البناء
واشنطن تصعّد العقوبات على إيران لتعقيد مواجهتها مع فيروس كورونا… جريمة بحق الإنسانيّة
المسعى الأميركيّ لتهريب الفاخوري يتعقد… وتهديدات أميركيّة للقضاة وراء القرار
الحكومة لحلّ منتصف الطريق مع المصارف… وثغرات في مشروع الكابيتال كونترول
أعلن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب اتخاذ حزمة عقوبات جديدة بحق كيانات وهيئات وشخصيّات إيرانية، قالت مصادر متابعة في طهران إنها تهدف لتعقيد قدرة إيران على مواجهة فيروس كورونا. فالتداخل في القطاعات العلمية والتشابك بينها يجعل استهداف العقوبات لكل الهيئات العلمية في إيران المستنفرة اليوم لمواجهة فيروس كورونا واعتبار استيرادها أي مواد وتقنيات وأجهزة خاضعاً للعقوبات، يصيب المواجهة الإيرانية لفيروس كورونا، ويمكن وصفه بصورة لا تدع مجالاً للشك بأنه نية مسبقة لقتل المزيد من الإيرانيين. وهو ما وصفته مصادر حقوقية بالجريمة بحق الإنسانية وفقاً للمواثيق الدولية؛ بينما واصلت واشنطن ما وصفته الصين بالحملة العنصرية التي تستهدفها، انطلاقاً من التوصيف الذي أطلقه الرئيس ترامب على فيروس كورونا وأسماه بالفيروس الصينيّ، مجدداً تمسكه بالتوصيف رغم الاحتجاج الصيني.
لبنانياً، كانت تداعيات القرار القضائي الذي صدر عن المحكمة العسكرية بالإفراج عن جزار الخيام العميل عامر الفاخوري في صدارة الأحداث الداخلية، خصوصاً بعدما قامت السفارة الأميركية بنقل الفاخوري ليلاً إلى مبنى السفارة، بعد تسلّمه على وجه السرعة من المستشفى الذي كان يقيم فيه في جونية بداعي مراقبة حالته الصحية كمريض بالسرطان. وكان التطوّر الأبرز يوم أمس هو ثبوت فشل محاولة نقل الفاخوري إلى مطار بيروت، حيث كانت تنتظره طائرة خاصة لنقله إلى واشنطن، بعدما نجحت الملاحقات القضائية المتعددة والإجراءات الأمنية المرافقة، بإنهاء إمكانية سفره من مطار بيروت أو أي معبر حدوديّ رسميّ، بعد وضع قرار بمنعه من السفر على كل المعابر الحدودية وفي مقدّمتها مطار بيروت. وقالت مصادر متابعة إن الخيار الوحيد المتاح أمام السفارة الأميركيّة هو القيام بنقله بصورة غير قانونية عبر إحدى طائرات الهيلكوبتر التي تتحرّك بين السفارة الأميركية في عوكر والقاعدة الأميركية في قبرص، بموجب تسهيلات خاصة بالتفاهم مع قيادة الجيش، واستخدام هذا الخط لعمل مناقض للقوانين اللبنانية سيُحرج قيادة الجيش اللبناني كثيراً، وسيعرّض التعاون العسكري بين الجيشين اللبناني والأميركي لتعقيدات تستبعد المصادر المتابعة مخاطرة الأميركيين بها، بعدما فرضوا أمراً واقعاً بامتلاك قاعدة عسكرية وتسهيلات عسكرية، على الساحل الغربي للبحر المتوسط تعنيهم وتهمّهم، وليس سهلاً التفريط بها.
كانت أهمية التطورات التي عطلت نقل الفاخوري، ما لم يتم تهريبه وفتح الباب لأزمة من نوع مختلف، أنها نفت نظرية وجود صفقة وراء قرار المحكمة العسكرية، وأن المسار الذي بلغته القضية بصورة مفاجئة جاء نتيجة الثغرات التي تراكمت في المتابعة، والنصوص القانونية، مقابل الجهوزية الأميركية القانونية والضغوط التي مارسها الأميركيون، بما فيها ما قيل من مصادر موثوقة عن تهديد القضاة في المحكمة العسكرية بإنزال عقوبات مالية ومنع سفر بحقهم وحق أولادهم وأقربائهم، وأن عدداً منهم لديه أولاد يدرسون في جامعات أميركيّة، ما سهّل الرضوخ للضغوط ووفّر فرصة صدور القرار.
على الصعيد الحكومي، حيث المتابعة مستمرّة لتطورات المواجهة مع فيروس كورونا، احتلّ الملف المالي مركز الصدارة، حيث تمّ كسر الجليد بين وزير المالية وجمعية المصارف بتدخل من النيابة العامة المالية بشخص رئيسها القاضي علي إبراهيم، ونجح اجتماع الوزير غازي وزني مع جمعية المصارف بالتوصّل إلى حلّ في منتصف الطريق حول كيفية فتح المصارف أبوابها وتسهيل الأمور المالية في مرحلة التعبئة العامة عبر المناوبات، بينما توقفت مصادر مالية أمام مشروع القانون الخاص بالكابيتال كونترول الذي أعدّته الحكومة، بعد تعديلات طالت النسخة التي قدمها وزير المالية، وقالت إن الغموض في كيفية قياس بعض المعايير سيفتح باب الاستنسابية التي جاء القانون بعنوان إنهائها. وأشارت إلى غياب حوافز للمودعين في تحويل ودائعهم بالعملات الصعبة التي لا يمنحهم القانون حق سحبها ويعيد إخضاعهم للاستنساب بشأنها، إلى الليرة اللبنانية بسعر تشجيعي يقارب سعر السوق ولفترة محددة، كما لا ينص القانون على حوافز مشابهة لتشجيع الذين يحملون أموالهم في بيوتهم بالدولار لتحويلها إلى الليرات اللبنانية بسعر السوق في المصارف، وإيداعها بفائدة جيدة، ومثلها تشجيع حاملي ودائع بالليرة اللبنانية على شراء الدولار من البنوك بالسعر الرسميّ مقابل تجميدها لثلاث سنوات أو خمس على سبيل المثال. وقالت المصادر إن توضيح الغموض وإضافة الحوافز ستكون مهمة مجلس النواب الذي ينتظر أن يستعين بخبراء يشاركونه قراءة ودراسة مواد القانون.
