افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 28 أيار، 2016

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 5 تشرين الأول، 2022
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 11 تشرين الأول، 2016
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 27 تموز، 2017

… ولم تحجب الاستعدادات لمرحلة الشمال الانتخابية نتائج المحادثات التي أجراها في بيروت في اليومين الأخيرين مساعد وزير الخزانة الاميركي لشؤون تمويل الارهاب دانيال غلايزر والتي تركزت على موضوع القانون الاميركي للعقوبات على “حزب الله” وتطبيقه عبر المصارف اللبنانية.

النهار
ختامها في الشمال والمعارك تُستعاد حارةً
مثلّث المواجهات طرابلس والقبيات وتنورين
“تشهد محافظتا الشمال وعكار غداً الفصل الختامي للانتخابات البلدية والاختيارية في مرحلة رابعة لن تقل حدة وحماوة في الكثير من مدن المحافظتين وبلداتهما وقراهما عما سبقها في المحافظات الاخرى بدءاً من عاصمة الشمال طرابلس. ومع طي هذا الاستحقاق الذي أعاد الاعتبار الى اللعبة الديموقراطية في لبنان الرازح تحت وطأة أزمة الفراغ الرئاسي مطلع سنتها الثالثة، يبدو طبيعياً أن تنشد الأنظار الى ما ستحمله رياح الشمال التنافسية من نتائج من شأنها أن تكمل المشهد السياسي الناشئ عن هذه الانتخابات التي اتسمت بافراط يكاد يكون نادراً في تسييسها عاكسة بذلك انخراط القوى السياسية والحزبية بكل زخمها وماكيناتها الانتخابية في هذا الاستحقاق الذي يطغى على طبيعته الأساسية العامل الانمائي.

وعلى غرار المراحل الثلاث السابقة من الانتخابات البلدية تبرز في مناطق الشمال مجموعة معارك أساسية تتخذ المبارزات فيها طابعاً شديد الحماوة وتأتي في مقدمها معركة طرابلس التي تتميز عن سواها من المعارك بتداخل واسع بين العوامل السياسية والعوامل الاجتماعية. واذا كان شعار الانماء ورفع الغبن الانمائي عن المدينة لا يغيب عن المبارزات بين اللوائح المتنافسة والقوى الداعمة لها، فان المواجهة الاقسى التي سترسم مصير النتائج السياسية للانتخابات تدور بين لائحة الائتلاف السياسي التي يدعمها الرئيسان سعد الحريري ونجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي واللائحة التي يدعمها وزير العدل اللواء أشرف ريفي الذي يخوض حملة اعلامية وانتخابية بالغة الحدة ضد اقطاب التحالف. كما أن ثمة لائحتين أخريين احداهما برئاسة النائب السابق مصباح الاحدب والاخرى تنضوي فيها مجموعة من المستقلين والناشطين في المجتمع المدني.

ووصف النائب سمير الجسر لـ”النهار” الوضع في طرابلس عشية الانتخابات البلدية بأنه “هادئ” على رغم ان الوزير ريفي “يضفي على الاستحقاق طابعاً سياسياً”. وأضاف: “أن تسييس الاستحقاق كان لينجح لو كانت الانتخابات نيابية. ولكن في الموضوع البلدي الامر مختلف لإن إهتمام الناس في مكان آخر”. وأوضح أن تيار “المستقبل” لم يقدم الى اللائحة التي يدعمها في طرابلس أي مرشح له “لإنه آثر الاتيان بعناصر تكنوقراط محايدة”. وعلى صعيد الشمال ككل أفاد الجسر إن “المستقبل” إتخذ قراراً بعدم التدخل، مشيراً الى انه “من أصل 180 قرية للتيار وجود فيها لن تجري منافسات إلا في ثلاث أو أربع قرى بسبب الصراع فيها” علما أن التيار قرر سلفاً تفادي الحساسيات في كل هذه القرى.

وفي البترون وفيما تحتدم المواجهة في بلدة تنورين بين اللائحة المدعومة من وزير الاتصالات بطرس حرب ولائحة اخرى مدعومة من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، لفت الوزير حرب الى “ما نشهده في هذه الانتخابات من نشوء تحالفات هجينة بين القوى والاحزاب السياسية المعطلة للانتخابات الرئاسية أو الساكتة عنها”، معتبراً أن ذلك يهدف الى “القضاء على ما تبقى من أصوات مستقلة متمسكة بالنظام الديموقراطي ودور المؤسسات”. ولاحظ “مشاركة القوى والاحزاب في هذه الانتخابات في شكل لم يشهد مثله تاريخ لبنان البلدي بخلاف ما يحصل في الانتخابات الرئاسية”.

أما في عكار التي ستشهد معارك عدة تتداخل فيها العصبيات العائلية والسياسية، فان معركة القبيات تبدو مشابهة تماماً لمعركة تنورين اذ تتواجه فيها لائحة مدعومة من النائب هادي حبيش والنائب السابق مخايل ضاهر مع لائحة يدعمها “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”. واسترعى الانتباه ان رئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع قد أطل شخصياً على الاستعدادات لهذه المعركة في لقاء مع اللائحة التي يدعمها حزبه و”التيار الوطني الحر” رافعاً عنواناً لها هو “الانتقال بالقبيات من الزبائنية الى الانماء”. وفي المقابل، رأى النائب حبيش ان “هناك من يحاول تحويل المعركة في القبيات الى سياسية محض وان ينسينا البعد الانمائي وهذا يعبر عن ضعفه في ادارته”.

أما في مدينة بشري التي تواجه فيها لائحة من عائلات ومناصرين سابقين لـ”القوات اللبنانية” اللائحة “القواتية”، فدعا نائبا بشري ستريدا جعجع وإيلي كيروز جميع الناخبين في القضاء وخصوصاً في مدينة بشري إلى “ممارسة حقهم الانتخابي الديموقراطي”، وأكدا “من خلال دعمها للائحة الإنماء والوفاء لمدينة لبشري الإصرار على متابعة مسيرة البناء والإنماء وتلبية طموحات الأهالي وتطلعاتهم، وشددا على أهمية كل صوت دعماً وتأكيداً لمسيرة إنماء بشري ونهوضها منذ انطلاقها في العام 2005″.

وفي الكورة صرّح نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لـ”النهار” بأنه سعى الى توافق في مسقطه انفه وكل الكورة، داعياً مؤيديه في البلدات والقرى التي لم يحصل فيها توافق الى التصويت لمن يرون انهم يحققون مصلحة بلدتهم. وأشار الى أنه “قدم تنازلات بلا حدود في انفه للتوصل الى توافق، لكن أحد الاطراف لم يلتزم المعايير ولاحقاً غير “التيار الوطني الحر” رأيه والتحق بالطرف الذي لم يتجاوب”. وأكد أن لا مشكلة في التوافق الذي تحقق مع “القوات”، مشدداً على ديموقراطية الانتخابات في انفه وكل الكورة.

