افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 31 كانون الثاني، 2018

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 27 آذار، 2018
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 7 أيلول، 2016
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 13 شباط، 2018

أكدت افتتاحيات الصحف هذا الصباح، أن لبنان لا يزال تحت تأثير عاصفة "فيديو باسيل". وأجمعت كلها على أن آفاق الحل أو التسوية قاتمة بل معتمة. لا سيما وأن مواقف البيانين الصادرين عن بعبدا وتكتل التغيير والإصلاح، أمس، لم تعالج حالة الإستفزاز الطائفي التي ارتكبها "صاحب الفيديو"، وبقيت دون مطالب عين التينة، وتحقيق رضى جمهورها. وتتراوح التوقعات بين اتجاهين :
ـ أزمة مفتوحة تمتد حتى الإنتخابات النيابية في أيار المقبل، في ظل شلل حكومي ودولتي ظهرت أعراضه منذ بدء هذه "العاصفة".
ـ معالجة سياسية تنطلق من موافقة بعبدا وبيت الوسط على تسوية "مرسوم الضباط"، من خلال تذييله بتوقيع وزير المالية، بجانب توقيعي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وتمتد إلى بقية الملفات العالقة في شباك التفسيرات الطائفية المجتزأة للدستور. (علي نصار)


الجمهورية
الأزمة تحتاج إلى مبادرة حَكَم… وبرّي: يريدون نسف «الطائف»

بدا من المواقف وردّات الفعل على ما جرى ويجري أنّ الأزمة بين بعبدا وعين التينة وتالياً بين التيار الوطني الحر وحركة «أمل» ما تزال على غاربها إلى درجةٍ ذهبَ معها البعض إلى القول: «إشتدّي يا أزمة.. وانفجِري»، بدلاً من أن يكون اشتدادها إيذاناً بانفراجها، بدليل أنّ الشارع عاد إلى التحرّك رغم «الدعوات إلى التسامح»، ما دفعَ المراقبين إلى الحديث عن حاجة الوضع إلى مبادرة حَكَم تدفع الجميعَ إلى الهدوء ومعالجةِ ما حصَل لأنه يهدّد البلاد بأزمةٍ مستطيرة في حال استفحالها. وقالت مصادر واسعة الاطّلاع لـ»الجمهورية»: «ليس المطلوب من القوى السياسية على اختلافها التضامن مع هذا الفريق أو ذاك، وإنّما المبادرة إلى الجمع بين المختلفين لحلّ الأزمة وتجنيبِ البلاد الفتنة».
سعى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد صمتٍ ليومين إلى تطويق ذيول ما جرى من موقعِه «الأبوي»، فاعتبَر «أنّ ما حدث البارحة على الصعيدين السياسي والأمني، أساء إلى الجميع وأدّى إلى تدنّي الخطاب السياسي إلى ما لا يليق باللبنانيين».
وقال: «إنّ ما حصَل على الأرض خطأ كبير بُنيَ على خطأ». وقال: «مِن موقعي الدستوري والأبوي أسامح جميعَ الذين تعرّضوا لي ولعائلتي، وأتطلّع إلى أن يتسامح أيضاً الذين أساؤوا إلى بعضهم البعض، لأنّ الوطن أكبر من الجميع، وهو أكبر خصوصاً مِن الخلافات السياسية التي لا يجوز أن تجنحَ إلى الاعتبارات الشخصية، ولا سيّما أنّ التسامح يكون دائماً بعد إساءة».
ودعا القيادات السياسية إلى «الارتقاء إلى مستوى المسؤولية لمواجهة التحدّيات الكثيرة التي تحوط بنا، وأهمّها المحافظة على الاستقرار والأمن والوحدة الوطنية، وعدم التفريط بما تحقّقَ من إنجازات على مستوى الوطن خلال السنة الماضية، والتي كانت من الأسباب المباشرة للرعاية الدولية التي يلقاها لبنان في المؤتمرات المرتقَبة لدعمِ أمنِه واستقراره واقتصاده ومساعدتِه على حلّ معاناة النازحين السوريّين فيه».
وقالت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» في معرض تفسيرها لهذا البيان الرئاسي إنّ عون الذي أمضى يومين يراقب التطوّرات التي تلت نشرَ الفيديو الذي تضمّن كلامَ الوزير جبران باسيل المسيء لبرّي، «شاء أن يطلقَ ما يُشبه النداء لاستيعاب الأحداث وامتصاصِ ردّات الفعل ومنعِ تفاقمِها ووقفِ أجواء الشحن والفوضى التي شهدها بعض المناطق».
وأضافت: «ما قصَده رئيس الجمهورية هو وضعُ حدّ لكلّ ما يجري في الشارع في أسرع وقت ممكن، لإفساح المجال أمام المعالجات الهادئة عبر الأطر المؤسساتية والدستورية».
«الحزب»
وعلمت «الجمهورية» من مصادر موثوقة أن لا وسطاء حتى الآن على خط معالجة الأزمة، ولم يتبرّع أيّ طرف بعد بتقديم نفسِه وسيطاً حتى من أقرب حلفاء الطرفين، لأنّ المسألة كما تبدو عميقة جداً وأصعبُ من أن تُحلَّ بسهولة، نظراً لعمقِ التباعد بين منطقَي عون وبرّي.
ولوحِظ أنّ البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية وبيان تكتّل «الإصلاح والتغيير» «لم يجدا صدىً إيجابياً عند بري وكذلك عند «حزب الله» الذي كان يأمل بـ«موقفٍ يجمع».
وإذ سألت «الجمهورية» معنيّين في «الحزب» حول هذين البيانين فلم يوحوا برضى بل آثروا عدم الجواب «لأنّ الوضع حسّاس».
وقالت مصادر مواكِبة للأزمة لـ«الجمهورية»: «إنّ إمكانية الحَلحلة يمكن أن تتعزّز بمحاولة للتوصّل إلى عقدِ لقاء بين عون وبري، لكنّ العقدة هنا كيف سيتمّ جمعُهما؟ ومَن هي الجهة الضامنة لهذا اللقاء أو التي يمكن أن تنجح في إقناع الطرفين بالجلوس معاً؟ علماً أنّ هناك مناسبة عيد مار مارون في 9 شباط وقد تُشكّل محطة لقاء بين عون وبري الذي استغرَب ما سُرِّب عن أنّه لن يشارك في هذه المناسبة.
