصفية الحسابات السياسية مع الرئيس الحريري على حساب القطاع العام والعاملين فيه» مضيفاً أن أوجيرو «مش لحدا وللشعب اللبناني ويحقّ لحركة الشعب ونجل النائب السابق نجاح واكيم زيارتها حينما أرادوا مصاني الكرامة».
التيار الحر: ليتحمّل الحريري مسؤولية الانهيار
«مجموعة الدعم» وواشنطن: عليكم بـ«وصفات» صندوق النقد الدولي!
“كان بعض أركان السلطة يمنّون النفس بدعم مالي دولي يصدر عن المؤتمر الذي عقدته «مجموعة الدعم» في باريس أمس. لكن الأخير خرج داعياً لبنان إلى الالتزام بوصفة «صندوق النقد الدولي»! وصفة إقفار ونهب وتدميرٍ للقطاع العام وانهيارِ سعر صرف الليرة، تلقفها الرئيس سعد الحريري الذي يصرّ التيار الوطني الحر على تحميله وحيداً مسؤولية الانهيار!
انتهى مؤتمر «مجموعة الدعم الدولية للبنان» بفرض المزيد من الشروط على شروط «سيدر»، ليحيل الدولة اللبنانية الى «وصفته الجاهزة»: اللجوء الى صندوق النقد الدولي. وهو النموذج الذي دأب المجتمع الدولي على اعتماده عند ايصاله الدول التي يرعى اقتصادها وسياساتها الى الفشل والانهيار؛ فيبقي أمامها خيارا قسريا هو الاستعانة بالنقد الدولي. وأبرز شروط الصندوق تبدأ بـ«تحرير العملة الوطنية»، أي انهيار قيمة الليرة في بلد غير مصدّر كلبنان، واعتماد الخصخصة في مختلف قطاعات الدولة ولا تنتهي بزيادة سعر المحروقات وخفض وإلغاء الدعم في القطاعات الرئيسية التي تدعمها الدولة كالكهرباء، الى جانب وقف التوظيف وخفض أعداد العاملين في القطاع العام. وصفة صندوق النقد ستخلص الى ترتيب المزيد من الديون على الدولة اللبنانية وتكبيلها بسياسات دولية تشرف عليها الولايات المتحدة.
ما سبق ورد ضمنيا في البيان الصادر عن مجموعة الدعم الدولية للبنان بالاشارة الى أن «الدعم من المؤسسات المالية الدولية ضروري لمساعدة السلطات في جهودها لتطبيق الإصلاحات»، مجددة «استعدادها للمساعدة في هذه الخطوات وداعية السلطات اللبنانية الى طلب الدعم من المجموعات الدولية». وعلمت «الأخبار» أن مساعد وزير الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر ردد هذا الكلام حرفيا أمام الموجودين قائلا إن «لا حل للبنان سوى باللجوء الى صندوق النقد الدولي». وقد تمثل الحضور العربي بدول الامارات والكويت ومصر وجامعة الدول العربية وسط غياب سعودي لافت. خلال صياغة البيان النهائي، تمكن الوفد اللبناني من تخفيف الصيغة الاملائية له، لينص على حث السلطات اللبنانية على تلبية متطلبات الشاعر عبر «تبني سلة إصلاحات مستدامة والالتزام بإجراءات وفق جدول زمني محدد». رغم ذلك، «لم يكن الجو العام مطمئنا إلى تأليف حكومة جديدة سريعا، فيما عبّر أكثر من طرف غربي عن استيائه من سياسة حاكم مصرف لبنان النقدية وعدم استماعه للنصائح التي وجهت اليه». في سياق آخر، أكد البنك الأوروبي للاعمار والتنمية للبنان، وفق المصادر، أنه «فتح خطوط ائتمان لستة مصارف بقيمة 250 مليون دولار تلبية لطلبات الاستيراد ويستعد لاضافة مصرف سابع إلى القائمة».
من جانبه، اعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو موقفاً يربط فيه مساعدة لبنان بإخراج حزب الله من الحكومة. وهي ليست المرة الأولى التي يردد فيها بومبيو المعادلة نفسها ويعمد الى تحديد شروط واشنطن على اللبنانيين، داعيا اياهم في الوقت عينه الى وقف التدخلات الخارجية في بلدهم! فهو كان قد صرح بها قبل تسعة أشهر، أثناء زيارته لبيروت، كما كررها قبل أيام. وأمس، بدا الموقف الأميركي أوضح وأشدّ لهجة في تحديد هدفه وربط الاستجابة لطلبات الدولة اللبنانية مباشرة بشكل الحكومة اللبنانية والممثلين فيها. ليتوجه بعدها الى الشعب اللبناني محملا اياه مسؤولية «كيفية تشكيل الحكومة» وممليا عليه الأوامر الأميركية: «يجب أن يطالب الشعب اللبناني بسيادة لبنان وازدهاره وحريته من نفوذ الكيانات الخارجية (…) هناك منظمة مصنفة كإرهابية وهي حزب الله وأعلم أنكم على علم بالخطر الذي تشكله على حريتكم وعلى قدرتكم على توفير حاجاتكم (…). الولايات المتحدة مستعدة للقيام بأمور لمساعدة اللبنانيين على إنعاش اقتصاد لبنان وتشكيل حكومتهم، آملاً أن ينجح الشعب في هذه المهمة». لم يكد بومبيو يتكلم حتى غرد رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري عبر «تويتر» برؤيته للخروج من الأزمة: «الإسراع بتأليف حكومة اختصاصيين تلبي تطلعات اللبنانيين، إعداد خطة إنقاذية وتطبيقها بالدعم الكامل من المجتمع الدولي، المؤسسات المالية الدولية والصناديق العربية». وقد توجه بعض الشبان مساء أمس الى أمام منزل الحريري في وادي أبو جميل هاتفين: «سعد سعد سعد ما تحلم فيها بعد».