غلايزر
ولم تحجب الاستعدادات لمرحلة الشمال الانتخابية نتائج المحادثات التي أجراها في بيروت في اليومين الأخيرين مساعد وزير الخزانة الاميركي لشؤون تمويل الارهاب دانيال غلايزر والتي تركزت على موضوع القانون الاميركي للعقوبات على “حزب الله” وتطبيقه عبر المصارف اللبنانية. وتتلخص أبرز المعطيات التي نقلها غلايزر الى المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم كما صرحت مصادر اميركية لـ”النهار” بأن الادارة الاميركية لا تنتظر من لبنان أن يوافقها الرأي بالنسبة الى موقفها من “حزب الله” وهي لا تطلب تالياً من لبنان أن يتخذ أي اجراءات في حق الحزب ولكن على لبنان أن يدرك ان للولايات المتحدة الحق في حماية نظامها المالي وفي اتخاذ أي إجراءات تجدها مناسبة لتحقيق ذلك بما فيها فرض العقوبات على كل من يسهّل ولوج الحزب الى النظام المالي العالمي عموما والأميركي خصوصا. وأشارت المصادر الى أن غلايزر أكد أن القانون لا يستهدف في أي شكل الحكومة اللبنانية أو الجهاز المصرفي اللبناني او الطائفة الشيعية خلافا للاعتقاد أن الاميركيين لا يميزون بين “حزب الله” والمجتمع الشيعي وأن التركيز هو على الحزب حصراً. لكنه أبرز في المقابل ضرورة التطبيق “المسؤول والشفّاف” للقانون.

السفير
الحريري يقاتل ريفي في طرابلس لـ«التأديب السياسي».. والتشطيب يهدد الأقليات
«اختبارات الشمال»: هيبة فرنجية.. ولا حصرية في الزعامة السنية
“اكتملت الاستعدادات لانطلاق الجولة الأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية في الشمال وعكار، حيث يتوجه الناخبون الذين يبلغ عددهم نحو 580 ألفا، إلى صناديق الاقتراع غدا الأحد لاختيار مجالسهم البلدية التي تقع عليها مسؤولية إزالة صفة الحرمان والإهمال عن كثير من المدن والبلدات والقرى الشمالية التي كانت على مدى السنوات الماضية أسيرة مركزية قاتلة، وتهميش رسمي أدى إلى ارتفاع المؤشرات الاجتماعية السلبية (فقر وبطالة ونزوح وهجرة وتسرّب مدرسي).

ومع وصول قطار الانتخابات البلدية والاختيارية إلى محطته الأخيرة التي من المتوقع أن تكون آمنة، بفعل الإجراءات المشددة التي اتخذتها الأجهزة الأمنية في مختلف الأقضية الشمالية، من المتوقع أن يحظى ملف الانتخابات النيابية باهتمام محلي وخارجي استثنائي، بعدما انتفت مبررات التمديد، لا بل ثمة دعوات إلى تقصير ولاية المجلس الممدد له.

ولا شك في أن هذا الاستحقاق النيابي بات أمراً واقعاً في العام 2017، بعدما دخلت اللعبة الديموقراطية إلى كل بلدة في لبنان، بعد توقف دام ست سنوات بالتمام والكمال، وبالتالي فإن التمديد الثالث للمجلس النيابي الحالي بات أمراً غير مطروح، بعد الجهوزية الإدارية واللوجستية والأمنية التي أظهرتها الدولة، وتحديداً وزارة الداخلية التي أتمت العملية الانتخابية البلدية والاختيارية بنجاح.

كثيرة هي النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع في الشمال وعكار، وهي من شأنها أن تحدد أحجام القوى السياسية المختلفة، سواء كانت متحالفة أو متنافسة، وأن ترسم مشهداً جديداً للخريطة السياسية الشمالية، لا سيما بعد المستجدات التي طرأت مؤخراً، وقلبت المشهد السياسي في لبنان رأساً على عقب.

وللانتخابات البلدية الشمالية تداعياتها وتأثيراتها على المشهد العام في الانتخابات النيابية في العام 2017، وربما قبل ذلك، إذا تم التوافق على تقديم موعد هذا الاستحقاق، وهو أمر ما يزال غير محسوم لا بل مستبعداً، كما ستكون لانتخابات الغد إشارات لجهة البعد الأمني للقرى والبلدات المحاذية للحدود مع سوريا، والتي لطالما انعكست الحرب السورية عليها.

وليس خافياً على أحد أن الانتخابات، سواء كانت نيابية أو بلدية في الشمال، ليست بعيدة عن معطيات إنتاج الزعامة السنية في لبنان، فمنذ العام 2005، بنى الرئيس سعد الحريري زعامته على أصوات الشماليين الذين كانوا أوفياء لدماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومنحوا «قوى 14 آذار» الأكثرية، وسلّموا رئيس «تيار المستقبل» لواء الزعامة السنية في لبنان.

لكن الانتخابات البلدية والاختيارية الحالية، من بيروت إلى صيدا مرورا بالبقاع والجبل، وما رافقها أو سبقها، أفرزت معادلة جديدة: طي صفحة أحادية الزعامة السنية في لبنان. برز ذلك مع تراجع شعبية الحريري الذي طلب من تياره أن ينأى بنفسه عن كثير من المعارك الانتخابية في مناطق وبلدات كان يعتبرها خزاناً شعبياً له، لا سيما في الضنية والمنية وعكار، وذلك بسبب الأزمة المالية التي تعصف به وانعكست سلباً على تقديمات تياره وخدماته في جميع المناطق اللبنانية.

كما أبرزت معطيات سعودية، أولوية «لمّ شمل السنّة في لبنان»، وبالتالي ليس الزمن زمن «حصرية» أو «أحادية» وترجم ذلك فتح الأبواب أمام الوزير السابق عبد الرحيم مراد ثم بتكريس التوافق في البقاع الغربي، وفتح الباب أمام التحالف مع «الأحباش» في طرابلس، والأهم من ذلك كله، إبداء الرئيس الحريري رغبته بالتحالف مع الرئيس نجيب ميقاتي بعد المصالحة التي جمعتهما في دارة رئيس الحكومة تمام سلام، وركونه إلى الشروط التي وضعها ميقاتي لهذا التحالف، سواء في طرابلس أو في الميناء، مع الأخذ في الحسبان عدم قدرة الحريري على خوض أي استحقاق بمفرده في ظل أوضاع تياره الراهنة من جهة، ونجاح الماكينة الميقاتية بالقضم التدريجي من جهة ثانية.

