في هذا السياق بات في حكم المؤكد ألا يوقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي وقعه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق واحاله على رئيس الوزراء سعد الحريري الذي تريث بدوره في توقيعه منتظراً انتهاء المهلة اليوم. وأوضحت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية لـ”النهار” ان امتناعه عن توقيع المرسوم يندرج في اطار التزام خيار أساسي لا يمكن تجاوزه ودعمه فيه معظم الافرقاء السياسيين. ولاحظت ان من حق رئيس الجمهورية وصلاحياته عدم توقيع المرسوم وابقائه لديه لانه مرسوم عادي غير مقيد دستوريا بمهل زمنية مطمئنة الى أن انه لا داعي للذعر والخوف في الحديث عن مهل لان المهل لا تنتهي في 21 شباط (اليوم) بل في 21 آذار اذا اعتمدت الاشهر الثلاثة الفاصلة عن تاريخ انتهاء ولاية مجلس النواب وبذلك يصبح 21 شباط مهلة حث فيما تنطبق على 21 آذار بداية مهلة التسعين يوماً قبل نهاية ولاية المجلس ولا شيء يمنع في حينه من اتخاذ الموقف المناسب. وتضيف المصادر ان هامش التحرك لا يزال واسعاً ما دام أي اتفاق على قانون جديد يمكن ان يتزامن مع تعديل المهل أو تعليق العمل بها أو اعتماد أي اجراء آخر وخصوصاً اذا كان مرتكزاً على اتفاق سياسي.
أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أنّ وجود قوات أميركية على الأرض السورية خطِر وسيعقّد الأوضاع، معتبراً أن التكفيريين في مرحلة الهزيمة الآن، والأميركيون يريدون أن يكونوا شركاء في النصر عليهم.
وفي حديث مع القناة الأولى للتلفزيون الإيراني، أشار نصرالله إلى أنّ الحرب على سوريا تجري بتخطيط سعودي أميركي. وأكد أنّ سوريا تجاوزت مرحلة الخطر، والوضع الميداني أفضل. ورداً على سؤال يتعلق بموقع روسيا في الصراع السوري، أكد أن روسيا ليست جزءاً من محور المقاومة، و»نحن نتفق معها في قضايا ونختلف في أخرى». وأبدى تفاؤله بنحو كبير بالمستقبل، رغم الدمار الحاصل اليوم
وفي الشأن الإسرائيليّ، قال نصرالله إنّ إسرائيل تدعم داعش عبر التسليح والتدخل الجوي أحياناً، «وعليها أن تعدّ للمليون قبل الاعتداء على لبنان، لأن المقاومة جاهزة لكل تهديد، ولن نلتزم خطوطاً حمراء في ما يتعلق بأمونيا حيفا ونووي ديمونا». أما التهديدات الاسرائيلية لإيران، فوصفها بأنها مجرد حرب نفسية. وقال إنه على يقين بأن الانتصار في أي حرب مقبلة سيكون أكبر بكثير من انتصار تموز 2006، مشيراً إلى أنّ المقاومة كان باستطاعتها أن تضرب مخزن الأمونيا بحيفا في حرب تموز في أية لحظة. وأشار إلى أن اللبناني كان يخاف من إسرائيل، أما الآن فالعكس تماماً، و»لا نستطيع أن نتحدث عن حصولنا على أي سلاح جديد، لكننا لدينا القدرة على القيام بما نتوعد به».
من جهة أخرى، قال نصر الله إن محبته لمرشد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي «عاطفية وشخصية قبل أن تكون سياسية، وأنا من الأشخاص الذين يدعون في صلواتهم أن يأخذ الله بقية عمرهم ويطيل بعمر السيد القائد».
وفي الشأن السياسي الداخلي، تسقط اليوم أول مهلة دستورية لدعوة الهيئات الناخبة، فرئيس الحكومة سعد الحريري الذي يجد بين يديه مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي أحاله عليه وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد توقيعه، لا يعلم إن كان عليه أن يوقعه ويرسله إلى رئاسة الجمهورية أم ماذا! وهو الإرباك الأكبر الذي يواجهه الحريري منذ تكليفه تأليف الحكومة.