في موازاة ذلك، اتخذ التيار الوطني الحر قراره بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة ويفترض أن يعلن وزير الخارجية جبران باسيل ذدلك خلال مؤتمر يعقده في ميرنا الشالوحي السادسة مساء اليوم. ووفق مصادر التيار، «اتخذ القرار بعد عملية كر وفر طويلة بينهم وبين الحريري، خلصت الى تأكيد المؤكد لديهم، بأن الحريري ليس أهل ثقة بعد اليوم وغير مؤهل لادارة حكومة انقاذية للبلد». لذلك، «سيعمد التيار الى تركه يؤلف الحكومة التي يريدها منفردا ووفق التوجيهات الأميركية». ويرى العونيون أن المرحلة المقبلة هي مرحلة الانهيار ولا يطمحون ليكونوا شركاء فيها لسبب رئيسي أنهم لم يكونوا يومها جزءاً من النظام الاقتصادي الذي أدى الى ما يحصل حاليا. ويفترض بقرار الانضمام الى المعارضة تحت عنوان «التضحية من أجل خلاص البلد طالما يصعب تشكيل حكومة بوجود باسيل فيها»، أن يحسن وسائل تواصل التيار مع جمهوره الحالي وذلك الذي خسره تباعا خلال السنوات الماضية». التيار الوطني الحر أبلغ حزب الله بموقفه النهائي وأبدى تمسكا به رغم محاولات الحزب ثنيه عن الأمر. ففي ميزان الحزب أضرار هذا العمل تفوق فائدته بمعزل عن احترامه لخيار حليفه. وما الخروج من الحكومة اليوم سوى ضربة إضافية للعهد، اذ كيف يمكن رئيس الجمهورية ميشال عون، مؤسس التيار ورئيسه السابق، أن يكون على رأس الحكم فيما تياره في المعارضة؟
«تعميم» قضائي برفض دعاوى المودعين على البنوك!
جمعية المصارف تهدّد: لا تطالبوا بأموالكم
«لا تهديد المصارف ولا إقفالها عنوةً ولا محاولات تخريبها وتشويهها ستأتي للمواطنين بالنتيجة المرجوّة، بل هذا ما سيسبّب ضغطاً إضافياً على المصارف». بهذا التهديد الواضح، خرج رئيس جمعية المصارف، سليم صفير، أمس على المودعين الذين تحتجز البنوك ودائعهم وأموالهم الموجودة في حساباتهم الجارية ورواتبهم الموطّنة… وصولاً إلى أموال مزارعي التبغ، بقرار غير قانوني من الجمعية التي يرأسها صفير نفسه. أراد أن يقول للزبائن: عليكم أن تصمتوا وألا تطالبوا بحقوقكم، وألا «تشوّهوا صورتنا»، وإلا فستخسرون أكثر (تقرير حسن عليق).
في مقابلة مع جريدة «النهار» التي تدّعي تبنّي «الثورة»، فيما هي تنطق منذ عقود باسم الطبقة الحاكمة، بسياسيّيها ومصرفيّيها ورجال أعمالها، قال صفير إن «المصارف تعاني من فساد الطبقة السياسية». مَن يشكو من فساد ما يسمّيه «الطبقة السياسية» ليس سوى «كبير المصرفيين» الذين سيسجّلون نهاية العام الجاري في دفاترهم أكثر من 12 مليار دولار كإيرادات من المال العام (في سنة واحدة، ستحصل المصارف على أكثر من 6 مليارات دولار من الموازنة كخدمة للدين العام، و6 مليارات دولار من مصرف لبنان فائدة الأموال المودعة لديه)، والذين حصلوا على أكثر من 81 مليار دولار من خزينة الدولة كخدمة للدين العام بين عامَي 1993 و2018 (راجع «الأخبار»، ملحق «رأس المال»، 25 تشرين الثاني 2019، تقرير توفيق كسبار في «تشريح الأزمة النقدية»). هو صاحب مصرف كانت قيمته تساوي أقل من عشرين مليون دولار مطلع تسعينيات القرن الماضي، فإذا برأسماله يتجاوز المليار دولار اليوم (هذا عدا عن الأرباح التي تم توزيعها على مدى ثلاثة عقود). للأمانة، الرجل نطق بالحق. ثمة فساد. لكنه حاول التعمية، إذ حصره بما سمّاه «الطبقة السياسية». يريد إخراج نفسه، وإخراج زملائه، من دائرة الحكم. يريد مرة جديدة تأكيد كذبة مفادها أن أصحاب المليارات، الذين يتحكمون بالاقتصاد، ويحتكرون الثروة، ولأجلهم تُقرّ القوانين، ومنهم رئيس الحكومة ووزراء ونواب، يريد تأكيد أن هؤلاء لا صلة لهم بالحكم، وأن في لبنان «طبقة سياسية» مستقلة عن الطبقات الاجتماعية. يريد أن يقول للناس إن الأزمة التي تعانون منها ليست نتيجة «حرب طبقية» يشنّها عليكم أبناء «الطبقة العليا» في المجتمع، طبقة الـ 1 في المئة من اللبنانيين التي تحتكر تقريباً كل شيء، ومعها ميليشيا البورجوازية و«البورجوازية المستأجَرة»، والتي لأجلها صُمِّم النموذج الاقتصادي المعمول به في لبنان، لا بل هي صمّمته، بالتكافل مع «المركز الرأسمالي» في العالم (الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة حالياً) الذي تُعدّ المصارف رأس جسره في لبنان. حرب شعواء لا هوادة فيها، تُنهب فيها أموال اللبنانيين، عبر ألاعيب كثيرة، أبرزها لعبة الدَّين العام التي حوّلت أكثر من ثلث أموال دافعي الضرائب إلى أصحاب المصارف وكبار المودعين، أي، إلى «الطبقة الحاكمة» التي يحاول صفير عبثاً إخفاء وجودها.