وقد أفرز هذا الواقع الطرابلسي ثنائية سنّية حقيقية بين ميقاتي والحريري، قد تتحول إلى ثلاثية أو رباعية من خلال الشراكة مع النائب محمد الصفدي وآل كرامي، فضلاً عن محاولة الكثير من القيادات السنية كسر الطوق الذي كان مفروضاً عليها، وهذه المرة بناءً على «أمر سعودي» على قاعدة أولوية «ترتيب البيت السنّي في لبنان».

ويمكن القول إن لطرابلس في المعركة البلدية خصوصية تختلف عن سائر مناطق الشمال، حيث استعان الحريري بميقاتي والصفدي وأحمد كرامي وفيصل كرامي ومحمد كبارة لخوض معركة تصفية حساب مع الوزير أشرف ريفي، خصوصاً بعدما سمع من جهات سعودية مسؤولة أن لا غطاء سياسيا سعوديا لريفي ولا تغطية مالية له (بما في ذلك من الإمارات).

ومثلما نجح الحريري في منع دخول ريفي الى عشاء السفارة السعودية الأخير، فإنه يريد أن يجعل من المعركة السياسية مع وزير العدل المستقيل عبرة لكل من يريد تكرار «النموذج الريفي» في الشمال، أو في أي منطقة لبنانية، خصوصا أن أشرف ريفي يخوض معركة إثبات وجود بوجه الحريري قبل أي تيار سياسي آخر في مدينته، وهو أبلغ ذلك (من تحت الطاولة) الى حلفاء الحريري.. معتبراً أنه شريك في صنع زعامة آل الحريري في الشمال، وليسوا هم من يحددون حيثيته في الشارع الطرابلسي، وهذا المناخ أدى الى خلق مناخ معركة انتخابية حقيقية في عاصمة الشمال.

ولعل الهاجس الوحيد لدى التحالف السياسي الطرابلسي هو التشطيب، ليس خوفاً على الأعضاء السنّة الـ19، في لائحة طرابلس التوافقية، بل خوفاً على المرشحين المسيحيين الثلاثة والمرشحين العلويين الذين سيؤدي غياب أي منهم إلى ضرب التنوع الذي تتميز به عاصمة الشمال من جهة، وتوفير الفرصة لإحدى اللائحتين المنافستين لإحداث خرق جزئي من جهة ثانية.

وتعتبر هذه الانتخابات أيضا محطة اختبار لـ «مشهدية معراب» التي جمعت بين «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» اللذين يحاولان فرض نفوذهما في معظم المناطق المسيحية، وفي مقدمتها القبيات التي تشهد «أم المعارك» بين الحليفين الجديدين وبين تحالف النائب هادي حبيش والوزير الأسبق مخايل الضاهر، وكذلك في تنورين ضد ابن البلدة الوزير بطرس حرب، وفي كثير من البلدات والقرى المسيحية، لا سيما في الكورة وزغرتا.

ويعني ذلك أيضا أن «تحالف معراب» جاء لـ «يرد الإجر» الى زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية في ملعبه وبين جمهوره، والذي سيكون أمامه تحد كبير في بعض البلدات التي يخوض فيها معارك ضد «التحالف» ليؤكد من خلالها، أنها تبقى لأهلها ووفية لزعمائها، وأن للشمال خصوصيته المسيحية، وأن فرنجية المرشح الرئاسي يبقى الأقوى والأكثر تأثيراً شمالاً، بعدما جرّب حظه في المحطات الانتخابية على غير أرضه (زحلة وجونية تحديدا)، ولم يُكتب له الفوز!

الأخبار
التبانة تقترع لخليل عكاوي
“إحدى نقاط ضعف لائحة التوافق في الإنتخابات البلدية في طرابلس كانت تهميش المناطق الشعبية عن التمثيل. شعور بالغبن تولّد لدى أبناء هذه الأحياء وإحساس بأنهم مجرد وقود لتأجيج الفتن. أمام الإعلام هم ملتزمون لائحة، لكن «خلف الستارة» سيتذكر الكثيرون منهم الشهيد خليل عكاوي ويقترعون لابنه عربي.

صباح، إمرأة خمسينية من منطقة التبانة. تفرض حضورها في مكتب قائد المحور السابق سعد المصري. هو لم يكن موجوداً، «شباب الشهيد خضر المصري» حاضرون للقيام بالواجب… وأكثر. يتعاملون بلطف مع زوارهم. يعلو صوت مازن حين يتلكأ أحدهم في دراسة لوائح الشطب تحضيراً للإنتخابات الإختيارية.

يعود إلى هدوئه مُتذكراً «في بيناتنا بنت»، مُعتذراً عن فورة أعصابه «ولكن هناك عمل». هم يُدافعون عن لائحة «لِطرابلس» التوافقية التي يدعمها الرئيس السابق للحكومة، نجيب ميقاتي، فيما صباح، التي ترتدي الأسود، تصرخ: «بلا ضمير كلّ مين بحط اللائحة. نحن نريد أناس مثقفين». يُحاولون التخفيف من حنقها، فليس من مصلحة أحد أن يظهر حديث كهذا أمام الصحافة. لا تلين. تقف واليد التي تحمل كيس نايلون أسود خلف ظهرها، فيما اليد الأخرى ترسم إشارات وهي تتكلم. «هني هلّق صاروا يحبوا بعضن؟ ما في شي هون. العالم قاعدين لا شغلة ولا عملة». هو انتقام مشروع من سياسيين أداروا ظهورهم للمنطقة تاركين خلفهم قبائح أعظم من أن تُحتمل. الوفاء يتجلّى لدى صباح بانتخاب عضو البلدية الحالية، عربي عكاوي. «عيب علينا ما نوفي بيّو (الشهيد خليل عكاوي). لَكَن مين بدنا نحطّ، تبع (النائب ميشال) عون؟ بدنا نجيب ناس ما منعرفن؟».

