بعد القصف الجوي على سوريا : ربما اقترب الأردن من لحظة (إعادة) النظر في الخيارات الكبرى؟

بعد القصف الجوي على سوريا : ربما اقترب الأردن من لحظة (إعادة) النظر في الخيارات الكبرى؟

اتفاق سعودي ـ صيني على تعزيز «الشراكة الاستراتيجية»
الحشيشة تفاقم أزمة الصحة العقلية لدى الشباب : نتائج دراسة أميركية
اتحاد الصحفيين في سوريا: طوفان الأقصى تفتح الطريق لتحرير فلسطين

شنت مقاتلات حربية أردنية غارات جوية على قرى سورية في محافظة السويداء، يوم 18 كانون الثاني/ يناير الماضي. ونقلت صحف عربية عن الجيش الأردني أنه استهدف مهربي المخدرات. لكن هذه الصحف نقلت عن مصادر محلية، نفياً لمقتل أي اسم بارز في تجارة أو تهريب المخدرات. وقالت إن الغارات تسببت بمجزرة فظيعة في قريتين حدوديتين، أودت بحياة 10 مواطنين سوريين جلهم من النساء والأطفال.

وهذه الغارة هي الأعنف في سلسلة الغارات التي بدأ الجيش الأردني بشنها على الأراضي السورية، بعد القمة العربية في جدة (أيار/ مايو 2023) وعودة سوريا إلى “جامعة الدول العربية”. وأكدت وسائل إعلام غربية أخبار هذه المجزرة. ونقلت عن شهود عيان قولهم إن الغارات الأردنية دمرت منزلين في قرية عرمان السورية، يملكهما عمر طلب وتركي الحلبي. وقد قتل طلب ووالدته وخالته. كما قتل الحلبي وسبعة من أفراد عائلته بينهم زوجته وابنتيه الصغيرتين.

ورأى ديبلوماسي عربي مخضرم يعمل في بيروت، إن “الخطوة الحربية” الأردنية، جاءت بينما العالم ينتظر قرار محكمة العدل الدولية من حرب الإبادة التي تشنها “إسرائيل” على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ مئة يوم ونيف. ولفت إلى أن بيان العتب الأخوي والحرص على العلاقات القومية الذي أصدرته الخارجية في سوريا، بعد خمسة أيام من الغارات على السويداء، لم يخفف من اندفاعة الأردن. إذ حمل بيان الخارجية في عمَّان نبرة تصعيد مشؤوم. علماً بأن تقارير صحفية ألمحت إلى معلومات عن أسماء رجال أعمال أردنيين ومحسوبين على الطبقات السياسية [في عمان] تدور حولهم شبهات التعاون مع ميليشيات التهريب من سوريا.

وحذر هذا الديبلوماسي مما يتردد عن تورط بعض الأوساط الأردنية النافذة في مخطط أميركي ـ بريطاني لفتح “جبهة عسكرية ـ ديبلوماسية” جديدة في المشرق العربي. وقال إن نظام الحكم في الأردن يعاني ضيقاً واضحاً، بسبب صمود المقاومة والشعب في قطاع غزة بمواجهة الحرب الهمجية التي يشنها عليهما جيش الإحتلال “الإسرائيلي”. واشار إلى أن موافقة الأردن على منح القواعد العسكرية الأميركية حقوقاً سيادية على اراضيه لم يضمن أمنه. مثلما أن تمسك النظام الأردني بكامل الإتفاقات الإستراتيجية التي عقدها مع كيان الإحتلال الصهيوني، لم يمنع الصهاينة من تهديده بقطع المياه عن الأردن.

