علقت بعض الصحف ولادة الحكومة العتيدة إلى العام المقبل، فيما البعض الآخر ربطها بـ”الزيارات” المتسلسلة التي يقوم بها الرئيس المكلف إلى القصر الجمهوري. لكن القضية البارزة اليوم، كانت التلويح الأميركي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعصا “العقوبات”. ويبدو من الإفتتاحيات أن مصير “الحاكم” لم يعد مهماً بنظر واشنطن (وثمة من قال أنه مبغوض من باريس،رغم أنه عرض عليها أن يتولى المصرف المركزي الفرنسي التدقيق الجنائي في حسابات مغارة مصرف لبنان !). ولا يفاجئ المواطن النبيه بهذه التهديدات فقد أدى الحاكم سلامة ما هو مطلوب منه في منصبه الوظيفي، وتولى لعشرات السنين وضع عنق النظام المالي اللبناني تحت البلاطة الأميركية (ـ “الإسرائيلية”). وإذا صحت هذه المعلومات عن نية الولايات المتحدة معاقبة سلامة، فلا يسعنا إلا أن نقول : هكذا تعامل الولايات المتحدة عملاءها.
هيئة تحرير موقع الحقول
الثلاثاء، 16 ربيع الثاني، 1442، الموافق 01 كانون الأول، 2020
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
رسالة «مؤتمر باريس» غداً: تجاوز الطبقة الحاكمة والتشكيك بدورها!
«التدقيق الجنائي» في صلب دبلوماسية الضغط المالي الأميركي.. ولا أجندة واضحة للقاء التأليف
غداً، يوجه مؤتمر «المساعدات الانسانية» الباريسي، الذي ينظمه قصر الاليزيه، باشراف مباشر من الرئيس ايمانويل ماكرون، اكثر من رسالة، لعلَّ اقساها: سحب الثقة، او الاهلية بمؤسسات السلطة القابضة على مقدرات الامور، وبرموز الطبقة السياسية (ولا حاجة للتفصيل)، والمضي بالتشكيك بأمانة هؤلاء لرعاية مصالح الشعب اللبناني، الذي سحب الثقة بهم، تحت شعار «كلن يعني كلن» في انتفاضة 17 ت1 (2019)، وما تلاها من تظاهرات، واعتصامات، واحتجاجات.
والرسالة الثانية، هي ان المجتمع الدولي، ليس بوارد التخلي عن الشعب اللبناني وتركه الى مصيره..
وبصرف النظر عن تراتبية سلم الأولويات لدى الرؤساء والوزراء والمسؤولين، تدقيق جنائي، أم تشريع، أم حكومات على «غير الطريقة اللبنانية»، فإن الرئيس ميشال عون يشارك عبر تقنية الفيديو في المؤتمر الذي تنظمه فرنسا، بالتعاون مع الامم المتحدة، ويلقي كلمة، يتطرق فيها للواقع اللبناني، والتزامه بالمبادرة الفرنسية.
وعلمت «اللواء» انه يجري تحضير كلمة الرئيس عون وستنتهي اليوم، وهي تركز على عرض واقع لبنان وحاجاته، ولم يُعرف ما إذا كان عون سيطالب اموراً محددة من المؤتمرين. لكن فهم ان المداخلة الرئاسية ستتناول الاوضاع التي يشهدها لبنان من جميع النواحي، وشرحاً مفصلاً عن الاسباب التي آلت اليها هذه الاوضاع.
ولم يستبعد مصدر لبناني مطلع ان يحض المؤتمر الانساني على الاسراع في تشكيل الحكومة في المؤتمر الدولي حول المساعدات للبنان.
وقال مصدر مطلع ان باريس ابلغت مَنْ يعنيه الامر ان لا بأس ان تنسق وزيرة الدفاع وثانية رئيس حكومة تصريف الاعمال زينة عكر تنسيق هذه المساعدات، مع الجانب الفرنسي لا سيما السفير بيار دوكان، المعني مباشرة بتنسيق مؤتمر المساعدات.
الحكومة: جمود ولا تأليف قريباً
حكومياً، لم تشهد الحركة الحكومية امس، اي خرق، فاللقاء المتوقع بين الرئيسين في بعبدا لم يعقد لكن مصادر مطلعة اوضحت لـ «اللواء» انها تتوقع حسم ايجابي للملف في وقت معقول.
واشارت هذه المصادر الى ان هذه «الكربجة» الحاصلة في الملف الحكومي من الصعوبة ان تعالج، لان القواسم المشتركة لم تصل بعد الى النقطة المطلوبة.
واكدت مصادر بيت الوسط لـ«اللواء» ان لا جديد حول تشكيل الحكومة، او حول زيارة الحريري الى بعبدا.
وفيما نفى المكتب الاعلامي في رئاسة جمهورية اي دور لرئيس «تكتل لبنان القوي» النائب جبران باسيل في عملية التشكيل، جدد التأكيد ان تشكيل الحكومة يتم بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ولا دور لأي طرف ثالث فيه.
وكشف الرئيس بري انه سلَّم الرئيس المكلف تشكيلة اسماء من 20 مرشحاً شيعياً للتوزير (جميعهم من الاختصاصيين) ولا علاقة لهم بحركة «امل»، تاركاً للحريري خيار اختيار اسمين من التشكيلة، وهم من الشخصيات المقبولة من المبادرة الفرنسية.
وحسب رئيس المجلس: ليس المهم زيارة الرئيس المكلف الى بعبدا، انما الاهم هو الاتفاق، والخروج بتشكيلة وزارية.. مع الاشارة الى ان الوزارات المقترحة، او المثبتة للشيعة هي: المال، الاشغال، العمل، التنمية الادارية.
وذكر النائب السابق، والقيادي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش، ان الرئيس الحريري سيزور في الساعات القليلة المقبلة قصر بعبدا، حيث سيقدّم رؤيته للحكومة العتيدة بالاسماء والحقائب، وهو بذلك يمارس دوره على اكمل وجه.واكد علوش ان الاتجاه نحو حكومة اختصاصيين، الامر الذي تم الاتفاق عليه سابقا في خطوطه العريضة.
وعن موقف الثنائي الشيعي، قال علوش: هذا ايضا ما تم التفاهم بشأنه مع الرئيس نبيه بري، وان الحريري لم يحاور حزب الله بهذه القضية، بل اتفق مع الرئيس بري حول تأليف حكومة اختصاصيين.
التدقيق الجنائي
وفي ما خصَّ التدقيق الجنائي، الذي يعتبره الرئيس عون قضية شخصية، يتابعه مباشرة، ولا يرى حرجاً بذلك، وفي اطار متابعة القرار الصادر عن مجلس النواب، احالت رئاسة الجمهورية الى رئاسة مجلس الوزراء ظهر امس نص القرار الذي صدر عن مجلس النواب في شأن «اخضاع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة بالتوازي للتدقيق الجنائي دون أي عائق او تذرع بسرية مصرفية او خلافها».
وطلبت رئاسة الجمهورية المبادرة الى اتخاذ الإجراءات القانونية والعملية في موضوع التدقيق المحاسبي المركز على حسابات مصرف لبنان والجهات ذات الصلة وفقاً لقرار مجلس الوزراء الرقم 3 تاريخ 26/3/2020.
ونقلت صحيفة «وول ستريت» في تقرير لها ان مسؤولين اميركيين وحلفاء يرون إن الرقابة الضعيفة في مصرف لبنان ساعدت على انتشار الفساد الذي ذكر في سلسلة من العقوبات الأميركية. وقال المسؤولون إن مصرف لبنان كان محوريا في تمويل الجماعة المصنفة بالإرهابية لدى أميركا وهي حزب الله بما في ذلك هجمات ضد حلفاء أميركا. وهناك أدلة غذت القلق، منها وثائق اطلعت عليها الصحيفة وتكشف أن مصرف لبنان سمح لحسابات معروفة لحزب الله في بنك خاص وظلت سارية حتى بعد طلب الولايات المتحدة إغلاقها.
واعتبر المسؤولون الأميركيون إن سلامة أغلق بعض الحسابات التابعة لحزب الله بناء على طلبهم، إلا أن قدرة الحزب على الوصول إلى النظام المالي جعلته يزدهر. واوضح المسؤولون اللبنانيون إن أزمة لبنان تعطي فرصة لعمل ما كافحوا من أجله في الماضي وهو استخدام الدبلوماسية المالية لتقييد تأثير حزب الله وإصلاح النظام السياسي الفاسد.
وذكر المسؤولون الأميركيون إنه لا حزمة إنقاذ دون تدقيق شامل وتطبيق السياسات التي يطلبها صندوق النقد الدولي. ورأى المسؤولون السابقون والحاليون أنه بدون تدقيق شامل فلا يمكن تقييم المشاكل المالية اللبنانية بما فيها معرفة إن كان مصرف لبنان لديه احتياط من العملة الأجنبية لمنع العملة اللبنانية من الانهيار وبالتالي زيادة التضخم.
وحسب التقرير اياه، فإن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة رفض التعليق على اسئلة الصحفية منكراً الاتهامات عن علاقته بالفساد وحزب الله.
وقف المفاوضات
الى ذلك، اقفلت ابواب المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، واعلن عن تأجيل الاجتماع الذي كان مقرراً غداً الى موعد لاحق، لاسباب لم تعرف، وسط التطورات التي طرأت بعدما حدد لبنان حصته في المنطقة الاقتصادية الخالصة والحدود البحرية وفق خرائط جديدة رفضها وفد العدو الاسرائيلي وطرح خرائط تقضم مزيداً من مساحة حدود لبنان. فيما زارت السفيرة الاميركية دوروثي شيا رئيس المجلس النيابي نبيه بري امس، ولم يرشح شيء عن سبب الزيارة ولا مضمونها الذي تكتمت عليه اوساط عين التينة.
وحسب معلومات «اللواء» فإن الجانب الاميركي هو وراء طلب تأجيل التفاوض لكن رئيس الوفد جون ديروشر ابلغ لبنان رسمياً انه سيزور بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين، في مسعى منه لمعالجة الخلافات التي نشأت بين الوفدين اللبناني والاسرائيلي.
وقال مصدر عسكري لبناني لـ«فرانس برس» «تبلّغنا رسمياً تأجيل جلسة المفاوضات غير المباشرة، واستبدالها بجلسة خاصة مع الجانب اللبناني»، من دون تحديد الأسباب، لافتاً إلى أن الجانب الأميركي هو من طلب التأجيل. وأوضح أن الدبلوماسي الأميركي ديروشر، الذي يضطلع بدور الميسّر في الجلسات، سيحضر الى بيروت في موعد الجلسة.
وأضاف «يمكن خلالها استكمال النقاشات او محاولة إيجاد أرضية مشتركة». وجاء الاعلان اللبناني بعد اتهام وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس في العشرين من الشهر الحالي لبنان بأنّه «غيّر موقفه بشأن حدوده البحرية مع إسرائيل سبع مرات»، محذراً من احتمال أن تصل المحادثات الى «طريق مسدود».
وقبيل استلام ادارة الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن مهامه الدستورية في 20 كانون الثاني المقبل، نُقل عن السفيرالاميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان ان التركيز الاميركي المقبل، بعد التركيز على الملف النووي الايراني، سيطرق الى بناء «اطار عمل لمفاوضات الحدود البحرية».
ونقل عن فيلتمان ان لبنان ليس على جدول اعمال السياسة الخارجية الاميركية الجديدة.
وفي تطور ذي دلالة تحدثت قناة «الحدث» عما اسمته «أنباء متضاربة عن نقل مجموعة اميركية من قاعدة رياق شرق لبنان الىبيروت» لكن مصادر عليمة علقت: «الوضع عادي».
50٪ إلى المدارس
وفي اليوم الاول، بعد اعادة فتح المدارس، انسجاماً مع اعادة فتح البلد انطلقت امس المدارس الرسمية والخاصة في رحلة جديدة من التعليم المدمج بعد انتهاء فترة الإقفال القسري بسبب جائحة كورونا، وسط مخاوف من الاهالي وعدد من الجمعيات المدنية من هذه العودة لا سيما ان الجائحة مستمرة وبوتيرة عالية رغم الاقفال مما دفع البعض الى اعتبار العودة الى المدارس مجزرة وجريمة كبرى، وهو ما نفاه وزيرا التربية الدكتور طارق المجذوب والصحة الدكتور حمد حسن حيث اكدا ان منظمة الصحة العالمية اوصت في المرحلة الثالثة بفتح المدارس كما ان وجود الاطفال في المدارس سيكون آمناً اكثر من البيت لا سيما ان نسبة نقل العدوى عند الاطفال منخفض جداً كما اثبتت التجربة المنصرمة.
