قالت صحيفة "هآرتس" الصهيونية، أن قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون قاطع اجتماعاً لرؤساء أركان مجموعة من الدول نظمته الولايات المتحدة الأمريكية في واشنطن؛ وذلك بسبب مشاركة “غادي أيزنكوت” رئيس هيئة أركان جيش العدو "الإسرائيلي" بالإجتماع. وأضافت الصحيفة الصادرة في فلسطين المحتلة، إن العماد عون وصل إلى العاصمة الأمريكية، واجتمع مع رئيس أركان القوات الأمريكية، إلا أنه قرر في اللحظة الأخيرة عدم حضور الاجتماع المذكور. بينما حضره في المقابل، عدد من رؤساء أركان بعض الدول العربية منها السعودية ، الأردن ، مصر ، والإمارات العربية المتحدة. وكان قائد الجيش العماد جوزف عون قد بدأ أمس، زيارة إلى واشنطن حيث التقى كبار المسؤولين في وزارة الدفاع والأمن القومي والجيش الأمريكي، من بينهم قائد المنطقة الوسطى الجنرال جوزف فوتيل.
الجمهورية
تخبّط سياسي وإنتخابي… وعقوبات أميركــية على «الحزب»
صوَّت مجلس النواب الأميركي بالإجماع مساء أمس على مشروع قانون وقف تمويل «حزب الله» وفرض عقوبات على أيّ جهة مموّلة له. ودعا الاتحاد الأوروبي الى تصنيفه منظمة إرهابية، وسيصوت اليوم على قانون يفرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني. داخلياً ظلّت الأجواء السياسية خريفية، وأوراق الحكومة تتساقط واحدة تلو الأخرى، حتى تكاد لا تبقى عليها ورقة التوت لِستر عوراتها؛ في الامور الثانوية وكل ما يتصل بالمحاصصات والصفقات تحضر بكل طاقتها، أمّا في الامور الاساسية فتغطي غيابها بالحديث عن إنجازات وهمية ووعود مَلّها الناس، وتموّه تقصيرها بمقولة «ان لا بديل عنها»، فيما هي هيكل أصبح آيلاً للسقوط؛ بمتاريس منصوبة داخلها، وبمكوناتها التي تختلف على كل شيء. في وقت ظلّ لبنان ساحة لِتلقّي الصدمات الخارجية والتهديدات الاسرائيلية بشَن حروب عليه، ولارتفاع وتيرة التصعيد الاميركي ضد «حزب الله»ومسلسل العقوبات المتتالية التي يحضّر الكونغرس الاميركي لدفعة جديدة تطال إيران ولا تستثني الحزب.
عقوبات وتهديد
وبعد تصويت مجلس النواب الأميركي على عقوبات ضدّ «حزب الله»، يبدو أنّ عاصفة اميركية تحضّر في اتجاه المنطقة وتنذر بامتداد سحبها نحو لبنان، وتشكّل مشاريع العقوبات الاربعة ضد ايران و«حزب الله»، التي يناقشها الكونغرس عنصر حقن لتلك العاصفة، الى جانب تهديد جديد وَجّهته واشنطن ضد الحزب.
وفيما دخل الكونغرس في مرحلة التصويت على العقوبات التي قد تؤسس لتداعيات على ساحة ايران وحلفائها، وجّه مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال إتش آر ماكماستر تهديداً لـ«حزب الله»، معتبراً أنّ أخطر إجراء يمكن اتخاذه هو الإحجام عن مواجهته.
وإذ وصفه بأنه «الذراع الإيراني الذي يدعم نظام الأسد ويساعده على الاستمرار في قتل شعبه»، أكّد «أنّ مواجهة إيران وأذرعها في المنطقة أولوية لإدارة الرئيس دونالد ترامب». وقال: «أينما تحلّ المشاكل وتشتعل الفتن بين المجتمعات وتدور رحى العنف المدمّرة، ترى أيادي الحرس الثوري الإيراني».
من جهته، قال وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين من الرياض: «سنتّخذ إجراءات رادعة ضدّ «حزب الله» لوَقف إرهابه».
صورة نافرة
داخليّاً، مراوحة مُستحكمة تزامَنت مع مشهد نافر تبدّى جرّاء إزالة قوى الامن الداخلي لأكشاك وسيارات اكسبرس مخالفة في منطقة حي السلم في الضاحية الجنوبية، تخلله اعتصام وفوضى وإحراق إطارات وظهور مسلح وردود فعل عنيفة من المخالفين ضد الدولة و«حزب الله».
وبقيت الفوضى سائدة اعتباراً من صباح امس، وحتى ساعات ما بعد الظهر حيث أفيد عن معالجة الوضع وفك الاعتصام، الّا انّ الحذر ما زال قائماً، خصوصاً انّ المعتصمين اعتبروا انّ ما قامت به القوى الامنية قطعٌ لأرزاقهم.
قانون الانتخاب
سياسياً، لا جديد استثنائياً في المراوحة المُستحكمة، سوى التعبير عن التخبّط الحكومي. وثمّة مفارقة عجيبة تتجلّى في مقاربة اهل السلطة لقانون الانتخاب. ففي موازاة التأكيدات الرئاسية والحكومية على انّ الانتخابات النيابية حاصلة في مواعيدها وفق القانون الجديد، يظهر الارباك جليّاً في الجسم الحكومي، على غرار ما جرى أمس، في اجتماع لجنة قانون الانتخاب الذي انتهى الى نتائج سلبية بحيث بقيَ وزير الخارجية جبران باسيل على رفضه التسجيل المُسبق في لبنان على البطاقة المسبقة وإقامة الـ»ميغا سنتر» وفق «الخطة ب» التي طرحها وزير الداخلية نهاد المشنوق مقابل توافق معظم أعضاء اللجنة على ذلك.
وعلمت «الجمهورية» انّ الحريري سيطرح هذا الموضوع من خارج جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم، خصوصاً انّ الاعتماد الذي طلبه المشنوق للبدء بالتحضير للانتخابات، مرتبط باتخاذ قرار في شأنه، وأمّا «الخطة ب» فتتطلّب نحو مليار ليرة لبنانية لتغطيتها والّا ستكون هناك مشكلة في الخيارات البديلة لأنّ الوقت بدأ يضيق.
