دبت الإنقسامات بين أطراف حزب “الإخوان” الحاكم في تركيا. وذكرت مصادر في رئاسة الحكومة التركية، أن أحمد داود أوغلو يعتزم تقديم استقالته من رئاسة الوزراء، بعد خلاف مع الرئيس التركي رجب أردوغان. واجتمع داود أوغلو بأردوغان عصر أمس الأربعاء في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة، لمدة ساعة ونصف، دون الإعلان عن فحوى ما دار بينهما من حديث، بحسب ما ذكر موقع “تركيا برس”.
واكتفت رئاسة الجمهورية التركية بالقول، أنّ الاجتماع بين أردوغان وداود أوغلو كان اعتيادياً. بينما ألمحت أوساط مقربة من حزب العدالة والتنمية إلى وجود خلاف بين الرجلين. أما صحيفة الحياة البريطانية فأشارت، في تقرير لها مساء أمس أيضاً، إلى أن رئيس الوزراء التركي لوّح للمرة الأولى، بتخلّيه عن منصبه وانسحابه من الحياة السياسية، بعد تعرّضه لاتهامات بـ “التآمر” وجّهها إليه مقرّبون من الرئيس أردوغان. ونقلت عن داود أوغلو قوله أمام الكتلة النيابية لحزب “الإخوان” الحاكم: “لا أخشى سوى الله، لا ما يُكتب ويُقال عني، وأنا مستعد للتخلّي عن أي منصب، وأن أضحّي بنفسي في سبيل بقاء حزب العدالة والتنمية متماسكاً”.
وبحسب الصحيفة ذاتها كان حساب “مجهول” نشر على الإنترنت ما سمّاها “نقاط خيانة الأمانة” التي سجّلها أردوغان على داود أوغلو، خلال ترؤسه الحكومة. ومن هذه النقاط أن “داود أوغلو لم يلتزم بشرطين وضعهما أردوغان لتسليمه زعامة حزب “الإخوان” في تركيا، وهما : إقرار نظام حكم رئاسي والامتناع عن التعاون مع الغرب الذي يريد إطاحة أردوغان، مستغلاً الملفين السوري والفلسطيني”.
ويحمّل أردوغان رئيس وزرائه مسؤولية تدهور الملف السوري، متهماً إياه بالتفريط في الملف الكردي، وبالتواطؤ أحياناً مع “مؤامرات جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، في محاولات إلصاق تهم فساد بأردوغان وعائلته”.
وأكد مقرّبون من حزب “الإخوان” أن ردم هوّة الخلاف بين أردوغان وداود أوغلو بات صعباً، وقالوا إن الحزب “الإخواني” التركي منقسم بين ثلاثة تيارات، الأول يتبع أردوغان والثاني الرئيس السابق عبد الله غل، والثالث داود أوغلو، وهو التيار الأضعف.
وساطات فاشلة
ونقل موقع عربي 24 عن مصادر مطلعة أن الساعات القادمة ستشهد اجتماعات ووساطات داخل الحزب لحل الأزمة بين الرجلين. وبحسب المصادر نفسها فالخلاف بين الرجلين ليس جديدا، وأنه يتمحور حول قيادة حزب العدالة والتنمية، لكنه تصاعد بعد النتائج غير المرضية التي حققها الحزب في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في حزيران/ يونيو الماضي، قبل أن يحصل الحزب على الأغلبية الكافية بالانتخابات المبكرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.
وذكرت المصادر إن أوغلو وافق على تعيينات في قيادة الحزب “الإخواني” اشتملت على “أشخاص لا ينتمون للأعضاء المؤسسين للحزب” نزولا عند رغبة أردوغان الذي يسعى لتوسيع التمثيل في القيادة، وذلك استجابة للضغوط ومنعا لتعميق الصراعات داخل الحزب، حسب قوله. وأشارت إلى أن كلا الرجلين يتبنى رؤية يعتقد أنها تصب في مصلحة الدولة والحزب، “فأردوغان يريد توسيع دائرة الانتماء للحزب والقيادة بما يشمل تيارات مختلفة، فيما يرى أوغلو ضرورة توسيع القيادة ولكن مع الاعتماد على النخب المؤسسة للحزب”. لكن مصادر أخرى تتوقع فشل الوساطات بين قطبي حزب “الإخوان” الحاكم في تركيا.
علام اختلف قطبا “الإخوان” الأتراك؟
إن الخلافات بين أردوغان وداوود أوغلو ليست بجديدة. لكنها أخذت أبعاداً واضحة وجدية خلال الأيام القليلة الماضية. ويبدو أن لقاء الأربعاء كان حاسماً في وضع نهاية لمسيرة داود أوغلو. وقد بادر هذا الأخير إلى الدعوة لاجتماع مؤتمر الحزب العام في نهاية شهر مايو/أيار الجاري لانتخاب بديل منه في منصب رئيس حزب “الإخوان”، ومنصب رئاسة الوزراء أيضاً. وأبرز ملفات الخلاف بحسب موقع “الجزيرة ترك”، هي :
ـ قرار رئيس جهاز الاستخبارات التركي هاكان فيدان ترشيح نفسه كنائب عن حزب العدالة والتنمية في انتخابات السابع من يونيو/حزيران من العام 2015، وذلك بعد اجتماع استشاري مع داود أوغلو، وهو الأمر الذي رفضه أردوغان ما أدى إلى سحب فيدان ترشيحه وعودته لرئاسة جهاز الاستخبارات. واستمر الخلاف بين الطرفين في ملفات أخرى مثل حزمة الشفافية التي حاول داود أوغلو طرحها في البرلمان، وكان واضحاً معارضة أردوغان لها بصيغتها المطروحة.
ـ ملف الحكومة الائتلافية الذي طرح من بعد فشل حزب العدالة والتنمية في الحصول على الأغلبية الكافية لتشكيل حكومة بمفرده، حيث كان داود أوغلو يسعى جاهداً لتشكيل حكومة ائتلافية، فيما كان توجّه أردوغان نحو إجراء انتخابات مبكرة، وهذا ما حدث فعلاً.
ـ يرغب أردوغان بإنشاء نظام حكم رئاسي في تركيا بدلاً من النظام البرلماني الحالي. أما داود أوغلو فإنه يدعم النظام البرلماني. ورأى أن الشعب لم يفوّض الحزب “الإخواني” بتغيير نظام الحكم، وهو ما اتضح من نتائج انتخابات 7 يونيو/حزيران 2015.
توقعات : مؤتمر “الإخوان” وانتخابات؟
سيُعقد مؤتمر عام استثنائي للحزب “الإخواني” يوم 22 مايو/أيار الجاري، يجري فيه انتخاب زعيم جديد للحزب ليرأس الحكومة أيضاً. بينما يعلن داود أوغلو عدم ترشحه لرئاسة الحزب. بعد ذلك يتوقع إجراء انتخابات عامة مبكرة في تركيا، يريدها “الإخوانيون” الأتراك للحصول على الأغلبية الكافية في البرلمان، لكي ينفذوا مشروع أردوغان بتعديل الدستور، من دون الحاجة إلى تنظيم استفتاء شعبي عام حوله.
وإذا نجح “الإخوان” في ذلك، وهذا ممكن حسب محللين مختصين، يصبح الطريق ممهداً نحو تغيير نظام الحكم في تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي. هكذا يبدو هدف أردوغان في المتناول، وهو سيصبح القطب الوحيد في حزب “الإخوان” الأتراك، لأنه يكون قد تخلص من القطبين الآخرين : داوود أوغلو ومن قبله … عبدالله غل؟!.
موقع الحقول للدراسات والنشر
5 أيار 2016
المصادر :
ـ خبراء في الشأن التركي من بيروت
ـ الروابط الإخبارية التالية :
http://www.turkpress.co/node/21446
http://www.alhayat.com/Articles/15413119/
http://www.aljazeera.com.tr/al-jazeera-ozel/bestepe-ile-kirilma-noktalari
http://arabi21.com/story/906439/
http://www.huffpostarabi.com/2016/05/04/story_n_9842498.html?utm_hp_ref=arabi
http://www.huffpostarabi.com/2016/05/05/story_n_9846440.html