الأخبار
نكسة حكومية: لبنان إلى الفراغ الشامل؟
«عملية» الجيش في البارد: استعراض أم ردع؟
خلافاً لكثير من الانطباعات التي سادت صباح أمس بأن الأزمة الحكومية صارت على بعدِ ساعات من الحل، أكدت مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن «التعقيدات لا تزال على حالها». وكشفت أن «الساعات الأخيرة من الاتصالات لم تصل إلى أي نتيجة إيجابية في إيجاد مخرج يحول دون استمرار السقوف العالية التي يطرحها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي»، بل على العكس فإن البوادر التي لاحت من زيارة ميقاتي لبعبدا، ومن ثم كلام باسيل بعد اجتماع تكتله النيابي، أكدت حصول انتكاسة حكومية جديدة بعد توقف الوساطة التي عمِل عليها حزب الله والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الأسبوع الماضي.
وكشفت مصادر معنية بالتفاوض أن «باسيل أصرّ أمس على موقفه»، وأن «المشكلة الأساسية العالقة تتعلق بموضوع الثقة. فقد سأل ميقاتي الرئيس عون خلال الاجتماع إن كان التيار سيعطي الحكومة الثقة، فأجاب عون بأنه لا يضمن ذلك، وانتهى الاجتماع».
وكان الرئيس عون قد فتح الباب بحديثه عن أن «تطبيق معايير واحدة هو المدخل الصحيح لإنتاج حكومة فاعلة وقادرة على إدارة شؤون البلاد، وأن حل مسألة التشكيل بسيط جداً، وقد طلبنا من الرئيس نجيب ميقاتي اليوم المساواة بين الجميع والعودة مساءً (أمس) لإصدار المراسيم». لكن التناقض استمر حول حقيقة ما يجري. وأتى كلام باسيل بعد الظهر ليؤكد أن الفرص الأخيرة للتشكيل تُهدر، حاسماً علامات الاستفهام الكثيرة حول حصيلة لقاء عون – ميقاتي بأنها «خالية». فقد رأى أنّ «حكومة فاقدة لصلاحياتها لا يمكن أن تمارس صلاحياتها إلا بالمعنى الضيق»، لافتاً إلى أنّ «الحل اليوم بتأليف الحكومة من خلال الاتفاق والتعاون بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف»، وأضاف «يريدون منّا الثقة للحكومة، رغم أننا لسنا مقتنعين بتركيبة الحكومة ورئيسها ومن دون المشاركة بها». وأشار الى أن المشكلة لا تتعلق فقط بالتشكيلة، بل في أنه يجب التوافق على ما ستقوم به الحكومة، مركّزاً على ملفَّي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود.
ولم يتأخر رئيس الحكومة في نعي اللقاء، إذ سارع إلى الرد على باسيل عبر بيان صدر عن مكتبه الإعلامي أسف فيه «للكلام الانفعالي الذي صدر عن باسيل في لحظة سياسية دقيقة تحتاج إلى التعاون، لا إلى إطلاق الاتهامات والمواقف جزافاً، واستخدام عبارات التحدي والاستفزاز»، معتبراً أن «الأنسب في هذا الظرف الصعب هو التعاضد لدرء الأخطار الداهمة عن الوطن، والتعاون بين أعضاء مجلس النواب ومنهم السيد باسيل لانتخاب رئيس جديد للبلاد ووضع الأمور مجدداً في إطارها الديموقراطي الطبيعي، ليس إلا». وبدا جواب ميقاتي حاملاً للإشارة الأكثر سلبية، في قوله إن الأولوية اليوم هي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، رافضاً الحديث عن مصير الحكومة.
في المحصّلة، تبقى الساعات القليلة المقبلة حاسمة بالنسبة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال. في الشكل هو أمام خيارَي التشكيل أو عدم التشكيل، أما في المضمون فهو أمام مشروعين سياسيين: مشروع يريد الفراغ المؤسساتي الشامل تمهيداً لفوضى مطلبية تضع البلد أمام سيناريوات سيئة متعددة، ومشروع يريد الحفاظ على الحد الأدنى من الانتظام المؤسساتي في انتظار انتخاب رئيس للجمهورية واستعادة السلطة التنفيذية لدورها الكامل. وباتَ مؤكداً أن المملكة العربية السعودية تقف بشكل واضح ومباشر خلف المشروع الأول، من دون أن تتحمل عناء البحث في مخارج الأزمة، فيما يقف حزب الله خلف المشروع الثاني في سعي حثيث لتذليل العقبات الكثيرة هنا وهناك.
والسؤال المُلِحّ يدور حول ماذا سيختار ميقاتي؟ من تحمّل وزر إعادة تسميته لتشكيل الحكومة ودفع ثمناً كبيراً لذلك في علاقاته الداخلية، أو من يواصل التعامل معه بازدراء واضح وتكبّر وعنجهية، مقابل حرص واضح على أفضل العلاقات الودية مع وزير داخليته؟ وخصوصاً أن خياره سيكون له انعكاس مباشر على مجمل التطورات السياسية والاقتصادية، ففي ظل الفراغ لا يمكن المضيّ قدماً في اتفاقيات الاستكشاف والتنقيب، سواء مع شركة «توتال» أو غيرها، فضلاً عن الحاجة إلى مزيد من تواقيع رئيس الحكومة والوزارات المعنية. وفي ظل الفراغ أيضاً، لا يمكن المضيّ قدماً في المفاوضات مع صندوق النقد، بينما هناك من يعتقد أن قدرته على تسويق مرشح رئاسي على حساب المرشحين الآخرين قد تتحسن أكثر في الفراغ أو أنه سيكون قادراً على فرض الرئيس الذي يريد تحت ضغط الشارع والفراغ وغيرهما، علماً أن الفريق الآخر لن يقف متفرجاً على كل السيناريوات، وسيواجه لإفشال هذه المخططات كما يفعل منذ عام 2005. في كل الأحوال، ستبقى الأنظار متجهةً إلى ما ينوي ميقاتي فعله، وخصوصاً أن حزب الله قامَ بتدوير كل الزوايا الممكنة مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لتسهيل عملية التشكيل، بينما كانَ هو معتكفاً عن القيام بدوره كرئيس مكلف. ولم يعد أمام ميقاتي ذرائع باسيلية يمكنه الاختباء خلفها، مع أن الرياض وحدها هي التي تمارس الضغوط عليه، إلا إذ كانَ الفرنسيون يقولون الشيء وعكسه، إذ إنهم يؤكدون دائماً تفضيلهم وجود حكومة لحين انتخاب رئيس للجمهورية.
وعليه يقول مطلعون إن «علاقة الحزب مع ميقاتي أمام منعطف خطير، حيث لا يمكن أن تستمر كما هي عليه منذ سنوات في حال مضيّ الأخير نحو سيناريو الفراغ الموجّه أولاً وأخيراً ضد الحزب، ولن يدفع ثمنه سوى عموم الشعب اللبناني». بينما أكدت مصادر رئيس الجمهورية أنه «وقّع استقالة الحكومة الميقاتية، والأمر يرتبط الآن بنشر الاستقالة وتعميمها على الدوائر المعنية ليتصرف الوزراء والنواب العونيون على أساسها».
«عملية» الجيش في البارد: استعراض أم ردع؟
بعد سنوات من الهدوء في مخيم نهر البارد، بدأ نهار الأهالي فجر أمس، على هدير طائرة «سوبر توكانو» حلّقت في سماء المخيّم على علوّ منخفض، وهزّت المباني المتهالكة، فيما كان عناصر من الجيش اللبناني يطوّقون مداخل المخيم. وخلال وقت قصير، دخلت قوّة كبيرة من الجيش عبر حاجزي المحمّرة والعبدة باتجاه وسط المخيم القديم، مدعومةً بزوارق للقوّة البحريّة استنفرت في البحر قرب الشاطئ على الواجهة الغربية.