وعلم انّ المشنوق عبّر عن استيائه التام من المسار السلبي للأمور، إذ انه يجد نفسه في حيرة بين ايّ خيار سيمضي به.
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ موقفها داخل اللجنة كان شديد الوضوح لجهة أنّ إقرار البطاقة البيومترية لكل الشعب اللبناني دونه عقبة أساسية وهي تعذّر تحقيقها في الفترة الفاصلة عن الانتخابات، الأمر الذي دفعها إلى تأييد خطة الوزير المشنوق القائمة على أساس المزاوجة بين التسجيل المسبق والبطاقة البيومترية للفئة التي تكون قد تَسجّلت، ولكن شرط استبعاد التلزيم بالتراضي وإجراء مناقصة فعلية وشفّافة، وفي حال تعذّر إتمام المناقصة بسبب ضيق الوقت فـ«القوات» ضد التلزيم بالتراضي، وبالتالي مع الذهاب إلى خيار ثالث وهو التسجيل المُسبق مع اعتماد البطاقة القديمة.
ويبدو انّ الاشتباك السياسي بين «التيار» و«القوات» قد يُرخي بثقله على جلسة مجلس الوزراء اليوم. وفي هذا الاطار، قالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» انّ رئيس الحكومة سعد الحريري صَرف النظر عن طرح تعيين رئيس مجلس إدارة ومدير عام تلفزيون لبنان على الجلسة، بسبب استمرار الخلاف حول الاسماء التي يقترحها وزير الإعلام.
«سجال التفاهم»
وفي جديد العلاقة بين «التيار» و«القوات»، أكدت مصادر «القوات» لـ»الجمهورية» انّ العلاقة بينهما ستبقى تحت سقف المصالحة وتفاهم معراب، الّا انّ علاقة «القوات» بالوزير جبران باسيل ليست بخير، بسبب الخلاف في القراءة لمضمون التفاهم بين باسيل الذي يُسطِّح الأمور ويبسطِّها ويصوِّر الأزمة المستجدة على غير حقيقتها من خلال الإيحاء أنّ كل الأزمة تنحصر بالحصة التي تريدها «القوات»، فيما الأمور هي خلاف ذلك تماماً وتتصل بخروج باسيل عن جوهر تفاهم معراب في نقطتين أساسيتين: الأولى، اجتماعه مع وزير الخارجية السوري في خطوة تُخرج العهد ولبنان الرسمي عن سياسة النأي بالنفس.
والثانية، تتصل بالآليات المعتمدة على مستوى الحكومة، والتي لا تأخذ في الاعتبار الدستور والقوانين المرعيّة، وتُبدّي المعيار الزبائني على معيار الكفاءة والجدارة».
وأوضحت المصادر «انّ المستفيد الأول من مقاربة «القوات» هو العهد، لأنّ الناس تتذكر وبشكل أساسي من عهد الرئيس فؤاد شهاب المؤسسات التي أنشأها وساهمت في قيام دولة المؤسسات، وليس تعيين فلان وعلّان لاعتبارات مصلحية وانتخابية».
الأخبار
اعتداء قواتي على صلاحيات الرئيس
الكونغرس صوّت على 3 مشاريع لفرض عقوبات على حزب الله
أنقذونا من الزعران!
يزداد الضغط الأميركي والخليجي على إيران وحزب الله، وتسير إجراءاته في الكونغرس الأميركي الذي صوّت أمس بالإجماع على 3 مشاريع قوانين لوقف تمويل حزب الله، وفرض عقوبات على أي جهة مموّلة له، من أجل إرسالها إلى مجلس الشيوخ للتصويت عليها، وتُحال فوراً على الرئيس الأميركي لتصبح نافذة. وتستهدف القوانين الجديدة، وفق ما نقلت وكالات أجنبية وعربية، «التمويل الدولي لحزب الله واستخدام هذه الميليشيا للمدنيين كدروع بشرية».
ودعت «بشكل غير ملزم الاتحاد الأوروبي إلى تصنيف حزب الله، المرتبط بإيران، بكامله كمنظمة إرهابية». ومن المقرر أن يصوّت المجلس اليوم على مشروع قانون رابع «يستهدف مزيداً من العقوبات على الحرس الثوري الإيراني وبرنامج إيران للصواريخ الباليستية».
وكان وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين قد أعلن من العاصمة السعودية قبل التصويت «أنّنا سنتّخذ إجراءات رادعة ضدّ حزب الله لوقف إرهابه»، مشيراً إلى «أنّنا نؤسّس مركزاً متعدّد الجنسيات لقطع الدعم المالي لشبكات الإرهاب».
محلياً، تتزايد مؤشرات التباعد بين القوات والتيار الوطني الحر وسط ارتفاع منسوب التوتر بينهما، والذي يعززه اختلافهما على الملفات الداخلية. ومن الواضح أن العونيين «لن يخضعوا» لابتزاز معراب لهم، وتهديد القوات باستقالة وزرائها من الحكومة. جديد مسلسل الخلافات اليومية بين الطرفين وصل إلى صلاحيات رئيس الجمهورية، إذ يرى العونيون أن القوات تعتدي على هذه الصلاحيات، وتحديداً المادة 52 من الدستور التي نصّت على أن «يتولّى رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها». إذ فوجئت دوائر القصر الجمهوري ببند يُراد طرحه على جدول أعمال مجلس الوزراء لعقد اتفاقية قرض بين وزارة الصحّة والبنك الدولي بقيمة 120 مليون دولار. وتبيّن أن الوزير القواتي غسان حاصباني، فاوض البنك الدولي منذ أشهر على هذا القرض، ولم يُطلع رئيس الجمهورية على الأمر. وكانت «الصحّة» قد أرسلت في أيار الماضي كتاباً إلى وزارة الخارجية تعلمها فيه بمشروع الاتفاقية وتطلب رأيها، إلا أن الوزير جبران باسيل أكد أن المفاوضة لعقد اتفاقية تدخل ضمن الصلاحيات الدستورية الحصرية لرئيس الجمهورية. إلا أن وزير الصحّة لم يُعر تنبيه الخارجية أي اهتمام، واستكمل التفاوض مع البنك الدولي، وأنهى الاتفاق في حزيران الماضي.