وفي هذا السياق طُرحت إمكانية مبادرة الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله في هذا المجال. إلّا أنّ أوساط الحزب استغرَبت هذا الطرح وأكّدت لـ«الجمهورية» أن «لا شيء من هذا وارداً».
وحول ما إذا كانت الأيام المقبلة ستشهد كلمةً للسيّد نصرالله يتناول فيها الوضعَ ويُشخّص الأزمة ويطرح حلولاً لها، لم تؤكّد مصادر الحزب هذا الاحتمال. إلّا أنّها لم تستبعد أن يتناول نصرالله هذه الأزمة في خطابه الذي سيلقيه في الاحتفال بذكرى القادة الشهداء في 16 شباط، أي بعد يومين من ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي يُنتظر أن تشهد كلمةً لرئيس الحكومة سعد الحريري.
برّي
وإلى ذلك، ظلّ برّي ملتزماً الصمتَ حيال الأحداث الأخيرة والمتسارعة، ورَفض أمام زوّاره أمس التعليقَ على بيانَي عون وتكتّل «التغيير والإصلاح» مكتفياً بالقول: «لا تعليق».
وأضاف في توصيفه لما يَجري: «إنّ أخطر ما يحصل أنّ هناك من لم يغادر مرحلة ما قبل «الطائف»، يُراد فعلاً نسفُ «الطائف» والدستور وخلقُ أعراف جديدة، ولا يتوقعنّ أحد أنّني أنا نبيه بري قد أقبل بذلك أو بتثبيت هذه القواعد والأعراف المخالفة للدستور، أنا أحافظ على مصلحة البلد، كلِّ البلد، وليس على مصلحتي الشخصية».
التكتل و«التيار»
في غضون ذلك، عَقد تكتّل «التغيير والإصلاح» اجتماعاً استثنائياً في المقر المركزي لـ»التيار الوطني الحر» في سنتر ميرنا الشالوحي، برئاسة رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل، وسط إجراءات أمنية مشدّدة.
وأكّد «التكتل» أنّ ما حصل مع باسيل «في لقاء غير علنيّ، تمّ استدراكه من قبَله، من دون طلبِِ مِن أحد، من خلال تعبيره عن أسفِه، وهو ما يرتبط بقناعاته وأخلاقياته وأدبيات التيار». وأعلن التكتل تجاوبَه مع مطلب رئيس الجمهورية وطلبه التسامح في ما يتعلق بالاعتداء على المقر العام لـ«التيار» وردّات الفعل في الشارع».
واعتبَر «أنّ الكرامات متساوية، وأنّ اللبنانيين متساوون في حقوقهم وواجباتهم، وأن يكون هناك احترام لحرمةِ المواقع والأملاك العامة والخاصة، وأنّ الدولة هي التي تحمي الجميعَ وتعطي الجميع حقوقَهم بالوسائل الديموقراطية والقانونية والقضائية. وإذا كانت هناك من عبرة ممّا حصَل، فهي أنّ الطريق الوحيد للحفاظ على كرامة الجميع والوصول الى نتائج، هي من خلال المؤسسات وطريق القانون والأصول».
وعن المطالبة بالاعتذار، أشار التكتّل إلى «أنّ البيان واضح، وقد سرَدنا فيه كلّ المواقف والمبادرة الذاتية لرئيس التيار من دون طلب من أحد، والتسامحَ الذي أبديناه مع الاعتداء الذي حصَل أمس، والمشهد الذي حكم عليه اللبنانيون، والملفّ بالنسبة لنا انتهى».
«التيار» لـ«الجمهورية»
وقالت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية»: «إنّ «التيار» مع إنجاح مبادرة رئيس الجمهورية لأنّها تحفَظ كرامة الجميع وتؤمّن مصلحة لبنان ومصلحة الدولة التي هي في حاجة الى استكمال عملِها الدستوري والإداري بشكل طبيعي». وأكّدت أنّ موقف «التكتل» جاء «تجاوباً مع طلب الرئيس عون التهدئةَ والتسامحَ والارتقاءَ الى مستوى المسؤولية في المرحلة الراهنة، خصوصاً بعد الاعتداءات التي تعرّض لها المقر العام لـ«التيار» والمواطنون في الشارع، وما رافقَها من إهانات وشتائم وتهديدات».
وأشارت الى أنّ مشهد أمس الأوّل «تخطّى «التيار» وجمهورَه ومناصريه وشدَّ عصَبهم وانعكسَ التفافاً من كلّ قواعده حول رئيسه، إذ إنّ الأذى المعنوي الذي تعرّض له «التيار» والكلامَ الجارح الذي طاوَله، عزّز وحدتَه أكثر فأكثر». واعتبَرت «أنّ الكرة باتت الآن في ملعب حركة «أمل» المُطالَبة بموقف مسؤول بحجمِ التحدّيات التي يواجهها لبنان وشعبُه».
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: «إنّ المطلوب في هذه اللحظة بالذات العودة إلى الحوار ولجمُ التصعيد السياسي على الأرض والذي خرج عن حدوده في اليومين الماضيين، لأنّ المصلحة اللبنانية العليا تستدعي من الجميع الحفاظَ على التهدئة السياسية والابتعادَ عن لغةِ الشارع وإبقاء الخلافات تحت سقف المؤسسات الدستورية الكفيلة وحدَها بتطويق الأزمات السياسية ومعالجتِها».
وشدّدت المصادر «على أنّ الانتظام العام يشكّل مصلحةً لجميع اللبنانيين، فيما لا مصلحة لأحد في تقويض الاستقرار القائم، كذلك إنّ الحاجة اليوم إلى إعادة الأولوية للانتخابات النيابية التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر في ظلّ قانون يتيح لكلّ لبناني أن يساهم في هندسة المرحلة المقبلة تعزيزاً لدور الدولة وحضورِها وفعاليتِها».
وكان رئيس حزب «القوات» سمير جعجع قد أكّد «أنّنا لا نستطيع أبداً التغاضيَ أو السكوت عمّا جرى في شوارع بيروت والمتن»، موضحاً أنّ «تقديرَنا لرئيس مجلس النواب نبيه برّي معروف، ولكنّ هذا شيء، واللعب بالانتظام العام والنَيل من الاستقرار في لبنان والعبثَ بالأمن شيءٌ آخر مختلفٌ تماماً». وقال: «لا نستطيع أن نقبلَ ما حصَل في الشارع، لأنّه انتهاكٌ صريح لمنطقِ الدولة ووجودها.
