أعربت مصادر وزارية لـ «اللواء» عن اعتقادها بأن اجتماع مجلس الوزراء غدا من شأنه ان يعطي مؤشرا للوضع الحكومي الذي اهتزت شباكه أكثر من مرّة وكاد ينفجر، مؤكدة ان الحكومة تريد المحافظة على بقائها في هذا الظرف بالذات، مذكرة ان من أهدافها الأساسية اجراء الانتخابات النيابية. وأوضحت بأنها لا تعرف ما إذا كان الجو سيسمح بطرح الوزير جبران باسيل لورقته بخصوص النازحين السوريين، أو انه سيتم ارجاء الأمر إلى الجلسة التي سيرأسها الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، علما ان رئيس الجمهورية ومعه قوى 8 آذار يريدان جديا حل هذا الملف، في إطار خطة موضوعة تلحظ اساسا التنسيق مع الدولة السورية، وتجزئته إلى مرحلتين. وفي هذا السياق، كشف قطب سياسي بارز في 8 آذار، ان الرئيس عون سيكلف مبعوثا رئاسياً، للتواصل مع الحكومة السورية في شأن تأمين عودة النازحين إلى بلادهم …
الجمهورية
قمّة «الإنعطافة الحقيقية» بين موسكو والريــاض .. وبكركي تُغطِّي العهد لإعادة النازحين
تتجه الأنظار المحلية والاقليمية والدولية اليوم الى الكرملين، حيث ستنعقد القمة الروسية ـ السعودية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي وصل الى موسكو مساء أمس، في زيارة وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنها تمثّل «انعطافة حقيقية» في العلاقات بين البلدين، فيما أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أنّ الملك سلمان والرئيس بوتين سيوقعان حزمة من الاتفاقات الثنائية البالغة الأهمية بين بلديهما. وستستمر زيارة العاهل السعودي لموسكو اياماً عدة يبحث في خلالها مع القيادة الروسية في العلاقات الثنائية وتعزيز وجوه التعاون بين البلدين، والازمات السائدة في المنطقة. امّا داخلياً فتوزّع المشهد السياسي بين قصر بعبدا الذي زاره البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس حاملاً معه هاجس إعادة النازحين السوريين، وبين السراي الحكومي الذي سيشهد جلسة لمجلس الوزراء برئاسة الرئيس سعد الحريري وعلى جدول أعمالها 63 بنداً، على أن تشهد ساحة النجمة جلسة نيابية عامة قبل ظهر الاثنين المقبل مخصّصة لإقرار مشاريع القوانين الثلاثة الواردة من الحكومة.توقفت مصادر نيابية عند «الانسجام اللافت» بين الرئاسات الثلاث في هذه المرحلة، ووجدت فيه «ما يدلّ على إرادة إيجابية لتفعيل منظومة تحريك الدولة على مختلف المستويات، بدءاً بإقرار مشاريع القوانين وعلى رأسها قانون الموازنة، وكذلك اقرار قانون الضرائب لتمويل السلسلة ما يدلّ على مسؤولية جدية في التعاطي مع هذا الملف الحيوي».
وتحدثت هذه المصادر لـ«الجمهورية» عن «يد خفية تنجح دوماً في نزع صواعق تفجير الخلافات بين المسؤولين، وهو ما يوضع في خانة الحفاظ على استقرار البلد وكذلك في خانة معالجة مصالح الناس وتفعيل مؤسسات الدولة»، وقالت: «على رغم لغة التصعيد من هنا وهناك، ينجح البلد دوماً في تجاوز القطوع بعد الآخر».
إعادة النازحين
ولوحظ انّ هناك تصميماً رسمياً بدأ يتبلور ويركز على موضوع اعادة النازحين السوريين الى بلادهم، وأبرز مؤشر في هذا الاتجاه كان امس زيارة البطريرك الراعي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون باحثاً معه في هذا الملف. وعلمت «الجمهورية» انّ الحافز على هذه الزيارة هو موضوع وضع خطة تنفيذية لإعادة النازحين الى بلادهم وتحميل المجتمع الدولي مسؤولية تأمين ذلك من دون ربط الموضوع بإنهاء الحرب في سوريا أو تغيير النظام فيها او ما الى ذلك. ووصف البعض زيارة الر اعي لعون بأنها «جرعة دعم بطريركية لرئيس الجمهورية الذي هو اساساً متحمّس لموضوع اعادة النازحين، من شأنها ان تخلق ديناميكية لوضع الحل لهذا الملف على طريق عملي». وحسب معلومات «الجمهورية» لا يستبعد ان يدعو عون سفراء الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الامن الى اجتماع، ويبلغ إليهم خلاله تصميم الدولة اللبنانية على وقف المزايدات والجدل البيزنطي في ملف النازحين، لأنّ أخطاره على لبنان باتت لا تُحتَمل وذلك باعتراف السفراء أنفسهم.
وكان الراعي اكد من قصر بعبدا دعمه المواقف التي اتخذها رئيس الجمهورية في الامم المتحدة وفرنسا، ولا سيما منها موقفه من قضية عودة النازحين السوريين، والدعوة الى إيجاد حلول مناسبة لمعاناتهم، وتمييزه بين «العودة الآمنة» و»العودة الاختيارية»، والتي تشكّل اليوم موضوعاً أساسياً وخطيراً في لبنان. وشدّد الراعي على أنّ «المجتمعين الدولي والاقليمي مدعوّان، وكذلك العالم العربي واللبنانيين ايضاً، الى معالجة هذا الموضوع معاً وتكون عودتهم وخروجهم آمنين. وهذا حقهم في أن يعودوا الى وطنهم وأن يبنوا بيوتهم وحياتهم، ونحن نركّز دائماً على أنّ الاوطان لا تقوم فقط على أرضها بل على ثقافتها وحضارتها». ونقل الراعي عن عون تطمينه الى «أنّ الانتخابات النيابية ستجري في شهر أيار المقبل مهما كانت الظروف».