وعادت شوارع بيروت مع انتهاء فترة الاقفال لتزدحم من جديد، واتخذت المدارس الرسمية والخاصة سلسلة اجراءات وقائية اعتمدت على الكمامة الالزامية والتباعد الاجتماعي تحت مراقبة الهيئة التعليمية والادارية واخذ الحرارة عند الدخول الى المدرسة، ولكن الازدحام امام بعض المدارس اثناء الدخول والخروج وايضاً اثناء التنقل في الباصات رسم عدة مخاوف، لا سيما ان كثيراً من الاهالي لم يرتدوا الكمامة اثناء اصطحاب اولادهم الى المدرسة،واعتمدت الادارات بتوجيهات من وزارة التربية على تقسيم الصفوف التي يزيد عدد طلابها عن 15 طالباً ولم تسمح للطلاب الذين يعانون من الانفلونزا او الكريب من الدخول اليها .
وعزا وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن العودة الى المدارس بأنها تنسجم مع توصية عدد من المؤسسات الصحية الدولية بابقاء التلامذة في المدارس، مشيرا الى ان الاصابات عند الاولاد دون العشر سنوات لا تتجاوز 3٪، تم تسجيلها منذ بداية الجائحة.
وبرر وزير التربية في الحكومة المستقيلة في مؤتمر صحفي اعتماد خيار التعلم المدمج لمراعاة الاوضاع الصحية والتربوية والنفسية، في ظل غياب مقومات التعلم عن بعد خصوصا الانترنت وعدم توفر الاجهزة الالكترونية لجميع الطلاب، ولعدم خسران العام الدراسي.
127903
صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها امس عن تسجيل 1000 اصابة جديدة بفايروس كورونا، و14 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد الى 127903 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط الماضي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
واشنطن تُلوّح بعقوبات على مصرف لبنان!
ترسيم الحدود: تهديدٌ أميركيّ بوقف المفاوضات
تتصاعد الضغوط الأميركية على لبنان، وهي لم تعد تقتصر على المقاومة أو حلفائها، بل أصبحت «داخل البيت» الأميركي. فبدت لافتة أمس تهديدات أميركية لمصرف لبنان – لا لحاكمه رياض سلامة المحمي من واشنطن – عبر صحيفة «وول ستريت جورنال». العقوبات – إن فرضتها الولايات المتحدة – ليست عقوبات على المصرف المركزي، بل إعلان حربٍ على لبنان بنيّة تدمير اقتصاده الهش أصلاً. فمعاقبة المصرف المركزي تعني عزل لبنان نهائياً عن النظام المالي العالمي.
يمثّل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في نظر الولايات المتحدة الأميركية، «الثقة»، وممنوع تحميله مسؤولية الانهيار المالي والنقدي في البلد. الكلام قالته السفيرة الأميركية لدى لبنان، دوروثي شيّا في حزيران الماضي خلال مُقابلةٍ لها مع قناة «أو تي في»، مُعتبرةً ردّاً على سؤال حول دور سلامة أنّه «لا يصحّ اتّخاذ أي شخص أو مؤسسة ككبش فداء عن انهيار لبنان الاقتصادي»، وأكّدت أنّه يحظى «بثقة كبيرة في المجتمع المالي الدولي». لم تكتف شيا بـ«إعطاء رأيها» بسلامة، بل استنفرت كلّ وسائلها الدفاعية بمُجرّد أن فُتح موضوع إقالته، لتمنع المسّ به. زارت رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسّان دياب، مُعبّرةً بكلّ وضوح عن رفض بلادها استبدال سلامة بحاكم مصرف مركزي آخر. لذلك، حين تنشر «وول ستريت جورنال» تقريراً بعنوان «مصرف لبنان يُؤجّج مخاوف جدّية من الفساد»، يكون ذلك «مؤشّراً» إلى أنّ الضغوط الأميركية على لبنان تتجه إلى المزيد من التشدد. فالمقصود هنا ليس سلامة، ثقة الأميركيين ووديعتهم الاولى في لبنان، بل المصرف المركزي كمؤسسة.
«وول ستريت جورنال» هي الصحيفة التي نشرت خبر فرض عقوبات على رئيس التيار الوطني الحرّ، النائب جبران باسيل، قبل ساعات من إعلان القرار رسمياً. يستحوذ عليها «قطب الإعلام»، روبرت مردوخ، المالك أيضاً لتلفزيون «فوكس نيوز». مردوخ، الأسترالي الأصل، يُصنّف في السياسة يمينياً، ويدعم معنوياً ومادياً حملات الحزب الجمهوري الأميركي. نَشرُ «وول ستريت جورنال» للتقرير عن مصرف لبنان، ليس أمراً عابراً، ولا يُمكن إلّا التعامل معه كـ«جرس إنذار»، وتهديد جدّي. فالمقال نفسه اعتبر أنّ «التهديد بعقوبات مُحتملة، خطوة عادةً ما تُنفّذها واشنطن تجاه أعدائها، ككوريا الشمالية وإيران وفنزويلا»، ولكنّ الولايات المتحدة قرّرت استغلال «حاجة لبنان الماسّة إلى التمويل الطارئ، للمطالبة بالتدقيق الجنائي أملاً في الكشف عن عمليات المصرف المركزي الغامضة». تعترف الصحيفة هنا بأنّ واشنطن تستغل الأزمة اللبنانية، لا بل تعمل على تأجيجها، بهدف انتزاع مكاسب سياسية. ويُسرّب «مسؤولون أميركيون» معلومات عن أنّه لن تتم الموافقة على أي «خطة إنقاذ من دون اعتماد البرنامج الذي يُريده صندوق النقد الدولي. أزمة لبنان توفّر فرصة فريدة لاستخدام الدبلوماسية المالية لكبح نفوذ حزب الله». وينقل التقرير عن «مسؤولين ودبلوماسيين أميركيين وغربيين» أنّ الضغوط على المصرف المركزي «في إطار حملة دولية لمحاربة حزب الله، المدعوم من إيران، ومكافحة الفساد، وتخفيف حدّة الأزمة الاقتصادية والسياسية»، مُتهمين رياض سلامة «بعرقلة التدقيق الجنائي، بالتعاون مع جهات حكومية مُرتبطة مع حزب الله».
بخُبثٍ، اجتزأ التقرير من خطاب الأمين العام لحزب الله، السيّد حسن نصر الله حين أطلّ موضحاً عدم وجود علاقة بين النظام المصرفي اللبناني وحزب الله، نافياً أن يكون الأخير يتسبّب في الضغط على الليرة وخلق أزمة دولار في السوق، لأنّ «حزب الله يأتي بالدولارات إلى لبنان». فاستخدمت «وول ستريت جورنال» هذه العبارة لإيهام الرأي العام الغربي بأنّ «سلامة كان على علمٍ بأنشطة حزب الله المالية»، رغم الإشارة إلى أنّ «سلامة أغلق بعض الحسابات التابعة لحزب الله بناءً على طلب المسؤولين الأميركيين».
طلبت الصحيفة مقابلة سلامة إلا أنّه رفض ذلك، فنقلت عن «المسؤولين الغربيين» أنّ ضعف إشراف البنك المركزي على النظام المصرفي «ساعد في تعزيز الفساد المُستشري». وقد اختارت «أولى الضحايا»، العضو السابق في لجنة الرقابة على المصارف، أحمد صفا، مُتهمةً إياه بأنّه «كان يُسيّر أعمال حزب الله المالية».
التهديدات الأميركية لمصرف لبنان لا يُفترض أن «تُفرح» اللبنانيين المُتضررين من سياسات رياض سلامة التدميرية للمُجتمع والاقتصاد، فمُحرّك واشنطن لم يكن يوماً «مُكافحة الفساد»، لا عبر العقوبات التي تفرضها ولا بالتقارير الإعلامية التي تعاقدت مع قناتَي «ال بي سي» و«ام تي في» لتنشرها. ما هي معايير الفساد التي تعتمدها الولايات المتحدة؟ لماذا هدّدت الحكومة بوقف إقراضها إن أقالت سلامة؟ ألم تكن على اطلاع وثيق على سياسات مصرف لبنان والألاعيب المالية التي ينتهجها، حتى تفاجأت بها، علماً بأنّه لم يبخل عليها يوماً – ولا أي من المصارف التجارية – بمعلومات حول زبائن «مُشتبه فيهم» أميركياً؟
ما تقوم به الولايات المتحدة عبارةٌ عن مشروع خطير، وهي «تُبرّر» قرارها بأنّ «المنظومة الحالية تآخت مع حزب الله إلى درجة أنّها لا تصلح لمواجهته»، لذلك لا حلّ أمامها سوى بترك لبنان ينهار بشكل تامّ، علّها تستطيع فرض نظامٍ جديد وانتقاء «مُمثلين» جُدد لها، بعد أن انتهت «مهمة» المسؤولين الحاليين. هذا الكلام عبّرت عنه مؤخراً دوروثي شيا أمام عددٍ من الأشخاص، من دون أن يُقنعها كلام بعضهم بأنّ «نسبة تأثّر حزب الله من كلّ تلك الضغوطات لا تتعدّى الـ10%، لما لديه من قدرات اكتفاء ذاتي».
الرسالة الأميركية لا تبدو موجهة ضد رياض سلامة، بل هي موجهة ضد لبنان. ومن غير المستبعد أن تكون في إطار التنافس الأميركي – الفرنسي على وراثة سلامة في حاكمية مصرف لبنان، وتهويل بقدرة واشنطن على فرض عقوبات شاملة على لبنان، عبر معاقبة مصرف لبنان (لا حاكمه، لأن معاقبة سلامة تنتهي مفاعيلها «القانونية» العامة، لا الشخصية، بإقالته وتعيين بديل له).
ويوم أمس، كان يوم رياض سلامة في الإعلام الغربي. فعدا عن «وول ستريت جورنال»، شنّت صحيفة «لو موند» الفرنسية هجوماً عليه، عبر نشرها تقريراً بعنوان: «مصرف لبنان، دولة ضمن الدولة لا يُمكن المسّ بها». يأتي التقرير بعد زيارة سلامة باريس لمدّة أسبوع، وإشاعته – عبر مُقرّبين – أجواءَ عن موافقته على مُباشرة المصرف المركزي الفرنسي تدقيقاً جنائياً في حسابات مصرف لبنان. نفى مقال «لو موند» هذه المعلومة، مؤكداً أنّ «بنك فرنسا لا ينوي القيام بأي تدقيق، وهو مُلتزم فقط بتقديم المساعدة التقنية بصفته طرفاً ثالثاً موثوقاً به». وكشفت الصحيفة الفرنسية، بعد اطلاعها على تقرير شركتي «ديلويت» و«ارنست اند يونغ» لسنة 2018، زيادة «مشبوهة في أصول مصرف لبنان بقيمة 6 مليارات دولار بسبب إجراءات حسابية مشكوك فيها»، وأنّ المُدققَين لم يكونا «مُخوّلين الاطلاع على احتياطي الذهب الذي يملكه مصرف لبنان». تصف الصحيفة التدقيق الجنائي بأنّه «عنصر أساسي لإنقاذ لبنان اقتصادياً، ولكنّه يواجه خطر عدم إبصار النور». وتُضيف مصادر فرنسية لـ«الأخبار» أنّ رياض سلامة «لا يوافق على تدقيق خارجي، وهو يدّعي تعامله مع شركات تدقيق تشهد على دقّة حساباته، وهذا غير صحيح. مصرف لبنان لا يتّسم بالشفافية، وسوابقه تدفع الجهات الدولية وصندوق النقد إلى طلب التدقيق الجنائي الخارجي». أما بالنسبة إلى بنك فرنسا المركزي، «فتقديمه المساعدة لا يُعتبر تدقيقاً».