لم يصدُق صفير حصراً في تهديده، ولا في الحديث عن فساد. صدق أيضاً في عبارة أخرى قالها: «ما يريد منه الثوار شبراً، المصارف تريد منه أميالاً». صحيح. «الثوار» يريدون أموال الناس المحتجزة لدى صفير وزملائه. يريدون استعادة المال العام الذي يتحوّل، عبر الموازنة وسياسات رياض سلامة، إلى مال خاص لأصحاب المصارف وكبار المودعين. أما المصارف، فتريد هذا المال أضعافاً مضاعفة. وهي، أي المصارف، فيما تشكو الظلم اللاحق بها من قبل «الطبقة السياسية»، تحتجز أموال الناس، من دون أن تكترث لرد فعل القضاء. فالقرار الذي أصدره القاضي الشجاع أحمد مزهر، قبل ثلاثة أسابيع (راجع «الأخبار»، 26 تشرين الثاني 2019)، لجهة إلزامه مصرفاً بتحرير وديعة محتجزة، يبدو أنه كان الاستثناء الذي يؤكد القاعدة. فبعد أيام قليلة على قرار مزهر، صدر قرار معاكس في جبل لبنان. القاضي المنفرد المدني في بعبدا، الياس صلاح مخيبر، أصدر يوم 28 تشرين الثاني 2019 حكماً ردّ فيه طلب مودعة بتحرير وديعتها. وذريعته أن المستدعية لم «تُثبِت توافر عجلة ملحّة وضرورة قصوى تحتّم سحب المبالغ المودعة في حسابها بالدولار الأميركي كلياً، ولم تبرز ما يُثبت قيمة المبالغ المستحقة بذمتها وماهية الالتزامات الواقعة على عاتقها والتي تستوجب منها الإيفاء دون إبطاء..». القاضي يقول هنا إن المودِع يجب أن يُثبت أن حاجته للمال ملحّة، وإلا، فإن قضاء العجلة لن يجد نفسه معنياً بالنظر في شكواه، وأن في مقدور المصارف أن تحتجز أمواله إلى الأبد، وأن تردّها له بالطريقة التي تراها مناسبة. قرار القاضي مخيبر ليس سوى أولى نتائج «تعميم» غير رسمي، صدر من جهات عليا في القضاء، طُلب فيه من القضاة عدم قبول دعاوى العجلة من المودعين ضد المصارف، بذريعة أن قبول الدعاوى سيؤدي إلى أزمة كبرى في القطاع المصرفي، وتالياً انهياراً اقتصادياً. في العدلية، يؤكد المطلعون أن «التعميم» اتخذ شكل التمنّي. وأن القضاة قادرون على مخالفته. وبالتالي، الرهان هنا على القضاة الشجعان، أولئك الذين لم يخضعوا بعد لنفوذ «الطبقة الحاكمة»، وعلى رأسها جمعية المصارف التي تحتجز أموال المودعين، ثم تهدّدهم بالانهيار إذا هم طالبوا بحقوقهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
ساعات الإستشارات بين اللملمة والضغوط الأميركية على التأليف
موسكو تدعم تكليف الحريري لحكومة 6 أشهر.. ونصر الله يُغازِل باسيل ويتوقّع صعوبة الولادة
على مقربة ساعات مضنية من انتظار موعد الاستشارات النيابية الملزمة، توزعت فعاليات الجمعة أمس بين اشتباكات في جل الديب على خلفية قطع الأوتوستراد، وهجوم المحتجين على محطة توليد الكهرباء في الجية، واشعال حرائق وتدخل الجيش اللبناني لمنع هؤلاء من الدخول إلى داخل المحطة، وفي وقت لاحق، بدأ قطع الطرقات من منطقة المدينة الرياضية إلى الناعمة، وصولاً إلى البقاع، ونفق المطار بالاتجاهين.
وفي المقلب الآخر من المشهد، وبعد وقت قليل من إطلالة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، والذي أعطى الأولوية لتكليف شخصية بتأليف الحكومة، وبعد ذلك البدء بالتعاون لتأليف حكومة بأسرع وقت ممكن، مطالباً الرئيس سعد الحريري ان «يحلحلها شوي».
وإذ دعا السيّد نصر الله إلى تشكيل حكومة إنقاذ قادرة على تنفيذ الإصلاحات داعياً إلى الوعي وعدم التأثر بالتحريض الأميركي، «فالأميركيون يبتزون الشعب في لبنان، ويستغلون الوضع المعيشي ليعالجوا الخطر الذي يشكله حزب الله عليهم، وعلى الكيان الصهيوني».
وبعد وقت قليل على كلام السيد نصر الله، وعلى وقع العقوبات الأميركية على أفراد لبنانيين بتهمة التعامل مع حزب الله، أعلن وزير الحكومة الأميركي مايك بومبيو: نقف إلى جانب الشعب اللبناني، وسنواصل استخدام كل امكاناتنا لمواجهة التهديد الذي يمثله حزب الله.
وفي الإطار الدبلوماسي، علمت «اللواء» ان الوزير جبران باسيل، استطلع الموقف الروسي، عبر النائب السابق أمل أبو زيد من إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري وتشكيل الحكومة اللبنانية.
