وخلافاً لـ«الابتزاز» الذي يُمارسه البعض بأنّ لا حلّ سوى بمشروع باسيل، بدأ يُحكى في الأوساط السياسية عن مشروع قانون يعتمد النسبية في ست دوائر: بيروت، الجنوب، البقاع، الشمال، جبل لبنان الجنوبي وجبل لبنان الشمالي. النسبية في هذه الدوائر تمنع ما يَخشى منه، عن حقّ أو عن باطل، رافضوها لجهة تحذيرهم من الطغيان العددي للطائفتين المسلمتين. فهو يحصر الكتل الطائفية داخل المحافظات التاريخية، حائلاً أمام قدرتها على التأثير في المقاعد الـ128. كذلك فإنه يتيح للكتل الطائفية، إن كانت تملك الأكثرية، انتخاب نوابها. على الرغم من أن القيد الطائفي لا يزال معتمداً، لكن ليس في هذا المشروع أي سلبية من سلبيات مشروع جبران باسيل. لكن الحديث عن هذا الاقتراح لا يزال في مراحله الأولى.
النهار
لبنان “المخيّم الكبير”… أخطر تحذير للحريري
تتزاحم عناوين الملفات المتحركة التي تفتح يوماً بعد يوم في حين يبقى ملف قانون الانتخاب “الثابت” الوحيد الذي يعصى على أي تحريك فعلي. ويبدو واضحا ان القصور الرسمي والحكومي والسياسي عن اجتراح حل وشيك لمأزق قانون الانتخاب يملي في المقابل ملء الوقت الضائع والمهل النافدة أمام استدراك الازمة الكبيرة التي تلوح معالمها في الافق الداهم بوتيرة متلاحقة من وضع ملفات أمنية واقتصادية وخدماتية على النار عقب اقرار مجلس الوزراء مشروع الموازنة واحالته على مجلس النواب والاقرار المبدئي “بالاحرف الاولى ” لخطة الكهرباء التي تثير الكثير من الشكوك في متانتها وجدواها لبدء المعالجة الجذرية لأزمة الكهرباء على رغم الجهد الواسع الذي بذله وزير الطاقة والمياه سيزار أبو خليل امس لاقناع الرأي العام الداخلي بصوابيتها. أما مأزق قانون الانتخاب فيدور في حلقة مفرغة على رغم كل الايحاءات بامكان التوصل الى اختراق قبل منتصف نيسان. ولم يكن ادل على هذا الانسداد من تغريدة رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط مساء امس قائلاً: “لا يمكن القبول بمشروع انتخابي يقسم اللبنانيين ويلغي الشراكة والتنوع”.
الحريري وخطة النازحين
في غضون ذلك، وان كان الاجتماع الامني الموسع الذي عقد امس في قصر بعبدا للمرة الاولى بعد اكتمال عقد التعيينات الامنية والعسكرية الواسعة قد شد الأنظار الى استحقاقات تترتب على لبنان على صعيد التعامل مع شروط دولية لتحصين صورة لبنان امنيا فان ذلك لم يحجب بروز استحقاق آخر لا يقل عنه اهمية وثقلاً على المستويين الداخلي والخارجي وهو ملف النازحين واللاجئين السوريين قبل انعقاد مؤتمر بروكسيل الاربعاء المقبل الخاص بأزمة اللاجئين. ويستعد رئيس الوزراء سعد الحريري الذي سيمثل لبنان في المؤتمر لانجاز الورقة اللبنانية التي تتضمن سياسة الحكومة حيال ملف النازحين السوريين والتي ينتظر ان تتضمن معطيات جديدة وفق خطة أعدها مجلس والانماء والاعمار في شأن حاجات لبنان والتزامات المجتمع الدولي حيالها وخصوصاً على صعيد البنى التحتية. ورأس الحريري في هذا السياق اجتماعاً أمس للبحث في هذا الملف حضره الوزراء والمستشارون والاداريون المعنيون وانجزت خلاله الورقة اللبنانية الى المؤتمر. ومعلوم ان الحريري سيبدأ الاثنين المقبل جولة اوروبية تبدأ بباريس حيث سيكون له لقاء وداعي مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبيل الانتخابات الرئاسية الفرنسية وسيقلده هولاند وساماً رفيعاً جديداً. ثم ينتقل الثلثاء الى المانيا للقاء المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل ويتوجه على الاثر الى بروكسيل.