وسألت مصادر عونية عن سبب «إخفاء» هذا المشروع منذ حزيران الماضي، ومحاولة وضعه على جدول أعمال الجلسة، رغم أن القوات تقدّم نفسها كحليفة للعهد، وتزعم الحرص على الرئاسة الأولى وصلاحياتها. واستغربت أن يكون «مشروع الاتفاقية محالاً على الأمانة العامة لمجلس الوزراء من دون نصّ الاتفاقية»، لافتة إلى أن «المشروع تقدّم بصيغة عرض الموافقة عليه على سبيل التسوية»، علماً أن الموافقة على طلبات الوزراء «على سبيل التسوية» تجري عندما يُكلَّفون بأمر ما لا يكون قضية خلافية، ومن ثمّ يحصلون على تغطية لاحقة (كتمثيل لبنان في الخارج في بعض المؤتمرات).
من جهة أخرى، وبعد توقفها عن الاجتماع منذ أكثر من 40 يوماً، استأنفت اللجنة الوزارية لمتابعة الانتخابات اجتماعاتها أمس، حيث استعرض وزير الداخلية نهاد المشنوق اقتراحه القائم على فتح باب الاقتراع في مكان السكن، لا في مكان القيد، لمن يرغب في ذلك، على أن يُحصر شرط الحصول على بطاقة الهوية البيومترية بهذه الفئة من الناخبين، ويُتاح للناخبين في مكان قيدهم الاقتراع ببطاقة الهوية المعمول بها حالياً، أو بجواز السفر. وبحسب مصادر اللجنة، لا يزال النقاش قائماً حول هذه النقطة، مع اتفاق الجميع على إجراء الانتخابات. وقالت المصادر: «إننا ننتظر رداً على هذه الخطة خلال يومين، وإن لم يكن هناك توافق ستجرى الانتخابات كالمعتاد، أي أن ينتخب الجميع في قراهم»، مشيرة إلى أن «اللجنة ستجتمع قريباً جداً». وأعلن الوزير باسيل عقب انتهاء اجتماع اللجنة أنّ «هناك 3 أمور استهدفها قانون الانتخابات الجديد، وهي حرية الناخب وزيادة نسبة المشاركة ومنع التزوير»، موضحاً أنّ «حرية الناخب مستهدفة من خلال موضوع التسجيل المسبق، والمشكلة سياسية وليست تقنية». وأشار إلى أنّ «بعض القوى استهدفت بعض الأمور في القانون، منها آلية التنفيذ والتعاطي بموضوع شعبوي بمناقصة البطاقات ووضع شروط إضافية على القانون»، مركّزاً على «أنّنا كتيار وطني حر نطالب بتطبيق القانون وأي تعديل عليه يجب أن يكون حوله توافق سياسي». فيما أكد وزير المال علي حسن خليل أنّ «الثابت الوحيد هو أنّ الانتخابات ستجري في موعدها».
وكان الرئيس نبيه برّي قد لفت في لقاء الأربعاء إلى أنه «إذا لم تتوافر البطاقة البيومترية، فإنّ هناك نصّاً صريحاً في القانون باعتماد الهوية أو جواز السفر»، مؤكّداً رفضه «لأي عقود بالتراضي بالنسبة إلى البطاقة البيومترية»، وكرر أن «لا تمديد ولا تجديد للمجلس النيابي».
أنقذونا من الزعران!
يمكن أن يكون هذا العنوان علامة ثابتة في مسار الفوضى القائمة في مناطق كثيرة من لبنان، حيث يختلط الفقر بالإهمال، والجهل بالجريمة، والفلتان بعمليات النصب والاحتيال. وحيث تسقط الكثير من الضوابط التي يفترض بالدولة أن تقوم بها، ولا يمكن المؤسسات الاجتماعية القائمة على العائلة والعشيرة معالجتها (مقال ابراهيم الأمين).
في الضاحية الجنوبية لبيروت، تجمّع خلال خمسين عاماً أكثر من نصف مليون مواطن ومواطنة. مع الوقت، اختفت معالم الضاحية الهادئة، لمصلحة انتشار عمراني قائم على الفوضى، وتفريخ عشوائيات لإيواء الهاربين من عوز الريف، ومن الحروب المتعاقبة داخلياً، ومع العدو. لكن أهم ما في الأمر، أن هذه البقعة بقيت، على الدوام، مسرحاً وخزاناً لغالبية القوى المناضلة ضد الظلم والاحتلال. فكان نصيبها العقاب المفتوح من الدولة على اختلاف سلطاتها.
في ربع القرن الأخير، نجح حزب الله، دون غيره من الأحزاب، ليس في مدّ نفوذ سياسي واجتماعي كبير فحسب، بل في استقطاب أبناء الضاحية الأساسيين، أو الأصليين، وصارت له تركيباته التنظيمية والاجتماعية والخدماتية التي لم تتعارض يوماً، مع كون الضاحية تمثل مركز القيادة الأساسية للمقاومة سياسياً وعسكرياً وأمنياً. ولم يحصل يوماً أن خرج أبناء الضاحية يطالبون الحزب بالرحيل عنه، رغم كل الدمار الذي أصابهم، وظلت التضحيات كبيرة وكبيرة جداً. لكن هذه الكتلة البشرية صارت، منذ سنوات، تطالب الحزب بدور أكبر. وبعكس ما يروّج له خصوم الحزب، فإن السكان أرادوا منه تولي مسؤولية إدارة شؤونهم كافة، وأن يحلّ فعلياً محلّ الدولة التي لا تأتي أبداً. كان الناس، وربما لا يزالون، يريدون من الحزب الإشراف على إدارة الأمور اليومية في ما خص الكهرباء والماء والهاتف وتنظيم الأسواق وإدارة الخدمات العامة، وتولي الأمن اليومي، وليس الأمن السياسي أو العسكري.
لكن ما تطور مع الوقت، هو أن التدهور الاقتصادي الكبير في البلاد أصاب أبناء هذه المناطق كما غيرهم، فانتشرت الآفات الاجتماعية الناجمة دوماً عن الفقر والتسرب المدرسي والفوضى وغياب السلطة الرسمية الواضحة. وخلال السنوات الخمس الأخيرة، صار أبناء هذه المنطقة يتداولون أخبار جرائم القتل والخطف والبلطجة، والحديث عن أسواق الممنوعات من مسروقات ومخدرات، وحتى الدعارة التي يفترض أنها تتناقض مع البيئة الضاحيوية المحافظة. وكان على الحزب أن يتصدى لهذه المهمة.
وفي كل مرة يرفض فيها الحزب هذا الدور، كان يحاول استدراج الدولة لتولي المسؤولية. لكنْ مجنونٌ من يعتقد أن في السلطات المتعاقبة على إدارة البلاد من يهتم لهذا الأمر. أكثر المشاريع تكاملاً، قدمه رفيق الحريري تحت اسم «إليسار»، لكنه كان مشروعاً منسوخاً عن مشروع سوليدير، وكان هدفه إبعاد الناس عن هذه المنطقة، لا يهم إلى أين، وتحويلها إلى منطقة خدمات لمركز العاصمة الميت أصلاً. وهو ما فرض مواجهته بقوة، لكن من دون بدائل.
المهم أن الأمر وصل إلى حدود صار فيها الفقراء المحرومون من الدولة يشكون قلة الأمن الاجتماعي إلى أبعد الحدود، ولم يعد بإمكان الحزب السكوت. لكنه ليس الطرف القادر على تحمل المسؤولية. كل ما عليه هو عدم وضع أي فيتو، ولا سيما أنه أطلق منذ فترة طويلة ورشة إعادة ترتيب الأمور في الضاحية، وأطلق ورشة «ضاحيتي» التي تعمل بإشراف اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، وغايتها تنظيم الحركة اليومية ومنع المخالفات. وهو عنوان مهمة الجيش اللبناني فجر أمس في موقف حي السلم.
من الطبيعي أن يكون الحدّ الفاصل بين الفقر والجريمة دقيقاً للغاية. وسيكون من الصعب ضبط الموقف في حالة الدعوة إلى علاج كامل للأزمة. لكن بات من الصعب رهن الأمور كلها بخطوة واحدة. ومن دعا إلى معالجة الظواهر الأمنية في مناطق شبيهة من حيث الواقع الاجتماعي والاقتصادي، كما جرى في طرابلس أو مخيمات لبنان، عليه أن يكون أكثر وعياً وهو يتحدث عمّا جرى أمس في حيّ السلم. أما الرهان من فريق 14 على زعران لمواجهة حزب الله، فهذا مفهوم في قاموس هؤلاء!
اللواء
باسيل يتّهم المشنوق بـ«تعطيل الإنتخابات».. وحيّ السلم ينقلب على حزب الله
ترحيب رسمي بقرارات السعودية التعاون مع لبنان في التربية والإسكان .. والراعي في البيت الأبيض
تدور لجنة تطبيق قانون الانتخابات الوزارية التي اجتمعت في السراي الكبير، برئاسة الرئيس سعد الحريري أمس، وهي لن تجتمع اليوم، خلافاً لما ذكر، حول نفسها بما يشبه «طبخة البحص» أو «اسمع جعجعة ولا أرى طحناً».
والبارز في الاجتماع الذي حضره الوزراء: نهاد المشنوق، علي حسن خليل، جبران باسيل، محمّد فنيش، علي قانصو، طلال أرسلان، يوسف فنيانوس، بيار أبو عاصي، والأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل، هو السجال، الذي بلغ حدّ اتهام وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بصورة غير مباشرة بتعطيل الانتخابات النيابية، عندما ردّ عليه بأن اجرائها باستخدام البطاقة البيومترية يعني عدم إنجازها، وهذا يؤثر على موعد اجراء الانتخابات.
وعلمت «اللواء» ان باسيل اقترح على المشنوق التبادل بين جعبتي الخارجية، التي يقف على رأسها باسيل، والداخلية التي يتولاها المشنوق، وخاطب الأوّل الثاني قائلاً: «أنا بإمكاني اجراء الانتخابات».
وقبيل الجلسة أكّد المشنوق ان التسجيل المسبق للناخبين خارج أماكن سكنهم بات محتماً، مشيراً إلى ان الوقت مر ولم يعد بالإمكان التصويت وفقا للبيومترية من دون التسجيل المسبق، وهو الأمر الذي رفضه الوزير باسيل، في أوّل تعليق، قبل الاجتماع بالقول: «بدي شوف بس ينزل شو بيقول».
وفي السياق، نقل نواب الأربعاء عن الرئيس نبيه برّي قوله انه «في حال لم تتوفر البطاقة البيومترية، فإن هناك نصاً صريحاً في القانون باعتماد الهوية أو جواز السفر، وأن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها، ومن لديه شك أو يفكّر خلاف ذلك، فليخيط بغير هالمسلة».
ترحيب عون بالقرارين السعوديين
في بعبدا، رحب الرئيس ميشال عون على هامش استقباله وفد المشاركين في المؤتمر الدولي الخامس عشر للتشغيل والصيانة في الدول العربية بالقرارين السعوديين، معرباً عن ارتياحه لصدورهما وهما يتعلقان بالتعاون مع لبنان في حقلي التربية والاسكان، مؤكداً ان مثل هذا التلاقي بين لبنان وكافة الدول العربية الشقيقة في مختلف القطاعات هو أمر يحظى باهتمامنا.
وفي واشنطن اجتمع البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي مع أركان البيت الأبيض، في إطار البحث عن دعم أميركي للبنان والوجود المسيحي في الشرق.