وقالت المعلومات ان أبو زيد قابل لهذه الغاية ميخائيل بوغدانوف مساعد وزير الخارجية الروسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا واتاه الجواب على النحو التالي وفقا لما نقل عن بوغدانوف:
1 – موسكو تؤيد إعادة تكليف الحريري تأليف حكومة لبنانية جديدة لمدة تتراوح بين 6 أشهر أو 7 أشهر.
2 – برنامج الحكومة معالجة المشكلات الاقتصادية والحؤول دون الانهيار.
3 – موسكو أوضحت انها ما نقل عن لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف عن تأييد حكومة سياسية تكنوقراطية لم يكن دقيقاً.
وتوقع مصدر مطلع على أجواء الاتصالات ان تأليف حكومة جديدة قد يكون سريعاً، إذا ما سارت الأمور، وفقا لآليات التسهيل التي يجري العمل عليها، لأن لبنان بات في سباق مع الوقت، لأنه من دون لملمة الوضع يصبح من الممكن ان تتسرع وتيرة الانهيار، وتتوسع مجالات الأزمة لتتخذ ابعاداً اقتصادية وسياسية وربما أمنية.
الاستشارات في موعدها
وفي تقدير مصادر مطلعة، انه من الآن وحتى موعد الاستشارات النيابية الاثنين المقبل، لن تهدأ الاتصالات والرسائل المتبادلة والضغوط والضغوط المضادة، على ان الثابت، هو ان الاستشارات ستحصل في موعدها، الا إذا حصل وضع استثنائي، بحسب مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية ميشال عون، والتي أكدت ان الرئيس عون سيلتزم بأصول الدستور في الاستشارات، فهو سيستمع ويسجل ولا يزكي أحداً، من دون ان تدخل في سيناريوهات التأليف، على اعتبار ان هذا الأمر سابق لأوانه، ولأنه يُدرك ان غالبية الكتل النيابية ستترك له تسمية الرئيس المكلف، على حدّ ما ألمح السيّد نصر الله، الذي لم يشأن بدوره الكشف عن الخيار الذي ستطرحه كتلة «الوفاء للمقاومة»، مؤكداً انه «حتى هذه اللحظة لم يتم التوافق على اسم الرئيس المكلف»، لكنه أمل في ان يحصل التكليف يوم الاثنين لأي شخصية تحصل على الأصوات اللازمة، متوقعاً «ان لا تكون عملية التأليف سهلة».
وبين اليوم وغداً وصباح الاثنين تعود الكتل النيابية إلى الاجتماع لتحديد موقفها من تسمية الرئيس المكلف، لتبدأ بعد ذلك مناورات ومناكفات وشروط تشكيل الحكومة والتي لا زال الخلاف قائماً على شكلها ونوعها، حكومة اختصاصيين أم مختلطة، بمعنى تكنو-سياسية.
وفي هذا السياق، علمت «اللواء» ان كتلة «الوفاء للمقاومة» ارجأت اجتماعها الذي كان مقرراً أمس، إلى صباح الاثنين على أمل ان تتبلور المواقف السياسية ولا سيما موقف الرئيس سعد الحريري من التكليف والتأليف، فيما لا يزال موقف كتلتي «التنمية والتحرير» و«الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) وربما «تكتل لبنان القوي» غامضاً بانتظار بلورة موقف الرئيس الحريري ايضا، والذي تردد انه قد يزور الرئيس عون للتداول معه في الوضع الحكومي.
لكن بعض المعلومات افادت ان كتلة «التنمية والتحرير» و«كتلة اللقاء الديموقراطي» وكتلة «الوسط المستقل» ستسمي الحريري، بينما لن تسميه كتلتا «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وحلفاؤهما، وأن الحريري قد يعتذر قبل التكليف اذا وجد ان تكليفه سيكون بعدد ضئيل من النواب ويقترح تسمية شخصية اخرى، بينما اعلن رئيس جهازالتواصل الاعلامي في «القوات» شارل جبور ان الكتلة «تنتظر أن يُصار إلى تثبيت موعد الإستشارات لاتخاذ الموقف المناسب، ولن نُكلّف إلا من يُشكّل حكومة اختصاصيين».وقال عضو تكتل لبنان القوي النائب أسعد درغام: ان الإتجاه العام نحو عدم تسمية أحد، ولكن يمكن أن نترك للرئيس التسمية التي يريدها».
وفي كل الاحوال، ومهما كانت نتيجة الاستشارات الاثنين سواء لمصلحة الحريري او من يسميه اولشخص اخر، ستبقى عملية التأليف معقدة وصعبة لجملة اسباب ابرزها صعوبة التوافق على شكل الحكومة حيث يصر الحريري على حكومة اختصاصيين ويصر الرئيس عون والفريق الداعم له على حكومة اختصاصيين وسياسيين وممثلين للحراك الشعبي (غير الموحد وغير المتفق على مجموعة تمثله).
تسريب مصادر
في غضون ذلك، اندلعت حرب تسريب مصادر عبر محطات التلفزة بين بعبدا و«بيت الوسط»، فنقلت «ال بي سي» عن مصادر بعبدا: ان الرئيس عون حدد موقفه من صيغة الحكومة ومصلحة البلاد والتوازن هي في حكومة تكنو- سياسية، ونسبت محطة «الجديد» الى نفس المصادر قولها أن ليس هناك أيّ داع لتأجيل الاستشارات النيابية الملزمة المقررة الإثنين، وهذا يحتّم وجود تنسيق حثيث بين الكتل النيابية للوصول إلى حل». وأوضحت المصادر أن الاستشارات قد تؤجّل إذا كانت هناك مصلحة عليا ودواعٍ كبيرة ومهمة كما حصل الأسبوع الماضي.