إنّه تعدٍّ مباشَر على حقوق المواطنين الذين لا ذنبَ لهم في كلّ ما جرى ويجري». وطالبَ الأجهزة القضائية والأمنية بـ«وضعِ يدِها بمنطقٍ عادل وسليم، منطقِ دولةٍ فِعلي، على حوادث البارحة، واتّخاذ كلّ الإجراءات اللازمة لكي لا يتكرّر انتهاكُ الأمنِ والاستقرار ووجودِ الدولة في لبنان عند كلّ حدثٍ أو أزمةٍ سياسية».
«الكتائب»
من جهته، قال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «إنّ السلطة السياسية مدعوّة إلى اتّخاذ قرار حاسم بضبط الشارع وتكليفِ القوى العسكرية والأمنية الشرعية فرضَ القانونِ وضمان سلامة المواطنين وممتلكاتهم وحرّية التنقّل».
واستغرَب المصدر «تفرُّجَ السلطة السياسية على حالة الفلتان والتسيّبِ الأمني في بيروت وجبل لبنان والجنوب والبقاع»، محَذّراً «مِن الفوضى التي تلحق الأذية بمصالح المواطنين والدورة الاقتصادية المأزومة أصلاً». وسأل: «أين هو الاستقرار الذي وعَدنا به أركانُ التسوية؟ وهل بسلطةٍ عاجزة كهذه يُحكَم لبنان وتقوى الشرعية وتدور عجَلة المؤسسات؟».
أوساط كنَسية
وفيما قالت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» إنّ «البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سيترأس شخصياً قدّاس عيد مار مارون في 9 شباط المقبل في بيروت، في حضور رئيس الجمهورية، فيما الدعوات وُجّهت أيضاً إلى رئيسَي مجلس النواب والحكومة وأركان الدولة، أكّدت أوساط كنَسيّة لـ«الجمهورية» أنّ «الوضع اللبناني غيرُ سليم، وكأنّ قدَر لبنان أن يعيش الأزمات المتتالية وأن لا ينعم بالاستقرار الذي يتوق إليه أبناؤه».
ودعَت هذه الأوساط الجميعَ إلى «الابتعاد عن لعبة الشارع، لأنّها لعبة خطيرة، تَعرف أين تبدأ ولا تعلم كيف تنتهي». وطالبَت الجيش والقوى الأمنية بـ«التدخّل لمنعِ مظاهِر الفلتان وقطعِ الطرقِ والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة». وشدّدت على «معالجة الملفّات والقضايا الخلافية بالحوار، وضِمن إطار المؤسسات، وليس عبر التهديد والوعيد واستعمال لغة الشتائم التي لا تُعبِّر عن صورة لبنان الحضارية».
«المستقبل»
وأسفَت كتلة «المستقبل» بعد اجتماعها برئاسة الحريري «لِما آلت إليه مستويات التخاطب السياسي في البلاد، والتي بلغَت حدوداً غيرَ مقبولة ومنها التعرّض لكرامات الرئاسات والقيادات على مواقع التواصل الاجتماعي، مشدِّدةً على «مسؤولية كافة الجهات المعنية عن ضبطِ هذا الفلتان اللاأخلاقي الذي يسيء لصورةِ لبنان ويؤجّج الخلافات وما تستجلبُه من أضرار على السِلم الأهلي في البلاد واستقرارها».
ورأت «في العودة إلى استخدام الشارع وسيلةً للاعتراض على المواقف أو لبَتِّ الخلافاتِ السياسية، أسلوباً غيرَ مقبول ومِن شأنه إفساح المجال للمصطادين في المياه العكرة، ويعرّض سلامة المواطنين لأخطارٍ يجب تجنُّبها».
لا مجلس وزراء
وتزامُناً مع كلّ هذه التطوّرات بات واضحاً أنّ جلسة مجلس الوزراء تحوّلت أولى ضحايا التوتّر السائد، فغابَت الترتيبات الخاصة بجدولِ أعمالِ هذه الجلسة منذ بداية الأسبوع.
وقالت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» أنْ لا جلسة للمجلس هذا الأسبوع بسببِ زيارةِ الحريري لتركيا، والتي بدأها مساء أمس. لكنّ الأسباب الحقيقية تعود إلى تريّثِ رئيس الحكومة في توجيه الدعوة إلى الجلسة، في انتظار معالجةِ الأزمة الناشئة بين «أمل» و«التيار».
وعن مصير جلسة المجلس الأعلى للدفاع التي كانت مقرَّرة الإثنين الماضي، قالت المصادر إنّ هذه الجلسة أُلغيَت ولم يحدَّد أيُّ موعد لجلسة جديدة.
الأخبار 
الدولة إلى الشلل
التفاهم يهتزّ؟
التيار الوطني الحر: حزب الله حدّد خياراته ولا داعي للاتصالات!

يحبس اللبنانيون أنفاسهم في انتظار ما ستؤول إليه المعركة المفتوحة بين الرئيس نبيه برّي والوزير جبران باسيل. الأفق مغلق، وكل الأجواء تؤّكد أن البلاد تتجه نحو مرحلة شلل نيابي وحكومي، تضعها على حافة منزلق طائفي وسياسي خطير.
 دخَل لبنان أسوأ أزماته منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً. أزمة اختلطت فيها الاعتبارات السياسية والشخصية والانتخابية، وتهدّد بشلّ البلد على كل المستويات، في غياب أي بوادر وساطة. والأخطر أن الاحتقان يكاد يهدّد بهزّ التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله الذي غالباً ما يُعوّل على وساطته في مثل هذه الظروف.
فقد علمت «الأخبار» أن وقوف الحزب، في بيانه أول من أمس، إلى جانب الرئيس نبيه برّي في الحرب المندلعة بينه وبين وزير الخارجية جبران باسيل، أثارت أجواء امتعاض داخل قيادة التيار. ورغم تأكيد قناة «أو تي في» البرتقالية، التي شنّت هجوماً نارياً على بري في نشرتها المسائية أمس، «أننا سنظل مع المقاومة، ومع جماعة المقاومة، ومع بيئة المقاومة، وسنظل نرى في تفاهم مار مخايل حمايةً للبنان بوجه العدو الصهيوني والداعشي»، نفت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر وجود أي اتصالات مع حزب الله. أكثر من ذلك، قالت المصادر نفسها: «هم (الحزب) حدّدوا خياراتهم، وبالتالي لا داعي للاتصالات». وسألت: «هل هناك من يريد أن يحقّق للسعودية ما لم تحقّقه باحتجاز رئيس الحكومة». وأضافت: «أعرب جبران باسيل عن الأسف، وأصدر رئيس الجمهورية ميشال عون بياناً أمس. فما الذي يريدونه بعد؟ بالنسبة الينا الموضوع انتهى».
وعلمت «الأخبار» أن باسيل مصرّ على التوجّه إلى أبيدجان للمشاركة في مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي تنظمه وزارة الخارجية والمغتربين في الثاني والثالث من شباط المقبل، وأن طلباً قُدّم الى السلطات العاجية لتشديد الإجراءات حول مكان انعقاده.
بيان رئيس الجمهورية الذي ارتكز على مبدأ التسامح والموازنة بين خطأين لم يأتِ على مستوى تطلّعات الرئيس برّي و«حركته». فوصف عون ما حصل بأنه «أساء إلى الجميع، وبأن ما حصل على الأرض خطأ كبير بُني على خطأ»، بحسب دوائر عين التينة، «ليسَ إلا مساواة المعتدي بالمُعتدى عليه». كذلك فإن «مُحاولة الرئيس أخذ المسألة على عاتقه، يعني أنه مصرّ على التعاطي وكأن شيئاً لم يكُن، ويبرّر لباسيل عدم اعتذاره».
وكان رئيس الجمهورية قد دعا في أول موقف له من الأزمة الحالية إلى أن «يتسامح الذين أساؤوا إلى بعضهم البعض، لأنّ الوطن أكبر من الجميع، وأكبر من الخلافات السياسية التي لا يجوز أن تجنَح إلى الاعتبارات الشخصية، لا سيّما أنّ التسامح يكون دائماً بعد إساءة». بيان الرئاسة تلاه آخر لتكتّل التغيير والإصلاح، بعد اجتماع استثنائي له في مركزية التيار الوطني الحر في سنتر ميرنا الشالوحي برئاسة باسيل. وقد جاء هذا البيان مُكمّلاً لما قاله عون، إذ ساوى بين «كرامات اللبنانيين»، واعتبر أن «شعار المسامحة هو الأمر الأفضل».
في المقابل، قال برّي أمام زواره أمس، لدى سؤاله عن رأيه في بياني رئاسة الجمهورية والتكتّل: «لا تعليق». ورأى أن «هناك من لم يُغادر مرحلة ما قبل اتفاق الطائف، إذ يُراد نسف الطائف والدستور وخلق أعراف وقواعد جديدة». وأضاف: «لا يتوقعنّ أحد مني، أنا نبيه بري، أن أقبل بتثبيت مثل هذه الأعراف والقواعد المخالفة للطائف والدستور. مشكلتهم أنهم لا يعرفونني جيداً ولم يقرأوني جيداً أيضاً». وجدد مطالبته بالاعتذار من كل اللبنانيين.
وعلى خطّ موازٍ، نقلت مصادر رئيس المجلس عنه وصفه بيان حزب الله بـ«الممتاز… ويجب الالتزام بسقفه وضوابطه». وأكّدت أن التنسيق بين حركة أمل وحزب الله «كبير جداً حول كل التفاصيل»، و«موقف الحزب هو أرض صلبة يقف عليها رئيس المجلس». ورأت أن برّي «ليس رئيساً لحركة أمل، بل رئيس لمجلس النواب. والإهانة التي تعرّض لها هي إهانة لكل النواب الذين يُمثلون الشعب اللبناني. لذا أقل الواجب هو الاعتذار من اللبنانيين». ورأت أن رئيس الحكومة أعطى «جرعة تخدير» بتأجيله جلسة الحكومة إلى ما بعد عودته من زيارته لتركيا، لكن «المؤكد أن لا جلسة قبل الاعتذار». وفيما أكدت المصادر أن «الخيارات مفتوحة أمامنا»، لفتت الى أن بري «أعطى توجيهات بعدم القيام بأي أعمال شغب وعدم التعرض لأي منطقة مسيحية». وقد أكّد رئيس المجلس، لدى استقباله الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير أمس، حرصه على «وحدة لبنان واللبنانيين والاستقرار، وعدم السماح بأي شيء يهددهما».
في موازاة ذلك، استمرت حرب حركة أمل على باسيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي مطالبة باستقالته، وهو ما طالب به عضو كتلة التحرير والتنمية أنور الخليل الذي طالب باسيل بتقديم استقالته في حال لم يتم تصحيح الخطأ. ولليوم الثاني، نزل مناصرون لحركة أمل إلى الشوارع في مختلف المناطق تنديداً بكلام باسيل، فيما انعكست الأزمة على العمل النيابي، فطُيّرت جلسة اللجان المشتركة أمس بحجة «تباين الآراء بين فريق يطالب بإحالة الاقتراحات على اللجان الفرعية وفريق آخر يطالب بدرسها». وهدّدت النقابات العاملة في مطار بيروت بإعلان العصيان في المطار.
الى ذلك، حذّر وزير الثقافة غطاس خوري من أن «فتح معركة في الشارع اليوم يطيّر ​الانتخابات النيابية​ فعلياً». ودعا الى «وقف الدوامة للوصول الى حلول حوارية للعودة الى الاستقرار». كذلك نوّهت كتلة «المستقبل» النيابية بـ«الموقف الذي صدر عن رئيس الجمهورية ولغة التسامح التي عبّر عنها، ودعوته الجميع الى الارتقاء لمستوى المسؤولية في مواجهة التحديات»، مؤكدة، «في ظل الظروف التي يمر بها لبنان والمنطقة، أهمية التمسك باتفاق الطائف​ باعتباره الضمانة الوطنية التي اجتمع اللبنانيون من حولها».
من جهته، شدّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على أن «تقديرنا لرئيس مجلس النواب معروف، ومعروف جداً. ولكن هذا شيء، واللعب بالانتظام العام والنيل من الاستقرار والعبث بالأمن شيء آخر مختلف تماماً». وأكد «أننا لا نستطيع أبداً التغاضي عمّا جرى في شوارع بيروت والمتن» أول من أمس.
اللواء
أزمة وطنية مفتوحة.. بعد فجر «الفيديو»
عون يسامح على الإساءة.. وبري: تفاجأت بكلام باسيل لأنه وزير خارجية.. وليس رجل زقاق

من الخطأ المكابرة وعدم الاعتراف بحقيقة الوضع السائد في البلاد، والذي اتخذ ابعاداً بالغة الخطورة، بعد «فيديو باسيل».
وعلى الرغم من بيان قصر بعبدا الذي رسم سقفاً للمعالجة من زاوية: الخطأ الذي بني على خطأ – الدعوة إلى التسامح، بدءاً من نفسه، حيث أعلن الرئيس ميشال عون «اني من موقعي الدستوري والابوي اسامح جميع الذين تعرضوا إليَّ وإلى عائلتي» والمسامحة تأتي بعد إساءة فإن تكتل الإصلاح والتغيير بعد اجتماعه برئاسة الوزير جبران باسيل بعد ظهر أمس، خيّب آمال الأوساط المراهنة على خطوة متقدمة من الوزير باسيل، حيث ابتعد عن الظهور الإعلامي، وترك المجال لأمين سر التكتل ليقرأ بياناً، خلط «السماوات بالأبوات» فاكتفى بقبول دعوة الرئيس عون للتسامح، والتذكير بأن باسيل اعرب عن اسفه صباح يوم تسريب «الفيديو» قبل ان يطلب أحد منه الاعتذار.
وسارعت محطة «NBN» إلى وصف باسيل بأقذع العبارات «اللئيم المتأصل في اللئم والكذب والممارس للرذيلة والطائفية يكابر ويرفض الاعتذار».
وليلاً، نسبت قناة «المنار» الناطقة بلسان حزب الله كلاماً للرئيس برّي قال فيه: طلبت اعتذاراً من اللبنانيين وليس لي، مضيفاً: تفاجأت بكلام الوزير باسيل لأنه وزير خارجيتنا وليس رجل زقاق، واصفاً بيان حزب الله: «أحسن من بيان الحركة، البيان ممتاز».
ورفض الرئيس برّي التعليق على بياني رئيس الجمهورية وتكتل التغيير بالقول: لا تعليق.
وعليه، لا معالجات ولا حتى وساطات، فالبلاد امام أزمة وطنية مفتوحة، قد تُهدّد الحكومة وربما النشاط المجلسي، والاقتصادي، وعلى الرغم من ذلك فالوزير باسيل عازم غداً على التوجه إلى ساحل العاج لعقد مؤتمر الطاقة الاغترابية في افريقيا، الذي تقاطعه حركة أمل.
لا حلول للأزمة
في هذا الوقت، اعطى استمرار حركة الاحتجاجات في الشارع وقطع الطرقات في بيروت ومناطق في الجنوب والبقاع، من قبل مناصري حركة «أمل» انطباعاً بأن الأزمة المستجدة بين الرئاستين الأولى والثانية، والتي تولدت عن تسريب فيديو صادم للوزير باسيل حمل كلاماً مسيئاً بحق الرئيس برّي، لم تجد حلاً، بعدما اصطدمت كل الوساطات والاتصالات بين بعبدا وعين التينة، بحائط مسدود، نتيجة رفض الوزير باسيل الاعتذار، واكتفائه بابداء الأسف على ما حصل من تسريب، رغم مناشدات القيادات السياسية له بالاقدام على هذه الخطوة، وكان آخرها من الرئيس تمام سلام الذي زار عين التينة أمس، متضامناً مع الرئيس برّي.
وفي تقدير مصادر سياسية في قيادة حركة «أمل» أن البيان الذي صدر أمس عن رئاسة الجمهورية لم ينه الأزمة بين الرئيس برّي و«التيار الوطني الحر»، ولم يكن هو الحل المرتجى أو المطلوب من الرئيس ميشال عون، لأن البيان لم يطرح مبادرة، من نوع حض الوزير باسيل على الاعتذار من برّي، أو دعوة رئيس المجلس لجلسة مصارحة ومصالحة في بعبدا، واكتفى فقط بالدعوة إلى ان «يتسامح الذين اساؤوا إلى بعضهم البعض، وان كان ألمح إلى خطأ ما ارتكبه باسيل من إساءة بحق الرئيس برّي، عندما اعتبر ان «ما حصل على الأرض خطأ كبير بني على خطأ»، داعياً القيادات السياسية إلى «الارتقاء إلى مستوى المسؤولية لمواجهة التحديات الكثيرة التي تحيط بنا، وعدم التفريط بما تحقق من إنجازات على مستوى الوطن خلال السنة الماضية».
وأوضحت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية، لـ«اللواء» ان الرئيس عون أراد من خلال البيان الذي أصدره استيعاب التطورات واعادتها إلى حجمها، كما إلى فتح الباب امام النقاش الهادئ بعيداً عن الشارع.
وإذ لاحظت المصادر ذاتها ان البيان لم يتحدث عن مبادرة ما، فإنها اشارت إلى مساع وبحث عن حلول عندما تهدأ الأمور، ودعت كل الأطراف إلى تهدئة الخطاب السياسي الذي تدنى إلى ما لا يليق باللبنانيين، مشددة على ان كل شيء له حل إذا كانت هناك رغبة حقيقية بالحل.
وقال زوّار الرئيس عون الذين التقوه أمس، وبينهم وزراء سابقون، انهم لمسوا منه حرصاً على التهدئة، وقال مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية الوزير السابق الياس بو صعب انه مهما كانت السقوف مرتفعة يجب ان لا يمس الاستقرار الأمني، وتوقف في هذا الصدد عند بيان «حزب الله» الذي أشار إلى موضوع الاستقرار، وعند تصريحات الرئيس برّي في السياق نفسه، مؤكداً على ضرورة قيام معالجة للأزمة الناشئة، وعدم الاستخفاف بملف مرسوم الاقدمية.
ويرتقب ان يطل بوصعب الذي غاب عن اجتماع تكتل «التغيير والاصلاح» في مركز «التيار الوطني الحر» في ميرنا شالوحي، عبر برنامج «بموضوعية» مساء اليوم على شاشة محطة M.T.V، حيث سيتطرق الحوار مع الزميل وليد عبود إلى الأزمة الراهنة على خلفية فيديو باسيل، ومضمون مقدمة محطة OTV التي طاولته بسبب الخلاف بينه وبين المستشار في رئاسة الجمهورية جان عزيز الذي كان وراء ما ورد في المحطة من حملة على بوصعب في ما خص موضوع الوجود السوري في لبنان.
وكان بوصعب قد نشر صورة له عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» تزامناً مع انعقاد التكتل مع رجل الاعمال اللبناني جوزيف غصوب من وسط بيروت، معلقا على الصورة بالقول: «مع صديق العمر جوزيف غصوب في وسط بيروت، والحديث يتمحور حول الانتخابات والترشيحات ونيته الترشح..».
عين التينة
أما الرئيس برّي فقد رفض امام زواره التعليق على البيان الرئاسي وبيان تكتل «التغيير والاصلاح» لكنه قال ان «اخطر ما يجري ان هناك من لم يغادر بعد مرحلة ما قبل الطائف، وللاسف يراد نسف الطائف والدستور وخلق اعراف جديد، ولا يتوقع أحد بأن اقبل بتثبيت هذه القواعد والأعراف المخالفة للطائف والدستور، وأنا بذلك احافظ على مصلحة البلد وليس على مصلحتي الشخصية».
وكان مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، بقي أمس ولليوم الثاني على التوالي محور حركة اتصالات ولقاءات تضامنية أطلقت جملة مواقف ادانت ما تعرضه له رئيس المجلس من جرّاء الشريط المسرب، ومن الزوار الرئيس سلام ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان ونائبه الشيخ علي الخطيب، حيث جددا موقف المجلس المستنكر بشدة لما صدر عن باسيل، وطالب بوضع حدّ لمثل هذا الاسلوب والاستهتار.
ولوحظ ان برّي تجنّب خلال لقائه السلك القنصلي الحديث عن الأزمة مع باسيل، وأكّد على أهمية الاستحقاق الانتخابي المرتقب، قائلاً: «انه ليس خائفاً على الانتخابات، ولن يسمح بشيء يُهدّد الاستقرار ووحدة لبنان واللبنانيين».
وهذا الموقف أكّد عليه ايضا الرئيس سعد الحريري قبل سفره إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، عندما أبلغ الوزير السابق خليل الهراوي ان الانتخابات ستجري في موعدها، وان ما يحصل اليوم لن يؤثر على اجرائها.
واستبعدت مصادر السراي الكبير حدوث حلحلة على صعيد الأزمة الراهنة بين الرئاستين الاولى والثانية، متوقعة ان يبقى التصعيد السياسي سيّد الموقف إلى الأسبوع المقبل، حيث يكون الرئيس الحريري قد عاد من تركيا، وخفت بعض الشيء التوتر القائم، بما في ذلك جلسة مجلس الوزراء التي لن تعقد الخميس.
كتلة المستقبل
وكان الرئيس الحريري ترأس أمس في «بيت الوسط» الاجتماع الأسبوعي لكتلة «المستقبل» النيابية، وعبر بيانها عن «الأسف العميق لما آلت إليه مستويات التخاطب السياسي، والتي بلغت حدوداً غير مقبولة، ومنها التعرّض لكرامات الرؤسات والقيادات على مواقع التواصل الاجتماعي»، ورأت في «العودة إلى استخدام الشارع وسيلة للاعتراض على المواقف أو لبت الخلافات السياسية اسلوباً غير مقبول، من شأنه أن يفسح بالمجال للمصطادين في المياه العكرة، ويعرض سلامة المواطنين لأخطاريجب تجنبها.
تكتل «التغيير»
وفيما كانت الأنظار مشدودة إلى الاجتماع الاستثنائي الذي عقده تكتل « التغيير والاصلاح» في المقر العام «للتيار الوطني الحر» في سنتر ميرنا شالوحي في سن الفيل، برئاسة الوزير باسيل، وترقب ما يُمكن أن يصدر عنه من مواقف، ولا سيما الاعتذار عمّا عنه في «الفيديو» المسرب، فإن البيان الذي صدر لم يخرج عن السقف الذي رسمه البيان الرئاسي من دعوة الي التسامح في ما يتعلق بالاعتداء على مقر التيار، معتبراً أن «الكرامات متساوية، وان اللبنانيين متساوون بحقوقهم وواجباتهم، وأن يكون هناك احترام لحرمة المواقع والاملاك العامة والخاصة»، متجنباً الإشارة إلى حرمة الأشخاص والمؤسسات الدستورية، والاساءة إلى رئيس المجلس.
ولم يشر البيان بكلمة إلى الاعتذار، مكتفياً بالاشارة إلى ان ما حصل مع الوزير باسيل في لقاء غير علني تمّ استدراكه من قبله، من دون طلب من أحد من خلال تعبيره عن أسفه، وهو ما يرتبط بقناعاته وأخلاقيات وأدبيات التيار.
شتاينماير
في هذا الوقت، أنهى الرئيس الالماني فرانك فالتر شتاينماير زيارة إلى بيروت استمرت يومين، التقى خلالها الرؤساء عون وبري والحريري، كم زار دار الفتوى والتقى رؤساء وممثلي الطوائف الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمهم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان وشيخ عقل الطائفة الدرزية نعيم حسن، والمطران بولس مطر ممثلاً البطريرك الماروني ومتروبوليت بيروت للروم الارثوذكس الياس عودة.. ثم زار ساحة الشهداء والقوة البحرية الالمانية المشاركة في اليونيفيل، وحاور طلاب الجامعة اللبنانية، حيث منحه رئيسها فؤاد أيوب الدكتوراه الفخرية في العلاقات الدولية.
واعرب شتاينماير عن ايمانه بأن بيروت هي المكان الذي يُمكن ان ينجح فيه الحوار.
البناء
وحدة سورية وسيادتها وصناديق الاقتراع ثوابت فرضتها روسيا للحلّ السياسي في سورية
سوتشي يرسم خطوط الميثاق الوطني السوري ويسلّم دفة الحوار للجنة… ودي ميستورا
لبنان لمزيد من التصعيد… لا وساطات… الخطر يطال الانتخابات رغم التطمينات

رغم تعقيدات متسارعة ومبرمجة حاولت نسفه، نجح مؤتمر سوتشي بمفاجأة الجميع بنهاية تشبه الأهداف التي رسمتها له الإدارة الروسية ونسّقتها بالتفاصيل مع القيادة السورية، ووضعتها بالتدريج أمام الشريك التركي، والشريك الأممي ستيفان دي ميستورا، فضمنت حماية المؤتمر من مخاطر الإسقاط وفخاخ الإفشال.
أعلن الروس أنّ المؤتمر للحوار، لكنه لم يشهد تفاوضاً ولا جولات محادثات، فهو ليس مؤتمراً للحوار بين الحكومة والمعارضة، كي يكون مساراً موازياً أو بديلاً لجنيف، للتنافس والسباق معه، ولأنه ليس إطار تفاوض بين الحكومة والمعارضة لا يهتزّ بغياب ممثلين عن المعارضة، ليظهر أنّ المؤتمر الحاشد الذي فاق حضوره ألفاً وخمسمئة ممثل للهيئات الاقتصادية والنقابية والثقافية والعشائرية والمرجعيات الدينية والجمعيات الأهلية، ومثقفين وأحزاب ومعارضات، هو بمثابة برلمان موسّع للرأي العام السوري، لتثبيت التوافق على عناوين ميثاق وطني سوري جامع يحكم كلّ حوار ويضع سقفاً لكلّ تفاوض، ومسودّة البيان الختامي الأقرب للميثاق الوطني، والمبادئ العامة الحاكمة لدستور جديد، واضح أنها حصيلة تفاوض وحوار لشهور مضت بين المكوّنات المشاركة من جهة والدولة السورية من جهة مقابلة، ليكون إقرار البيان الختامي تصديقاً وشرعنة لوثيقة المبادئ الملزمة للمشاركين الذي سيلتقي الكثير منهم في مواقع متقابلة في جنيف كحال وفدَي الحكومة ومنصة موسكو، يستندون إليها ويستوحون منها مواقفهم على كلّ فقرة من فقرات النقاش في مندرجات الدستور والسعي للمصالحة والتوافق، خصوصاً لجهة التمسك بوحدة وسيادة سورية واستقلالها والسعي لتحرير الجولان المحتلّ، واعتبار صناديق الاقتراع المكان الذي يقرّر فيه السوريون شكل نظامهم ويختارون عبرها ممثليهم ورئيسهم.
وبالتوازي أقرّ المؤتمر تشكيل لجنة لمناقشة قواعد دستور جديد لبلدهم، تضمّ ممثلين للمكوّنات المشاركة تضمّن البيان الختامي أسماء أكثر من مئة وخمسين منهم، ليكونوا جزءاً من أيّ محادثات تجري لاحقاً برعاية الأمم المتحدة، بشخص المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي شارك في الجلسة الافتتاحية قبل أن ينسحب ويعود، ويوافق على تبني لجنة الدستور كشريك في المحادثات المقبلة بين الحكومة والمعارضة.
في لبنان لم تنجح محاولة رئيس الجمهورية لملمة ذيول الأحداث التي أعقبت كلام وزير الخارجية جبران باسيل بحق رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وجاء بيانه عن مسامحة الذين أساؤوا إليه ومطالبته الآخرين بمسامحة بعضهم، سقفاً لبيان صدر عن تكتل التغيير والإصلاح يضع فوضى الشارع الغاضب الذي لا يمانع أحد بإدانة ما قام به من شغب وغضب، أو إحالة أيّ مرتكبين منه للقضاء المختصّ، في كفة موازية للكلام المباشر الصادر عن رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية، بحق رئيس المجلس النيابي، ليرسم معادلة قوامها أنّ الأمر انتهى هنا، معتبراً أسف رئيس التيار كافياً وبديلاً لكلّ مطالبة بالاعتذار.
لم يُنهِ بيان التكتل الأزمة ويسحب فتيل التصعيد، الذي بقي مفتوحاً في الشارع، فيما بدا أن لا وساطات في الأفق يمكن أن تبشّر بإنهاء هذا التوتر الآخذ في التصاعد، وأنّ التطمينات عن إجراء الانتخابات وعدم تأثرها بما يجري، مهما كانت صادقة فهي تبقى غير كافية وغير مطمئنة أمام ما يجري وما قد يجري ما لم تحدث خطوة دراماتيكية تستدرك الأخطار وتسحب الفتائل.
التصعيد سيد الموقف والأزمة مفتوحة
يبدو أن المشهد الداخلي يتجه نحو مزيدٍ من التصعيد الذي بقي سيد الموقف لليوم الثاني على التوالي مع غياب المبادرات الجدية للحلّ وتصلّب المواقف واستمرار الحملات الإعلامية والسياسية وتبادل رسائل الاتهامات والتهديدات بين حركة أمل والتيار الوطني الحر، رغم المواقف الصادرة من بعبدا وعين التينة التي اتسمت بالتهدئة، لكن الأزمة مستمرة ومفتوحة على الاحتمالات كافة، بحسب مصادر مطلعة، وقد تحكم سياق المحطات والاستحقاقات المقبلة ومنها الانتخابات النيابية التي يبدو أنها المستهدف الأول مما يجري الأمر الذي يثير التساؤل عما إذا كان تسريب الفيديو مقصوداً في إطار مخطط خارجي بالتعاون مع بعض الجهات المحلية للإطاحة بالانتخابات؟
وفي حين جاء بيان تكتل التغيير والإصلاح دون السقف المتوقع والمطلوب لتطويق ذيول الأزمة وتقديم اعتذار للبنانيين، كما طالبت عين التينة، اكتفى البيان بالأسف الذي عبّر عنه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عشية تسريب الفيديو والاستجابة لتوجيه رئيس الجمهورية بالمسامحة مع المعتدين على مركزية «التيار» في ميرنا الشالوحي. واعتبر «التكتل» بعد اجتماعه برئاسة باسيل في بيان تلاه النائب إبراهيم كنعان أن «الكرامات متساوية وأن اللبنانيين متساوون بحقوقهم وواجباتهم وأن يكون هناك احترام لحرمة المواقع والأملاك العامة والخاصة، وان الدولة هي التي تحمي الجميع وتعطي الجميع حقوقهم بالوسائل الديموقراطية والقانونية والقضائية». وأكد كنعان أن «التكتل يعاهد اللبنانيين الاستمرار بمشروع بناء الدولة والإنجاز، وأي إرادة لتعطيل هذه المسيرة لن يكتب لها النجاح، لأنها ستواجه بتصميم أكبر من قبلنا ومن قبل قواعدنا واللبنانيين».