مصادر بكركي
من جهتها، أشارت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» الى أنّ البطريرك الماروني خرج مرتاحاً بعد لقائه رئيس الجمهورية، «ما يدلّ الى استمرار التنسيق والتفاهم بين بكركي وبعبدا». وشددت على أنّ «المواضيع التي نوقشت تشكّل خطراً على الكيان اللبناني وأبرزها ملف إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، حيث اكّد البطريرك أنّ هذه الأزمة يجب معالجتها باعتماد كل الوسائل لتأمين عودة آمنة لهؤلاء. كذلك شدّد على أهمية طرح رئيس الجمهورية هذا الملفّ في الأمم المتحدة وفي خلال زيارته الأخيرة لفرنسا، حيث انّ البقاء مكتوفين ومتفرّجين على ما يحصل سيؤدّي الى تفاقم خطر النزوح». واكدت المصادر نفسها أنّ «البطريرك أثار أمام رئيس الجمهورية مخاوفه من تأجيل الإنتخابات النيابية المقبلة في أيار، مشيراً الى انّ هذا الهاجس موجود وحقيقي، وقد يعمد النواب الى التمديد لأنفسهم مرة أخرى وهذا أمر مرفوض. فما كان من الرئيس عون إلّا أن أكد امامه أنّ الإنتخابات حاصلة في أيار وان لا مجال لتأجيلها، قائلاً للراعي: «لقد أصرّيتُ على إنتاج قانون انتخابي جديد يؤمّن صحة التمثيل، لذلك انا متمسّك بإجراء هذه الإنتخابات، لأنّ التمديد مرفوض».
المطارنة الموارنة
وطالب مجلس المطارنة الموارنة، الذي اجتمع برئاسة الراعي في بكركي، أمس، السلطات السياسية الوطنية والدولية بأن «تبذل كل جهدها في سبيل تسريع عودة النازحين السوريين الى بلادهم، فهذا حق طبيعي لهم، ويفتح أمامهم باب المساهمة في إعادة بناء وطنهم، ويُخفّف العبء عن لبنان واللبنانيين»، معتبراً «أنّ تطوّر الأوضاع الميدانية في سوريا قد أوجَد كثيراً من المناطق الآمنة التي يمكنها استقبال النازحين العائدين، وتوفير ظروف ملائمة لهم، في انتظار أن يعمّ السلام كل تراب وطنهم». وتجدر الاشارة الى انّ البطريرك الماروني يستعدّ للقيام بجولة خارجية بدءاً من يوم غد وتستمر حتى نهاية الشهر الجاري، وتشمل الفاتيكان حيث تعقد اجتماعات للكنائس الشرقية على مدى الاسبوع المقبل، ومن هناك ينطلق الى زيارات رعوية في الولايات المتحدة الاميركية، ويتخللها محطة في واشنطن لمناسبة اللقاء السنوي لمؤسسة «الدفاع عن مسيحيي الشرق».
«السلسلة» والضرائب
من جهة ثانية، يستأنف مجلس النواب ورشته التشريعية بجلسة يعقدها الاثنين المقبل، لدرس وإقرار مشاريع القوانين المدرجة على جدول الاعمال، والواردة من الحكومة، وهي:
ـ مشروع الإجازة للحكومة تجميد قانون سلسلة الرتب والرواتب إلى حين إقرار قانون ضرائب جديدة، على أن يحتفظ الموظفون بحقهم بالمفعول الرجعي.
ـ مشروع قانون استحداث مواد ضريبية ورسوم جديدة.
ـ مشروع متعلق بإضافة مادة إلى الموازنة 2017 لتجميد «قطع الحساب» لمدة سنة.
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، امس، انّ دعوته الى هذه الجلسة «هي لمناقشة وإقرار مشاريع القوانين المعجلة التي أحالتها الحكومة في شأن الضرائب لتمويل السلسلة، وانّ المجلس في إطار ورشته التشريعية حريص على حسم هذا الموضوع وإنهائه».
الإتحاد العمالي
في هذا الوقت، دعا رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، في مؤتمر صحافي عقده أمس، الحكومة إلى عدم ربط سلسلة الرتب والرواتب بالضرائب للإطاحة بها، وإلى مكافحة الفساد وجباية الأموال المهدورة وترشيد الإنفاق وإرساء سياسة ضريبية عادلة. واعلن أنه سيتم الإعلان عن إضراب فوري في حال مسّت أيّ شائبة ملف السلسلة والضرائب، محذّراً من أنه سيتم النزول إلى الشارع بوتيرة أكبر من السابق.
الهيئات الاقتصادية
وكان وفد من الهيئات الاقتصادية زار أمس وزير المال علي حسن خليل، وقال رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير بعد اللقاء: «إتفقنا مع الوزير على استمرار الحوار مع الهيئات الاقتصادية لوضع أفكار ضريبية تتماشى مع العصر الراهن». واضاف: «لنعمل على إمرار هذه المرحلة، ولنتطلّع نحو سنة 2018 حيث سنقدّم كهيئات اقتصادية اقتراحات لقوانين جديدة لتكون من ضمن موازنة 2018». ونفى «ما يُشاع في البلد عن ضغوط تمارس على القطاع المصرفي». وأكد ان «لا سلبية بين الوزارة أو الحكومة والقطاع المصرفي، ونحترم القطاع المصرفي وندرك أنه لولا هذا القطاع لَما كان الاقتصاد موجوداً بما أنه يحمل القطاعين العام والخاص، وعلى الجميع دعمه».
تحذير المدارس
وحذّر نقيب المعلمين رودولف عبود، بعد اجتماع المجلس التنفيذي للنقابة، «المدارس التي قد تمتنع عن تنفيذ القانون 46 او التي قد تطبقه مشوّهاً، لأننا لن نقف مكتوفي الأيدي، والرد سيأتي صاعقاً من الهيئة التعليمية في هذه المدارس». وأضاف: «نسمع من جديد إحالة مشروع قانون وقف العمل بالسلسلة الى المجلس النيابي. هل هو عود على بدء؟ ام انها محاولة لحض المجلس النيابي على إنهاء مشروع الموازنة العامة؟». وقال: «سنلتقي ضمن «هيئة التنسيق» النقابية لنبحث في كل الاحتمالات، ولاتخاذ التدابير اللازمة لتأمين استمرارية تطبيق القانون 46». وأكّد «استعداده لأيّ تفاعل إيجابي مع اتحاد المؤسسات التربوية، شرط ان يعلن انه أسقط من أجندته مطلبه بفصل التشريع».