في المقابل، قالت اوساط «بيت الوسط»: انها ليست في وارد السجال او الرد على احد لا سيما وان موقف الرئيس الحريري واضح ومعلن، وهو موقف يرتكز إلى قيام حكومة بمواصفات جديدة بعيدة من منطق المحاصصة التقليدية، وتحاكي الحراك الشعبي والمخاطر الاقتصادية والأعباء المعيشية ومواقف أصدقاء لبنان.
واضافت في حديث «ال بي سي»: أن الرئيس الحريري تحرك طوال الفترة الماضية على خطين، خط البحث في اعادة تكليفة لتشكيل حكومة اختصاصيين، وخط تسميته لشخصية أخرى، موضحة أن الخط الاول اصطدم بالرفض من الأيام الاولى للمشاورات، والخط الثاني واجه عراقيل باتت معروفة للجميع.
وتابعت: أن تحميل الرئيس الحريري مسؤولية حرق الأسماء مردود جملة وتفصيلا، وكذلك ايضاً بعض ردود الفعل التي اشتغلت على تحميل دار الفتوى وشخصيات الإسلامية مسألة الحق الحصري بتسمية الرئيس المكلف، ولا يجوز بالتالي تغليف وجهات نظرها بأي استهدافات واطر دستورية.
وقالت: «اذا كان هناك من يعتبر الميثاقية شرطاً لوصول الأقوياء في طوائفهم إلى المواقع الأولى في السلطة، فإن هذا الاعتبار يسقط عند حدود تشكيل الحكومات التي تبقى حقاً حصرياً منوط دستورياً برئيسي الجمهورية والحكومة فقط لا غير. والمهم في نهاية المطاف الذهاب الى الاستشارات وخرق جدار التكليف والتأليف واعطاء الاولوية للهم الاقتصادي.
نصر الله
في هذا الوقت، حرص السيّد نصر الله، ان لا يُحدّد موقفاً من موضوع استشارات التكليف الاثنين، تاركاً مهمة الإعلان عن هذا الموقف إلى صبيحة الاستشارات، كما لم يشأ الكشف عن شروطه لتأليف الحكومة، مكتفياً فقط بالاعلان عن ان موقفه هو وحركة «أمل» مخالف لتشكيل حكومة اللون الواحد، لأنها ليست من مصلحة لبنان.
ووجه نصر الله انتقاداً عنيفاً للولايات المتحدة، متهماً إياها بركب موجة التظاهرات في العالم، وسخر من التصريح الأخير لوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الذي تحدث عن استعداد واشنطن لمساعدة اللبنانيين لإخراج حزب الله من نظامهم وبلادهم، وتساءل: كيف يستطيع إخراج حزب الله من لبنان، وكأن الحزب جاء من بلد آخر، معتبراً ذلك بأنه «يدل عن التفاهه الأميركية في مقاربة هذا الموضوع».
وفي الشأن الحكومي، أمل نصر الله ان تحصل الاستشارات الاثنين وان يحصل تكليف من تختاره أكثرية الأصوات، لكنه رأى ان عملية التأليف لن تكون سهلة، معتبراً أنه كان من الأفضل ان تبقى الحكومة وان تبقى التظاهرات، لأنها كانت ستشكل عامل ضغط على الحكومة للقيام بالاصلاحات المطلوبة.
وقال انه لو بقيت الحكومة وبقي النّاس في الشارع لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، حيث ذهب البلد إلى مكان آخر، متحدثاً عن 4 خيارات في الموضوع الحكومي هي في الواقع خياران هما: حكومة اللون الواحد، سواء من فريق الممانعة أو من الفريق الآخر، وخيار حكومة الشراكة سواء برئاسة الحريري أو شخص غيره، مشدداً اصراره على مشاركة «التيار الوطني الحر» في أية حكومة ستشكل مثل اصراره على مشاركة تيّار «المستقبل».
هيل في بيروت مع العقوبات
وبانتظار التطورات الحكومية، ينتظر لبنان ايضا وصول معاون وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل الاسبوع المقبل، في موعد لم يحدد وفي برنامج عمل ولقاءات واهداف غير معلومة حتى الان، حسب معلومات «اللواء». لكن الزيارة تترافق مع مجمل التطورات الحاصلة، سواء على صعيد الوضع الحكومي والاقتصادي والمالي وارتباطه بمؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان، والحراك الشعبي، أو البدء بتلزيم حفر البئر الاولى في المياه الاقليمية اللبنانية (بلوك 4) للتنقيب عن النفط والغاز، وهو امر يفترض ان تكون من ضمن مهمته قضية تحديد الحدود بين لبنان وكيان العدو الاسرائيلي، خاصة ان وزيرة الطاقة ندى البستاني خوري اعلنت ان التنقيب قد يشمل لاحقاً الشهرالمقبل «البلوك 9» المحاذي لحدود فلسطين المحتلة.
وعشية وصول هيل الذي كان سفيراً معتمداً لبلاده في لبنان، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة على شخصيات لبنانية وشركات داعمة لحزب الله وشملت العقوبات اللبنانيين: سعيد ناظم أحمد (مواليد 1965)، صالح علي عاصي (مواليد الباشورة 1960) وطوني بطرس صعب (مواليد تنورين التحتا 1977) بالإضافة إلى 16 شركة، بسبب تورطهم في عمليات تمويل مباشرة لحزب الله، بحسب بيان الخزانة الأميركية، التي أوضحت ان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها، أصدر إجراءات ضد اثنين من أبرز منظمي غسيل الأموال في لبنان وجمهورية الكونغو الديمقراطية والشركات التابعة لهما، بما في ذلك تلك الشركات التي ولدت عشرات الملايين من دولارات لحزب الله، ومموليها، وأن الإجراءات الجديدة تشير إلى مدى «مساهمة حزب الله وشركائه في نشاط اقتصادي غير مشروع يعطي الأولوية للمصالح الاقتصادية لجماعته على حساب مصالح الشعب اللبناني».