وأثار قرار إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري حملة استنكار واسعة لدى الأحزاب القوى والشخصيات الوطنية وموجة اعتراض شعبية واسعة، فبعد بيان حزب الله أصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً اعتبر فيه أن «إطلاق سراح العميل المجرم عامر الفاخوري يقوّض ما تبقى من ثقة اللبنانيين بمؤسساتهم القضائية. فهذه المؤسسات يفترض بها تطبيق العدالة، وإنزال أشدّ العقوبات بالخونة والعملاء. وذلك تطبيقاً للدستور اللبناني الذي ينص على عقوبة بالإعدام بحق «كل لبناني دس الدسائس لدى العدو أو اتصل به ليعاونه بأي وجه كان على فوز قواته»، وهذا ينطبق على العميل الفاخوري الذي لم يكتفِ بمساعدة العدو على فوز قواته، بل ارتكب جرائم قتل وتعذيب بحق مئات اللبنانيين في معتقل الخيام. ورأى الحزب في القرار خروجاً على مادة واضحة في الدستور اللبناني، لا تلحظ على الإطلاق عامل «مرور الزمن» على جرائم العمالة للعدو وخيانة الوطن. وطالب مؤسسة القضاء بكل تفرعاتها، أن تتحمّل مسؤولياتها الوطنية والاخلاقية والدستورية، وأن تنقض هذا القرار المشؤوم لكي تسهم في استعادة ثقة المواطنين، التي اهتزت بل تقوّضت نتيجة إحكام جائرة وغير مبررة صدرت في العام 2017 بحق رموز قاومت العدو الصهيوني وعملائه، ونتيجة قرار إطلاق العميل الفاخوري.
ودعا الحزب القومي القضاء اللبناني إلى اتخاذ خطوات سريعة وحاسمة لإبطال قرار إطلاق العميل الفاخوري وإلى تطبيق العدالة بحقه، وتصحيح كل الأحكام الجائرة، وذلك من أجل استنقاذ سمعة القضاء، واحتراماً لكل من دافع عن سيادة لبنان، لا سيما الشهداء الذين ارتقوا في مواجهة العدو الصهيوني وعملائه، والأسرى والذين قُتلوا على أيدي العميل الفاخوري وغيره من العملاء الخونة. مؤكداً أن وظيفة القضاء هي تطبيق العدالة وفقاً للدستور، وليس الخضوع لابتزاز الإرادات الخارجية التي تضغط على لبنان لإطلاق العملاء.
وفي سياق ذلك، استنكر وزير الزراعة عباس مرتضى قرار إخلاء سبيل الفاخوري ولفت في حديث لـ«البناء» الى أن «جريمة العمالة لا تسقط بمرور الزمن لا سيما على العملاء الذين نكلوا بأهل الجنوب والخيام لعقود من الزمن. وهناك أدلة قاطعة على هذه الجرائم». واعتبر الوزير مرتضى القرار خالف كل القوانين لا سيما المواد 273 و274 و275 من قانون العقوبات التي تنص على عقوبة الإعدام او الاشغال الشاقة المؤبدة للعملاء»، مشيراً الى أن القرار شكل مفاجأة كبيرة للبنانيين الشرفاء ووصمة عار لمن دبر هذا القرار لا سيما أن لبنان دفع أثماناً باهظة نتيجة لنهجه المقاوم للعدو الاسرائيلي وحقق انتصارات كبيرة على اسرائيل». ودعا مرتضى لـ«فتح تحقيق لكشف خلفيات وملابسات القرار والمسؤولين عنه ومحاسبتهم».
ولفتت مصادر قانونية وسياسية مطلعة لـ«البناء» الى أن «ما حصل في قضية الفاخوري صفقة بين جهات في السلطة والولايات المتحدة الأميركية وذلك بعدما تعرّض لبنان لضغوط وتهديدات شديدة تطال أصوله النقدية الموجودة في الخارج ووضعه الاقتصادي والمالي الداخلي من عقوبات مالية وملاحقات قضائية من الجهات الدائنة للسندات وتحريك الشارع ضد الحكومة»، مشيرة الى أن «القضاء ليس الجهة التي خططت للصفقة بل هي الآلية والمنفذ».
وبحسب ما علمت «البناء» من مصادر قانونية مطلعة على الملف فإن «جلسة محاكمة الفاخوري في المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت كانت مقررة في 16 نيسان المقبل لكن محامي الفاخوري قدّموا دفوعاً شكلية لكف التعقبات عنه بسبب مرور الزمن وعلى اثر ذلك ترك مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس للمحكمة النظر بهذا الطلب ولم يتدخل، وفي وقت قياسي أي خلال 12 يوماً بما فيها من أيام عطل نهاية الأسبوع أي ثمانية أيام فعلية، نظرت المحكمة بالطلب رغم قرار وزيرة العدل ومجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين بعدم البت بأي قرار باستثناء إخلاء السبيل، وبعدما تقدمت جهات حقوقية بإخبار ضد الفاخوري بجرم خطف وقتل المواطن علي عبدالله حمزة، ارسلت المحكمة برقيات الى الامن العام والامن الداخلي ومديرية المخابرات للتحقق من مصير حمزة تبين لهم أنه متوفٍ، لكن المصادر شككت بذلك متسائلة اذا فعلاً توفي فأين جثته؟».
في المقابل ولاستكمال الإخراج الشكلي للصفقة، طلب النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات من محكمة التمييز العسكرية نقض القرار وإصدار مذكرة توقيف بحق الفاخوري وإعادة محاكمته من جديد بالجرائم المنسوبة اليه وهي خطف وتعذيب وحجز حرية مواطنين لبنانيين داخل معتقل الخيام وقتل ومحاولة قتل آخرين. وقد سجل طلب التمييز أمس، في قلم محكمة التمييز العسكرية رغم أن معلومات أخرى افادت ان محكمة التمييز العسكرية وقلم المحكمة لم يتسلّما التمييز من قبل القاضي غسان خوري لأنه لم يتضمّن ملف محاكمة فاخوري أمام المحكمة العسكرية.
وأصدر قاضي الامور المستعجلة في النبطية القاضي أحمد مزهر قراراً قضائياً أمس قضى بمنع الفاخوري من السفر خارج الأراضي اللبنانية جواً وبحراً وبراً لمدة شهرين من تاريخ القرار الراهن.
إلا أن أقصى مفاعيل طلب القاضي عويدات والمحكمة العسكرية التمييزية بتمييز القرار القضائي هو منع سفر الفاخوري وبالتالي أصبح لزوم ما لا يلزم بعد المعلومات التي سرت أمس، بأن الفاخوري نقل عبر طائرة خاصة وصلت أمس من أثينا الى بيروت.
إلا أن تداعيات القرار السياسية والقضائية والشعبية لم تنتهِ فكما أن القرار القضائي سيدفع الى تحركات شعبية واسعة عندما تسمح الظروف الصحية، فإنه فتح أبواباً مغلقة على الحكومة، لا سيما ملف قانون العفو العام وآلاف الموقوفين في السجون بجنح وجنايات لا ترقى بأفعال العميل الفاخوري ما دفع هؤلاء الموقوفين الى المطالبة بمساواتهم بالعملاء. وقد شهد سجن رومية أمس، حالات تمرد كبيرة أدت الى مواجهة مع القوى الأمنية التي عملت على ضبط الوضع بإطلاق الرصاص المطاطي على المتمردين. وطالب السجناء بالعفو عنهم أسوة بالفاخوري. فيما تخوفت مصادر من تحول قضية الفاخوري الى قضية طائفية، إذ ستطالب مرجعيات دينية وسياسية بإخلاء سبيل موقوفين من طوائف أخرى ومن ضمنهم اشخاص تورطوا بأعمال ارهابية كالموقوف احمد الاسير وغيرهم على قاعدة «ستة وستة مكرر».
وبحسب المعلومات فإن قانون العفو يطبخ على نار هادئة وتجري تجزئته الى دفعات.
إلا ان السؤال المطروح هل تمّت الصفقة من دون علم الحكومة؟ ولماذا يرضخ لبنان للضغوط الأميركية لإخلاء سبيل عميل لبناني كبير يحمل جنسية اميركية متورط بأعمال خيانة وقتل وخطف وتعذيب ولا يضغط لإطلاق سراح معتقلين لبنانيين في الولايات المتحدة يحاكمون بتهمة دعم حزب الله كرجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين الذي حكم عليه القضاء الأميركي بخمس سنوات سجن وكفالة 50 مليون دولار؟ علماً ان هناك ثلاثة شبان آخرين لا يزالون محتجزين في الولايات المتحدة بتهمة التعامل مع حزب الله من بينهم المواطن اللبناني علي كوراني إبن بلدة ياطر الجنوبية الذي حكم عليه بالسجن 40 سنة، وتتحدث مصادر «البناء» أن كوراني ألقي القبض عليه منذ عامين، ولم يُعرَف مصيره حتى الآن.
وكان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل نفى علاقته بقرار إخلاء سبيل الفاخوري.
ولفت مكتب باسيل في بيان الى «أن ما ورد في صحيفة الشرق يشكّل افتراءً فاضحاً وتزويراً للحقيقة لا يمكن السكوت عنه لأن الهدف منه إعلامياً وسياسياً هو تحميل النائب باسيل عندما كان وزيراً للخارجية عودة هذا العميل الى لبنان وتوقيفه مع ما استتبع ذلك من انعكاسات على البلد. فالنائب باسيل وخلافاً لما ورد في مقالة الصحيفة المذكورة لا يعرف الفاخوري أصلاً ولا علاقة له به اطلاقاً، وكل كلام عن تعهد من باسيل لمساعدته هو تحامل وكذب، ولذلك قرر ملاحقة الصحيفة أمام القضاء».
وإذ تجاهلت الحكومة فضيحة الفاخوري خلال جلستها أمس، بقيت الاهتمامات الحكومية منصبة على ملفين أساسيين: الاول أزمة فيروس كورونا وملف الديون، وأعلنت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد نجد أن مجلس الوزراء اتفق على انشاء صندوق تبرعات لمواجهة أزمة كورونا. ونقلت عن رئيس الحكومة حسان دياب أنه «أكد ان الحكومة تعمل على حماية اللبنانيين من دون تقصير»، مطمئنًا في الجلسة إلى أن «نتائج الإجراءات جيدة وقرار التعبئة العامة لاقى ارتياحاً لدى المواطنين وتجاوباً جيداً». كذلك، كشفت عبد الصمد أنّه «تمّت الموافقة على مشروع قانون معجل لإعفاء المحكومين الذين أمضوا مدة الحكم ولا يزالون لحين دفع الغرامة وتعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية لغاية 30 حزيران». وحذّرت من أن «وزارة الاقتصاد ستراقب ارتفاع الأسعار وتتخذ التدابير اللازمة في هذا الإطار».