الموازنة
الى ذلك، ينتظر أن يدعو بري إلى جلسة تشريعية لإقرار مشروع قانون الموازنة لسنة 2017 قبل نهاية الشهر الحالي، بعدما اصبح التقرير النهائي للجنة المال حوله في عهدة المجلس. في غضون ذلك أكد الحريري «أنّ همّنا اليوم يتركّز على سبل إخراج البلد من الخمول الاقتصادي الحالي، وإحداث نمو اقتصادي يكون كفيلاً في خلق فرص العمل للشباب على كل الأصعدة». وقال الحريري خلال استقباله مساء أمس في «بيت الوسط» وفداً كبيراً من طلاب «تيار المستقبل» في الجامعة اللبنانية ـ الأميركية: «هناك كثيرون ممّن يزايدون عليّ وعلى تيار «المستقبل»، ويسلّطون الضوء على أمور غير صحيحة، ويصوّرون كأنّ التسوية أمر سهل بالنسبة إلينا.
ولكن الحقيقة أننا ننظر إلى مصلحة البلد ككل قبل أن ننظر إلى مصالحنا الشخصية، وهذا هو الفارق بيننا وبين الآخرين الذين ينظرون أولاً إلى مصالحهم الحزبية البحتة حتى وقبل الطائفية». وشدّد على أنّ «تيار «المستقبل» هو تيار سياسي يتبنّى الاعتدال، لكن الاعتدال لا يعني الخوف بل يعني الوقوف في وجه التطرّف بالعقل، وليس بالصوت المرتفع».
الاخبار
الحريري يعود إلى «نغمة» التمديد؟
من جديد، تُشتمّ رائحة محاولات لتأجيل الانتخابات والتمديد للمجلس النيابي تحت ذريعة الحاجة إلى مزيد من الوقت لإصدار البطاقات البيومترية. ويتردد أن الرئيس سعد الحريري هو «صاحب الفكرة»، مستفيداً من التقاطع مع رغبة التيار الوطني الحر في انجاز البطاقات حتى لا يصار للجوء الى التسجيل المسبق للناحبين الراغبين في التصويت في أماكن سكنهم. من جهة أخرى، أدى إنجاز التشكيلات القضائية الى اهتزاز جديد في العلاقة بين التيار الوطني والقوات اللبنانية.
بعد «جلجلة» قانون الانتخاب، والتمديد للمجلس النيابي مرّة بذريعة صعوبة إجراء الانتخابات النيابية، ومرّة بذريعة ضيق الوقت، يعود تيار المستقبل إلى طرح تأجيل الانتخابات النيابية والتمديد للمجلس النيابي أشهراً قليلة، بذريعة إنجاز البطاقة البيومترية.
حتى الآن، لم يجرؤ أحد من الفرقاء السياسيين على طرح التمديد للمجلس النيابي وتأجيل الانتخابات النيابية المقررة في أيار بشكل واضح أو علني. إلّا أن أكثر من مصدر وزاري ونيابي أكّد لـ«الأخبار» وجود «رائحة تأجيل للانتخابات وتمديد عمر المجلس النيابي بين شهرين وثلاثة أشهر بذريعة ضيق الوقت لإصدار البطاقات البيومترية».
وفيما انتهت المهلة التي وضعها وزير الداخلية نهاد المشنوق للبدء بالعمل على إصدار البطاقات، وبالتالي تجاوز إصدارها واعتماد الهوية وجواز السفر كمستند للناخبين، لا تزال مسألة التسجيل المسبق عالقة، علماً بأن التسجيل المسبق مع غياب البيومترية يصبح أمراً أساسياً، إذا أراد الفرقاء السياسيون اعتماد مبدأ الاقتراع في أماكن السكن.
ويأتي طرح التمديد وتأجيل الانتخابات، في إطار مساعي تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري للتهرب من إجراء الانتخابات برمّتها، في ظلّ التراجع الشعبي الذي يعانيه، أو في إطار كسب الوقت والمراهنة على المتغيّرات المالية والظروف الداخلية لإعادة شدّ العصب. فيما تتقاطع رغبة المستقبل مع إصرار التيار الوطني الحرّ على اعتماد البطاقة البيومترية وكسب ورقة في مواجهة حتمية التسجيل المسبق الذي يصرّ عليه حركة أمل وحزب الله.
إلّا أن كلام الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، وما سبقه من مواقف للرئيس نبيه برّي، تؤكّد إصرار الثنائي على دحض هذه المحاولات قبل أن تولد، وتمسك حزب الله وحركة أمل بالانتخابات النيابية في موعدها. وإذا كان رئيس المجلس قد تخلّى سريعاً عن اقتراحه بتقريب موعد الانتخابات النيابية، فإن من غير الوارد أن يقبل الثنائي تأجيل الانتخابات تحت أي ظرفٍ كان. وفيما برزت أمس تغريدة للوزير علي خليل دعا فيها إلى «تجديد حياتنا السياسية عبر إجراء الانتخابات مهما كلف الأمر، مع بطاقة ممغنطة أو بدونها، فالثابت الوحيد عدم مجرد التفكير بأي تمديد»، كان لافتاً ما نقله البطريرك بشارة الراعي عن الرئيس ميشال عون، وإشارته إلى أن «رئيس الجمهورية أكد لي أن الانتخابات ستحصل في أيار المقبل».
ومن ملفّ الانتخابات، إلى العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، تثبت «ورقة إعلان النوايا» بين الطرفين، ومع كلّ «حفلة» تعيينات، مدى هشاشة هذا التحالف، في ظلّ الخلافات الدائمة على الحصص والمواقع، من وزارة الصّحة إلى وزارة الطاقة ومن وزارة الإعلام إلى وزارة العدل، ولا سيما بعد صدور التشكيلات القضائية.
وإذا كان ملفّ الكهرباء ووقوف القوات في المقلب الرافض لمشروع الوزير جبران باسيل والرئيس سعد الحريري باستجرار البواخر التركية قد ترك شرخاً لا يندمل بين الطرفين، فإن شعور القوات اللبنانية بـ«الظلم الدائم من استئثار التيار الوطني الحرّ بالحصة المسيحية في التعيينات»، يجعل «ورقة إعلان النوايا» شعاراً إعلامياً ليس أكثر، انتهى بمجرّد وصول الرئيس عون إلى سدّة الرئاسة، وقد يتحوّل إلى اختلاف مجدّداً في الانتخابات النيابية المقبلة.