وناظم سعيد أحمد المقيم في لبنان لديه مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية كواجهة لأنشطة غسيل الأموال، وهو واحد من أكبر المانحين لحزب الله، وسبق ان قدم اموالاً لأمين عام الحزب شخصياً.
أما صالح عاصي الذي يتخذ من جمهورية الكونغو الديمقراطية مقراً له، فقد قام بغسل الأموال من خلال شركاته التي تعمل في تجارة الألماس.
وقدّم عاصي الدعم المالي إلى أحد ممولي حزب الله المدرج على قائمة العقوبات الأميركية، وهو أدهم حسين طباجة (الرئيس السابق لبلدية كفرتبنيت الجنوبية).
كما تمّ فرض عقوبات على المحاسب طوني صعب الذي قدم دعما إلى مجموعة شركات عاصي بهدف تمويل ميليشيا الحزب.
تزامناً، أكّد وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو وقوف واشنطن إلى جانب الشعب اللبناني في مكافحة الفساد والإرهاب، مؤكداً مواصلة استخدام كل الوسائل الممكنة لمواجهة تهديدات «حزب الله».
وأعلن بومبيو ان واشنطن فرضت اليوم (امس) عقوبات على شخصيتين مهمتين متورطتين بتمويل الحزب.
ومن جهته، أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، في حديث لقناة «العربية» أن «منظمة «حزب الله» الإرهابية تعتمد على التمويل الخارجي وغسل الأموال» مشيراً الى ان «الحزب تسبب بمشاكل اقتصادية للبنان»، مؤكداً ان «أشخاصاً من كافة المذاهب والأديان متورطون بتمويل «حزب الله»، مشدداً على أن «كل من يتورط في تمويل هذه المنظمة الإرهابية معرض للعقوبات».
قضية حبيش- عون
قضائياً، بقي ملف النائب هادي حبيش والنائب العام الاستثنائي في جبل لبنان القاضية غادة عون، في المواجهة، وجديده، إحالة النائب العام الاستئنافي القاضي زياد أبو حيدر إلى قاضي التحقيق الأوّل بالانابة في بيروت جورج رزق أوراق طلب الادعاء على حبيش بجرم القدح والذم، فيما قرّر القاضي رزق ترك المدير العام لهيئة إدارة السير هدى سلوم بعدما استمع إليها، لكن القاضية عون رفضت ترك سلوم بسند إقامة، وقررت إبقاءها قيد الحجز في بعبدا، ويفترض ان تحسم الهيئة الاتهامية الخلاف القضائي في هذا الشأن.
وكان النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسّان عويدات استدعى أمس حبيش للاستماع إليه في جرائم التحقير والذم والقدح في حق القاضية عون، لكن حبيش لم يحضر، فطلب عويدات من القاضي أبو حيدر الادعاء عليه، وارسل كتاباً إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي بواسطة وزير العدل لاتخاذ ما يراه مناسباً في شأن تهجم حبيش على القاضية عون لاعتراضها على توقيف سلوم، لافتاً نظره إلى ان المجلس هو في حالة دور انعقاد عادي، وان الجرم المنسوب إلى حبيش هو جرم مشهود، كما وصفته المادة 29 أصول محاكمات جزائية، والمادة 40 من الدستور.
لكن التطور الذي طرأ على القضية، تمثل بإعلان مجلس نقابة محامي طرابلس الذي ينتمي النائب حبيش إليها، بأن النقيب محمّد مراد أبلغ رئيس مجلس القضاء الأعلى، انه سيقوم باتخاذ الإجراءات التي تقتضيها هذه القضية، موضحاً بأن ما حدث يُشكّل خروجاً على أصول التعاطي بين جسمي القضاء والمحاماة، حيث استقرت العادة على تقيد المحامين بالمناقبية والمهنية، كما استقرت على معادلة القضاء للمحامين معاملة تليق بمن يدافع عن حقوق النّاس والحريات.
وأعلن مجلس نقابة المحامين في بيروت تضامنه الكامل مع مواقف نقابة محامي طرابلس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
الكرة في ملعب الحريري للاختيار بين صيغتين حكوميتين: تأجيل الاستشارات.. أو اثنين شاحب
نصرالله: حكومة جامعة.. والتيار والمستقبل ضمناً.. برئاسة الحريري أو مَن يسمّيه
واشنطن تحذّر: الاضطرابات مستمرّة حتى نحقق أهدافنا.. وقطع الطرقات ينفّذ أمرَ العمليات
برز قطع الطرقات ليل أمس، للمرة الأولى منفصلاً عن أيّ نشاط يتصل بالحراك الشعبي، وظهر عملاً ميليشياوياً يهدّد السلم الأهلي ويعتدي على حريات الناس وأمنهم، ينفذ أمر عمليات عبرت عنه المندوبة الأميركية في نيويورك بقولها إن الاضطرابات ستستمر في لبنان حتى تحقق واشنطن أهدافها، والأهداف الأميركية شرحها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بالتفصيل رابطاً مساعدة واشنطن لبنان مالياً بتعاون الأطراف اللبنانية لإضعاف حزب الله، وإضعاف حزب الله الذي يشكل إخراج حزب الله من الحكومة بدايته، شرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله معانيه، في سياق السعي الأميركي لإضعاف لبنان بوجه “إسرائيل” ومطامعها وعدوانيتها، خصوصاً أن الطلبات الأميركية من لبنان بقبول الصيغة التي تنتقص من حقوقه بالنفط والغاز معلنة وواضحة على لسان أكثر من مسؤول أميركي، وشكلت وصفة واضحة قدّمها رئيس أركان جيش الاحتلال السابق غادي إيزنكوت بقوله إن الفرصة سانحة مع الحراك الشعبي في لبنان للضغط من أجل الحصول على ترسيم مناسب للمصالح الإسرائيلية في النفط والغاز.