وأشار مصدر وزاري لـ«البناء» الى ارتياح رئيس الحكومة والحكومة لالتزام المواطنين بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة بناء على مرسوم التعبئة العامة، مؤكداً أن التقييم الحكومي ايجابي حتى الآن، لا سيما أن لبنان لا يزال من افضل الدول انتشاراً واصابة بالمرض نسبة الى الدول الاخرى، مضيفاً ان الحكومة متأهبة على كافة المستويات بكل مؤسساتها ووزاراتها التي وضعت امكاناتها بتصرف وزارة الصحة»، واوضح المصدر الوزاري أنه في حال تدنت نسبة الإصابات وتمت السيطرة على الوباء يمكن عودة دورة الحياة الى طبيعتها بعد 29 آذار أما اذا سجلت إصابات جديدة كل يوم فسيُصار الى تمديد قرار التعبئة العامة حتى زوال الخطر على لبنان مهما طالت مدة القرار». ورجّح المصدر أن تتدنى نسبة الإصابات بعد اجراءات منع الاختلاط ووقف عمل المطار وإقفال الحدود».
لكن بعض الجهات الحزبية عمدت الى مخالفة القرار بتنظيم مواكب سيارة في بعض المناطق كما حصل في الطريق الجديدة امس الاول، الا ان المعلومات كشفت أن قوى الأمن باشرت تحقيقاتها بالتجمع الذي حصل في كورنيش المزرعة وقد استدعت أحد المشاركين به لاستجوابه. كما علمت «البناء» أن إدارة Libon post رفضت إقفال مكاتبها لا سيما في صيدا ومستمرة في العمل وحذرت الموظفين من التغيب عن العمل، كما علمت أن عمليات التعقيم غير جيدة.
ودرس مجلس الوزراء ملف سداد الديون وبحسب معلومات «البناء» لم تتضح الرؤية النهائية بعد ولم يبدأ التواصل مع الجهات الدائنة رسمياً حتى الآن رغم أن النقاش مستمر مع شركة لازارد للاتفاق على آلية للتفاوض مع الدائنين، لا سيما مع وزير المالية غازي وزني الذي يحضر خطة بالتنسيق مع رئيس الحكومة حسان دياب للبدء بالتفاوض.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
الكورونا تحاصر برنامج الحكومة.. وقضية الفاخوري تكهرب الجلسة!
«الكابيتال كونترول» يرجأ إلى يوم غد.. ودياب يعلن خطة الكهرباء أوائل أيار
أبرز ما في جلسة مجلس الوزراء، التي عقدت في السراي الكبير، برئاسة الرئيس حسان دياب، الجلوس وفقاً لمعايير المسافة الزمنية، بابعاد الكراسي عن بعضها مسافة متر على الأقل، بعد التعقيم، وارتداء الكمامات الواقية التزاماً بإجراءات الوقاية من كورونا، عند مدخل السراي طلباً للسلامة، ثم الانطلاق بجدول أعمال يتخطى ما هو عادي، إلى متابعة القضايا الملحة، من وباء، وقضاء، وتعليم واقتصاد من جانبين: الأوّل من خلال تقرير رفعه وزير المال غازي وزني عن سير المفاوضات مع حاملي سندات اليوروبوندز، وما عرض الاستشاري الممثل للحكومة «لازارد» والذي رافقته استفسارات واسئلة واجوبة من الوزير وزني.
واوضحت المصادر انه حصل أمس تواصل مع ممثلي «لازارد» لوضع المعنيين بأجواء المفاوضات وما هي الاجراءات التي تتخذها المصارف.وان وزير المال اثار نتائج الاتصالات مع المصارف بعد قرارها الاقفال امس والخطوات التي اتفق عليها لمواصلة العمل اليوم.
والثاني: بحث المجلس مشروع قانون «كابيتال كونترول» الذي تنفذه المصارف تلقائيا، وهو سيعرض رسمياً على مجلس الوزراء غداً الخميس ايضا تمهيداً لإقراره وإحالته الى مجلس النواب.
وبدا ان «فايروس الكورونا» نجح إلى حدّ ما في محاصرة الخطة الاقتصادية للحكومة لبنانياً ودولياً، في ضوء الخسائر التي مني بها الاقتصاد العالمي، واستمرار حالة الكساد في لبنان.
وفي الشأن الاجتماعي والقضائي، أقر المجلس مشروع قانون معجل مكرر لإطلاق سراح المساجين المنتهية محكوميتهم واعفائهم من الغرامات المالية وعددهم 120 سجينا وتبلغ قيمة الغرامات 650 مليون ليرة. وذلك بعد اثارة وزيرة العدل ماري- كلود نجم اقتراح إعفائهم لأنهم انهوا محكوميتهم «كماحصل بالامس مع احد السجناء»، من دون ان تسميه، فاعتبر بعض الوزراء انها تقصد العميل عامر فاخوري.وهنا تدخل وزير الزراعة والثقافة عباس مرتضى وسأل الرئيس دياب اننا لا نقبل ان نقارن بين هؤلاء المسجونين وبين عميل تفرض مواد قانون العقوبات اصدار حكم الاعدام او المؤيد بحقه، فردت الوزيرة نجم انا لا اقارن بل اعطيت مثالا. وايد وزراء اخرون موقف مرتضى وطالبوا بموقف رسمي من الحكومة تجاه الامر، لكن لم يصدر عن مجلس الوزراء اي موقف «لأن مجلس الوزراء لا يتدخل بعمل القضاء».
واقر المجلس تمديد المهل القضائية والغرامات على متأخرات الفواتير ومستحقات البلديات والهاتف وإجازات العمل وإقامات الاجانب حتى نهاية حزيران المقبل.
وفي الشأن الصحي، عرض وزير الصحة الدكتور حمد حسن اخر المعطيات المتعلقة بمرض كورونا، ونتائج التدابير الصحية التي اتخذت والتي ستتخذ في المستشفيات الحكومية والخاصة في حال استمر توافد المصابين. واقر المجلس انشاء صندوق وطني للتبرع لمواجهة مرض كورونا.وقال وزير الصحة ان الوزارة بدات تتلقى اتصالات حول آليات التبرع. وتم فتح ثلاثة حسابات للصندوق في مصرف لبنان و«بنك ميد» لوزارة الصحة وحساب لمستشفى بيروت الحكومي.
وجرى ايضا البحث في تدابير تعوض على المواطنين النواقص التي حصلت ايام التعطيل القسري التي فرضتها حالة التعبئة العامة بسبب مرض مرض كورونا، فيما قال بعد الجلسة وزير التربية ان الامتحانات الرسمية للشهادت المتوسطة والثانوية ستجرى لكنه يدرس تحديد المواعيد الجديدة بسبب العطلة القسرية التي فرضها مرض كورونا.
ومن جهة ثانية، ذكرت الاوساط القريبة من السراي، إن الرئيس دياب ومع انتهاء فترة السماح (100 يوم) التي اعطاها لنفسه ولحكومته لاصدار الحكم عليها، سيُطلق الخطة الاقتصادية-الانقاذية في الاسبوع الاول من ايار، خلال مؤتمر صحافي يعقده في السراي يدعو اليه الفاعليات الاقتصادية والمالية والنقابية ووسائل الاعلام معلناً تفاصيلها، خصوصاً في الشق المتعلّق بالكهرباء، وهي النقطة الاهم باعتبارها الاختبار الذي على اساسه تستعيد الحكومة ثقة اللبنانيين اولاً والدول المانحة ثانياً»، لكن مصادر أخرى توقعت إعلان خطة الكهرباء الشهر المقبل.
إلا أن مصادر سياسية لاحظت خلو قرار مجلس الوزراء بشأن انشاء صندوق خاص لتلقي التبرعات بشأن فيروس كورونا من الضوابط والشروط اللازمة لناحية تحديد آلية الصرف والجهات المخولة التصرف بهذه التبرعات لاسيما وأن وزير الصحة العامة حمد حسن استبق القرار الحكومي بالإعلان عن إنشاء الصندوق بمبادرة منه وبمعزل عن اي قرار من مجلس الوزراء، بما يشكل تجاوزا فاضحا للقوانين وصلاحيات الوزير.
وتساءلت المصادر عما اذا كان انشاء هذا الصندوق بشكل منفصل عن الهيئة العليا للاغاثة ام ملحقا أو تابعا لها كون من المهمات الأساسية للهيئة المؤلفة بقرار صادر عن مجلس الوزراء قبول الهبات على اختلاف أنواعها الى الدولة اللبنانية ادارة شؤون الكوارث على مختلف أنواعها.
وكانت جلسة مجلس الوزراء، انتهت قرابة الساعة السادسة، وقالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد ان الرئيس دياب أكد ان العنوان الأساسي الذي يشغل النّاس والحكومة، هو هاجس فيروس كورونا الذي يتحكم بأولويات الحكومة وأولويات النّاس، مشيراً إلى ان نتائج الإجراءات جيدة.
وأوضح أن قرار التعبئة العامة الذي اتخذته الحكومة يوم الأحد لاقى ارتياحاً لدى المواطنين وتجاوبًا جيدًا، وشدّد على أهمية المتابعة، على مدار الساعة، لكل تطور في هذا الإطار.
وجرى في الجلسة استعراض عمل لجنة الكورونا وربط عملها والوزارات مع غرفة إدارة الكوارث في السراي الحكومي، التي باشرت عملها، إضافة إلى متابعة شؤون اللبنانيين في الخارج والتواصل مع أهلهم.
وتم الاتفاق على إنشاء صندوق خاص لقبول التبرعات من اللبنانيين ومن غير اللبنانيين لمواجهة هذه الأزمة. وتدعو الحكومة كل شخص في لبنان أو خارج لبنان إلى المساهمة في هذا الصندوق في هذه المرحلة الصعبة.
تهريبة الفاخوري
قضائياً وسياسياً، تفاعلت قضية قرار المحكمة العسكرية بإجماع أعضائها كف التعقبات بحق العميل اللحدي عامر الفاخوري والذي أطلق سراحه، لكنه لم يغادر بعد الأراضي اللبنانية، ولم تتمكن الطائرة الأميركية التي حضرت من نقله إلى الولايات المتحدة، بعد قرار قاضي الأمور المستعجلة في النبطية القاضي أحمد مزهر بمنعه من السفر لشهرين، والذي سبقه طلب النقض الذي قدمه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي غسّان الخوري لنقض قرار المحكمة وإصدار مذكرة توقيف بحق الفاخوري. وذلك بموجب المادة 75 من قانون القضاء العسكري، معطوفاً على المادة 77 والتي اعطت مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية مهلة ثلاثين يوماً لتقديم النقض في جميع الحالات.
وأشار طلب النقض ان الأسباب المشار إليها في المادة 75 قضاء عسكري، ان لجهة الخطأ في تطبيق المواد القانونية أو في إهمال إحدى المعاملات الجوهرية المنصوص عنها تحت طائلة الأبطال متوافر في المطلوب نقضه.
وأورد القرار أربعة أسباب تتعلق بعدم مراعاة الشكل أو القانون (راجع ص 5).
وانتهى القرار إلى طلب:
1- إبلاغ صورة عن طلب النقض إلى المتهم عامر الياس الفاخوري سنداً لاحكام المادة 75 قضاء عسكري.
2- قبول طلب النقض اساساً، ورؤية الدعوى انتقالاً وإعادة محاكمة المتهم وإصدار القرار بإدانته بالجرائم المسندة إليه في القرار الاتهامي، وإنزال أقصى العقوبات بحقه وتدريكه النفقات.
وكشفت مصادر متابعة لملف العميل عامر الفاخوري النقاب عن الاسباب الكامنة وراء اطلاق سراحه بانها مبررة في مرور المهلة الزمنية من جهة، ولان مانقلته السفيرة الأميركية الجديدة الى كافة المسؤولين السياسيين وغيرهم من كبار الموظفين والقضاة بان استمرار توقيفه من دون مبررات قانونية مقنعة وثابتة هو امر مرفوض من قبل الحكومة الاميركية وسيكون له تداعيات وانعكاسات خطيرة على كل من تولى تغطية ودعم هذا التصرف اللاقانوني، ولمحت الى توجهات جدية لفرض عقوبات على هؤلاء المسؤولين ايا كانوا في موقع القرار،إضافة الى احتمال تعليق المساعدات الأميركية للبنان حاليا ولاحقا.
سياسياً، وجه النائب السابق وليد جنبلاط الاتهام إلى محامي الشيطان في مركز القرار والمزدوج الولاءات، والذي يجد الفتوى للافراج عن الفاخوري، وقال انها جرعة السم للرئاسة..
ووصف أمين عام علماء المقاومة الشيخ ماهر حمود وقف التعقبات بالجريمة، معلناً انتهاء لبنان كدولة مستقلة، كما ان العدالة انتهت في لبنان، مطالباً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بنقض «التحالف التاريخي» مع التيار الوطني الحر من دون ان يسميه.
اسبوعان صعبان
على صعيد وضع الكورونا، أعلنت وزارة الصحة عن تشخيص «حالة جديدة مصابة بفيروس كورونا»، مع تسجيل شفاء حالتين، بعد التأكد من فحص PCR السلبي لهما مرتين متتاليتين خلال 48 ساعة مع تسجيل حالة وفاة رابعة.
وكشف موقع «القوات اللبنانية» ان مضيفتين من طاقم MEA مصابتان بالوباء.
ويقفل المطار ليل الأربعاء – الخميس حتى 29 آذار الحالي عملاً بقرار مجلس الوزراء.
وشدد رئيس لجنة الصحة النيابية النائب الدكتور عاصم عراجي على أن «الاعتماد كان ولا يزال حتى اللحظة على مستشفى الرئيس رفيق الحريري الحكومي، وعند بدء الازمة تم تجهيز قسم من المستشفى بشكل سريع وهذا القسم استطاع استيعاب كافة الحالات المصابة بفيروس «الكورونا».
وكشف عراجي عن انه تم اعتماد 11 مستشفى حتى الان، وذلك في مختلف المناطق والمحافظات اللبنانية، من عكار الى طرابلس وجبل لبنان والجنوب والبقاع، من اجل تقديم العلاج للمصابين في حال تفشي المرض في المناطق، ويلفت الى انه في بيروت تم اعتماد اربع مستشفيات جامعية اضافة الى مستشفى رفيق الحريري.
وأكد عراجي انه تم الاتفاق مع وزير الصحة على تجهيز المستشفيات الحكومية خلال اسبوعين كحد اقصى، من اجل استقبال مرضى «الكورونا»، ويشير الى ان وزارة الصحة اقتطعت مبلغ 39 مليون دولار من قرض كان البنك الدولي منحه الى لبنان وكان مخصصا منه 30 مليون دولار لمصلحة المستشفيات الحكومية و120 مليونا للمراكز الصحية، لافتا الى ان اقتطاع المبلغ جاء بعد موافقة البنك الدولي على ذلك، ويؤكد عراجي على ان العمل بدأ بالفعل بتجهيز المستشفيات الحكومية والاولوية الان، بحسب عراجي، هي لتزويدها بآلات فحص «الكورونا» اي ما يعرف «PCR» لكي يكون باستطاعتها الكشف بشكل سريع على المرضى ولتحديد وضعهم، ويشير الى انه من الطبيعي تجهيز غرف عزل للذين يعانون من عوارض طبيعية للفيروس، وغرف خاصة لعناية المرضى الذين لديهم مضاعفات وبحاجة لوضعهم على اجهزة تنفس اصطناعي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
قصة المساعي الأميركية لإطلاق الفاخوري
مشروع الـ«كابيتال كونترول»: دياب يسحب «سقف الدولار» من يد المصارف
روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الأميركي الذي عين خلفاً لجون بولتون، كان مسؤولاً عن ملفات الأميركيين المعتقلين أو المفقودين أو المختطفين في العالم. وهو الذي تولى المفاوضات مع سوريا بواسطة لبنان، لأجل إطلاق سراح أحد الأميركيين الذي تولى اللواء عباس ابراهيم نقله. وهو الذي استمر في البحث عن مفقودين أميركيين في سوريا والعراق واليمن.
أوبراين، بعد عشرة أيام على توقيف عامر الفاخوري في لبنان، أجرى اتصالات بوسطاء لبنانيين، وأبلغهم أن الملف بحوزته، وأنه تبلغ قراراً رفيعاً ببذل كل الجهود من أجل تحقيق «فك احتجاز» الفاخوري الذي قال أوبراين إنه «مواطن أميركي يلاحق بتهم سياسية لا أساس قانونياً لها».
لم تمض أيام، حتى كانت الأجهزة المعنية في الولايات المتحدة الأميركية قد استنفرت جميعها. حتى إن مسؤولاً في وزارة الخارجية قال لزائر لبناني «يبدو أن الرجل مهم أكثر مما نعتقد». ويومها، تولى وزير الخارجية بومبيو ومساعدين له من ديفيد هيل الى ديفيد شنكر الى السفارة في بيروت العمل بصورة متواصلة، وكانت التعليمات بأن المطالبة بإطلاق سراح الفاخوري «بند دائم» على جدول أي اجتماع يعقد مع المسؤولين اللبنانيين.
في هذه الأثناء، كانت الأجهزة الأمنية الأميركية تتحرك في بيروت بعيداً عن القنوات الدبلوماسية. وقررت القيام باتصالات جانبية مع «شخصيات لبنانية تربطها صلات قوية بحزب الله». والغرض «البحث في إسقاط تحفّظ الحزب بعدما تبلّغ الأميركيون من مسؤولين رسميين في لبنان أن القرار غير ممكن من دون موافقة الحزب».
وحسب المعلومات، فإن الخطة الأميركية توزعت على ثلاثة محاور:
الأول رسمي، وتولّته وزارة الخارجية، ويعتمد على اتصالات مباشرة مع رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل والمستشار الرئاسي سليم جريصاتي.
الثاني أمني وعسكري، وتولّته السفارة الأميركية في بيروت وممثلون عن الأجهزة الأمنية الأميركية وشمل قيادة الجيش ومديرية المخابرات والقضاء العسكري ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية.
الثالث أمني ـ سياسي، وتولّته الاستخبارات الأميركية بالتعاون مع دبلوماسيين أميركيين، وجرت لقاءات في بيروت وباريس وواشنطن مع شخصيات لبنانية يعتقد بأنها يمكن أن تتحدث مع حزب الله من أجل الأمر. وترددت معلومات عن مفاجأة تقول بأن شخصية سياسية لبنانية على صلة قوية بحزب الله اجتمعت مع الجانب الأميركي في باريس وسمعت الرسالة التي يفترض بها نقلها الى بيروت.
وحسب المعلومات، فإن حصول الادّعاء على الفاخوري واضطرار القضاء الى توقيفه، دفع بالجانب الأميركي الى البحث عن وسائل أخرى، من بينها التقارير عن وضع صحي معقّد يعانيه الفاخوري، وكان قرار نقله الى مستشفى بعيداً عن الأعين، يهدف الى التعمية على حقيقة وضعه الصحي من جهة، وضمان حماية خاصة له بحجة أن الأميركيين تبلغوا معلومات عن احتمال تعرضه للقتل. ثم ليتبيّن لاحقاً أن الهدف هو الحؤول دون مثوله أمام القضاء المدني بدعاوى قام بها أسرى سابقون لدى قوات الاحتلال، وهو ما حصل.
بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وصل الى بيروت فريق أمني وقانوني، بينهم ممثل قانوني عن الفاخوري، وقام هذا الوفد بجولات شملت كل «المعنيين دون أي استثناء»، وصولاً الى رئاسة الحكومة الجديدة وإلى وزيرة الدفاع أيضاً. وكان الكلام مزدوجاً. الأول يطالب بإطلاقه لأسباب صحية، والثاني التلويح بمشروع قانون قابل للتشريع ويقضي بإعلان الولايات المتحدة الخصومة المباشرة مع كل الذين يتورطون في قضية الفاخوري. وقال مندوب أميركي لأحد المسؤولين اللبنانيين صراحة: إذا مات الفاخوري في بيروت، فسوف تتم معاقبة لائحة تشمل أكثر من 25 شخصاً، بينهم وزراء وقضاة وضباط كبار وقانونيون وموظفون إداريون يتحملون جميعاً المسؤولية عن موته. وإن العقوبات ستشملهم على طريقة من تتهمهم الولايات المتحدة بالتعاون مع حزب الله وبالتعرض لحياة مواطن أميركي.
وبحسب المعطيات، فإن النتيجة كانت على الشكل الآتي:
ـ هلع غير مسبوق في جانب الفريق القريب من الرئيس عون، ولما كان الأخير يرفض الموافقة على الطلبات الأميركية، جاء من هو قريب منه ليدعوه الى تغليب مصالح لبنان العليا، وأن لبنان اليوم ليس في وضع يسمح له بالدخول في مواجهة إضافية مع واشنطن.
ـ خوف ورعب من جانب قضاة وضباط كبار، تعرضوا كما يقولون لتهديد بتجميد حساباتهم ومنعهم من السفر ومقاضاتهم أمام محاكم أميركية وعالمية بتهمة قتل الفاخوري.
ـ تراجع متوقع من جانب قيادات عسكرية وأمنية تسعى الى تطوير علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية وهي قاربت الأمر من زاوية أن الفاخوري ليس قضية مهمة يجب التوقف عندها الآن.
وخلال الأسبوع الماضي، تسارعت الاتصالات بين جميع الأطراف، وعمد رئيس المحكمة العسكرية القاضي حسين العبدالله الى إبلاغ حزب الله أن هناك وجهة لدى قضاة المحكمة العسكرية بقبول الدفوع المقدمة من وكلاء الفاخوري، وأن أربعة من القضاة سيوافقون. ولكن موقف حزب بالله الذي تبلّغه رئيس المحكمة قال بأن الحزب يحترم ويدعم الاتهام الذي وجّهته القاضية نجاة أبو شقرا إلى الفاخوري، وأنه لا يرى أي منطق في اعتبار التهم قد سقطت بمرور الزمن. وسمع العبدالله من مسؤولين في حزب الله مباشرة: «إذا كنتَ تتعرّض لضغوط، ولا تستطيع مقاومتها، فأرجئ الجلسة إلى حين معالجة الأمر، بدل اتخاذ قرار ستحمل أوزاره في الدنيا والآخرة». وانتهى التواصل بين الحزب ورئيس المحكمة بقول الأخير إنه لن يفرج عن الفاخوري. موقف حزب الله نفسه تم إبلاغه أيضاً الى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، علماً بأن الأخير صار يتصرف بطريقة مختلفة مع الجميع بعدما تبيّن له أنه صار خارج الجسم القضائي، فيما يشيع العبدالله أنه سيغادر لبنان نهائياً بعد إحالته على التقاعد.
وقبل ساعات من صدور القرار، تبلغت السفارة الأميركية عبر مصدر أمني رفيع المستوى أن المحكمة العسكرية تتجه لإصدار القرار. لكن رئيس المحكمة عمد قبل صدور القرار، بأقل من ساعة، الى الاتصال برئيس الحكومة ووزيري الدفاع والعدل مبلغاً مضمون القرار، ليتبيّن بعد مرور وقت قصير أنه تم تسريب القرار الى الإعلام، بينما كانت خلية في السفارة الأميركية في بيروت تستعد لتسلّم قرار الإخلاء والعمل على نقل الفاخوري الى السفارة في عوكر. وتم حجز طائرة طبية كان مقرراً أن تأتي الى بيروت من اليونان، لكن تقرر أن تنتظره في قبرص حيث يفترض أن يتم نقله من هناك الى مستشفى عسكري أميركي في ألمانيا قبل إعادته الى الولايات المتحدة الأميركية، وهو الأمر الذي لم يكن ممكناً التثبت من حصوله حتى ليل أمس. فبعد إصدار قاضي الأمور المستعجلة في النبطية، أحمد مزهر، قراراً بمنع الفاخوري من السفر (بناءً على استدعاء مقدّم من الأسرى المحررين: سهى بشارة، جهاد عواضة، علي درويش ونبيه عواضة، عبر وكيليهم المحاميين حسن بزي وهيثم عزو)، لم يعد ممكناً إخراج العميل بصورة شرعية من البلاد. وفيما يُنتظر أن يتقدّم وكلاء الدفاع عنه بطلب نقض قرار مزهر، تقدّمت النيابة العامة لدى محكمة التمييز العسكرية بطلب نقض قرار المحكمة العسكرية الصادر أول من أمس، والذي قضى بكفّ التعقّبات بحق الفاخوري.
مشروع الـ«كابيتال كونترول»: دياب يسحب «سقف الدولار» من يد المصارف
اجتمع أمس وزير المال غازي وزني مع وفد من جمعية المصارف، برئاسة سليم صفير. صورة اللقاء تعكس وجوهاً مُبتسمة ومرتاحة، تتناقض مع الأجواء «المشحونة» التي سادت بين الفريقين أول من أمس، بعدما طلب وزني تحرّك النيابة العامة رفضاً لقرار «الجمعية» إقفال فروع المصارف من 17 حتى 29 آذار. المصارف خالفت بقرار الإقفال قرار مجلس الوزراء، ومنعت المودعين من التصرف بأموالهم بالدولار. نتيجة الاجتماع، كانت موافقة المصارف على فتح «بعض» الفروع ابتداءً من اليوم، والقيام بالإجراءات المطلوبة «لتسيير الخدمات المصرفية من أجل تلبية حاجات الناس في هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي نعيشها». تلبية حاجات الناس لدى المصارف، تستثني الحسابات بالعملة الأجنبية، فهي لن تُفرّط بـ«فرصة» الحجز على ما تبقى من ودائع بالدولار، في ظلّ أزمة السيولة والملاءة التي تُعانيها.
في المقابل، وضع رئيس الحكومة حسّان دياب تعديلات على «مشروع تنظيم ووضع ضوابط استثنائية موقّتة على بعض العمليات والخدمات المصرفية»، أو مشروع قانون «كابيتال كونترول»، المُقدّم من وزارة المال. العيب الأساسي في مشروع غازي وزني، كان أنّه يمنح صلاحيات استثنائية لسلامة، ويُغطّي سرقة المصارف للمودعين، عبر منحها (إلى جانب المصرف المركزي) حقّ الحجز على الودائع بالعملات الأجنبية وتحديد سقف السحوبات. لم تطرأ تعديلات جمّة على المشروع الأساسي، ولا يزال يعتريه الكثير من الثغَر (كعدم استثناء أموال المؤسسات العامة من القيود). لكن أبرز تعديل أدخله دياب على المشروع كان بعدم منح المصارف ومصرف لبنان الحق في تحديد حق السحوبات بالعملات الأجنبية. يبرز ذلك بشكل أساسي في المادة 7 من مشروع القانون، التي باتت تنص على أنّه «نظراً للظروف الاستثنائية الحاضرة، وانطلاقاً من مبدأ التداول بالعملة الوطنية، تُحدد سقوف السحوبات بالعملة الأجنبية لدى المصارف العاملة في لبنان بقرار يصدر عن مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المال». فيما كانت المادة نفسها في اقتراح وزني تنص على أن سقف السحوبات بالعملة الأجنبية يُحدّد «بتعميم عن مصرف لبنان بالتنسيق مع جمعية المصارف والمصرف المعني». لكن المادة التاسعة المُخصصة لإيداع الشيكات أبقيت على ما كانت عليه، لجهة أنه «لا يُمكن قبض الشيكات المحررة بالعملات الأجنبية نقداً على شبابيك المصارف، بل يتم إيداعها في الحساب».
ومن المنتظر أن يُعرض الاقتراح على مجلس الوزراء قريباً لإقراره وإحالته على مجلس النواب.