لا يُنكر مُقرّبون من سلامة «الفيتو» الفرنسي عليه، ولكنّهم يربطون بين ما نشرته «لو موند» وأحد مالكيها، ماثيو بيغاس، الذي كان مُدير «لازار» في فرنسا حتى استقالته عام 2019. بصرف النظر عن الخلفيات، تؤكد معلومات «الأخبار» أنّ سلامة خلال زيارته فرنسا «لم يلتق أي مسؤول مالي له علاقة بالملفّ اللبناني»، فالحاكم «فقد ثقة الجهات الدولية به، التي وضعت مواصفات الحاكم الجديد، بأن لا يملك طموحاً سياسياً، وأن يكون مُطلعاً على تفاصيل الإدارة اللبنانية، ويُزوّد الجهات الدولية بالتقارير المالية المطلوبة. والاسم أصبح جاهزاً». التدخل في قرار على هذا القدر من الأهمية الاستراتيجية لا يتوقّف على اختيار حاكم المصرف المركزي، بل يتعدّاه إلى «وضع خطّة جديدة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، على الحاكم الجديد أن يُنفّذها». القرار الخارجي مُتّخذ بعدم «إقراض لبنان حتى ولو شكّل سعد الحريري حكومته، فالمطلوب تنازل سياسي من جانب حزب الله، وإجراء التدقيق الجنائي».
من ناحية أخرى، دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّي اللجان النيابية المشتركة إلى جلسة غداً لدرس موضوع دعم المحروقات والقمح والمواد الغذائية والدواء وتخفيض الاحتياط الإلزامي، بالتزامن مع الجلسة التي يعقدها المجلس المركزي لمصرف لبنان في اليوم نفسه، لمناقشة آليات الدعم في المرحلة المقبلة.
ترسيم الحدود: تهديدٌ أميركيّ بوقف المفاوضات
بناءً على طلب أميركي، مدفوع برغبة إسرائيلية، جرى تأجيل جلسة المفاوضات غير المباشرة بشأن ترسيم الحدود بينَ لبنان وكيان العدو، التي كانت مقررة غداً، من دون تحديد أي موعِد لجلسة لاحقة، بينما جرى التداول بمعلومات عن أن رئيس الوفد الأميركي (الوسيط) جون دو روشيه، سيزور لبنان للقاء المسؤولين فيه، فيما علِمت «الأخبار» أنه سيكون له لقاء أيضاً مع قيادة الجيش. جاء هذا الطلب لافتاً، على وقع مناخات متوترة في الإقليم، علماً بأن مصير التفاوض قد بدأ يترنّح منذ انتهاء الجلسة السابقة، والتي عمدَ الجانب الإسرائيلي من بعدها إلى إطلاق مواقف ضد لبنان يتّهمه فيها بأنه تراجع عمّا تمّ الاتفاق عليه (مقال ميسم رزق).
غيرَ أن اللافِت أكثر هو ما نقلته أمس هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن مصدر رسمي قوله إن «الوسيط الأميركي قرَّر التركيز على إعداد الأرضية للمباحثات المقبلة». من هذه الجملة يُمكن فهم بعض جوانب الزيارة الأميركية. والمقصود بعبارة «إعداد الأرضية»، توفير أجواء للتفاوض ترتاح فيها «إسرائيل»، من خلال ممارسة المزيد من الضغوط على لبنان للتراجع عن موقفه وسقفه التفاوضي.
وما سيقوله السفير الأميركي الآتي إلى بيروت، مهّدت له زميلته، السفيرة الأميركية إلى لبنان، دوروثي شيا، التي زارت أمس رئيس مجلس النواب نبيه برّي. ورغم أن مصادر عين التنية نفت تطرّق السفيرة الى مسألة المفاوضات في الاجتماع، علمت «الأخبار» أن شيا أبلغت كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب، وقائد الجيش العماد جوزف عون، أن المفاوضات قد لا تكون مفيدة في حال أصرّ لبنان على موقفه الأخير، داعية الى وضع خطة عمل جديدة قبل العودة الى طاولة المفاوضات.
وذكرت المعلومات أن السفيرة الأميركية تعتبر أن خط هوف هو خط منصف للبنان، وأن محاولة العودة الى نقاط وخطوط أخرى ستنسف المفاوضات وتضيّع فرصة التوصل الى اتفاق يسمح للبنان باستثمار سريع لثرواته النفطية من أجل مواجهة أزمته المالية والاقتصادية الصعبة.
وفيما نُقل عن رئيس وفد لبنان العميد بسام ياسين قوله إنه لن يتراجع أبداً عمّا عرضه، وإنه مستعد للاستقالة من منصبه، قال مصدر دبلوماسي غربي إن قائد الجيش سيدرس الأمر مع الرئيس عون قريباً جداً. وأعربت المصادر عن خشيتها من إدخال الملف ضمن إطار المزايدات بين القوى اللبنانية المتصارعة اليوم، ما يؤدي الى تعطيل المهمة، لافتة الى أن اتصالاتها الجانبية دلّت على أن توجيهات الوفد المفاوض يتولاها قائد الجيش وأحد الضباط المساعدين له ومستشار مدني هو من السياسيين الناشطين في البلاد. ولفتت إلى أن الرئيس عون لم يعد يتدخل بعد جلسة التوجيهات الأولية.
منذ انتهاء جلسة التفاوض الأخيرة، لم يتوقّف الجانب الإسرائيلي عن تمرير رسائِل في إعلامه يهدّد فيها بفشل الترسيم وتحميل المسؤولية للبنان. وكانَ واضحاً أن العدو استفزّه موقف لبنان برفعه سقفه التفاوضي الى حدّ بعيد، مقترحاً استرداد مساحة تتخطى 2190 كلم مربعاً، بدلاً من مساحة 863 كلم مربعاً. يومها، وفور انتهاء الجلسة، استنفرت السفيرة الأميركية، وقصدت برفقة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش قصر بعبدا للقاء الرئيس ميشال عون للتعبير عن استياء أميركي من الموقف اللبناني المستجد، داعية إلى الالتزام بما «جرى الاتفاق عليه سابقاً»، أي التفاوض على الـ863 كيلومتراً.
في هذا السياق، أشارت أوساط مطلعة إلى أن «لبنان تبلّغ بتأجيل الجلسة منذ نحو أسبوع»، لافتة إلى أن «الإسرائيليين يريدون العودة الى نقطة B23 كمنطلق للتفاوض، وهي النقطة التي تم التوافق على ترسيمها بين «إسرائيل» وقبرص بين العامين 2008 و2010، نتيجة خطأ حصل عام 2007 في الترسيم من قبل لبنان واستغلته «إسرائيل» لصالحها. لذا أتى الطرح اللبناني الجديد بالحصول على مساحة 1430 كيلومتراً إضافية الى الـ 863، ما أثار نقمة الوفد الإسرائيلي.
تقول المصادر إن «هناك أجواءً عند الطرف المقابل تتحدث عن أن استكمال جلسات التفاوض في هذه المرحلة سيدور في حلقة مفرغة بانتظار تبلور سياسة الإدارة الأميركية الجديدة بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض». وبالتالي، فإن هذا التأجيل «لن يكون له تداعيات سلبية الا في حال حصول طارئ معيّن». وفيما لم يتأكد بعد إذا ما كان السفير الأميركي سيلتقي مسؤولين إسرائيليين في هذه الفترة، فإن التوقعات تصبّ في خانة أن «الضغوط على لبنان ستتصاعد في المرحلة المقبلة»، إذ يُمكن أن «تكون إدارة ترامب والإسرائيليون يريدون في الشهرين المتبقيين من عمر الإدارة تحقيق خرق ما من خلال دفع لبنان إلى التراجع عن مطلبه وإعادته الى نقطة التفاوض التي يريد العدو الانطلاق منها». وهنا، تقتضي المصلحة، بحسب المصادر، «التزام لبنان بالسقف الذي وضعه، ومقاومة الضغوط وإلزام الأطراف خلال هذين الشهرين بانتظار الإدارة الجديدة أيضاً، حتى لا نظهر بمظهر المتراجع».
غيرَ أن مصادر أخرى قالت لـ«الأخبار» إن «التأجيل طلبه الأميركيون لأنهم شعروا بأن الجلسات السابقة لم تحقق أي نتيجة، وأنهم في هذا الوقت المستقطع يريدون الاجتماع مع الطرفين اللبناني والإسرائيلي، كل منهما على حدة، لاستكشاف آفاقهما وسقوفهما»، مشبّهة ذلك «بالوساطة التي حصلت على اتفاق الإطار سابقاً، من أجل وضع أسس جديدة للتفاوض».
وبينما كانت حاجة لبنان كما العدو الإسرائيلي الى هذا الاتفاق كبيرة لحاجة كلّ منهما الى الاستثمار في الغاز، أبدت أوساط سياسية مطلعة تخوّفها من أن يكون تجميد التفاوض عامل توتر، يضاف إلى العوامل الأخرى التي تتصل بمناخات أمنية وعسكرية وسياسية دقيقة في المنطقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
إيران تعتبر لقاء نيوم لنتنياهو وبن سلمان وبومبيو مرجعيّة قرار اغتيال شيخ ملفها النوويّ
النصف الثاني من كانون الأول فرصة لتحرّك المسار الحكوميّ بدعم فرنسيّ أميركيّ
ربط نزاع حول ترسيم الحدود عند خط الناقورة… والمعركة حول أنبوب الغاز
حسمت إيران قرارها بالردّ على عملية اغتيال شيخ ملفها النووي العالم الفيزيائي محسن فخري زادة، كما حسمت ما أعلنه وزير خارجيتها محمد جواد ظريف لجهة تحميل لقاء نيوم في السعودية الذي ضمّ وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مسؤولية قرار الاغتيال، وأجمع القادة الإيرانيون على ردّ يكون قوياً وحاسماً، ويطال معاقبة الذين نفذوا والذين خططوا والذين سهّلوا وتورّطوا ببعض الأدوار المساعدة، ما جعل المصادر الدبلوماسيّة المتابعة للتورط الناشئ بعد العملية الحديث عن توقعات مقلقة من تداعيات تشمل اتساع دائرة التصعيد لتطال دول الخليج وكيان الاحتلال على الأقل.
في لبنان محاولة لفهم علاقة تجميد المفاوضات الخاصة بترسيم الحدود، والتوتر الإقليمي، بعدما أعلن قادة كيان الاحتلال إلغاء جولة الغد المقرّرة لمواصلة المفاوضات، واستبدالها بمسعى أميركي على ضفتي التفاوض تحت عنوان السعي لتدوير الزوايا، فيما دعت مصادر مواكبة لملف الغاز والصراعات التي تدور حوله في المنطقة، الى التوقف أمام الصراع الأعمق من ترسيم الحدود حول لبنان والمتصل بصراع الأنابيب التي تنقل الغاز من سواحل المتوسط الى أوروبا، حيث هناك الأنبوب الإسرائيلي الأميركي الذي يضمّ مصر واليونان وقبرص وإيطاليا، ومقابله هناك الأنبوب الروسي الذي يمرّ في تركيا، والذي نجح الأتراك بحمايته من الأنبوب المسمّى بأنبوب بومبيو عبر ترسيم بحري تركي ليبي شطر المتوسط الى نصفين يستحيل العبور بينهما من دون موافقة تركية، وفيما يسعى الأميركيون لضمّ لبنان وثروات الغاز التي سيثبت حقوقه فيها عبر الترسيم الى أنبوب بومبيو، ويشكل دور كيان الاحتلال فيه عائقاً أمام شراكة لبنان يشتغل الروس على ضمّ الغاز اللبناني والسوري في المتوسط الى الأنبوب الروسيّ التركيّ. وتقول المصادر طالما لم يبدأ التفاوض الروسي الأميركي حول أنابيب غاز المتوسط فالمفاوضات على الترسيم التي حققت للبنان تثبيت خطه المعتمد لتثبيت حقوقه كأساس للتفاوض، باتت تعبئة للوقت الضائع.
