افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 28 كانون الأول، 2018

تشاؤم بري و”عدوانية” باسيل
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 14 آذار، 2020
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 29 حزيران ، 2024

بينما تعيد الدول العربية فتح سفاراتها في سوريا، تسربت معلومات عن أن الرئاسة السورية رفضت استقبال وزير الخارجية جبران باسيل، الذي كان طلب موعداً لزيارة سوريا. وكشف النائب عبد الرحيم مراد بعد زيارته دولة الإمارات "أن العودة [الديبلوماسية العربية إلى سوريا] لن تكون إماراتية فقط بل عودة سعودية ومصرية أيضاً". وانتقد مراد رفض بعض اهل الحكم للإتصال بالقيادة السورية. وشدد على أن "العلاقات بين لبنان وسوريا يجب أن تكون مميزة". ونفت مصادر التيار الحر أن تكون دمشق قد رفضت استقبال باسيل. 
Image result for ‫افتتاح سفارة الإمارات في دمشق‬‎
البناء
بوغدانوف: الأسد سيفوز في انتخابات 2021… والرياض تأتي بالعساف من الريتز إلى الخارجية 
مئة يوم أميركية للانسحاب من سورية تعود خلالها السفارات العربية إلى دمشق 
القومي يحيّي بري على «الدولة المدنية»… وحزب الله والتيار لصيانة «6 شباط» 

من كل حدب وصوب تتكثّف علامات نصر سورية، ولم ينغصها الكلام الانفعالي للرئيس الأميركي دونالد ترامب عن منح الرئيس التركي رجب أردوغان إطلاق اليد في كل سورية، ومَن لا يملك يعط من لا يستحق ولا يقدر، ولا كلامه من بغداد عن خطط تدخّل في سورية عبر العراق، بينما صاروخا كاتيوشا يلقيان التحية على سفارته في المنطقة الخضراء مع توقيع بيان للدعوة لمغادرة العراق نفسه. فالتغييرات العربية تتلاحق تهافتاً إلى دمشق باستفاقة الحديث عن مصلحة عربية بمواجهة ما يسمّيه الخليجيون بالمدّ الإيراني والتمدّد التركي، والعدوان الإسرائيلي غائب دائماً عن الخطاب، لكن المئة يوم التي حدّدها الرئيس الأميركي لمغادرة قواته لسورية تبدو المهلة الممنوحة للحكام العرب لاستعادة العلاقة بسورية ولعقد أول قمة عربية مرتقبة في تونس بحضور رئيسها، مهلة معززة بالإعلان أميركياً عن استعداد سعودي لتمويل إعادة إعمار سورية، فيما صار الحديث عن مضمون حل سياسي يحاصر الرئيس السوري ويقيّد حركته شيئاً من الماضي، ومثله حل إقليمي يقوم على فرض خروج إيران وحزب الله من سورية، فلا الاعتداءات الإسرائيلية باتت عامل تغيير في الوقائع السورية، وهي تفقد كل مرة روحها، ومعها تفقد «إسرائيل» بعضاً مما تبقى لها من روح، ولا الرهانات على مسار سياسي ترتبط به العلاقات بسورية يمكن أن تفلح في فرض معادلات سياسية جديدة في سورية، مع كلام روسي يحمل معاني كثيرة قاله نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف لقناة بلومبيرغ الأميركية عن فوز مؤكّد للرئيس السوري في الانتخابات الرئاسية عام 2021، وما يتضمّن ذلك من إشارة إلى أن لا انتخابات رئاسية قبل ذلك التاريخ وأن المسار السياسي لن يطال موعد الاستحقاق الرئاسي المقرّر وفقاً للدستور الجديد المرتقب بموجب الحل السياسي، فالانتخابات المقبلة ستتم وفقاً للدستور القائم، وبعدها دستور جديد وانتخابات على أساسه واستحقاقات يقرّرها.
الأسد باقٍ وهم يرحلون.. عبارة كانت عنوان الكثير من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء في التعليق على فتح سفارة دولة الإمارات العربية في دمشق وما سيليها من سفارات عربية تبدو البحرين أول اللاحقين بها في الأسبوع المقبل، وكذلك في التعليق على التغييرات الوزارية السعودية التي أطاحت بوزير الخارجية عادل الجبير ومنحته تعويضاً رمزياً بلقب وزير دولة للشؤون الخارجية، ليحل وزير المالية السابق إبراهيم العساف مكانه في رئاسة الدبلوماسية السعودية. وهو من الشخصيات التي استضافها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في فندق الريتز محتجزاً من ضمن الملاحقين بتهم الفساد المالي.
لبنانياً، مع الصمت الذي يلوذ به الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، كلام رئاسي من مقربين من بعبدا عن استئناف الاتصالات لحلحلة العقد الحكومية، أشارت إليه مقدمة نشرة أخبار قناة أو تي في، بينما المصادر القريبة من حزب الله والتيار الوطني الحر تجمع على مساعٍ لتطويق حدود التباين في المواقف من الأزمة الحكومية، ووضعها في إطارها ضمن مسعى عنوانها أولوية صيانة تفاهم السادس من شباط الذي ربط الفريقين منذ سنوات وقدّمهما كحليفين استراتيجيين، على قاعدة أن ليس هناك ما يبرر لتصوير التفاهم عرضة للاهتزاز أو للسماح بوضعه على الطاولة وتركه عرضة للتداول، ليتصدر المشهد الداخلي الموقف الذي أطلقه رئيس مجلس النواب نبيه بري حول عقم الصيغة الطائفية وعجزها عن تقديم الحلول ودعوته للدولة المدنية جواباً عن سؤال ما العمل، وقد لقي كلام بري ترحيباً وتقديراً وإشادة من التيارات والشخصيات المؤمنة بالدولة المدنية والداعية للحل العلماني، وقد تصدّرها بيان للحزب السوري القومي الاجتماعي أشاد بدعوة بري، ولم يستغربها على قامة وطنية كبيرة يمثلها رئيس المجلس، لافتاً إلى الأهمية التي تكتسيها هذه الدعوة في هذا التوقيت أمام الأزمات التي تعانيها البلاد.
هل تنجح جهود إحياء المبادرة الرئاسية؟
فيما دخل لبنان تحت تأثير عاصفة مناخية تستمرّ لأيام عدة، هدأت عاصفة السجالات السياسية والإعلامية التي رافقت تعثر مبادرة رئيس الجمهورية لاستيلاد حكومة العهد الأولى، وإذ جُمِدت الاتصالات على خط التأليف بسبب عطلة الأعياد على أن تستكمل بشكل رسمي بعد عودة الرئيس المكلف الى بيروت مطلع العام الجديد، سُرِبت معلومات أمس، مصدرها التيار الوطني الحر تتحدّث عن إعادة إحياء مبادرة الرئيس ميشال عون لإيجاد حل توافقي للعقد المتبقية لا سيما عقدة تمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين، فقد أشارت معلومات قناة الـ»او تي في» الى ان «المشاورات الحكومية استؤنفت في الساعات الأخيرة على أرفع المستويات»، وأضافت: «ثمّة إرادة متجدّدة بإنجاز التشكيلة الحكومية من دون أن يأكل المصلح ثلثي «القتلة». إلا أنه لم يُعرف مضمون المخرج الجديد المطروح وطبيعته وما إذا كان جدياً أم مجرد اشاعة أجواء تفاؤلية في البلد بعد الصدمة والبلبلة التي أحدثها عرقلة المبادرة لدى الأوساط الشعبية والاقتصادية والمالية.
وإذ أكدت مصادر نيابية في التيار العوني هذه المعلومات، متحدثة عن أجواء تفاؤلية يشهدها مسار التأليف، أوضحت لـ»البناء» أن «الرئيس عون لن يسمح بفشل مبادرته ولا بإجهاض الحكومة ولا العهد، بل إن العمل مستمر بعيداً عن الإعلام للوصول الى الهدف المرجو»، ولفتت الى أن «كلام رئيس الجمهورية عن إدخال أعراف جديدة موجه لجميع المكونات في البلد والمجتمع السياسي برمته وليس الى طرف بعينه، والى كل من يحاول حصار وتطويق العهد ومصادرة حصة الرئيس الوزارية»، ولفتت الى أن «الرئيس لم يقصد حزب الله وإن كان الحزب له علاقة بالعقدة الأخيرة التي لم يمضِ عليها شهر ونصف لكن لا يمكن نسيان 4 أشهر لحل العقدتين المسيحية والدرزية». وأشارت الى أن «تمسك التيار والرئيس بالثلث الضامن ليس الهدف بقدر نيل حقنا استناداً الى حجمنا النيابي، فالرئيس عون تنازل عن المقعد السني من حصته لصالح ممثل عن اللقاء التشاوري، لكن ليس على حساب خسارته مقعداً وزارياً»، متسائلة: «لماذا لا يأتي حل العقدة السنية على غرار حل العقدة الدرزية ويسمحون لعون اختيار من بين لائحة الأسماء؟».
وأكدت المصادر على العلاقة الجيدة بين التيار والرئيس عون وبين حزب الله، مشيرة الى «لقاءات عدة تحصل بين مسؤولين في القيادتين. وهذه العلاقة بين الطرفين أعمق وأكبر من تباين حكومي»، مشددة على «ثبات تفاهم مار مخايل»، مضيفة أن «حزب الله لا يمانع أن ينال التيار والرئيس عون الثلث الحكومي»، لكنها لفتت الى أن «الرئيس الحريري هو المسؤول عن عقدة التمثيل السني وليس التيار ولذلك عليه التنازل من حصته لصالح تمثيل اللقاء التشاوري». وفي سياق ذلك، تساءل مراقبون: لماذا لا يسترجع الحريري المقعد السني الذي منحه لكتلة الرئيس نجيب ميقاتي ويعطيه للقاء التشاوري مقابل منح كتلة ميقاتي وزيراً مسيحياً يذهب للنائب الأرثوذكسي في كتلة ميقاتي نقولا نحاس؟ فهل إصرار الحريري ومن ورائه السعودية على رفض تمثيل سنة المقاومة في الحكومة يحول دون ذلك؟».
أما الرئيس سعد الحريري فلم يُرصَد له أي موقف مفضلاً البقاء بعيداً عن الأضواء ولفتت معلومات قناة الـ»ال بي سي» الى أن «الحريري أطفأ محركاته ولجأ الى الصمت وهو يستغلّ فرصة الأعياد من اجل المراقبة والتفكير». مشيرة الى أن «الاتصال بين عون والحريري لم يحمل أي جديد في الملف الحكومي، لكن الحريري منفتح على أي فكرة لإخراج الحكومة من الجمود».
في المقابل عقد «اللقاء التشاوري للنواب السنّة المستقلين» اجتماعاً في دارة النائب عبد الرحيم مراد بحضور جميع أعضائه النواب فيصل كرامي، جهاد الصمد، قاسم هاشم، الوليد سكرية، وعدنان طرابلسي. وأصدر بياناً أكد فيه «حقه في المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية بوزير واحد يسمّيه اللقاء وأن يكون الممثل الحصري له في الحكومة». واستنكر «العدوان الإسرائيلي الجديد على السيادة اللبنانية كما العدوان على سورية»، وأشار الى أن «التريّث والبطء في اتخاذ التدابير التي تكافح الهدر والفساد يعتبران جريمة في حق الوطن، وعلى من يتحملون المسؤوليات الدستورية أن يبادروا من دون التحجج بذرائع».
وبعد أن كثرت التحليلات بشأن موقفه، خرج رئيس مركز الدولية للمعلومات جواد عدره عن صمته وغرّد كاتباً «إثنان لا تذكرهما أبداً: إساءة الناس لك وإحسانك الى الناس» وأرفقه بـ»هاشتاغ»: «جواد عدره يتبع…».
«القومي» رحّب بدعوة بري
وفي ظل انسداد أفق ولادة الحكومة وعودة الحديث عن أزمة نظام وحكم، لاقت دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الانتقال الى الدولة المدنية كحل لأزمات لبنان الدائمة، صداها الواسع لدى الوسط السياسي، وأول المرحّبين كان الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يُعتبر أحد أبرز المطالبين بالدولة المدنية منذ وقت طويل. ورأى الحزب في بيان أصدره عميد الإعلام معن حمية، أنّ «هذا الموقف ليس جديداً على دولة الرئيس نبيه بري، القامة الوطنية الكبيرة، وتأكيده هذا الموقف في هذا الوقت بالتحديد يكتسي أهمية كبرى، نظراً للحال المزرية التي وصل إليها لبنان وأرخت بثقلها على اللبنانيين هموماً وأعباء وضائقة اقتصادية واجتماعية، ونتيجة تعثر تشكيل حكومة ترعى شؤون الناس بعد مضيّ سبعة أشهر من الفراغ الحكومي القاتل».
وأكد حمية أنّ ما يحصل على صعيد تشكيل الحكومة مقلق وخطير، لأنه يشكل انقلاباً على الطائف ودستوره، لمصلحة تكريس فدراليات الطوائف وقوانينها، وهذا ما لا نقبل به، لأنه وصفة انتحار للبنان واللبنانيين». أضاف: «انّ خلاص لبنان لا يكون إلا بقيام الدولة المدنية الديمقراطية العادلة والقوية، التي تحقق مبدأ المساواة في المواطنة والرعاية الاجتماعية الكاملة وتوحّد البلد وكلّ اللبنانيين في مواجهة الأخطار والتحديات».
وكان لافتاً تحذير وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة من «فراغ حكومي أطول قد يؤدي الى صدامات في الشارع أو مؤتمر تأسيسي قد يدخل لبنان في آتون خطير». ما يطرح تساؤلات حول مصدر معلومات حمادة وهل هي أميركية سعودية وصلت إلى فريق 14 آذار والى الرئيس الحريري تحديداً دفعه إلى فرملة عملية تأليف الحكومة بانتظار رهانات إقليمية؟
أين لبنان من الانفتاح على سورية؟
إلا أن طلائع المؤشرات الإقليمية التي بدأت بالظهور لا سيما الانفتاح العربي على سورية بالتوالي، ستترك تأثيراتها الكبيرة على الداخل اللبناني عاجلاً أم آجلاً ما يحتم على لبنان التعامل مع الأمر الواقع، وبالتالي لن يستطيع البقاء بلا حكومة الى أمد طويل، بل عليه مواكبة هذه التطورات على مسافة أقل من شهر على انعقاد القمة الاقتصادية العربية في بيروت. فأين لبنان من الانفتاح العربي على دمشق؟ وأي نجاح لقمة في ظل استمرار موقف جهات في الحكومة رافضة للانفتاح السياسي على سورية؟
وقد تداولت معلومات عن رفض الرئاسة السورية استقبال وزير الخارجية جبران باسيل الذي طلب موعداً لزيارة سورية، غير أن مصادر التيار الحر نفت ذلك مؤكدة لـ»البناء» على العلاقة المميّزة بين الرئيسين ميشال عون وبشار الأسد وأن التواصل قائم بينهما في مختلف المجالات والملفات»، لكنها أوضحت أن «مسألة دعوة سورية الى القمة الاقتصادية العربية في بيروت لا تخصّ لبنان فحسب بل جامعة الدول العربية الذي يلتزم لبنان قراراتها استناداً الى البيان الوزاري وميثاق الجامعة، ولبنان ينتظر موافقة الجامعة على دعوة سورية»، وأشارت الى أن «باسيل اعترض لدى القمة على عدم دعوة سورية»، ولفتت الى أن «انفتاح الإمارات ولاحقاً السعودية سيحرر لبنان من هذا القيد ويبدأ تصحيح العلاقات بين البلدين على مستوى رسمي».
وأشار رئيس حزب الاتحاد النائب عبد الرحيم مراد الى انه «كان الأسبوع الماضي في الإمارات وبحث معهم في الملف السوري، مؤكداً أن العودة لن تكون إماراتية فقط بل عودة سعودية ومصرية أيضاً».
واعتبر مراد في حديث تلفزيوني، أنه «من المؤسف جداً أن العلاقات بين لبنان وسورية لم تصل الى مستواها المطلوب، بينما هذه العلاقات يجب أن تكون مميزة مع سورية لأننا نحن محتاجون الى سورية، ونأمل ان يزور كل الوزراء بعد تشكل الحكومة سورية، بحسب اختصاصاتهم».
ووسط هذه الاجواء، أعلن السفير السعودي وليد بخاري أنه «سيتم رفع الحظر عن زيارة المواطنين السعوديين إلى لبنان فور تشكيل الحكومة اللبنانية». وقال خلال استقباله في مقر السفارة، وفداً من «مجلس العمل والاستثمار اللبناني» في المملكة في زيارة تحضيرية للقمة الاقتصادية العربية التي ستعقد في بيروت في كانون الثاني المقبل أن «سياسة المملكة الخارجية في ما يتعلق بلبنان ارتكزت منذ تأسيسها على سيادة وأمن واستقرار لبنان».
هل تشمل «أس 300» لبنان؟
الى ذلك، بقي الخرق الإسرائيلي للأجواء اللبنانية في واجهة الاهتمام الرسمي وفي السياق، أفاد موقع ديبكا العسكري الإسرائيلي، أن روسيا تدرس توسيع نطاق الحماية لمنظومة صواريخ إس-300، التي نشرتها في سورية مؤخرًا، لتشمل أجواء لبنان أيضًا ردًا على غارات نفذتها مقاتلات إسرائيلية قرب دمشق، الثلثاء الماضي.