وأكد هذا الديبلوماسي وجود اتفاقات أمنية وعسكرية لضمان استقرار الحدود بين سوريا والأردن. لكن العمل فيها بات معلقاً بالخيارات الكبرى التي ربما يقترب النظام الأردني من لحظة الوقوف أمامها و(إعادة) النظر فيها. فالظروف الإستراتيجية الجديدة التي دخلها المشرق العربي، لها ديناميات دولية وإقليمية وعربية، تصبح معها العودة إلى الوراء ضرباً من المستحيل. ونبه إلى أن الغارات الأردنية المتكررة على الأراضي السورية هي رمي في “المجهول الإستراتيجي”، وذلك للأسباب التالية :

ـ دخول مصر والسعودية، وكذلك دولة الإمارات في تحالف بريكس الذي يشكل اتجاهاً دولياً عارماً، يضم دول الشرق والجنوب في العالم. بينما الأردن متمسك بعلاقاته مع دول الغرب المتهافت.

ـ تحول التفاعلات الديبلوماسية العربية ـ العربية نحو التعاون والتنسيق، وخصوصاً تحسن العلاقات السورية ـ السعودية، حيث تقترب الرياض من فتح السفارة السعودية في دمشق.

ـ تنامي انسجام المصالح الخاصة بين مصر وإيران، واتساع مجالات التعاون وزيادة عدد ملفات التنسيق التي تبحث في إطار المحادثات الديبلوماسية شبه الدائمة بين القاهرة وطهران.

ـ تماسك محور المقاومة للإحتلال “الإسرائيلي” في الساحة الرئيسية في غزة، أو في ساحات المساندة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، والإستعداد لتوسيع مسرح العمليات ضد “إسرائيل” وحلفائها وتغيير اتجاهات النار والحركة.

ـ خيبة بعض الأنظمة والقوى. فلم يتفكك محور المقاومة وما سقط أمام الهجوم “الإسرائيلي” ـ الغربي، الذي أعقب طوفان الأقصى. بل الولايات المتحدة تتحدث عن سحب قواعدها من سوريا والعراق.

وأضاف هذا الديبلوماسي المخضرم : إن غارات الجيش الأردني على سوريا، تبين تمسك نظام الحكم في عمان بحبل الغرب. وتحديداً حبل بريطانيا وأميركا (ـ “إسرائيل”). ولهذه السياسة الخارجية أسبابها التاريخية. لكن التاريخ، تاريخ العالم المعاصر، يتغير الآن. بل في كل لحظة يتغير. واعتبر هذا الديبلوماسي أن هذه الغارات هي غارات على المحور. وهي تضعف فرص تحسن العلاقات مع دوله. لا سيما وأن الأردن يطمح ـ عن حق وصواب ـ بأن يشارك في إعمار العراق وسوريا.

وكشف عن أن الأردن ارتكب خطأ استراتيجياً بحق روسيا بسبب تشبثه بهذا الحبل الغربي المتهالك. عندما وافق تحت الضغط الأميركي على تزويد نظام الحكم [الذي يديره بعض اليهود الصهاينة] في أوكرانيا، بأسلحة وذخائر ومعدات حربية، ليقاتل بها الجيش الروسي في دونيتسك ولوغانسك وأماكن أخرى. علماً بأن موسكو في مرحلة ما قدمت معونة صناعية إلى عمان لتمكينها من إنتاج بعض الأسلحة والمعدات الحربية، بشروط كريمة، غريبة عن الغرب.

وختم بأن استرضاء واشنطن ولندن وتل أبيب أضعف عوامل الإستقرار الإستراتيجي في الأردن. فهو بلد مديون ويعتمد على المساعدات الخارجية. بل إن صحيفة “إسرائيلية” كتبت بكل حقارة، إن حكومة عمان لم تعد “الأخت الصغيرة” لحكومة تل أبيب، رغم أن هذه “الأخت” قامت بعد احتجاج “إسرائيلي”، بتغيير إسم “مطعم شاورما” في مدينة الكرك حمل اسم “7 أوكتوبر”، تيمناً بيوم طوفان الأقصى.

مركز الحقول للدراسات والنشر

‏الجمعة‏، 16‏ رجب‏، 1445 الموافق ‏26‏ كانون الثاني‏، 2024

Please follow and like us:

COMMENTS