للوهلة الأولى، بدا أن عملية الجيش تستهدف القضاء على مجموعات إرهابية كبيرة، لكن تبيّن مع بدء العملية أنها تستهدف القبض على مطلوبين جنائيين. ولاحقاً أصدر الجيش بياناً أكّد فيه «توقيف 9 مطلوبين بموجب مذكرات توقيف عدة بجرائم ترويج مخدرات وإطلاق النار والقتل، تم ضبط أسلحة حربية، وعدد من المماشط وكمية من الذخيرة».
القوّة «المبالغ بها» للجيش، أثارت استياءً واسعاً بين الأهالي والفصائل الفلسطينية في الشمال، حيث عمد بعض الشّبان إلى قطع الطرقات مع خروج الآليات والجنود ورشق بعض نقاط الجيش بالحجارة احتجاجاً على حالة الهلع التي أصابت السّكان. ودانت الفصائل بعد اجتماعها «أسلوب التعاطي مع المخيم بشكل عام وهذا الاستعراض العسكري من طائرات وزوارق وملالات ترعب النساء والأطفال والشيوخ»، فيما دعت فعاليات المخيم إلى «إعلان الإضراب العام».
مصادر عسكرية أوضحت لـ «الأخبار» أنه «منذ فترة بدأت تزداد الحوادث الجنائية في البارد وبدأ ظهور بعض عصابات السرقة والاتجار بالمخدرات، كما ظهر وجود أسلحة داخل المخيم لا سيّما خلال مراسم التشييع التي حصلت أخيراً لضحايا مركب الهجرة الأخير، وهناك مطلوبون بمذكرّات عدلية. أما مسألة القوة الكبيرة، فهذا الأمر مردّه إظهار جاهزية الجيش في التحرّك لصد أي تهديد أمني أو جنائي وتحسّباً لوجود مجموعات إرهابية قد تقوم بالاعتداء على الجيش أثناء تنفيذه مهامه». وأضافت المصادر: «هناك تفهم لاعتراض الأهالي أو الفصائل على العمليّة. لكن الأسباب الأمنية هي الأساس. ويجب إنفاذ القانون في كل المناطق، ومخيم البارد جزء من الأراضي اللبنانية».
وفيما يبدو موقف الجيش واضحاً، عبّر أكثر من مسؤول فلسطيني عن مواقف متباينة في اتصالات مع «الأخبار». البعض أبدى تفهمه لإجراءات الجيش بضرورة «ضرب تجار المخدرات الذين يضرّون بالمخيم قبل محيطه»، بينما عبّر البعض الآخر عن امتعاض كبير من «تحريك أسلحة الجو والبحر في مخيم نهر البارد المفتوح أمام دوريات الجيش بشكل دائم ولديه وضع خاص، والجيش هو من يرصد المداخل والمخارج، ولا وجود لقوات أمنية فلسطينية فيه». واعتبر ممثل إحدى فصائل التحالف أن «لا مانع لدى أي من الفصائل من قيام الجيش بمهامه، وعلى العكس هناك تنسيق تام لاعتقال أي مطلوب في أي مخيم، لكن تكسير البيوت وترهيب الأهالي غير مبرّر». وتابع أن «مثل هذه الخطوات يشجّع من يريد إيقاع الفتن في البلد لاستغلال التوتّر وحالة الغضب في المخيم تجاه الجيش، لا سيّما عملاء العدو الإسرائيلي والعناصر الإرهابية».
المصادر العسكرية أكّدت أن «هناك الكثير من المعلومات عن وجود عناصر إرهابية قدمت من إدلب والعراق إلى لبنان، وبعضها يحاول الدخول إلى المخيمات، لكن لا يوجد ارتباط بين المداهمات والخلايا الإرهابية، إنّما الإجراءات العسكرية الكبيرة من باب الاحتراز وقطع الطريق على من يفكّر بالقيام بأنشطة خارجة عن القانون، كما أن الجيش بات يستخدم الطائرات في العمليات ضد المطلوبين في البقاع وأماكن أخرى في الشمال».
اختلاف المواقف، يفتح النّقاش مجدداً حول مسألة المخيمات الفلسطينية، التي تتعرّض منذ عقود طويلة لأسوأ أنواع الحصار والظروف القاسية. مصادر متابعة لاجتماعات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني وهيئة العمل الفلسطيني المشترك، أكّدت أن الاجتماع الذي عقد أخيراً في السراي الحكومي بحضور ممثلين عن هيئة العمل المشترك وعن وزارات الخارجية والدفاع والداخلية والأمن العام، جرى التطرق فيه إلى أوضاع نهر البارد وضرورة حسم الملفات العالقة فيه. ويضيف المصدر أن «مخيم نهر البارد ومخيمات الشمال عموماً والمخيمات البعيدة عن الحدود الجنوبية يجب أن يسود فيها الهدوء والأمن في المرحلة الأولى، من أجل التقدم في ملفّ الحقوق المشروعة للفلسطينيين في لبنان، والعكس صحيح، من واجب الدولة اللبنانية تأمين الحقوق الأساسية للفلسطينيين ومن واجب الفلسطينيين الحفاظ على أمنهم وأمن لبنان».
في المقابل، تقول مصادر هيئة العمل المشترك إن «الحفاظ على أمن المخيمات والأمن اللبناني أمر مسلم به والجميع يعمل لذلك، إنّما يجب أن تتم معالجة أمور المخيمات ليس بالطرق الأمنية فقط».
قائد الجيش العماد جوزف عون استقبل السفير الفلسطيني أشرف دبور أمس، وصدر عن الطرفين بيانان «بروتوكوليان» أكّدا على التنسيق والتعاون لحفظ أمن المخيمات، فيما من المفترض التطرّق إلى عملية الجيش في نهر البارد خلال اجتماع مقرر مسبقاً بين فصائل التحالف مع مخابرات الجيش اليوم في وزارة الدفاع للملمة أي تداعيات محتملة لما حصل.
اللواء
وداع رئاسي «على زغل».. وميقاتي لانتخاب الرئيس أولاً
عون يغادر بتبنٍ كامل لطروحات باسيل.. والبنك الدولي لن يُموِّل الكهرباء
لم يكن لقاء بعبدا بين الرئيسين ميشال عون والمكلف نجيب ميقاتي مثمراً، بل يمكن وصفه بأنه «وداع على زعل» بين الرئيسين، والسبب ليس، فقط بعدم تمكن رئيس حكومة تصريف الاعمال النوم في القصر الجمهوري لبت الاسماء العالقة، واصدار المراسيم، بعدما نقل «كل شيء الى الرابية»، بما في ذلك عدّة الشغل المعتمدة لفرض حكومة، تعيد التيار الوطني الى التحكم بادارة الدولة من الباب، بعدما خرج من الشباك، مع اقتراب مغادرة رئيس الجمهورية المقر الرئاسي في مدة زمنية لا تتجاوز الاحد المقبل، اي قبل يوم واحد من نهاية عهده، الذي غلبت عليه في ايامه الاخيرة حفلات توزيع الأوسمة، على نواب ووزراء وسفراء ومدراء عامين وإعلاميين، من دون ان تنجح الدوائر الرسمية في تمرير مراسيم تجنيس جديدة، او تذليل العقبات لاصدار مراسيم الحكومة التي فتحت الباب لـ«لطشات» من بعبدا الى ميرنا شالوحي، ولم تكن السراي الكبير، أقل كفاءة برد الكيل كيلين.
لم يرجع الرئيس ميقاتي الى بعبدا، بعدما نصحه الرئيس عون «بالمساواة بين الجميع والعودة مساءً لاصدار المراسيم»، معتبراً ان عدم تسمية «التيار الوطني الحر» للوزراء، هو امر غير طبيعي ولا يمكن القبول به، فعندما يريد كل فريق ان يختار وزراءه، على الآخرين ان يقبلوا باعتماد معيار واحد للجميع وعدم الاعتراض.