في المسار الحكومي الذي يتوقع أن يشهد تحريكاً عبر تقديم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري مسودة حكوميّة أوليّة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لا توقعات بإحداث اختراقات جدّية قبل النصف الثاني من شهر كانون الأول الحالي، حيث يراهن الرئيس الفرنسي امانويل ماركون على تحويل الدعم الذي حصل عليه من الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، الى سياسة فعلية عندما يكون المجمع الإنتخابي قد انعقد وأعلن فوز بايدن المرتقب، ووافق الرئيس دونالد ترامب على إجراءات التسليم كما وعد، لتصير أيدي بايدن طليقة لترجمة سياساته الخارجية، بخطوات عملية في الملفات الساخنة، والتي إن لم يكن لبنان بينها أميركياً، ففرنسا تقع في طليعة الاهتمامات لإدارة بايدن، ولبنان بات آخر المواقع التي يتطلع إليها ماكرون لتجديد شباب الدور الفرنسي.
وعشية انعقاد المؤتمر الذي تستضيفه باريس للبحث في تقديم مساعدات انسانية للبنان، حركت التسريبات عن زيارة سيقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري الى بعبدا المياه الحكومية الراكدة.
فقد كشف نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش أمس، أن الرئيس الحريري سيزور بعبدا في الساعات القليلة المقبلة قصر بعبدا، حيث سيقدّم رؤيته للحكومة العتيدة بالأسماء والحقائب، وهو بذلك يمارس دوره على أكمل وجه. وأكد علوش أن الاتجاه نحو حكومة اختصاصيين، الأمر الذي تم الاتفاق عليه سابقاً في خطوطه العريضة.
وعن موقف ثنائي أمل وحزب الله قال: ”هذا أيضاً ما تمّ التفاهم بشأنه مع الرئيس نبيه بري”، مذكراً بأن الحريري “لم يحاور حزب الله بهذه القضيّة بل اتفق مع الرئيس بري حول تأليف حكومة اختصاصيين”.
وتردّد أن الرئيس الحريري كان يجري مروحة مشاورات واسعة بعيداً عن الإعلام خلال الأسبوع الماضي وقد تواصل مباشرة مع بعض القوى السياسيّة للاتفاق معها على أسماء ممثليها في الحكومة وشملت هذه القوى تيار المردة وحزب الطاشناق والحزب الاشتراكي أما الوزراء المسيحيين والسنة فسيحتفظ الحريري لنفسه بحق اختيارهم من دون التشاور مع التيار الوطني الحر، أما الحصة الشيعية فتم التوافق على ممثليها مع الرئيس بري بغياب أي تواصل مع حزب الله، لكن مصادر عين التينة تتكتم على هذه المعلومات.
لكن مصادر مطلعة أكدت لـ”البناء” أن “الفرنسيين نصحوا الحريري بالتريّث والتروي وأن لا يُقدِم على أي خطوة في الملف الحكومي قبل 12 الشهر الحالي موعد اجتماع المجمع الانتخابي الاميركي، إذ إن اجتماع المجمع يحمل دلالات ومؤشرات بأن الولايات المتحدة ستشهد انتقالاً سلساً وسلمياً للحكم بين الرئيسين ترامب وبايدن”.
وشدّدت مصادر الثنائي لـ”البناء” على أن “الثنائي أمل وحزب الله لن يقبلا بأن يصادر أحد اختيار ممثليهما وحتى لو كان الرئيس المكلف”، مشيرة الى أن “لا حكومة من دون التشاور والتوافق مع مختلف الكتل النيابية”. ولفتت الى أن “لا حكومة في الأفق قبل انجلاء حقيقة التطورات الإقليمية وداخل الولايات المتحدة واتضاح المشهد الأميركي وموقع واشنطن المقبل وسياساتها على الساحة الدولية والإقليمية وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط”.
وأكدت رئاسة الجمهورية أن التشكيل يتم بالاتفاق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ولا دور لأي طرف ثالث فيه. وذلك في بيان صدر عن مكتبها الإعلامي نفت فيه أي دور لرئيس “تكتل لبنان القوي” النائب جبران باسيل في عملية التشكيل”، مضيفة “هذه المعلومات كاذبة ولا تمتّ الى الحقيقة بصلة، وهي تتكرّر من حين الى آخر وتعمم من وسيلة إعلامية الى أخرى بتنسيق واضح من جهات معروفة ولأهداف لم تعد خافية على أحد”. كما نفى مكتب باسيل هذه المعلومات مؤكداً أن التيار لم يطلب اي شرط بل طالب بوضع معيار موحّد لعملية التأليف.
وقللت مصادر “البناء” من اهمية الحملة الإعلامية التي تسوّق لمرحلة سوداء مقبلة على لبنان تترجم بانهيار اقتصادي ومالي ونقدي وفوضى اجتماعية ومجاعة، مشيرة الى أن تضخيم الأزمات هي “إحدى وسائل الضغط السياسي والإعلامي على لبنان ليرضخ للشروط والإملاءات الأميركية لا سيما في ملف ترسيم الحدود”.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن مسؤولين وديبلوماسيين في الولايات المتحدة الأميركية وغيرهم من المسؤولين في مجال إنفاذ القانون المالي والدبلوماسي يمارسون ضغوطًا على البنك المركزي اللبناني كجزء من حملة دوليّة لتهميش حزب الله المدعوم من إيران ومعارضة الفساد وتخفيف الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد.
وقال مسؤولون غربيون إن واشنطن وحلفاءها يطالبون منذ أشهر بإجراء تدقيق جنائي للبنك المركزي، ويعتقدون أنه قد يكشف عن أدلة على غسل الأموال والفساد وعلاقات كبار المسؤولين اللبنانيين بحزب الله.
وفي سياق ذلك، أرجأت جلسة مفاوضات ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان والعدو الاسرائيلي التي كانت مقرّرة غداً الأربعاء في الناقورة. وبحسب المعلومات فإن لبنان تبلّغ رسمياً أن رئيس الوفد الأميركي المفاوض جون دو روشيه سيحضر الى بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين. وقالت مصادر معنية بمفاوضات الترسيم إنها “أرجئت الى إشعار آخر بعدما وصلت الأمور الى نقطة تحتاج الى وساطة لإعادة إطلاقها”. واضافت “رئيس الوفد الاميركي سيسعى مع المسؤولين اللبنانيين لخفض سقف الشروط المتصلة بالمساحة المتنازع عليها”.
أما أسباب التأجيل برأي أوساط متابعة لـ”البناء” تعود إلى أن “الاسرائيلي ومعه الاميركي ظن بأنه سيذهب الى الناقورة في رحلة الى حديقة يقطف منها الزهرة التي يريد ويعود سالماً، لكنه ذهب خلاف ما توقع ووجد في الناقورة موقفاً لبنانياً لا يتأثر بالانهيار النقدي والمالي الاقتصادي القائم ولا بالعقوبات على المسؤولين اللبنانيين ولا بالضغط على رئيس الجمهورية بل وجد وفداً يعمل بتوجيهات رئيس الجمهورية والدولة اللبنانية”، ولفتت الى أن ”الوفد أعاد الاعتبار للوثائق المرجعية الثلاث وهي اتفاقية بول نيو كامب واتفاقية الهدنة وقانون البحار، كما عمل الوفد على تثبيت نقطة الأساس على البر كمنطلق للتوجّه نحو البحر كما استعان لبنان بأعلى التقنيات والخبرات القانونية ليفسروا تأثير الجزيرة البحرية على خط الوسط وكل ذلك فاجأ “إسرائيل” التي كانت تعتقد أن طرحها للجزيرة كنقطة انطلاق بحريّة سيؤدي الى قضم أراضٍ لبنانية بمساحة 1430 كلم مربع، ولكن لم يحصل ذلك”.
وتوقعت الأوساط مفاوضات صعبة وشاقة مع الاسرائيلي الذي يقف بين موقعين وخيارين إما أن ينتزع ما يريد من المفاوضات وإما ينسحب منها”. لكن لبنان برأي الأوساط بكافة الأحوال يستند على ثلاثة مرتكزات قوة: الأولى، موقف الدولة المتمثل بموقف رئيس الجمهورية الحاسم وبالمرجعيات الدولية القانونية وبقوة المقاومة وسلاحها القادر على حماية المفاوض والارض والحدود من أي عدوان وقرصنة اسرائيلية”.
وربطت الأوساط ما بين إرجاء المفاوضات وبين التصعيد الاسرائيلي الايراني بعد اغتيال العالم النووي الايراني، إذ شعرت “اسرائيل” بفائض من القوة وأرسلت رسالة تصعيد باتجاه لبنان مفادها بأنها تفاوض من منطلق قوة فرضتها وقائع ميدانيّة جديدة على الارض، وبالتالي على لبنان تقديم تنازلات وإما إلغاء المفاوضات أو تجميدها”.
ودانت وزارة الخارجية اللبنانية جريمة اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة، ودعت جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس تفادياً للانزلاق نحو السيناريو الأسوأ في المنطقة. واعتبرت أنّ من شأن عمليات القتل والاغتيال تأجيج الصراعات وزعزعة الاستقرار وهي جرائم مرفوضة ومدانة في القانون الدولي وفي كافة المواثيق الدوليّة. وتقدّمت وزارة الخارجية بأحرّ التعازي من الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، حكومةً وشعباً، إزاء هذا الاعتداء وتنقل تعازيها الخالصة لذوي الضحايا.
في غضون ذلك، أثار الاهتمام ما كشفه الصحافي في راديو فرانس انترناسيونال بول خليفة في تغريدة على “تويتر” بأن السلطات الفرنسية رفضت طلب لبنان تسليمه صور الأقمار الاصطناعية لانفجار مرفأ بيروت بحجة أن الأقمار لم تكن تعمل في الرابع من آب فوق هذا الموقع. وأكد خبراء عسكريون وأمنيون لـ”البناء” أن “رفض فرنسا تسليم صور الأقمار الصناعية بذريعة تعطل القمر الصناعي يزيد الشكوك ويعزّز فرضية العمل العدواني الخارجي”. وكشفت مصادر “البناء” أن الرئيس عون تواصل مع الفرنسيين عبر قنوات مشتركة للاستفسار عن سبب الرفض الفرنسي فجاء الجواب بالاعتذار عن تسليم الصور لأسباب تقنية.
وتخوّف الخبراء من عمليات أمنية في لبنان (تفجير أو اغتيالات) لضرب الأمن الداخلي للضغط على حزب الله في إطار الصراع المحتدم في المنطقة. وهذه المخاوف لم تكن بعيدة عن حسابات الأجهزة الأمنية المختصة التي بدأت التحضيرات لوضع خطة مشتركة بين مختلف الأجهزة، خصوصاً بعد قرار إعادة فتح البلد واقتراب شهر الأعياد.
وقد رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب اجتماعًا أمنيًا حضره الوزيران محمد فهمي وحمد حسن وقادة الأجهزة الأمنية.
على صعيد آخر، يعقد مجلس إدارة المصرف المركزي اجتماعاً هذا الاسبوع للبحث في مصير الدعم في ضوء تناقص الاحتياطي، ودعا الرئيس بري اللجان النيابية الى جلسة مشتركة غداً لدرس موضوع الدعم والاحتياط الإلزامي.
على خط المواجهة بين مجلس القضاء الأعلى ووزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال العميد محمد فهمي، استدعى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، الوزير فهمي للاستماع الى أقواله حول ما أدلى به في حديث تلفزيوني الخميس الماضي بحق القضاة. وكان مجلس القضاء الأعلى طلب من عويدات في اجتماع استثنائي عقده الجمعة الماضي اتخاذ الإجراءات المناسبة في هذا الخصوص. وكان الوزير فهمي أكد “ألبناء” أنه لن يتراجع عن كلامه ولن يعقد تسوية حبية مع القضاء، مشيراً الى أنه لن يتراجع عما يقتنع به ولن يخشى طالما ينطق بالحق. ودعا فهمي القضاء الى البحث عن مكامن الفساد في صفوفه أينما وجد بدل التركيز على نسبة مئوية معينة. متسائلاً: لماذا يحضر القضاء الى مكاتبهم عند العاشرة صباحاً فيما الدوام الرسمي للموظفين في القطاع العام هو الثامنة صباحاً؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهار
مفاوضات الترسيم معلّقة والوسيط الأميركي إلى بيروت
فتحت البلاد امس وسط مزيد من الارباكات الناجمة عن العشوائية الحكومية في اتخاذ الخطوات والإجراءات التي من شانها إقامة توازن الحد الأقصى بين احتواء موجات التفشي الوبائي لفيروس كورونا مجتمعيا، وموجبات تحريك الدورة الاقتصادية والتجارية في بلد يختنق بانهيارات وازمات مصيرية. وعلى العلل والشوائب الكثيرة التي تكتنف الفتح التدريجي للبلاد، فان الحركة الكثيفة التي سجلت امس عكست الحاجة المتعاظمة لاحياء الشلل الاقتصادي والتجاري فيما بدا في المقابل ان الانسداد السياسي التصاعدي الذي يمنع بل يفخخ الطرق والدروب والوسائل المؤدية الى الافراج عن الحكومة الجديدة لا يزال بلا أي افق واعد بالانفراج.
ولم تقتصر صورة الاجواء القاتمة على المأزق الحكومي العالق بين معادلات الغموض والاشتراطات والرهانات المتشابكة والمتصادمة فحسب، بل ان الصورة الخارجية للدولة برزت في احدى تجلياتها البالغة السلبية من خلال تطورين يتصلان بغياب حكومة فاعلة وحاضرة بكل صلاحياتها واستنفارها وسياساتها الواضحة للإفادة من كل تطور من شأنه الدفع نحو انقاذ لبنان من ازماته الخطيرة. فلبنان الذي تعاود فرنسا غدا تنظيم مؤتمر جديد لحشد الدعم والمساعدات الإنسانية لشعبه، لن تجد الجانب اللبناني الحكومي الفعال الى جانبها لاقناع العالم بتوسيع اطار الدعم بحيث يطاول الاقتصاد العليل والمالية العامة المعدومة. في المقابل ولو اختلفت الظروف والحيثيات في ملف آخر لا يقل خطورة واهمية، فان تعليق جولة المفاوضات الخامسة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل التي كانت مقررة غدا أيضا، لا يشكل نبأ إيجابيا للبنان حتى لو كانت إسرائيل تتلاعب بالتوقيت واللحظة الإقليمية وتستغل الفراغ الحكومي في لبنان. وكل هذا يجري وسط ازدياد منسوب الدهشة لدى اللبنانيين حيال معادلة الغموض “غير البناء” اطلاقا في شأن مسار تأليف الحكومة، حتى ان بعض المراقبين بدأ يتساءل عما اذا كان لا يزال يصح الحديث عن مسار لتشكيل الحكومة وسط هذا الجمود القاتل غير المسبوق الذي يطبع مجمل المشهد السياسي الداخلي منذ أسبوعين على الأقل.
المأزق المستمر
وإذ لم يطرأ أي جديد على المشهد الحكومي المأزوم، ولم تصدر أي إشارة في شأن ما تردد عن زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لقصر بعبدا، بدا لافتا ان تعاود بعبدا التموضع في موقع دفاعي عن موقفها من خلال الرد على تقارير صحافية تناولت دور رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل وتدخلاته الى جانب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في طرح الشروط المعرقلة لمهمة الرئيس الحريري. وفي معرض ردها على هذه الأجواء، جددت رئاسة الجمهورية التأكيد “ان تشكيل الحكومة يتم بالاتفاق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ولا دور لاي طرف ثالث فيه”. وقالت مصادر قريبة من بعبدا ان رئيس الجمهورية لم يطرح او يقترح حتى الآن أسماء وزراء على الرئيس المكلف سعد الحريري وما يشاع عن طرح عون اسم جان سلوم لوزارة الداخلية غير صحيح، مع التأكيد ان رئيس الجمهورية لا يزال يتحدث في المبادئ العامة ولن يطرح أي اسم ولن يقوم الأسماء التي يطرحها الحريري عليه قبل تقديم مسودة كاملة اليه.
وفيما بدأت بعض الأوساط تلاحظ ان الرئيس الحريري يعتمد اعتكافا عن التواصل المباشر مع سائر الافرقاء السياسيين، اكتفى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالقول لـ”النهار” في هذا الصدد “لا اعرف وهو (الحريري) لا يتصل بنا “. وحذر جنبلاط من ان “كل لحظة تأخير في تأليف الحكومة نكون في وضع اصعب وسيزداد الشلل وتتفاقم الازمة الاقتصادية بدءا من الاحتياط الإلزامي الى عدم ترشيد الإنفاق”. واللافت في كلام جنبلاط انه لمح الى “انهم يعملون على خلق عقدة درزية غير موجودة”. ولوح الى انه اذا كان الاتجاه سيكون وفق هذه الطريقة “فمن الأفضل ان نتعاطى مع الحكومة المقبلة كما فعلنا مع حكومة حسان دياب”.
وإذ لم يثبت بعد ما اذا كان الرئيس الحريري سيزور قصر بعبدا في الساعات المقبلة وربط هذه الزيارة بانعقاد مؤتمر الدعم الدولي من اجل لبنان غدا افاد مراسل “النهار” في باريس ان هدف المؤتمر الدولي الثاني لدعم الشعب اللبناني الذي تنظمه باريس غدا بالتنسيق والتعاون مع الأمم المتحدة هو تقييم نتائج المؤتمر الأول الذي عقد في 9 آب الماضي بعد أيام قليلة من انفجار مرفأ بيروت في 4 آب حيث جمع آنذاك 250 مليون يورو للمساعدات الإنسانية والاجتماعية الطارئة. وسيتم الإعلان عن التزامات نحو 35 دولة ومنظمة دولية ستشارك مبدئيا في المؤتمر الدولي الثاني غدا، علما ان المؤتمر ينعقد وسط خيبة فرنسية ودولية عميقة حيال التأخير المتمادي في تشكيل الحكومة الجديدة. ومن المتوقع ان يصدر عن المؤتمر بيان يشدد على وقوف المجموعة الدولية الى جانب الشعب اللبناني وعدم تركه لتداعيات الازمات التي تعصف بلبنان كما سيؤكد مجددا أهمية تشكيل حكومة اختصاصيين بسرعة والتزامها الإصلاحات العاجلة الجوهرية .
ولوحظ في هذا السياق ان رئاسة الجمهورية أحالت امس الى رئاسة مجلس الوزراء نص القرار الذي أصدره مجلس النواب حول التدقيق الجنائي وطلبت “المبادرة الى اتخاذ الإجراءات القانونية والعملية في موضوع التدقيق المحاسبي المركز على حسابات مصرف لبنان والجهات ذات الصلة وفقا لقرار مجلس الوزراء”.
ارجاء الجولة الخامسة
وسط هذه الأجواء تبلغ لبنان امس ارجاء الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة حول ترسيم الحدود البحرية التي كانت مقررة غدا في الناقورة. وذكر انه سيستعاض عنها بتشاور بين الجانبين الأميركي واللبناني في ظل تبلغ لبنان ان رئيس الوفد الأميركي المشارك في هذه المفاوضات جون دو روشيه سيحضر الى بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين واستكمال النقاشات او محاولة إيجاد أرضية مشتركة.
وزارت امس السفيرة الأميركية دوروثي شيا رئيس مجلس النواب نبيه بري من دون كشف أي معلومات عن المواضيع التي تناولها اللقاء. وكان متوقعا ان تتعثر المفاوضات بعدما قدم لبنان طرحا رفضته إسرائيل بانطلاق الترسيم البحري من نقطة رأس الناقورة برا وتجاوز لبنان كل النقاط التي كان تم التوصل اليها سابقا بدءا من المفاوضات مع قبرص وصولا الى المفاوضات مع الولايات المتحدة بما فيها خط هوف. وطالب لبنان بخط جديد يعطيه 1430 كيلومترا مربعا مضافة الى 860 كلم لحظها خط هوف أي ما مجموعه 2290 كيلومترا مربعا. وسيقوم رئيس الوفد الأميركي الوسيط جون دو روشيه بلقاء رئيس الجمهورية وقائد الجيش والوفد اللبناني المفاوض برئاسة العميد بسام ياسين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمهورية
واشنطن: معاقبة الفاسدين لن تتوقف
العناد” يولّد مسودّة صداميّة وباريس حاضرة وواشنطن تسأل عن التأخير
دخل تكليف الرئيس سعد الحريري يومه الحادي والأربعين، ولا مؤشرات الى تَمكّن الحكومة الموعودة من سلوك طريق التفاهم عليها بينه وبين الشريك في تأليفها رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون.
وفي ظلّ هذا الجو، دخل لبنان في شهر كانون الأول، وهو كما هو معلوم شهر يغلب عليه طابع العطلة والأعياد، التي ضاعت أصلاً في المعاناة التي يكابدها اللبنانيون، الذين صاروا محرومين حتى من الشعور ببهجة العيد، فهل تحصل معجزة تقود الرئيسين عون والحريري الى جادة التفاهم، فيفرجان عن الحكومة، ويقدّمانها كهدية تزرع لدى اللبنانيين بعضاً من الأمل بقلب صفحة المعاناة وفتح صفحة الإنقاذ الموعود؟
خيبة وإحباط وأيام صعبة
حتى الآن، لا توضيحات من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف حول المانع الحقيقي لتفاهمهما، وحول ما يوجِب استمرار التخبّط في الملف الحكومي، الذي بات يمثّل مصدر خيبة في كل الدوائر الدولية المهتمة بلبنان، والفرنسية منها على وجه الخصوص، ومصدر إحباط كلّي لجميع اللبنانيين الذين بات يجمعهم أمر وحيد، هو الخوف من أيام صعبة مُقبلين عليها، تمهّد لها سياسة صمّ الآذان المتّبعة على حلبة التأليف، عن تحذيرات خبراء الاقتصاد والمال من الداخل والخارج بأنّ باب النهاية الكارثية يوشِك أن يفتح على مصراعيه، ويُفقد لبنان واللبنانيين حتى قدرة الانحناء أمام نسمات هوائية، فكيف اذا كانت رياحاً وعواصف هوجاء تهبّ عليهم؟!
وما عدا لقاءات متتالية بين شريكي التأليف، أصابت اللبنانيين بملل من دورانها حول نفسها بلا أي طائل، لم يقدّم المعنيون بهذا الملف عنصراً مقنعاً او سبباً موجباً وموضوعياً، يبرّر هذا العبث الذي يُقارَب فيه تأليف الحكومة منذ تكليف الحريري تشكيلها في 22 تشرين الاول الماضي، او يعكس امتلاك هؤلاء المعنيين إرادة مشتركة للنظر إلى احتضار البلد أو للإصغاء إلى صرخات الجائعين، أو للاستفادة من فرصة الإنقاذ التي أتاحتها المبادرة الفرنسية، وتحصين البلد بما يجعله قادراً على امتصاص الصدمات أيّاً كان حجمها وايّاً كان مصدرها، بعيداً من الشعارات الشعبوية والألاعيب الصبيانيّة التي أغرقت البلد، على كلّ تفصيل مهمّاً كان أو تافهاً. وأيضا بعيداً من أيّ مقامرة تدفع بتأليف الحكومة الإنقاذية من تأجيل الى تأجيل!
لشريكان: لا تراجع!
صورة التأليف جامدة هنا، والمتحرّك فقط هو أجواء التشنّج الممتدة من القصر الجمهوري الى “بيت الوسط”، بالتوازي مع احتقان متورّم بين تيار “المستقبل” و”التيار الوطني الحر”. وتسريبات من هنا وهناك بأنّ لا مجال لتراجع أيّ من شريكي التأليف أمام الآخر حول أيّ تفصيل مرتبط بالحكومة الجديدة، فلكل منهما معاييره، التي يبدو أنّها صاغت لدى كلّ منهما ثابتة مفادها “أنّ التراجع والتسليم بمنطق الآخر، معناه الانتحار أو الغاء الذات”!
وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ هذا الإنسداد، بات مسلّماً به لدى غالبية القوى السياسية بانّه محكم الإقفال بعقليتين متصادمتين على حلبة التأليف، ليس ما يجمع بينهما حتى الآن، وذهبتا الى الحدّ الأقصى في تصلّبهما وباتتا أسيرتين له. وعلى ما تقول مصادر سياسيّة مطّلعة على الخلفيات المانعة لتفاهم الرئيسين على الحكومة، فإنّ “العناد هو الحاكم لكلّ هذا المسار، والقشور والسطحيات هي جوهر المشكلة، ولا ترى انّ البلد على وشك أن يفلت من ايدي الجميع. ومع الأسف، كل ذلك يدفع لبنان الى الدخول في حال فراغ وشلل في السلطة الإجرائية اشهراً طويلة”.