فهو من جهة لا يريد تعكير صفو علاقته برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومن جهة أخرى يواجه، كما غيره، انسداد الأفق أمام إمكان اتفاق القوى السياسية على قانون جديد للانتخابات، خاصة بعد تبلّغ الوزير جبران باسيل رسمياً رفض كل من الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل اقتراحه الأخير لمشروع قانون للانتخابات يقوم على النظام التأهيلي على مرحلتين: أكثري في دوائر صغرى، ونسبي في دوائر متوسطة. وينضم المستقبل والاشتراكي إلى «حليفهما» حزب القوات اللبنانية في رفض اقتراح باسيل. ورغم انعقاد اجتماع أمس بين باسيل والوزيرين غطاس الخوري وملحم رياشي، فإن شيئاً جديداً لم يطرأ، ولا يبدو أن هناك حلاً أو مشروعاً يُتداوَل به. وكان المكتب السياسي للتيار الوطني الحر قد عقد اجتماعه الشهري برئاسة باسيل، وأصدر المجتمعون بياناً تلاه النائب آلان عون قال فيه: «أعاد التيار التأكيد أن لا مفر من إقرار قانون انتخاب جديد لتجنب أزمة سياسية حقيقية تلوح في الأفق إذا بقيت القوى السياسية عاجزة عن الاتفاق على قانون انتخاب جديد، وخصوصاً أنه ليس لدينا أي خيار، لا التمديد لمجلس النواب، ولا إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين. فالحل الوحيد هو أن نختار بين ما يجري التداول فيه حالياً، أي بين قانونين: القانون المختلط القائم على مبدأ أكثري ونسبي، إنما وفقاً لمعايير موحدة، وثانياً القانون التأهيلي الذي يضم النظام الأكثري على أساس الطائفة، والنسبية على الأساس الوطني مع تأهيل أول وثانٍ. اليوم كل المداولات والاجتماعات تدور حول هذين الموضوعين، وعلى هذا الأساس تبقى الفرصة أمام القوى السياسية أن تتفق على أحدهما».
فخارج المعلومات التي ترددت عن تأثيرات سلبية عربية للتصريحات التي أدلى بها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب الخميس الماضي، والتي تتضمن أيضاً كلاماً عن اتجاه لإلغاء مؤتمرات عربية مثل الملتقى اللبناني – السعودي، فوجئت الاوساط السياسية بالتفسيرات التي أعطتها محطة O.T.V لرد الرئيس عون على «تهديدات كيان العدو»، اذ اشارت الى ان «التهديد الصهيوني لم يأت من عدم، بل كان معطوفاً على تحييكات دبلوماسية – مخابراتية من الداخل الى الإقليم، وصولاً الى نيويورك مفادها ان واشنطن – ترامب كسرت الجرة مع طهران… إلخ، وأن «حزب الله» استراح في الميدان السوري، مما يقتضي استنزافه في مكان اخر… وعلى كل تلك التخرصات بنيت مؤامرة الإعداد لضربة جديدة للبنان، جاء كلام الرئيس ليحبطها ويسكتها…». وتساءلت هذه الأوساط عن الجهات الداخلية التي حيّكت المؤامرة التي اسقطها رد الرئيس على التهديدات؟
ووسط أجواء الريبة هذه، كانت مناقشات أرقام الموازنة تسير بهدوء متلمسة الدقة والحسابات والمعطيات الثابتة، بعدما عادت التجاذبات بين الهيئات الاقتصادية وهيئة التنسيق النقابية إلى الضغط على طاولة المناقشات، التي وان اتسمت بالتهدئة، إلا ان المزايدات الوزارية لم تغب عن الطروحات، إما نتيجة التزامات مسبقة ببعض المطالب، وإما في محاولة شعبوية، أو لاعتبارات أخرى كضيق أفق بعض الوزراء من أجواء الجلسات التي تعيد إلى الذاكرة بعض ما كان يحصل في مجلس الوزراء قبل العام 2008.
واثارت مسألة التوقيع أو عدمها على مرسوم الوزير المشنوق جدلاً دستورياً يتعلق بطبيعة المرسوم، والمواد الدستورية التي تلزم رئيسي الجمهورية والحكومة بالتوقيع، أولاً لأن المرسوم عادي اجرائي، فهو لم يصدر عن مجلس الوزراء، والذي ليس بإمكان رئيس الجمهورية أن يحتفظ به أو يمتنع عن اصداره، كما ان توقيع رئيس الحكومة ينطلق من تسيير عمل الدولة الذي يلزمه به الدستور، وهو لا يُشكّل احراجاً بأي حال من الأحوال لرئيس الجمهورية.
ويدعم خبير دستوري وجهة النظر هذه بالعودة إلى المادة 56 من الدستور التي تنص في فقرتها الثانية على «وهو (أي رئيس الجمهورية) يصدر المراسيم ويطلب نشرها، وله حق الطلب الى مجلس الوزراء إعادة النظر في أي قرار من القرارات التي يتخذها المجلس خلال 15 يوماً من تاريخ ايداعه رئاسة الجمهورية. واذا أصرّ مجلس الوزراء على القرار المتخذ او انقضت المهلة من دون اصدار المرسوم أو اعادته، يعتبر القرار او المرسوم نافذاً حكماً ووجب نشره».
وبما أن المرسوم، وفقاً لهذا المرجع، لم يصدر عن مجلس الوزراء، وأن نص المادة واضح لجهة المراسيم العادية التي يتعين نشرها، اما الامتناع عن التوقيع فهو يشكل سابقة وربما مخالفة.
ويضيف هذا المرجع الدستوري انه ما دام لم يصدر قانون جديد للانتخابات، فان القانون الذي يحكم في مثل هذه الحالة هو القانون النافذ، وإذا امتنع أي من الأربعة (الرئيسان والوزيران) يكون ذلك مخالفة للمادة 44 من القانون رقم 25 المعروف بقانون الستين.
ولم ير المرجع الدستوري نفسه أية مشكلة من توقيع المرسوم والمضي في العمل لإنجاز قانون جديد للانتخابات في الفترة الفاصلة عن انتهاء ولاية المجلس الحالي منتصف ليل 20 – 21 حزيران المقبل. وبالامكان تضمين اي قانون جديد مادة بتعديل المهل، الأمر الذي يفرض تمديداً تقنياً في فترة زمنية تكون بين ايلول وتشرين. وتخوّف هذا المرجع من العودة إلى تعطيل الدولة وفقاً لاعتبارات تفتقر إلى القانونية والدستورية.
في المقابل، أوضحت مصادر مطلعة في رئاسة الجمهورية، انه يحق دستورياً للرئيس عون عدم التوقيع على هذا المرسوم باعتباره مرسوماً عادياً وليس مرسوماً يحتاج إلى مجلس الوزراء يصدر بعد 15 يوماً إذا لم يوقع عليه الرئيس، في حين أن المرسوم العادي لا مهلة له ولا يصدر من دون توقيع الرئيس.
ولفتت المصادر إلى انه لا يزال هناك فسحة قبل تاريخ 21 حزيران للوصول إلى اتفاق، معلنة أن ما من صيغة نهائية بعد رسا عليها القانون الانتخابي.
وفيما قالت مصادر نيابية قريبة من «المستقبل» ان اتصالات تجري بخطى حثيثة للتوصل إلى قانون انتخابي جديد، من شأنها ان تشكّل مخرجاً للمآزق القانونية والدستورية، لاحظت مصادر نيابية في 8 آذار ان المداولات والأفكار التي طرحت بشأن الصيغ الانتخابية ما تزال كأنها «طبخة بحص».
وبعد ان أعلن «التيار الوطني الحر» في موقف لمجلسه السياسي ان ما «يجنب لبنان أزمة تلوح في الأفق اختيار أحد صيغتين لقانون انتخابي جديد هما: اما المختلط، أو التأهيلي، لكن وفق معايير واحدة»، علمت «اللواء» من مصدر مطلع على موقف وزير مقرّب من الرئاسة الأولى، ان هناك قانوناً جديداً للانتخابات خلال 15 يوماً. وعندما سئل الوزير عن طبيعة هذا القانون، اكتفى بكلمتين: «نسبي هجين».
وفي السياق، علمت «اللواء» أيضاً ان بحوزة الرئيس نبيه برّي مفاجأة من العيار الثقيل، تتعلق بشأن قانون الانتخابات النيابية، وتتمثل بدراسة قانونية اعدها خبير قانوني، بأنه لا انقطاع في عمل المجلس النيابي إذا لم تتم الانتخابات، وهو ما يمكن ان يعلن عنه في الوقت المناسب».
بدورها قالت أوساط رئيس المجلس ان على الحكومة فور إحالة الموازنة على المجلس النيابي، ان تعكف على عقد جلسات مفتوحة لبحث وإقرار قانون جديد للانتخاب، وبعدها يفتح الباب للتفاهم على الأسباب الموجبة للتمديد التقني.
وحول ما إذا كان المرسوم الذي وقعه الوزير المشنوق بدعوة الهيئات الناخبة يحتاج إلى توقيع وزير المال، أكّد مرجع حقوقي ضليع ان لا ضرورة لتوقيع وزير المال لأن المرسوم يتعلق بدعوة الهيئات الناخبة وليس لاجراء الانتخابات التي تحتاج لإعتمادات مالية تصدر بمرسوم عن مجلس الوزراء وتحتاج إلى توقيع وزير المال.