أبناء «باب الذهب» (سابقاً) هم أبناء الفقر حالياً. ثروتهم ومصدر قوتهم يكمنان في طيبتهم واندفاعهم. وعليهما استند السياسيون الذين قبضوا على قرار أبناء المناطق الشعبية. هذه المنطقة «المنحوسة» تحولت من أغنى منطقة في طرابلس إلى أتعسها. شارع سوريا حيث كان المركز التجاري والصناعي لطرابلس، أصبح خطّ تماس يفصل بين قادة محاور ومقاتلين لا يعرفون كيف كانت تبدأ المعارك ولا كيف تنتهي. جُلّ ما يُدركون «أننا لسنا دواعش ولن نعود إلى حمل السلاح. لسنا نحن من كان يفتح الحرب بل الأجهزة الأمنية». يقول «المسؤول الإعلامي» لـ«شباب الشهيد خضر المصري»، مهدي إنّ «الهدف كان ضرب اقتصاد المدينة والجهل هنا ساعد السياسيين على ذلك». ابن الـ25 عاماً يدرس المعلوماتية ويملك محلا لبيع الهواتف الخلوية، يُشرف على إعداد اللوائح الإنتخابية: «نحن لدينا 6000 صوت سنُجيرهم لمصلحة (الرئيس نجيب) ميقاتي لأنه رجل إنمائي ساعد التبانة. أنا كنت أسمع سعد (المصري) يقول إن ميقاتي مثل أبيه». إلا أنّ معلومات تتحدث عن أنّ أبناء التبانة سيخرقون لائحة التوافق بثلاثة أسماء: عكاوي، أحمد المرج ومحمد مطر.

أنصار ميقاتي في التبانة يحاولون تحييد تيار المستقبل عن سهامهم، لأنه حليف اللائحة حاليا، «والحمدلله رب العالمين». لذلك، يصبّون جام غضبهم على وزير العدل أشرف ريفي. «دعمنا (ريفي) وقال إن قادة المحاور هم أولاده ثم وقّع الخطة الأمنية واعتبرنا ارهابيين». يعتقدون أنّ المعركة في البلدية هي «بين سعد الحريري وأشرف». بعض الزعماء يُنادَون هنا بأسمائهم الأولى.

النقمة في التبانة على اللائحة التوافقية ناتجة بشكل أساسي من استبعاد عربي عكاوي عن تركيبتها، بحجة عدم ضمها لأعضاء من المجلس البلدي الحالي. «أنا جايب وحدي 21 ألف صوت. ما يربحوني جميلة»، يقول عكاوي. يجلس عربي في مملكته يحيط به أعضاء ماكينته: عدد من الرجال الداعمين له… دجاجات وبط وشجرة زنزلخت يتفيأ بها الحاضرون. يؤمنون أن عكاوي «حالة اعتراضية ستُفاجئ الجميع. قد لا يربح، ولكن المفاجأة ستكون في الأرقام التي سيُحققها». عربي يبدو غاضباً وهو يقول «كنا ندفع الثمن في زمن المعارك وفي الإنتخابات يطلبون منا أن نُصفق. يوم الاثنين لن تجدي أحدا من السياسيين هنا. نحن الناخب الأكبر «بعد البلد» ويحق أن نكون ممثلين لا أن يختاروا أناساً سجلاتهم في التبانة وهم لا يعرفون طرقاتها». قليلاً، ويصل مرشح لائحة التوافق بسام طرابلسي مع مجموعة من الشباب لـ«يُسلّموا». يضحك أصدقاء عكاوي حين يُغادر الوفد: «كل اللي معو بينتخبوا معنا». و»معنا» تعني أبناء التبانة الذين يرون في عربي وريثاً (سياسياً إلى حد ما) لوالده الشهيد خليل عكاوي، الماركسي الإسلامي الذي قاد المقاومة الشعبية في سبعينيات القرن الماضي وثمانيناته، ثم اغتيل عام 1986. وثمة قناعة عامة هنا بأن الاستخبارات السورية تقف خلف الجريمة التي لا تزال حاضرة بقوة في وجدان أهل المنطقة.

في التبانة 80 ألف نسمة وقرابة الـ53 ألف ناخب. تتألف من عدّة أحياء، أبرزها بعل محسن. الفقر في «البعل» أقرب إلى ذاك الموجود في المدن الساحلية الأخرى، منه إلى البؤس المنتشر في باب التبانة. البعل هو منطقة الطائفة العلوية التي يمثلها حالياً الحزب العربي الديمقراطي. قبل يوم واحد من الإنتخابات يشعر أبناء جبل محسن بغبن شبيه بما يعبّر عنه جيرانهم في التبانة. لم يؤخذ برأي مجلسهم المذهبي (الإسلامي العلوي)، ولا استُشير الحزب الاكثر نفوذاً بينهم. كل القوى المؤثرة في طرابلس، من ميقاتي إلى الحريري والصفدي والآخرين، يريدون أصوات العلويين، لكنهم يخشون غضب «الشارع الطرابلسي»، أي جمهورهم المنتمي إلى الطائفة السنية، إذا ما تبنوا مرشحين قريبين من الحزب وقائده رفعت عيد. «الوجدان» نفسه يحضر هنا. دماء كثيرة سالت على طرفي خط التماس الشهير، وخاصة في جولات العنف التي فاق عددها العشرين منذ عام 2008. القوى السياسية المتعاقبة على «حكم» طرابلس لم تفعل شيئاً لتخفيف حدة العداء بين جبل محسن وباقي أهل المدينة. على العكس من ذلك، غّذت الحقد، ومدّته بالسلاح والمال. ثم يخرج السياسيون قبل الانتخابات ليقولوا: نريد الحفاظ على التمثيل العلوي في المجلس البلدي، لكن، من دون أن نستشير من يؤيده العلويون. كيف سيرد الحزب العربي الديمقراطي؟ يقول عضو المكتب السياسي في الحزب، علي فضة، إن قرابة العشرة آلاف علوي يقترعون في الإنتخابات، «ونبحث في إمكانية أن نصوت للمنفردين من التبانة والجبل». الأخ الأصغر لطرابلس، كما يصف فضة بعل محسن، «مُهمش بسبب موقفنا السياسي المعلن. لا يُراهن أحد أننا سنلين. سنُكمل من دون أن نحتك مع الآخر».

سيُفاجئك أبناء باب التبانة وجبل محسن بلطفهم وابتساماتهم المرحبة، محطمين الصورة النمطية التي تناقلتها وسائل الإعلام عنهم طوال سنوات الاقتتال. أطفال يركضون بين الأزقة. رائحة اللحم المشوي تزكم الأنوف. الشوارع تزدحم ببسطات الخضار والفواكه وآثارها تلتصق بالأرض. كلّ الأحكام المسبقة و»التوصيات» بالإنتباه من «الإرهابيين»، تنتفي بمجرد أن ترى أول بناية «استشهدت» في جولات الحرب بين باب التبانة وجبل محسن، وسكانَها. الشظايا لم تصب الجدران وحسب. الكثير منها ارتد ليصيب القلوب.