ومضى الرئيس عون الى أبعد من ذلك، في دردشة صحافية، اراد منها الكشف عما دار في الاجتماع الصباحي مع الرئيس ميقاتي عندما اعتبر انه اذا حصل شغور رئاسي فإذاً الحكومة ستكون منتقصة الصلاحيات، وبالتالي لا يمكن ان تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة.
وفي السياق، اعلن النائب جبران باسيل اننا «لن نسكت عن تسلم حكومة فاقدة للصلاحيات والثقة النيابية صلاحيات الموقع الاول في البلاد، ولن نقبل ولن نسمح فيه وسنواجهه بكل ما أوتينا من قوة»، مشيراً الى ان صلاحيات الرئيس في حال الفراغ يمارسها مجلس الوزراء منعقداً، وليس الحكومة او رئيس الحكومة او اي وزير، وهذا مارسناه في حالة الفراغ السابقة، على مدى سنتين ونصف، موضحاً ان «حكومة فاقدة لصلاحياتها لا يمكن ان تمارس صلاحياتها الا بالمعنى الضيق».
وكان باسيل قال في مؤتمر صحافي: أننا نقترب اكثر من الفراغ، ونحتاج الى حوار، ونقول لمن يراهن على الوقت والانهاك واتعابنا، فهذا الامر لن يتحقق وهم يضيعون الوقت على اللبنانيين. كما أن من يراهن على فكرة التحدي قد جرب، ودستورنا اصلا لا يسمح بفكرة التحدي والجميع اليوم في حال عجز سواء عن تأمين النصاب او بدرجة اقل موضوع الاكثرية.
أضاف: نحن ندعو للحوار لأننا جديون، فعلى المستوى المسيحي البطريرك يستطيع ان يتولاه، وعلى المستوى الوطني يمكن لرئيس الجمهورية القيام بذلك حتى الاثنين، واي دعوة حوارية من الخارج او من الداخل كدعوة رئيس المجلس النيابي نتعاطى معها من حيث المبدأ بإيجابية.
وتابع: من يظن أن حكومة تصريف الأعمال ستتولى صلاحيات الرئاسة هو مخطئ، فهذا مس بالدستور، وهي هيئة دستورية فاقدة لشرعيتها وميثاقيتها، ورئيسها يقول «بلا ما نعمل حكومة فلننتخب رئيسا». إنه يريد بالتحدي حكومة تأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية وأخذ البلد إلى فتنة تماما كمن يريد رئيس تحد، هذه مجزرة دستورية لن نسمح بها وسنواجهها بكل ما أوتينا من قوة.
وتابع باسيل: صلاحيات الرئيس في حال الفراغ يمارسها مجلس الوزراء منعقدا وليس الحكومة او رئيس الحكومة او اي وزير وهذا ما مارسناه في حالة الفراغ السابقة على مدى سنتين ونصف.
وقال: لسنا معنيين ولا نريد المشاركة ولن نعطي ثقة، فهم يريدون بالقوة أن يحملونا مسؤوليات.
أضاف: نحن على موعد في الثلاثين من هذا الشهر، مع إكمال المسيرة، وندعو التيار والمناصرين الى ملاقاتنا لتوديع الرئيس عون وخروجه من بعبدا عائدا الى الرابية. فهو قد دخل التاريخ قبل أن يدخل بعبدا، ومحبوه سيكملون بصناعة المستقبل.
لن يوقع الموازنة
وفي مجال آخر، علمت «اللواء» ان الرئيس عون لن يوقع قانون موزانة العام 2022 لتضمنه مخالفة دستورية تتمثل بعدم وضع قطع حساب الموازنة السابقة الذي ما زال يُدرس في ديوان المحاسبة، عدا عن ملاحظات عديدة لديه على توزيع الاعتمادات وأمور نقدية ومالية اخرى.
واوضحت مصادرمتابعة للموضوع ان الرئيس عون لم يوقع سوى موزانة واحدة منذ توليه الرئاسة ولتوفير احتياجات مؤسسات الدولة وقتها، لكنه لم يوقع غيرها بسبب مخالفتها الدستور للسبب ذاته.
وعلى هذا يصبح القانون نافذاً اذا لم يوقعه رئيس الجمهورية، بعد مرور شهر على وصوله الى رئاسة مجلس الوزراء، حيث وقعه الرئيس ميقاتي امس الاول.
ولم يرق هذا الموقف للرئيس المكلف، فأعرب في بيان عن أسفه للكلام الانفعالي الذي صدر عن باسيل، في لحظة سياسية دقيقة تحتاج الى التعاون بين الجميع، لا الى اطلاق الاتهامات والمواقف جزافا، واستخدام عبارات التحدي والاستفزاز، معتبراً الأنسب التعاضد والتعاون لانتخاب رئيس جديد للبلاد ومنهم باسيل.
وفي المعلومات، كشفت مصادر مطلعة لـ«اللواء» إلى أن المواقف الأخيرة الصادرة حول ملف الحكومة اظهرت غياب أية ليونة وتمسك الأفرقاء بمقارباتهم، وبالتالي لم يخرج اجتماع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف بأي نتيجة حيث كرر رئيس الجمهورية موقفه من تطبيق المعايير الموحدة إذ أن الجهات المشاركة في الحكومة تسمي وزراءها وعندما يأتي دور التيار الوطني الحر في عملية التسمية يصار إلى التدخل واختيار الوزراء وليس الجهة السياسية المعنية.
وعلم أن الرئيس عون طالب ميقاتي لمعالجة هذا الأمر ومساواة الجميع في عملية التسجيل ويمكن عندها أن يحضر مساء لإصدار المراسيم.
واكدت أن هذه المعطيات تفيد أن لا حل في هذه المسألة، على أن ثمة من يقول أن المساعي لا تزال قائمة وإن الوقت لا يزال يسمح بتأليف الحكومة.
ولاحظت مصادر سياسية أن رد الرئيس المكلف على تهديد النائب باسيل، باثارة الفوضى وما شابه، في حال لم تستجاب مطالبه اللامعقولة في تشكيل الحكومة الجديدة، اتسمت ببرودة لافتة، وردة فعل، لا تماشي الاخير بمواقفه، ولا تحسب لتهديداته اي حساب، بل تذهب ابعد من ذلك، لتؤشر بأن مثل هذه الاساليب الابتزازية لرئيس الحكومة في عملية التشكيل، لم تعد تجدي نفعا، والاجدى تغيير هذا الخطاب الاستفزازي، اذا كان الهدف تشكيل الحكومة الجديدة، اما اذا كان التهويل هدفه افشال تشكيل الحكومة الجديدة، للوصول إلى تعطيل مهمات حكومة تصريف الأعمال بتولي مهمات رئيس الجمهورية، فهذا لن يوصل إلى شيء لان النص الدستوري واضح، بتولي حكومة تصريف الأعمال مهمات رئيس الجمهورية في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المواعيد الدستورية المحدده.
من جهة ثانية، كشفت المصادر عن توقف الوسطاء بمهامهم بين رئيس الحكومة المكلف، وباسيل لتشكيل الحكومة الجديدة، واشارت الى ان مسار التشكيل متوقف منذ الأربعاء الماضي، بعد انقلاب رئيس التيار الوطني الحر على نتائج اللقاء الثلاثي الذي جمعه مع اللواء ابراهيم ووفيق صفا، واصراره على شروطه ومطالبه التعجيزية، والتي رفضها الرئيس ميقاتي.
واعتبرت المصادر المواقف الاستفزازية لباسيل، وحملة التصعيد ضد الرئيس المكلف، بانها تعبر بوضوح عن المأزق الصعب الذي وضع نفسه به، جراء ممارساته وأساليبه بتعطيل تشكيل الحكومة، وهي لن تؤدي إلى تحقيق مايريده، لان ماكان ممكنا سابقا، لم يعد ممكنا بنهاية العهد العوني بعد ايام معدودة.
وعليه، يبدو ان تشكيل الحكومة الجديدة قبل نهاية العهد اصبح ابعد مما يتصور البعض على الرغم من تأكيد الوسطاء بأن المساعي لن تتوقف حتى آخر لحظة وانه «برغم كلّ ما يقال العمل مستمر في محاولة لتشكيل الحكومة»، كما قال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم امس. فبعدما أفضت جهود الوسطاء الى ترتيب زيارة لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الى بعبدا للقاء الرئيس ميشال عون، فإن تصريحي الرئيسين بعد اللقاء حسم صعوبة التشكيل قريباً في ظل التمسك بمواقف كل طرف وشروطه، ما يُشير الى أن العقد تراوح مكانها لناحية عدد الوزراء الذين سيجري تغييرهم والجهة التي ستسميهم لا سيما الوزراء المسيحيين، في ظل إصرار الرئيس عون على اعتماد معايير موحدة لاختيار الوزراء وتسميتهم بعيداً عن الاستنسابية والتمييز. ورفض ميقاتي تدخل اي طرف آخر غير عون في تشكيل الحكومة.
لكن المصادر المتابعة للتشكيل قالت لـ «اللواء»: ان الاتصالات مستمرة حتى اللحظة الاخيرة من ولاية الرئيس عون، وقد تصل الى نتيجة في ربع الساعة الاخير ولا يمكن ان نقول ان الابواب موصدة بالكامل، لكن المساعي تتركز على معالجة عقدتي تسمية بعض الوزراء المسيحيين وهذه مقدور عليها، ومنح التيار الوطني الحر الثقة للحكومة وهو الشرط الذي يتمسك به ميقاتي وعن حق، إذ كيف يسمي الرئيس عون والتيار وزراءهم ويحددان حقائبهم ولا يمنح التيار الثقة للحكومة؟.
الرئاسة الى الحوار
وكما الحكومة يبدو ان انتخاب رئيس للجمهورية مؤجل الى اشعار آخر قد يكون وفق اجندة الحوار بين القوى السياسية الذي يسعى اليه رئيس المجلس نبيه بري قبل ان يحدد موعداً جديداً لإنتخاب الرئيس.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس بري سيباشر او ربما يكون قد باشر فعلياً وبصمت مشاوراته مع الكتل النيابية، وقد يدعو الى جلسة لإنتخاب الرئيس يوم 4 او5 تشرين الثاني المقبل في ضوء ما يكون قد اثمرت عليه مشاوراته.
وفي الاطار الرئاسي، يدرس البطريرك مار بشارة بطرس الراعي اطلاق حركة باتجاه رؤساء الاحزاب والكتل المسيحية، للحوار حول كيفية الخروج باتفاق حول صعوبة الرئيس الجديد، بصرف النظر عن الحوار الذي يعد له الرئيس بري.
وفي سياق تنسيق المواقف التقى 14 نائباً يمثلون المسلمين السنّة، وهم من النواب: أشرف ريفي، رامي فنج، بلال الحشيمي، محمد سليمان، عماد الحوت، نبيل بدر، عبد العزيز الصمد، ياسين ياسين، وضاح الصادق، أحمد الخير، وليد البعريني، إيهاب مطر، وعبد الرحمن البزري، إلى مائدة عشاء في دارة النائب فؤاد مخزومي.
وكشف بين صدر أمس أن لقاء النواب على التّمسّك باتفاق الطائف والحفاظ عليه واستكمال تطبيقه. كما أكدوا على التمسك بسيادة لبنان واستقلاله وعروبته. واتفق النواب الحاضرون على العمل سوياً لمساعدة أهلنا في مختلف المناطق، في غياب تام للدولة. وشددوا على التعاون لتحسين أوضاع أهلنا، خصوصاً في القضايا المتعلقة بالأوضاع الإنسانية والاجتماعية، وتحقيق العدالة، وسط الانهيار التام لمؤسسات الدولة وغياب المؤسسات الضامنة.
الترسيم مع سوريا
على صعيد سياسي آخر، كشفت مصادر ديبلوماسية عن أسباب الغاء دمشق زيارة الوفد اللبناني الذي شكله رئيس الجمهورية ميشال عون بمعزل عن موافقة مجلس الوزراء اللبناني للتفاوض مع الجانب السوري لترسيم الحدود البحرية بين البلدين وقالت: ان السبب الاساس، يعود الى ان طرح موضوع الترسيم هكذا، فاجأ الجانب السوري، وحصل من جانب لبنان بمفرده،ولم يتم التحضير المسبق له بين البلدين، باجتماعات تمهيدية لتذليل كل الصعوبات القائمة، كما يتطلب الامر ذلك، وبعدها تعقد الاجتماعات على مستوى المسؤولين المعنيين للاتفاق النهائي عليه.
وشددت المصادر على ان السبب الثاني المهم، هو ان طرح موضوع الترسيم مع سوريا بعد حصول اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل مباشرة،وكأنه تحصيل حاصل،انما هو اعتقاد خاطىء، وكان الاجدى التنبه اليه قبل الاندفاع باتجاه مقاربته على هذا النحو، لانه ليس صحيحا، ان ما يصح الاتفاق عليه مع إسرائيل، يطبق مع سوريا فورا.
واشارت المصادر الى ان السبب الثالث يعود الى ان صيغة التفاهمات الإقليمية والمحلية والدولية التي ادت الى اتفاق الترسيم بين لبنان وإسرائيل، لاتنسحب على سوريا التي تظللها تفاهمات مختلفة عما حصل مع لبنان،لاسيما بخصوص علاقاتها المقطوعة مع الولايات المتحدة الأميركية. وهذا يشمل في طياته الاعتراض الضمني لدمشق على انخراط ايران في استيلاد هذا الاتفاق، بمعزل عن سوريا، واشارتها بأن ما حصل مع لبنان، لا يطبق على سوريا، لان اوضاعها و علاقاتها مختلفة.
واعتبرت المصادر ان احد الاسباب المهمة ايضا، هو عدم رغبة الجانب السوري، اثارة هذا الملف من أساسه، لأنها ترفض التفاوض حوله، بالرغم من كل محاولات اثارته، سياسيا واعلاميا، لتشويه الموقف السوري.
وكشفت المصادر النقاب عن المسؤولين السوريين، يعتبرون ان رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه، لم يعطوا العلاقات السورية اللبنانية حقها، طوال مدة ولايته، وبقي على مسافة بعيدة عن اعادة الحرارة الطبيعية للعلاقات اللبنانية السورية، بل ابعد من انقطع انقطاعا تاما عن تفعيل التواصل بين البلدين.
والاشارة الاهم استنادا إلى المصادر، هو عدم رغبة المسؤولين السوريين بأن يكون نائب رئيس مجلس النواب إلياس ابوصعب، رئيسا للوفد اللبناني، لانه على علاقة متوتره وغير مرغوب فيه بالعاصمة دمشق.
وفي الخلاصة، استنادا للمصادر المذكورة، فإن دمشق أبلغت رئيس الجمهورية ميشال عون، بأنه ليس مستحبا، أن يطرح ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا، في ما تبقى من ايام معدودة من ولاية عون، والافضل ترحيل هذا الملف للعهد المقبل بداية، او الحاقه بمستودع القضايا والمسائل المعلقة بين البلدين الى ماشاء الله.
وفي الاطار، أوضح السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي الالتباس الذي احاط بتأجيل موعد زيارة الوفد الرسمي الى دمشق لبحث ترسيم الحدود البحرية، فقال بعد لقاء الرئيس عون: وسئل عن رفض دمشق استقبال الوفد اللبناني للبحث في مسألة اتصل الرئيس عون بالرئيس السوري قبل أربعة أيام، واتُصل بي، ويومها كان هناك لبس في الاتصال، وتبلغت لاحقا من الرئيس الياس بوصعب ان هناك تفكيراً بزيارة وفد يتشكل برئاسته دمشق بعد اتصال الرئيسين. فقلت له ارسلوا لنا كتاباً لأخاطب فيه وزارة الخارجية، وانا سأتصل وابلغهم انكم سترسلون هذا الكتاب. تبلغت بالكتاب مساء الاحد، وذلك بشكل مـتأخر لأنه قيل بداية يوم الخميس، ثم عدل الموعد ليكون الأربعاء، فقلت لهم مع ذلك اننا نريد ان يكون هناك خطاب رسمي لكي يحدد الوزراء والمسؤولون في سوريا المواعيد وفق برنامج مواعيدهم وارتباطاتهم. وبعدما وصل الكتاب متأخرا ولم يكن قد تحدد او نوقش الموعد، اعلن من لبنان ان الوفد سيتوجه الاربعاء، وبالتالي جاء الرد. ان الموعد لم يلغ انما قيل انه يتفق عليه لاحقا، لأنه بعدما ضرب الموعد يوم الأربعاء كان البرنامج في سوريا ممتلئا والارتباطات مسبقة.
سئل: هل هناك موعد آخر؟
أجاب: نرجو ذلك.
وهل سيكون في عهد الرئيس عون او الى ما بعده؟ قال: لقد سمعت كلام الرئيس عون وسأبلغ اذا كان الوقت متاحاً في الأيام القليلة المتبقية، ربما ان شاء الله، او يكون في موعد لاحق.
ابراهيم والنازحون: لن نرضخ للضغوط
وعشية انطلاق قافلة عودة النازحين السوريين من لبنان الى بلادهم اليوم، اكد اللواء عباس ابراهيم، في مؤتمر صحافي عقده في المديرية العامة للامن العام، «ان ملف النازحين السوريين وطنيّ قوميّ»، معتبرا ان «إعادتهم إلى أرضهم واجب وطنيّ علينا أن نؤدّيه».
وقال لم نلقَ من الجانب السوري إلا كل الترحيب والشفافية في التعاطي مع ملفّ عودة النازحين السوريين. وان لملف النزوح انعكاسات سلبيّة على كلّ المستويات لذلك تجب معالجته، ولبنان يرفض طريقة التعاطي التي تتمّ معه من قبل كثيرين وعلى رأسهم منظّمات إنسانية وأخرى تدّعي الإنسانية تحاول أن تملي علينا إرادتها.
واضاف: لن نخضع للضغوط لأنّ مصلحة الشعب اللبناني هي أوّلاً وأخيراً، ولن نُجبر أي نازح على العودة وهذا مبدأ لدينا ونسعى لتخفيف العبء عن لبنان.
واوضح اللواء ابراهيم ان هناك مليونين و80 ألف نازح سوريّ موجودين حاليّاً في لبنان، وقرابة 540 ألف سوريّ عادوا طوعاً الى بلادهم منذ بدء الخطة عام 2017.
تراجع الاسعار والدولار
اقتصاديا، وقّع رئيس الحكومة قانون السرية المصرفية، كما ورد من رئاسة مجلس النواب وأحاله على رئاسة الجمهورية. كما سجل امس، مزيد من التراجع في اسعار المحروقات تزامنا مع دخول قرار مصرف لبنان بيع الدولار حصرا، حيز التنفيذ، ما ساهم في تخفيض سقفه.
بالحاج: الاصلاحات قبل الكهرباء
الى ذلك، قال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج بعد زيارة الرئيس ميقاتي على رأس وفد، في معرض ردّه على سؤال عن عملية تمويل البنك الدولي لملف استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن: ان الإصلاحات في قطاع الكهرباء لا تزال بعيدة.هناك إصلاحات مهمة يجب على الدولة اللبنانية اتخاذها وعندما تصل الى مستوى من التمكن الذي يعطينا القدرة على النظر بإيجابية الى امكانية المضي قدماً في دعم هذا المجال، فنحن مستعدون للدعم، ولكن هذه الإصلاحات لا تزال بعيدة اليوم.
كذلك أبدى استعداد البنك الدولي «لتقديم تمويل مهم للشعب اللبناني تتراوح قيمته بين ٣٠٠ و٥٠٠ مليون دولار أميركي، يخصَّص لموضوع التغطية الاجتماعية» .
وزار الوفد ايضا رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير المال يوسف خليل.
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن اصابة 81 إصابة بفايروس كورونا رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 1218268 كما تم تسجيل حالة وفاة واحدة». اما على صعيد اصابات الكوليرا فقد اعلنت الوزارة في تقرير عن تسجيل 18 اصابة جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية، ما رفع العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 305، ولم يتم تسجيل حالات وفاة جديدة، فيما سجل العدد التراكمي للوفيات 11.
البناء
عون لميقاتي: طبّق وحدة المعايير وتعال المساء لنصدر معاً مراسيم الحكومة
دعوة بري للحوار النيابي تجذب 100 نائب… والأولوية للتوافق على معايير تأمين النصاب
«إبراهيم الملفات الصعبة» يقود عودة النازحين: العودة طوعيّة… وسورية جدّية
رغم الارتباك الذي تسبّب به الموعد اللبناني مع الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين في تحديد موعد زيارة الوفد اللبناني المكلف بترسيم الحدود مع سورية الى دمشق، بقي السؤال حول مدى قدرة الوفد ومن خلفه الحكومة على تحمل مسؤولية إدارة هذا التفاوض بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم الاثنين المقبل، من دون جواب، ويلقي بظله على جدية وجدوى السعي لبدء هذا التفاوض.
بصورة عكسية سلك ملف عودة النازحين السوريين بالتعاون بين حكومتي ومؤسسات الدولتين اللبنانية والسورية، طريق التنفيذ، رغم المساعي التخريبية التي تقودها منظمات دولية تعتاش على بقاء النازحين وجمعيات لبنانية تتقاسم معها الأموال، ومن خلفهما إرادة سياسية غربية تريد بقاء النازحين ورقة للعب السياسي، فيما تشهد معاناة النازحين وآخرها تفشي الكوليرا في مخيماتهم على حجم الفساد الذي يتحكم بإنفاق الأموال المخصصة للنازحين، والخطوة التي تستأنف اليوم بقيادة الأمن العام اللبناني بعد النجاح بتأمين عودة أكثر من نصف مليون نازح من أصل مليونين كشف عن وجودهم المدير العام للأمن العام اللواء ابراهيم، الذي ثبت أنه بأسلوب عمله الهادئ والجدي يشكل رجل المهمات الصعبة، ويحظى بثقة الجهات الداخلية والخارجية في المهام التي يتولاها ويصل بها الى بر الأمان ومنها ملف عودة النازحين السوريين، التي قال إبراهيم أنها تلقى التعاون الجدي من الدولة السورية.
في الشؤون الداخلية التي يتصدّرها مع اقتراب نهاية الولاية الرئاسية، خطر الشغور الرئاسي والفشل بتشكيل حكومة جديدة، لم تنجح زيارة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا ولقائه بالرئيس ميشال عون في تذليل العقبات من أمام ولادة حكومة جديدة، وصدر عن الرئيس عون كلام موجّه لميقاتي يدعوه فيه إلى تطبيق معيار واحد على حق استبدال الوزراء من الصيغة الحالية الى صيغة الحكومة الجديدة، ويعود الى بعبدا مساء ليتم إصدار المراسيم.