آخر الصدمات التي تلقتها القوات، كانت ليل أوّل من أمس، بعد تسريب أسماء القضاة في التشكيلات القضائية الجديدة، وخلوّ لائحة التشكيلات من أي من الأسماء التي كانت القوات قد اقترحتها كجزء من الحصة المسيحية. ولا تقف الشكوى من «ظلم باسيل»، عند حدود حزب القوات، إذ يحكى أن باسيل أهمل أيضاً طلبات زملائه في تكتّل التغيير والإصلاح من وزراء ونوّاب حاليين وسابقين، من دون أن «يتوصّى» بأحد من الأسماء التي اقترحها هؤلاء في التشكيلات القضائية الجديدة.
وفيما يعترض القواتيون وغيرهم على التشكيلات القضائية، تنسحب اعتراضات القوات على العرقلة التي يتعرض لها ملفّا تلفزيون لبنان والوكالة الوطنية للإعلام. إذ يبدي وزير الإعلام ملحم رياشي استياءه الشديد من الوضع الذي وصل إليه تلفزيون لبنان وتأخر تعيين إدارة جديدة له. وبحسب ما علمت «الأخبار»، فإن رياشي ينوي إثارة الموضوع مع رئيس الجمهورية، لكون التلفزيون في حاجة ماسة إلى تعيين مجلس إدارة جديد، خصوصاً أن الرواتب والمساعدات العائلية متوقفة منذ أشهر عن الموظفين، ولم يعد واراداً تأجيل هذا الملفّ. علماً بأن اقتراح تعيين مجلس الإدارة الجديد، موجود في أدراج الأمانة العامة لمجلس الوزراء منذ أكثر من شهرين، وغالبية القوى السياسية ممثّلة فيه.
اللواء
تحذير نقابي من إطاحة السلسلة وحرمان معلمي المدارس الخاصة
إستياء بيروتي من التشكيلات القضائية.. وجلسات الموازنة تتأخّر
بعد التشكيلات القضائية، التي قضت بتشكيل 522 قاضياً والتي قوبلت باستياء ثلاثي وهو اجراء الأوّل من نوعه، منذ سبع سنوات، تمهيداً لافتتاح السنة القضائية، رسمياً بخطاب للرئيس ميشال عون، عادت الأنظار تتركز إلى الجلسة التشريعية التي دعا إليها الرئيس نبيه برّي الاثنين، بعد ان تسلم من رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان التقرير المتعلق بموازنة العام 2017.
وتأتي الجلسة التشريعية لدرس وإقرار مشاريع القوانين المدرجة على جدول الأعمال وأبرزها قانون الضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب بعد التعديلات الجديدة، إضافة مشروع قانون يجيز للحكومة تعليق تنفيذ السلسلة ريثما يتم تحصيل الضرائب بعدم اقرارها، وسط تحذير نقابي، جاء على لسان الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية بالعودة إلى التصعيد، إذا تمّ المساس بالسلسلة حيث «طالب الاتحاد الحكومة بالعودة فوراً عن ربط السلسلة بالضرائب للاطاحة بها».
وأكّد الاتحاد انه يراقب مع الهيئات النقابية وهيئة التنسيق خلال الأيام القليلة المقبلة، ما يحصل على ان يُبقي اجتماعاته مفتوحة، وسيبلغ رئيس مجلس الوزراء مذكرة بالضرائب لدى الاجتماع به.. بالتزامن، حذر نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودلف عبود المدارس من التمنع عن تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب، أو تطبيقه مشوهاً، مؤكداً ان الرد سيأتي بطريقة صاعقة من الهيئة التعليمية.
وعشية جلسة مجلس الوزراء في السراي الكبير غداً، لدرس جدول أعمال من 63 بنداً، ردّ الرئيس سعد الحريري على محاولات تقديم صورة عن تنازلات يقدّمها، لا سيما في موضوع التشكيلات القضائية، إذ أكّد ان هناك ماكينة تحاول ان تظهر تيارالمستقبل وكأنه يتخلّى عن حقوق بيروت، وهذه المحاولة معروف من يقودها، مشيراً إلى انه «سيبين كل شيء للناس في الوقت المناسب»، مؤكداً أمام وفد كبير من طلاب «تيار المستقبل» التقاه في بيت الوسط عشية انتخابات الجامعة اللبنانية الأميركية غداً ان تيّار المستقبل يتعرّض لاستهداف مبرمج ومحاولة تصوير أمور غير صحيحة عنه. والماكينة هذه تحاول ان تظهر التيار وكأنه يتخلّى عن حقوق بيروت، وهذا أمر غير صحيح، نحن نعمل من أجل حقوق بيروت وكل اللبنانيين.
مجلس الوزراء
حكومياً، يتوقع ان يتصدر ملف تمويل الانتخابات النيابية، جلسة مجلس الوزراء في السراي الكبير غداً الجمعة، في ظل تأكيد رسمي على أعلى المستويات باجراء هذه الانتخابات في شهر أيّار المقبل، ومهما كانت الظروف، بحسب ما أبلغ الرئيس ميشال عون البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي زاره في بعبدا، أمس مودعاً لمناسبة رحلته إلى روما والولايات المتحدة والتي ستبدأ غداً. وقالت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان هذا الملف سيكون نجم جلسة الجمعة، خصوصاً وانه ورد في البند الرابع من جدول الأعمال الذي وزّع أمس على الوزراء، وفيه طلب وزارة الداخلية والبلديات تأمين اعتماد لزوم تعويضات لهيئة الاشراف على الانتخابات وجهازها الإداري وإيجاد مقرها وتجهيزه ورواتب الجهاز الإداري والفني.
