النهار
معارك صراعات النفوذ تتمدَّد إلى الشمال
الأزمة الرئاسية في أروقة مؤتمر اسطنبول
“اتجهت الانظار والاهتمامات المعنية برصد الجولات الانتخابية البلدية والاختيارية المتعاقبة غداة المرحلة الثالثة في الجنوب الى المرحلة الرابعة الختامية التي ستجري الأحد المقبل في الشمال وسط معطيات انتخابية وسياسية ترشح بعض المناطق الشمالية لمعارك لا تقل ضراوة وحماوة عما سبقها. لكن ترددات المرحلة الجنوبية التي حملت معها أيضاً في الاستحقاق النيابي الفرعي تثبيت فوز النائب المنتخب أمل أبو زيد عن المقعد الشاغر في جزين لم تخل من مفاجآت مثيرة ونادرة رسمت ملامح معركة داخل البيت العوني نفسه الذي فاز مع حليفيه “القوات اللبنانية” والنائب السابق ادمون رزق بالمقعد النيابي وبغالبية اعضاء المجلس البلدي المنتخب، لكن رئيس اللائحة البلدية الفائزة تحول “ضحية” اشتباك داخلي بين جناحين عونيين الامر الذي كشفه إلغاء 23 ورقة فقط من الأصوات في قلم اقتراع تعرض للطعن ففشل رئيس اللائحة خليل حرفوش فيما اخترقت اللائحة المنافسة للائحته بأربعة أعضاء.
في غضون ذلك، يتأهب الشمال للمرحلة الانتخابية الرابعة وسط استعدادات لمجموعة معارك يغلب عليها الطابع السياسي سواء في عاصمة الشمال طرابلس أو في بعض البلدات ذات الغالبيات المسيحية في البترون وعكار والكورة. وفي طرابلس اتخذت المعركة طابع تثبيت التحالف التوافقي العريض الذي يضم “تيار المستقبل” والرئيس نجيب ميقاتي والقوى المحلية الاساسية في مواجهة محاولات حثيثة لاختراق او تحدي هذا التوافق من لوائح أخرى أبرزها تلك التي يدعمها وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي. أما المعارك الأشرس فبدأت ترتسم معالمها في بلدتي تنورين في قضاء البترون والقبيات في عكار. وتكتسب المواجهة في تنورين طابعاً غير مسبوق في حدتها ذلك أنه للمرة الأولى منذ تحالف الوزير بطرس حرب و”القوات اللبنانية” في الاستحقاقات النيابية السابقة سيخوض حرب معركة حاسمة في مواجهة ثنائي “تفاهم معراب” “التيار الوطني الحر” و”القوات” وشكّل كل من الفريقين لائحته استعداداً لمكاسرة انتخابية وسياسية.
ولا يختلف هذا الطابع في معركة القبيات التي ستواجه فيها تحالف جديد نادر بين النائب هادي حبيش والنائب السابق مخايل ضاهر وحزب الكتائب مع طرفي تفاهم معراب أيضاً. وأبعد من هاتين المعركتين الفاصلتين اللتين تعتبران امتداداً للكثير من المعارك المشابهة التي حصلت سابقاً في زحلة ودير القمر والمتن وكسروان وجزين، ترصد الأوساط الشمالية والسياسية عموماً الاجواء الانتخابية في مناطق “اختلاط” نفوذ العونيين والقواتيين من جهة ونفوذ رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية وخصوصاً في مناطق زغرتا والكورة والبترون حيث يمكن أن تجري منافسات ومعارك تثبيت النفوذ على خلفية البعد الرئاسي للتنافس بين العماد ميشال عون والنائب فرنجية.
أما في قضاء بشري، فبدت القوة البارزة الاساسية “القوات اللبنانية” مرتاحة الى معاركها بعد اعلان لوائحها وفوز ثلاث منها بالتزكية. وأعلنت أمس النائبة ستريدا جعجع فوز لائحة حدث الجبة بالتزكية كما تتجه بلدات اخرى الى التزكية ليصير عدد البلدات الفائزة بالتزكية ست من اصل 12، علماً ان لائحة معارضة تواجه لائحة “القوات” في مدينة بشري.
لبنان ومؤتمر اسطنبول
وبعيداً من الأجواء الانتخابية تميّزت المشاركة اللبنانية في مؤتمر القمة العالمية للعمل الانساني الذي افتتح أمس في اسطنبول باحتلال الموقف اللبناني الرسمي الرافض لتوطين اللاجئين السوريين في لبنان الأولوية سواء في كلمة رئيس الوزراء تمام سلام أمام المؤتمر أم في المحادثات الجانبية التي أجراها سلام والوفد المرافق له مع زعماء ومسؤولين مشاركين في المؤتمر والتي لم تغب عنها أزمة الفراغ الرئاسي التي تطوي غداً سنتها الثانية.
وأبلغ الرئيس سلام مندوب “النهار” الى المؤتمر أحمد عياش أن المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل ووزير خارجية دولة الفاتيكان بترو بارولين أبديا إهتمامهما بالانتخابات الرئاسية في لبنان واستوضحاه آخر التطورات على هذا الصعيد. وقال: “على رغم أن اللقاء بيني وبين المستشارة ميركل كان عابراً، فقد سألت عن وضعنا في شأن اللاجئين وكذلك تكلمنا عن الرئاسة وأبدت إهتماماً بهذه القضية، وهي تريد أن تعرف أين أصبحت”.
وأضاف: “في اللقاء مع وزير خارجية الفاتيكان، تداولنا أوضاعنا ودور الفاتيكان على الصعيد المسيحي للحفاظ عليهم وأهمية أن يساعدونا في موضوع الرئيس المسيحي. والفاتيكان لم يقصّر في هذا المجال وهو مستمر في هذه الجهود. من هنا حرصنا على متابعة الاستحقاق الرئاسي ويهمني كرئيس للوزراء أن أتواصل مع الفاتيكان”.