وكان مجلس الوزراء السعودي في جلسته أمس الأوّل انتهى إلى ما يلي:
أولاً: وافق مجلس الوزراء على تفويض وزير التعليم – أو من ينيبه – بالتباحث مع الجانب اللبناني في شأن مشروع مذكرة تعاون علمي وتعليمي بين وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية ووزارة التربية والتعليم العالي في الجمهورية اللبنانية، والتوقيع عليه، ومن ثم رفع النسخة النهائية الموقعة، لاستكمال الإجراءات النظامية.
ثانياً: وافق مجلس الوزراء على تفويض معالي وزير الإسكان – أو من ينيبه – بالتباحث مع الجانب اللبناني في شأن مشروع مذكرة تفاهم بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة الجمهورية اللبنانية للتعاون في مجال الإسكان، والتوقيع عليه، ومن ثم رفع النسخة النهائية الموقعة، لاستكمال الإجراءات النظامية.
طبخة بحص
وفي تقدير مصدر وزاري، ان جلسة مجلس الوزراء أو لجنة النازحين السوريين ستكون مفصلية لجهة حسم الخلافات بين الوزراء، لا سيما حول ملف النازحين، أو حول التسجيل المسبق واعتماد البطاقة البيومترية كشرط لإنشاء مراكز «الميغا سنتر»، والذي جعل من اجتماع لجنة الانتخاب مجرّد عملية «طبخة بحص» على حدّ تعبير وزير المهجرين طلال أرسلان الذي أوضح لـ«اللواء» انه لم يحصل أي تقدّم في هذا الاجتماع ولا واحد في المائة، رغم انه استغرق أكثر من ساعتين، بسبب ما لمسناه من مماطلة بعض الأطراف التي لم يسمها، لافتاً إلى ان هناك من يريد ان يماطل لتطيير الشروط الاساسية للعملية الانتخابية، واصلاحات قانون الانتخاب، واهمها التسجيل المسبق وبطاقة الانتخاب الممغنطة أو الهوية البيومترية والعودة الى الممارسات القديمة، متسائلاً عن قيمة النسبية التي يقوم عليها اساساً قانون الانتخاب الجديد إذا اعتمدنا أساليب التصويت القديمة.
وذكرت مصادر اخرى في اللجنة ان التناقض والخلافات قائمة أساساً حول التسجيل المسبق الذي تبنته كل الاطراف السياسية في اللجنة (امل و«حزب الله» و«الاشتراكي» والمردة والحزب القومي والقوات اللبنانية) ما عدا الوزير باسيل، وسايره في ذلك «تيارالمستقبل»، وكانت حجة الوزير باسيل ان التسجيل المسبق يقلل من نسبة التصويت المسيحي، بسبب المشقة التي سيتكبدها الناخب في الذهاب للتسجيل ومن ثم الذهاب مرة اخرى للتصويت وهو بالكاد كان يذهب للتصويت، عدا عن محاولات التأثير التي يمكن ان تحصل عليه في «الميغا سنتر».
وطرح بعض اعضاء اللجنة تجاوز موضوع البطاقة والتصويت بالهوية الحالية القديمة ولاحقا يتم إنجاز بطاقات هوية جديدة لكل الناخبين ولكل المواطنين.
لكن وزير الداخلية نهاد المشنوق التف على الرفض وطرح «الخطة باء» التي تقوم على انجاز بطاقات هوية بيومترية للمسجلين مسبقاً للتصويت في مناطق سكنهم وليس في مناطق قيد نفوسهم، وهو ابدى جهوزية الوزارة لانجاز ما بين 500 الف الى مليون بطاقة هوية خلال الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات، وانجاز مراكز «الميغا سنتر»، لكن الاساس في هذه العملية هو التسجيل المسبق لتعرف وزارة الداخلية كم بطاقة يجب ان تطبع بالتحديد.
ونتيجة استمرار التضارب في المواقف، تقرر ان يعود الوزراء الى مرجعياتهم (ليل امس) للتشاور في الموقف الذي يجب ان يُعتمد، وطرح الموضوع اليوم في مجلس الوزراء لمحاولة اتخاذ الموقف، لأن الوزير المشنوق حذر ونبّه من ان الوقت لم يعد متاحا ويجب اتخاذ القرار خلال ايام قليلة لإنجاز ما يتم الاتفاق عليه من اجراءات.
وفي معلومات «اللواء» ان الوزير باسيل هدّد خلال الاجتماع بأن «التيار الوطني الحر» على استعداد لتفجير الوضع اعلامياً إذا لم يتم الاتفاق على النقاط المطروحة من قبله، وخصوصاً بالنسبة إلى موضوع التسجيل المسبق، محملاً الوزير المشنوق مسؤولية الإصرار على التسجيل المسبق بهدف تقييد حرية الناخب وعدم زيادة نسبة آلمشاركة والافساح في المجال امام استمرار التزوير في حال العودة إلى استعمال الهوية، بحسب ما اقترح الرئيس نبيه برّي امام نواب الأربعاء.
وأوضح باسيل ان الخلاف هو على هذه النقاط الثلاث، مع ان الانتخابات مددت من أجل معالجة هذه الأمور، مشيرا إلى ان تغيير القانون يحتاج إلى اتفاق سياسي، ولا يستطيع أحد ان يضع شرطا عليه بالتسجيل المسبق.
وكشف ان كلفة بطاقات الانتخاب كلها والبالغ عددها مليون و200 ألف بطاقة لا تتجاوز الـ5 ملايين دولار، حسب التقرير الذي عرض علينا خلال الاجتماع فلماذا يتم الحديث عن 140 مليون دولار، موضحا ان طلبه الوحيد هو تطبيق القانون، والبرهان اننا كوزارة خارجية رغم عدم امتلاكنا الإمكانات اللازمة تحركنا باتجاه الاغتراب لتسهيل انتخاب المغتربين.
لكن مصدرا شارك في اجتماع اللجنة كشف لـ «اللواء» ان ما ذكره الوزير باسيل عن موضوع تسجيل المغتربين خجول جدا، حيث ان المعلومات المتوافرة تفيد انه ليس هناك أكثر من 800 لبناني سجل اسمه في السفارات للمشاركة في العملية الانتخابية.
ولفت هذا المصدر إلى ان هناك استحالة لأن يحصل جميع الناخبين على البطاقة البيومترية، لأن الموقف أصبح يداهم الجميع، معتبرا هذا الأمر مخالفا للدستور من حيث عدم المساواة بين جميع المواطنين وقد يتم الطعن بالموضوع أمام مجلس شورى الدولة.
ولاحظ ان الرئيس الحريري حاول على مدى ساعتين تلطيف الأجواء بعد النقاش العالي النبرة بين أعضاء اللجنة، وهو أصر وأكد على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المقرّرة، وفي الوقت نفسه كان حيادياً بالنسبة للخطة «ب» التي طرحها الوزير المشنوق كي لا يكون طرفاً في النقاش.
إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن جلسة مجلس الوزراء اليوم قد لا تخلو من استفسارات بعض اعضاء الحكومة عن الكلام المتداول حول تفكير وزراء القوات بالاستقالة، وأشارت إلى أن الرئيس سعد الحريري سيتحدث عن مباشرة الحكومة قريبا بدرس مشروع قانون الموازنة للعام 2018.
وقالت إن هناك بنودا تستدعي مناقشات معمقة لاسيما ما يتصل منها ببنود وزارة البيئة والعدل.
واستبعدت المصادر نفسها إجراء أي تعيينات رئيسية داخل المجلس، لكن وزير العدل سليم جريصاتي، وفي رد على سؤال بشأن وجود توجه لتعيين مجلس دستوري جديد في وقت لاحق، أجاب لـ«اللواء»: «نعم هناك توجه لذلك». ومعلوم أن مجلس النواب ينتخب 5 أعضاء ، فيما تعين الحكومة كذلك الخمسة الباقين.
لجنة النازحين
وفي ما خص اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة معالجة أزمة النازحين السوريين، والتي ستجتمع بعد ظهر اليوم ايضا في السراي برئاسة الرئيس الحريري، فهي ستناقش عددا من الأفكار والمقترحات، من ضمنها ورقة اعدها الوزير باسيل بعنوان: «مسودة إجراءات لتقليص اعداد النازحين الموجودين حاليا» كخطوة أولى لوقف تدفقهم لاحقا، كما تناقش مقترحات من وزيري شؤون النازحين معين المرعبي، ووزير الشؤون الاجتماعية بيار بوعاصي تقوم على تسجيل النازحين والولادات الجديدة في لبنان لتسهيل احصائهم ومكان اقامتهم، والتمييز بين النازح ورجل الأعمال والعامل أو المريض أو السائح أو الداخل ترانزيت.
حيّ السلم: المخالفات.. والإنقلاب
في الضاحية الجنوبية، عاش حيّ السلم ساعات عصيبة مع ساعات الفجر الأولى، تمثلت بعزم الدولة على إزالة المخالفات، سواء الاكشاك، أو السيّارات المجهزة بالقهوة أو الاطعمة، أو استغلال الأرصفة بالبضائع، في حيّ السلم، بناء لإشعار سابق وانذارات قبل 5 ت2 بأن القوى الأمنية ستزيل وبالتالي المخالفات ولا عودة إلى وراء محمل على المخالفين أخذ القرار على مجمل الجد.
وعند السابعة، تجمع أصحاب الاكشاك احتجاجاً على عزم قوى الأمن إزالة المخالفات، وقطعوا الطرق بالاطارات المشتعلة، مرددين هتافات ضد مسؤولين رسميين وحزبيين ونزع صور وشخصيات رسمية وحزبية، ورميهما على الأرض، احتجاجا على ما وصفوه بقطع الارزاق.
واستمر الوضع لساعات، مع استقدام تعزيزات من فرقة مكافحة الشغب، والجيش، وتمركز ملالات للحؤول دون التصعيد.. الأمر الذي أفسح في المجال امام الوساطات الحزبية لتهدئة الوضع، وإنهاء الاعتصام..
وتوجه بعض المواطنين والنسوة بكلام قاسٍ إلى قيادة حزب الله، امام الكاميرات، بسبب الضائقة الاقتصادية والديون والفقر..
وفي المعلومات، ان التسوية التي ساهم فيها قياديون من حزب الله وحركة «امل»، أسفرت عن فك الاعتصام، وإنهاء ذيول التوتر بوعد أصحاب الاكشاك بالتعويض عليهم، ولم يعرف ما إذا كان هذا التعويض من الهيئة العليا للإغاثة أو من غيرها..
البناء
العبادي لتقييم مواجهة الانفصال في أنقرة وطهران… وشي بينغ «زعيماً للصين»
كسر الخط الأحمر الأميركي في القائم والبوكمال… والمقداد لتنسيق إيراني سوري
لجنة الانتخابات «طبخة بحص»… وبرّي: الانتخاب بالهوية… لا تأجيل ولا تمديد
العيون الغربية كلها شاخصة نحو الصين وما ترسمه نتائج المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، الذي تحوّل إلى خبر أوّل في الصحف العالمية الكبرى، بعدما صارت الصين ثاني دولة في حجم اقتصادها بعد الولايات المتحدة الأميركية، ومرشحة لتبوّء المركز الأول خلال الأعوام الخمسة المقبلة، واحتلت المركز الثاني لأكبر حامل كتلة نقدية بعد اليابان ومرشح للمركز الأوّل بعد أعوام قليلة أيضاً، ودخلت اللعبة الدولية بهدوء وبرود، وراء شريكها الروسي الذي نجح بفرض مكانة اللاعب الأوّل من بوابة دوره في الحرب على سورية، بينما يعلن الزعيم الصيني شي بينغ عزم حكومته على بناء قوة عسكرية تليق بمكانة بلاده، لتكتمل معالم الصعود الصيني، الذي توّج في مؤتمر الحزب بينغ زعيماً تاريخياً للحزب إلى جانب أسماء ماو تسي تونغ ودنغ هسياو بينغ، في زمن تراجع القبضة الأميركية على العالم، معلناً بدء مرحلة نهوض التنين الصيني بمسؤولياته كقوة عظمى.
التراجع الأميركي الذي يقرأ، حسب التوقيت الصيني، بالاستعداد للتحرّك بسرعة تزداد مؤشراتها، ترجمته الضربة القاسية التي تلقاها الرهان الأميركي السعودي «الإسرائيلي» على خطة انفصال كردستان، والفشل في احتواء نتائجها، كما جاء في كلام مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال هيربيرت ماكماستر في إعلان الخيبة والذهول من الحركة الإيرانية السريعة التي أجهضت الانفصال باستقطاب شريك كردي وتنظيم تحرك سريع للحشد الشعبي نحو كركوك. وعلى إيقاع هذا الإنجاز العراقي الذي سجلته واشنطن ضمن خيباتها، واصل العراق حركته على الشريكين التركي والإيراني لتقييم الخطوات اللاحقة في مسار إنهاء ذيول خطة الانفصال وبلورة خطة التحرّك، التي تتجه لتعامل سياسي بارد بانتظار التفاعلات داخل الساحة الكردية، وكيفية تصرف رئيس الإقليم مسعود البرزاني مع نهاية ولايته الرئاسية بعد أيام، والمرحلة الانتقالية الفاصلة عن الانتخابات البرلمانية والرئاسية بعد ثمانية شهور في إقليم كردستان، لجعل الحوار حول القضايا العالقة أوراقاً داعمة للفريق المساند لوحدة العراق بين الأطراف الكردية، الذي يتزعّمه ورثة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وعائلة مؤسّسه الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني.
متابعة ملف الانفصال الكردي لم تمنع العراق من مواصلة الأولوية التي تتمثل بمطاردة داعش وما تبقى من انتشار لمسلحي التنظيم غرب العراق، وحيث ملف الحدود مع سورية كان موضع حذر عراقي مراعاة لخطوط حمراء أميركية بدا العراق أشدّ حزماً في التوجه للحسم بالتنسيق العلني مع الجيش السوري، وحيث الحشد الشعبي والمقاومة شريكان في العملية بتحدّ واضح لما رسمه الأميركيون من خطوط حمراء وحيث تتوقع مصادر عسكرية أن تبدأ معركة القائم والبوكمال في الأسبوع المقبل، تتقدّم القوات من طرفَيْ الحدود وتسجل نقاطاً جديدة لتلاقيها في محيط المدينتين الخاضعتين لداعش.
بالتزامن نفسه، كان الجيش السوري يحقق المزيد من التقدّم في محاور مدينة دير الزور، وخصوصاً المنطقة الصناعية، بينما تعيش «قوات سورية الديمقراطية» القلق على مستقبل عفرين، بعدما زجّت بكامل قواتها في مناطق دير الزور لقطع الطريق على دخول الجيش السوري إلى مناطق سيطرة داعش.
المشهد السياسي والعسكري بجوانبه المتعدّدة كان موضوع زيارة نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد لطهران ولقاءاته مع مسؤوليها لمزيد من التنسيق، سواء بما يتصل بتقييم الانتصارات والإنجازات أو مواجهة التعقيدات المتصلة، خصوصاً بتقييم موحد للدور التركي وكيفية التعامل معه والملف الكردي وكيفية إدارته بصورة متوازية بين الحالتين الكرديتين في العراق وسورية.
لبنانياً، عاد الملف الانتخابي إلى الضوء مع انعقاد اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف الانتخابات النيابية، وفشلها في التوصل لتفاهمات على قضايا الخلاف، وخصوصاً بعدما بلغ الخلاف بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الداخلية نهاد المشنوق حول البطاقة البيومترية والتسجيل المسبق مرحلة التصريحات العلنية، والاتهامات بالعرقلة، ما حدا بعدد من الوزراء المشاركين بوصف اللجنة وعملها بـ «طبخة بحص»، وهو ما شرح تفاصيله رئيس المجلس النيابي نبيه بري لنواب لقاء الأربعاء باستعادة النقاشات الأولى حول اعتماد البطاقة البيومترية والخلاف حول التسجيل المسبق، وصولاً للقول إن لا تأجيل ولا تمديد، وطالما وزارة الداخلية غير قادرة على ضمان إنجاز البطاقة وتوزيعها في المدة الفاصلة عن الانتخابات، فالانتخابات ستتمّ في موعدها وببطاقات الهوية.
لجنة الانتخابات: «طبخة بحص»
لم تخرج اللجنة الوزارية المكلّفة متابعة قانون الانتخاب في اجتماعها أمس، بحلول حول آلية تطبيق بعض بنود القانون العالقة، لا سيما ما يتعلق بالبطاقة البيومترية والتسجيل المسبق للناخبين خارج مكان القيد، بل إن الخلاف لا يزال قائماً في هاتين النقطتين بحسب مصادر السراي الحكومي التي لفتت لـ «البناء» الى أن «النقاشات عكست وجهات نظر مختلفة حول النقاط العالقة، حيث عمل كل طرف على شد الحبل الى جهته ولم يتوصّلوا الى وجهة نظر مشتركة».
وترأس الاجتماع رئيس الحكومة سعد الحريري وحضره الوزراء: نهاد المشنوق، علي حسن خليل، جبران باسيل، محمد فنيش، علي قانصوه، طلال ارسلان، يوسف فينيانوس، بيار بو عاصي والامين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل.
واكتفى المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة بالإشارة الى الاجتماع والحضور من دون ذكر ما اذا كانت حُسمت الخلافات حول النقطتين المتبقيتين من آلية تطبيق القانون. وأوضح وزير الداخلية قبيل الاجتماع أن «التسجيل المُسبق للناخبين خارج أماكن الاقتراع بات محتماً»، لافتاً الى أن «الوقت مرّ ولم يعُد بالإمكان التصويت وفقاً للبيومترية من دون التسجيل المُسبق»، وعلّق باسيل على تصريح المشنوق ، قائلاً: «بدي شوف بس ينزل شو بيقول»، ولفت الى أن «حرية الناخب مستهدفة من خلال موضوع التسجيل المسبق وبعض القوى استهدفت بعض الأمور في القانون الانتخابي منها آلية التنفيذ والتعاطي بموضوع شعبوي بمناقصة البطاقات ووضع شروط إضافية على القانون». فيما أكد الوزير طلال ارسلان أن «الخلاف السياسي في أوجه والقصة طبخة بحص».
وفيما يُبقي الخلاف السياسي مصير الآليات الانتخابية التي ستعتمد في الانتخابات النيابية المقبلة مجهولاً، يظهر أيضاً المماطلة في وضع مواد القانون موضع التنفيذ منذ إقرار القانون الجديد، فلماذا لم تحسم مسألة البطاقة البيومترية فور صدور القانون؟ ولماذا تمّ إقرار القانون من دون الاتفاق النهائي على بنوده؟ ولماذا لم يأخذ المعنيون كلام وزير الداخلية عن صعوبة اعتماد البيومترية قبل إبصار القانون النور على محل الجدّ؟ وهل كانوا على علمٍ مسبق بعجز الحكومة عن ذلك فأضافوا المادتين 84 و95؟ وهل سيتحوّل الخلاف السياسي على النقاط التقنية ذريعة لتبرير التمديد الرابع؟
مصادر نيابية أشارت لـ «البناء» الى أن «المشكلة الأساسية التي تعتري تطبيق قانون الانتخاب هي أن القانون ليس مثالياً، بل وضع في ربع الساعة الأخيرة في مرحلة سياسية صعبة وظروف دستورية دقيقة سبقت إقراره كادت تؤدي بالبلاد الى الفراغ الشامل».
بري: الانتخابات حاصلة بالهوية إن تعذّرت «البيومترية»
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري «أن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها، وهي حاصلة من دون أدنى شك». وقال «إن من يفكر غير ذلك، فليخيّط بغير هالمسلة». واستعرض الرئيس بري مع النواب في لقاء الاربعاء، تفاصيل قانون الانتخاب لا سيما المادتين 84 و95 منه، مشيراً الى «ان في حال لم تتوفر البطاقة البيومترية، فإن هناك نصاً صريحاً في القانون باعتماد الهوية او جواز السفر». ولفت الى انه «أحال مشروع قانون البطاقة البيومترية فور وروده من الحكومة إلى اللجان النيابية المختصة». في المقابل، شدّد مرة أخرى «على وجوب ان تخضع كل التلزيمات لإدارة المناقصات وفق الاصول».
ونقل زوار الرئيس بري عنه قوله لـ «البناء» إنه مع اعتماد البطاقة البيومترية، لكن مع التسجيل المسبق للذين يودون الاقتراع خارج مكان القيد في مكان السكن، وأن رفض البعض ذلك بأنه يقيد حركة الناخب حجة غير مقنعة، بل العكس تماماً أنه ينظم العملية الانتخابية ويمنع التزوير».
والى جانب الخلاف السياسي والتقني برز خلاف آخر داخل اللجنة، وهو الاعتمادات المالية لتغطية العملية الانتخابية وطريقة تلزيم شركة لإعداد البطاقة البيومترية. ولفتت المصادر الى أن «لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النيابية التي اجتمعت الاثنين الماضي، لدرس مشروع القانون المعجل لفتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة لتغطية تطوير بطاقة الهوية الحالية الى بطاقة بيومترية، لم تتوصل الى اتفاق ودار نقاش واسع وعميق انتهى بإرجاء الجلسة الى موعدٍ آخر، بعد أن شهدت اعتراضات عدة حول الكلفة وطريقة التلزيم التي تمت بالتراضي لشركة واحدة». كما لفتت المصادر الى أن «المشروع نفسه سيطرح في جلسة للجنة المال والموازنة، التي ستعقد اليوم، مستبعدة التوصل الى اتفاق بهذا الشأن».
وتوقعت المصادر أن يحاول مجلس الوزراء في جلسته اليوم في السراي الحكومي إيجاد صيغة مبدئية لحل الخلاف القائم حول النقاط العالقة لعدم إشاعة مناخ سلبي حول مصير الانتخابات».
وزير الخزانة الأميركية: سنتّخذ إجراءات رادعة ضدّ حزب الله
على صعيد آخر، تواصل الولايات المتحدة الاميركية حربها على حزب الله، وتشكيل جبهة إقليمية، في مقدمتها السعودية لمواجهته، وسط معلومات تتحدث عن قرب صدور قانون العقوبات على الحزب.
وفي سياق ذلك، أعلن وزير الخزانة الأميركية ، ستيفن منوتشين ، من الرياض، «أنّنا سنتّخذ إجراءات رادعة ضدّ حزب الله لوقف إرهابه»، مشيراً إلى «أنّنا نؤسّس مركزاً متعدّد الجنسيات لقطع الدعم المالي لشبكات الإرهاب»، كاشفاً أنّ « الولايات المتحدة الأميركية تفرض عقوبات على 9 كيانات وأشخاص مرتبطين باليمن ». وشدّد على أنّ «السعودية شريك للولايات المتحدة الأميركية في محاربة تمويل الإرهاب».
قائد الجيش في واشنطن
إلى ذلك بدأ قائد الجيش العماد جوزيف عون أمس، زيارة إلى واشنطن حيث التقى كبار المسؤولين في وزارة الدفاع والأمن القومي والجيش الأميركي، حيث القتى قائد المنطقة المركزية الوسطى الجنرال جوزف فوتيل الذي توجّه اليه بالتهنئة على الانتصار الكبير الذي حققه الجيش في معركة «فجر الجرود»، ثم بحث الجانبان في العلاقات العسكرية الثنائية، وسبل تطوير التعاون ودعم الجيش اللبناني للقيام بمهمّاته الوطنية، وعرضا برنامج المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني، حيث أكّد فوتيل مواصلة تقديم المزيد من المساعدات في المرحلة المقبلة، منوّهاً بقرار الجيش تعزيز انتشار القوى العسكرية في قطاع جنوب الليطاني.