واعتبر الحريري أمس ان ازمة اللاجئين السوريين وصلت إلى “نقطة الانهيار” في لبنان، محذرا من ان “التوتر” بين اللبنانيين والسوريين يمكن أن يتحول إلى “اضطرابات مدنية”. وخلال لقاء مع وسائل الإعلام الأجنبية في بيروت، كشف أنه سيقدم الى المجتمع الدولي الاسبوع المقبل خلال قمة حول سوريا في بروكسيل خطة تتضمن استثمارات. وقال إن لبنان الذي يستقبل أكثر من مليون لاجئ سوري مسجل اصبح “مخيما كبيرا للاجئين”.
وأضاف: “لقد بلغت هذه القضية الذروة (…) نريد ان يصغي المجتمع الدولي الينا ويدرك أن لبنان يواجه أزمة “. واكد أن الوضع أكثر خطورة من أي وقت مضى، وخصوصاً على الصعيد الاجتماعي. واوضح في هذا الصدد انه “في معظم البلدات التي تستضيف اللاجئين، هناك توتر كبير بين اللبنانيين والسوريين “. ثم قال: “استقبل رؤساء بلديات (…) طلبوا مني التوصل الى وسيلة تسمح بترحيلهم الى سوريا. هذا شيء لن نفعله مطلقاً كحكومة لأننا نعرف المخاطر التي سيتعرض لها اللاجئون، لكن هذا يعكس مدى توتر الناس “.
وأعلن انه سيقدم إلى قمة بروكسيل “برنامجا على مدى خمس الى سبع سنوات (…) يلتزم خلالها المجتمع الدولي دفع مبلغ من 10 آلاف الى 12 الف دولار عن كل لاجئ من خلال الاستثمار في البنى التحتية” في لبنان.
وكمثال للضغوط، اكد الحريري ان تلامذة المدارس اللبنانية ارتفع عددهم من 200 الف الى 450 الفاً خلال ست سنوات. وقال “يجب على المجتمع الدولي أن يفعل شيئا، وإلا فان لبنان سيجد نفسه محشورا في نهاية المطاف. وقد تدفع هذه الازمة المستمرة اللاجئين الى عدم البقاء في لبنان”. وشدد على أننا “لا نريد اتخاذ قرارات كما فعلت بلدان أخرى (…) فتحت أبوابها وتركت (السوريين) يذهبون الى أوروبا”، في إشارة إلى تركيا التي يقطنها قرابة ثلاثة ملايين لاجئ سوري.
وختم: “لا نريد ان نصل الى هذا” الامر.
الاجتماع الامني
اما الاجتماع الامني الموسع الذي انعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور الرئيس الحريري في بعبدا، فلم يكن مجرد لقاء أول للقيادات الامنية الجديدة التي عيّنت اخيراً، بل عَلَمت “النهار” ان تجاوزات واشكالات لها علاقة بالامرة والمرجعية والتنسيق حصلت في مطار بيروت بين الاجهزة الامنية المعنية بأمن المطار، وتحديداً بين قوى الامن الداخلي وجهاز امن المطار، مما استدعى الإسراع في العمل على معالجة هذه العلاقة في التعاون والتنسيق. لذلك، تركّز البحث خلال الاجتمإع على ضرورة التنسيق بين الاجهزة وخصوصاً في ضبط كل المعابر وفي تكثيف الاجراءات قبيل عيد الفصح، وتسهيل حركة الوافدين في هذه العطلة.