وسئل هل هو من طلب لقاء الوزير بارولين، فأجاب: “هم من طلبوا الموعد والهدف هو الاستعلام عن موضوع الاستحقاق”. وعن تقويمه لنتائج القمة قال: “هناك حصيلة للقمة تواكب إستحقاق اللجوء وتؤكد على ثوابتنا اللبنانية وضرورة أن تفي الدول المانحة بإلتزماتها في أسرع وقت لمساعدة الدول الحاضنة للجوء ومجتمعاتها كي تبقى قادرة على تحمّل هذه المسؤولية”.
وكان الرئيس سلام ألقى كلمة لبنان أمام المؤتمر مركزاً فيها على موضوعين في تعامل لبنان مع مسألة اللاجئين السوريين هما الموقف اللبناني الرافض للتوطين ومطالبة المجتمع الدولي بتقديم مساعدات للبنان لكي يتمكن من تحمل أعباء مليون ونصف مليون لاجئ. وتوجّه سلام الى الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون قائلا: ” نؤكد أن بلدنا كان وسيبقى مفتوح القلب والذراعين لاستضافة اخوانه السوريين في عثرتهم رغم ضعف امكاناته والمخاطر الكبيرة على موارده واستقراره وأمنه. لكننا مرة جديدة نعلن تمسكنا بقاعدة ثابتة مكرسة في نص الدستور اللبناني وبحكم الاجماع الوطني اللبناني ويجب أن يسمعها العالم أجمع. ان لبنان ليس بلداً لتوطين الآخرين على ارضه”.
السفير
التخابر الدولي غير الشرعي إلى القضاء
فضيحة الإنترنت: يوسف شاهداً.. وقوى الأمن «تنسحب»!
“مرّ ثمانون يوماً على نقل وزير الاتصالات بطرس حرب ملف الانترنت غير الشرعي إلى القضاء (4 آذار الماضي)، لكن برغم الزخم الذي أعطته لجنة الاتصالات النيابية، بمكوناتها مجتمعة، لهذا الملف، مرفقة بتحذيرات حرب من محاولة تجهيل الفاعلين الأصليين، ما يزال الملف يتحرك ببطء في القضاء.
وبعد سيل المعلومات المتضاربة حول مصير استدعاء رئيس هيئة «أوجيرو» إلى التحقيق في ملف «غوغل كاش»، والإشكال القانوني الذي نتج من استدعائه في 7 أيار من دون موافقة وزير الاتصالات، حضر عبد المنعم يوسف إلى سرايا بعبدا، أمس، واستمع قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان رامي عبدالله إلى إفادته، بصفته شاهداً، في قضية استجرار الانترنت غير الشرعي من الخارج، على أن يلي ذلك الاستماع إليه كمدعى عليه في قضية «غوغل كاش»، في بداية حزيران، إلى جانب الموظفين توفيق شبارو وغابي سميرة.
عمليا، بات من الصعب تجاوز كل ما تم اكتشافه من مخالفات، لا بل «ارتكابات»، في قطاع الاتصالات، من شبكة الألياف الضوئية، التي كان رفض تشغيلها الهدف الأول من اجتماع لجنة الاتصالات في 8 آذار الماضي، إلى ملف الانترنت غير الشرعي، فـ «غوغل كاش»، وأخيراً ملف التخابر الدولي غير الشرعي، من دون استبعاد ما يمكن أن يُكشف في الاجتماع المقبل للجنة (31 الجاري) من معطيات أو ملفات جديدة. غير أن شبهة وجود «محميات» سياسية وأمنية وقضائية، يترك الباب مفتوحاً أمام تعاظم مخاوف وزير الاتصالات ولجنة الاتصالات النيابية (وآخرين أبرزهم النائب وليد جنبلاط) من وجود مساع للمماطلة وإفلات المرتكبين الفعليين أو التمويه عليهم أو اقتصار الأمر على «كبش فداء».
تلك المخاوف من وجود «محميات» يرفضها مرجع قضائي مطلع على التحقيق جملة وتفصيلاً. يؤكد المرجع لـ «السفير» أنه في إطار التحقيق المستمر أسبوعين في ملف الانترنت غير الشرعي، فإن «أي شخص يثبت تورطه سيلاحق كائناً من كان ومن دون استثناء».
وعن سبب تأخر التحقيقات، يوضح المرجع أن تقديم وكلاء أغلبية المدعى عليهم غير الموقوفين (23 مدعى عليه غير موقوفين إلى جانب 6 موقوفين) دفوعات شكلية هو الذي أخّر البدء باستجواب المدعى عليهم غير الموقوفين، علماً أن القاضي رامي عبدالله رد كل الدفوعات الشكلية أمس، ما يعني أن مرحلة الاستجوابات لن تتأخر.
أما بالنسبة للموقوفين الستة، فقد تم استجوابهم فور تحويلهم إلى القاضي عبدالله، وصدرت بحقهم مذكرات توقيف على ذمة التحقيق في القضية، التي تندرج في خانة الجنحة، أي تصل عقوبتها في حدها الأقصى إلى ثلاث سنوات.
وبعد تقرير مخابرات الجيش، الذي حمّل المسؤولية إلى «أوجيرو»، علمت «السفير» أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أنهت تقريرها، الذي يفترض أن يُعرض في الاجتماع المقبل للجنة الاتصالات النيابية. وقد ركزت فيه على رفع المسؤولية عن كاهلها، موضحة أن القوانين التي ترعى القطاع لا تلحظ أي دور لقوى الأمن سواء كان إدارياً أو أمنياً أو رقابياً.
وأكدت أن المرسوم 377 أناط بالمديرية العامة للاستثمار والصيانة، بالإضافة إلى قيادة الجيش والمديرية العامة للأمن العام، مهام الرقابة على المخابرات اللاسلكية وكذلك التحري عن المحطات غير القانونية، فيما مسؤولية إدخال أي عتاد عسكري عبر المعابر الحدودية تقع على الجمارك. وأكد التقرير أنه ليس هناك أي تكليف من وزارة الاتصالات إلى قوى الأمن بمراقبة الأبراج والصحون اللاقطة للتأكد من مراعاتها القانون.