قاء تفاهم ام صدام؟
تبعاً لذلك، يتسارع الحديث في مختلف الاوساط السياسيّة عن استئناف وشيك لمسلسل اللقاءات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، إلاّ أنّ الاجواء السابقة للقاء المفترض بينهما في الساعات المقبلة، تنعى سلفاً امكانية تلاقيهما حول نقاط مشتركة، بل وتقدّمه كموقعة صداميّة، تُنذر بارتدادات سلبية، تفتح بدورها المشهد الحكومي على فصول جديدة من الخلاف والصراع لا يُعرف مداها.
فأوساط الطرفين متفقة على انّ الحريري سيقدّم مسودة حكومية الى الرئيس عون، وجزمت اوساط الرئيس المكلّف، انّ الثابت لدى الحريري هو الحكومة الاختصاصية اللاسياسية واللاحزبية التي يحتاجها لبنان في هذه المرحلة، لتشكّل العامل الاساس للإنقاذ، وتمتلك القدرة على استعادة الثقة الداخلية والخارجية بلبنان، وتكون قادرة بثقة على التعاون مع المجتمع الدولي، في ما يحقق مصلحة لبنان وفتح باب المساعدات الضرورية التي يحتاجها انقاذ الاقتصاد واعادة اعمار بيروت”.
في المقابل، اكّدت اوساط قريبة من رئيس الجمهورية لـ”الجمهورية”، انّ عون سيرفض اي مسودة حكومية يقدّمها الحريري من دون التشاور معه، اياً كانت الاسماء التي تتضمنها. ذلك انّ هناك معايير يُفترض ان تكون موحّدة، ويجب ان تراعى بالكامل في عملية تأليف الحكومة.
واستغربت الاوساط إمعان البعض باللجوء الى عملية تمويه حقيقة ما يجري، والهروب الى الامام، بمحاولة زجّ اسم رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل واتهامه بالتدخّل في تأليف الحكومة، لافتة الى انّ باسيل سبق ان اكّد الثقة بموقف رئيس الجمهورية وبما يقرّره، وعلى اساس ذلك يقرّر التيار المشاركة في الحكومة او عدمها. وكان المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية قد اصدر امس بياناً مقتضباً جاء فيه: “التشكيل يتمّ بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف ولا دور لأي طرف ثالث فيه”.
ماذا في المسودة؟
ووسط التكتم الذي يحيط المسودة الحكومية، التي قيل إنّ الحريري قد انجز وضعها تمهيداً لتقديمها لرئيس الجمهورية، تتداول الاوساط السياسية بمعلومات غير مؤكّدة، حول انّ هذه المسودة لا تتضمن ثلثاً معطلاً لأي طرف، وهي مستندة بشكل اساسي على المسودة التي وضعت خلال تأليف حكومة مصطفى اديب قبل اعتذاره، حيث تتضمن مجموعة من الاسماء التي تتمتع باختصاصات نوعية وكفاءات مشهودة، ويفترض الحريري ان تحظى بموافقة كل الاطراف عليها.
وبحسب المعلومات المتداولة، فإنّ من بين الاسماء المتداولة كلاً من: جو صدي – وزارة الطاقة ( يؤيّده الفرنسيون)، كارول خوزاني – وزارة العدل، لينن طحينة – وزارة الثقافة، سليم ميشال اده، شارل الحاج، يوسف خليل – وزارة المال، واضيف اليه اسم وائل الزين، فراس الابيض – وزارة الصحة، عباس الحلبي – وزارة التربية، العميد المتقاعد جميل الجميل – وزارة الدفاع، العميد جان سلوم او العميد نقولا الهبر – وزارة الداخلية (حتى الآن لم يبرز اي اتفاق بين عون والحريري على الاسم، فرئيس الجمهورية يرغب بإسناد الداخلية الى العميد سلوم، فيما يرغب الحريري بإسنادها الى العميد الهبر).
ايجابية .. ولكن!
على أنّ اللافت للانتباه عشية اللقاء، انّه خلافاً للاجواء السلبية الطاغية على المشهد الحكومي، أوحى الحريري بأنّ الأمور ليست سلبية.
وفي هذا الاطار، علمت “الجمهوريّة” انّ الحريري اجرى في الايام الاخيرة حركة اتصالات مكثفة مع جهات سياسية مختلفة، من بينها اتصال اجراه برئيس مجلس النواب نبيه بري، معزياً بوفاة خاله. وكان هذا الاتصال مناسبة للحديث عن ملف التأليف، حيث استفسر بري الحريري عما بلغته اتصالات التأليف، فردّ بالقول ما مفاده “انّ الامور منيحة”. وتقول مصادر المعلومات، انّ بري تمنّى له التوفيق، علماً انّ رئيس المجلس يحث على التعجيل في تشكيل الحكومة، لأنّ حالة البلد ”صارت بالويل”.
حضور فرنسي
وتأتي هذه الحركة المتصلة بالشأن الحكومي، عشية انعقاد مؤتمر الدعم الدولي والإنساني، الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يوم غد الاربعاء، وسط تأكيدات فرنسية بأنّ لبنان لن ينال منه دعماً مالياً، بل اقصى ما يمكن ان يحصل عليه هو تأمين بعض مستلزمات هذا الدعم على الصعيدين الدوائي والغذائي.
وفي السياق نفسه، اكّدت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية، أنّ باريس ما زالت تأمل في تحقيق خرق ايجابي على صعيد تأليف حكومة سعد الحريري في المدى المنظور، وهي في هذا السبيل بصدد تفعيل حضورها اكثر، وذلك استكمالاً لرسالة الرئيس ماكرون الى الرئيس ميشال عون قبل أيّام قليلة.
وإذ لفتت المصادر الى أنّ الإيليزيه يعبّر عن غضب شديد من المنحى التعطيلي الذي يُفتعل امام تشكيل حكومة في لبنان، بما يزيد من الوضع الصعب الذي يعانيه هذا البلد، الذي يضعه الرئيس الفرنسي في صدارة أولويّاته، وهو يتطلّع الى استجابة المسؤولين في لبنان لمضمون رسالة الرئيس ماكرون، والتعجيل في تشكيل حكومة بمهمة محدّدة بوضع لبنان على سكة الاصلاح والإنفراج وانعاش وضعه الخطير.
وعما اذا تعرّض ماكرون لخيبة جديدة من المسؤولين اللبنانيين، لفتت المصادر الديبلوماسية من باريس، الى “انّ المسؤولين في الايليزية وفي الـ” كي دورسي” مشمئزون من لعبة تضييع الوقت التي تُمارس في لبنان، ومن الطبيعي مع استمرار هذه اللعبة اللامسؤولة أن تنتقل باريس الى مرحلة اقسى توازيها”.
واشنطن: لماذا تتأخرون؟
في هذا الوقت، تحدثت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية”، عن استياء اميركي من التأخّر في تشكيل حكومة في لبنان، تبدأ في اتخاذ الخطوات الاصلاحية الضرورية والملحّة التي يطالب بها المجتمع الدولي، وهو ما جرى ابلاغه عبر القنوات الديبلوماسية الى العديد من المسؤولين والشخصيات اللبنانية، مع طرح اسئلة واستفسارات حول الاسباب التي تمنع ولادة الحكومة حتى الآن.
وقالت مصادر مطلعة على الموقف الاميركي لـ”الجمهورية”، انّ واشنطن تنظر بقلق بالغ الى الوضع في لبنان، وكانت لها رسالة واضحة عبر وزير خارجيتها مايك بومبيو، وكذلك عبر السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا، بأنّ الولايات المتحدة الاميركية تتطلع الى تشكيل حكومة لبنانية تكون ملتزمة وقادرة على تطبيق الاصلاحات لمعالجة الوضع الاقتصادي الصعب، وتلبّي متطلبات اللبنانيين وفي مقدّمها وضع حدّ للفساد المستشري، الّا انّ ذلك لم يلقَ استجابة من المسؤولين في لبنان حتى الآن، ويُخشى أن يكون ذلك مؤشراً لعدم وجود رغبة جدّية في إجراء هذه الاصلاحات.
وعمّا يقال عن انّ الولايات المتحدة تلعب دوراً معطلاً في تشكيل الحكومة، قالت المصادر المطلعة: “الولايات المتحدة تعتبر تشكيل الحكومة شأناً لبنانياً داخلياً، وترغب في أن ترى حكومة فاعلة مستقلة، تُجري اصلاحات وتكافح الفساد، والكلّ يعلمون انّ تعطيل الحكومة داخلي، ولكن ثمة اطرافاً تهرب الى الامام بإلقاء مسؤولية التعطيل على واشنطن او غيرها، لإثارة الغبار حول دورها التعطيلي”.
ورداً على سؤال عمّا اذا كانت الولايات المتحدة ستمارس ضغطاً معيناً للتعجيل في تشكيل الحكومة، قالت المصادر: “انّ واشنطن تعتبر انّ على اللبنانيين ان يشكّلوا حكومة تعبّر عن طموحات الشعب اللبناني، واجراء الاصلاحات الهيكلية التي يطالب بها اللبنانيون في انتفاضة 17 تشرين الاول من العام الماضي”.
وعمّا اذا كانت هناك دفعة جديدة من العقوبات، قالت المصادر: “انّ لدى الادارة الاميركية برنامج عقوبات واسعاً ومكتملاً، وبناء عليه فإنّ توجّه الادارة الاميركية لمحاسبة السياسيّين الفاسدين في لبنان سيستمر ولن يتوقف، والدفعة الجديدة من العقوبات قد لا يتأخّر الوقت على صدورها”.
مأزق الاحتياطي والدعم
بعدما تردّد انّ رئيس الجمهورية طلب من حاكم مصرف لبنان في خلال زيارة الأخير الى قصر بعبدا، الاستمرار في دعم المواد الاساسية، دخل امس مجلس النواب على خط الأزمة. فقد دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري لجان المال والموازنة، الادارة والعدل، الاقتصاد الوطني والتخطيط، الصحة العامة، العمل والشؤون الاجتماعية الى جلسة مشتركة قبل ظهر غد الاربعاء لدرس موضوع الدعم والاحتياطي الالزامي.
من خلال تسارُع التطورات، وبعدما تبيّن أنّ المجلس المركزي في مصرف لبنان يميل الى رفض المسّ بالاحتياطي الالزامي، تكشفت الحاجة الى تدخّل سياسي لمواكبة هذا الملف، خصوصاً انّ حاكم المركزي سبق وأعلن انّه لا يرغب في تحمّل مسؤولية قرار بهذه الدقة والخطورة.
وفي المعطيات، انّ دعوة بري سوف تُلزم الكتل النيابية بدراسة الموضوع، لتحديد موقفها. وستكون القوى السياسية بلا شك مُحرجة في هذا الملف، لأنّها في أي خيار ستتخذه، ستتعرّض لانتقادات ولموجة رفض. ومن المفيد التذكير انّ الخيارات المتاحة محدّدة، وكلها مريرة وموجعة، ويمكن حصرها بأربعة خيارات:
اولاً- الاستمرار في الدعم مع التوصية بتقليص لوائح المواد المدعومة.
ثانياً- خفض تدريجي للدعم من خلال تغيير نسب هذا الدعم من 1500 ليرة للدولار، الى 3900 ، في مرحلة اولى ومن ثمّ وقف الدعم.
ثالثاً- تغيير جذري في الدعم وتحويله الى دعم مباشر للمحتاجين من خلال بطاقات تموينية أو تمويلية.
رابعاً- وقف الدعم فوراً، ومنع المسّ بالاحتياطي تحت أي ظرف.
وفي المعطيات، انّ القوى السياسية لن تجرؤ ولن تُقدم على وقف الدعم نهائياً، كذلك لن تجرؤ على التشجيع على تبذير ما تبقى من ودائع، وبالتالي، هناك ترجيحات تشير الى مواقف رمادية سيتمّ اعتمادها، على طريقة “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”.
التدقيق
وفي سياق متصل، لفتت الانتباه امس، أنّ رئاسة الجمهورية احالت الى رئاسة مجلس الوزراء نصّ القرار الذي صدر عن مجلس النواب في شأن “اخضاع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة بالتوازي للتدقيق الجنائي، من دون أي عائق او تذرّع بسرية مصرفية او خلافها”.
ولوحظ في الاحالة الرئاسية، “انّ رئاسة الجمهورية طلبت المبادرة الى اتخاذ الإجراءات القانونية والعملية في موضوع التدقيق المحاسبي المركّز على حسابات مصرف لبنان والجهات ذات الصلة، وفقاً لقرار مجلس الوزراء الرقم 3 تاريخ 26/3/2020. فيما لم تأتِ الاحالة على ذكر سائر الوزارات والمؤسسات والقطاعات الواردة في القرار الصادر عن مجلس النواب.
وعلمت “الجمهورية”، انّ لدى رئاسة الحكومة جملة ملاحظات على القرار في شكله ودستوريته، وقد تطلب احالته الى هيئة الاستشارات والتشريع. ولكن ما هو اهم يمكن ترجمته بالسياسة.
وفي الوقت عينه، ردّت مصادر نيابية على ملاحظات رئاسة الحكومة بالقول، انّ من صلاحية مجلس النواب اصدار قرارات تُرفع الى كل من رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة عملاً بمواد واضحة في النظام الداخلي لمجلس النواب.
ضغوط على البنك المركزي
توازياً، سجلت أمس حملة في صحف أميركية وفرنسية على مصرف لبنان، وقالت “وول ستريت جورنال” أن المسؤولين الأميركيين وغيرهم من الدبلوماسيين والمسؤولين الغربيين عن إنفاذ القانون المالي يمارسون ضغوطاً على البنك المركزي اللبناني كجزء من حملة دولية لتهميش “حزب الله” المدعوم من إيران ومواجهة الفساد وتخفيف الأزمات الإقتصادية والسياسية في لبنان.
ونقلت عن مسؤولين غربيين أن واشنطن وحلفاءها يطالبون منذ شهور بإجراء تدقيق جنائي في البنك المركزي إعتقاداً منهم أنه قد يكشف عن أدلة على غسل أموال وفساد، وروابط لكبار المسؤولين اللبنانيين بـ”حزب الله” ، بما في ذلك في البنك المركزي.
وأضافت الصحيفة الأميركية أن الضغط على البنك المركزي، بما في ذلك التهديد بفرض عقوبات محتملة، وفقاً لمسؤولين غربيين، هو خطوة نادرة تحتفظ بها الولايات المتحدة عادة لخصوم ألداء مثل كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا.
وقالت إن واشنطن وحلفاءها يستفيدون من حاجة بيروت الماسة للتمويل الطارئ، ويطالبون بالفحص على أمل إلقاء الضوء على عمليات البنك المركزي الطويلة الغامضة.
وأضافت إن أصحاب النفوذ في المجالات السياسية والإقتصادية في لبنان عرقلوا حتى الآن الجهود الدولية لإخضاع البنك المركزي لمراجعة شاملة.
ونقلت عن مسؤولين غربيين “إن مِن بين الذين يعرقلون جهود التدقيق محافظ البنك المركزي منذ فترة طويلة ومسؤولون حكوميون مرتبطون بـ”حزب الله”، مما يجعلهم أهدافاً محتملة للعقوبات من الولايات المتحدة وحلفائها”.
وذكّرت بأنه خلال رحلة إلى بيروت في آب، أوضح وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل مخاوف الولايات المتحدة. وقال للصحافيين “هناك كثير من التركيز على البنك المركزي والحاجة إلى مراجعة البنك المركزي حتى نتمكن من فهم ما يحدث بالضبط هناك.”
وعلى رغم أن الصحيفة ذكرت أن الحاكم رياض سلامة رفض مراراً مزاعم التورط في الفساد وتسهيل عمليات مالية لـ”حزب الله”، وأن البنك المركزي كان هدفاً للإحتجاجات، نقلت عن مسؤولين أميركيين إن البنك المركزي “كان له دور محوري في تمويل جماعة “حزب الله”، بما في ذلك الهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها”.
وأضافت أن “الأدلة التي تغذي هذه المخاوف هي سجلات البنك المركزي – التي راجعت صحيفة وول ستريت جورنال نسخاً منها – تُظهر أنها سمحت لحسابات “حزب الله” المعروفة في أحد البنوك اللبنانية الخاصة بالعمل حتى بعد أن طلبت الولايات المتحدة إغلاقها”.
الترسيم
من جهة ثانية، أُعلن امس عن تأجيل الجولة الجديدة من المفاوضات غير المباشرة حول ترسيم الحدود البحرية، التي كانت مقرّرة غداً الاربعاء، ولكن من دون ان يتمّ تحديد موعد لانعقادها.
نقلت وسائل اعلام اسرائيلية عمن سمّته “مصدراً اميركياً رسمياً يلعب دوراً في المفاوضات” قوله: “انّ الطاقم الاميركي الذي يلعب دوراً بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، قرّر التركيز حالياً على القيام بجولات مكوكية بين الجانبين لتمهيد الطريق الى الجولة المقبلة”.
كان لبنان قد تبلّغ بالوسائل الديبلوماسية تمنياً اميركياً بتأجيل جلسة المفاوضات، بناء لرغبة الوسيط الاميركي السفير جون دو روشيه. وقد تبلّغ لبنان خلال عطلة نهاية الاسبوع من السفارة الاميركية في بيروت برغبة السفير دو روشيه بالقيام بجولة على كبار المسؤولين اللبنانيين للتعرف اليهم ومناقشة ما آلت اليه المفاوضات، نتيجة ما يسمّيه الجانب الاميركي بـ “المواقف المتصلبة” للطرفين وتمسك لبنان بموقفه من الخط المقترح لترسيم الحدود البحرية.
علمت “الجمهورية”، انّ دوروشيه سيحضر الى بيروت في الثاني من الشهر الجاري، في الموعد الذي كان مقرراً لاستئناف الجولة الخامسة من المفاوضات، وقد أُعدّ له برنامج الزيارة الذي يبدأ بلقاء مع رئيس الجمهورية، على ان تشمل الجولة مسؤولين حكوميين وعسكريين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأنباء
لا دعم مالي قبل الحكومة ومؤتمر ماكرون إنساني فقط.. وليونة شكلية في التأليف
بعد قرار إعادة فتح البلد بما فيه الأسواق التجارية ومعظم القطاعات، يرتفع من جديد القلق من عدم جدية الإجراءات التي تتخذها الحكومة والوزارات المعنية للحد من أزمة كورونا، والخوف من عدم التزام المواطنين بتلك الإجراءات خاصة في موسم الأعياد، مع ما يعنيه ذلك من تفاقم متكرر للوضع الصحي. وفي غضون ذلك تتجه الأنظار إلى باريس لمعرفة النتائج التي يمكن أن يحققها المؤتمر المخصّص للمساعدات الانسانية الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بالتعاون مع الأمم المتحدة ومجموعة الدول الأوروبية.
الخبير المالي والاقتصادي، نسيب غبريل، أوضح في حديثٍ لجريدة الأنباء الإلكترونية أنّ هدف المؤتمر المساعدات الإنسانية، “ولا علاقة له بالمساعدات المالية والاقتصادية التي يطالب بها لبنان، وهو يتبع المؤتمر الأول الذي دعا إليه ماكرون بعد انفجار مرفأ بيروت. وهذه المساعدات سوف تُرسل مباشرة إلى المحتاجين والمعوزين من الشعب اللبناني، تماماً كما جرى في المؤتمر الأول، ولن يتم التطرق فيه إلى المساعدات الاقتصادية، وذلك لأنها ترتبط بشكل أساسي بتشكيل الحكومة. فالمجتمع الدولي كان واضحاً جداً بأن لا مساعدات مالية واقتصادية للبنان من دون المرور بصندوق النقد الدولي”.
وعن طبيعة هذه المساعدات، أشار غبريل إلى أنّه ليس لديه فكرة حول إذا ما كانت ستكون نقدية أم عينية، “لكنها حتماً ستُعطى للمحتاجين عبر الجمعيات الخيرية والإنسانية والصليب الأحمر، وهي ستوزَّع بالطريقة نفسها التي اعتُمدت في السابق”، مؤكداً مشاركة رئيس الجمهورية ميشال عون في المؤتمر عبر التواصل عن بُعد. ولكن ليس لبنان هو الذي يقرّر حجم هذه المساعدات، مشدداً على أن “المجتمع الدولي كان واضحاً بربط المساعدات بتشكيل حكومة إنقاذ تطبّق الإصلاحات، ومن ضمنها العودة إلى صندوق النقد، وتطبّق الإجراءات التي يتوقّعها الصندوق”.
على صعيدٍ آخر، وبعدما تبلّغ لبنان رسمياً تأجيل جولة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي كانت مقررةً الأربعاء، أوضح رئيس مؤسّسة “جوستيسيا”، الخبير القانوني بول مرقص، في حديثٍ لجريدة الأنباء الإلكترونية أنّ، “على لبنان مراجعة الموفد الأميركي لمعرفة أسباب التأجيل، وعلى هذا الوسيط أن يشرح للبنان العذر الذي دفع إسرائيل لطلب التأجيل. فالوسيط الأميركي التزم بهذه المبادرة، وعليه أن يشير إلى أسباب التأجيل بوضوح، وتحديد موعد جديد، وإلّا يكون التأجيل تعسفياً من الجانب الإسرائيلي، خاصةً وأن ترسيم الحدود البحرية أتى من خلال مبادرة أميركية متكاملة وبرعاية أممية، فمن الضروري تبيان الأسباب التي تُسجَّل على إسرائيل في سجّلها التفاوضي، وتُتخذ قرينة ضدها في العلاقات الدولية، على اعتبار ذلك يؤشّر على سوء نية إسرائيل”.
وفي الشأن الحكومي، وباستثناء البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية لنفي المعلومات المتداولة حول مشاركة طرف ثالث في عملية تشكيل الحكومة، والمقصود به النائب جبران باسيل، حيث قال البيان إن تشكيل الحكومة يكون فقط بالتنسيق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، فإن لا شيء جديداً يؤشّر إلى إزاحة الغمامة السوداء من طريق التأليف الذي ما زالت دونه مطبات وعراقيل كثيرة.
وفي هذا الوقت، أشارت مصادر بيت الوسط لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن الرئيس سعد الحريري ما زال على موقفه في ما خصّ تشكيل حكومة مهمة، وأن زيارته إلى بعبدا لم تؤجَّل، وقد تتم في وقت قريب جداً، وهو مصمّم على تقديم تشكيلته إلى الرئيس ميشال عون. المصادر تحدثت عن بعض الليونة في المواقف، لكنها لم تشأ الإفصاح عن التفاصيل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرق
الجهود الحكومية معلّقة ومفاوضات الترسيم حتى إشعار آخر
فُتحت البلاد وعادت الحياة الى شرايين الاقتصاد والتربية، وسط خشية واسعة من ان تسّد شرايين القطاع الصحي الذي التقط انفاسه على مدى اسبوعين في ما لو لم تطبق الدولة الاجراءات بصرامة ولم يلتزم المواطنون، لكن مسالك تشكيل الحكومة بقيت مقفلة بسواتر الشروط والمطالب وبيانات الاخذ والرد، على رغم الحاجة الملحّة لحكومة يطل بها لبنان على الدول المانحة التي ستجمع لشعبه المساعدات في مؤتمر الدعم بعد يومين. واضيف الى سجل الاقفالات ايضا ملف مفاوضات ترسيم الحدود بعدما ارجئت جلسة الاربعاء من دون تحديد موعد جديد في اشارة غير مطمئنة الى المسار الذي تسلكه والابعاد التي يتطلع اليها البعض من خلف اقفال باب التفاوض ولو موقتاً.
لا تقدم
عشية المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان، الذي دعت إليه فرنسا، غدا الأربعاء، والمخصص للبحث في تقديم مساعدات إنسانية للشعب اللبناني، وسط تساؤل عن مضمون الكلمة التي سيلقيها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ظل الهريان المستشري في الدولة والتمنع عن تشكيل حكومة بعد اربعة اشهر على انفجار المرفأ، وما يمكن ان يخاطب به المجتمع الدولي الذي يحصر مساعداته بالمنظمات غير الحكومية لانعدام ثقته بالمسؤولين في لبنان، في ظل هذه الاجواء، لا يبدو ثمة توجه نحو اي حلحلة سياسية – حكومية.
اطلالة دياب لماذا؟
وليس بعيدا، ادرجت مصادر سياسية معارضة اطلالة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الفريدة لجهة نوعيتها وتوقيتها، بعدما كان طوال فترة رئاسته الحكومة وقبل الاستقالة يتحاشى اي اطلالة الا لتلاوة بيانات رافضا التواصل المباشر مع الاعلام، في خانة تهيئة الاجواء لتمديد فترة عمل حكومة تصريف الاعمال و”التمريك” على الرئيس المكلف لجهة عجزه عن التشكيل في وقت يسرد دياب انجازاته ويعدد مآثره الحكومية. واعتبرت ان خلف الاطلالة ما خلفها من اهداف لا بد ستتكشف يوما ما.
بعبدا ترد
في السياق الحكومي ايضا، وبعد الكلام عن دور لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في عملية تشكيل الحكومة اكدت رئاسة الجمهورية ان التشكيل يتم بالاتفاق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ولا دور لأي طرف ثالث فيه. وذلك في بيان صدر عن مكتبها الإعلامي اشارت فيه الى ان تناقل ”معلومات مختلقة عن مسار تشكيل الحكومة الجديدة، لا سيما الإشارة الى دور لرئيس “تكتل لبنان القوي” النائب جبران باسيل في عملية التشكيل”، مضيفة “هذه المعلومات كاذبة ولا تمت الى الحقيقة بصلة، وهي تتكرر من حين الى آخر وتعمم من وسيلة إعلامية الى أخرى بتنسيق واضح من جهات معروفة ولأهداف لم تعد خافية على احد. وجدد مكتب الاعلام التأكيد ان تشكيل الحكومة يتم بالاتفاق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ولا دور لاي طرف ثالث فيه”.
ارجاء المفاوضات
وسط هذه الاجواء، وفي تطور غير مشجّع، تم تأجيل جلسة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل التي كانت مقررة الاربعاء في الناقورة. وبحسب المعلومات فإن لبنان تبلغ رسمياً ان رئيس الوفد الاميركي المفاوض جون دو روشيه سيحضر الى بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين. وقالت مصادر معنية بمفاوضات الترسيم انها ارجئت الى اشعار آخر بعدما وصلت الامور الى نقطة تحتاج الى وساطة لاعادة اطلاقها. واضافت “رئيس الوفد الاميركي سيسعى مع المسؤولين اللبنانيين لخفض سقف الشروط المتصلة بالمساحة المتنازع عليها”.
بري – شيا
وفي سياق متصل، التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري امس سفيرة الولايات الأميركية في لبنان دوروثي شيا، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة. واشارت مصادر متابعة الى ان اهداف الزيارة غير بعيدة عن قضية توقف المفاوضات اللبنانية- الاسرائيلية لترسيم الحدود الى جانب ملفات اخرى.
لاحتياطي والدعم
اما على الخط المالي، وفي وقت يعقد مجلس ادارة المصرف المركزي اجتماعا هذا الاسبوع للبحث في مصير الدعم في ضوء تناقص الاحتياطي، دعا بري اللجان النيابية الى جلسة مشتركة في العاشرة والنصف من قبل ظهر يوم غد الاربعاء لدرس موضوع الدعم والاحتياط الالزامي.
اما جديد التدقيق الجنائي فبرز على خط احالة رئاسة الجمهورية الى رئاسة مجلس الوزراء نص قرار مجلس النواب في شأنه. وطلبت المبادرة الى اتخاذ الإجراءات القانونية والعملية في موضوع التدقيق المحاسبي المركز على حسابات مصرف لبنان والجهات ذات الصلة وفقاً لقرار مجلس الوزراء الرقم 3 تاريخ 26-3-2020.
كورونا
كورونيا، بدأ امس الخروج التدريجي من الاقفال العام . وفي السياق، وعلى الصعيد التربوي، اكد وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال طارق المجذوب في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الصحة العامة حمد حسن، اكد “استكمال التعلم المدمج الذي يوازن بين البعد الصحي والبعد الاجتماعي”، مشيرا الى انه “سيتم تتبع حالات “كورونا” في المدارس وسيتم إعلان عدد الاصابات في كل مدرسة إيمانا منا بمبدأ الشفافية”.
الاقمار والمرفأ
على صعيد التحقيقات في تفجير المرفأ، كشف الصحافي في راديو فرانس انترناسيونال بول خليفة في تغريدة عبر حسابه على “تويتر” قائلا: “جوابا على طلب لبنان لفرنسا تسليمه صور الاقمار الاصطناعية لانفجار مرفأ بيروت اجابت السلطات الفرنسية أن الاقمار لم تكن تعمل في الرابع من آب فوق هذا الموقع.”
استدعاء فهمي
في ملف قضائي آخر، استدعى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، وزير الداخلية محمد فهمي للاستماع الى اقواله حول ما ادلى به في حديث تلفزيوني الخميس الماضي بحق القضاة. وكان مجلس القضاء الاعلى طلب من عويدات في اجتماع استثنائي عقده الجمعة الماضي اتخاذ الاجراءات المناسبة في هذا الخصوص.
علوش: الحريري سيقدم تشكيلة كاملة
أشار نائب رئيس تيار “المستقبل” مصطفى علوش الى ان “رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري حين يزور بعبدا للقاء الرئيس ميشال عون سيحمل تشكيلة حكومية كاملة، ولكن لا علم لي بموعد الزيارة، وأوضح ان “التشكيلة لو تم تقديمها فهي للتشاور ولكن الحريري هو من يشكل الحكومة، وفي السابق كان هناك احتجاج بأن التشكيلة التي تم تقديمها للرئيس عون لم تكن كاملة، وعليه في الزيارة المقبلة الحريري سيقدم التشكيلة كاملة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نداء الوطن
عون للحريري: “تعا ولا تجي”!
أميركا تضغط على سلامة: معنا أو مع “حزب الله”؟
حدثان منفصلان يلتقيان عند مسار الضغط الدولي المتصاعد لتحقيق الإصلاح في لبنان، سيلقيان بثقلهما على الساحة الداخلية هذا الأٍسبوع. الأول مع انعقاد مؤتمر باريس الدولي بالشراكة مع الأمم المتحدة غداً لاستكمال البحث في المساعدات الطارئة للبنانيين وحثّ السلطة السياسية على الإقلاع عن لعبة التعطيل الهدّامة والإسراع في تأليف “حكومة مهمة” تعمل على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، والحدث الثاني يترقبه المتابعون خلال الأيام المقبلة من واشنطن حيث تواترت معلومات عن اتجاه لإصدار حزمة عقوبات جديدة لن يكون المصرف المركزي بعيداً منها، ربطاً بدوره في عرقلة التدقيق الجنائي واستمراره في تغطية المنظومة السياسية الفاسدة، وصولاً إلى اتهام مسؤولين في مصرف لبنان بلعب دور “مركزي” في تأمين ”بعض الخدمات” المصرفية لـ”حزب الله” المدرج على القائمة الأميركية للتنظيمات الإرهابية.
فمن حيث لم يحتسب حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، دخلت الولايات المتحدة بقوة على خط “التدقيق الجنائي” في حسابات المصرف، موجهةً سلسلة رسائل مباشرة وغير مباشرة إلى سلامة لا تحتمل التموضع الرمادي: “إما معنا أو مع حزب الله”! وتحت هذا العنوان، لاحظت أوساط مالية مواكبة للأجواء الأميركية أنّ التلويح المباشر خلال الساعات الأخيرة بإدراج مسؤولين كبار في المصرف المركزي اللبناني على قائمة العقوبات، وضع الحاكم أمام خيارين: “إما الإصطفاف إلى جانب المجتمع الدولي والمضي قدماً في كشف المستور وتسليم المستندات المطلوبة عن حسابات الدولة للتدقيق بها حتى ولو أدت إلى الإطاحة برؤوس كبيرة، أو الاستمرار في تغطية المنظومة السياسية واعتباره بالتالي اختار التموضع على ضفة هذه المنظومة التي يهيمن عليها “حزب الله” وآثر عدم التراجع عن حماية أركانها”.
وأوضحت المصادر أنّ المقال الذي نُشر في “وول ستريت جورنال” أمس والذي يصوّب مباشرةً على تمويل المصرف المركزي للفساد في لبنان، إنما يبيّن أنّ “الإدارة الأميركية تتبنى بشكل حاسم مطلب التدقيق الجنائي وستضغط بقوة خلال الفترة المقبلة لإنجازه، وهذا التوجه بدا واضحاً على لسان المبعوث الأميركي ديفيد هيل خلال زيارته الأخيرة بيروت حين قال: ”هناك تركيز كبير على المصرف المركزي وعلى الحاجة للتدقيق في حساباته لنفهم ماذا حصل بالفعل هناك”. ولفتت الانتباه في هذا المجال إلى أنّ “مهمة التدقيق الجنائي من المنظور الأميركي تهدف بشكل أساس إلى محاولة كشف النقاب عن كافة المعلومات ذات الصلة باستفادة “حزب الله” من النظام المصرفي اللبناني لتمويل أنشطته، وفي ذلك تذهب واشنطن باتجاه تأكيد تلازم المسارات بين مكافحة الإرهاب ومكافحة الفساد”.
ومن بين المسؤولين المصرفيين الموضوعين تحت المجهر الأميركي، برز اسم أحمد ابراهيم صفا الذي كان يشغل موقعاً في لجنة الرقابة على المصارف في المصرف المركزي وتتهمه الولايات المتحدة بأنه عمل من خلال موقعه على تسهيل عمليات مصرفية لأشخاص متصلين بـ”حزب الله” وكان عنصراً مساعداً في تأمين حركة أموالهم عبر عدة حسابات وعمليات مصرفية. وإذ لا تخفي المصادر خشيتها من “تداعيات هائلة” على النظام المصرفي في لبنان في حال إدراج مسؤولين رفيعين في المصرف المركزي على قائمة العقوبات الأميركية، تؤكد في المقابل أنّ الإدارة الأميركية تبدو عازمة على إحكام الخناق على “حزب الله” لاعتبارات تتصل من جهة بكونه مصنفاً “منظمة إرهابية” على مستوى لبنان والمنطقة والعالم، ومن جهة ثانية بوصفه “حامي المنظومة السياسية الفاسدة في لبنان ولا يريد لها السقوط لكونها تؤمن المظلة الرسمية لسطوته على البلد”.
أما حكومياً، فلا جديد يُعتدّ به خارج إطار حالة “الرهاب” التي يمرّ بها العونيون إزاء احتمال إقدام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على خطوة تقديم تشكيلة اختصاصيين إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ووضعه بالتالي أمام مسؤولياته الدستورية في قبولها أو رفضها، مع ما سيعنيه الرفض من ظهور رئيس الجمهورية في موقع المعرقل لولادة الحكومة الإصلاحية المطالب بها شعبياً والمطلوبة دولياً.
وتحت هذا الهاجس، بدا عون من خلال تسريبات قصر بعبدا الإعلامية خلال الساعات الأخيرة كمن يقول للحريري: “تعا ولا تجي”… بحيث أتى بهذا المعنى تعميم دوائر الرئاسة الأولى أجواء ترحّب من ناحية بزيارة الرئيس المكلف المرتقبة إلى القصر الجمهوري إذا كان الهدف منها “التشارك مع الرئيس عون في وضع التشكيلة الحكومية”، وتحذره من ناحية أخرى من أنه إذا كان ينوي التوجه للقاء عون بغية وضع “تشكيلة أمر واقع تتجاوز المعايير الموحدة فهذا أمر لن يوصل إلى مكان”، مع التشديد على أنّ “العقدة لا تزال في الأسماء، ورئيس الجمهورية ليس بوارد القبول أن يكون مفتاح التسمية بيد الحريري وحده”.
وعلى هذا الأساس جاءت خلاصة الرسالة الرئاسية الإعلامية لتقول للرئيس المكلف: “ليس المهم أن تتوجّه إلى بعبدا أم لا، المهم ماذا ستحمل معك وكيف ستتصرّف؟”.