وقالت المصادر على ان التنسيق والتعاون بين الأجهزة حازا الاولوية في هذا الاجتمإع، الذي كان لافتاً فيه أيضاً مشاركة مسؤوليْ الجمارك، مع العلم ان وزير المال غاب عنه. وكشف وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد الاجتماع ان ثمة ضغوطا دولية كبيرة في مسألة أمن المسافرين والطائرات وخصوصاً من جانب الاتحاد الاوروبي وهناك مطالبات بمزيد من التفتيش والتدقيق والعمل على تحقيق الامن على مستوى عال.
الأخبار
قانون الانتخابات: كفى تضييعاً للوقت!
تعترف القوى السياسية بأنها «محشورة بالوقت»، نتيجة تجاوز جميع المهل القانونية والدستورية المتصلة بالانتخابات النيابية. رغم ذلك، فإنها تستمر بتضييع الوقت في نقاش مشروع الوزير جبران باسيل، رغم أن الملاحظات عليه تجعله غير قابل للحياة، من دون أن يملك أيّ منها شجاعة إسقاطه بإعلان رفضها له. وبناءً على ذلك، باتت القوى السياسية مطالبة أكثر من أيّ وقت مضى بوقف تضييع الوقت، والذهاب نحو خيارات قابلة للتطبيق: النسبية الكاملة مثلاً
بات الكلام في ما خصّ البحث عن قانون جديد للانتخابات النيابية مُكرراً، خاصة لدى تذكير القوى السياسية، مع كلّ يومٍ يمضي، بأنها لا تعمل سوى على تضييع الوقت. آخر الصيغ المطروحة على النقاش بين الكتل هي المشروع «التقسيمي» الذي تقدّم به وزير الخارجية جبران باسيل، رغم أنه حظي باعتراض معظم الأحزاب والشخصيات السياسية عليه. مع ذلك، لا يزال يُنازع البقاء.
لماذا خسارة الوقت في بحث مشروع ساقطٍ؟ ولماذا لا تجرؤ أي من القوى المعترضة على المجاهرة برفض مشروع باسيل، فينتقل البحث إلى مناقشة صيغ أخرى بدل الاستمرار في تضييع الوقت في هذه «الحَشرة»؟
يواجه مشروع رئيس التيار الوطني الحر، حتى الساعة، أربعة اعتراضات أساسية؛ منها ما هو مُضمر ومنها ما هو مُعلن؛ من جهة، هناك اعتراض النائب وليد جنبلاط، وحزب الكتائب، والقوى العلمانية، وما يُسمّى مستقلّي 14 آذار و«سنّة» 8 آذار، والرئيس نجيب ميقاتي، وعدد آخر من القوى. وكان جنبلاط قد أكدّ، على وسائل التواصل الاجتماعي، أنه «لا يمكن القبول بمشروع انتخابي يقسم بين اللبنانيين ويلغي الشراكة والتنوّع».
الاعتراض الثاني يأتي من جهة الرئس نبيه بري، الرافض للتصويت الطائفي، وللآلية المعتمدة في التصويت النسبي في مشروع باسيل، لجهة تقسيم الدوائر وحصر الصوت التفضيلي في القضاء.
من جهة تيار المستقبل، ورغم إبلاغه باسيل أنه موافق على مشروعه، فإنّ التعبير الأوضح لموقف «التيار الأزرق» جاء على لسان الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، قبل أسبوع، حين عبّر عن رفض مشروع اللقاء الأرثوذكسي ولو كان مُقنَّعاً. والحديث هنا عن الشق الأكثري في مشروع باسيل، القائم على منع المسيحيين من انتخاب مسلمين والعكس. وما تجرّأ أحمد الحريري على البوح به، يهمس به سراً كلّ من شقيقه نادر الحريري (مدير مكتب الرئيس سعد الحريري) والوزير نهاد المشنوق والنائبين فؤاد السنيورة وسمير الجسر، وآخرون في التيار.
أما حزب الله، فقد أبلغ باسيل انفتاحه على مشروعه، وموافقته على جزء منه، ووجود «ملاحظات» على الجزء الآخر (آلية التصويت النسبي وحصر الصوت التفضيلي في القضاء).
جمع كلّ هذه الملاحظات يؤدي إلى نتيجة واحدة: رفض كامل للمشروع الباسيلي من كلّ القوى الوازنة في البلد. رغم ذلك، تستمر النقاشات بشأنه، وتستمر مضيعة الوقت، لعدم إقدام أيّ من المفاوضين على إعلان رفضه للمشروع، وكون باسيل يتمسّك بمشروعه كما هو، رافضاً أيّ تعديل جوهري عليه. وعلى سبيل المثال (لا الحصر)، يتريّث «المستقبل» في إعلان موقفه، لأنه يريد أن تصدر الـ«كلا» من جانب حليفي التيار الوطني الحرّ: حزب الله وحركة أمل.
وخلافاً لـ«الابتزاز» الذي يُمارسه البعض بأنّ لا حلّ سوى بمشروع باسيل، بدأ يُحكى في الأوساط السياسية عن مشروع قانون يعتمد النسبية في ست دوائر: بيروت، الجنوب، البقاع، الشمال، جبل لبنان الجنوبي وجبل لبنان الشمالي. النسبية في هذه الدوائر تمنع ما يَخشى منه، عن حقّ أو عن باطل، رافضوها لجهة تحذيرهم من الطغيان العددي للطائفتين المسلمتين. فهو يحصر الكتل الطائفية داخل المحافظات التاريخية، حائلاً أمام قدرتها على التأثير في المقاعد الـ128. كذلك فإنه يتيح للكتل الطائفية، إن كانت تملك الأكثرية، انتخاب نوابها. على الرغم من أن القيد الطائفي لا يزال معتمداً، لكن ليس في هذا المشروع أي سلبية من سلبيات مشروع جبران باسيل. لكن الحديث عن هذا الاقتراح لا يزال في مراحله الأولى.
وفي الملف الانتخابي، وخلال لقائه وفداً من «اللقاء الوطني»، أكّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنه «حتى الآن لا اتفاق واضحاً على قانون جديد للانتخابات»، وأن الحزب قدّم «عدة ملاحظات» على مشروع باسيل. وقالت مصادر في اللقاء الوطني لـ«الأخبار» إن «حزب الله لن يمشي، تحت ضغط الخوف من الفراغ، بقانون أمر واقع، لأن الفراغ ليس خياراً موجوداً في الأصل». وأشارت المصادر إلى أن «حزب الله يؤكّد ضرورة اعتماد الخيار الوطني في القوانين المختلطة، أي أكثرياً على أساس وطني ونسبياً على أساس وطني مع اعتماد الصوت التفضيلي على قاعدة وطنية». وقالت المصادر إن «فريق 8 آذار بأكمله يشدّد على ضرورة اعتماد لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية، وإن تعذّر الأمر، فعلى أساس خمس أو ست أو سبع دوائر كبيرة».
وأشار قاسم، خلال احتفال أمس، إلى أنه «لم نصل إلى قانون متفق عليه، وما زلنا نحرص على إنتاج قانون بشرط أن يكون منصفاً وتمثيلياً في آن واحد، بحيث تكون كل الفئات الموجودة على الساحة ممثلة في المجلس النيابي». وأعاد التأكيد أنّ الخيار هو النسبية لأنها «على قياس الوطن وليست على قياس الطوائف ولا على قياس قوى سياسية، وتعطي القوى المختلفة أحجامها ولا تختزل أحداً». وقال: «إذا أردنا أن نستفيد من الوقت المتبقي، والوقت غير مفتوح، من المهم أن نعود إلى النسبية لأنها الأكثر عدالة».