في الشأن الرئاسي قالت مصادر سياسية على صلة بمتابعة الاتصالات المتعلقة بالملف الرئاسي، إن الكلام الذي قاله رئيس مجلس النواب عن لا جدوى انعقاد المزيد من الجلسات النيابية يشكل قناعة عامة لدى الجميع في الداخل والخارج وسط الانسداد في التوافق على اسم مرشح يحظى بفرصة الوصول للرئاسة، عبر تأمين نصاب الحضور المتمثل بـ 86 نائباً وتصويت لا يقل عن 65 نائباً. وقالت المصادر إن دعوة الرئيس بري للحوار تحظى بقبول قرابة 100 نائب، سواء عبر حوار ثنائي يجريه رئيس المجلس مع رؤساء الكتل، أو عبر طاولة حوار يدعو لعقدها لهذه الغاية. ورجحت المصادر اللجوء إلى الحوار الثنائي، وأن تقدم للكتل ثلاثة أسئلة، الأول هل تشترط الكتلة موافقتها على اسم المرشح الرئاسي المقترح لحضور جلسة الانتخاب وتأمين النصاب، والثاني هل يمكن للكتلة أن تقبل المشاركة بتأمين النصاب إذا رسا التوافق على اسم من خارج الأسماء التي تقترحها وصار الخيار بين المرشح موضوع التوافق والوقوع في الفراغ، والثالث من هي الأسماء التي تعتقد الكتلة أنها تجسد معياراً مقبولاً لديها لتلبية مواصفات الرئيس التوافقي.
وانحسرت موجة التفاؤل بولادة الحكومة قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إذ لم يخرج اللقاء بين عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي بأي جديد، وقد شكل كلام ميقاتي خلال مغادرته قصر بعبدا نعياً غير رسمي لولادة الحكومة، كما أشرت مواقف كل من عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ورد المكتب الإعلامي لميقاتي عليه، بأن المواقف على حالها وأننا سندخل الفراغ الرئاسي بحكومة تصريف الأعمال على الرغم من تأكيد مصادر «البناء» بأن الاتصالات والوساطات لن تتوقف بل مستمرة حتى مساء السبت المقبل ومن الممكن أن تحصل مفاجأة في ربع الساعة الأخير وبالتالي تبقى الآمال موجودة بولادة حكومة حتى آخر دقيقة بولاية عون.
وكان ميقاتي زار بعبدا وعرض مع عون للأوضاع العامة في البلاد ومسألة تشكيل الحكومة. وبعد اللقاء، لم يدلِ ميقاتي بأي تصريح، لكن عندما سئل هل ما زال ينوي المبيت في قصر بعبدا حتى تشكيل الحكومة؟ أجاب: «نقلوا كل شيء الى الرابية. ما في محل نام».
ووفق معلومات «البناء» فإن زيارة ميقاتي الى بعبدا كانت وداعيّة وطرح ميقاتي على عون إحياء تشكيلة 29 حزيران الماضي كمنطلق وأساس للتفاهم على بعض النقاط الخلافية.
وإذ أكدت معلومات «البناء» أن الأجواء السلبية وإن جمدت المساعي على خط التأليف يوم أمس، لكنها لن تتوقف نهائياً وستبقى الاتصالات مفتوحة حتى السبت المقبل. وأعلن المدير العام للأمن العام اللواء ابراهيم في هذا السياق أنه «رغم كلّ ما يُقال العمل مستمر في محاولة لتشكيل الحكومة».
وفور مغادرة ميقاتي قصر بعبدا، أطلق الرئيس عون سلسلة مواقف تصعيدية باتجاه السراي الحكومي، واعتبر أن «تطبيق معايير واحدة في تشكيل الحكومة، هو المدخل الصحيح لإنتاج حكومة فاعلة وقادرة على إدارة شؤون البلاد». وقال في دردشة مع الإعلاميين المعتمدين في القصر، إن «ما يجري حالياً في تشكيل الحكومة يناقض مبدأ وحدة المعايير، فالجهات المشاركة في الحكومة تسمي هي وزراءها، وعندما يأتي دور «التيار الوطني الحر» في عملية التسمية، يصار الى التمسك بالتدخل واختيارهم الوزراء وليس الجهة السياسية المعنية. وهذا امر غير طبيعي ولا يمكن القبول به. فعندما يريد كل فريق أن يختار وزراءه، على الآخرين ان يقبلوا باعتماد معيار واحد للجميع وعدم الاعتراض».
وعن صلاحيات الحكومة الحالية اذا حصل شغور رئاسي، اوضح رئيس الجمهورية ان الحكومة ستكون منتقصة الصلاحيات، وبالتالي لا يمكن أن تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة. وقال «إن حل الأمور بسيط جداً، وقد طلبنا من الرئيس ميقاتي اليوم بأن يساوي الجميع في عملية التشكيل وأن يعود مساء الى قصر بعبدا لإصدار المراسيم».
مواقف عون أُتبِعت برسائل عالية السقف أطلقها النائب باسيل الذي اعتبر أن «مَن يظن أن حكومة تصريف الأعمال ستتولى صلاحيات الرئاسة فهو مخطئ، وهذا مس بالدستور، وهي هيئة دستورية فاقدة شرعيتها وميثاقيتها، ورئيسها يقول «بلا ما نعمل حكومة فلننتخب رئيساً»، هو يريد بالتحدي حكومة تأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية ويأخذ البلد إلى فتنة تماماً كما مَن يريد رئيس تحدّ. هذه مجزرة دستورية لن نسمح بها وسنواجهها بكل ما أوتينا من قوة».
وحسم باسيل بأننا «لا نريد المشاركة ولن نعطي ثقة ولسنا معنيين وهم يريدوننا بالقوة أن يحملونا مسؤوليات».
في المقابل أبدت مصادر مؤيدة لموقف ميقاتي استغرابها إزاء طرح باسيل شروطه الحكومية بالجملة ويجاهر في الوقت نفسه بأنه لن يمنح الحكومة الثقة! وتوقفت المصادر عند كلام الرئيس عون حول وحدة المعايير، متسائلة: هل هي حكومة جديدة لكي نعتمد معايير التشكيل؟
ولفتت المصادر لـ»البناء» الى أن القضية ليست بالخلاف على وزير بالناقص أو بالزائد ولا بالجهة التي تسمّي الوزراء الذي اتفق على تغييرهم، بل بطرح باسيل جدول أعمال الحكومة مسبقاً ووجود نيات مبيتة للسيطرة على الحكم والتحكم بالبلد.
وشددت على أن الدستور واضح بتسلم حكومة تصريف الأعمال، وبالتالي حل الخلاف يكون بالعودة الى الدستور وأي طروحات أخرى من قبيل الاجتهاد.
وأعرب ميقاتي عن أسفه للكلام الانفعالي الذي صدر عن باسيل، في لحظة سياسية دقيقة تحتاج الى التعاون بين الجميع، لا الى اطلاق الاتهامات والمواقف جزافاً، واستخدام عبارات التحدّي والاستفزاز، وفق ما أشار بيان لمكتبه الإعلامي. واعتبر أن «الأنسب في هذا الظرف الصعب هو التعاضد لدرء الأخطار الداهمة عن الوطن، والتعاون بين أعضاء مجلس النواب ومنهم السيد باسيل لانتخاب رئيس جديد للبلاد ووضع الأمور مجدداً في إطارها الديموقراطي الطبيعي، ليس الا».
وأشارت أوساط سياسية لـ»البناء» الى أن لا مصلحة للتيار الوطني الحر بتأليف حكومة لا يتمثل فيها بحصة وازنة تعوّض عن غياب رئيس الجمهورية، وقد يكون الفراغ الحكومي والنزاع الدستوري على حكومة تصريف الأعمال بين عون وباسيل – ميقاتي، هو منصة سياسية رابحة لثنائي عون – باسيل لخوض معركة رئاسة الجمهورية، وفي المقابل لا يحبّذ ميقاتي أن يترأس حكومة يكون لباسيل فيها حصة مسيحية وزانة، ما يجله متحكماً بقراراتها بينما في حكومة تصريف الأعمال يستفرد بالحكم وصلاحيات رئيس الجمهورية حتى تأليف حكومة جديدة. وتخلص الأوساط الى أن الذهاب الى الفراغ بلا حكومة قد يكون المخرج لتعذّر تأليف حكومة جديدة والرهان على انتخاب رئيس للجمهورية لإنهاء الأزمة السياسية والدستورية التي بدأت طلائعها في سجال الأمس على خط بعبدا التيار – السراي الحكومي.
وإذ أظهرت جلسة انتخاب الرئيس الأخيرة بأن ظروف انتخاب الرئيس الداخلية والخارجية لم تنضج بعد، علمت «البناء» أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يدعو الى الجلسة الخامسة للانتخاب قبل نهاية ولاية عون، فإنه يعتزم الدعوة الى طاولة حوار وطني بين رؤساء الكتل النيابية للبحث بالاستحقاق الرئاسي، وهو يجري مروحة اتصالات ومشاورات سياسية قبل الدعوة الى هذا الحوار الذي من المتوقع أن ينطلق خلال الأسبوع الثاني من تشرين الثاني المقبل.
وأبدت مصادر سياسية عبر «البناء» رهانها على تحرّك الرئيس بري المنتظر في تدوير الزوايا والتوفيق بين الكتل النيابية وجمعها على رؤية موحدة تنتج مرشحاً أو أكثر يتم الاختيار منهم ويتلاقى التوافق الداخلي ويتقاطع مع ظروف اقليمية ودولية تبدأ بالتبلور والتظهر بعد الانتخابات الأميركية الشهر المقبل، ويُصار الى الذهاب الى المجلس النيابي لانتخاب الرئيس. مشدّدة على أن لا رئيس تحدّ والحل بالتوافق والنصاب هو سلاح لأي كتلة لضمان حق المشاركة وليس لصناعة الفراغ.
على صعيد آخر، وبعدما عمدت جهات معروفة العداء للدولة السورية ومعارضة بشدة للعهد، الى استغلال سوء وتضارب المواعيد بين المسؤولين اللبنانيين والسوريين للإيحاء بأن سورية أرادت استهداف الرئيس عون برفض استقبال الوفد اللبناني الذي كان يتحضر لزيارة سورية للبحث بمسألة ترسيم الحدود بين الدولتين، حسم السفير السوري علي عبد الكريم علي الأمر بالتأكيد على أن تزاحم المواعيد هو سبب إرجاء الزيارة ولم تلغَ.
وقال السفير السوري خلال زيارته بعبدا ولقائه عون مودعاً لمناسبة انتهاء مهامه الديبلوماسية في لبنان: «تبلغت بالكتاب من لبنان مساء الأحد، وذلك بشكل مـتأخر لأنه قيل بداية يوم الخميس، ثم عدل الموعد ليكون الأربعاء، فقلت لهم مع ذلك أننا نريد ان يكون هناك خطاب رسمي لكي يحدد الوزراء والمسؤولون في سورية المواعيد وفق برنامج مواعيدهم وارتباطاتهم. وبعدما وصل الكتاب متأخراً ولم يكن قد تحدّد او نوقش الموعد، أعلن من لبنان ان الوفد سيتوجه الاربعاء، وبالتالي جاء الرد. أن الموعد لم يلغ إنما قيل إنه يتفق عليه لاحقاً، لأنه بعدما ضرب الموعد يوم الأربعاء كان البرنامج في سورية ممتلئاً والارتباطات مسبقة».
ومنح عون السفير السوري وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط أكبر تقديراً لجهوده في تعزيز العلاقات اللبنانية – السورية وتطويرها في المجالات كافة.
وتتجه الأنظار الى الناقورة التي تشهد توقيع التفاهم على تقاسم الثروة والمنطقة الاقتصادية بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي كل على حدة بحضور الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الذي يصل الى بيروت في الساعات المقبلة.
وعشية وصوله استقبل ميقاتي سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروتي شيا.
عشية انطلاق قافلة تعيد نازحين سوريين من لبنان الى بلادهم، أكد اللواء إبراهيم، في مؤتمر صحافي، أن «ملف النازحين السوريين وطنيّ قوميّ»، وقال: «لم نلقَ من الجانب السوري إلا كل الترحيب والشفافية في التعاطي مع ملفّ عودة النازحين السوريين». ورأى أن «لملف النزوح انعكاسات سلبيّة على كلّ المستويات لذلك تجب معالجته، ولبنان يرفض طريقة التعاطي التي تتمّ معه من قبل كثيرين وعلى رأسهم منظّمات إنسانية وأخرى تدّعي الإنسانية تحاول أن تملي علينا إرادتها»، وقال: «لن نخضع للضغوطات لأنّ مصلحة الشعب اللبناني هي أوّلاً وأخيراً، ولن نُجبر أي نازح على العودة، وهذا مبدأ لدينا، ونسعى لتخفيف العبء عن لبنان». وكشف اللواء إبراهيم أن هناك مليونين و80 ألف نازح سوريّ موجودون حاليًّا في لبنان، وقرابة 540 ألف سوريّ عادوا طوعًا الى بلادهم منذ بدء الخطة عام 2017.
الجمهورية
قضي الامر.. لا حكومة ولا رئيس.. وإلى الناقورة در للتوقيع غداً
إشتعلت أمس على جبهة الاستحقاق الحكومي الذي يُسابق موعد انتهاء الولاية الرئاسية، ولم يبق الا فسحة ضئيلة جدا من الامل باستيلاد حكومة ربع الساعة الاخيرة من عمر العهد الذي يبدو انه سيودّع البلاد من دون تسليم مقاليد رئاسة الجمهورية لعهد جديد لتعذّر انتخاب رئيس جديد حتى الآن. وقال مرجع كبير لـ”الجمهورية”: «لقد قضي على الامر ولن تؤلف حكومة لأنّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أطاحَ ما اتفق عليه رئيس الجمهورية والرئيس المكلف امس، بإعلانه انه لن يمنح الحكومة الجديدة الثقة وَتّر الاجواء على نحو لم يعد ممكناً معها تأليف هذه الحكومة».
لكنّ اوساطاً سياسية أكدت لـ«الجمهورية» انه ومع التسليم بوقوع الشغور الرئاسي مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون فإنّ الاهتمام الأساسي ما زال ينصَبّ حالياً على تشكيل الحكومة في الأيام الفاصلة عن موعد مغادرة عون قصر بعبدا.
ولفتت هذه الاوساط الى ان زيارة الرئيس نجيب ميقاتي غير المنتجة لقصر بعبدا امس وتصعيد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لا يلغيان إمكان ولادة الحكومة ولو انها تأخرت وقتا إضافيا. وشددت على أن إنجاز التأليف يبقى وارداً حتى اللحظة الأخيرة من ليل السبت المقبل، موضحة انّ «حزب الله» والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يواصلان السعي بعيداً من الأضواء لتذليل العقبات الموجودة.
واشارت الاوساط الى انه «على رغم المؤشرات السلبية الظاهرة، لا يمكن الجزم بسهولة أنّ المعنيين بالملف الحكومي فقدوا ولو الحد الأدنى من المسؤولية الوطنية وأنهم سيذهبون طوعاً الى مأزق دستوري – سياسي جديد بعد 31 تشرين الأول، يُضاف الى مأزق الشغور الرئاسي. وبالتالي، فإن الأمل في حصول صحوة تنقذ الحكومة في الوقت الحاسم لم ينقطع بعد». وكان عون وميقاتي قد التقيا عند التاسعة الا ربعاً صباح امس وعرضا للاوضاع العامة في البلاد ومسألة تأليف الحكومة. وبعد اللقاء، سُئل ميقاتي: هل ما زلت تنوي المبيت في قصر بعبدا حتى تأليف الحكومة؟ فأجاب: «نقلوا كل شيء الى الرابية. ما في مَحلّ نام».
المعايير الواحدة
ولاحقاً، قال عون في دردشة مع الاعلاميين المعتمدين في قصر بعبدا: «انّ تطبيق معايير واحدة في تشكيل الحكومة هو المدخل الصحيح لإنتاج حكومة فاعلة وقادرة على ادارة شؤون البلاد». واضاف: «انّ ما يجري حاليًا في تشكيل الحكومة يناقض مبدأ وحدة المعايير، فالجهات المشاركة في الحكومة تسمّي هي وزراءها، وعندما يأتي دور «التيار الوطني الحر» في عملية التسمية يُصار الى التمسّك بالتدخل واختيارهم الوزراء وليس الجهة السياسية المعنية، وهذا امر غير طبيعي ولا يمكن القبول به. فعندما يريد كل فريق ان يختار وزراءه، على الآخرين ان يقبلوا باعتماد معيار واحد للجميع وعدم الاعتراض».
وعن صلاحيات الحكومة الحالية اذا حصل شغور رئاسي، اوضح عون «انّ الحكومة ستكون منتقصة الصلاحيات، وبالتالي لا يمكن ان تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة». وقال: «انّ حل الامور بسيط جداً، وقد طلبنا من الرئيس ميقاتي اليوم (أمس) أن يُساوي الجميع في عملية التشكيل وأن يعود مساء الى قصر بعبدا لإصدار المراسيم».
لكنّ ميقاتي لم يعد الى القصر، خصوصاً بعدما استمع الى المواقف التصعيدية التي اعلنها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بعد الظهر، ما دلّ الى انّ العقبات التي تعترض تأليف الحكومة باتت عصيّة جدا على كل الوساطات والاتصالات الجارية في هذا الصدد.
اللواء ابراهيم والعمل المستمر
لكنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم قال على هامش مؤتمره الصحافي الذي عقده عشيّة انطلاق القافلة الرابعة والعشرين اليوم للعودة الطوعية للنازحين السوريين: «على رغم من كلّ ما يُقال فإنّ العمل مستمر في محاولة لتأليف الحكومة».
باسيل: لا ثقة
في غصون ذلك اكد باسيل في مؤتمر صحافي «اننا نقترب اكثر من الفراغ»، وقال: «نحتاج الى حوار، ونقول لمن يراهن على الوقت والانهاك وإتعابِنا: انّ هذا الامر لن يتحقق وهم يضيعون الوقت على اللبنانيين. كما أن من يراهن على فكرة التحدي قد جرّب، ودستورنا اصلاً لا يسمح بفكرة التحدي والجميع اليوم في حال عجز سواء عن تأمين النصاب او بدرجة اقل موضوع الاكثرية». وأضاف: «نحن ندعو للحوار لأننا جديون، فعلى المستوى المسيحي البطريرك يستطيع ان يتولّاه، وعلى المستوى الوطني يمكن لرئيس الجمهورية القيام بذلك حتى الاثنين، واي دعوة حوارية من الخارج او من الداخل كدعوة رئيس المجلس النيابي نتعاطى معها من حيث المبدأ بإيجابية». وتابع: «مَن يظن أن حكومة تصريف الأعمال ستتولى صلاحيات الرئاسة هو مخطئ، فهذا مَس بالدستور، وهي هيئة دستورية فاقدة لشرعيتها وميثاقيتها، ورئيسها يقول «بَلا ما نعمل حكومة فلننتخب رئيساً». إنه يريد بالتحدي حكومة تأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية وأخذ البلد إلى فتنة تماماً كَمن يريد رئيس تَحد، هذه مجزرة دستورية لن نسمح بها وسنواجهها بكل ما أوتينا من قوة». وقال: «لسنا معنيين ولا نريد المشاركة ولن نعطي ثقة، فهم يريدون بالقوة أن يحمّلونا مسؤوليات». وأضاف: «نحن على موعد في الثلاثين من هذا الشهر، مع إكمال المسيرة، وندعو التيار والمناصرين الى ملاقاتنا لتوديع الرئيس عون وخروجه من بعبدا عائداً الى الرابية. فهو قد دخل التاريخ قبل أن يدخل بعبدا، ومُحبّوه سيكملون في صناعة المستقبل».
ميقاتي يرد
وردّ ميقاتي، عبر مكتبه على باسيل، ببيان أسف فيه «للكلام الانفعالي الذي صدر عن رئيس «تكتل لبنان القوي» النائب جبران باسيل، في لحظة سياسية دقيقة تحتاج الى التعاون بين الجميع، لا الى إطلاق الاتهامات والمواقف جزافاً، واستخدام عبارات التحدي والاستفزاز».
واعتبر «أن الانسَب في هذا الظرف الصعب هو التعاضد لدرء الاخطار الداهمة عن الوطن، والتعاون بين اعضاء مجلس النواب ومنهم السيّد باسيل لانتخاب رئيس جديد للبلاد ووضع الامور مجدداً في اطارها الديموقراطي الطبيعي، ليس إلّا».
هوكشتاين وهرتسوغ
وعلى صعيد ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وعشيّة زيارته الى بيروت التي سيصلها مساء اليوم، التقى الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوغ في واشنطن قبل لقائه الرئيس الأميركي جو بايدن وبحث معه في اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، قبل يومين من توقيعه المقرر غداً في مقر قيادة قوات «اليونيفيل» في الناقورة.
وقال بيان صدر عن مكتب الرئيس الإسرائيلي «انّ هرتسوغ بدأ زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة اليوم (أمس) باجتماع مع كبير مستشاري الولايات المتحدة لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين، الذي كلفته إدارة بايدن الوساطة في المحادثات الإسرائيلية ـ اللبنانية في شأن قضية الحدود البحرية».
وفي المعلومات انّ هوكشتاين سيلتقي عون صباح غد ليسلّمه نص الوثيقة التي سيُصار الى توقيعها بعد ظهر اليوم عينه في الناقورة في لقاءٍ منفصل بين الوفد اللبناني، بمعزل عن لقاء مُماثل بين هوكشتاين والجانب الإسرائيلي.
وعلمت «الجمهورية» ان لبنان لا يزال ينتظر مستوى التمثيل الإسرائيلي من اجل ان يشكّل وفده الى حفلة توقيع الوثائق، وانّ هناك مُتسعاً من الوقت لترتيب المهمة.
إستكشاف أوروبي لقوافل العودة
وعشيّة انطلاق القافلة الرابعة والعشرين للنازحين السوريين الى سوريا، جالَ سفير الاتحاد الأوروبي لدى لبنان رالف طراف على كل من وزير الخارجية والمغتربين الدكتورعبدالله بوحبيب والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، وبحث معهما في هذا الملف والترتيبات المتخذة لترحيل دفعة من النازحين الى الاراضي السورية واطّلع على الآلية المعتمدة في هذا الإطار.
وتناول البحث مع الوزير بو حبيب في تداعيات الحرب الروسية – الاوكرانية على أوروبا وعلى لبنان ومنطقة الشرق الأوسط، وتطرّق الحديث الى ما يحول دون البت بالإصلاحات والمفاوضات مع البنك الدولي حول ملف الطاقة والمساعدات المقررة للبنان.
وأكد اللواء عباس ابراهيم، في مؤتمر صحافي حول اعادة النازحين السوريين، أن «عودة السوريين الى أرضهم واجب علينا يجب ان نؤدّيه ولم نلقَ من الجانب السوري الا كل ترحيب وجدية». ورأى ان «هذا الملف له آثار سلبية اقتصادية امنية واجتماعية ولذا يجب معالجته، ولبنان يرفض طريقة تعاطي بعض المنظمات معه في هذا الملف»، مشيراً الى انّ «هناك 17 مركزاً للعودة الطوعية في لبنان، ويوجد مليونين و80 الف سوري على الاراضي اللبنانية». واكد أن «540 الف سوري تمّت إعادتهم الى سوريا ضمن اطار العودة الطوعية، وسنكمل في الخطة كما تم وضعها ولن نخضع لأيّ ضغوط»، مشيراً الى «اننا لن نُجبر اي نازح سوري على العودة الى سوريا ونحن سنقوم بما نقوم به لتخفيف العبء عن الشعب اللبناني». وكشف ابراهيم أنّ «42 بالمئة من مجموع السجناء في لبنان هم من الجنسية السورية وهذا يشكل ضغطاً إضافياً علينا».