اللواء
السباق إلى البيت الأبيض في بيروت: عقوبات على حزب الله وليس على الشيعة!
لمّ شمل إسلامي في طرابلس.. و«الثنائية المارونية» تواجه العائلات في أقضية الشمال
“يمكن وصف يوم أمس، بأنه «يوم البوصلة الشمالية»، في شمال لبنان، تحسم غداً الخارطة الأخيرة للاحجام والاوزان البلدية، وتكتب صناديق الاقتراع بالحبر السري فصولاً من الديمقراطية اللبنانية، على طريقة الائتلافات والتحالفات، والصوت الواحد بعدة أصوات من الـ9 إلى الـ24 وفقاً لعدد أعضاء المجلس البلدي، حيث لكل مواطن الحق في وضع لائحة تساوي عدد أعضاء البلدية التي ينتمي إليها، ومن الشمال الأميركي، وصل مسؤولان اميركيان، أحدهما معني بملف الاستخبارات المالية بما في ذلك العقوبات التي فرضتها الخزانة الأميركية بتشريع من الكونغرس على حزب الله وكياناته المالية والإعلامية والمؤسسات المرتبطة به، وهو نائب وزير الخزانة دانيال غلايزر، والثاني معني بالطاقة الدولية من غاز ونفط بشكل رئيسي، وهو مُنسّق شؤون الطاقة اموس هوكستاين.

ولم تقتصر لقاءات المسؤولين الأميركيين على من يناظرهما من مسؤولين لبنانيين، فزار غلايزر كلاً من الرئيس نبيه برّي وتمام سلام، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العائد قبل أيام من زيارة إلى الولايات المتحدة، فضلاً عن اجتماع مطوّل مع جمعية المصارف اللبنانية المعنية بتنفيذ العقوبات على حزب الله، سواء عبر نظام التحويلات أو الودائع أو الحسابات الجاري فتحها أو اقفالها.

وبين الحدث الشمالي اللبناني الذي لم يسقط الاهتمام بمسار عملياته الاقتراعية غداً كمحطة أخيرة من محطات إنتاج مجالس بلدية واختيارية، نظراً لطبيعة التحالفات القائمة في هذه الدورة من الانتخابات من الائتلاف السياسي الواسع في طرابلس لإيصال لائحة «لطرابلس» وترقب المواجهة بين الثنائي الماروني (عون – جعجع) وسائر الزعامات الشمالية الممثلة بعائلات فرنجية – معوض – حرب – ضاهر، حبيش، غصن ومكاوي في الأقضية المسيحية من البترون إلى زغرتا وعكار عبر قضاءي بشري والكورة، وبين طبيعة المهمة التي جاء من أجلها الموفدان الاميركيان في خضم أهداف موضوعة سلفاً للزيارتين بعضها مالي – نقدي تتعلق باحكام الحصار على «حزب الله» وعلى قيادته وفي مقدمها أمينه العام السيّد حسن نصر الله، واقصاء روسيا والاتحاد الأوروبي والدول الصناعية السبع الأخرى عن الثروة النفطية والغازية اللبنانية، لاعتبارات تعرفها الأجندة والدبلوماسية الأميركية، بما وصف بالسباق إلى «البيت الابيض» في تشرين الثاني المقبل.

وما توقفت عنده الاوساط اللبنانية شبه الرسمية هو هذا التزامن بين المعارك المندلعة والمحتدمة في كل من العراق وسوريا طلباً لرأس «داعش» عبر السلطة الشرعية في العراق ومعها الحشد الشعبي وحلفاء الولايات المتحدة من المعارضة السورية، لا سيما وحدات سوريا الديمقراطية الكردية الممولة والمدربة اميركياً، والضغط على حزب الله في لبنان والذي تصنفه الولايات المتحدة بأنه تنظيم إرهابي، فضلاً عن البحث مع المسؤولين اللبنانيين في كيفية التعاطي مع الثروة النفطية والغازية عند الحدود البحرية المشتركة مع قبرص وإسرائيل، وما يمكن ان يكون دار في المفاوضات العلنية والسرية في ما خص دور لبنان في مكافحة الإرهاب، والذي يمكن ان يكون اشراك المدير العام للأمن العام، مؤشراً ملموساً عليه.

ووفقاً لهذه الأوساط، فإن المعلومات الوافدة إلى بيروت من دوائر القرار الأميركي، تتحدث عن خطة تقضي باخراج الأوروبيين والروس من الشرق الأدنى وربط دوله لا سيما العراق وسوريا والأردن ولبنان، فضلاص عن إسرائيل بعجلة المصالح الاميركية قبل الانتخابات الأميركية، بهدف الحؤول دون وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى الرئاسة الأولى.

وكشفت هذه الأوساط إلى ان مقاربة لمهمة غلايزر وما سمعه من كل من الرئيسين برّي وسلام يصب في: ان لبنان ملتزم بالقانون الدولي، وأن التشريعات التي سنها العام الماضي مجلس النواب لمكافحة تبييض الأموال والإرهاب تتلاقى مع التشريعات الدولية على هذا الصعيد، وأن «حزب الله» يمثل شريحة واسعة من المجتمع اللبناني، وهو ممثّل في الحكومة والبرلمان والمجالس البلدية المنتخبة، وبالتالي فلا يجوز حمل الدولة اللبنانية على الاقتصاص من شريحة من شرائح المجتمع اللبناني.

وأوضح المسؤول الأميركي لمن التقاهم من سياسيين ومصرفيين وامنيين ان قانون العقوبات الأميركي لا يستهدف الشيعة، لكن العقوبات على حزب الله أمر آخر، مؤكداً على رفض أية تحويلات لأي قيادي في حزب الله عبر أي مصرف بالدولار الأميركي.

وفي ما خص الإجراءات اللبنانية، تولت جمعية المصارف، بعد حاكم مصرف لبنان، شرح آليتها لغلايزر، في ضوء تعاميم المصرف المركزي رقم 37 وتعديل التعميم 83 لجهة تحقيق في أية تحويلات حولها شبهات، ولاي شخص كان لاحالتها إلى هيئة تحقيق خاصة في مصرف لبنان ضمن مهلة زمنية، بحيث لا يتم اقفال أي حساب من دون رأي هذه الهيئة، شرط ان يكون هناك أدلة ذات ثقة على أي اجراء.

ولم يخف غلايزر ثقته بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي وصفه «افضل حكام المصارف المركزيين في العالم» (تصريح لتلفزيون L.B.C.I ليل امس).

الا ان مصادر أخرى لم تتقاطع معلوماتها مع الأوساط الرسمية قالت ان غلايزر نقل رسالة للمسؤولين بالغة الحساسية، إذ طلب بما لا يقبل مجالاً للاجتهاد، وعلى مسمع القائم باعمال السفارة في بيروت ريتشارد جونز، من وزارة المال اللبنانية تعاوناً كاملاً في موضوع تنفيذ العقوبات على حزب الله وكياناته.