وفيما تتعامل وزارة الاتصالات مع ملف التخابر الدولي بسرية تامة، فإن مصادرها أكدت تحويل الملف إلى القضاء المختص، آملة «ألا يكون مصيره كمصير الانترنت غير الشرعي الذي ما يزال يسير سير السلحفاة».
أما في ملف «غوغل كاش»، فإن التحدي الأبرز أمام يوسف يتمثل في تمكنه من إثبات عدم تقديمه التسهيلات لتوفيق حيسو، في سبيل الاستحواذ على حصة كبيرة من السوق، بطرق غير مشروعة، وبما يؤدي إلى الإخلال بمبدأ المنافسة العادلة.
الأخبار
رحبة: الكريديت كارت يتحدى البنك
“يفترض باليساريين في لبنان أن يكونوا شاكرين لنائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق، عصام فارس. فقد فعل الأخير بعد 10 سنوات من مغادرته لبنان ما عجزت عنه كل المؤتمرات والاجتماعات والخلوات: وحّد يساريّي إحدى القرى، لا شيوعييها فقط، في لائحة واحدة. وأضيفت إلى المعجزة معجزة تحالف من يفترض أنهم شيوعيّون مع من يفترض أنه إقطاعي، وتآخٍ في لائحة تنافس لائحة رئيس المجلس البلديّ ومدير أعمال فارس في لبنان سجيع عطية. ولا تكتمل غرابة هذا المشهد الانتخابي إلا بسماع عطية يتذمر من المال الانتخابي.
خلف بضع تلال خضراء تتربع رحبة، أكبر بلدات لبنان الأرثوذكسية التي يتوسط منازلها مسجد، يجتمع القوميون والشيوعيون والعونيون والكتائب والقوات وغيرهم قبالته يومياً للشروع في نقاش سياسي يطول ساعات.
وقد طُليت المنازل المحيطة بهؤلاء بلون أبيض واحد على غرار الجزر اليونانية، فيما بدأ كثيرون سقف أسطح منازلهم بالقرميد في انتظار تبني البلدية المقبلة للمشروع الذي يكرس طابع البلدة القروي، في ظل إعداد أحد الشوارع ليكون سوقاً شعبياً، وبدء تدفق المصارف لافتتاح فروع في ما يمكن وصفه بعاصمة منطقة الجومة العكارية ومركزها التجاريّ المقبل. ومن شرفة إلى أخرى، تتنافس الورود على كسب ودّ فصل الربيع، فيما يقع الزائر على طريق هنا وآخر هناك مرصوف بالحصى وتحيط به جدران حماية حجرية من جهة وأشجار من الجهة الأخرى على نحو يجعل الزائر يحلم ببيت صغير في آخر هذه الأحراج. لكن الهدوء الذي تنعم به البلدة يتبدد فور السؤال عن انتخاباتها البلدية: مرة مجابهة الإقطاع هي العنوان، ومرة الصراع اليميني ــ اليساريّ، ومرة الإيماني ــ الإلحاديّ، ومرة الأرثوذكسي ــ الشهود يهوي، يضاف إليهم صراع أول من نوعه ربما بين المال الانتخابي والخدمات. زائر رحبة يحتاج أكثر من ثلاثة آلاف أذن وهو العدد المتوقع للمقترعين الذين يحمل كل منهم وجهة نظره الخاصة.
رحبة هي حجر الزاوية في معقل عصام فارس العكاريّ، وهي في الوقت نفسه بلدة النائب المستقبلي السابق عبد الله حنا الذي ورث النيابة عن والده رؤوف حنا قبل أن يتجاهل ضابط الوصاية السورية بيتهم ويحاصر لاحقاً عصام فارس نفوذهم، من دون أن يتمكن حنا خلال نيابته بين 2005 و 2009 من إعادة أمجاد والده الغابرة. وهي أيضاً بلدة نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض، وبلدة الأمين العام للحزب الشيوعي حنا غريب الذي انطلق من بلدته في تجربة جمع الحزب الشيوعي وحركة الإنقاذ واليسار الديموقراطي وغيرهم من المجموعات الشيوعية الصغيرة تحت مظلة واحدة أطلق عليها «اليسار البلدي للتنمية». ونجحت هذه المظلة باستقطاب عدة قوميين سوريين اجتماعيين أيضاً. وسرعان ما تحالف «اليسار البلدي» مع حنا لترشيح رجل الأعمال فادي بربر الذي غاب في أفريقيا أكثر من عشرين عاماً، يحاول بعدها العودة إلى بلدته من بوابة المجلس البلديّ، متسلحاً بالمال أولاً وأصدقائه الشيوعيين النافذين في البلدة ثانياً، وتطلع حنا منذ سنوات إلى فرصة خوض معركة متكافئة في رحبة ثالثاً. وهكذا بدأت للمرة الأولى منذ 2004 معركة جدية تلوح في الأفق.
رحلة عطية مع المجلس البلدي بدأت عام 1998 حين كان واحداً من الشباب الذين وصفوا يومها بالفرسان الخمسة. ومع بروز فارس لاحقاً، تبنى الأخير رئيس بلدية رحبة جارة بلدته بينو، وما عاد يُرد لعطية طلب. الأمر الذي دفع حنا إلى تجاوز خصومته السابقة مع يساريّي البلدة والتحالف معهم للإطاحة عبثاً بعطية الذي فاز بفارق كبير، وبدا عام 2010 في موقع قوة يخوله اقتراح توافق يرضي الجميع بمن فيهم الشيوعيون وحنا. لكن مع بروز ثروة مالية قادرة على تأمين مزاحمة مالية لماكينة عطية الخدماتية، باتت المعركة أمراً واقعاً. ومقابل إنجازات عطية الكثيرة هناك دائماً حفرة مهملة أو مطب يزعج جيرانه أو حائط دعم أصغر من حائط دعم في حي آخر أو ملاحظات لم يؤخذ بها أو ثأر عائلي عمره أكبر من عمر البلدية أو سياسي أو طموح مشروع بتجربة الجلوس على الكرسيّ الذي جلس عطية عليه 18 عاماً. في ظل تكرار بربر في تصريحاته الإعلامية الحديث عن أهمية احترام المجلس البلدي للقوانين وتقديم الخدمات لجميع المواطنين دون استثناء وعدم استغلال السلطة لمصالح انتخابية. وسط معلومات عن تحرك بربر في أكثر من بلدة عكارية. علماً أن بربر وعطية التقيا، وبعد حديث بربر عن أهمية تداول السلطة اقترح رئيس المجلس البلدي أن يأخذ بربر رئاسة المجلس ويترك له رئاسة اتحاد بلديات الجومة، إلا أن بربر رفض جميع الاقتراحات التوافقية، مؤكداً لمحاوره أن تاريخ صلاحيته انتهت. والواضح في هذا السياق أن بربر والشيوعيين يفترضون أن انسحاب فارس من المشهد يبقي عطية من دون مظلة معنوية أو مالية. إلا أن التدقيق في هذه المعلومة عند المحيطين بفارس يبين العكس تماماً، رغم تأكيد عطية أنه يملك «كريديت كارت»، فيما يملك الأخير مصرف الـ»كريدي بنكير».
مع العلم أن الشيوعيين لا يحتكرون المشهد الحزبي في البلدة حيث الأكثرية العونية تدور في فلك نائب رئيس البلدية جان فياض (مسؤول البلديات في عكار في التيار الوطني) المرشح على لائحة عطية، يليهم القوميون أيضاً الذين يحظون بعدة مرشحين على لائحة عطية، منهم عضو المجلس الأعلى رياض نسيم، وهناك ثالثاً الكتائبيون الذين يرشحون رئيس قسم رحبة على لائحة عطية، فيما أصدرت القوات اللبنانية بياناً قالت فيه إنها تركت حرية الاقتراع لناخبيها في البلدة وترشيح أحد القواتيين على لائحة عطية يجري بصورة شخصية، حالهم في ذلك من حال حركة الشبيبة الأرثوذكسية التي قالت إنها تقف على الحياد، رغم ترشيح أكثر من «حركيّ» على لائحة عطية. وتضم لائحة عطية أيضاً ممثلاً لأبناء الطائفة السنية في البلدة الذين يبلغ عدد مقترعيهم عادة 150، إضافة إلى ممثلين عن العائلات الكبيرة في رحبة مثل الخوري والبايع.
وعليه ينتظر أن تشهد رحبة معركة كبيرة بين عطية وحنا، وخلفهما الشيوعيون الموحدون من جهة والعونيون والكتائب والقوميون من جهة أخرى، وهي من أبرز المعارك البلدية في عكار. وسيحضر بقوة الصراع غير المسبوق بين الخدمات المتراكمة خلال سنوات، ومال اللحظة الانتخابية الأخيرة.
البلدية الأولى في لبنان
يكدس رئيس المجلس البلدي في رحبة سجيع عطية المشاريع أمامه: «أثبتنا أن البلدية أكثر من حراسة وكناسة، إنما مؤسسة اجتماعية واقتصادية قائمة بذاتها. نحن أول بلدية تنشئ مختبر فحص دم مجاني للمقيمين في رحبة. وأول بلدية تؤمن البطاقة الصحية التي استحصل 700 رحبي عليها ليس لديهم ضمان اجتماعي وغير مسجلين في تعاونية الموظفين تؤمن لحاملها استشفاءً مجانياً في كل مستشفيات لبنان من دون استثناء. وحامل هذه البطاقة يحصل على ألف دولار هدية عند الزواج، وتتكفل البلدية بكل مصاريف الوفاة. وأول بلدية تؤمن عبر أحد المغتربين المولدات الكهربائية اللازمة وإدارتها لتوزيع الكهرباء بسعر التكلفة (150 ليرة سعر الكيلو)، إضافة إلى إنارة البلدة 24 على 24.
ويضاف إلى ذلك تأمين البلدة سبعة عشر عنصر شرطة وتطبيق نظام حراسة ليلية، وإنشاء معمل لتوضيب الفواكه والشنكليش لشراء إنتاج الأهالي وتأمين سوق له، وتدريب 25 سيدة مع برنامج للاتحاد الأوروبي على فرز النفايات، وإدارة حضانة أطفال بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية تستقبل أكثر من 40 طفلاً، ومركز طوارئ ليلي يضم طبيباً وسيارة إسعاف وسائقاً، وعيادة طب أسنان، ومركز تصوير إشعاعي، وتوزيع دوري للنصوب والشتول، ونادي سينما ومسرح يتسع لـ 350 شخصاً، وباصات لنقل الأهالي والطلاب من بيروت وإليها، وشبكة الطرقات الزراعية. إضافة طبعاً إلى آلاف المنح التعليمية.
وبعد نجاحه في تحقيق وعوده السابقة، يعد عطية اليوم بتخصيص شارع للمشاة في البلدة يكون شبيهاً بسوق جبيل من حيث المتاجر والمطاعم وجذبه أهالي البلدة والقرى المجاورة لتوفير حركة سياحية وتجارية في البلدة، إضافة إلى مشروع سكني ضخم يتمثل بتأمين 100 وحدة سكنية، مساحة الوحدة مئة متر، بسعر 30 ألف دولار يمكن تقسيطها مئة دولار شهرياً. وهو مشروع يؤمّن لكل مقيم في بيروت وكل مغترب شقة صغيرة في بلدته يعلم أن بوسعه التوجه إليها حين يشاء ذلك. إضافة إلى ضمان الشيخوخة الذي يؤمن عبر مجموعة ضرائب بلدية راتباً شهرياً متواضعاً لكل المسنين وبيت راحة.
اللواء
سلام لقادة العالم: لبنان ليس بلداً للتوطين
الجسر يعلن اليوم إلتزام «المستقبل» باللائحة الإئتلافية.. و«القوات» تتخلّى عن باسيل في البترون
“غداً، يكتمل عامان على الشغور الرئاسي، و16 عاماً على تحرير الجنوب.
فـ 25 أيّار، وهو عيد المقاومة والتحرير الذي يحتفل به لبنان كل عام، وتقفل فيه الدوائر والمؤسسات من دون ان يكون هناك على رأس الدولة رئيس منتخب ومؤسسات تثبت الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي.
وعشية هذه المناسبة الوطنية، يمكن للمراقب تسجيل الآتي:
1- اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية للمرة الثالثة منذ العام 2004 حتى أيّار 2016، حيث تكتمل هذه الدورة بالانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي الشمال وعكار، وتختبر طرابلس قدرتها على التوافق، في حين تجري مواجهة من نوع مختلف بين «تحالف معراب» بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، والمرشح الشمالي رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي سيطل مساء الخميس في برنامج تلفزيوني يكتسب دلالة خاصة في توقيته واهدافه، قبل أقل من 72 ساعة من التوجه إلى صناديق الاقتراع. والذي نجح في ترتيب البيت الزغرتاوي بتقاسم البلديات والمخاتير مع تيّار الرئيس الشهيد رينيه معوض والعائلات ليتفرغ لمعركة البترون بالتعاون ربما مع الوزير بطرس حرب، أو مع قوى وأطراف أخرى، ومعركة الكورة، حيث يتوقع ان يكون حليفه نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري وما يمثل من وزن سياسي وارثوذكسي وموقع في تيّار «المستقبل».
2- وفي الملف الرئاسي، حيث يتجدد الاشتباك مع مستهل الفراغ في عامه الثالث بين أولوية اجراء الانتخابات الرئاسية ليكون على رأس الدولة رئيس يحفظ الدستور، ويتولى إدارة السلطات وفق الصلاحيات التي يتمتع بها، سواء في ما خص تشكيل الحكومات أو استقالتها، أو فتح الدورات الاستثنائية لمجلس النواب، أو اجراء التشكيلات والتعيينات بحيث يكتمل معه النصاب الدستوري والسياسي، وبين الدعوات للاتفاق على قانون انتخاب جديد، حيث دعا الرئيس نبيه برّي اللجان المشتركة لمناقشة مواد اقتراح القانون المختلط بعد غد الخميس، ضمن مسار يعطي الأولوية لقانون انتخاب واجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية، كما يطالب النائب ميشال عون مدعوماً من «حزب الله».
والجديد على الصعيد الرئاسي هو الحراك الذي بدأه البطريرك الماروني بشارة الراعي، وكانت محطته البارزة في قصر الاليزيه الذي عاد واستقبل الرئيس سعد الحريري، وكان طبق الرئاسة الأولى الحاضر الأوّل.
وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية لـ«اللواء» ان اقتراح السنتين طرح في الاجتماع بين الرئيس فرنسوا هولاند والبطريرك الراعي، ثم بين الأوّل والرئيس الحريري علي ان يكون النائب عون هو رئيس هذه المرحلة، الأمر الذي لم يلق قبولاً – وفق المعلومات الاوروبية – من الرئيس الحريري الذي قال انه لا يمانع من لقاء عون، اما مسألة انتخاب لهذه الفترة فلم تلق حماساً منه لاعتبارات عدّة أبرزها ان ولاية الرئيس ست سنوات، وأن التعديل الدستوري لمدة سنتين دونه صعوبات، والاحرى في مثل هذه الحالة اكتمال النصاب في مجلس النواب في جلسة لانتخاب الرئيس والتنافس الديمقراطي، حيث ان المعركة محصورة الآن بين النائبين عون وفرنجية وكلاهما من 8 آذار.
وبصرف النظر عن سقوط هذا الاقتراح، فإن باريس ستشهد في الأسابيع القليلة المقبلة حراكاً دبلوماسياً، حيث من المتوقع ان يزورها ولي العهد في المملكة العربية السعودية الأمير محمّد بن نايف فضلاً عن وزير الخارجية الإيرانية محمّد جواد ظريف، وكلا العاصمتين الرياض وطهران معنيتان بالاستحقاق الرئاسي.
في هذا الوقت، تروج الرابية عبر زوارها ومواقعها الإعلامية ان حظوظ النائب عون تحسنت، من دون ان يستبعد هؤلاء الزوار ان تشهد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية رقم 40 في 2 حزيران مفاجآت على هذا الصعيد.
سلام في اسطنبول
3- وعشية هذه المناسبة، دوى من اسطنبول، حيث كان قادة العالم يجتمعون لبحث إصلاح نظام المساعدات الإنسانية، لما يربو على 130 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات، في القمة العالمية الإنسانية التي تختتم اليوم، صوت الرئيس تمام سلام معلناً باسم كل اللبنانيين، وبصفته رئيس مجلس الوزراء اللبناني، ان «لبنان ليس بلداً لتوطين الآخرين على ارضه»، مضيفاً ان هذا الرفض مكرساً بقاعدة ثابتة في نص الدستور اللبناني وبحكم الإجماع اللبناني.
وجاء خطابه هذا الذي لقي ترحيباً في أوساط الحاضرين، موجهاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي نسب إليه في تقريره انه يدعو لتوطين النازحين السوريين حيث هم لتحسين ظروف حياتهم، وبعد ان كان بان دعا في قمّة اسطنبول قادة الحكومات والأعمال ومنظمات الاغاثة والمانحين إلى «الالتزام بتقليل عدد النازحين إلى النصف بحلول عام 2030 وإيجاد حلول أفضل لتقاسم المسؤوليات بصورة أكثر عدلاً».
4- وإذا كانت الانتخابات البلدية أكسبت «حزب الله» غطاءً شعبياً لطالما كان متوافراً له، فإن انخراطه في الحرب السورية أحدث انقساماً داخلياً أطاح بالإجماع الوطني الكبير الذي رافق اندحار آخر جندي إسرائيلي من أكثر من 95 في المائة من الأراضي الجنوبية في 25 أيار عام 2000.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى شبح أزمة تلوح في الأفق، من شأنها، إذا لم تتمكن السلطات النقدية وحزب الله والحكومة من إيجاد صيغة تلائم بين التزام لبنان بالقانون الدولي وحماية شريحة واسعة من اللبنانيين من ضغوطات الإجراءات الأميركية على المصارف اللبنانية، والتي كشف النقاب السبت الماضي عن أنها طالت جمعية المبرّات الخيرية الإسلامية التي تتكفل باليتامى والمساكين على مختلف الأراضي اللبنانية.
5- وبقدر ما حظيت الانتخابات البلدية باهتمام ديبلوماسي أميركي وأوروبي وعربي بوصفها تعكس قدرة اللبنانيين وتمسكهم بالنظام الديموقراطي بمعزل عن ثغراته وسلبياته، فإن النتيجة الكبيرة لهذه الانتخابات أن العائلات واجهت الثنائيات أو الإحتكارات الحزبية التقليدية التي تحكمت بالمقدرات بعد الطائف، وأن توازناً ما حجّم هذه الثنائيات الحزبية من دون أن يتمكن من إزاحتها لا عن المشهد البلدي ولا السياسي.
6- وفي المدن الكبرى من بيروت إلى صيدا وصولاً إلى طرابلس الأحد المقبل، بدا أن النيل من الإرث السياسي والإنمائي للرئيس الشهيد رفيق الحريري صعباً، فبعد نجاح «لائحة البيارتة» في العاصمة، فازت «لائحة إنماء صيدا» بفارق كبير عن اللائحة الثانية المدعومة من النائب السابق أسامة سعد.
7- وفي ما خصّ جزّين، وبعد الاهتزاز الذي تعرّض له تحالف معراب في جونيه، فإن اهتزازاً آخر حصل بعد الاستيقاظ على رسوب رئيس اللائحة المدعومة من عون خليل حرفوش وخرق قوى من اللائحة المدعومة من إبراهيم عازار نجل النائب السابق سمير عازار، وانتقال القضية إلى مجلس شورى الدولة، حيث وجهت أصابع الاتهام إلى الماكينة القواتية بدعم اللائحة المنافسة.
ومع ذلك، استبعد مستشار رئيس حزب «القوات» العميد وهبة قاطيشا في تصريح لـ«اللواء» أن لا عودة عن المصالحة لأي سبب كان، في حين تحدثت مصادر قواتية أن التشطيب الذي تعرّضت له لائحة حرفوش لم يكن بقرار من الحزب، فالمعركة حصلت بين أهل العائلة الواحدة.
ومع النتيجة التي سينتهي إليها تكتل الإصلاح والتغيير اليوم بعد اجتماعه الأسبوعي تتوضح صورة المتغيّرات المحدقة بالتحالفات، والتي من المستبعد أن تخرج إلى النور، قبل انتهاء الانتخابات البلدية الأحد المقبل.
طرابلس
واتجهت الأنظار إلى طرابلس والشمال باعتبارها ليست فقط المحطة الأخيرة، بل ذات صلة بالانتخابات الرئاسية، وباكتمال النصاب التمثيلي لتيار «المستقبل» في المدن الكبرى.
وفيما يعلن النائب في كتلة المستقبل سمير الجسر اليوم التزام التيار ومؤيديه باللائحة الائتلافية التي يترأسها الدكتور عزام عويضة كاملة، لقطع الطريق على أي محاولات لشوشرة الكتلة الانتخابية لتيار «المستقبل» مع دعم وزير العدل أشرف ريفي لائحة المجتمع المدني، وعجز النائب السابق مصباح الأحدب عن تشكيل لائحة من 24 عضواً، أعلنت القوات اللبنانية في مدينة البترون عن عدم المشاركة في اللائحة التي شكلها «التيار الوطني الحر».
ويأتي هذا الموقف في خضم البلبلة بين الطرفين حيث من غير المستبعد أن ينعكس لمصلحة مرشحي حزب الكتائب وتيار «المردة» والوزير حرب الذي أعلن لائحة قرار تنورين أمس.
البناء
غرفة عمليات أضنة وراء تفجيرات الساحل السوري وبيان المسؤولية لـ«داعش»
تفجير تركي سعودي في طرطوس وجبلة يستبق حرب حلب ويحصد العشرات
الشمال يستعدّ لانتخاباته مفتقداً تيار المستقبل… ونصرالله لمعادلات ذكرى التحرير
“اهتزّ الساحل السوري بتفجيرات انتحارية عدّة استهدفت المدنيين بدم بارد، ترجمة لقرار حرب اتخذته أنقرة والرياض بدم بارد أيضاً، فيما واشنطن تراقب عن بُعد ما سيحصده حلفاؤها الذين قرّروا خوض حرب الاستنزاف التي فوّضتها إليهم وهي تختبر آخر منتجات مصانعها مع قدرة مَن شكلت منهم قوات سورية الديمقراطية ليكونوا نواة سورية الجديدة التي ترغب برؤيتها، وحشدت لهم ما يلزم ليظهروا قوتهم في مواجهة روّجت لها بينهم وبين «داعش» في الرقة، وهي تأمل أن ينجح الأتراك والسعوديون ومعهم كلّ جماعات تنظيم «القاعدة»، بمن فيهم «داعش» و»النصرة» و»جيش الإسلام» و»أحرار الشام» في تحويل المواجهة المرتقبة على جبهات الشمال السوري إلى حرب استنزاف لا منتصر فيها ولا مهزوم، لتتقدّم نحو موسكو مجدّداً لتعديل أحكام التفاهم الذي فرضته موازين قوى مغايرة.
مصادر متابعة لتفجيرات طرطوس وجبلة تؤكد أنها حاصل عمل استخباري جنّدت له مقدّرات وتسهيلات تتكامل فيها التنظيمات الإرهابية التي يتغيّر اسمها وعنوانها وفقاً لمقتضى العملية، بحيث تنفذ المجموعات نفسها عمليات لحساب غرفة عمليات واحدة في أضنة يشترك فيها ضباط سعوديون وأتراك، ويتغيّر البيان الذي يعلن المسؤولية وتنسب له العملية وفقاً لمقتضيات الحرب والسياسة.
المصادر قالت إنّ التفجيرات هي حرب استباقية لحرب حلب تستهدف رفع معنويات الجماعات المسلحة والنيل من معنويات الجيش السوري الذي تشكل المنطقة المستهدفة خزانه البشري، كما تستهدف العمليات توجيه رسائل سياسية داخل سورية وخارجها، عنوانها مقدرة هذه الجماعات على إلحاق المزيد من الأذى بمن يحتضن الحرب التي يخوضها الجيش السوري في الشمال بوجه المشروع التركي السعودي وأدواته التي تتخذ عناوين سورية، وروسيا ليست بعيدة عن الرسائل المستهدفة لاحتضان الساحل قواعدها الرئيسية.
المصادر توقعت أن تسرع هذه العمليات بإيقاع حرب حلب وأريافها وتجعل للحركة الروسية الداعمة للجيش السوري والمقرّرة بدءاً من الغد، بُعداً نوعياً يستعيد ما عُرف بعاصفة السوخوي قبل شهرين، بينما يستعدّ الجيش السوري وحلفاؤه لمواجهات حاسمة مع جبهة النصرة والجماعات الملتحقة بها ومن ورائهم جميعاً الدعم التركي السعودي، بعدما ضربت أنقرة والرياض ومن معهما عرض الحائط ببيان فيينا الذي تبنّى التفاهم الروسي الأميركي بالدعوة لكلّ الجماعات المنضوية في العملية السياسية بفكّ كلّ تشابك بينها وبين جبهة النصرة، ووقفت واشنطن تتفرّج وتتهرّب من واجبها بإعلان اعتبار مَن يتموضع مع النصرة شريكاً لها على لوائح الإرهاب.
المواجهة التي تحدّث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، واصفاً بحصيلتها ما هو متوقع بالصيف الحار والحار جداً، ستكون ومعها موازين ومعادلات التحرير والردع مواضيع خطابه في عيد التحرير والمقاومة غداً، بينما يتجه لبنان لقراءة متمعّنة بنتائج انتخابات البلديات في جنوب لبنان ويستعدّ لجولة الشمال نهاية الأسبوع، حيث يجمع المراقبون أنّ التوقعات ستكون الأصعب في الشمال قياساً بسائر المحافظات، حيث يفتقد الناخبون والمرشحون لقوة الدفع المحورية في هذه الانتخابات التي كان يشكلها تيار المستقبل بعدما تشظّت قيادته وتشتّتت قواه وضاعت مرجعيته حتى في التحالفات التي ينخرط فيها، فصار يتحدّث الحلفاء الذين كانوا يسعون لاعتراف المستقبل بهم كحلفاء مقبولين عن أنهم هذه المرة يحملون المستقبل على لوائحهم أكثر مما يحملهم.
نصرالله يُطلّ في عيد التحرير
ألقى المشهد الانتخابي في الجنوب والنبطية الأحد الماضي، بثقله على الساحة المحلية وبقيت النتائج ونسب التصويت موضع قراءة سياسية، أبرزها تجديد أهالي الجنوب تمسّكهم بخيار المقاومة تزامناً مع الذكرى السنوية السادسة عشرة لعيد المقاومة والتحرير، الذي سيشكّل مناسبة لإطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في المهرجان المركزي الذي يُقيمه حزب الله الأربعاء الخامسة والنصف عصراً، في النبي شيت.
وأعلن نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق نجاح جميع اللوائح الائتلافية بين حزب الله وحركة أمل في معظم المدن والقرى الجنوبية التي جرت فيها انتخابات بلدية واختيارية، مؤكدًا أن «مشاركة حزب الله في الدفاع عن لبنان والمقاومة في سورية لا تشغله إطلاقًا عن واجباته في تنمية القرى والبلدات». وخلال مؤتمر صحافي في النبطية، أشار إلى أن «التحالف بين حزب الله وحركة أمل هو الأكثر تعبيرًا عن إرادة أهلنا وقرانا ومدننا»، وأوضح الشيخ قاووق أن «التحالف والتفاهم مع حركة أمل في 158 بلدة وقرية فاز منها 43 بالتزكية».
رسالة بري إلى الجنوبيين..
وتقدّم رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى أهل الجنوب بالشكر «على غيرتهم وتأكيد انحيازهم ووفائهم لخط التنمية والمقاومة وتسجيلهم أعلى نسبة للانتخابات سيما في منطقة الزهراني، خصوصاً زهرتها مغدوشة المحروسة بسيدة المنطرة من عين الحاسدين والتي جسّدت الانتماء إلى محيطها وصلابتها وتمسكها بصيغة العيش المشترك».
وأضاف بري أن «الجنوب أثبت أنه وحدة بشرية جغرافية تنتمي إلى تاريخها وشهدائها وماضيها وحاضرها ومستقبلها بمواجهة محاولات جعلها كيانات خاصة، وهو الأمر الذي برز جلياً في الانتخابات البلدية والنيابية لجزين التي بدورها سجلت خرقاً رقمياً نيابياً يؤكد انتفاضتها، هذا بالإضافة للخرق البلدي الواعد للموعود».
أبو زيد نائباً في البرلمان
أما الانتخابات النيابية في جزين، فأوصلت المرشح أمل أبو زيد إلى الندوة البرلمانية، إذ نال بحسب أرقام وزارة الداخلية 14653 صوتاً مقابل 7759 لإبراهيم عازار و3162 صوتاً لصلاح جبران و399 صوتاً لباتريك رزق الله.
آل حلو أسقطوا حرفوش
وفي جزين أيضاً، أظهرت النتائج الأولية فوز خليل حرفوش برئاسة البلدية قبل أن تنقلب الموازين يوم أمس، بعد أن صدر عن هيئة لجنة الانتخابات في سراي جزين قرار بإلغاء 23 ورقة من الأصوات في عين مجدلين بناء للطعن الذي تقدم به إبراهيم سمير عازار حول النتائج البلدية في جزين. وأحيلت النتائج إلى وزارة الداخلية بعد الاعتراض على بعض اللوائح وباتت القضية في عهدة مجلس شورى الدولة.
وقالت مصادر في التيار الوطني الحر معنية بالملف الانتخابي في جزين لـ«البناء» إن «رئيس البلدية السابق خليل حرفوش تعرّض وثلاثة أعضاء من لائحته لحملة تشطيب واسعة من عائلة حلو إحدى أكبر عائلات جزين ما سبّب خسارتهم»، موضحة أن «هذه العائلة تنتمي إلى التيار الوطني الحر، لكن لحسابات عائلية تفردت بموقفها بعد اعتراضها على ترشيح حرفوش لولاية ثانية وطلبها ترشيح أحد من العائلة لرئاسة البلدية، إلا أن قيادة التيار رفضت ذلك بسبب كفاءة حرفوش وإنتاجيته العالية خلال السنوات الست الماضية وخبرته ونجاحه في تطوير المنطقة ونجاحه في اتحاد بلديات المنطقة، فضلاً عن فوزه بالمرتبة الأولى في استطلاعات الرأي التي أجراها التيار قبل الانتخابات».
وأشارت المصادر إلى أن «هذه العائلة عملت على تحشيد أبنائها وتحريضهم على حرفوش، وعملت على توزيع أوراق للائحة التيار الوطني الحر لا تتضمن حرفوش وثلاثة مرشحين معه وإضافة أربعة مرشحين من اللائحة المنافسة»، ولفتت إلى أنه «لو صبّت أصوات هذه العائلة لكل لائحة التيار لنجحت بكامل أعضائها».
عازار رفض التفاهم
وأوضحت المصادر إلى أن «سياسة التيار منذ كانون الثاني الماضي على الصعيد البلدي هي التفاهم مع حزب القوات ومحاولة للتفاهم مع كل الأحزاب المسيحية، حول مستقبل المسيحيين والمشاركة الفعلية، والسبب الذي دفعنا للتحالف مع القوات والأحزاب المسيحية في الانتخابات البلدية هو توحيد الصف المسيحي في كل الوطن، وليس في جزين فقط وهذا ما حصل في زحلة التي كانت شبيهة بمعركة جزين». وكشفت أن التيار حاول التفاهم مع عازار، لكن الأخير رفض ما عرض عليه».
وعن حصول المرشح النيابي إبراهيم عازار المنافس لأبو زيد على 7 آلاف صوت، قالت المصادر إنه «رغم حصول عازار على معظم أصواته من مدينة جزين، لكن الاقتراع له خارج المدينة كان ضعيفاً فضلاً عن شرائه أصواتاً قبل الانتخابات حيث شهدت جزين حركة مشبوهة قبل أسبوع لمناصري عازار».
.. وانقسام كتائبي
وعلمت «البناء» أن «حزب الكتائب انقسم في انتخابات جزين فالمسؤول الإقليمي في الكتائب شارك في احتفال إعلان لائحة التيار، لكن في الانتخابات صوّت الكتائبيون للائحة المنافسة»، ونفت المصادر تدخل حركة أمل أو رئيس المجلس النيابي نبيه بري رسمياً في دعم إحدى اللوائح».
قزي لـ «البناء»: مناخ التوطين موجود لدى الغرب
على صعيد آخر، لا يزال ملف توطين النازحين السوريين يأخذ الحيّز الأهم داخلياً بعد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وحضر هذا الملف في لقاء وزير العمل سجعان قزي والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ. وأشار قزي لـ «البناء» إلى أن «كاغ أبلغتنا أن بان كي مون سيؤكد مجدداً في أول مناسبة أن الأمم المتحدة لا تؤيد توطين السوريين في لبنان وستقوم بجهدٍ استثنائي لنقل عدد من النازحين السوريين في لبنان إلى دول أخرى لتؤمن لهم حياة لائقة». ولفت قزي إلى أن «تقرير كي مون هو تقرير إداري وللنقاش في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وعلى رغم أنه لا يزال تقريراً ولم يصبح قراراً، لكنه يعكس المناخ الموجود في أروقة الأمم المتحدة وتحديداً مناخ الدول الأساسية الفاعلة في لبنان وسورية والشرق الأوسط».
وأوضح قزي أن «التقرير لم يأت من العدم، فمناخ التوطين موجود عند البعثات العربية والغربية الممثلة في الأمم المتحدة»، مضيفاً أن «كاغ لا تعمل على توطين السوريين، فهي تقوم بأقصى جهود لمساعدة لبنان وتبعث بتقارير إلى الأمم المتحدة في نيويورك، مضمونها بأن لبنان غير قادر على تحمل العبء الهائل للنازحين السوريين على أراضيه».
سلام: لبنان ليس بلداً للتوطين
وجدّد رئيس الحكومة تمام سلام رفض لبنان توطين السوريين أو تجنيسهم. وفي كلمته في افتتاح أعمال «القمة العالمية الإنسانية» المنعقدة في اسطنبول، توجّه سلام إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قائلاً «نؤكد أن بلدنا كان وسيبقى مفتوح القلب والذراعين لاستضافة إخوانه السوريين في عثرتهم، رغم ضعف إمكاناته والمخاطر الكبيرة على موارده واستقراره وأمنه، لكننا مرة جديدة، نعلن تمسكنا بقاعدة ثابتة، مكرّسة في نص الدستور اللبناني وبحكم الإجماع الوطني اللبناني، ويجب أن يسمعها العالم أجمع، أن لبنان ليس بلداً لتوطين الآخرين على أرضه».
..وجلسة للجان المشتركة
على صعيد آخر، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري اللجان المشتركة أمس، إلى جلسة العاشرة والنصف من قبل ظهر الخميس المقبل، لدرس اقتراح القانون الرامي إلى تعديل قانون الانتخاب واعتماد صيغة النظام المختلط بين الأكثري والنسبي.