البناء
الجعفري يعلن نهاية جولة جنيف دون ردود على الأوراق… وبند الإرهاب
البيت الأبيض: يجب قبول الواقع السياسي في ما يتعلق بالرئيس الأسد
الحريري في بروكسل لمؤتمر النازحين يطلب تمويل التوطين بدل العودة
انتهت الجولة الخامسة من محادثات جنيف الخاصة بالحل السياسي في سورية، من دون أن تتمكن جماعة الرياض من نيل ما تمنت من انتصارات ميدانية، كان مرسوماً لها أن تتضمّن سقوط مدينة حماة بيد جبهة النصرة، فترفع من صوت جماعة الرياض الداعي لرحيل الرئيس السوري، وتمنحه أسباب قوة تجعله مسموعاً، فكان فشل الهجمات التي شنتها النصرة ورمت فيها ثقلها الذي قدّرته هيئة الأركان الروسية بأكثر من خمسة عشر الف مقاتل شاركوا في معارك دمشق وحماة قتل قرابة الثلاثة آلاف منهم، الصفعة التي غيّرت اتجاه البوصلة وثبتت انتصار حلب، ونتائجه السياسية.
خرج السفير بشار الجعفري منتصراً يتحدّث بلغة الواثق عن أوراق قدمت ولم تلق جواباً، لأن وفد جماعة الرياض الذي تهرب من اتخاذ أي موقف من الإرهاب الذي يضرب في سورية، بل وقف يقدّم التغطية للإرهاب، يردد أوهاماً تختصرها معادلة «سلّمونا مفاتيح دمشق والحكم فيها». وهذا لن يحدث على الإطلاق.
وزير خارجية فرنسا يتحدّث بعد جولة جنيف وغزوة النصرة التي شاركت فرنسا برعايتها عن الحاجة للسعي لمصالحة سورية واقعية تخرج من عقدة البحث بأحادية مستقبل الرئاسة السورية، وكلام الوزير الفرنسي جاء محاولة لتقبل المتغيرات التي حملها الموقف الأميركي الجديد، بعد فشل حرب ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، التي عاشت سورية فصولها في الأسبوعين الأخيرين، بعد زيارتين متتابعتين لكل من بن سلمان وبن يامين إلى واشنطن، وسقوط آخر أحلام تغيير الواقع الميداني بعد حرب حلب، ما رتب خروج موقف أميركي جرى التحضير له كبديل للفشل، عنوانه ما قالته ممثلة واشنطن في الأمم المتحدة عن تغيّر زمان السعي لأولوية إزاحة الرئيس السوري، وما قاله وزير الخارجية الأميركية عن كون مصير الرئيس السوري شأن يقرّره الشعب السوري، ليتوجّه البيت البيض بالدعوة لقبول التعامل مع الواقع السياسي للرئيس السوري بشار الأسد.
لبنان المتعب بمناقشات الموازنة، واللاهث وراء استيلاد قانون انتخاب، لم ينتبه رئيس حكومته لما يجري حوله في العالم وطبيعة المتغيّرات، فيذهب للمشاركة في مؤتمر عالمي في بروكسل تحت عنوان مواجهة مشاكل النازحين السوريين وفي طليعتها دول الجوار لسورية، ومنها لبنان، ليطلب تمويلاً لمشاريع بنى تحتية نصح الأوروبيون مجلس الإنماء والأعمار بتبنيها لوجود فرص للحصول عليها، طالما هي تندرج في إطار حزمة تسهيل شروط اندماج النازحين في بلاد النزوح، والوفود الأوروبية الناصحة هي ذاتها التي جاء وزراؤها إلى بيروت يروّجون لتوطين النازحين، بينما الوقائع تقول إن تمويل عودة النازحين إلى بلدهم أقل كلفة من استيعابهم ودمجهم، وأكثر واقعية وأقل خطورة على لبنان. والعودة صارت ممكنة إلى أكثر من ثلاثة أرباع الجغرافيا السورية، وممكنة أيضاً لمخيمات تُقام بالتعاون الثلاثي، بين لبنان وسورية والرعاة الدوليين.
أمن المطار ذريعة غربية للضغط
بينما تتقلب الصيغ والاقتراحات الانتخابية على جمر المهل الدستورية وتستمر القوى السياسية بالتمترس خلف طروحاتها ومواقفها، تغيب جلسات مجلس الوزراء لحين عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من بروكسل ووزير الخارجية جبران باسيل من أستراليا، على أن يملأ المجلس النيابي الوقت الضائع بمحاسبة الحكومة بجلسات مناقشة عامة سيكون قانون الانتخاب طبقها الرئيسي.
وفي ظلّ الجمود السياسي والانتخابي، تقدّم الأمن من بوابة مطار بيروت، وبعد أن أقرّ مجلس الوزراء الأسبوع الماضي دفتر الشروط لإجراء مناقصات لتجهيز المطار، رأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس اجتماعاً أمنياً موسعاً في قصر بعبدا، بحضور رئيس الحكومة ووزراء الدفاع يعقوب الصراف، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، وقادة الأجهزة الأمنية.
بعد الاجتماع، أكد المشنوق أن الاجتماع بحث الخدمات في المطار وطريقة إدارته والجهوزية الأمنية وسط ضغوط دولية كبيرة في مسألة أمن المسافرين والطائرات، خصوصاً من قبل الاتحاد الاوروبي في الفترة الاخيرة، ومسألة المعابر الحدودية كافة.
وأوضح أن «الاجتماع لم يكن استجابة لتهديدات أمنية جديدة، بل بسبب المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع في موضوع أمن المعابر البرية والبحرية، وفي مقدّمتها المطار، لأنه بمثابة واجهة للبلد وهناك مطالبات دولية برفع مستوى الحماية الأمنية».
وقالت مصادر أمنية لـ«البناء» إن «الاجتماع جاء بعد رسائل أميركية – أوروبية نقلها بعض السفراء والمسؤولين الغربيين الى الجهات اللبنانية تحذّر من ضعف الإجراءات الأمنية في المطار تحديداً»، مشيرة الى أن «الاجتماع الرفيع المستوى برئاسة الرئيس عون جاء لسحب الذرائع من يد الغرب واستعمال مسألة أمن المطار للضغط وابتزاز لبنان، ليؤكد أنّ الوضع الأمني مضبوط وتفعيل إجراءات التفتيش والمراقبة كافية»، مشدّدة على أنّ السلطة اللبنانية تمارس سلطتها على حرم المطار وليس أيّ قوى أخرى».
وأضافت أنّ «مخاوف غربية وردت في الآونة الأخيرة من أن يؤدّي تصعيد الوضع في سورية والعمليات العسكرية ضدّ التنظيمات الإرهابية الى تهريب أسلحة وتجهيزات تستعمل في تنفيذ عمليات إرهابية فضلاً عن انتقال مسؤولين في تنظيم داعش الى لبنان بأوراق مزوّرة لاستهداف سفارات الدول الغربية في لبنان».
وجزمت المصادر بأنّ «الإجراءات والتدابير الأمنية في المطار تراعي معايير الأمن والسلامة في العالم، من ضمنها منظومة كاميرات وتنصت على الاتصالات وسكانير مزدوجة ومنظومة النشرة والتصوير وآلات لكشف تزوير المستدات الشخصية وتهريب الممنوعات، وبالتالي فإن الضغوط والمخاوف الغربية مبالغ بها».
وأكد عون «أهمية التنسيق بين الأجهزة الأمنية كافة وفقاً للانظمة والقوانين المرعية الإجراء»، منوّهاً بـ«الجهود التي تقوم بها الاسلاك الامنية في حفظ الامن والاستقرار في البلاد، لا سيما على المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية عموماً». وأشار الى «ضرورة اعتماد إجراءات أمنية ولوجستية تجمع بين المحافظة على الامن والسلامة العامة، وتوفير التسهيلات اللازمة للقادمين الى لبنان وللمغادرين منه، وذلك مع اقتراب عطلة الاعياد والموسم السياحي في الربيع والصيف المقبل»، مشدداً على «تطبيق القوانين على الجميع من دون اي استثناء او تمييز».
التواصل مع سورية بداية الحلّ لأزمة النزوح
على صعيد آخر، تتجه الأنظار الى مؤتمر بروكسل للاجئين الذي سيُعقد في 5 نيسان المقبل ويشارك فيه الرئيس الحريري الذي يغادر مساء الأحد في جولة أوروبية، ولهذه الغاية ترأس الحريري في السراي الحكومية، اجتماعاً للبحث في سياسة الحكومة بشأن ملف النازحين السوريين، تمهيداً لعرضها في مؤتمر «بروكسيل للنازحين». وتخلل الاجتماع عرض للخطة التي أعدّها مجلس الإنماء والإعمار بشأن احتياجات لبنان على صعيد البنى التحتية.
وعلقت مصادر مطلعة معنية بملف النازحين لـ«البناء» بأن «الحلول للأزمة السورية ليست مستحيلة وتعجيزية ونقطة البداية لهذه الحلول تبدأ بالتواصل مع الحكومة السورية وبالتالي لا حلّ من دون التنسيق مع سورية ووضع آلية مشتركة لإيجاد الحل المناسب للدولتين». وأكدت المصادر أنه لم يتم أي اتصال أو تواصل مع السلطات السورية من قبل الحكومة اللبنانية الحالية حتى الآن للتنسيق لوضع خطة مشتركة»، مشيرة الى أن «الجانب اللبناني لا يزال يرفض أي نوع من التواصل مع الحكومة السورية في هذا الملف»، مؤكدة أن «السلطات السورية حاضرة منذ ثلاث سنوات وتمّ إعداد مشروع وتشكيل لجنة مشتركة ووضعت أسس الحلول، لكن الجانب اللبناني تراجع».
المستقبل
المعارضة: الأسد مسؤول عن جذب الإرهاب
شدد رئيس وفد المعارضة السورية إلى جنيف نصر الحريري، على أن نظام الأسد مسؤول عن جذب الإرهاب إلى المنطقة وأن رحيله أساس لأيّ حل، وقال إن وفد النظام رفض مناقشة أي شيء باستثناء موضوع «محاربة الإرهاب». وأشار الحريري كذلك إلى أن «إخراج إيران وبقية الميليشيات شرط أساسي لعودة الاستقرار» في البلاد.
وقال رئيس الوفد المفاوض باسم المعارضة إنه ناقش في جنيف الإجراءات الدستورية المنظمة للعملية السياسية «بما يضمن حقوق الشعب السوري»، والإجراءات الأمنية التي ستطبق خلال المرحلة الانتقالية إلى جانب ملف الانتخابات التي يُفترض أن تتم في نهاية المرحلة الانتقالية.
وانتهت الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف حول سوريا برعاية الأمم المتحدة من دون أن يطرأ أي تغيير على مواقف الحكومة والمعارضة رغم محاولتهما إظهار إيجابية للمضي في مسار التفاوض.
وقال دي ميستورا إن ممثلي أطراف الحرب السورية خاضوا بكثير من التفصيل في جوهر جدول الأعمال المُتفق عليه خلال جولة المحادثات التي انتهت الجمعة وإنهم حريصون ومستعدون للعودة إلى جنيف لجولة أخرى من المحادثات.
وقال المسؤول الدولي للصحافيين «أعتقد أن بوسعي التحدث نيابة عن كل المشاركين بأنه ينبغي مواصلة هذا التقدم التدريجي في العملية السياسية حتى وإن كان تدريجياً فقط». وأضاف «لا أستطيع أن أنكر وجود تحديات كبيرة ولا أرى هذا يتطور على الفور إلى اتفاقية سلام. لا شك في ذلك».
وعلى صعيد آخر، انتقد السناتوران الأميركيان جون ماكين وليندسي غراهام تصريحات لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون والمندوبة الأميركية بالأمم المتحدة نيكي هايلي أكدا فيها أن مسألة رحيل الأسد ليست أولوية للولايات المتحدة.