وذكرت هذه المصادر من دون ان تتوافر لـ«اللواء» تأكيدات لمعلوماتها ان الزائر المالي الأميركي لوح بأن بلاده ستلجأ إلى اجراء من شأنه ان يؤثر سلباً على الاقتصاد اللبناني في حال تخلفت الدولة عن تطبيق قانون الكونغرس الأميركي من خلال إخراج لبنان من منظومة الدول التي تتعامل بالدولار في العالم، الأمر الذي من شأنه ان يُشكّل ضغطاً على الليرة فتتغير قواعد صرف العملة المعمول بها منذالعام 1992.

بلديات الشمال
في الشمال، اكتملت الاستعدادات اللوجستية والإدارية لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية غداً، وانحصرت المنافسة على بلدية طرابلس بين 138 مرشحاً يتوزعون على اللائحة الائتلافية القوية المدعومة من الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي والجماعة الإسلامية والنائب محمد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي، ولائحة المجتمع المدني المدعومة من الوزير أشرف ريفي، فضلاً عن اللائحة التي يرأسها النائب السابق مصباح الأحدب والتي تحتل المرتبة الثالثة من حيث حظوظها، فيما بلغ عدد المرشحين لبلدية الميناء 96 مرشحاً يتنافسون على 21 مقعداً و43 مرشحاً لبلدية القلمون المؤلفة من 15 عضواً.

وبدا واضحاً من خارطة التحالفات واللوائح، أن الشمال، بما فيها محافظة عكار، سيشهد غداً معارك شديدة الصعوبة، والتعقيد والحساسية، وضعت فيها القوى السياسية ثقلها رغم أنها تخوض معاركها بشعارات إنمائية، في حين أن الكل بات يُدرك أن معارك الشمال هي معارك أحجام وأوزان، ولا سيما الثنائية المارونية في مواجهة تيّار «المردة» الذي يخوض الانتخابات البلدية بالتحالف مع الزعامات التقليدية الشمالية والحزب السوري القومي الاجتماعي والعائلات.

ومع أن معظم الترجيحات تميل إلى أن اللائحة التوافقية في مدينة طرابلس، ستفوز بأغلبية الأصوات وبفارق كبير عن اللائحة الثانية التي يدعمها الوزير ريفي، فإن البعض يعوّل على إمكانية خرق اللائحة الأساسية، ويجهد في سبيل تحقيق هذا الهدف، في حين بدت حظوظ اللائحة الثالثة ضئيلة، بالنظر إلى أن أصوات هذه اللائحة ستكون من نفس الكتلة الشعبية التي يمثلها الوزير ريفي.

عدا عن طرابلس والميناء، فإن معارك الشمال تتركز أساساً في مراكز الأقضية، ولا سيما في عكار حيث تبرز معارك في كل من القبيات وحلبا ورحبة وعندقيت، لكن الأعنف هي في القبيات، حيث تتنافس لائحتان: الأولى يدعمها النائب هادي حبيش (عضو كتلة المستقبل) والنائب السابق مخايل ضاهر، والثانية مدعومة من «القوات اللبنانية» و«التيار العوني».

واتخذت معركة القبيات طابعاً حاداً عندما استقبل الدكتور سمير جعجع اللائحة الثانية في معراب، مخاطباً أعضائها قائلاً بأنه يريد الانتقال بالقبيات من الزبائنية إلى الإنماء، مما استدعى رداً من النائب حبيش الذي اتهم البعض بتحويل المعركة إلى سياسية بدل أن تكون إنمائية، نافياً أن يكون تيّار «المستقبل» يتدخل في انتخابات القبيات.

في الموازاة تبرز معركة بشرّي التي تخوضها لائحتان، الأولى قواتية خالصة والثانية لعائلات المدينة، ولا سيما عائلتي طوق وعيسى الخوري، ومدعومة من النائب السابق جبران طوق.

أما في البترون، فالمعركة الطاحنة ستدور رحاها في تنورين بلدة الوزير بطرس حرب، الذي يخوض الانتخابات في لائحة برئاسة بهاء حرب في مواجهة لائحة ثانية بدعم من الثنائي الماروني، في حين أن «القوات» استنكفت عن معركة البترون المدينة وتركت رئيس البلدية مارسيلينو الحرك المدعوم من الوزير جبران باسيل خوض معركته في مواجهة مرشحين منفردين بما يضمن له الفوز براحة.

في الكورة ثلاث معارك أساسية في أنفه وكفرعقا وكوسبا، ويخوضها تيّار «المردة» بقوة بالتعاون مع نائب رئيس المجلس فريد مكاري والحزب السوري القومي الاجتماعي في مواجهة تحالف جعجع وعون.

وتبدو معركة أنفة مرتاحة بالنسبة لمكاري في حين تبدو صعبة في كوسبا بالنسبة «للمردة» التي تخوض معركة بشخص النائب السابق فايز غصن والعائلات، وعلى «المنخار» في كفرعقا، ومرتاحة للقوميين في أميون.

البناء
تصعيد تركي أميركي بخلفية كردية… والجعفري: كشفنا المفجّرين للأمم المتحدة
ميقاتي حصان طرابلس الرابح… والأميركيون في بيروت للحرب المصرفية
لارسن يَعِد مصرفياً كبيراً برئاسة حكومة سورية الجديدة مقابل قيادة العقوبات
“انتقلت التناقضات في الحسابات بين أنقرة وواشنطن حول دور الأكراد، وخصوصاً المقربين من حزب العمال الكردستاني في سورية، وخصوصاً قرب الحدود التركية إلى العلن مع كلام تركي رسمي عن نفاق أميركي مرفوض، وتمسّك أميركي مقابل بالحرب على داعش بقيادة كردية ومشاركة أميركية علنية، بعدما يئست واشنطن من قبول تركيا والسعودية بالانخراط في مشروع تسلّم الجغرافيا السورية الخاضعة لسيطرة داعش، تحت عنوان الحرب على الإرهاب، بدلاً من العناد على دفع جماعاتهما للتموضع مع جبهة النصرة وحصر معاركهما بمقاتلة الجيش السوري، والسعي لإسقاط الرئيس بشار الأسد وهي أهداف لا يخفي الأميركيون يقينهم بأنها باتت مستحيلة التحقق، وأن وضعها كأولويات يضيع الفرص المتاحة ويهدر المقدّرات ويصبّ الماء في طاحونة استفراد سورية وروسيا وحلفائهما بعنوان الحرب على الإرهاب، بينما يمكن لمسابقتهما في هذه الحرب تحسين الوضع التفاوضي، ولاحقاً توسيع الحصة في تكوين الدولة السورية.

على خلفية هذا التلاسن التركي الأميركي تواصل واشنطن حرب الرقة التي تراوح مكانها دون تقدّم يذكر، بينما يحافظ الجيش السوري وحلفاؤه على وتيرة منتظمة للتقدم في جبهات أرياف حلب وغوطة دمشق، وتظهر أنقرة والرياض في خلفية مشهد الإرهاب الذي يستهدف سورية، خصوصاً مع التفجيرات الإرهابية التي طالت الساحل السوري بتخطيط من غرفة عمليات مشتركة في أضنة يتشارك فيها السعوديون والأتراك مع كل جماعات تنظيم القاعدة، فيما أعلن سفير سورية الدائم في الأمم المتحدة ورئيس وفدها المفاوض في جنيف الدكتور بشار الجعفري، أن البعثة السورية في نيويورك قد سلّمت لمعاون الأمين العام للأم المتحدة ما يكفي من معلومات ووقائع تكشف هوية منفذي التفجيرات.

في وجه آخر من وجوه التداخل بين الحرب في سورية والحرب على المقاومة، تحت مسمّى العقوبات المالية الأميركية على حزب الله، يزور المسؤولون الأميركيون بيروت لتفقد مسارات حربهم وإصدار تعليماتهم للمشاركين فيها، خصوصاً بعدما سبقت مصارف لبنانية حدود الطلبات الأميركية، فيما كشفت معلومات مصدرها نيويورك أن الناظر الأممي تيري رود لارسن للقرار 1559 الذي غادر هذا المنصب لحساب معاون الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان لمواصلة الحرب الدبلوماسية للقرار ضد المقاومة تحت عنوان حل الميليشيات، سيتفرغ لمهمة إعادة إعمار سورية بتكليف من معاون الأمين العام فيلتمان، والمهمة وفقاً للمعلومات تقوم على كيفية تفخيخ سورية اقتصادياً وسياسياً تحت عنوان التسوية وإعادة الإعمار، وأنه في هذا السياق بمعونة أصدقاء لبنانيين مشتركين قد التقى مراراً بمصرفي لبناني كبير، لا يزال يحمل الجنسية السورية، وتفاهما بمباركة فيلتمان على ترشيح هذا المصرفي السوري اللبناني لرئاسة حكومة إعمار سورية، مقابل توليه قيادة الحرب المالية على حزب الله والبيئة الحاضنة للمقاومة، وهذا ما به بدأت مصارف لبنانية، وفي طليعتها المجموعة المصرفية التي يقودها.

لبنانياً، تتجه الأنظار شمالاً لمتابعة آخر حلقات الانتخابات البلدية، وخصوصاً عاصمة الشمال طرابلس، حيث يبدو الرئيس نجيب ميقاتي حصان السباق الرئيسي وتبدو اللائحة الائتلافية التي طالما قادها تيار المستقبل تحت قيادته، بينما يخوض الوزير أشرف ريفي والنائب مصباح الأحدب معارك أرقام بوجه الرئيس سعد الحريري.

هل يكتفي غلايزر بالصيغة التطبيقية؟
واصل نائب وزير الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب دانيال غلايزر على المسؤولين لمتابعة موضوع قانون العقوبات الأميركية. واجتمع برئيس الحكومة تمام سلام يرافقه القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان السفير ريتشارد جونز، كما التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وعقد غلايزر اجتماعاً مع جمعية المصارف برئاسة جوزف طربيه ركز على التدابير التي اتخذها البنك المركزي في سياق الالتزام الصحيح والعادل بقانون العقوبات الأميركية. وشدد غلايزر في لقاءاته على ضرورة الالتزام بتطبيق القانون الصادر عن الكونغرس لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، ويشمل عقوبات على حزب الله ومَن يساهمون في تغذيته مالياً على حدّ قوله، كما لفت انتباه السلطات اللبنانية إلى ضرورة عدم التساهل مع أي إجراءات قد تساهم أيضاً في تمويل داعش.

وتأتي أهمية زيارة غلايزر إلى لبنان أنها أول زيارة لمسؤول بهذا المستوى معني مباشرة بالملف، بعد صدور المراسيم وبعد زيارات الوفود اللبنانية النيابية والوزارية إلى واشنطن، وبعد السجال الذي حصل بين حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف من جهة وحزب الله من جهة. ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أنه على «ضوء لقاءاته يمكن رسم خريطة طريق لكل المشهد المرتبط بهذه العقوبات وتفاعلاتها الداخلية». ورجحت المصادر أن تسير الأمور بخطى هادئة وموزونة.

واشارت مصادر متابعة للقاءات التي عقدها أن «زيارة غلايزر هي للاستطلاع والرصد والتحقق كيف يطبق لبنان قانون العقوبات الأميركي. ولفتت المصادر إلى ان لبنان امام احتمالين الأول: أن يكتفي غلايزر بالصيغة التطبيقية التي اعتمدها لبنان والتي صدرت عن هيئة التحقيق الخاصة. والثاني: أن يرى في القرار ثغرات تتطلب أن ينقلها إلى الخزانة الأميركية لسدّها».

وأكدت مصدر مطلعة على لقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووفد حزب الله الوزير حسين الحاج حسن والنائب علي فياض والنائب السابق أمين شري أن التعميم الذي صدر يوم الخميس يعاني من مشكلتين: الأولى تتعلق بمهلة الثلاثين يوماً القصيرة، من منطلق أن مراجعات كثيرة قد تأتي وتغرق هيئة التحقيق الخاصة من دون أن تتمكّن الأخيرة من الإجابة على جميع الملاحظات والمراجعات، عندها يمكن للمصرف أن يتصرّف دون انتظار الجواب. المشكلة الثانية تتمثل في المفعول الرجعي الذي حدّده التعميم في الثالث من أيار في حين انه يجب أن يغطي كل الحالات السابقة لأن BLOM BANK أخذ إجراءاته قبل شهر أيار، عندما كان الكونغرس يناقش القانون.

وعلمت «البناء» أن «وعوداً تلقاها حزب الله من الحاكم المركزي بأن تعالج هذه النقاط، لكن التعميم صدر بهذه الطريقة»، مشيرة إلى أن ما صدر هو إبلاغ لأنه صادر عن هيئة التحقيق الخاصة وهو أقل قيمة من التعميم الذي يصدر عن المصرف المركزي.

بري لهوكوشتاين: لبنان لن يتنازل عن حقوقه
ولم يحجب العقوبات الأميركية على حزب الله الاهتمام عن زيارة منسق شؤون الطاقة الدولية آموس ولقائه المسؤولين السياسيين. وقالت مصادر مواكبة للملف لـ«البناء» إن «الوفد الأميركي برئاسة هوكوشتاين هو الوفد الأميركي الثالث الذي يزور لبنان جاء على غرار الوفود السابقة لطرح مبادرات تصبّ في مصلحة الكيان الصهيوني وإنهاء النزاع بين لبنان وإسرائيل على تحديد المنطقة الاقتصادية التي تبلغ مساحتها 850 كيلومتراً مربعاً لمصلحة إسرائيل»، موضحة «أن توقيت زيارة هوكوشتاين بمثابة إعلان نيات أميركية لخدمة المصالح الإسرائيلية في المنطقة».

وعلمت «البناء» «أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أكد أمام المسؤول الأميركي أن لبنان لن يتنازل عن حقوقه في المنطقة الاقتصادية وركز على وساطة الأمم المتحدة في هذا الملف».

واستبعدت المصادر أي تقدم في هذا الملف بل سيبقى في دائرة الجمود في ظل الوضع الملتهب في المنطقة الذي يمنع أي جهة داخلية أو خارجية أن تضع يدها على نفط حوض البحر الأبيض المتوسط لا سيما أن الولايات المتحدة تعتبره بمثابة آبار احتياطية لها واستثماره يجب أن يمر عبرها وبموافقة حليفتها إسرائيل».

ولفتت المصادر إلى «أن النفط في لبنان يكتسب راهناً أهمية جديدة ذات طابع دولي، لأن النفط البحري له امتداد بري إلى القاع وبعلبك مروراً بالآبار المكتشفة منذ أسابيع في القصير امتداداً إلى الشاطئ السوري – فدير الزور والقامشلي»، ولفتت إلى «أن أحد الأهداف الرئيسية للحرب السورية وضع الولايات المتحدة يدها على النفط في المنطقة إن كان بشركاتها مباشرة أو عبر شركات أوروبية تخضع لها».

معركة تحديد الأحجام في طرابلس
على صعيد الانتخابات البلدية في الشمال، قالت مصادر طرابلسية مطلعة لـ «البناء» «إن لائحة «لِطرابلس»، هي الأقوى حضوراً والوازنة سياسياً ومالياً وستحصد أغلبية المقاعد البلدية، أما لائحة قرار طرابلس المدعومة من الوزير أشرف ريفي فتتألف من مجتمع مدني ومن مقربين من ريفي».

وأشارت المصادر إلى أن الرئيس نجيب ميقاتي اعتمد طريقة الرئيس سعد الحريري التقليدية ذاتها، التي تجعله الأقوى انتخابياً باعتماد ماكينة من آلاف الشباب والشابات يكفي أن يصوتوا هم وعائلاتهم للائحة بمعدل عشرة أصوات لكل مندوب حتى يتحقق الفوز لأغلب أعضاء اللائحة.

وإذ أوضحت «أن الانتخابات في طرابلس تحولت إلى معركة تحديد أوزان وأحجام القوى السياسية ومن يمتلك قرار المدينة وليست معركة إنمائية». اعتبرت المصادر نفسها «أن ريفي لا يملك وزناً شعبياً وسياسياً كبيراً في طرابلس كما يصوّر، وهو يواجه وحيداً القوى الكبرى في المدينة، فلديه أزمة مع المستقبل ويخوض معركة مع الحريري».

إغراءات لـ«ـ2022»
وأضافت المصادر «أن اللائحة المدعومة من النائب السابق مصباح الأحدب ضعيفة ولا فرصة لديها للخرق بأحد المقاعد، لكنها اللائحة الوحيدة التي قدّمت برنامجاً إنمائياً للمدينة، أما لائحة «طرابلس 2022» تضم مجموعة من الشباب الجامعي المثقف والمتعلم ويحملون شهادات في جميع الاختصاصات ولديهم رؤية علمية وطموحة للنهوض بطرابلس وتعرّضوا لإغراءات من جميع القوى الطرابلسية لا سيما من ميقاتي والأحدب للانضواء في لائحتيهما، لكنهم رفضوا وقرروا الترشح بلائحة مستقلة».

المستقبل يستقوي بميقاتي
وأكدت المصادر تراجع شعبية تيار المستقبل في طرابلس والانتخابات البلدية ستثبت ذلك، وكما حصل في بيروت اضطر الحريري مكرهاً للتحالف مع القوى الأخرى لتجنب الهزيمة فعل الأمر نفسه في طرابلس، فخلافه مع ريفي دفعه للاستقواء بميقاتي والتظلل بمظلته الانتخابية، أما ريفي بحسب المصادر، فيدعم معن كرامي ضد الوزير فيصل كرامي المتحالف مع ميقاتي والمستقبل.

وأوضحت المصادر أن «الجماعات الإسلامية المتطرفة لا وجود لها في المدينة بل استخدمت في مراحل سابقة من قبل المستقبل، ولاحقاً من ريفي، للتجييش المذهبي في معاركهما السياسية، حيث اقتنع حزب التحرير بعضو اختياري في أحد أحياء المدينة، بينما تعمل بعض الجهات على استمالة أصوات جبل محسن».

أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فالتقى في معراب وفد لائحة «أهل القبيات»، وأكد في المناسبة أن «المعركة عنوانها الأساسي الانتقال بالقبيات من الزبائنية إلى الإنماء». في المقابل أشار النائب هادي حبيش إلى «أنّ هناك من يحوّل المعركة البلدية في القبيات إلى معركة سياسية، وهذا يعبّر عن ضعفه في إدارته»، مؤكداً ألا علاقة لتيار المستقبل بهذه المعركة. واعتبر حبيش أنّ «من الخطأ تصوير المعركة في القبيات وكأننا ضد التوافق المسيحي ».

أما في تنورين، فتدور معركة حاسمة بين لائحة تنورين بتجمعنا المدعومة من التيار الوطني الحر والقوات ويرأسها العميد المتقاعد أيوب حرب، ولائحة قرار تنورين المدعومة من تيار المستقبل وتيار المردة وحزب الكتائب ووزير الاتّصالات بطرس حرب ويرأسها بهاء حرب. واعتبر الوزير حرب من تنورين أمس «أن ما نشهده في هذه الانتخابات نشوء تحالفات هجينة بين القوى والأحزاب السياسية المعطلة للانتخابات الرئاسية، أو الساكتة عنها، للقضاء على ما تبقى من أصوات حرة مستقلة متمسكة بالنظام الديمقراطي وبدور المؤسسات المنبثقة من إرادة الشعب اللبناني».

Please follow and like us: