يواصل النائب غطاس خوري "التفاوض" على التشكيلة الحكومية، إبَّان زيارة الرئيس سعد الحريري إلى السعودية. وتدور الألسنة في بيروت عن "وديعة حكومية" تريد الرياض من الرئيس المكلف أن يأخذ بها. ولم يعرف هامش القبول أو الرفض اللبناني لـ"الطلب" السعودي، وما إذا كان غرضه تعطيل أو تأخير ولادة "حكومة العهد الأولى". ولم يعد سراً أن "الوديعة" ستكون توزير حزب "القوات" الذي يرأسه [العميل “الإسرائيلي” السابق] سمير جعجع. لكن هذا الحزب يضيق بشروطه المنفوخة مناورة الحريري، امام عين التينة/حارة حريك وبعبدا/الرابية. إذ لا يزال ممثلو هذا الحزب، الذي يريد لنفسه حقائب وزارية بحجم ما سيناله النصف الثاني لـ"تفاهم معراب"، يستنكرون المعادلة الدفاعية الوطنية : الجيش والشعب والمقاومة التي تبنتها حكومة "استعادة الثقة" السابقة. وقالوا إنهم يعملون على حذفها من البيان الوزاري للحكومة الجديدة …
البناء
موسكو تسقط مشروع إدانة أميركية لصواريخ غزة… ولافروف إلى كوريا استباقاً للقاء ترامب
الحريري يكلّف غطاس خوري مكان نادر الحريري… والبداية في الاستشارات الحكومية
اعتماد الحكومة الحالية كأساس للحكومة الجديدة يُسقط نتائج الانتخابات ويغتال النسبية
فيما لا تزال المفاوضات الروسية الأميركية حول جنوب سورية في بداياتها، والتفاهمات الروسية الأوروبية حول التفاهم النووي مع إيران قيد التشكل، يتّجه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إلى كوريا الشمالية مستبقاً لقاء الرئيس الكوري كيم جونغ أون بالرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أقل من أسبوعين، بالسعي لوضع إطار تفاوضي يمكن لروسيا ان تضمن من خلاله طلبات الأمن الكورية، بعدما كشف السلوك الأميركي في التفاهم النووي مع إيران مشكلة كبرى تتصل بغياب ضامن للالتزام الأميركي حتى لو حظي بالمصادقة بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي. وفي مجلس الأمن تصدت موسكو لمشروع بيان عرضته واشنطن في جلسة لمناقشة الوضع في غزة يدعو لإدانة صواريخ المقاومة على المستوطنات وتحميلها مسؤولية التوتر والتصعيد، بعدما رفضت واشنطن وعطلت بالفيتو مشروع بيان لإدانة المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين في تظاهراتهم السلمية في جلسة سابقة للمجلس.
لبنانياً، بانتظار عودة رئيس الحكومة سعد الحريري المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، وما سيحمله من أجوبة على الأسئلة التي وعد الحريري رئيس الجمهورية ميشال عون بالجواب عليها بعد عودته، وعنوانها حصة القوات اللبنانية الوزارية بعدد ونوع الحقائب، والتي تشكل طلباً غير مسبوق في تاريخ الحكومات، قياساً بالحجم النيابي للقوات، حيث الاستجابة لطلبها تستدعي بقياس عدد نوابها حكومة من ستين وزيراً وعشر حقائب سيادية، فيما واصلت القوات هجوماً مركزاً على حصة رئيس الجمهورية في الحكومة، معتبرة أنّ الحصة مشروطة بعدم وجود كتلة نيابية لحزب الرئيس وليس العكس. وفي غياب الحريري بدأ الوزير غطاس خوري مهامه كبديل لنادر الحريري الذي جرت العادة أن يتولى الاستشارات التمهيدية نيابة عن الرئيس الحريري. وقالت مصادر متابعة إنّ خوري يحمل الحكومة الحالية كمسودّة يعرضها على المعنيين لمناقشة التعديلات التي يقترحونها سواء على حصتهم أو على تمثيل سواهم، وتصوّرهم لما يجب تغييره في الحكومة الجديدة قياساً بالحالية.
قالت المصادر إنّ الأمر يبدو طبيعياً لو كنا أمام تبديل حكومي في الولاية النيابية ذاتها، أما بين حكومة أنتجها مجلس نيابي عمره ولايتان ونصف جرى انتخابه وفقاً للنظام الأكثري ومجلس نيابي منتخب حديثاً، ووفقاً لقانون جديد يعتمد النسبية، فالطبيعي هو الانطلاق من تحديد أمرين معياريين للحكومة الجديدة، هما: مهامها وطريقة تشكيلها. فالتصويت الشعبي هو تصويت لنوعية مهام بمقدار ما هو تصويت لكتل ولوائح ومرشحين. والأكيد بحصيلة الانتخابات أن حكومة استعادة الثقة فشلت في مهمة استعادة الثقة، ما يستدعي البدء بالحكومة الجديدة بعيداً عن ميراثها كمشروع وآلية تشكيل، وإذا كان مفهوماً في الحكومة السابقة اعتماد المفهوم الأكثري في تشكيلها بمنح القوى التي تملك أكثرية تمثيلية دوراً حاسماً، فإن الانتقال إلى اعتماد النسبية لم يتم في القانون الانتخابي إلا انطلاقاً من التسليم بفشل هذا المنهج والذهاب إلى النسبية يهدف أولاً وأخيراً إلى إنصاف الأقليات التي يسحقها النظام الأكثري وتمنحها النسبية فرص الحضور. والطبيعي أن ينسحب ذلك على أول حكومة بعد الانتخابات طالما يُراد لها أن تكون حكومة وحدة وطنية، وإلا ستكون الحكومة الجديدة حكومة إلغاء الانتخابات وتجاهل نتائجها، وإسقاط النتيجة الإيجابية الوحيدة التي أنتجتها النسبية وهي عدم حصر تمثيل اللبنانيين بالقوى الكبرى لطوائفهم، وتظهير لون وطني وقومي عبّر عن حضوره بالعديد من المقاعد في عدد من المناطق، من غير المسموح تجاهلها والحديث عن مرحلة واعدة جرى خلالها استيعاب الرسالة التي أراد الناخبون توجيهها عبر صناديق الاقتراع، فيما عنوان هذه الرسالة رفض تجديد التفويض المطلق للأكثريات الطائفية.
الحريري يستطلع السقف السعودي
توقفت مساعي تأليف الحكومة بانتظار عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من السعودية التي يزورها لأيام قليلة، وفيما يملأ كلام ومداولات الكواليس الوقت الضائع، لم يُسجل مشهد التأليف أي جديد بعد اللقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري أمس الأول، باستثناء ظهور عقد ليست في الحسبان تضاف الى العقد التقليدية. وهي حجم حصة كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة التي لم تشهد سوابق بعكس حصة رئيس الجمهورية التي تكرست بحكومات ما بعد اتفاق الطائف. ما يؤشر الى أن مطالبة الرئيس المكلف بحصة له منفصلة عن حصة تيار المستقبل توضع في إطار المناورة والتكتيك التفاوضي بهدف دفع رئيس الجمهورية الى تقليص حصته. وفي المعلومات المتداولة لم يُحسم بشكل نهائي عدد وزراء الحكومة وسط تباين بين الرئيسين عون والحريري حول هذه النقطة، مع ترجيح التوصل الى اتفاق الرئاستين على حكومة ثلاثينية كالحكومة الحالية. كما بات من المحسوم توزيع الوزارات السيادية على الكتل الرئيسية الأربع دون الأسماء، حيث تؤول حقيبة المال لحركة أمل بالاتفاق مع حزب الله الى جانب وزارة خدمية لحزب الله والداخلية والبلديات لتيار المستقبل الى جانب وزارة الاتصالات والخارجية والمغتربين للتيار الوطني الحر الى جانب الطاقة والمياه على أن تبقى وزارة الدفاع بعهدة رئيس الجمهورية.
أما العقدة الأبرز إضافة الى عقدة الحصة الدرزية التي يطالب بها النائب وليد جنبلاط، فهي مطالب حزب القوات اللبنانية المضخّمة وسط ضغوط يتعرض لها الحريري من القوات وتخييره بين تلبية مطالبها كاملة، وإما البقاء في المعارضة. الأمر الذي لن يستطيع الرئيس المكلف تلبيته في ظل تحالفه مع رئيس الجمهورية والتيار الحر من جهة، ونتائج الانتخابات التي أفرزت واقعاً جديداً لا يسمح له بالمناورة كما في السابق. فقصد السعودية مستطلعاً سقفها والهامش الممنوح له في عملية التشكيل. فمن جهة سيقول الحريري للسعودية أنه لا يستطيع تلبية كل المطالب السعودية ما بعد الانتخابات النيابية وفي الوقت عينه سيطمئن المملكة بأنه لن يرأس حكومة معادية للسعودية كما سيعمل على سبر أغوار القيادة السعودية حول مدى تمسّكها بالقوات وبمطالبها التي يراها الحريري تعجيزية.
وقد نقلت مصادر بعبدا لـ «البناء» «استغراب الرئيس عون إزاء الحديث عن حصة الرئيس لا سيما أن من حقه أن تكون لديه حصة وزارية مستقلة عن القوى السياسية الأخرى»، وترى القوات بأن فصل حصة رئيس الجمهورية عن حصة التكتل غير منطقي وذريعة لتقليص عدد وزراء القوات، وتوضح بأن تكتل «لبنان القوي» يقول بأنه تكتل رئيس الجمهورية فلماذا يتم فصل الرئاسة عن التكتل؟ وأكد عضو تكتل القوات النائب أنيس نصار أن «من أشرس المدافعين عن مركز رئاسة الجمهورية هي « القوات اللبنانية »، واعتبر نصار، في حديث تلفزيوني، أن «القوات يجب ان تأخذ حصتها لأنها اخذت تفويضاً من الناس بـ15 نائباً»، مشدداً على «أننا متمسكون باتفاق معراب لأنه الأساس».
وفيما ترصد عين التينة مواقف وسير وقائع التأليف يكتفي رئيس المجلس النيابي نبيه بري بترداد عبارته المعهودة: «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، لكن مصادره تؤكد بأن عملية التأليف ستبدأ فعلياً وبزخم كبير بعد عودة الرئيس المكلف، مشيرة الى أن «بري يفضل حكومة ثلاثينية وتمثل فيها مختلف القوى النيابية بمعزل عن عدد الوزراء ونوعها». وكشفت قناة «أن بي أن» عن اجتماع عقد في وزارة المال بين الوزير علي حسن خليل ووزير الثقافة غطاس خوري الذي حضر كل الاجتماعات التشاورية مع الحريري والذي على ما يبدو سيكون «أحد مفوّضيه للتشاور مع القوى السياسية».
وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إن «الثنائي الشيعي فوّض الرئيس بري التفاوض على حصص الطائفة الشيعية بالاتفاق مع حزب الله الذي يتجه الى ترشيح وزيرين من مدينة بعلبك وآخر من الجنوب، وذلك انطلاقاً من كلام الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي وعد بإيلاء منطقة البقاع الاهتمام الكامل». كما لفتت الى أن «الحزب سيطالب بوزارة أساسية إما العدل أو الصحة أو الشؤون الاجتماعية أو الأشغال، وفي حال تقرر استحداث وزارة التخطيط ستكون من حصته أيضاً»، موضحة بأن «الحزب سيشارك بفعالية في الحكومة لمكافحة الفساد وبناء الدولة وسيتجه الى المشاركة في الملفات المالية والاقتصادية والاجتماعية بقوة بعدما انشغل في الخارج طيلة العقود الماضية». وأشارت المصادر الى أن «الحزب لن يضع شروطاً على تشكيل الحكومة إذ إن الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية معنيان بالتأليف، ولكن بالتأكيد سيكون له رأي باختيار بعض الوزراء للمواقع ذات الحساسية الأمنية كالداخلية والدفاع، إذ لن يكرّر تجربة اللواء أشرف ريفي في وزارة الداخلية».
وأكد الرئيس عون أن لبنان مقبل على مرحلة سياسية متقدّمة بعد إنجاز الاستحقاق الانتخابي وتشكيل حكومة من شأنها أن تعزز الاستقرار السياسي في البلاد، معرباً عن أمله أن يتمكن الرئيس المكلّف من ان يضم في الحكومة كل الاطراف الوطنية للمشاركة في مواجهة التحديات المرتقبة على مختلف الأصعدة».
وخلال استقباله وفداً من النواب الأميركيين في حضور السفيرة الاميركية في بيروت اليزابيث ريتشارد، دعا الرئيس عون «الولايات المتحدة الاميركية الى مساعدة لبنان على تسهيل عودة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة في سورية، وعدم انتظار الحل السياسي الشامل للازمة السورية للمباشرة بهذه العودة». مجدّداً التأكيد على أن لبنان ملتزم تطبيق القرار 1701، فيما «إسرائيل» تواصل انتهاكاتها له.
مصير «سيدر»؟
في غضون ذلك، تطرح تساؤلات حول مصير المؤتمرات الدولية لدعم لبنان التي هُرّبت على عجل قبيل الانتخابات النيابية، لا سيما أن الانتخابات أفرزت واقعاً سياسياً جديداً سيترجم في مجلسي النواب والوزراء مع أكثرية ربما تكون معارضة لإغراق لبنان بمزيد من الديون الذي يؤدي الى تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية وفرض التوطين على لبنان، لا سيما مؤتمر سيدر أو «باريس 4»، ومن جهة ثانية يطرح إشكالية حول تعاطي الدول الغربية مع الحكومة اللبنانية العتيدة التي سيمثل فيها حزب الله وبوزراء حزبيين في ظل قرار العقوبات الأميركية الخليجية على الحزب وتصنيف قيادته على لوائح الإرهاب. وهل هذا سيرتب مقاطعة مالية للحكومة في إطار الضغط السياسي على لبنان لفرض الشروط الخارجية لا سيما في ما يتعلق بسلاح حزب الله والنازحين السوريين؟
وفي سياق ذلك، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن «حال الترقب بتشكيل الحكومة لا يجب أن تطول لأننا بحاجة الى نمو بنسبة 2.5 بالمئة، وتخفيض نسبة العجز، وهذا يكون أفضل للبنان اقتصادياً واجتماعياً». وفي حديث تلفزيوني أوضح أن «لبنان بحاجة الى إصلاح أهمه إعادة توسيع حجم القطاع الخاص ، لأن توسيع القطاع العام خفض فعالية الإنتاجية ويجب أن يكون هناك حكومة بأسرع وقت وتكون فيها شخصيات قادرة على تنفيذ مقررات مؤتمر سيدر».
وشدد على أن «لا خوف على الليرة ووضعها مستقر وستستمر و مصرف لبنان لديه الاحتياطات الكافية»، مشيراً الى أن «الكلام عن مشكلة قريباً غير صحيح. والكلام الصحيح الوحيد هو بتخفيض العجز بالموازنة وهذا ضروري. وهذا بسبب ارتفاع الفوائد عالمياً وارتفاع سعر البترول».
الجمهورية
العقد تتكاثر وتتنوّع والتأليف يتأخر و«الثلاثية» تُستحضَر مُجدَّداً
يترقّب الجميع داخلياً عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري من السعودية التي كان قد سافر إليها مساء أمس الأوّل، وذلك لبدءِ مشاوراته السياسية وتذليلِ العقد من أمام حكومته العتيدة، وأبرزُها عقدة التمثيل المسيحي فيها، الناجمة من الخلاف على الأحجام والأوزان، ومطالبة «التيار الوطني الحر» بحصّةٍ لرئيس الجمهورية منفصلةٍ عن حصّتِه، ومعارضة «القوات اللبنانية» هذا المطلب، متمسّكةً بأن تكون حصّتها موازية لحصّة «التيار». إضافةً إلى العقدة الدرزية في ظلّ إصرار «اللقاء الديموقراطي» على أن يكون صاحبَ التمثيل الدرزي الكامل في الحكومة الجديدة، وتأكيده أنّ له 3 وزراء في حكومة ثلاثينية، فضلاً عن عقدةِ التمثيل السنّي بعد إعلان الحريري عن حصّة جديدة له، غيرِ حصّة تيار «المستقبل». وأخيراً وليس آخراً عقدة المداوَرة في الحقائب وتوزيع الحقائب السيادية.
وفي ظلّ هذه الأجواء طمأنَ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى «أنّ لبنان مقبلٌ على مرحلة سياسية متقدّمة بعد إنجاز الاستحقاق الانتخابي وتشكيلِ حكومة من شأنها أن تعزّز الاستقرار السياسي»، وأملَ في أن يتمكّن الحريري «من أن يضمّ في الحكومة كلَّ الأطراف الوطنية للمشاركة في مواجهة التحدّيات المرتقبة».
الراعي
وفي هذه الأثناء، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من باريس إنّ «مِن أولويات الحكومة المقبلة إجراء الإصلاحات. ولذلك، نطالب بحكومة خارج كلّ الألوان، حكومة تكنوقراط، ولكنّ الاتجاه والظاهر هو حكومة تناتُش مصالح».
المعادلة الثلاثية
في خضمّ الاستعدادات للمرحلة السياسية الجديدة وقبل الاتّفاق على طبيعة الحكومة، وعلى رغم تأييد الجميع تأليفَ «حكومة وحدة وطنية» تُجنّب البلاد تداعيات ما يَجري حولها، والاتفاق على مضمون البيان الوزاري، قفزَت إلى الواجهة مجدّداً «المعادلة الثلاثية»، أي «جيش وشعب ومقاومة»، حيث وصَفها «حزب الله» بلسان نائب أمينِه العام الشيخ نعيم قاسم بـ»أعظم معادلة في لبنان»، ورأى «أنّ كثيرين يحاولون تقليدَها ويفشَلون في التقليد، فيضَعون كلماتٍ في المعادلة لا تنسجم مع الكلمات الأصلية، سرعان ما تسقط». وقال: «مهما حاوَلوا أن يتمسّكوا بثلاثية فارغة من المضمون فإنّها ستبقى وينكشِفون، لأن لا قابلية لأن يجوِّفوها بعدما روَتها دماء المجاهدين والشهداء». واعتبَر أنّ هذه المعادلة «أحدثَت توازنَ الردع، والمقاومة جاهزة وتُطوّر إمكاناتها، وهي ركنٌ من أركان المعادلة، والشعب يحتضن ويؤازر وهو ركنٌ ثانٍ، والجيش يَعمل بعقيدة الدفاع عن الحدود وحماية الاستقلال وهو الركن الثالث».
«القوات»
وعارضَت «القوات» مجدّداً هذه المعادلة، مشيرةً إلى أن لا عودة إلى «الثلاثيات». وقالت مصادر فيها لـ»الجمهورية»: «الكلام عن البيان الوزاري سابقٌ لأوانه، فنحن في مرحلة تأليفِ الحكومة وفي مرحلةٍ تستدعي نقاشاتٍ سيتولّاها الرئيس المكلّف بدعمِ رئيس الجمهورية، وحواراً بخلفية إيجابية بنّاءة للوصول إلى تشكيلة تُجسّد تطلّعات اللبنانيين وتعكسُ نتائج الانتخابات». ورأت في «الكلام عن معادلات ثلاثية في هذه المرحلة وكأنّ المقصود منه وضعُ عصيّ في دواليب التأليف»، مشيرةً الى أنّ «البيان الوزاري ينتقل الحديث عنه بعد التأليف مع تشكيل لجنة وزارية تتولّى هذه المهمّة»، وشدّدت على أنه «لن يكون هنالك إمكانية للعودة إلى المعادلة الثلاثية». وقالت المصادر نفسها: «حزب الله» حرّ في أن تكون هذه معادلته، لكنّها لن تكون معادلة الحكومة اللبنانية، بكلّ بساطة، لأنّ الحكومة الحالية لا تتبنّى في بيانها الوزاري المعادلة الثلاثية، وبالتالي لا عودة إلى زمنِ الثلاثيات، بل نحن في زمن التأكيد من خلال البيانات الوزارية على حضور الدولة وفاعليتِها، ويجب على البيان الوزاري المقبل أن يذهب نحو مزيد من تأكيد هذا الدور بعيداً من أيّ عبارات أو نصوص أو جُمل ملتبسة».
«الكتائب»
في هذا الوقت برَزت أمس زيارة رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل إلى عين التينة للتشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في مواضيع عدة، أبرزُها موضوع اللجان النيابية وتأليفُ الحكومة، متمنّياً على بري إعطاءَ أولويةٍ كبيرة لموضوع اللامركزية الإدارية، ومبدِياً اعتقاده بأنّ «التحدّي الأكبر للحكومة المقبلة هو التحدّي الاقتصادي». سائلاً: «هل يكون لديهم الجرأة لاتّخاذ قرارات صعبة تتعلّق بإقفال مزاريب الهدر والفساد؟».
وعلمَت «الجمهورية» أنّ حزب الكتائب «يخشى الآليات المعتمَدة في تأليف الحكومة، وهي آليّات لا تتّفق مع نصوص الدستور، وتقوم على محاولة ابتكارِ سوابق سرعان ما تتكرّس أعرافاً تُفرِغ الدستور من مضامينه الناظمة لإنتاج المؤسسات وعملِها وصلاحياتها وفاعليتها والعلاقة المتوازنة في ما بينها». ويرى الحزب «في بدعةِ حصّة رئيس الجمهورية التي ألحِقت قبل أيام ببدعة حصّة رئيس الحكومة ومِن قبلها بتكريس بعض الحقائب الوزارية لبعض الطوائف وحرمان أخرى من توَلّيها مؤشّراتٍ إلى أن لا نيّة لدى البعض لتصحيح الأداء السياسي وفتحِ صفحةٍ جديدة يتمّ من خلالها الالتزام الحَرفي بالدستور والتخلّي عن الصفقات والمحاصصات في إنتاج المؤسسات الدستورية، وفي مقدّمها مجلس الوزراء».
وسألَ مصدر كتائبي مسؤول عبر «الجمهورية» عن «المشروع وبرنامج العمل الذي على أساسِه ستتشكّل الحكومة الجديدة وسينضمّ مَن سينضمّ إليها من الموافقين عليه، ويبقى غيرُ المؤيّدين خارجها في صفوف المعارضة». وقال: «ما نَشهده حتى اليوم هو مجرّد عمليةِ محاصصة في غياب أيّ تصوّرٍ عمليّ لمعالجة المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية التي يعاني منها اللبنانيون ويَشكون من ذيولها السلبية عليهم منذ سنوات».
أسئلة الوفد الأميركي
وفي غمرةِ هذه التطوّرات، جالَ وفدٌ من النوّاب الأميركيين ضمَّ النائبين داريل عيسى وستيفان لينش وعدداً من معاونيهما، على المسؤولين، فزار بعبدا وعين التينة وقصر بسترس وقائدَ الجيش العماد جوزف عون في حضور السفيرة الأميركية اليزابيث ريتشارد لعرضِ تطوّرات لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية والتعاون بين الجانبَين، خصوصاً في مجال تسليح الجيش اللبناني.
وعلمت «الجمهورية» أنّ الوفد، وبعدما شرَح هدفَ زيارته «الاستطلاعية»، تمنّى أن يسمع من عون رأيَه في التطوّرات وما هو مطلوب من الكونغرس الأميركي تحديداً والإدارة الأميركية عموماً. ووجَّه أسئلةً يمكن اختصارها بالآتي:
• ما هي الظروف التي رافقت الانتخابات النيابية، ومدى ارتياح اللبنانيين إلى شكل القانون الجديد ومضمونه وكيف تعاطى الشعب اللبناني معه؟ وهل أنتَ مرتاح للنتائج التي أفضَت إليها؟
• ما هو شكل الحكومة الجديدة، ومن ستضمّ، وما الذي تريدونه منها بالتحديد؟ وما هي الاستحقاقات التي عليها مواجهتُها؟
• كيف تُقيّمون الوضعَ في الجنوب ودورَ قوات «اليونيفيل» ونظرتكم إلى التوجّهات الإسرائيلية تجاه لبنان والقضيّة الفلسطينية والمنطقة؟
• كيف تتعاطون مع القرارات الدولية الخاصة بلبنان؟ وهل أنتم مرتاحون إلى طريقة تنفيذها؟ وما الذي يَعوق تنفيذ بعضِها؟ وما هو المطلوب لتسهيل أو استكمال تطبيقِها؟
• كيف تنظرون إلى مسار الأزمة السورية وانعكاساتها على لبنان والمنطقة؟ وهل إنّ مبدأ «النأي بالنفس» الذي تعهّدت به الحكومة يُطبَّق ويُعتبَر ساريَ المفعول؟ وفي حال العكس، ما الذي يَعوق تنفيذه؟ وكيف ستتعاطون مع هذا الملفّ في المستقبل؟
وشرَح عون موقفَ لبنان كما عبّر عنه في أكثر من مناسبة محلّية وإقليمية ودولية من ضِمن الثوابت اللبنانية، وقدّم أكثرَ مِن مثال يَدعم وجهة نظره، وخصوصاً في الملفات الإقليمية والدولية.
أزمة كهرباء
مِن جهةٍ ثانية، بدأت تلوح في الأفق بوادر أزمةٍ جديدة هذا الصيف تتعلّق بزيادة ساعات التقنين في التيار الكهربائي إلى مستويات قياسية. وفي وقتٍ استحوَذ ملف الكهرباء على مناقشات وتجاذبات وخلافات طوال فترة الحكومة السابقة قبل أن تتحوّل حكومة تصريف أعمال، يبدو أنّ النتيجة التي سيَجنيها المواطن هذا الصيف هي مزيد من التقنين، وستتراجع معدّلات التغذية من 16 ساعة يومياً، إلى 9 أو 10 ساعات. أي بتراجعٍ يتراوح بين 6 و7 ساعات يومياً. وسببُ زيادة التقنين هذه المرّة لا يرتبط بعدم القدرة على الإنتاج، بل لنقصٍ في التمويل الناتج من سببين، كما يَشرحهما مصدر في مؤسسة الكهرباء لـ»الجمهورية»:
• السبب الأوّل يتعلق بحجم الدعم الذي أقرّته الحكومة للمؤسسة في الموازنة العامة للدولة. وفي حين طلبَت المؤسسة الحصولَ على 2800 مليار ليرة، (نحو 1,8 مليار دولار) أقرّت لها الحكومة فقط 2100 مليار ليرة (حوالي 1.4 مليار دولار).
• السبب الثاني يتعلّق بارتفاع أسعار النفط، إذ إنّ الدعم المطلوب كان على أساس 65 دولاراً للبرميل، في حين ارتفاع السعر اليوم إلى 75 دولاراً.
هذان السببان سيؤدّيان الى تراجعِ التغذية بنسبة لا تقلّ عن 25%.
ويوضِح المصدر أنه كلّما زادت مؤسسة الكهرباء ساعاتِ التغذية وزاد الإنتاج، زادت خسارتها، لأنّها تبيع بأقلّ من سعر الكلفة، علماً أنّ المؤسسة قادرة على تأمين ما بين 20 إلى 22 ساعة تغذية يومياً، في الأيام العادية، أي باستثناء فصل الصيف، في حال أعطيَت الاموال التي طلبَتها في موازنتها، اي 2800 مليار ليرة. (تفاصيل ص 11).
الأخبار
نيابة رئاسة الحكومة ستكون للتكتل المسيحي الأكبر
معايير عون للتأليف: تكليف غير مفتوح
فضيحة التجنيس: مرسوم قابل للإبطال
تطلّب الرئيس فؤاد السنيورة لتأليف حكومته (2008) 44 يوماً، والرئيس سعد الحريري (2009) 135 يوماً، والرئيس نجيب ميقاتي (2011) 139 يوماً، والرئيس تمام سلام (2014) عشرة أشهر وتسعة أيام، والحريري ثانية (2016) 76 يوماً. فماذا عن الحكومة المقبلة (مقال نقولا ناصيف)؟..
إذا صحّ أن الأرقام هي أكثر ما يصحّ ويصلح للاعتبار وإجراء المراجعة السياسية، فإن الوقت لا يزال مبكراً للغاية على إبصار ثانية حكومات العهد النور. مع مغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى الرياض، تأكد مجدّداً تداخل الخارج بالداخل في الاستحقاق الحكومي. تالياً، بات على الحريري أن يقف هذه المرة ضد نفسه، على طرف نقيض مما قاله في حملاته الانتخابية بتحدّثه بحماسة عن «ودائع سورية» في البرلمان الجديد. الآن يعرف أنه سيعود من المملكة بـ«وديعة سعودية» مماثلة، يحملها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون لإقناعه بتليين موقفه بإزاء تأليف الحكومة وتوزيع الحصص.
أكثر ما يعرفه الحريري أيضاً – وقد خبره في تأليف حكومة 2016 – أن الكلمة الفصل في المقاعد المسيحية لرئيس الجمهورية، شأن الكلمة الفصل في المقاعد الشيعية للرئيس نبيه بري وقيادة حزب الله، والكلمة الفصل في المقاعد الدرزية للنائب وليد جنبلاط. أما الكلمة الفصل في المقاعد السنّية، فأولياؤها هذه المرة كثيرون، أولهم الرئيس المكلف من غير أن يكون الوحيد.
في الأيام الأخيرة، عَامَ على سطح مداولات التأليف أن العقبة الجديدة المستعصية ليست سنّية مع أنها كذلك، وليست درزية مع أنها كذلك، بل مسيحية – مسيحية بين ثنائي تكتل لبنان القوي وحزب القوات اللبنانية الذي يطالب – بعدما كبرت كتلته النيابية – بزيادة تمثيله في الحكومة الجديدة، كي يتساوى وندّه على نحو لم يكونا كذلك في حكومة تصريف الأعمال. مع أن كليهما كبرت كتلتاهما النيابية أصلاء وحلفاء: 29 لتكتل لبنان القوي (التيار)، و15 لتكتل الجمهورية القوية (القوات).
واقع الأمر أن «الوديعة السعودية» تقيم في هذا الشق من المشكلة: إقناع الرئيس المكلف رئيس الجمهورية بإعادة النظر في تقييمه حصة القوات اللبنانية في الحكومة الجديدة «بحسب ما يتمنى الأشقاء» (في المملكة).
ما أفضت إليه استشارات الرئيس المكلف في ساحة النجمة، أن الأفرقاء جميعاً يستعجلون الحكومة الجديدة، ويريدونها حكومة وحدة وطنية موسعة. إلا أن كلاً منهم يبصرها من منظار حصته معيار موافقته عليها. أدلى الجميع بدلوهم تقريباً، ما خلا رئيس الجمهورية الذي يقارب التأليف – وهو الشريك الدستوري الرئيسي فيه وصاحب التوقيع الأخير – على نحو مغاير بوضعه هو الآخر المعايير الواجبة:
أولها، أن مهلة التكليف غير مفتوحة، ويقتضي أن لا يصيب التأليف ما خبرته حكومات السنوات العشر الأخيرة، بإهدار الوقت على المشاورات واستمزاج الآراء وتبادل الاقتراحات والمراضاة حتى الوصول إلى صدور مراسيمها. يتفق والحريري على استعجال تأليفها، وقد يبدو الشهر مهلة طبيعية لكمّ من المشاورات، بعضها داخلي وبعضها الآخر خارجي، من شأنها إيجاد أوسع توافق عليها لإنجاح مهماتها في مرحلة ما بعد التأليف.
ثانيها، لا جدال في إصرار الرئيس على حصة له في الحكومة الجديدة، هو الذي يقرّر حجمها، منفصلة عن حصة تكتل لبنان القوي الذي هو حزبه في الحكم. الحصة التي يطلبها أربعة وزراء مسيحيين، إلى وزيرين غير مسيحيين، سنّي ودرزي في الغالب، يقايض بهما الحريري ووليد جنبلاط. بذلك، لا يبدو متصلباً حيال إصرار جنبلاط على ثلاثة مقاعد (درزيان ومسيحي إذا تعذرت المقاعد الدرزية الثلاثة)، ويكرر مقايضته مع الحريري في حكومة 2016 حينما نال الرئيس مقعداً سنّياً في مقابل مقعد مسيحي لرئيس الحكومة أحلّ فيه غطاس خوري، المرشح للعودة إلى المقعد نفسه.
ثالثها، شأن ما كانت عليه الحقائب السيادية الأربع في حكومة 2016، تبقى على حالها، من بينها وزارة الدفاع لرئيس الجمهورية، في مقابل حقائب المال لحركة أمل والداخلية لتيار المستقبل والخارجية والمغتربين لتكتل لبنان القوي.
أولى بوادر تكريس القاعدة، منذ ما قبل الخوض في الاستحقاق الحكومي، تطبيع علاقتي رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي غداة الانتخابات النيابية، بتواصل الرئيسين برّي وعون، ثم غداؤهما في قصر بعبدا. تلاهما تأجيل الإفطار الرئاسي من الاثنين إلى الأربعاء، إلى ما بعد انتخاب برّي رئيساً للمجلس كي يجلس إلى جانب رئيس الجمهورية. رافق التطبيع تصويت معظم تكتل لبنان القوي لبرّي رئيساً للمجلس، في وقت بدا رئيس الجمهورية متجاوباً مع خطوتين راجت تكهنات شتى من حولهما: سيقترع نوابه ضد انتخاب برّي رئيساً للبرلمان ولن يوافق على وضع حقيبة المال لدى حركة أمل مجدداً. بيد أن شيئاً من ذلك لم يقع. منذ بُتت حقيبة المال لوزير رئيس المجلس، باتت حجر رحى دارت من حولها الحقائب السيادية الثلاث الأخرى، بأن ذهبت إلى الأفرقاء إياهم منذ حكومة الرئيس تمام سلام عام 2014.
على غرار خروج عون وبرّي من انتخابات الرئاسة عام 2016 على طرفي نقيض وكانا وجهاً لوجه فيها، إلا أنهما سارعا إلى طيّ صفحة الماضي، عاودا المحاولة بعد الانتخابات النيابية بإيصاد بابها مجدّداً. أمام برّي أربع سنوات جديدة في ولاية رئيس الجمهورية، وأمام عون أربع سنوات جديدة بالكاد بدأت في ولاية رئيس المجلس. كلاهما يحتاج إلى الآخر. لم تكن الطريقة التي أدارا بها فك أسر سعد الحريري في الرياض في 4 تشرين الثاني، أحدهما في قصر بعبدا والآخر في شرم الشيخ، سوى الدليل الساطع على اقتران آلية عمل المؤسسات الدستورية والاستقرار بدوريهما. فعلا الأمر ذاته على أثر حوادث الاشتباك بين التيار الوطني والحر وحركة أمل في كانون الثاني الفائت نجمت عن عبارة مشينة ساقها وزير الخارجية في حق رئيس البرلمان.
رابعها، يتمسك رئيس الجمهورية بوضع نيابة رئاسة الحكومة في التكتل المسيحي الأكبر الذي هو تكتل لبنان القوي، ما يعني أن المنصب لن يكون، كالحكومة الحالية، برسم حزب القوات اللبنانية. يبدو أيضاً مقتنعاً بأن الحصة العادلة، الكافية، لحزب القوات اللبنانية ثلاث حقائب، من المرجح أن تكون نفسها في حكومة 2016، في مقابل أربعة وزراء لتكتل لبنان القوي، ناهيك بتوزير من خارج الثنائية المسيحية يطاول مقعدين أحدهما لتكتل نواب المردة بزعامة النائب السابق سليمان فرنجيه، وقد يحوز الحزب السوري القومي الاجتماعي على مقعد (مسيحي)، على أن ينتهي مآل المقاعد المسيحية الـ15 بمقعدين مسيحيين في حصتي الحريري وجنبلاط في ضوء تمسّك الرئيس بوزيرين غير مسيحيين.
الراعي: للحوار مع سوريا
دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى الحوار مع السلطات السورية لوضع برنامج لعودة النازحين، وقال: أنا أدعو دوماً لفصل الشق السياسي عن الشق الشعبي، هناك شعب يتألم ويعاني خارج بلده اقتلع من ثقافته، أنا أنطلق من مبدأ أن السلطات السورية مسؤولة عن شعبها وليس لبنان، ويجب على السلطات القائمة أن تتحمل مسؤولية شعبها ومصيره. وطالب خلال مؤتمر صحافي عقده في فندق البريستول في باريس، المجموعة الدولية إلى وقف التحدث بالعودة الطوعية أو الإرادية أو بدمج اللاجئين في البلدان المضيفة وفي قطاع العمل «لأن هذا أمر خطير». وأبدى قلقه من أن تؤدي الأعداد الكبيرة للنازحين إلى انعدام التوازن الديموغرافي في لبنان، فتتغير صورته وهويته.
فضيحة التجنيس: مرسوم قابل للإبطال
لماذا مرسوم التجنيس في موسم حكومة تصريف الأعمال، ولا يكون باكورة أعمال الحكومة الجديدة ووفق آلية من الشفافية لا تشوبها شائبة كما هي الحال اليوم؟ سؤال يطرحه كل حريص على العهد الرئاسي الذي وعد اللبنانيين بأن تكون الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها حالياً هي «حكومة العهد الأولى»؟
كما جرى مع مرسوم التجنيس في آخر ليلة من عهد ميشال سليمان (حكومة تمام سلام المكتملة)، أي تحت جنح ظلام عهد ينطوي، لم تهدأ، في الأيام الأخيرة حركة الدراجين والمواكب بين الداخلية والسراي الكبير والقصر الجمهوري ووزارة الخارجية وبيت الوسط وبعض الدوائر الرسمية وغير الرسمية (مثل المؤسسة المارونية للانتشار)، سعياً إلى استصدار مرسوم جديد للتجنيس، لكن هذه المرة تحت جنح ظلام حكومة تصريف أعمال، وهي مسألة يبدو أنها ستكون موضع مساءلة وربما تصل إلى حدود الطعن أمام مجلس شورى الدولة، إذا توافرت الصفة والمصلحة لهكذا طعن.
وقال وزير العدل السابق بهيج طبارة لـ«الأخبار» إنه بعد وضع اتفاق الطائف موضع التنفيذ، لم يعد تصريف الأعمال يتجاوز المعنى الضيق، أي الحد الأدنى من تسيير أعمال الدولة، أما الأمور التي تخرج عن هذا المفهوم الضيق لتصريف الأعمال، فإن ما يبرر إجراءها هو عنصر العجلة، أي الأمور التي لا تستطيع أن تنتظر تأليف الحكومة العتيدة. لذلك فإن تعريف تصريف الأعمال يتوسع كلما طال أمد تأليف الحكومة الجديدة، إذ يفترض أن يزيد عدد الأعمال المستعجلة التي يقتضي إجراؤها من دون تاخير.
واستشهد طبارة بالمادة 64 من الدستور اللبناني التي تنص على الآتي: «لا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلّا بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال».
هنا ينتهي الشق الدستوري، وهذه مسؤولية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المؤتمن الأول على الدستور، خصوصاً أن هناك من يزج باسمه لا بل بأسماء عدد من أفراد عائلته بالوقوف وراء فكرة مرسوم التجنيس من ألفها إلى يائها.
أما الشق المتعلق بأحقية هؤلاء أو عدم أحقية نيلهم الجنسية، فإنه يطرح سؤال المعايير التي تعتمد في حالات كهذه، ولماذا تصر الدوائر الرسمية المعنية على تدبيج الأسماء سراً وتحت جنح الظلام، وأليس من حق أي مواطن أن ينال الجنسية اللبنانية إذا كان يستحقها؟
لماذا في كل مرسوم تكون غالبية المجنسين من رجال الأعمال الدسمين الذين يمكن أن يدفعوا من ربع مليون إلى ملايين الدولارات، فيما تكون الفئة العادية، وربما أحياناً المعدومة، لا تتجاوز نسبتها العشرة في المئة من أصل كل هؤلاء المجنسين؟
وفق المعلومات المتداولة في أكثر من دائرة سياسية ورسمية، بلغ عدد من يشملهم مرسوم التجنيس المقترح حوالى الـ 300 اسم، بينهم من جنسيات سورية (الغالبية) وفلسطينية وعراقية وأردنية ويمنية وتونسية ومصرية وسعودية وألمانية وفرنسية وبريطانية وإيرانية وتشيلية وأميركية وهندية وعدد من مكتومي القيد.
وعلم أن المرسوم تضمن حوالى عشرين اسماً وضعوا في خانة «المؤسسة المارونية للانتشار»، ومعظمهم من رجال الأعمال السوريين. ولدى محاولة مراجعة رئيس المؤسسة النائب نعمة أفرام، تبين أنه موجود خارج لبنان.
وتنشر «الأخبار»، في عددها، اليوم، ما توافر لديها من أسماء في مشروع المرسوم المقترح، وهم 104 أسماء:
1) دارين محمد يوسف عتمة، من الجنسية الأردنية
2) فخري كريم ولي ولي من الجنسية العراقية
3) أحمد ابراهيم الداود من الجنسية الفلسطينية
4) غسان أحمد نفاع من الجنسية الفلسطينية
5) تامر محمد سليمان غزالة وزوجته لولوه فاروق عارف العارف من الجنسية الأردنية
6) مصطفى زخريا خليل من جنسية قيد الدرس وزوجته نسيمه فكرت حسن من الجنسية السورية
7) وليد محمد حسان أزهري وزوجته رابعة محمود زريق من الجنسية السورية
8) تيمور وليد أزهري من الجنسية الألمانية
9) طارق ألكسندر وليد أزهري من الجنسية الألمانية
10) إبراهيم محمد غنيم وزوجته عزيزه أمبدى كنعان وولداه طارق ورامي من الجنسية الفلسطينية
11) محمد إبراهيم غنيم من الجنسية الفلسطينية
12) أمل إبراهيم غنيم من الجنسية الفلسطينية
13) لينا هاني راغب قبلاوي من الجنسية الأردنية
14) محمد حسين منصور من الجنسية التونسية
15) ديمه نزيه عبد القادر من الجنسية الفلسطينية
16) سامي وديع صيداوي من الجنسية البريطانية
17) سامر سامي صيداوي وزوجته غالية خواجا معين الدين جالانبو من الجنسية البريطانية
18) محمد حسن محمد علي القطان وأشقاؤه نديم حسن محمد علي القطان وريا حسن محمد علي القطان من الجنسية الأردنية
19) محمد حسن منصوره وأولاده حسين وندى ونسرين وملاك ونور من الجنسية الفلسطينية
20) بشر محمد زياد عيسى من الجنسية الفلسطينية وزوجته ميا نزار أسعد من الجنسية السورية
21) محمد غياث محمد نديم المشنوق من الجنسية السورية
22) أحمد سلطان مروان أسرب من الجنسية السورية
23) ريما هاني مرتضى من الجنسية السورية
24) هانيه هاني مرتضى من الجنسية السورية
25) مازن هاني مرتضى وزوجته ندى نزار أسعد من الجنسية السورية
26) أحمد إبراهيم القادري من جنسية مكتوم القيد
27) ختام إبراهيم القادري من جنسية مكتوم القيد
28) محمد إبراهيم القادري من جنسية مكتوم القيد
29) آمنه إبراهيم القادري من جنسية مكتوم القيد
30) مصطفى إبراهيم القادري من جنسية مكتوم القيد
31) حسن أحمد الهبرة من الجنسية السورية
32) فادي حسن الهبرة من الجنسية السورية
33) محمد أنور حسن الهبرة من الجنسية السورية
34) حسام حسن الهبرة من الجنسية السورية
35) حسان حسن الهبرة من الجنسية السورية
36) محمد مدحت البقاعي من الجنسية الفلسطينية
37) ماهر محمد دالاتي من الجنسية السورية
38) هادي فاروق جود من الجنسية السورية
39) رشاد فاروق جود من الجنسية السورية
40) محمد فاروق جود من الجنسية السورية
41) خلدون محمد الزعبي من الجنسية السورية
42) محمد ضياء الدين محمد أيمن الأتاسي من الجنسية السورية
43) عبد القادر عبدالله صبره وولداه عبد الله وبشار من الجنسية السورية
44) مفيد غازي كرامه وزوجته لينا صياح خشيفه من الجنسية السورية
45) زينه شريف حديقه من الجنسية السورية
46) عمر أحمد إدلبي وأولاده روان ومحمد سليم وربى من الجنسية الفلسطينية
47) ميكاييل جيريمي راجي باتريك شلهوب من الجنسية الفرنسية وزوجته أندريا مارسيلو سيباستيان ماتورانا ستريتر من الجنسية التشيلية
48) سيروس عطاء الله أحسني من الجنسية الإيرانية
49) أكرم أسعد أيوب من الجنسية السورية
50) نورس أكرم أيوب من الجنسية السورية
51) لورنس أكرم أيوب من الجنسية السورية
52) صبحي رفيق قبلاوي وزوجته رحاب علي زعني من الجنسية الفلسطينية
53) كارلوس باهير كوجو هلال من الجنسية الأميركية
54) سامر أنطوان يوسف من الجنسية السورية
55) أنطوان يوسف يوسف وزوجته دعد عبدالله معوض وولدهما نمر يوسف الجنسية السورية
56) رين صلاح عبد الكريم قبلاوي من الجنسية الأردنية
57) يوسف عادل مقدسي من الجنسية السورية
58) جورج سهيل حموي من الجنسية السورية
59) كمال جورج خيرالله وولداه جيهان ورائد من الجنسية الفلسطينية
60) مروان ميشيل الحداد من الجنسية السورية
61) عبد العزيز علي مبارك باكوين من الجنسية اليمنية
62) وليد جورج المصري من الجنسية الفلسطينية
63) هوفيك أرتين جرجيان من الجنسية السورية
64) سرنجيت أفتار سينغ وأشقاؤها سرمندر وسالفانا وسومير من الجنسية الهندية
65) عاصم عبد الخالق محي الدين شيخ العرب من الجنسية العراقية
66) محمد رشاد عبد الخالق محي الدين شيخ العرب من الجنسية العراقية
67) قدري عبد الخالق محي الدين شيخ العرب من الجنسية العراقية
68) يوسف أمل يوسف أنصاري يوسف من الجنسية المصرية
69) جمال محمد طه وزوجته لينا إبراهيم خضر وولداهما موسى وعيسى من الجنسية السورية
70) سامر فوز من الجنسية السورية
اللواء
التأليف في «إجازة».. والإشتباك يحتدم حول حصة الرئيس
إجتماع المالية يقارب تقاسم الحصص الإسلامية.. والأولوية لتشكيلة غير فضفاضة ووفاقية
في غياب الرئيس سعد الحريري، الذي يمضي بضعة أيام مع عائلته في المملكة العربية السعودية، تمضي دوائر الاستيزار والاستئثار في الغرف على أنغام التأليف والتصريف.فتارة تتحدث عن حسم حصة رئيس الجمهورية، وتارة تتحدث عن تقسيم الحقائب كحصص، ومرة ثالثة عن الموعد المبدئي لولادة التشكيلة، كل ذلك إيذاناً بكشف الورقة المستورة، أو خطة ما بعد حكومة الوحدة الوطنية، إذا تعذرت ولادتها بصورة طبيعية أو قيصرية.
خيارات التركيبة والحصص
في هذا الوقت، عكف الرئيس الحريري في دارته في الرياض، على درس الخيارات المتاحة امامه للتشكيلة الحكومية العتيدة، تمهيداً لوضع مسودة أولية كان وعد الرئيس ميشال عون عندما التقاه أمس الأوّل، بعرضها عليه، بعد عودته من المملكة، يقارب فيها مطالب الكتل النيابية التي استمع إليها خلال استشاراته غير الملزمة، يوم الاثنين الماضي، سندا لاحجامها وأوزانها، وتمثيلها لمختلف الطوائف اللبنانية، فضلا عن إمكانية التوافق على الحصص بين الكتل قبل توزيع الحقائب، ومن ثم إسقاط أسماء عليها.
وإذا كانت الاتصالات التي يفترض ان تستأنف بعد عودة الحريري، لم تصل بعد إلى هذه المرحلة، على اعتبار ان البحث ما زال محصورا حول شكل الحكومة وعدد المقاعد فيها، ولم تصل بعد إلى الحصص فإن مصادر قريبة من الحريري أوضحت انه يريد حكومة وفاق وطني، أي ان تضم الكتل النيابية الأساسية، وانه يريد الحفاظ على هذا العنوان حتى إذا تعذر تمثيل كل الكتل، مشيرة إلى ان المرحلة لم تصل بعد ايضا «لا إلى الفصل بين النيابة والوزارة، ولا إلى مسألة المداورة في الحقائب».
ومن جهتها، اشارت مصادر سياسية مطلعة على أجواء رئاسة الجمهورية، لـ«اللواء» إلى ان الرئيس عون لا يبدي أي ممانعة حول شكل الحكومة وما إذا كانت مؤلفة من 30 أو 32 وزيرا لأن الأهمية تكمن بالنسبة لديه في التمثيل.
ولفتت المصادر إلى أنه لم يفاتح الرئيس المكلف سعد الحريري بأسماء أو حقائب وهنا أشارت إلى أن الرجلين لم يعرضا لصيغة حكومية إنما قيما حسنات وإيجابيات الحكومة المؤلفة من 24 أو 26 وزيراً وكذلك من 30 أو 32 وزيراً. وحكي مطولا بمطالب الكتل النيابية وإمكانية تلبيتها أو لا كما جالا على القضايا المرتبطة بالوزارات الحساسة والتي تشهد تنافسا بين أكثر من طرف، مؤكدة أن ما من أسماء أو تركيبة حكومية جاهزة بعد.
حصة الرئيس
وفي ما يتعلق بحصة رئيس الجمهورية في الحكومة، فقد أكدت المصادر ان الرئيس عون يرفض أي نقاش في هذا الموضوع، وهو يُصرّ على ان يكون معه فريق وزاري يساعده في ما يريده من قضايا داخل الحكومة، على الرغم من عدم وجود نص دستوري، بل مجرّد اعراف وتقاليد سادت منذ اتفاق الطائف الذي قلص صلاحيات رئيس الجمهورية التي كانت مطلقة في تأليف الحكومات، حيث كان يُعين الوزراء ويختار من بينهم رئيساً.
وذكرت المصادر بأن حصة رئيس الجمهورية في وزرائه كانت قائمة منذ الطائف وان الحكومات الخمس في عهد الرئيس الياس الهراوي لحظت هذه الحصة، ففي الحكومة الأخيرة في عهده على سبيل المثال كان هناك 8 وزراء له وهم: جان عبيد، فوزي حبيش، فارس بويز، شوقي فاخوري، نقولا فتوش، شاهي برصوميان، الياس حنا وميشال اده. وأما الحكومات الأربع وحكومة الانتخابات في عهد الرئيس اميل لحود فقد لحظت الحصة الرئاسية منها الحكومة الرابعة التي ضمت الوزراء من حصته وهم: جان لوي قرداحي، ايلي الفرزلي، عدنان القصار، وئام وهاب، ناجي البستاني، ليلى الصلح، موريس صحناوي، يوسف سلامة، كرم كرم، وديع الخازن، وإبراهيم الضاهر. أما الحكومات في عهد الرئيس ميشال سليمان الأربع فضمت هذه الحصة. فالحكومة الرابعة والتي ترأسها الرئيس تمام سلام لحظت 5 وزراء من حصة سليمان وهم: سمير مقبل واليس شبطيني وعبد المطلب حناوي وبطرس حرب وميشال فرعون. وسألت المصادر أين البدعة؟ وما هو الدستور الجديد من وراء حصة الرئيس؟
غير ان المصادر المعارضة لحصة الرئيس،ترد على الكلام الرئاسي، مشيرة إلى ان كل هذه الوقائع كانت صحيحة، لكن هؤلاء الرؤساء الثلاثة، لم تكن لديهم كتل نيابية وازنة أو محسوبة عليهم، بخلاف الرئيس عون الذي يملك حاليا كتلة نيابية كبيرة، بإمكانها ان تتمثل في الحكومة بعدد وافر من الوزراء، الذين سيكونون محسوبين عليه، وليس ثمة داع لحصة مفصلة عن الكتلة التي تنطق باسمه، مع العلم هنا ان ما يقال عن حصة الرئيس في عهود الرؤساء الثلاثة، كانت عن حق للسوريين ولم تكن للرئيس، أي بمعنى آخر كانت «وديعة سورية»، بحسب ما أكّد النائب البير منصور، الذي رأى في حديث اذاعي له، ان «لا شيء في الدستور يتحدث عن حصة لرئيس الجمهورية في الحكومة» معتبرا، انه سمي بعرف الدوحة لا قيمة دستورية له، والقيمة الدستورية الوحيدة هي اتفاق الطائف.
وشددت هذه المصادر على ضرورة الالتزام بالدستور، خصوصا في ظل عدم وجود مستقلين ليكونوا من حصة الرئيس نواباً ووزراء، وحتى تيّارات أو أحزاب سياسية لقوى الموالاة والمعارضة، كما في أوروبا وغيرها من الدول الديموقراطية المتقدمة. ورأت انه إذا امكن إيجاد مثل هذه التركيبة وتم إيجاد أشخاص مستقلين ليكونوا حصة الرئيس فليكن ذلك، مع ان الرئيس عون نفسه وصف سابقاً حصة الرئيس «بالبدعة».
برّي مفاوضاً
ومهما كان من أمر هذا السجال المتصاعد، فقد سجل أمس، بعيدا من الإعلام، قاء في وزارة المال جمع المعاون السياسي للرئيس نبيه برّي الوزير علي حسن خليل، والمعاون السياسي للرئيس الحريري الوزير الدكتور غطاس خوري والنائب وائل أبو فاعور ممثلاً «اللقاء الديموقراطي»، تناول تحديداً الوضع الحكومي، الا انه لم يرشح شيء عن نتائج هذا اللقاء، وان كان البحث انحصر في مسألة توزيع الحقائب والحصص الوزارية للكتل النيابية، مع العلم هنا ان «حزب الله»، بحسب ما قالت مصادر نيابية كان كلف الرئيس برّي التفاوض على المقاعد والحقائب الشيعية الست مع إصرار الحزب على ان تكون له حقيبة وازنة لتلبية حاجات جمهوره ولا سيما في البقاع.
وكان لافتاً على هذا الصعيد، قول نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أمس، ان الحزب سيتمثل في الحكومة بفعالية أكثر من أي مضى، مشيرا الى ان «سعة تمثيل القوى الفائزة في الانتخابات هي قوة حقيقية لأي حكومة قادمة»، داعياً ان «تمثيل الجميع بما يُساعد على تجسيد نتائج الانتخابات».
وقال ان الحزب «استطاع ان يحقق مع حلفائه قدرة هامة في المجلس النيابي لا بدّ ان تنعكس على تركيبة الدولة، وعلى مستقبل لبنان، سواء على صعيد بناء الدولة أو مكافحة الفساد».
في هذا الوقت، لوحظ غياب «لقاء الأربعاء النيابي» الذي اعتاد فيه الرئيس برّي تحديد بعض المواقف السياسية، من الأوضاع الراهنة، من دون صدور تفسير عن أسباب غياب هذا اللقاء، علما ان الرئيس برّي أجرى أمس لقاءات في عين التينة، أبرزها مع وفد من حزب الكتائب برئاسة النائب سامي الجميل، لكن مصادر نيابية نقلت عن برّي تأكيده بأن أجواء التشكيل الحكومي مريحة برغم تعلية سقف مطالب بعض القوى، وهو امر طبيعي وحصل سابقا في تشكيل الحكومات، لكن شدة الخلاف المتصاعد بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» دفعت المصادر الى الاعتقاد «ان هذا الخلاف قد يؤخر قليلا لكنه لا يعطل او يعرقل التشكيل وفي النهاية لكل مشكلة حل»..
وفي رأي المصادر ان الرئيس عون والثنائي الشيعي وتيار المستقبل يدفعون بقوة للانتهاء بأقصى سرعة وليس تسرع نحو تشكيل الحكومة، مشيرة الى ان مطالب «القوات» مبالغ فيها وقد لا تتحقق بالكامل، لأن هناك قوى مسيحية اخرى قد تتمثل، وهناك توجه مثلا لعدم استبعاد حزب «الكتائب» الذي بدأ يعيد حساباته ويصحح علاقاته وتجلى ذلك في تسمية كتلة الحزب للرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، عدا عن رمزية «الكتائب» في الحياة السياسية وفي الشارع المسيحي بشكل خاص ولو ضعفت كتلته النيابية..
واشارت المصادر الى ان القوى الرئيسية الكبرى والاكثر تمثيلا في طوائفها ومناطقها ستحصل كل واحدة منها على الانواع الاربعة من الحقائب: السيادية والخدماتية والرئيسية (كالعدل والاعلام والعمل) والثانوية.
واعتبرت المصادر ان بعض القوى السياسية تطرح مطالب حسب الحجم المنفوخ الذي ترى نفسها فيه، بينما ارقام مرشحي بعض الكتل مجتمعة تفوق بكثير مجموع الارقام التي حصلت عليها. وقالت هناك الان عشرة نواب من الطائفة السنّية بمن فيهم (عضو اللقاء الديموقراطي) الدكتور بلال عبد الله خارج عباءة «تيار المستقبل» ويحق لهم توزير احدهم، وقد يصبحون احد عشر نائبا سنيا اذا فاز المرشح في لائحة «الكرامة الوطنية» طه ناجي في الطعن الذي سيقدمه الاسبوع المقبل.
الا ان مصادر في «تيار المستقبل»، أكدت ان الرئيس المكلف متمسك بكامل المقاعد السنيّة الستة، لكنه قد يرَضى بالتنازل عن مقعد واحد يكون لمصلحة النائب فيصل كرامي الذي أكّد لـ «اللواء» ان «التكتل الوطني» الذي يضمه مع ستة نواب آخرين «موجود على الأرض وهو لا يستجدي أو «يشحذ» معقداً، بل نريد ما نراه حقاً لنا».
طعون بالجملة بالانتخابات
على خط اخر بعيدا عن تفاصيل اتصالات تشكيل الحكومة، علمت «اللواء» ان عددا من المرشحين للانتخابات سيقدمون اعتبارا من يوم الجمعة وحتى يوم الاثنين والثلاثاء المقبلين طعونا امام المجلس الدستوري بنتائج الانتخابات قبل انتهاء مهلة تقديم الطعون يوم الاربعاء المقبل، منهم المرشحون الاحد عشر اعضاء لائحة «بيروت الوطن» برئاسة الزميل صلاح سلام، مستندين الى عملية تلاعب وعبث بصناديق الاقتراع وإخراج المندوبين من قاعة الفرز وغير ذلك من مخالفات تحفظ اعضاء اللائحة عن ذكرها.
وعُلم ان هناك 18 مرشحا من لوائح عديدة في بيروت تجمعوا في بوتقة واحدة وكلفوا محاميا لتقديم طعن باسمهم جميعا الاسبوع المقبل. هذا اضافة الى تقديم طعن من قبل مرشح «لائحة الكرامة الوطنية» الشيخ طه ناجي، فيما قالت مرشحة المجتمع المدني عن دائرة بيروت الاولى جمانا حداد انها تحضّر للطعن الذي ستتقدم به وبات شبه جاهز وسيتقدم به محاميها خلال ايام قليلة.
كما قال الوزير الاسبق اشرف ريفي لـ«اللواء» انه سيتقدم بطعنه امام المجلس الدستوري الاسبوع المقبل مستندا الى اخطاء باحتساب الاصوات وشراء ذمم وتلاعب بالصناديق. واوضح انه سيعقد الاسبوع المقبل مؤتمرا صحافيا يشرح فيه بالتفصيل حيثيات الطعن.
تجدر الإشارة إلى ان المجلس الدستوري تسلم أمس أوّل الطعن الذي تقدّم به المرشح عن المقعد الارثوذكسي في زحلة ناصيف الياس التيني في لائحة «زحلة الخيار والقرار» ضد النائبين قيصر المعلوف وادي دمرجيان، طالباً تغيير النتيجة وإعلانه فائزاً عن هذا المقعد.
سلامة
مالياً، أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان حال الترقب بتشكيل الحكومة يجب الا تطول لأننا بحاجة إلى نمو بنسبة 2.5 في المائة، وتخفيض نسبة العجز، وهذا يكون أفضل للبنان اقتصاديا واجتماعيا.
وأوضح في مقابلة مع محطة L.B.C ان لبنان بحاجة إلى إصلاحات أهمها إعادة توسيع حجم القطاع الخاص، لأن توسيع القطاع العام خفض فعالية الانتاجية، ويجب ان يكون هناك حكومة بأسرع وقت، يكون فيها شخصيات قادرة على تنفيذ مقررات مؤتمر سيدر.
وشدّد على لا خوف على الليرة، ووضعها مستقر وستستمر ومصرف لبنان لديه الاحتياطات الكافية.
ولفت سلامة إلى ان صندوق النقد الدولي يقول انه يجب ان نحسن وضعنا قبل العام 2023، مشيرا إلى ان الكلام عن مشكلة مالية قريبا غير صحيح، والكلام الصحيح الوحيد هو بخفض العجز بالموازنة وهذا ضروري بسبب ارتفاع الفوائد عالمياً وارتفاع سعر البترول.