كلام السيد نصرالله المخصص للوضع في لبنان، خصوصاً الوضع الحكومي أكد رفض حكومات اللون الواحد سواء كانت تمثل الغالبية النيابية أم تمثل تسليماً للرئيس سعد الحريري بشروط تشكيل حكومة لا تحترم معايير التمثيل الجامع للمكوّنات الرئيسية الكبرى في المجلس النيابي. ووضع السيد نصرالله المشهد الحكومي أمام خياري حكومة تضمّ المكوّنات الرئيسية ومنها تيار المستقبل والتيار الوطني الحر يترأسها الحريري نفسه أو حكومة مشابهة برئاسة من يسمّيه الحريري لهذه المهمة وتوافق عليه قوى الأغلبية.
الخياران ليسا على الطاولة الآن، فالشروط التي طرحها الرئيس الحريري بحكومة تكنوقراط برئاسته يختار هو وزراءها، ليست الحكومة الجامعة التي طلبها السيد نصرالله، والفرضية المتمثلة بتسمية الحريري لبديل لرئاسة الحكومة سحبت مع انسحاب المرشح لتشكيل الحكومة سمير الخطيب من أمام دار الفتوى وبنصيحتها كما قال، لأن الحريري مرشح وحيد لرئاسة الحكومة، ما يعني أن مستقبل الحكومة الجديدة عاد إلى المربّع الأول عشية استقالة الرئيس الحريري وحكومته، بينما ليس أمام الكتل النيابية لموعد الاستشارات في قصر بعبدا إلا يومان. ووفقاً لمصادر متابعة فإن الوضع الحالي ما لم يحدث اي تغيير، يعني تسمية الرئيس الحريري بعدد لا يصل إلى أغلبية النواب أي 65 نائباً وإن وصل فلن يزيد عنه إلا قليلاً، علماً أن البعض توقع تسمية الرئيس الحريري بأقل من 50 نائباً إذا بقي المشهد على حاله، متوقعاً أن يستدرك الحريري ذلك بطلب تأجيل الاستشارات وربما بزيارة بعبدا لطلب التأجيل، والبديل المشرّف لليوم الشاحب سيزيده شحوباً باللجوء إلى غياب الكتل عن الاستشارات وبالتالي ترك التأجيل يفرض نفسه كأمر واقع.
نافذة الأمل المفتوحة على تفاهمات يمكن أن تولد خلال عطلة نهاية الأسبوع لم تغلق. فالاتصالات يمكن أن تُسفِر في أي لحظة عن تفاهم يتيح تسمية الحريري إذا قبل الحريري حلاً معيناً يرضي الوزير جبران باسيل للعودة عن البقاء خارج الحكومة، أو وافق الحريري على تعويم خيار الخطيب أو ما يشبهه وقام بتوفير الدعم اللازم له شعبياً وسياسياً وضمن موافقة دار الفتوى وتكتل الرؤساء السابقين للحكومات.
بكل الأحوال وفقاً لكلام السيد نصرالله سيستهلك تأليف الحكومة بعد تخطي عقدة التكليف المزيد من الوقت، وبالتالي تكشف التطورات أن أسوأ ما وقع به الحراك والرئيس الحريري معاً كان تلاقيهما في منتصف الطريق على استقالة الحكومة، وإدخال لبنان في متاهة طويلة معقدة حتى تولد حكومة جديدة، وفي الانتظار دوامة تتيح للخارج الدخول على خط التلاعب بالداخل وأمنه وممارسة الضغوط لصالح أجندات لا تخدم مصلحة لبنان، وفتح الباب أمام الفوضى السياسية والأمنية وتفاقم الأخطار الاقتصادية.
وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن «هناك خيارات عدة من بينها خيار حكومة اللون الواحد التي رفضها حزب الله وحركة أمل بعد دراسة مخاطرها وتداعياتها التي ستؤدي إلى تفاقم الوضع وتعجز عن معالجة الأزمة».
وعن الخيار الثاني كشف السيد نصر الله أنّه يتمحور أيضاً حول حكومة من لون واحد لكن بوجه آخر، وأوضح «يتمثل هذا الخيار بانسحاب التيار وحزب الله وبقية الحلفاء من الحكومة»، معتبراً أن هذا الخيار مرفوض انطلاقًا من مصلحة البلد، ولفت الى أن «حكومة اللون الواحد وحدنا أم من الفريق الآخر وحده خيار غير مناسب ولا يساعد على إنقاذ البلد في هذه المرحلة، مشدداً على أن الحلّ للأزمة الحالية هو تعاون الجميع وتقديم التنازلات». وحول الخيار الثالث، قال «يتمثل هذا الخيار بحكومة يرأسها الرئيس سعد الحريري ولم يكن لدينا مانع، لكن هذا الخيار لم يتحقق من الحريري لأنه طرح شروطاً غير مناسبة».
ورأى أن “الخيار الرابع هو اسم يقترحه أو يوافق عليه الرئيس الحريري أو تيار المستقبل وتقبل به الغالبية النيابية وقبلنا بهذا الخيار”. ولفت إلى أن الخيارين الثالث والرابع مطروحان ومشروطان بمساعدة الحريري على الحل”. ولفت السيد نصرالله الى أن “الكتل النيابية حتى الآن لم تتوافق على اسم وكتلة الوفاء للمقاومة ستعبر عن موقفها يوم الاثنين”، آملاً تكليف شخصية لتأليف الحكومة في الاستشارات النيابية الاثنين المقبل”.