وتضاربت توقعات الوزراء بالنسبة الى انتهاء دراسة المشروع حيث توقع البعض منهم الانتهاء من بحثه في جلسة الخميس بإعتبار ان النقاشات تتسم بالجدية، بينما اعتبر عدد اخر ان هناك حاجة لعقد المزيد من الجلسات وذلك بسبب تشعب البنود ودقتها.
وفي معلومات «اللواء» كما اوردتها مصادر وزارية فإن البحث في جلسة الامس تركز على تلاوة جدول الضرائب الذي يتضمنها مشروع قانون الموازنة بندا بندا، وتم شرح هذه البنود من قبل وزير المال علي حسن خليل حيث كانت هناك بعض الاسئلة والاستفسارات من عدد من الوزراء تمت الاجابة عنها.
واعلنت المصادر ان الجلسة المقبلة ستكون مخصصة لبحث الواردات وتفنيدها والضرائب التي سيتم الاتفاق عليها ستقر أما الضرائب الموضوعة والتي ستواجه معارضة من قبل الوزراء سيتم إلغاؤها. وأعتبرت هذه المصادر ان الضرائب الموضوعة معظمها منطقي ولا تطال اصحاب الدخل المحدود مثل الارباح العقارية والفوائد المصرفية والشركات المالية، كذلك بالنسبة الى الاملاك البحرية والنهرية، حيث لم يعد مسموحا، كما قالت المصادر استمرار غض النظر عن هذا الملف الذي من شأنه ادخال واردات كبيرة الى خزينة الدولة.
وأعلنت المصادر الوزارية رفض معظم الوزراء زيادة الضريبة على القيمة المضافة حتى ولو 1% لانها تطال جميع الفئات الاجتماعية بما فيها الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
وشددت المصادر على ضرورة اقرار سلسلة الرتب والرواتب رغم ان نفقاتها هي 1200 مليار ليرة ضمن الموازنة حتى لو كانت موضوعة ضمن احتياط الموازنة، واعتبرت ان مجرد بحث موضوع السلسلة يعتبر اشارة ايجابية مشيرة الى ان السلسلة هي حق يجب ان ينالها اصحابها خصوصا ان هناك ايرادات تغطي تكلفتها، وذّكرت المصادر بأن هناك اقتراح مشروع في مجلس النواب في هذا الاطار يجب اقراره.
وأجمع الوزراء على جدية البحث الذي يتم خلاله مناقشة السياسة العامة للموازنة، رافضين الدخول في تفاصيل المباحثات التي تجري داخل قاعة مجلس الوزراء.
تجدر الإشارة إلى ان هيئة التنسيق النقابية أعلنت الإضراب والاعتصام غداً الأربعاء تزامناً مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، ودعت إلى جمعيات عمومية الرابعة بعد ظهر اليوم للعمل على إنجاح الإضراب، في وقت أبلغت جمعية الصناعيين الرئيس الحريري رفضها لزيادة أية ضرائب جديدة، مشيرة إلى ان الصادرات الصناعية خسرت مليار دولار بسبب اغراق الأسواق بمنتوجات تشكّل منافسة غير مشروعة.
وحرصت مصادر قصر بعبدا على وصف لقاء عون بلوبان بأنه تناول العموميات، واقتصر على شرح المرشحة الفرنسية للوضع في فرنسا والتهديد الارهابي الذي تعرّضت له.
اما الرئيس الحريري الذي كان أشاد بماكرون ووصفه «بالصديق»، فإنه اكتفى باصدار بيان لمكتبه الإعلامي، لفت فيه نظر لوبان إلى ان «المسلمين هم أوّل ضحايا الإرهاب المستتر بلباس الدين، بينما هو في الواقع لا دين له، وأن المسلمين المعتدلين الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المسلمين في العالم هم أوّل هدف للارهاب المتطرّف باسم الدين».
ولاحظ انه «من الخطأ الأكبر في مقاربة هذا الموضوع هو الخلط الطائش الذي نشهده في بعض وسائل الإعلام والخطابات بين الإسلام والمسلمين من جهة وبين الإرهاب من جهة ثانية».
ومن المقرّر ان تلتقي لوبان اليوم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والبطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بعدما كانت التقت مساءً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، كما التقت نواباً يمثلون كتلاً نيابية في ساحة النجمة.
“رحل فارس من فرسان الدبلوماسية الملتزمة بقضايا الشعوب والقانون الدولي، فيتالي تشوركين يترجّل في ذروة عطائه في الرابعة والستين من عمره، بجلطة دموية أصابت دماغه المشتغل على كلّ الجبهات وعلى مدار الأربعة وعشرين ساعة فسقط مترنحاً في ردهة مكتبه وهو يعمل.
منذ العام 2006 وهو يشغل مقعد روسيا في مجلس الأمن الدولي مشكلاً ظاهرة من تدفق الحيوية والصدق والشجاعة والمهارة والكثير من الثقافة والحنكة، بمثل ما شكل تشوركين قبلة عيون الشعوب المظلومة من الهمينة الأميركية والثائرة عليها، والقلقة من ضعف روسيا في مجلس الأمن أمام التهديدات الأميركية والغربية والعقوبات والتلويح بالحروب الجانبية، ليخرج صوت تشوركين مدوياً، بقوة وزخم تعليمات الرئيس فلايديمير بوتين والوزير سيرغي لافروف، وسياسة دولة أرادت ان تستعيد حضورها بقوة الدفاع عن الحق، لكن صوت تشوركين وتلويح كفه رافعاً الفيتو كان يمنح هذه السايسة نكهة خاصة، وبصمة خاصة، وإنْ ينسى الأحرار في العالم فلن ينسوا أنّ وقفات تشوركين بوجه الغطرسة الأميركية ومال الخليج نطقت باسمهم، وأنصفتهم، وبين هؤلاء سيكون للسوريين حسرتهم الخاصة على خسارة تشوركين، الذي سيفتقده كثيراً زميله الديبلوماسي السوري بشار الجعفري، وقد تشاركا الأيام الصعبة والمواقف المشرّفة.
موسكو الحزينة على خسارة أحد فرسان دبلوماسيتها المميّزين، تبدو في حال تشاؤم تجاه المسار السياسي في سورية، مع ارتباك أميركي بائن وعجز عن صناعة سياسة جدية لترجمة شعارات الحرب على الإرهاب وارتباطها بالحلّ السياسي في سورية، واستعادة الدولة السورية لعناصر حضورها وقوتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، كشريك لا غنى عنه في هذه الحرب، والارتباك الأميركي لا يفقد موسكو شريكاً ضرورياً لإنجاح العملية السياسية والتقدّم في الحرب على الإرهاب وحسب، بل يهدّد بتآكل المنجزات التي تمثلت بالتموضع التركي وجذب الفصائل المسلحة بعيداً عن جبهة النصرة وانخراطها في مسار أستانة، مع ما بدا من تعثر في الحضور التركي الجدي في آخر لقاءات أستانة، وما تبعه من رفع للسقوف السياسية لتجمّعات معارضة الرياض، ومن التحاق للفصائل بالنصرة في معارك أحياء دمشق ودرعا.
الخيار العسكري الذي يدق الباب مجدّداً كما بعد فشل هدنة العام الماضي في تحقيق الفصل بين النصرة وما سمّته واشنطن بالمعارضة المعتدلة، حيث سلكت موسكو يومها ما كان يطلبه منها الحلفاء في سورية وإيران من عودة لمسرح المواجهة والتحضير لمعركة حلب، التي مهّدت طريق التموضع التركي وفتحت مسار أستانة، فيما يبدو الوضع اليوم على أبواب جولة جديدة ضرورية لتثبيت ما أنجز وفتح مسارات أشدّ ثباتاً.
طهران التي تؤكد متانة الحلف مع ورسيا، تردّ على تصعيد أنقرة باستدعاء السفير التركي وتسليمه رسالة احتجاج وطلباً لتوضيحات، تبدو منهمكة بافتتاح مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية اليوم، الذي تصفه الأوساط القيادية الإيرانية بأنه أوسع حشد دولي وعربي وفلسطيني دعماً للقضية الفلسطينية، وأول ترجمة لشعار جعل العام 2017 عاماً لفلسطين، في ظلّ مؤشرات تؤكد تصاعد الخيار المقاوم بالتناسب مع ذبول وسقوط خيار التفاوض وانسداد الأبواب أمام حكومة الاحتلال نحو الحرب والتسويات معاً.
لبنان الذي تحرّر عملياً من ضغط مهل إنتاج قانون جديد للانتخابات النيابية قبل حلول موعد دعوة الهيئات الناخبية الذي كان يفترض أن يتمّ اليوم، يواصل فيه المعنيون البحث بصيغ توافقية لقانون جديد، وسط لاءات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بـ»لا لقانون الستين ولا للتمديد»، وهي ذات لاءات رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي وصل للمشاركة في مؤتمر فلسطين في العاصمة الإيرانية، مع فارق أنّ بري يضيف للاءات عون لاءه الأخيرة بـ «لا للفراغ»، ليصير السؤال عن كيفية تفادي الفراغ في حال الفشل بالتوافق على قانون جديد واستحالة السير بالستين والتمديد، فترد مصادر على صلة بما يتم تداوله من خيارات، أن رئيس المجلس النيابي الذي يتمسك بالتوافق على مشروع القانون الذي سيعتمد قبل إحالته للمجلس النيابي، سيضطر للتحرّر من شرط التوافق إذا كان البديل هو الفراغ ويحدّد موعداً لجلسة تشريعية مخصصة لقانون الانتخاب تستبق نهاية ولاية المجلس الحالي، ويطرح فيها ما يعرف بالإقتراحات الأبعد مدى التي دار حولها النقاش، وهي التأهيل على النظام الأكثري في القضاء والانتخاب على أساس النظام النسبي في المحافظة، والمختلط بين الأكثري والنسبي، وقانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتعتبر المصادر انّ هذا الخيار لا يمكن أن يلقى معارضة رئيس الجمهورية الذي لوّح بقبول الفراغ لحث القوى السياسية على التوافق على قانون إنتخاب جديد فسيجد بهذا الخيار تلبية لما أراده، ولا معارضة التيار الوطني الحر الذي يتفق مع حركة أمل وحزب الله على النسبية الكاملة، ولا يمكن أن يغيب عن هذه الجلسة كلّ من تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية، عدا عن الحلفاء القريبين كحزب الله وقوى الثامن من آذار الذين ستكون مشاركتهم مضمونة، ما يعني حتمية ولادة قانون جديد، خصوصاً انّ هذا التحديد لموعد محدّد وواضح لخيار جلسة مخصصة للتصويت سيضاعف الضغوط لبلوغ التوافق قبل موعد الجلسة التشريعية للتصويت على القوانين المتداولة.
وإذ كان امتناع الحريري عن طلب المرسوم من الأمانة العامة لمجلس الوزراء حتى يوم أمس لتوقيعه من باب التريّث في اتخاذ القرار، فإن قناة «أن بي أن» أشارت الى أن «رئيس الحكومة أخذ رأياً استشارياً دستورياً أكد له أن المهلة القصوى لدعوة الهيئات الناخبة هي 21 الحالي، وعليه قد يوقع المرسوم اليوم».
وقالت مصادر في تيار المستقبل لـ»البناء» إن «الرئيس الحريري سيتخذ القرار المناسب بشأن المرسوم ويتصرّف وفق ما يقتضيه القانون وفي حال وقّع يكون توقيعه قانونياً لا سياسياً، لأنه وتيار المستقبل يرفضان الانتخابات على القانون الحالي»، موضحة أن «رفض رئيس الجمهورية التوقيع على المرسوم، هو موقف سياسي وليس قانونياً ودستورياً»، مشيرة الى أن «المشنوق قام بواجباته ونفّذ القانون رغم أنه لا يريد الستين، لكن هناك قانون نافذ وعندما تتفق القوى السياسية على قانون جديد يلغي ما قبله ويجري تمديد تقني وتحديد مواعيد جديدة لإجراء الانتخابات».
وعلمت «البناء» أن «لقاءات شبه يومية ثنائية وثلاثية ورباعية تجري بعيداً عن الأضواء، ومحور النقاش هو الجانب التقني حول تقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد في الصيغ المطروحة كافة».
وأكد عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار لـ»البناء» «أننا نناقش جميع الصيغ التي تطرح علينا من القوى الأخرى في اللقاءات التي تجري بهدوء وعقلٍ منفتح للوصول الى صيغة مشتركة، ونلقي الضوء على مكامن الخلل في أي طرح، لكن لا صيغة توافقية نهائية حتى الآن، ولدينا متّسع من الوقت لنتفق لأننا مقتنعون بأن إقرار قانون الانتخاب لا يتم إلا بالتوافق وليس بالفرض»، وشدّد الحجار على أن «قناعة كل القوى السياسية هي الاتفاق على قانون جديد قبل نهاية ولاية المجلس الحالي مع رفض التمديد للمجلس الحالي الذي يُعتبر أبغض الحلال»، كما لفت الى أن «هناك شبه توافق على أن القانون المختلط هو الحل ولديه فرص أكبر للتوافق حوله».
وفي حال سدّت الأبواب أمام إنجاز قانون جديد حتى موعد الانتخابات النيابية، توقع الزوار أن يوافق رئيس الجمهورية على تمديد مؤقت للمجلس لستة أشهر كحد أقصى، شرط أن يكون هناك وعد قاطع من جميع المكوّنات بإقرار قانون جديد والاتفاق المسبق على تفاصيله ويتمّ إقراره خلال مرحلة التمديد وتستكمل الاستعدادات للانتخابات المقبلة».
وقالت أوساط سياسية لـ»البناء» «إننا دخلنا في مرحلة جديدة وعهد جديد، وبالتالي على القوى السياسية الاقتناع بأن مسيرة التغيير قد بدأت ولن تتوقف، خصوصاً أن رئيس الجمهورية اليوم هو الرئيس الأول منذ عقود من الزمن لديه هذه الحيثية الشعبية والشرعية والمشروعية وبالتالي الإصلاح في النظام السياسي بات ضرورة وحاجة ملحة».
وقالت الأوساط إن «الرئيس عون مصرّ على النسبية حتى النهاية وهو متوافق مع حزب الله في هذا الأمر»، مؤكدة أن «الحريري لن يستطيع الوقوف في وجه رئيس الجمهورية منذ بداية عهده بمسألة قانون الانتخاب، وبالتالي سيسير بالنسبية في نهاية المطاف أو قانون قريب من النسبية يقتنع به عون». ولفتت المصادر الى أننا «لن نصل الى مرحلة الفراغ في السلطة التشريعية، لأن المجلس النيابي سيد نفسه ويحق له التمديد من الناحية الدستورية، لكن الخطوة غير ديموقراطية وشعبية وشرعية».
وإذ أشار رئيس المجلس النيابي نبيه بري من طهران الى «الأطماع «الإسرائيلية» في المنطقة وفي لبنان خصوصاً الذي يعتبر الشوكة في عينها»، أبدت المصادر خشيتها حيال الوضع الإقليمي لا سيما على الجبهة الجنوبية، حيث ترتفع احتمالات حماقة «إسرائيلية» بشنّ حرب على لبنان لا سيما بعد المعادلات الاستراتيجية التي فرضها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ومواقف الرئيس عون الداعمة للمقاومة التي تركت قلقاً كبيراً لدى كيان الاحتلال ما يعزز احتمال رد «إسرائيلي» في ظل الدعم الاميركي الذي يتلقاه الاحتلال، لكن المصادر استبعدت «منح ضوء أخضر أميركي للحرب في الوقت الراهن لأن الادارة الجديدة تحتاج الى وقت كي ترسم استراتيجياتها الجديدة في المنطقة وتحدد أولوياتها».
وفي حديث للقناة الأولى الإيرانية، لفت السيد نصرالله الى أن «سورية تجاوزت مرحلة الخطر وأن الوضع الميداني فيها أفضل من أي وقت سبق منذ اندلاع الأزمة». وأوضح أن «المنطقة الآمنة في سورية هي لتأمين غطاء جوي للمجموعات المسلحة»، معتبراً أن «ارسال قوات أميركية الى سورية يعقّد الوضع ويزيده خطورة، لأننا لا نعرف المنحى السياسي الذي ستتبعه الإدارة الأميركية وهو أقرب إلى فيلم هوليوودي يحاول أن يثبت الانتصار باسمه». ورأى أن «موقف روسيا كان موقفاً ممتازاً، وهذا ما ظهر من خلال المواقف السياسية والوجود العسكري على مدى أكثر من سنة، كما حققت انتصارات عسكرية مهمة وبعض الدول ضمّت روسيا إلى محور المقاومة في حين لا تعتبر روسيا نفسها كذلك».
ورأت لوبان بعد لقائها رئيس الحكومة في بيت الوسط أن «الرئيس بشار الأسد يشكل اليوم حلاً يدعو إلى الاطمئنان أكثر بالنسبة إلى فرنسا من «الدولة الإسلامية»، اذا تسلم هذا التنظيم الحكم في سورية، مثلما حصل في ليبيا، حيث تسلم الحكم بشكل جزئي بعد غياب القذافي».
وجالت لوبان في إطار زيارتها لبنان على كبار المسؤولين، فاجتمعت مع كل من الرئيسين عون ووزير الخارجية جبران باسيل وتناولت محادثاتها ملفي الإرهاب والنزوح السوري.
وتؤكد مصادر مطلعة على الزيارة لـ»البناء» «لوبان كانت ترغب بلقاء مع حزب الله، لكن الاجتماع لم يحصل، لأن حزب الله لا يمكن أن ينسجم أخلاقياً وعقائدياً وقيمياً وإسلامياً مع ظواهر مشابهة في المجتمعات الغربية تكنّ العداء الكبير للمسلمين وتتعامل بعنصرية وإغلاق الأبواب في وجه المهاجرين وطرد المسلمين من بلادها»، وتشير المصادر الى أن «عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نوار الساحلي اعتذر عن حضور اللقاء الذي عقد في المجلس النيابي بين لوبان والنواب ألان عون وميشال موسى وعاطف مجدلاني وفؤاد السعد»، وتضيف أن «المرشحين الفرنسيين للرئاسة ينظرون الى لبنان كمنصة إعلامية تظهيرية لقدرات أي مرشح».
واستكمل المجلس أمس، الذي انعقد برئاسة رئيس الحكومة في السراي البحث ومناقشة مشروع الموازنة. وبعد انتهاء الجلسة التي استمرّت حتى الثامنة مساء، قال وزير الإعلام ملحم الرياشي: «لا نزال في مرحلة البحث المعمّق بالموازنة، ويستمر البحث في جلستين تعقدان الأربعاء والخميس المقبلين لمتابعة موضوع الموازنة بالتفاصيل وبالعمق وبشكل دقيق».
وعرض وزير المال علي حسن خليل، خلال الجلسة للواردات المتوقعة في الموازنة أمام المجلس وقدم الوزراء وجهات نظرهم حيال طريقة إقرار الموازنة، لكن لم يتم البحث في ما إذا كانت سلسلة الرتب والرواتب ستبقى في مشروع الموازنة أو ستفصل عنها».
وقالت مصادر مطلعة لـ»البناء» إن «هناك نقطتين يدور حولهما الخلاف في مجلس الوزراء بشأن الموازنة، الأول أن جميع الإجراءات الضريبية باستثناء الكحول والمجمّعات البحرية أقرّت في الهيئة العامة للمجلس النيابي وليس في اللجان المشتركة منذ عامين، وهناك بعض القوى تحاول في الحكومة التراجع والتملّص منها»، اما النقطة الثانية فهي أن «القوى التي سبق ووافقت على إقرار سلسلة الرتب والرواتب وعلى رأسها المستقبل تحاول اليوم التراجع من خلال طرح مبدأ إلغاء بعض الضرائب على ذوي الدخل المحدود في مقابل إلغاء السلسلة وتمرير مشروع الموازنة من دونها».
وأوضحت أن «وزراء المستقبل رفضوا ضمّ السلسلة بينما أصرّ وزراء حزب الله على إقرارها، أما داخل التيار الوطني الحر فهناك وجهتا نظر، الاولى تريد السلسلة والثانية ترفضها»، لكن المصادر لفتت الى أن «الاتجاه في الحكومة هو إلى إلغاء بعض الضرائب التي تطال ذوي الدخل المحدود، وهناك تقاطع هنا بين وزراء حزب الله بعد كلام السيد نصرالله ووزراء رئيس الجمهورية». واضافت المصادر أن «المعركة الاساسية في الحكومة هي الضرائب على القطاعين المصرفي والعقاري، حيث يصرّ وزير المال مدعوماً من وزراء حزب الله على هذه الضرائب في مقابل رفض المستقبل». وتوقعت المصادر «إنهاء ملف الموازنة الأسبوع الحالي مع ترجيح إقرارها مع السلسلة التي تقلص المبلغ الذي تحتاجه إلى 1200 مليار ما لا يؤثر سلباً على الخزينة العامة للدولة».
كما وأوضحت المصادر أن «لا فرق بين إقرار السلسلة ضمن مشروع الموازنة أو بقانون خاص من احتياط الموازنة، بل المهم إقرارها»، محذّرة من أن «هدف البعض من فصلها عن الموازنة وإقرارها بقانون خاص أن تقرّ الموازنة من دون سلسلة لتطييرها».
وحذّر النائب وليد جنبلاط من الفوضى، ولفت في تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن «سلسلة الرتب والرواتب يجب ربطها بموارد ثابتة وإصلاح وأن تكون ضمن الموازنة بعد استكمال قطع الحساب».
وأكدت الهيئة في بيان أننا «لن ندع وسيلة ديموقراطية إلا وسوف نلجأ إليها لتحصيل حقوقنا وإقرار سلسلة رتب ورواتب عادلة تؤمن حقوق كل القطاعات الوظيفية في لبنان، بما فيها الموقع الوظيفي لكل من يطالب به، وحلّ مشكلة المتقاعدين والمستعان بهم.