ولم ينفِ مصدر سياسي محلي عامل على خط العلاقات الروسية – اللبنانية تلك المعلومات، موضحاً ان «روسيا كانت ولا تزال على أتم الاستعداد لمساعدة لبنان في جميع المجالات لا سيما العسكرية والدفاع الجوي، وإن طلبت منها الحكومة اللبنانية توسيع رقعة شبكة الدفاع الجوي الروسية لتشمل المجال الجوي اللبناني فهي مستعدّة، وتستطيع ذلك حيث أن شبكة صواريخ أس 300 قادرة على تغطية قطر 200 كلم لكن ذلك يتعلق بالقرار السياسي في لبنان»، وأضاف المصدر أن «موسكو مهتمة بأمن واستقرار لبنان وتعمل بشكل دائم على الحد من الخطر الإسرائيلي عليه بأي طريقة كما تهتم بأمن واستقرار سورية»، مذكراً ببيان الخارجية الروسية عقب العدوان الإسرائيلي على سورية انطلاقاً من الأجواء اللبنانية منذ يومين، وكشف المصدر أن «السلطات الروسية لم تتلقَ أي طلب من السلطات اللبنانية بهذا الشأن».
وقد سجل أمس، تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي فوق أجواء مدينة صيدا وطول الساحل الجنوبي على علو منخفض.

اللواء
تنظيم الخلاف بين حزب الله والتيار هل يُنعِش المبادرة الرئاسية؟
الحريري يرفض الإبتزاز.. والنواب الستة يُصرّون على حصرية التمثيل

لا توحي الثلوج التي هطلت بكثافة فوق جبال لبنان للمرة الأولى هذا الشتاء، سوى قطع الطرقات الجبلية، وسط مناخ عاصف، فيما «الصقيع السياسي» الذي يلف العلاقات بين الأطراف والقوى السياسية، لا يوحي بأي عودة إلى «الدفء السياسي» وإلى مسار تأليف الحكومة، بل باستمرار الجمود، أقله حتى إلى ما بعد السنة الجديدة، فيما المنطقة من حول لبنان تتغير باتجاه انفتاح عربي على سوريا، بغض النظر عمّا إذا كان انفتاحاً على النظام أم على الشعب السوري، بحسب التوضيحات الاماراتية لعودة افتتاح السفارة في دمشق.
وتُشير كل التقديرات، الىان مسألة تشكيل الحكومة باتت في حكم المؤجلة، إلى ما بعد بداية السنة الجديدة، بدليل توقف كل الاتصالات واللقاءات الجدية لمعالجة العقد التي اجهضت كل المبادرات لإخراج الحكومة من «عنق الزجاجة»، باستثناء كلام عن محاولات يُشارك فيها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، من دون ان تجد لها ترجمة على الأرض لا بالشكل ولا بالمضمون، باستثناء الإشارة إلى ان الخيار لدى المعنيين بما يزال على حكومة الوحدة الوطنية، وليس على حكومة مصغرة بحسب ما طرح في الفترة الأخيرة، في ضوء استمرار الرئيس المكلف سعد الحريري على صمته، وتمسكه بمواقفه المعروفة والثابتة، مؤكداً انه لن يتراجع أو يستسلم امام الابتزاز السياسي الذي يتعرّض له، طالما انه يتمسك بنصوص الدستور والصلاحيات التي أعطيت له بموجب اتفاق الطائف، حسب ما تؤكد أوساطه.
رسائل متبادلة
غير ان اللافت وسط استمرار هذا الجمود، وبالتالي وقف كل محركات التأليف، خروج محطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» بمعلومات تؤكد بأن الأفق غير مسدود على الصعيد الحكومي، معلنة بأن المشاورات استؤنفت في الساعات الأخيرة على أرفع المستويات، وان ثمة إرادة متجدّدة بإنجاز التشكيل، من دون ان يأكل المصلح ثلثي «القتلة»، في إشارة إلى الاتهامات التي طاولت الوزير باسيل بأنه المسؤول الأوّل عن عرقلة تأليف الحكومة، إلى جانب «حزب الله» بطبيعة الحال.
واستعانت المحطة المذكورة لتعزيز معلوماتها بتغريدة مسائية للوزير السابق وئام وهّاب قال فيها: «رغم كل التشاؤم بموضوع الحكومة، التشكيل بعد العيد»، لافتاً إلى ان هناك «مخرجاً قيد الاعداد».
وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، ان أجواء التفاؤل التي حاولت المحطة العونية تعميمها أمس، من خلال التأكيد على وجود أمل وسط الغيوم الداكنة في سماء البلد، مردها إلى التطورات التي حصلت على صعيد العلاقة بين «التيار» و«حزب الله»، والتي تمثلت أمس، بالاتصال الهاتفي الذي أجراه الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله بالرئيس ميشال عون، لتهنئة بحلول عيدي الميلاد ورأس السنة، والذي تزامن مع محاولات جرت من قبل الطرفين، أي التيار والحزب، لتنظيم الخلاف الذي طرأ، بفعل إجهاض المبادرة الرئاسية لحل عقدة تمثيل النواب السُنَّة من فريق 8 آذار في الحكومة، بموافقة ضمنية من الرئيس الحريري، وهو أمر أوحى باحتمال إعادة المبادرة الرئاسية إلى «غرفة الانعاش» لاحيائها من جديد.
وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه، زيارة وفد من قيادة منطقة بيروت في «حزب الله» برئاسة حسين فضل الله، لتهنئة قضاء بعبدا في التيار بالاعياد، حيث كانت بمثابة تمهيد لتنظيم الخلاف بين الطرفين، على مستويات دنيا مقدمة لتكون على مستويات رفيعة فيما بعد.
وخلال هذه الزيارة، ألمح النائب السابق ناجي غاريوس إلى ضرورة تأليف الحكومة بعد الأعياد بأسرع وقت، لأن وجع النّاس لم يعد يحتمل، فيما أكد فضل الله استعداد الحزب للتعاون في كل الملفات والمواضيع التي سبق التعاون فيها، مشيرا إلى ان الزيارة كانت مناسبة لتجديد صيغ التفاهم القائمة بين التيار والحزب، وهو تفاهم لا يؤثر فيه لا بيانات مشبوهة ولا تغريدات مجهولة، في إشارة إلى تفاهم مار مخايل، والاتهامات المتبادلة، التي حفلت بها مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إجهاض المبادرة الرئاسية، واتهام الحزب للتيار بالاستحواذ على الثلث المعطل، سواء من خلال تبديل الحقائب أو ان يكون «الوزير الملك» الذي كان سيمثل النواب السُنَّة من فريق 8 آذار، من حصة رئيس الجمهورية، ومحسوب على تكتل «لبنان القوي».
حزب الله مع الثلث المعطل
ومما زاد في جدية محاولات «رأب الصدع» بين الطرفين، استضافة المحطة التلفزيونية للتيار لمسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمّد عفيف، لتوضيح مسألة استحواذ التيار على الثلث المعطل، حيث أوضح عفيف، خلال مداخلته الهاتفية، ان هذا الموضوع سبق ان تحدث عنه العديد من مسؤولي الحزب، وفي طليعتهم أمينه العام السيّد نصر الله الذي أدلى بخطاب في «يوم الشهيد» أعلن فيه عدم ممانعة الحزب في حصول حليفه «التيار الوطني الحر» على 11 وزيراً.
وقال: ان الوزير جبران باسيل على علم بذلك، وقد سمع هذا الكلام من الامين العام مباشرة، وكذلك في المجالس المغلقة معنا، وبالتالي، فإن أي كلام خارج هذا السياق هو غير صحيح.
واكد أن «العلاقة بين حزب الله و«التيار الوطني الحر» ومع الرئيس العماد ميشال عون تحديدا، ممتازة وثابتة وراسخة ومتينة وفي أحسن مستوياتها».
لكن الحاج عفيف أوضح لـ«اللواء» اضافة الى ما قاله، «ان لا مشكلة لدينا بحصول التيار الحر والرئيس عون على 11 او 12 وزيرا كونه حليفنا، ومن ضمن التوازنات التي انتجتها الانتخابات النيابية، لكننا لا نركز على هذا الموضوع بقدر ما نركز على تمثيل حليفنا الاخر وهو «اللقاء التشاوري»، انطلاقا ايضا من حيثيته بموجب نتائج الانتخابات النيابية وتوازناتها السياسية.
اللقاء التشاوري للوزير الثامن
وفي السياق، ذكرت مصادر مسؤولة في تحالف قوى 8 آذار، ان لا مانع من حصول فريق رئيس الجمهورية على الثلث المعطل، على ان لا يكون الوزير الحادي عشر على حساب حصة فريقنا، بل على حساب ومن حصة الفريق الآخر، أي تيّار «المستقبل»، بهدف كسر احادية تمثيله للسنة، لذلك الإصرار قائم على تمثيل «اللقاء التشاوري» بوزير سني لتحقيق نوع من التوازن داخل الحكومة، كون فريقنا يستحق أكثر من الحصة الممنوحة له في الحكومة وهي سبعة وزراء مع ممثّل «المردة»، ويطمح إلى توزير الثامن «اللقاء التشاوري» الحليف.
تجدر الإشارة، هنا، إلى ان «اللقاء التشاوري» عاود اجتماعاته، في إطار تكريس وجوده كحالة سياسية قائمة في حدّ ذاتها، وأصدر بياناً ضمنه مواقفه من تطورات الساعة، بدءاً من تهنئة اللبنانيين بالاعياد، مروراً باستنكار العدوان الإسرائيلي الجديد على السيادة اللبنانية وسوريا، مؤكداً في النهاية حقه في المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية بوزير واحد يسميه اللقاء، وان يكون الممثل الحصري له في الحكومة.
وسجل في المقابل، خروج جواد عدرة عن صمته وهو الذي كان مرشّح اللقاء للدخول إلى الحكومة، قبل سحب اسمه من التداول، وغرد عبر حسابه الخاص على «تويتر» كاتباً: «اثنان لا تذكرهما ابداً: إساءة النّاس لك، وإحسانك إلى الناس»، في إشارة إلى الغدر الذي تعرض له ممن أحسن إليهم، واعداً بأن تكون له ردود أخرى تتبع.
انعاش المبادرة الرئاسية
إلى ذلك، اشارت مصادر مطلعة لـ«اللواء» الى ان المشهد الحكومي لا يزال يلفه الجمود وان ما من خرق سجل حتى على صعيد الاتصالات لأن التركيز منصب على التهدئة قبل استئناف اي مشاورات دسمة على صعيد تأليف الحكومة. اما اي كلام عن تعويم المبادرة الرئاسية او البحث عن طرح جديد فليس واضحا بعد. وقالت ان رئيس الجمهورية قد يطلق مواقف امام مهنئيه في وقت قريب او قد يمتنع عن ذلك.
اما المصادر المطلعة على موقف الرئيس عون فقالت لـ«اللواء» ان المبادرة الرئاسية لم تنته انما تعثرت بعد الذي جرى مع «اللقاء التشاوري»، واكدت ان هناك محاولة لإعادة تفعيلها من خلال الاتصالات التي يجريها الوزير باسيل والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم والمعنيون بعيدا عن الاضواء.
وقالت مصادر «التيار الوطني الحر» تعليقا على الملف الحكومي ان الامر لن يستمر طويلا بعد رأس السنة. فلا الاحوال الاقتصادية تسمح بذلك، ولا رئيس الجمهورية ولا قيادات البلاد. ورأت ان التطورات الحاصلة بالمنطقة ستفرض انطلاقة العجلة الحكومية واكدت كذلك ان موعد انطلاق التنقيب عن النفط في المياه اللبنانية باق في شهر شباط.
الحريري على صمته
في المقابل، لفتت معلومات إلى ان الاتصال بين الرئيس عون والرئيس المكلف لم يحمل أي جديد في الملف الحكومي، مشيرة إلى ان الحريري اطفأ محركاته ولجأ إلى الصمت، وهو سيغتنم فرصة الأعياد من أجل المراقبة والتفكير وهو منفتح على أي فكرة لإخراج الحكومة من الجمود.
وتعتقد مصادر سياسية في تيّار «المستقبل» ان الصمت الذي يعتصم به الرئيس الحريري ومعه الصبر هما أفضل من الكلام في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة، بعدما كان يأمل، كما عدد كبير من السياسيين والمواطنين ان تعلن مراسيم التأليف نهاية الأسبوع الماضي.
وفي تقدير هذه المصادر، رداً على سؤال لـ«اللواء» حول من يتحمل المسؤولية، ان الجميع مسؤول عن عرقلة تأليف الحكومة من خلال ابتزاز الرئيس الحريري، مشيرة إلى ان ما قصده الرئيس عون في كلامه الأخير عن الأعراف الجديدة، هو «حزب الله» بشكل واضح، لكن المعرقل بشكل مباشر هو الوزير باسيل من خلال السدود التي وضعها، لافتة إلى ان باسيل يلعب تحت السقف المسموح به من الحزب ان يلعبه.
واعتبرت المصادر ان ليس لدى الرئيس الحريري أي خيار في الوقت الحالي سوى التسلّح بالصمت، لأنه، وبحسب المصادر ذاتها، إذا أراد مواجهة المعرقلين تكون المواجهة بالاعتذار، وهو ليس في وارد القيام بهذه الخطوة، مع اصراره وتمسكه بالتكليف، لذلك تقول المصادر: «فليتحمل المعرقلون مسؤولية التعطيل من خلال تناتش الوزراء والحقائب معاً». (راجع ص 2)

الأخبار
عودة المهزومين إلى دمشق
الإمارات تُدشّن مرحلة المصالحة العربية مع سوريا
الموازنة تضيع في زواريب التأليف

بات «الحديث العربي» عن الملف السوري يدور حول محور واحد هو «عودة دمشق» إلى المحور العربي. يأتي ذلك بعد سنوات من العمل الحثيث على «إسقاط النظام» وتجريم أي تواصل معه. بالأمس، وبعد زيارة الرئيس السوداني، جاء افتتاح سفارة الإمارات ضمن خطوة جديدة وهامّة لتكريس واقع جديد في العلاقة السورية ــــ العربية. علاقة لم تأتِ سوى بعد تثبيت انتصار الدولة السورية، ليكون «العائدون» مطعّمين بالهزيمة والانكسار أمام الأمر الواقع.
على رغم المعلومات المتواترة منذ أشهر عن نشاط القنوات السورية ــــ العربية في مسعى لإعادة العلاقات إلى حالها قبل سبع سنوات، جاءت عودة العمل في سفارة الإمارات العربية المتحدة لدى دمشق أمس، لتفتح الباب واسعاً أمام مبادرات أعمق على خط «عودة دمشق إلى الحضن العربي». الخطوة الإماراتية كانت قيد التحضير منذ أشهر طويلة؛ وسبق أن كشفت «الأخبار» في منتصف أيلول الماضي عن زيارة وفد إماراتي أمني إلى العاصمة السورية، لبحث ملفات عدة بينها إعادة نشاط السفارة. كما نقلت «الأخبار» عن مصادر لبنانية في منتصف تشرين الأول الماضي، قولها إن القيادة الإماراتية تسعى إلى «تكوين تجمّع عربي ليكون شريكاً في مستقبل سوريا السياسي والاقتصادي، مع التسليم بأنّ النظام الحالي برئاسة بشار الأسد باقٍ». البيان الرسمي الذي خرج عن وزارة الخارجية الإماراتية أمس، أكد وإن بكلمات مختلفة المعنى نفسه، إذ قال إن «هذه الخطوة تؤكد حرص حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى مسارها الطبيعي، بما يعزّز ويفعّل الدور العربي في دعم استقلال وسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية ودرء مخاطر التدخلات الإقليمية في الشأن العربي السوري». وأعرب عن تطلّع الإمارات إلى أن «يسود السلام والأمن والاستقرار» في سوريا.
وكان لافتاً أمس أن الجانب السوري لم يُظهر عودة السفارة الإماراتية بوصفها حدثاً غير اعتيادي. إذ أوفدت وزارة الخارجية السورية مدير المراسم لديها حمزة دواليبي، واكتفت بإصدار بيان مقتضب نُشر عبر صفحتها على «فايسبوك»، يشير إلى أن القائم بالأعمال بالنيابة في السفارة الإماراتية، عبد الحكيم النعيمي، باشر مهام عمله من مقر السفارة. وكذلك فعلت وكالة «سانا» الرسمية التي نقلت بيان وزارة الخارجية الإماراتية. وعقب الافتتاح الرسمي، دعا دواليبي، كما السفير العراقي في سوريا سعد محمد رضا، إلى عودة سفارات جميع البلدان العربية إلى دمشق. وفي المقابل، حاول التعليق الإماراتي الرسمي، عدا بيان وزارة الخارجية، وضع إطار «عربيّ» يبرر خطوة أبو ظبي. وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، أن القرار «يأتي بعد قراءة متأنية للتطورات، ووليد قناعة أن المرحلة المقبلة تتطلب الحضور والتواصل العربي مع الملف السوري حرصاً على سوريا وشعبها وسيادتها ووحدة أراضيها». وأضاف في تغريدة عبر «تويتر»، أن «الدور العربي في سوريا أصبح أكثر ضرورة تجاه التغوّل الإقليمي الإيراني والتركي»، موضحاً أن الإمارات تسعى اليوم عبر حضورها في دمشق إلى تفعيل هذا الدور، وأن تكون الخيارات العربية حاضرة، وأن تساهم إيجاباً تجاه إنهاء ملف الحرب وتعزيز فرص السلام والاستقرار».
التحرك الإماراتي اللافت لا يعني الإمارات وحدها فقط، بل يأتي ضمن سياق أوسع مدعوم بمبادرات وجهود روسية، كانت زيارة الرئيس السوداني عمر البشير، واحدة من محطاته. ففي موازاة الدعوات الشعبية والبرلمانية في بعض الدول العربية لإعادة العلاقات مع سوريا، تحدثت أوساط عدة عن جهود مستمرة، على أعلى المستويات الرسمية، لدعوة الجانب السوري إلى القمة العربية التي تستضيفها تونس في آذار المقبل. وينتظر أن تشكّل القمة الاقتصادية العربية، التي تستضيفها بيروت في كانون الثاني، منصّة لنقاش عربي واسع حول إعادة سوريا إلى الجامعة العربية عبر قمة تونس المنتظرة. وبينما تتحدث أنباء عن نيّة البحرين اقتفاء خُطى الإمارات، أفادت أوساط روسية بأن البحث جار بين سوريا والأردن، لرفع التمثيل الديبلوماسي في السفارة الأردنية لدى دمشق، خلال المرحلة المقبلة. وكشفت أن هناك «أجواء إيجابية» في شأن تعيين سفير أردني جديد، إلا أنها أكدت أن هناك «عراقيل سياسية» ينبغي العمل على تخطيها أولاً.
وجاءت خطوة أبو ظبي بعد أيام فقط على زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، إلى مصر، وأنباء عن قرب زيارة وفد أمني مصري إلى دمشق، لبحث ملفات عدة بينها مصير مناطق شرق الفرات بعد الإعلان الأميركي عن انسحاب مرتقب من سوريا. وكانت أوساط «مجلس سوريا الديموقراطية» قد أكدت وجود اتصالات مع مصر لتيسير المحادثات بين المجلس ودمشق. ومن شأن فتح قنوات التواصل المباشرة بين دمشق وأبو ظبي، ومن خلفها بقية القوى العربية، أن تساعد في حلحلة عقد هذا الملف، خصوصاً أن الإمارات والسعودية كانتا قد تعهدتا بتغطية جزء كبير من كلفة تأهيل مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، وهما تملكان نفوذاً مهماً هناك.
وفي موازاة تلك التطورات، وفي خطوة غير رسمية، حطّت أمس طائرة مدنية سورية في مطار الحبيب بورقيبة الدولي في تونس، قادمة من دمشق للمرة الأولى من نوعها منذ العام 2012. وضمّت الرحلة التي تتبع شركة «أجنحة الشام» 143 مسافراً سورياً، حجزوا لقضاء عطلة في تونس، بمبادرة من «جمعية الجالية السورية في تونس»، التي نظّمت الحدث بالتعاون مع شخصيات وفعاليات تونسية، وعدد من وكلاء السفر في سوريا.
هل تتوقف الحكومة عن دفع الرواتب؟
الموازنة تضيع في زواريب التأليف
لم تُشكل الحكومة بعد. وبهذه الذريعة، تم تخطي المهل الدستورية لإقرار الموازنة العامة. حجة وجود حكومة تصريف أعمال ليست كافية لإعفائها من هذا الموجب الدستوري، على ما تؤكد الاجتهادات والسوابق. وإذا كان المجلس الدستوري قد حذّر من التمادي في الإنفاق على أساس القاعدة الإثني عشرية، فهل تلتزم الحكومة بالدستور وتجمّد الجباية والإنفاق إلى أن يجيز لها مجلس النواب ذلك؟
مر العام 2018 بلا حكومة، فتاهت كل الوعود بتأليف سريع، تمهيداً للبدء بورشة إصلاحات تعيد الدولة إلى سكة القانون.
صار أقصى المبتغى إبعاد شبح الانهيار الاقتصادي، الذي تكثر التقارير عن أن تفاديه ممكن لكنه يتطلب إجراءات استثنائية وجريئة تقدم عليها الطبقة السياسية.
حتى اليوم لم يقم أحد بأي إجراء استثنائي. لا بل أكثر من ذلك، ازداد حجم التوظيف في القطاع العام، وارتفعت كلفة الدين العام، حتى تخطى عجز الموازنة الـ9 مليارات ليرة، بزيادة تقارب 30 في المئة من العجز الذي كان متوقعاً في موازنة العام 2018.
ليس هذا فحسب. عدم تشكيل الحكومة، أدى إلى تخطي كل المهل الدستورية لإعداد موازنة العام 2019 وإقرارها، مع ما يعنيه ذلك من ضياع للانتظام المالي للدولة. إذ كان يُفترض بالحكومة أن تحيل الموازنة إلى المجلس النيابي، قبل 15 تشرين الأول، على أن يُقرها الأخير قبل نهاية العقد العادي (نهاية العام). وبما أن الحكومة لم تقرّ مشروع قانون الموازنة وبما أن المجلس ليس أمامه ما يناقشه، فإن الأمر صار مرتبطاً حصراً بالمادة 86 من الدستور، التي تشير إلى أنه «إذا لم يبت مجلس النواب نهائياً في شأن مشروع الموازنة قبل الانتهاء من العقد المعين لدرسه فرئيس الجمهورية يدعو المجلس فوراً لدورة استثنائية تستمر لغاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة… على أنه في مدة الدورة الاستثنائية المذكورة تجبى الضرائب والتكاليف والرسوم والعائدات الأخرى كما في السابق وتؤخذ ميزانية السنة السابقة أساساً… وتأخذ الحكومة نفقات شهر كانون الثاني من السنة الجديدة على القاعدة الإثني عشرية».
وعليه، فإن الحكومة ستتمكن دستورياً من الاستمرار في الصرف على أساس القاعدة الإثني عشرية لشهر واحد كحد أقصى. لكن ماذا سيحصل بعد هذا التاريخ؟ سبق لوزير المالية علي حسن خليل أن أعلن مراراً أنه لن يخالف الدستور والقوانين ولن يصرف قرشاً واحداً من دون سند قانوني. هذا ما حصل، على سبيل المثال، عندما رفض دفع سلفة الخزينة التي وقعها كل من الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لكهرباء لبنان، إلا بعد موافقة مجلس النواب على تأمين الاعتمادات. في وزارة المالية تأكيد أن تطبيق الدستور يعني أمراً واحداً هو التوقف عن الصرف في حال لم يقر مجلس النواب الموازنة أو أي سند قانوني يسمح باستمرار الصرف. وهذا يعني عملياً وقف الإنفاق العام، بما فيه الرواتب، إلى أن يجيز المجلس الصرف. فالمهل الدستورية ليست للحث إنما «ترتبط بالشرعية الدستورية وبمبدأ الأمان التشريعي، ويقتضى التقيد بها في سبيل استقرار المنظومة القانونية»، كما جاء قرار المجلس الدستوري الصادر في 14 أيار 2018.
حينها أشار المجلس إلى أن «المشترع الدستوري حدد هذه المهل… من أجل الحفاظ على انتظام المالية العامة وتحقيقاً للمصلحة الوطنية العليا، ومن أجل منع التباطؤ في إعداد الموازنة ودرسها وإقرارها، لما لذلك من أثر خطير على المالية العامة وانتظامها». وأكثر من ذلك، فقد أكد قراره أن «عدم تقيد السلطتين الإجرائية والإشتراعية بالمهل الدستورية المذكورة أعلاه أدى إلى انتهاك الدستور وعدم انتظام المالية العامة، وإلى التمادي في الإنفاق على أساس القاعدة الإثني عشرية خلافاً لما نص عليه الدستور في المادة 86».
وإذا كان المجلس قد أكد في قراره أن «لا وجود لظروف استثنائية تحول دون التقيد بالمهل الدستورية بشأن إعداد مشروع الموازنة ودرسه وإقراره (موازنة 2018)»، فإن الخبير الدستوري عصام إسماعيل يؤكد أن استقالة حكومة تصريفها الأعمال لا يقع بدوره في خانة الظروف الاستثنائية. وبالتالي، فهي ليست معفاة من موجب إعداد الموازنة، الذي يشكل واجباً دستورياً ضرورياً، بغض النظر عما إذا كانت الحكومة مستقيلة أم لا.
اجتماع الحكومة ضروري
في العام 2011، وحينها كان الحريري نفسه يترأس حكومة تصريف أعمال، بحثت لجنة تحديث القوانين، في اجتماع ترأسه وزير العدل إبراهيم نجار، وحضره عدد من أبرز القضاة، مسألة قيام الحكومة بتصريف الأعمال. بعد الاجتماع، قال نجار: «إن التشدد في تطبيق تصريف الأعمال في الشؤون التي تتعلق بالضرورة والعجلة والمصلحة العامة من شأنه تعريض النصوص القانونية للتعطيل. وبالتالي، فإذا توافرت هذه الأمور الثلاثة، يحق لمجلس الوزراء أن يجتمع. كما اتفقت الآراء على أن مرور الوقت يشكّل عاملاً أساسياً في هذا الصدد، فالقرار الذي لا يُمكن اتخاذه بعد أسبوع من تصريف الأعمال، يصبح ممكناً بعد ثلاثة أشهر أو أكثر». وهذا الاجتهاد لم يكن وليد ساعته، إنما بني على تجارب سابقة، أبرزها إقرار حكومة مستقيلة كان يرأسها الرئيس رشيد كرامي للموازنة العامة بعد سبعة أشهر من استقالتها (1969)، واتخاذ حكومة الرئيس أمين الحافظ التي لم تكن قد حصلت على الثقة قراراً بإعلان حال الطوارئ في البلاد.
وعليه، فإن الحكومة المستقيلة الحالية وهي المسؤولة عن إدارة البلد، قد أخلّت بواجب دستوري أساسي. وهو أمر أثره «خطير على المالية العامة وانتظامها»، كما جاء في قرار المجلس الدستوري.
وفيما يضع الرافضون لمبدأ إقرار الحكومة المستقيلة للموازنة في خانة عدم إلزام الحكومة التي ستتشكل بسياسة مالية مسبقاً، فإن إسماعيل يؤكد أن المطلوب تنفيذ الدستور، خصوصاً أن الموازنة في الوقت الراهن تتضمن أرقاماً للإنفاق والإيرادات ولا تتضمن أي خطط أو برامج مستقبلية.
أما القول أن مجلس النواب يصبح عاجزاً عن الرقابة أو المساءلة، انطلاقاً من أن «حجب الثقة عن أي من الوزراء أو عن مجلس الوزراء في معرض الرقابة أو المساءلة البرلمانية، هو إجراء لا يفيد، طالما أن الوزراء جميعهم هم بمثابة المستقيلين، فإن الوزير سليم جريصاتي سبق أن أشار في مطالعة دستورية له إلى أنه «يبقى لمجلس النواب سلطة توجيه الاتهام إلى رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكاب الخيانة العظمى أو بالإخلال بالواجبات المترتبة عليهم على ما ورد في المادة 70 من الدستور، ذلك أن التصريف لا يعفي من مثل هذا الاتهام ولا يحول دونه».
أين قطع الحساب؟
إذ يؤكد نقيب المحاسبين الأسبق أمين صالح على أولوية أن تقر الموازنة حتى لو من حكومة تصريف أعمال، إلا أنه يذكّر أن هذا الموجب الدستوري لا يكتمل إلا بإقرار قطع الحساب قبله، مشيراً إلى أن وزارة المالية كان يفترض أن تقدم قطع الحساب إلى الحكومة التي يفترض أن تحيله إلى المجلس النيابي تمهيداً لإقراره قبل مناقشة الموازنة العامة. وهو ما لم يحصل أيضاً، على رغم أن مصادر الوزارة كان قد أعلنت عن انتهائها من تكوين الحسابات المالية من العام 1993 وحتى 2016، التزاماً بالمادة القانونية التي تضمنتها موازنة 2017، والتي ألزمت المالية بإنهاء هذه الحسابات في تشرين الأول الفائت.
وبما أن إقرار قطع الحساب لم يحصل وبما أن الموازنة لم تُقر، فهذا يعني أنه بالحد الأقصى يُفترض أن تنتهي الوكالة الشعبية التي تسمح للحكومة بالإنفاق والجباية في نهاية كانون الثاني المقبل، كحد أقصى. علماً أن إسماعيل وصالح يذهبان أبعد من ذلك في تأكيدهما أن القاعدة الإثني عشرية إنما يرتبط تنفيذها بعدم انتهاء مجلس النواب من مناقشة الموازنة خلال المهلة المحددة (نهاية كانون الأول). إذ عندها فقط يفتح رئيس الجمهورية عقداً استثنائياً لمدة شهر، يفترض أن تقر الموازنة خلاله. لكن في حال عدم إقرار الموازنة في مجلس الوزراء وعدم تحويلها إلى مجلس النواب، فإن القاعدة الإثني عشرية لا يُفترض أن تُطبق. وبالتالي وجب توقف الحكومة عن جباية الضرائب أو حتى الإنفاق، إلى حين الحصول على تشريع من المجلس النيابي يجيز لها ذلك.

Please follow and like us: