دعد أبي صعب فنانة تشكيلية لبنانية، من مواليد عيتات / عاليه 1957، حائزة على ماجستير الفنون الجميلة من الجامعة اللبنانية، تحمل دبلوم دراسات عليا في الرسم والتصويرعضو في نقابة الفنانين التشكيليين اللبنانيين، عضو في جمعية الفنانين التشكيليين للرسم والنحت. شاركت في الكثير من المعارض الفنية في لبنان وخارجه، التقينا بها في هذا الحوار :
ـ ما هو تقييمك للحركة التشكيلية النسوية اللبنانية؟
دعد أبي صعب: بدأت الحركة التشكيلية النسوية اللبنانية بالظهور في الخمسينيات والستينيات من منتصف القرن المااضي باعداد قليلة لا تتجاوز أصابع اليد، وقد كانوا فنانات رائدات ناضلن للوصول الى العالمية أمثال، سلوى روضة شقير ولورغريب وأوديل مظلوم وإيفيت أشقر وسواهنّ. ثمّ تكاثر عدد الفنانات التشكيليات، بالتوازي مـع افتتـاح معاهد فنية في الجامعات لتتوسع الدائرة لاحقا لتضم المئات، حقق العديد منهن حضوراَ هاماً ولافتاً محلياً وعالمياً خلال العقود الأخيرة كانت جديرة بالإهتمام، من حيث التقييم والتحليل وتسليط الأضواء عليهن. وقد تميزن في استبطان التيارات الحديثة وفي استخدام المـواد غيـر المألوفة، كما برعت بعضهن في فن التجهيز. ولكن من ناحية اخرى تشهد الساحة التشكيلية اللبنانية بشكل عام والتشكيلية النسوية بشكل خاص ازدحاماً وفوضى بأسماء كثيرة تتفاوت في المستويات بين المقبول والسخيف.
ـ البيئة هي تشكل الأساس المادي التي ينطلق منها الفنان للتعبير عن أحاسيسها؟
دعد أبي صعب: الفن هو الصورة الحية الصادقة عن حياة الشعوب، وللبيئة دور كبير في إنتاج الفنان التشكيلي فهي تشكل مصدراً أساسياً لما في ذاكرته وفكره واحاسسيسه مخزون من المشاهدات التي يقوم بترجمها بواسطة أدواته الفنية إلى اعمال فنية جميلة تعبر عن الحياة الاجتماعية. وارى ان العمل الفني لا ياتي من الالهام والوحي، بل هو وليد تأثير اجتماعي، ويتأثر بتغير المكان والزمان. فالفنان لا يتعامل مع افكار مجردة بل هو يكشف عن هذه الافكار من خلاال الواقع الإنساني المحسوس، وتتجلى أصالتة فيما يضيفه من تأليفات وتعديلات جديدة مبتكرة يستلهمها من اعماق بيئته. فالفنان كما يقول هربرت ريد: "يعتمد على المجتمع ويأخذ طابعه وإيقـاعـه لأنـه عـضـو فـيـه ولـكـنـه يـلـجـأ أيـضـا إلـى الاعـتـمـاد عـلـى فـرديـتـه وخصوصيته وإرادته المحددة للأداء".
ـ الهاجس الفني حالة من حالات الوجود الإنساني في هذه الحياة الواسعة؟
دعد أبي صعب: تعد الفنون مظهرا ًمن مظاهر الوجود الإنساني منذ بدء الخليقة، كما يوشك أن يكون عمر الفن من عمر الإنسان منذ ما قبل التاريخ، فتكاد لا تخلو حقبة من الحقب الإنسانية منذ بداياتها وحتى الان من نتاج فني. لذا نجد ان الهاجس الفني كحالة من حالاات الوجود الإنساني كان ومازال وسيبقى ضرورة في هذه الحياة من اجل الارتقاء بالمجتمع واضفاء اللمسات الفنية والجمالية فى مناحي الحياة الإنسانية المختلفة، فالفن بمثابة مرآة لأي مجتمع او وجود بشري نستطيع من خلاله فهم وتحليل بيئته، فهو وصف وتصوير للحياة، ووسيلة أساسية للتعبير والتواصل بين البشر.
ـ بالوقت الحاضر على الرغم من الدور البارز الذي يبديه الفنان من خلال جهده في محاولة اثراء الحركة التشكيلية بمنجزه الفني نرى خفوت في دور المتلقي التحريضي للتشكيل؟
دعد أبي صعب: ساتناول الموضوع من ناحية النشاط الملحوظ الذي تشهده الحركة التشكيلية على مستوى الأعمال الفنية والذي يتمثّل في تظاهرات فنية كثيرة ومعارض في العديد من العواصم العربية مما يدل على ان الفنان العربي يسعى دوما لإنجاز الأفضل من خلال جهده في محاولة اثراء الحركة التشكيلية بمنجزه. ولكنها من ناحية اخرى تفتقد الحياة التشكيلية العربية الناقد المنتج المثقف والبناء ما عدا القليل من الذين يحاولون أن يتركوا بصمة ايجابية. كما نلاحظ خفوت في دور المتلقي المثقف فنياً وانزياحه عن دوره التحريضي المباشر، وتناوله موضوعات مسطحة للفكرتقود إلى الفراغ البصري. يلعب المتلقي التحريضي دوراَ اساسيا في تقدم الفنان وتنمية قدراته ومداركه ومعارفه، ويكمن هذا الدور في اقامة علاقات تبادلية قائمة على الحوار وتقبل الاختلاف بين الفنان والمتلقي والتي تعمل بدورها على إثارة تساؤلات متتالية تولد في أثناء العملية التواصلية، تسهم في تعزيز المنجز الفني لدى الفنان. قد يعود سبب هذا الخفوت الى أن مساحة التواصـل بين الفـنانين والمتابعين لهم لم تـرق للمستوى المطـلوب، خاصة باعتماد المتابعـة عـبر وسـائل التواصـل الاجتماعي.
ـ لا بد أن يكون للفن والرسم الدور الكبير في محاكاة روح المتلقي وتحفيزه على بذل كل الجهود نحو الانتصار على الإرهاب والفساد وغيرها من مشاكل المجتمع كيف يكون ذلك باعتبارك فنانة تشكيلية؟
دعد أبي صعب: يمثل الرسم إحدى طرائق التعبير عند الإنسان فالتعبير بالرسم في كثير من الأحيان هو أكثر تلقائية واتساعاً من التعبير الكلامي، إذ في النظر إلى رسم ما يكون من السهل الانتقال بصفة عامة من الدال إلى المدلول وإظهار حقيقة الموضوع المراد التعبير عنه. من هنا على الفنان أن يراهن على الفكرة الحرة والرسم الحر من أجل إعادة مشاعر الفرح، وان تكون اعماله الفنية ذات بعد اجتماعي اخلاقي. فالفن يهدف الى تطهير النفس الإنسانية من حدة احساسيسها التي تحتدم فيها وتتصارع نتيجة استجابتها لمؤثرات العنف والفساد، ومن خلال التمتع بالاعمال الفنية احتمال ميل المتلقي نحو التطرف سيقل بنسبة كبيرة جداً، وسيكون أكثر إنسانية وتعاطفاً وتفهماً للآخر. هذا إضافة الى التأثيرات النفسية التي تتركها الأعمال الفنية في داخل المتلقي من بهجة وحب للحياة والجمال. هنا تسمو النفس، عند الفن، الى عالم يكتشف فيه الانسان المتلقي ذاته ويفهمها على حقيقتها، ويصبح الفن وسيلة لتربية الروح. وعلى قدر اتصال الانسان بالثقافة الفنية تكون لذّته عظيمة وتتملكه المشاعر النبيلة ويحقق توازنه النفسي والأخلاقي والاجتماعي.
ـ ماهو هاجسك الفني ؟ ماذا يعتبر الرسم بالنسبة لك ؟ ومن اين تسقي لوحاتك ؟ هل انصفك النقاد على لوحاتكِ ورسوماتكِ؟
دعد أبي صعب: هاجسي ان استمر بتطوير اعمالي الفنية باحساس عالٍ ومعالجة اصيلة وتميّز مما يساعد على انتشارها، ففي اعتقادي ان معيار الفن الجيد والاصيل هو في مدى انتشاره.
والفن بالنسبة لي هو حالة استمتاع تزيد من شعوري بالسعادة، وتضفي علي طعماً آخر وأبعاداً استثنائية و تساعد على خلق التوازن النفسي في داخلي كما انه يحررني من قيود العقل وضغوط الحياة.
تزدحم لوحاتي بجماليات مدينتي بيروت بماضيها العابق بالحنين والتراث وبواقع العيش في الحاضر، فبيوتها التراثية وحكايات أناسها حاضرة في معظم الاعمال بلغة بصرية لونية معاصرة. ان موضوع التراث والتأكيد على إبراز معالم ورموز ومشاهد من واقع الحياة في المدينة بإسلوب عصري بعيد عن التقليد، كان له القدرة على جذب عين المتلقي كما كان له التأثير الايجابي على نظرة النقاد وتقييمهم للاعمال.
حاورها : عزيز البزوني، العراق
مصدر المقابلة :
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=1434590906596409&set=a.301364526585725.76191.100001365416300&type=3&theater