وأكد السيد نصر الله أن قطع الطرقات خلال الاحتجاجات عرّض الناس للخطر، حيث كان هناك من يريد الفوضى والصدام، ونجح الناس حتى الآن بعدم الاستدراج لها، داعياً إلى المزيد من الصبر والتحمل والوعي، والجيش اللبناني وقيادته بالمسارعة لفتح أي طريق يجري قطعه. كما أعلن عن تشكيل حزب الله وحركة أمل لجانًا لضبط شارعهما رغم الاستفزازات الكثيرة التي تمّ التعرّض لها، ودعا الأنصار إلى ضبط أعصابهم والصبر والتحمل وعدم الانجرار إلى أي توتر، موضحاً أننا “نقترب من النهاية إن شاء الله”.
وحذّر من التدخل الأميركي في لبنان وفي اختراق الحراك، مشيراً الى أنه “عند حدوث أية احتجاجات أو تظاهرات في بلد ما نجد أن الأميركيين يتدخلون بسرعة لمحاولة استغلال وتوظيف هذه التظاهرات بما يخدم مصالحهم بشكل “وقح” وعلني”، داعياً “كل من له مشكلة ما ويتظاهر أو يحتج عليها أن لا يسمح للأميركيين أن يستغلوا حراكه”. وبحسب أوساط مطلعة لـ”البناء” فإن السيد نصرالله قدم تشخيصاً لأهل الحراك وترك لهم استخلاص النتائج وعدم السماح للأميركيين بالاستثمار عليه؛ وبالتالي يكون السيد قد أيّد مطالب الحراك وفي الوقت نفسه وضعهم أمام مسؤولياتهم وحذّرهم من “مغبة السماح للأميركيين باستخدامهم او الاستثمار على مطالبهم لتحقيق أهداف سياسية لا علاقة لها بالمطالب الاجتماعية بل بحلّ مشاكل أميركا و”إسرائيل” على حساب حقوقنا السيادية الوطنية”.
وفي خطوة مقصودة، تزامنت مع كلمة السيد نصرالله، صدر قرار أميركي يتضمن عقوبات جديدة شملت أكثر من رجل أعمال وشركة على صلة بحزب الله، كما زعم الأميركيون.
أما اللافت فكان إعلان قناة العربية عن هذا القرار قبيل صدوره! كما كانت لافتة التصريحات الأميركية المتتالية حول لبنان وضد حزب الله التي رأت فيها مصادر رداً على كلام السيد نصرالله ضد الأميركيين، وأعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر أن «حزب الله تسبّب بمشاكل اقتصادية للبنان»، وأشار إلى أن «كل من يتورّط في تمويله معرض للعقوبات».
وكشف شينكر في حديثٍ لـ»العربية» أن «أشخاصاً من كافة المذاهب والأديان متورّطون بتمويل حزب الله». وغرّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على “تويتر” قائلاً: “نقف الى جانب الشعب اللبناني في محاربة الفساد والإرهاب. اليوم قمنا بتصنيف رجلي أعمال لبنانيين قاما بدعم حزب الله من خلال أنشطة مالية غير شرعية”. وأضاف: «سنواصل استخدام كل إمكاناتنا المتاحة لمواجهة التهديد الذي يمثله حزب الله».
وبموازاة، التصعيد الأميركي، برزت التصعيد في الشارع من قبل مجموعات قطاع الطرق التي عمدت في وقت واحد الى قطع عدد من الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية. الأمر الذي يؤكد «اختراق اميركا لبعض المجموعات التي تدّعي انتماءها للحراك والتماهي الواضح بين قطاع الطرق والتصريحات والأهداف الأميركية».
ووقع إشكال أمس، أمام معمل الجية الحراري بين عدد من المتظاهرين وعناصر الجيش اللبناني على خلفية تنفيذ شبان من بلدة برجا، اعتصاماً داخل معمل الجية الحراري التابع لـ»مؤسسة كهرباء لبنان»، احتجاجاً على الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي في منطقة إقليم الخروب. أدى الى سقوط 9 جرحى بينهم رئيس بلدية برجا. كما دخلت مجموعات من الحراك الى مبنى «أوجيرو» في بئر حسن وحصلت مواجهات مع الموظفين أدت الى سقوط جرحى.
على صعيد آخر، مثلت رئيسة هيئة إدارة السير والمركبات هدى سلوم، أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة القاضي جورج رزق، الذي استجوبها في حضور وكيلها المحامي مروان ضاهر، في ادعاء النيابة العامة ضدّها بجرم الرشى والإثراء غير المشروع. وفي نهاية الجلسة قرّر تركها بسند اقامة.
لكن القاضية عون استأنفت قرار القاضي رزق بترك سلوم وأبقت عليها موقوفة، فيما شهد ملف النافعة ادعاء جديداً شمل 16 موظفاً وسمساراً.
وكان النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات استدعى النائب المستقبلي هادي حبيش الى جلسة تحقيق صباح أمس بعد الادعاء عليه، الا أن حبيش رفض ذلك ولم يحضر. وقد أرسل عويدات كتابًا لإبلاغ رئيس مجلس النواب نبيه بري بواسطة وزير العدل.وقالت القاضية عون في تصريح تلفزيوني إنها كانت تستطيع أن توقف حبيش في اللحظة نفسها، لكنها لم تفعل حفاظًا على أرواح الناس، لأنه حضر ومعه ميليشيا.