ورغم الطابع المالي لهذا الملف، فإن النقاش لا بد ان يتطرق إلى التحضيرات اللوجستية لاجراء الانتخابات ومدى جهوزية وزارة الداخلية لهذا الأمر، ضمن الموعد المبدئي المحدد في أيّار من العام المقبل، فضلاً عن توضيحات يفترض ان يدلي بها الوزير نهاد المشنوق رداً على استفسارات الوزراء، عن مصير البطاقة البيومترية وتسجيل الناخبين بعد إلغاء البطاقة الممغنطة لتمكين هؤلاء من الإدلاء بأصواتهم في أماكن سكنهم، وليس في محل ولادتهم. يذكر ان جدول أعمال الجلسة يتضمن 63 بندا، معظمها بنود إدارية ومالية ونقل اعتمادات فضلا عن اتفاقيات وهبات وسفر وشؤون متفرقة، إلا ان البارز فيه:
– طلب وزارة الاتصالات إعطاء هيئة «اوجيرو» سلفة خزينة بقيمة 225 مليار ليرة للبدء بتطبيق مشروع FTTC ومتمماتها والخدمات المرافقة لها ضمن برنامج تطوير وتوسعة الشبكة الثابتة.
– مشروع قانون المياه في لبنان.
– تقرير اللجنة الفنية لمطابقة دفتر الشروط العائدة لاشغال أعمال التجهيزات الأمنية في مطار رفيق الحريري الدولي للشروط الفنية الأحدث.
– مشروع مرسوم يرمي إلى تأليف المجلس الصحي الأعلى.
وأعربت مصادر وزارية عن اعتقادها لـ «اللواء» ان اجتماع مجلس الوزراء غدا من شأنه ان يعطي مؤشرا للوضع الحكومي الذي اهتزت شباكه أكثر من مرّة وكاد ينفجر، وقالت انه في حال طرح موضوع ردود الفعل على لقاء الوزيرين جبران باسيل ووليد المعلم في نيويورك، فهذا يعني أن الحكومة أمام مشكلة، لأن ذلك قد يفتح المجال أمام اصطفاف سياسي، مؤكدة ان الحكومة تريد المحافظة على بقائها في هذا الظرف بالذات، مذكرة ان من أهدافها الأساسية اجراء الانتخابات النيابية.
وأوضحت المصادر نفسها بأنها لا تعرف ما إذا كان الجو سيسمح بطرح الوزير باسيل لورقته بخصوص النازحين السوريين، أو انه سيتم ارجاء الأمر إلى الجلسة التي سيرأسها الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، علما ان رئيس الجمهورية ومعه قوى 8 آذار يريدان جديا حل هذا الملف، في إطار خطة موضوعة تلحظ اساسا التنسيق مع الدولة السورية، وتجزئته إلى مرحلتين.
وفي هذا السياق، كشف قطب سياسي بارز في 8 آذار، ان الرئيس عون سيكلف مبعوثا رئاسياً، للتواصل مع الحكومة السورية في شأن تأمين عودة النازحين إلى قراهم، في حين ان حزب الله أبدى استعداده للتعاون في هذا الملف، اما مباشرة أو من خلال تأمين المساعدة اللازمة للمبعوث الرئاسي. وكذلك، تحدثت مصادر مطلعة عن تطابق في وجهات النظر بين الرئيس عون والبطريرك الراعي، لا سيما بالنسبة إلى ملف النازحين، واصفة اللقاء بينهما بالصريح، وانه تناول كل القضايا الراهنة. ورأت ان المواقف التي عبر عنها البطرريك الماروني اثر اللقاء اوحت بوجود تفهم بكركي لما ذكره رئيس الجمهورية.
الجلسة التشريعية
على صعيد آخر، ووفقا لما توقعته «اللواء»، فقد دعا الرئيس نبيه برّي أمس إلى عقد جلسة عامة تشريعية قبل ظهر الاثنين المقبل، لدرس وإقرار مشاريع القوانين المدرجة على جدول الأعمال، والذي يتمحور حول المشاريع المعجلة الثلاثة التي احيلت إلى المجلس من الحكومة أمس الأوّل، وتتعلق بالاجازة للحكومة تأخير تطبيق دفع سلسلة الرتب والرواتب إلى ما بعد تأمين التمويل، والتعديلات الضريبية، وإضافة فقرة في مشروع موازنة العام 2017 تنص على تأجيل إرسال قطع الحساب لمدة سنة، بما يسمح بإقرار الموازنة بشكل لا يتعارض ونص المادة 78 من الدستور.
وجدّد الرئيس برّي الدعوة إلى التنبه لما يجري في المنطقة مشيرا إلى ان هناك من يحاول رسم حدود الدم في إطار المشروع التقسيمي والتفتيتي لدول المنطقة، في إشارة إلى الاستفتاء الكردي عن للانفصال عن العراق، وقال، في لقاء الأربعاء النيابي، ان هذا المشروع يخدم إسرائيل التي راهنت وتراهن عليه دائماً. وفي الشأن الداخلي، أكّد برّي ان دعوته للجلسة التشريعية يوم الاثنين هي لمناقشة وإقرار مشاريع القوانين المعجلة المحالة من الحكومة في شأن الضرائب لتمويل السلسلة، وأن المجلس في إطار ورشته التشريعية حريص على حسم هذا الموضوع وانهائه.
اما بالنسبة إلى ورشة إقرار مشروع الموازنة، فالظاهر ان الجلسة أو الجلسات التي ستخصص لهذا الأمر مستأخرة إلى ما بعد عودة الرئيس الحريري من الفاتيكان الأسبوع المقبل، أي إلى ما بعد منتصف تشرين الحالي.
وكان برّي قد تسلم من رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان التقرير النهائي للجنة حول الموازنة، في حضور وزير المال علي حسن خليل.
ولفتت مصادر نيابية، شاركت في لقاء الاربعاء النيابي، إلى انه عندما يبدأ المجلس البحث في الموازنة فلا يمكن عقد جلسات تشريعية قبل إنجازها، ونقل هؤلاء عن برّي اصراره على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها وعلى احترامه للمهل القانونية. وعن اقتراح كتلة «التنمية والتحرير» بتقصير ولاية المجلس أكّد عضو الكتلة النائب ميشال موسى ان المهل تآكلت إذا احتسبنا مهلة التسعين يوما، بمعنى ان هناك صعوبة لاعتماده، وإن كان الطرح يبقى قائما الا في حال سحبته الكتلة من التداول.
وكانت مصادر وزارية استبعدت لـ «اللواء» طرح اقتراح برّي في الجلسة التشريعية الاثنين، باعتبار ان برّي نفسه يعرف ان معارضة نيابية كبيرة ستواجه اقتراحه بتقصير ولاية المجلس. ولم تستبعد المصادر ذاتها أن يكون الرئيس برّي قد أجرى، من وراء اقتراحه مناورة سياسية ناجحة شغلت الساحة السياسية، لكنها أعطت دفعاً جدياً للتحضير لاجراء الانتخابات في موعدها.
التشكيلات القضائية
وعلى صعيد التشكيلات القضائية والتي انقذها التفاهم والتوافق السياسيين في اللحظات الأخيرة، فقد علم ان رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد سلم، أمس، وزير العدل سليم جريصاتي نسخة من هذه التشكيلات التي يفترض أن تبصر النور بعد أن يوقعها جريصاتي اليوم، ومن ثم يحيلها إلى رئيسي الحكومة والجمهورية ووزيري المال والدفاع.
وشملت هذه التشكيلات 433 قاضياً من أصل 521، احتفظ «التيار الوطني الحر» بحصة الأسد منها، فيما حافظ الرئيس برّي على مواقعه فيها من دون أن تمس، في حين ساد شعور أن العاصمة لم تنل ما تستحق من هذه التشكيلات. وعلم ان الرئيس عون ستكون له كلمة أثناء رعايته حفل افتتاح السنة القضائية في وزارة العدل، والذي أرجئ مرّات عدّة، بسبب الإشكالات التي رافقت صدور التشكيلات، والتي حرص المعنيون بها على إصدارها لإنهاء الشغور في حوالى 90- مركزاً قضائياً، ومعالجة مسائل القِدَم والاختناق والضغط. وسيجري اليوم قسم اليمين لـ21 قاضياً جديداً.
البناء
بوتين يدخل على خط كردستان للتهدئة والعبادي إلى باريس… وتوقّعات لتشييع طالباني
سلمان في موسكو لتفاهمات… و«نيويورك تايمز»: الأسد ضمانة استقرار إقليمية ودولية
التسوية المالية الرئاسية تسلك الطريق بالمفرّق بين ألغام الموازنة والضرائب والسلسلة
فيما خرجت القمة الإيرانية التركية بمواقف تأكيدية لرفض الاستفتاء الكردي على انفصال شمال العراق، وإعلان تجديد التمسك بوحدة سورية والعراق، كان لافتاً موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرافض لحصار نفطي لكردستان، وهو حصار لا يزال موضع تلويح وتهديد من جانب تركيا بوقف تصدير النفط، ومن جانب إيران بوقف توريد المشتقات النفطية، لكنّهما تهديدان لم ينفّذا بعد رغم التلويح بهما، بينما خففت بغداد القيود المالية على أربيل، بعدما أوصلت بإجراءات مشدّدة ليومين رسالتها حول ما سيحدث لو بقيت هذه القيود، فيما يسافر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إلى باريس لتلبية دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. والزيارة المعلنة لتوطيد العلاقات الثنائية معلوم أنّ جدول أعمالها الرئيسي هو ملف انفصال كردستان ومشروع الوساطة الفرنسية، الذي يحظى بدعم أميركي روسي، بينما توقعت مصادر عراقية وكردية أن تتحوّل جنازة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني مناسبة للقاءات وحوارات، متعدّدة الأطراف تخرج بتسوية تدريجية تفتح طريق الحوار بين بغداد وأربيل، بتجميد متبادل لمفاعيل الاستفتاء والإجراءات العقابية.
مقابل مسار التهدئة المتوقع في كردستان تبدو كاتالونيا ذاهبة للتصعيد مع إعلان حكومتها احتمال إعلان الاستقلال مطلع الأسبوع، وسط دعوات أوروبية للتفاوض، وتحذير إسباني من المواجهة، بينما تشهد كاتالونيا، خصوصاً عاصمتها برشلونة أنشطة جماهيرية حاشدة توحي بتوترات مقبلة مع مدريد سواء أعلن الاستقلال أم لم يعلن، ما لم تبدأ جولة تفاوض تبعث على الثقة بأنّ الاستقلال ضمن صيغة فدرالية بضمانات أوروبية ودولية سيكون هو مستقبل العلاقة بين برشلونة ومدريد، وفقاً لمصادر دبلوماسية متابعة.
الوضع في سورية الذي يشهد نجاح الجيش السوري بامتصاص موجة التصعيد الأخيرة لتنظيم داعش في ريفَيْ حمص وحماة وطريق تدمر دير الزور، واسترداد زمام المبادرة لمواصلة الهجوم، سيكون البند الرئيسي على جدول أعمال قمة سعودية روسية تشهدها موسكو اليوم، رغم التكتم الإعلامي على مواضيع المباحثات، التي سيطالها لقاء الرئيس فلاديمير بوتين والملك سلمان بن عبد العزيز، وسط إشارات حملتها زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الرياض قبل أسبوعين، عن تفاوض سعودي روسي يقترب من النهايات في ملفي التسوية بخصوص سورية وقطر، قالت مصادر روسية إعلامية إنه يتضمّن دعماً سعودياً للمسار الروسي في حلّ الأزمة السورية ووقف الحرب فيها، وبالتالي تسليماً بمكانة الرئيس السوري في التسوية المقبلة، مقابل تبنٍّ روسي لدعوة مصرية سعودية إماراتية بتصنيف الإخوان المسلمين على لائحة الإرهاب المعتمدة في الأمم المتحدة، ليصير التفاوض مع قطر مشروطاً بالعمل بموجب هذا التصنيف وقطع كلً صلة بتنظيم الإخوان كشرط للمصالحة، ما يمنح السعودية ما تريده من شروط لمكانتها المتقدّمة في أيّ حلّ سياسي للأزمة القطرية، بعدما عطّل ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد الطريق على حوار مفترض بعد الاتصال الهاتفي بين أمير قطر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مقترحاً ربط الحوار بقطع العلاقة القطرية بتنظيم الإخوان وهو ما تربط قطر اعتماده بصدور تصنيف أممي للإخوان كتنظيم إرهابي، مستندة لمكانة تركيا لدى روسيا في تعطيل صدوره، بينما تبدو موسكو مستعدّة للسير فيه انطلاقاً من قراءتها للمشهدين السوري والمصري ودور الإخوان فيهما وموقف حلفائها الداعم لمثل هذا التصنيف.
القمة الروسية السعودية تبحث الوضع السوري وسط مناخات دولية وإقليمية عبّرت عنها صحيفة «نيويورك تايمز» في مقال تحليلي، قالت فيه إنّ الرئيس السوري نجح بفضل صبره في التحوّل من رئيس يسعى أكثر من ثلثي دول العالم لإطاحته، إلى الرئيس الذي يراه خصوم الأمس ضمانة للاستقرار في المنطقة والعالم، بعدما نجح في استقطاب دعم حلفائه، وصولاً لتبديد قدرات خصومه المحليين والإقليميين، الذين بدأوا يتسابقون على الإقرار بكون الرئيس السوري بشار الأسد ضرورة للحفاظ على وحدة سورية واستقرارها. ويبدو العالم قد انتقل للحديث عن سورية ما بعد داعش في ظلّ بقاء الأسد وخطط إعمارها، بعدما كان عنوان البحث قبل سنوات عن مستقبل سورية بعد الأسد وكان يُعتبر أمراً من المسلّمات. وما قالته «نيويورك تايمز» يلتقي مع كلام وزير حرب حكومة الاحتلال أفيغدور ليبرمان عن نصر الرئيس السوري وتحوّل التسابق إلى العلاقات مع الحكومة السورية والسعي لفتح السفارات التي أقفلت في دمشق في سنيّ الأزمة والحرب، عنواناً للمرحلة المقبلة.
لبنانياً، صمدت التسوية المالية الرئاسية التي أقرّها مجلس الوزراء وسلكت طريقها إلى المجلس النيابي الذي ينعقد مطلع الأسبوع، لمناقشة الصيغ الضرائبية المعدلة، ويستعدّ لمناقشة الموازنة بعد إنهائها في لجنة المال النيابية، وسط حذر من التفاؤل بعدم وجود مطبات، وحديث عن سلوك محطات التسوية خطوة خطوة، منعاً لألغام يحذر منها المراقبون والخبراء الماليون من أيّ تسرّع قد يوقع في مأزق دستوري كالتعرّض لطعن جديد بالقوانين المعدلة وتعطيل تطبيقها، أو مالي كعدم تغطية نفقات السلسلة وتعريض الاستقرار النقدي للاهتزاز، أو اجتماعي كالانزلاق للتراجع عن دفع الرواتب وفقاً للسلسلة، أو فرض ضرائب تطال ذوي الدخل المحدود وتقع في دائرة المحرّمات النقابية.
جلسة تشريعية الاثنين
مع وصول مشاريع القوانين المعجّلة المكرّرة المتعلقة بالضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب الى المجلس النيابي، تكون الحكومة قد نفّذت «التسوية المالية» التي تمّ التوافق عليها في جلسة مجلس الوزراء في بعبدا، وبالتالي قذفت كرة السلسلة والضرائب من جديد الى المجلس النيابي بالتوازي مع تسليم رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان رئيس المجلس النيابي نبيه بري مشروع موازنة 2017.
ودعا الرئيس بري الى عقد جلسة عامة الاثنين المقبل لدرس وإقرار مشاريع القوانين المدرجة على جدول الاعمال، وأبرزها قانون الضرائب لتمويل السلسلة بعد التعديلات التي أدخلت عليه، إضافة الى مشروع يتيح لها تجميد مفاعيلها إذا لم تؤمّن الواردات المطلوبة لتمويلها، على أن يدعو الى جلسة ثانية خاصة بالموازنة منتصف الشهر المقبل.
أزمة مالية تلوح في الأفق؟
وفي ما برزت مخاوف من انقلاب بعض القوى السياسية على قانون الضرائب في المجلس النيابي ومحاولتهم ربط دفع السلسلة في الأشهر المقبلة بإقرار ضرائب جديدة تطال الشرائح الشعبية الفقيرة بحجة تمويل السلسلة، أشار خبراء في الشأن المالي لـ «البناء» إلى أن صرف الرواتب على أساس قانون السلسلة الجديد سيزيد العجز في الموازنة في حال لم تتمّ تغطيتها من خلال فرض ضرائب جديدة لا سيما على تكتلات رأس المال ما يزيد في عجز الخزينة التي تقوم بعمليات متعددة لا سيما تمويل العجز في مؤسسة كهرباء لبنان. وحذّر الخبراء من أن زيادة العجز في الموازنة سيزيد الأزمة النقدية والمالية ويهز الاستقرار والثقة في النظام المالي اللبناني».
وتساءل الخبراء: كيف ترسل وزارة المال موازنة 2018 الى مجلس الوزراء قبل إقرار موازنة العام 2017 في المجلس النيابي، وقبل حسم مسألة سلة الضرائب الجديدة؟ كما أبدى الخبراء استغرابهم إزاء تصعيد الهيئات الاقتصادية، مؤكدين أن «الضرائب المفروضة عليهم لا تؤثر على قدرتهم المالية، بل تساهم في تحمل أعباء لتمويل العجز والسلسلة، لكنهم حذروا من الضغوط الذي يمارسها قطاع المصارف وغرف التجارة على المجلس النيابي والحكومة لتعديل أو تقليص الضرائب المفروضة عليهم»، كما حذروا من أن تجدد الخلاف في المجلس النيابي مجدداً على موضوع الضرائب سيهدّد قدرة الحكومة على الالتزام بدفع الرواتب في الأشهر المقبلة ما يُنذر بتجدّد الأزمة في الشارع».
وفي سياق ذلك، التقى وفد الهيئات الاقتصادية برئاسة رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، وزير المال علي حسن خليل لمدة ساعة، على أن يلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم في قصر بعبدا، يليه لقاء مع بري المرجّح بين الجمعة والسبت المقبلين.
وأوضح وزير المال الأسبق جورج قرم لـ «البناء» أن «قانون الضرائب الذي أقرّه المجلس النيابي جاء عشوائياً لجهة فرض الضرائب، لكنه تمكّن للمرة الأولى من فرض ضرائب على المصارف والشركات المالية والاقتصادية الكبرى ولم يطل ذوي الدخل المحدود بشكل واسع». وحذّر قرم من ظهور ملامح أزمة مالية في الأفق اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه ولتم تبادر الحكومة الى وضع خطط للحل، لكنه طمأن في المقابل الى أن «الاقتصاد اللبناني يمتلك قدرة الصمود في وجه الأزمات ودعا الحكومة والمجلس النيابي إلى الاتفاق على إجراءات ضريبية جديدة كرفع الضريبة على القيمة المضافة على الكماليات فقط من دون الحاجات الأساسية للمواطن الى جانب اعتماد الضريبة الموحّدة على الدخل التي تدر إيرادات كبيرة الى الخزينة فضلاً عن مكافحة الهدر والفساد».
بري: تفاهمتُ مع عون
وأكّد الرئيس بري في لقاء الأربعاء النيابي أن دعوته للجلسة التشريعية يوم الإثنين المقبل هي «لمناقشة وإقرار مشاريع القوانين المعجلة التي أحالتها الحكومة في شأن الضرائب لتمويل السلسلة، وأن المجلس في إطار ورشته التشريعية حريص على حسم هذا الموضوع وإنهائه». ونقل زوار بري عنه لـ «البناء» أن «المجلس سيناقش البنود الضريبية التي اعترض عليها المجلس الدستوري بعد أن عملت الحكومة على فصل المادة المتعلقة بالضرائب الى مواد عدة»، كما نقل الزوار أن «رئيس المجلس متفاهم مع رئيس الجمهورية في ما خصّ الضرائب والتعديلات، وأن كل ما أثير عن خلافات لا أساس لها من الصحة وأن العلاقة جيدة ومستقرة».
ولفتوا الى أن «لا تعديلات في قانون الضرائب التي أقرها المجلس النيابي باستثناء المواد التي طلب مجلس الوزراء تعديلها». وأكد بري، بحسب الزوار، التوصل الى مخارج لموضوع الضرائب تحافظ من جهة على مالية الدولة والاستقرار المالي والاقتصادي ولا تكون على حساب المواطن من جهة ثانية». وألمح بري في ملف الانتخابات النيابية أنّه «قد يسحب طرحه تقديم الانتخابات، في ظل رفض أكثر الكتل النيابية ذلك وتباين وجهات النظر حول البطاقة البيومترية». ودعا بري الى التنبّه لما يجري في المنطقة، مشيراً الى أن «هناك مَن يحاول رسم حدود الدم في إطار المشروع التقسيمي والتفتيتي لدول المنطقة». وقال إن «هذا المشروع كما عبّرنا سابقاً يخدم «إسرائيل» التي راهنت وتراهن عليه دائماً».
اجتماع «الوفاء للمقاومة» الأحد
وتعقد كتلة الوفاء للمقاومة اجتماعاً الأحد المقبل لدرس مسألة الضرائب لتحديد موقفها في جلسة الاثنين، بحسب ما علمت «البناء»، وأشارت مصادر الكتلة لـ «البناء» الى أن «الكتلة لن تقبل فرض أي ضرائب جديدة تطال جيوب المواطنين وتعديل الضرائب على المصارف أو الأملاك البحرية، كما سترفض فرض معادلة أمر واقع على المجلس تعليق العمل بالسلسلة حتى تأمين التمويل من خلال فرض ضرائب جديدة على المواطنين في حين يمكن تأمين التمويل من مصادر عدة لا سيما مكافحة الهدر والفساد». وخلال مسيرة عاشورائية في النبطية تخللتها مراسم تشييع 3 شهداء من حزب الله، أثنى رئيس الكتلة النائب محمد رعد على «التفاهم الذي حصل داخل الحكومة وبين القوى السياسية وبين السلطات الرئاسية، من أجل الوصول الى حل لنظم الإنفاق بالمال العام ولترتيب أوضاع السلسلة التي هي حق مشروع للفئات الكادحة والاجتماعية».
«العمّالي» لوّح بالتصعيد
ولوّح الاتحاد العمالي العام بالتصعيد مجدداً إذا تم المساس بالسلسلة، حيث دعا «الحكومة إلى أن تبادر للعودة فوراً عن ربط السلسلة بالضرائب للإطاحة بها، وتكفل أبناءها فترعى حقوقهم وتنظر بأمورهم لا أن تحاربهم في قوت عيالهم»، مشيراً الى أن «الاتحاد إذ يراقب مع الهيئات النقابية وهيئة التنسيق خلال الأيام القليلة المقبلة ما يجري، سيبقي اجتماعاته مفتوحة وسيبلّغ مذكرة حول الضرائب إلى رئيس مجلس الوزراء عند الاجتماع به». وحذّر نقيب معلمي المدارس الخاصة رودولف عبود المدارس التي قد تمتنع عن تنفيذ قانون السلسلة أو التي قد تطبّقه مشوّهاً، «لأننا لن نقف مكتوفي الأيدي إذا تجرأت مدرسة ورفضت تطبيق هذا القانون، لأن الرد سيأتي صاعقاً من الهيئة التعليمية في هذه المدرسة، وبالتفاهم معنا».
صيدا استعادت هدوءها
في غضون ذلك، استعادت مدينة صيدا هدوءها بعد نجاح الجيش اللبناني والقوى الأمنية في تطويق ذيول الحوادث الامنية التي شهدتها المدينة خلال اليومين الماضيين، وقد حاول تيار المستقبل استغلال الحادثة للتصويب على سلاح المقاومة وتحميل معارضيه في المدينة المسؤولية. وقد أوقف فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي أمس، أحد المتورطين في إشكال المولدات الكهربائية في صيدا الفلسطيني م.ص. وعند المدخل الشمالي للمدينة.
وبدورها نفت سرايا المقاومة أي علاقة لها بالحادث لا من قريب أو من بعيد، ولفتت في بيان الى أن «كل حديث يتناول دوراً مفترضاً للسرايا في الحادث إنما يتم لغايات سياسية تهدف الى الإساءة للسرايا ودورها وتاريخها وعلاقاتها الطبيعية بمحيطها وبيئتها الاجتماعية». وأكدت أن «السرايا اللبنانية لعبت دوراً هاماً بالتنسيق مع الفعاليات الصيداوية المختلفة ومع الأجهزة القضائية والأمنية في تهدئة النفوس وتخفيف التوتر وعودة الحياة لمدينة صيدا إلى طبيعتها، رغم سقوط شهيدين مظلومين من صفوفها».