«التنمية والتحرير» تطالب باسيل بالاستقالة
غير أن «سقف البيان أيضاً لم يهدّئ من غضب جمهور حركة أمل الذي عاد الى الشارع مساء أمس وقطع عدداً من الطرقات في الجنوب والعاصمة والبقاع، فيما أصابت شرارة الخلاف المجلس النيابي، فتعطّلت جلسة اللجان النيابية المشتركة لعدم اكتمال النصاب أعقبتها مواقف عالية السقف لنواب كتلة التنمية والتحرير. فقد اعتبر النائب انور الخليل أن «مواقف باسيل تعرقل وتهدّد الاستقرار والسلم الأهلي، والأمر لا يستقيم بالاعتذار بل بمراجعة منهجية لشخصية لا مكان لها في زمن السلم، داعياً باسيل إلى الاستقالة». أما النائب علي بزي فقال «ربما تكون لباسيل مصلحة بتأجيل الانتخابات وهو يريد تطييرها، لأنه رأى أن حسابات الحقل لا تتطابق مع حسابات البيدر، وحتى اعتذاره لا يكفي». واستبعدت مصادر 8 آذار لـ «البناء» لجوء حركة أمل الى خطوات تنفيذية كالاستقالة من الحكومة، لكنها أكدت أننا دخلنا في شلل المؤسسات لا سيما مجلس الوزراء الذي لن ينعقد هذا الأسبوع بسبب سفر رئيس الحكومة الى تركيا.
«التيار»: المصالحة لا الاعتذار
وفي وقتٍ أوحت مقدّمة نشرة الأخبار في قناة «أو تي في» بأننا مقبلون على جولات تصعيدية جديدة، أشارت مصادر التيار الوطني الحر لـ «البناء» الى «أننا لسنا هواة تصعيد ونضع أنفسنا تحت سقف الدولة والقانون وما قاله رئيس التيار الوزير جبران باسيل يقوله جميع السياسيين كل يوم في صالوناتهم الداخلية وتسريب الفيديو لم يكن مقصوداً ولا يستأهل ردة الفعل هذه في الشارع»، ولم تتخوّف المصادر من تأجيل أو تطيير الانتخابات، مشيرة الى أن «التيار» هو أكثر الأطراف إصراراً من أي وقت مضى على إجراء الانتخابات وفي موعدها وبالتالي المخاوف من تطييرها ليس في محله ما دامت الأطراف الداخلية كافة تعبر بشكلٍ علني عن أجرائها في موعدها».
وعن استقالة وزراء حركة أمل من الحكومة، لفتت المصادر الى أن «هذا خيارهم الديموقراطي حق لهم ولا نمنعهم، لكن ذلك لا يغيّر في المشهد السياسي شيئاً والحكومة حينها تتحوّل لتصريف أعمال وبعد الانتخابات لكل حادث حديث».
وأكدت المصادر أن «التيار ليس بوارد تقديم الاعتذار ولن يتراجع ولن يُستدرَج الى اللعبة الطائفية ولا يحتاج اليها لزيادة شعبيته المتصاعدة في الوسط المسيحي والوطني، بحسب استطلاعات الرأي».
وفي حين تردّدت معلومات عن مبادرة يسعى رئيس الحكومة سعد الحريري إلى إنضاجها بعيداً عن الأضواء تقضي بأن يصطحب الحريري بعد عودته من تركيا باسيل الى عين التينة للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أشارت أوساط التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أن «المصالحة مع بري واردة ولا مانع من زيارة باسيل إلى عين التينة، لكن ليس على قاعدة الاعتذار»، غير أن مصادر «البناء» استبعدت إجراء هذه المصالحة في ظل مناخ التصعيد السائد، مشيرة الى أن «أي حل يجب أن يكون ضمن سلة واحدة ومتكاملة تبدأ بمعالجة أزمة مرسوم الأقدمية».
.. وتحالف مار مخايل ثابت
وأضافت مصادر «التيار» «كنا نأمل من حزب الله أن يلعب دوراً ايجابياً أكثر الى جانب التيار، لكننا نتفهّم موقفه الداعم للرئيس بري»، وشدّدت على أن «ورقة التفاهم مع الحزب لن ولم تهتز، لأن تحالف مار مخايل ثابت واستراتيجي ولا يتأثر بالأحداث، لا سيما أن خلافنا السياسي مع الرئيس بري لا يعني أننا ضد الطائفة الشيعية».
من جهتها، لفتت أوساط مطلعة على موقف حزب الله لـ «البناء» الى أن «الحزب كان واضحاً في تحميل مسؤولية تفاقم الوضع المستجدّ الى باسيل، لكنه لا يتبنّى المشهد الذي حصل في الشارع، وبالتالي لن يستهلك نفسه بوساطة ومبادرة إذا لم تكن مضمونة النتائج وفي ظل عدم توفر الأرضية المناسبة».
ولفتت الى أن «الحزب محرج بين حليفيه، وهو ليس حالة ميكانيكية لحل الخلافات، بل هو طرف من الأطراف، وقد حاول مرات عدة لمعالجة المشكلة ولم ينجح». وأعربت المصادر عن مخاوفها من «محاولة ضرب ورقة التفاهم بين المكونين الشيعي والمسيحي».
بعبدا تسامح
في غضون ذلك، نأت بعبدا بنفسها عن الأزمة واعتبرت أن ما يجري خطأ من الطرفين، لكن لم تطلق أي مبادرة لمعالجة الأزمة، واعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «ما حدث البارحة على الصعيدين السياسي والأمني أساء إلى الجميع وأدى الى تدني الخطاب السياسي الى ما لا يليق باللبنانيين». وشدّد في بيان صدر عن رئاسة الجمهورية على أن ما حصل على الأرض خطأ كبير بُني على خطأ، معلناً من موقعه الدستوري والأبوي مسامحة جميع الذين تعرّضوا إليه والى عائلته. وقال الرئيس عون «أتطلع إلى أن يتسامح أيضاً الذين اساؤوا الى بعضهم بعضاً، لأن الوطن أكبر من الجميع، وهو أكبر خصوصاً من الخلافات السياسية التي لا يجوز ان تجنح الى الاعتبارات الشخصية لا سيما أن التسامح يكون دائماً بعد اساءة». ولفت الى ان القيادات السياسية مطالبة اليوم بالارتقاء الى مستوى المسؤولية لمواجهة التحديات الكثيرة التي تحيط بنا وأهمها المحافظة على الاستقرار والأمن والوحدة الوطنية وعدم التفريط بما تحقق من إنجازات على مستوى الوطن خلال السنة الماضية.
ولم تعلق مصادر عين التينة على بيان بعبدا، مكتفية بالقول: لا تعليق. فيما سُجّل أيضاً كلام «تهدوي» للرئيس بري الذي قال من عين التينة إنه «لن يسمح بأي شيء يهدد الاستقرار ووحدة لبنان واللبنانيين»، في حين أشار الى انه «ليس خائفاً على الانتخابات».

Please follow and like us: