كتب المستشار السابق لوزير الدفاع الأميركي، في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، دوغلاس ماكغريغور، مقالاً تحت هذا العنوان، كشف فيه عن أنّ حكومة بلاده “ترفض مصارحة الشعب الأميركي بالحقيقة، وهي أنّ أوكرانيا لا تربح ولن تنتصر في هذه الحرب”.
وقال ماكغريغور، في مقالٍ في موقع “The American Conservative”، إنّ “القادة السياسيين والعسكريين، الذين ألزموا أميركا بحروبٍ مختارة في فيتنام والبلقان وأفغانستان والعراق، فعلوا ذلك لأنهم كانوا مقتنعين بأن القتال سيكون قصيراً وحاسماً”.
وأضاف أنّ “الرؤساء والمستشارين الرئاسيين وكبار القادة العسكريين الأميركيين لم يتوقفوا أبداً عن التفكير في أنّ الاستراتيجية الوطنية، إن وُجدت، تتضمّن تجنّب الصراع ما لم تتعرض الأمة للهجوم وإجبارها على القتال”.
وأكد ماكغريغور أنّ “آخر ضحية لهذه العقلية هي أوكرانيا”، وأضاف أنّه “في ظل غياب تحليل جذري وحاسم لقوة روسيا الوطنية ومصالحها الاستراتيجية، نظر كبار القادة العسكريين الأميركيين ورؤسائهم السياسيين إلى روسيا من خلال عدسة ضيقة التركيز، زادت في قوة الولايات المتحدة وأوكرانيا، لكنها تجاهلت المزايا الاستراتيجية لروسيا”.
وأردف أنّ “أوكرانيا أصبحت الآن منطقة حرب تخضع للمعاملة نفسها التي فرضتها القوات المسلحة الأميركية على ألمانيا واليابان خلال الحرب العالمية الثانية، وفي فيتنام في الستينيات، وفي العراق على مدى عقود”.
عواقب وخيمة على أوروبا
وأكد المستشار الأميركي السابق أنه “يتم تدمير شبكات الطاقة وشبكات النقل والبنية التحتية للاتصالات وإنتاج الوقود ومواقع تخزين الذخيرة، بصورة منهجية”، مضيفاً أنّ “ملايين الأوكرانيين يواصلون الفرار، مع عواقب وخيمة على مجتمعات أوروبا واقتصاداتها”.
وأشار إلى أنّ “إدارة بايدن ترتكب مجدداً، في هذه الأثناء، الخطيئة التي لا تُغتفر في مجتمع ديمقراطي، عبر رفضها إخبار الشعب الأميركي بالحقيقة”.
وأوضح أنه “على عكس رواية وسائل الإعلام الغربية الشعبية بشأن النصر الأوكراني، والتي تمنع أي معلومات تتعارض معها، فإنّ أوكرانيا لا تفوز، ولن تربح هذه الحرب”.
وشدّد ماكغريغور على أنّ “أشهراً من الخسائر الفادحة للأوكرانيين، والناتجة من سلسلة لا نهاية لها من الهجمات، التي لا طائل فيها، ضد الدفاعات الروسية في جنوبي أوكرانيا، أدّت إلى إضعاف القوات الأوكرانية على نحو خطير”.
الأوروبيون يشككون في الإدعاءات الأميركية
وأضاف أنه “كما هو متوقع، فإنّ أعضاء الناتو الأوروبيين، والذين يتحملون وطأة تأثير الحرب في مجتمعاتهم واقتصاداتهم، أصبحوا أكثر خيبة من حرب واشنطن بالوكالة في أوكرانيا”.
وأكد المقال أنّ “السكان الأوروبيين يشكّكون علانيةً في صحة الادعاءات الواردة في الصحافة بشأن الدولة الروسية والأهداف الأميركية في أوروبا”.
وأشار إلى أنّ “تدفق ملايين اللاجئين من أوكرانيا، إلى جانب مجموعة من النزاعات التجارية، والتربّح من مبيعات الأسلحة الأميركية، وأسعار الطاقة المرتفعة، تهدّد (مجتمعةً) بقيام الرأي العام الأوروبي ضد كل من حرب واشنطن وحلف الناتو”.
وأكد ماكغريغور أنّ “موسكو، في بداية العملية العسكرية الروسية، لم تكن تنوي أن تقوم بأكثر من إقناع كييف وواشنطن بأنها ستقاتل من أجل منع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو، إلى جانب منع مزيد من سوء معاملة الروس في أوكرانيا”.
موسكو غيرت خطتها
وأضاف أنه “اتضح، فيما بعدُ، أنّ الطبيعة المحدودة للعملية الروسية حققت عكس النتيجة التي أرادتها موسكو، إذ نقلت انطباعاً بالضعف ، وليس القوة”.
وبحسب المسؤول الأميركي، فإنّه بعد أن “استنتج الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أنّ الافتراضات الأساسية المتعلقة باستعداد واشنطن للتفاوض والتسوية كانت غير صحيحة، أمر بتطوير خطط عملياتية جديدة، ذات أهداف جديدة: أولاً، سحق العدو الأوكراني؛ ثانياً، إزالة أي شك، لدى واشنطن والعواصم الأوروبية، في أنّ روسيا ستحقق النصر وفقاً لشروطها؛ ثالثاً، خلق وضع إقليمي جديد يلائم حاجات الأمن القومي لروسيا”.
ولفت إلى أنّ “المرحلة الهجومية المقبلة من الصراع ستوفّر لمحة عن القوة الروسية الجديدة الناشئة، وقدراتها المستقبلية”، متابعاً: “حتى كتابة هذه السطور، تم تجميع 540,000 من القوات القتالية الروسية في جنوبي أوكرانيا وغربي روسيا وبيلاروسيا”.
الجيش الروسي المقاتل
وأوضح أنّ “الأعداد تستمرّ في الازدياد، لكن الأرقام تشمل، بصورة فعلية، 1000 نظام مدفعي صاروخي، وآلاف الصواريخ الباليستية التكتيكية، وصواريخ كروز، وطائرات من دون طيار، بالإضافة إلى 5000 مركبة قتالية مدرعة، بما في ذلك ما لا يقل عن 1500 دبابة، ومئات الطائرات الهجومية وقاذفات القنابل”.
إلى جانب ذلك، أشار المسؤول الأميركي السابق إلى أن “من الممكن الآن أن نتوقّع أنّ القوات المسلحة الروسية الجديدة، التي ستتطوّر من بوتقة الحرب في أوكرانيا، ستكون مصممة على تنفيذ عمليات استراتيجية حاسمة”.
ورأى أن “من المرجح أن تستلهم القوة الروسية الناتجة، من تصميم القوة والإطار التشغيلي الموصى به، ملامحَ الصراع المسلح في المستقبل”، مؤكداً أنّ “المؤسسة العسكرية الجديدة ستتألف من قوات أكبر كثيراً، يمكنها إجراء عمليات حاسمة في غضون مهلة قصيرة نسبياً، بأقل قدر من التعزيز والإعداد”.
نهاية النظام الليبرالي
وأضاف أنه “بحلول الوقت الذي ينتهي فيه الصراع، يبدو أنّ واشنطن ستكون دفعت الدولة الروسية إلى بناء قوتها العسكرية، على عكس الضعف القاتل الذي قصدته واشنطن، عندما شرعت في مسار المواجهة العسكرية مع موسكو”.
وختم ماكغريغور بالقول إنّ “سلوك بايدن في السياسة الخارجية الأميركية يعني أنّ نتيجة المرحلة التالية من الحرب الأوكرانية لن تدمر الدولة الأوكرانية فقط، بل ستقضي أيضاً على آخر بقايا النظام الليبرالي، في فترة ما بعد الحرب، وتُنتج تحولاً دراماتيكياً في السلطة والنفوذ في جميع أنحاء أوروبا، وخصوصاً في برلين، بعيداً عن واشنطن، إلى موسكو، وإلى بكين إلى حدّ ما”.
المصدر : The American Conservative
الثلاثاء، 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، 2022