تابعت "اللواء" تركيزها على مواقف الوزير جبران باسيل، الذي، على ما يبدو، يريد أن "يُزَمِّط" في هذه المرحلة شعار "الأمن لإسرائيل". وجاء المانشيت منتقداً هذه المواقف ولكن بلسان "الحزب السوري القومي"، الذي أصدر بياناً هاماً في هذا الشأن، نشرت "البناء" ما جاء فيه بالتفصيل. كما ذكرت في المانشيت بأن "إسرائيل عدوٌ وفق القانون". ونقلت "اللواء" في هذا السياق، تقريراً عن لقاء جمع أو سيجمع السيد حسن نصرالله بباسيل لبحث هذا الموضوع، من دون أن تشير للمصدر. ومن المؤكد أن المواقف "الباسيلية" تربك جمهور المواطنين اللبنانيين في محور المقاومة والإستقلال، بغض النظر عما يحكى عن "مبررات رئاسية" تدفع الوزير المذكور لـ"تزميط" هذا الشعار.
الأخبار
الحكومة تقرّ البيان الوزاري… وجلسة الثقة الثلاثاء
آخر مآثر الجرّاح: تمديد غير قانوني لعقدَي الخلوي
خلال أسبوع واحد من تشكيل الحكومة، أنجز البيان الوزاري وأقر في مجلس الوزراء. حشو كثير وزحمة وعود بلا أفق، لكن الوجهة الاقتصادية واضحة: محدودو الدخل هم الذين سيتحملون كلفة تخفيف العجز، فيما لن يُمس بالمصارف وأصحاب الرساميل.
لم يتبق أمام الحكومة سوى ثقة المجلس النيابي، وهي ستنالها حكماً في نهاية جلسات الثقة التي دعا إليها الرئيس نبيه بري الثلاثاء والأربعاء المقبلين.
في الجلسة الثانية للحكومة، التي عقدت في قصر بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تمت الإشادة بإنجاز لجنة البيان الوزاري لعملها خلال ثلاثة أيام فقط. كما أعيدت قراءة البيان، وأدخلت تعديلات طفيفة على بعض الصياغات، وأضيفت عبارة تتعلق بالحفاظ على الإرث الثقافي. فيما كرر وزراء القوات تحفظهم عن الفقرة التي تشير إلى حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي.
وكانت الجلسة افتتحت بكلمة لعون نوه فيها بـ"السرعة التي تم فيها إنجاز البيان الوزاري والذي غطت بنوده كل المواضيع الاساسية"، داعياً إلى "التركيز على درس جدول الاعمال والاقلال من المداخلات السياسية والجدال الذي لا يعطي نتائج إيجابية ولا يخدم المصلحة الوطنية، علما أن للنقاش السياسي ساحات اخرى مثل مجلس النواب".
ودعا رئيس الحكومة سعد الحريري الوزراء إلى "مزيد من التضامن الحكومي وعدم التلهي بالجدل السياسي لأنه لا يمكن ان نتفق على كل شيء في السياسة"، مشددا على ان "على المجلس ان يعمل، بعد نيل الثقة، على مواضيع اساسية مهمة ينتظرها اللبنانيون".
عودة "الود"
وتكريساًَ لـ"التضامن الوزاري"، الذي يسعى إليه رئيسا الجمهورية والحكومة، استمرت مساعي إنهاء ذيول التوتر الذي نشأ على خطي كليمنصو – وادي أبو جميل، بعد صدور مراسيم تشكيل الحكومة.
وبعدما زار الوزيران أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور قصر بعبدا موفدين من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، زار وفد ضم شهيب وأبو فاعور والنائبين فيصل الصايغ وهادي أبو الحسن الحريري، أمس. وقال شهيب بعد اللقاء: "صحيح أن هناك تبايناً في ملفات عديدة، اقتصادية وغير اقتصادية، إنما لقاؤنا هو للتأكيد على المسلّمات الوطنية الكبرى. وفي الموضوع الإقليمي، نحن ودولة الرئيس في موقع مشترك وواحد في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة". أضاف: "نحن لنا ثوابت في الحزب التقدمي الاشتراكي بتعزيز الدور الرعائي للدولة وحماية القطاع العام والحفاظ عليه، وهناك رأي آخر في البلد نحترمه وإنما لا نلتقي معه. وكل هذه التباينات لا تحل إلا بالحوار". وختم: "التباين لا يفسد في الود قضية. اللقاء اليوم كان وديا جدا، والعلاقة عادت إلى ما كانت عليه، وأكثر ثباتاً".
آخر مآثر الجرّاح: تمديد غير قانوني لعقدَي الخلوي
يقول المثل الشعبي «يا رايح كتّر الملايح». لكن هذا لا ينطبق على وزير الاتصالات السابق جمال الجرّاح، الذي أصدر قبل أسابيع من مغادرته وزارة الاتصالات قراراً يتعدّى فيه على صلاحيات مجلس الوزراء، ويقضي بتجديد عقود تشغيل شبكتَي الخلوي المملوكتين من الدولة اللبنانية. ولم يكتفِ الجرّاح بذلك، بل أدخل تعديلات جوهرية عليهما تنزع كامل صلاحياتهما وتحصرها بشخص وزير الاتصالات، ليصبح بحكم الممارسة والنصّ، المتحكّم الوحيد، من دون أي رقيب أو حسيب، بموارد هذا القطاع الذي يعدّ مصدر الإيرادات الثالث للدولة اللبنانية (مقال فيفيان عقيقي).
يوم 31/12/2018، أصدر الوزير جمال الجرّاح منفرداً ومن دون العودة إلى مجلس الوزراء، القرارين الرقم 418/1 و419/1، يمدّد فيهما «عقدَي إدارة شبكتَي الهاتف الخلوي في لبنان مع شركتي أوراسكوم وزين، لمدة 3 أشهر تبدأ في 1/1/2019 وتنتهي في 30/3/2019، على أن تكون تحت إشراف الوزير المباشر ورقابته وفقاً للأنظمة المعمول بها، باستثناء البند الرقم 7.3.2 d(ii) من العقد المنتهي المدّة، بحيث يعتبر هذا البند لاغياً وكأنه لم يكن، ومع التأكيد على موجب عدم التصرّف بالمواضيع الأساسية من دون الحصول على موافقة الوزير المسبقة والخطّية، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، الاستثمارات والمصاريف التشغيلية والهيكلية التنظيمية والرواتب والمكافآت والترقيات والتوظيف».
ينص البند المُلغى على إلزامية إطلاع هيئة مالكي قطاع الخلوي المؤلّفة من مجموعة من الاستشاريين الذين يعيّنهم وزير الاتصالات لمراقبة كيفية العمل في القطاع، على مشاريع العقود الجديدة التي تبرمها الشركتان وتزيد قيمتها على 50 ألف دولار، فضلاً عن العقود القديمة المُراد تعديلها أو تمديدها، وذلك بغية تقويم هذه العقود والحصول على موافقة الهيئة المُسبقة والخطّية عليها أو رفضها، خلال 15 يوماً، مع اعتبار عدم إبداء الرأي فيها بمثابة موافقة ضمنية على المشاريع. أمّا فرض موافقة الوزير المُسبقة والخطّية على كلّ المواضيع المتعلّقة بإدارة القطاع، بما فيها الاستثمارات والمصاريف التشغيلية والهيكلية التنظيمية والتوظيف والرواتب، فيعدّ بمثابة انقضاض على روحية العقود التشغيلية المُبرمة مع الشركتين اللتين فوّضتهما الدولة اللبنانية الحلول مكانها وتحمّلهما كامل المسؤوليات المتعلّقة بالإدارة وتقديم الخدمات وتسيير القطاع، وبالتالي تحوّلهما إلى مجرّد كيانين مسلوبين كلّ صلاحيات التصرّف والإدارة واتخاذ القرارات المفترض اتخاذها، ولكن مع استمرار تقاضيهما بدلات الأتعاب والأرباح، المُقدّرة بنحو 20 مليون دولار سنوياً، من دون القيام بأي عمل فعلي.
تجاوز حدّ السلطة
ينطوي القراران الصادران عن الجرّاح على مخالفات للقوانين المرعية التي تحكم قطاع الاتصالات، وقد شكّلا موضوع مراجعة إبطال أمام مجلس شورى الدولة، للمطالبة بوقف تنفيذهما. وقالت مصادر قضائية إن المتقدّم بالمراجعة هو وسيم منصور، بصفته مساهماً في شركة «ميك 2» (الشركة التابعة للدولة، والتي تملك الشبكة التي تشغّلها شركة «زين تاتش»)، وعلماً أنه كان أحد مدرائها السابقين. في الواقع، يتعارض قرارا الجراح مع قانون الاتصالات الرقم 431/2002 الذي أعطى مجلس الوزراء صلاحية منح تراخيص الهاتف الخلوي والترخيص لمقدّمى خدمات الاتصالات، كون التردّدات اللاسكلية هي من ممتلكات الدولة. إلّا أن الجرّاح تجاوز حدّ السلطة الممنوحة له، بإصدارهما من دون الحصول على إجازة من مجلس الوزراء، مجيزاً لنفسه ولوزير الاتصالات الذي خَلَفَه، صلاحيات مُنِحت أساساً للشركتين المشغّلتين بموجب مرسوم صادر عن الحكومة. فضلاً عن ذلك، يتعارض مع استشارة صادرة عن هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، سبق أن طلبها الوزير السابق بطرس حرب عندما كان وزيراً للاتصالات في حكومة لتصريف الأعمال للوقوف على رأيها في صلاحيته بتمديد عقود شركتَي الخلوي المنتهية الصلاحية، والتي جاء فيها تأكيد على «عدم صلاحية أي مرجع وخصوصاً وزارة الاتصالات حق الحلول مكان الحكومة، حتى ولو كانت بحكم المستقيلة، في أعمال إدارة قطاع شبكتَي الخلوي وتشغيله، ويعود لوزير الاتصالات فقط أن يوجّه كتاباً إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار الذي يراه مناسباً لإدارة تشغيلهما، إمّا عن طريق تكليف وزارة الاتصالات بالإدارة والتشغيل، وإمّا عن طريق تمديد مهلة العقدين السابقين، وإمّا عن طريق الدعوة إلى إجراء مزايدة عامّة».
التحوّلات في قطاع الخلوي
يأتي هذان القراران استكمالاً لسلسلة من التحوّلات التي عرفها هذا القطاع، وتتماشى مع النهج السائد في إدارته، بعدما تحوّل وفقاً لمصادر مطّلعة إلى «مورد لتمويل عملية الإنفاق الزبائني وتحاصص المشاريع الاستثمارية بالتواطؤ مع الشركات المشغّلة، وهو ما يفسّر سكوتها عن انتزاع صلاحياتها، وذلك نظراً إلى الإيرادات العالية التي تتحقّق فيه بسبب أسعار الاتصالات المُرتفعة والتي تنطوي على مكوّنات ضريبية وشبه ضريبية وتقدّر بنحو 7 مليارات دولار بين عامي 2012 و2016، فضلاً عن تحوّلها إلى مصدر لخدمة الوظيفة الأمنية للدولة بحيث باتت كلّ الجهات الأمنية، بحكم الأمر الواقع البوليسي، تملك نفاذاً وولوجاً إلى مستندات المستخدمين وبياناتهم».
في الواقع، يشكّل عام 2012 مفصلاً محورياً في كيفية إدارة هذا القطاع، فبعدما لجأت الحكومة عام 2004 إلى التعاقد مع شركتين (زين الكويتية وفالديتي الألمانية التي حلّت محلها أوراسكوم المصرية عام 2009) لإدارة الشبكتين وتشغيلهما، وكانت الدولة تدفع مبلغاً سنوياً ثابتاً بموجب العرض الذي قدمته كلّ شركة لمجمل مصاريفها التشغيلية، وفازت على أساسه بالمناقصة، على أن تتشكّل أرباحها من الوفر الذي تحقّقه من هذا المبلغ. قامت عام 2012 مع انتهاء فترة التعاقد الثانية مع الشركتين، بتعديل شروط العقود، بحيث ألغي السقف المالي للمصاريف التشغيلية التي كانت الشركتان تدير عملية إنفاقها، وحوّلت إلى إشراف الوزير ليتحكّم بالإنفاق الاستثماري والإنفاق التشغيلي وما يترتب عنهما من تلزيم مشاريع وتوظيف ومنح امتيازات من دون مراقبة أو محاسبة، بما أدّى إلى تضخّم النفقات بنسبة 192% بين عامي 2011 و2016.
ونتيجة ذلك، لم تعد الشركتان مسؤولتين عن المصاريف، ولا تملكان أي قرار في إدارة القطاع، وبالتالي لا تقومان بأي مهمات تشغيلية، بل تحوّلتا بموافقتهما إلى مجرّد واجهة. وعلى الرغم من ذلك، يتم التجديد لهما دورياً، من دون إجراء أي مناقصة، لفترات تمتدّ من أشهر إلى سنة، وتُمنَحان رسماً ثابتاً بنحو 10 ملايين دولار لـ«زين» و7 ملايين دولار لـ«أوراسكوم»، فضلاً عن مبالغ أخرى بوصفها أرباحاً مُستحقّة متأتية من المشاريع الملزّمة. وتجدر الإشارة إلى أن موظفي «ألفا» و«تاتش» هم موظفون في الشركتين اللتين تملكهما (بصورة غير مباشرة)، الدولة اللبنانية، وليسوا موظفين في «أوراسكوم» و«زين» اللتين تكتفي كل منهما بتعيين مدير تنفيذي لكل شركة. بمعنى أوضح، يمكن القول إن «أوراسكوم» و«زين» تتقاضيان نحو 17 مليون دولار سنوياً بدل أتعاب في مقابل عمل موظّف واحد في كل شركة.
تبعات قرارَي الجرّاح
تفسّر المصادر نفسها القرارين بكونهما «الاعتراف الخطّي الأوّل لنهج مستمرّ منذ عام 2012 وقائم على الهدر والإنفاق في قطاع الخلوي غير المحكوم بأي مراقبة أو مساءلة، أي أنه اعتراف بعدم جدوى شركتَي تشغيل قطاع الخلوي وتحوّلهما إلى مجرّد غطاء لعمليات الإنفاق والصرف والتوظيف والمحسوبيات ومنح الامتيازات التي يتحكّم بها وزير الاتصالات منذ عام 2012». فضلاً عن تثبيت واقعة أن «الوزير هو القطاع بنفسه من دون وجود أي هيئة رقابية على الإنفاق الذي يتحكّم به، وإلغائه صلاحيات هيئة المالكين المفترض أنها هيئة تعمل لمصلحته وتقدّم له الاستشارات حول كيفية عمل القطاع، فيما موافقة الشركتين على القيام بهذا الدور أي التحوّل إلى واجهة لإخفاء الهدر، تكمن ببدلات الأتعاب المجّانية التي تتلقاهما من دون القيام بأي عمل فعلي، والأموال التي تحصل عليها بوصفها أرباحاً مستحقّة».
4.3 مليارات دولار… ضرائب غير مباشرة
بين عامي 2012 و2016، أنفق مستخدمو الخلوي في لبنان نحو 7 مليارات دولار على استهلاك الخدمات المُتاحة عبر شبكتي الهاتف الخلوي، أي بمعدّل وسطي يبلغ 1.4 مليار دولار سنوياً. إلا أن وزارة الاتصالات، التي تمتلك هاتين الشبكتين نيابة عن الدولة، أنفقت 2.3 مليار دولار على تشغيل الشبكتين وتحديث التجهيزات وتطوير الخدمات وتنويعها، أي أن المستهلك أُجبِر على تسديد أسعار واشتراكات ورسوم وضرائب أعلى بـ 3 مرّات ممّا أنفقته الوزارة على توفير الخدمات مقابل هذه الأسعار، وهذا يُعدُّ دليلاً على أن الحكومة تتعامل مع «قطاع الخلوي» بوصفه ضريبة غير مُعلنة، في حين أن الطريقة التي يتمّ عبرها التصرّف بإيرادات هذه «الضريبة» تُبيّن أن قسماً مهمّاً منها يُستخدم لتمويل مشاريع ومقاولات و«نشاطات» من خارج الموازنة العامّة وبعيداً عن أي رقابة، وفي حالات كثيرة بتوقيع من الوزير وحده.
اللواء
البيان: رَبْطُ نزاع «لفظي».. وتبايُن بين التيّار وحزب الله حول الملفّات الداخلية
رسالة أوروبية للحريري تستعجل الإستراتيجية الدفاعية.. والقومي يستنكر موقف باسيل من «الأمن لإسرائيل»
وفقاً للمعلومات المتداولة، ان الاستغراق الذي اخذه الوقت للتأليف الحكومي، لم يكن يدور فقط على اختيار الوزراء وبناء التوازنات بل كان يبحث في سير الملفات، وكتابة البيان الوزاري، فضلاً عن جلسة الثقة، والعمل على الملفات الثقيلة، كالفساد، والنفايات، والكهرباء وأموال سيدر، والاصلاحات الاقتصادية والمالية، فضلاً عن العلاقات مع سوريا وعودة النازحين، والتهديدات الإسرائيلية والضغوطات الدولية على حزب الله..
وهكذا، فما ان صدرت المراسيم حتى كرّت السبحة إقرار البيان، بجلسة أو اثنتين، تدوين الاعتراضات والتحفظات، جلسة نيابية للثقة، دعا إليها الرئيس نبيه برّي الثلاثاء والاربعاء صباحاً ومساءً، قبل ان يتوجه الى باريس، لاجراء محادثات مع المسؤولين الفرنسيين، وفي مقدمهم الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون.
وعشية مغادرته إلى دبي للمشاركة في «القمة العالمية للحكومات» تلقى الرئيس سعد الحريري رسالة من الاتحاد الأوروبي، نقلها إليه سفيرة الاتحاد في لبنان كريستينا لاسن ورؤساء بعثات دول الاتحاد الأوروبي، تضمن بعد التهنئة بالحكومة، تشجيع دول الاتحاد الحكومة على إطلاق حوار وطني للبحث في استراتيجية وطنية للدفاع، والتعويل على الاستمرار بسياسة النأي بالنفس، ودعم الجيش اللبناني ليكون القوة المسلحة الوحيدة في لبنان، فضلاً عن الإصلاحات وابعاده عن الأزمات السياسية والمؤسساتية.
وفي الإطار، نقلت وكالة «بلومبرغ» عن المستشار الاقتصادي للرئيس الحريري نديم المنلا ان «قطاع الكهرباء سيكون أوّل بند من بنود الإصلاح في الحكومة، وسيعالج البنية التحتية والقضايا المالية التي تواجه لبنان».
وذكرت وكالة «بلومبرغ» أنّ لبنان يسعى للحصول على تمويل من الحلفاء بعد المبادرة القطرية التي قدرت بـ500 مليون دولار، في ظلّ توقعات بأن يرتفع الدين العام للبنان، الذي يقدر بأكثر من 160 في المئة من مجمل الناتج المحلي إلى ما يقارب الـ180 في المئة بحلول العام 2023، ما يرفع لبنان الى المرتبة الثانية عالميًا من حيث المديونية العامّة، علمًا أنّه الآن يحتلّ المركز الثالث بعد اليابان واليونان.
وأوضحت الوكالة أنّ لبنان يجري محادثات مع حلفاء لتأمين الدعم المالي الذي سيساعده في إدارة أزمة الديون، مذكّرةً بما قاله وزير المالية علي حسن خليل عن أنّ اكتتاب قطر سندات الخزينة يعزز الثقة بالإصدارات التي يقوم بها لبنان، وهو موضع تقدير ونأمل أن يكون «مقدمة» لانخراط دول ومؤسسات أكثر في دعم لبنان.
من جانبه، قال وزير المال السعودي محمد الجدعان إن السعودية ستدعم لبنان «على طول الطريق» لحماية استقراره، من دون أن يوضح تفاصيل أخرى، بحسب «بلومبرغ».
لقاء نصر الله – باسيل
وفي خضم البحث عن ترتيب الأولويات في الحكومة، بعد نيلها الثقة الاربعاء وفي محاولة لمعالجة التباين في الأولويات لم تنفِ المصادر المتابعة ما تردّد عن لقاء في الضاحية الجنوبية غداة انتهاء الحفل الذي نظم في كنيسة مار مخايل في الذكرى 13 لتوقيع التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، بين الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، التي احدثت كلمته في الحفل لجهة اعتبار المبادرة العربية هي النهج للحكومة في ما يتعلق بالسلام في المنطقة، وأبرز مفاجآت ما قاله «حق إسرائيل بالأمن» مقابل حق الفلسطينيين بالدولة، وحق العرب باستعادة الأرض.
ويأتي اللقاء على خلفية دعوة حزب الله للتهدئة الداخلية، وافساح المجال امام الحكومة للعمل.
ونقل عن مصدر مطلع ان الخلافات بين باسيل والرئيس برّي، والتيار الوطني الحر وحركة «امل» بالإضافة إلى التباين بين التيار العوني وتيار «المردة» وهما حلفاء لحزب الله، لا يجب ان تؤثر على عمل الحكومة، واحراج الحزب الذي يطالب بمعالجة قانونية وتشريعية لمسألة الفساد، على خلاف التيار الذي يعتبر ان الحزب يتراخى في موضوع الفساد، رغم صدقية السيّد نصر الله في دعوته لمواجهة الفساد.
وتوقفت أوساط سياسية في 8 آذار عن البيان الاستنكاري الذي أصدره الحزب السوري القومي الاجتماعي، وهو مكوّن رئيسي من مكونات 8 آذار، وأبعد عن الحكومة الحالية، لكلام باسيل بشأن السلام مع العدو الصهيوني وحق هذا العدو بالأمن، معتبرا ان «مثل هذا الكلام وتكراره في غير مناسبة، يخالف القوانين اللبنانية ويمس المشاعر والقيم الوطنية والقومية».
وقال الحزب انه «لا مبرر لبنانياً للحديث عن «المبادرة العربية للسلام»، لا سيما وان واضعيها استعاضوا عنها بصفقة القرن».
مجلس الوزراء
لم يمر إقرار البيان الوزاري لحكومة «الى العمل» في مجلس الوزراء أمس، من دون تسجيل تحفظات وملاحظات وزارية، على الرغم من التأكيد على ان الجلسة اتسمت بالسلاسة والإيجابية، وان التنقيحات التي ادخلت على البيان، كانت بمعظمها لغوية، أو تقنية، بحسب وصف وزير الإعلام جمال الجراح، الا انها افسحت في المجال امام «نقاش كهربائي» طرأ من خلال قراءة البند المتعلق بقطاع الطاقة، ولا سيما مع مراجعة قانون الكهرباء رقم 288/2014، حيث تحدث المشروع عن إعادة التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان، مع إعادة النظر بالتعرفة بعد زيادة التغذية، إلى جانب الحديث عن عقود شراء الطاقة، من دون ان يُحدّد المشروع كيف سيتم ذلك، ما اعتراض وزراء «القوات اللبنانية» والحزب الاشتراكي، الذين تخوفوا من العودة إلى استئجار البواخر، في حين ان زيادة التعرفة التي اعترض عليها صباحاً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لحظت ذلك بعد زيادة التغذية، أي بعد تحسين الانتاج والوصول إلى مرحلة 24 على 24 ساعة كهرباء، في أسرع وقت ممكن، من دون الإشارة إلى السنة الحالية، بحسب ما كانت مسودة المشروع لحظت ذلك، قبل تعديلها.
ووصفت مصادر وزارية النقاش الذي دار في مجلس الوزراء بـالإيجابي. ولفتت الى انه تم ادخال تعديلات تقنية طفيفة وبعضها لغوي وقالت انه جرى نقاش في مضمون البيان لا سيما في ما يتعلق باستعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي والمستثمرين. وتناول النقاش الإصلاحات والتنمية المستدامة وتطبيق القوانين والالتزام بها وتطوير اداء الحكومة والقطاع العام, فيما اعترض وزراء «القوات» على عدم اضافة عبارة «من ضمن مؤسسات الدولة الشرعية» على الفقرة المتعلقة بالمقاومة وطلبوا تسجيل ذلك في محضر مجلس الوزراء، أما وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب فتحفظ على وقف التطويع في الجيش معللا ذلك الى الحاجة الى خبرات لاعتماد مواجهة استخباراتية للارهاب، طالبا تسجيل ذلك في المحضر ووعد بالمعالجة من خلال قانون موازنة وزارة الدفاع.
تعديلات
وعلم ان تعديلات ادخلت على بند الطاقة كالتمسك بالقانون 288/ 2004.. وتمت زيادة بند عن السياحة الدينية وبند اخر عن الثقافة وهو مستقل.
وفيما بقي عدد من البنود من البيان الوزاري السابق فقد طاول التعديل بند المهجرين ليصيح الغاء صندوق المهجرين خلال 3 سنوات. كما أضيفت فقرة تتعلق بالنقل، وأخرى تتعلق بالاعلام توحي بالغاء وزارة الإعلام وتشكيل المجلس الأعلى للاعلام، وفقرة ثالثة تتعلق بالصحة والحماية الاجتماعية وتحديث قانون العمل، ورابعة تتعلق بتنشيط الدور الثقافي، والتركيز على دور الثقافة في العملية الاقتصادية، بحسب ما طلب وزير الثقافة محمّد داود.
ولم يختلف البيان في شقه السياسي عن فقرة البيان السابق لحكومة «استعادة الثقة» بما يتعلق بالصراع مع العدو الإسرائيلي، حيث أكّد ان لبنان «لن يألو جهداً ولن يوفّر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أرض لبنانية محتلة، وذلك استناداً إلى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله له ووحدته وسلامة أبنائه، كما يُؤكّد البيان الحرص على جلاء الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه ومتابعة مسار المحكمة الخاصة بلبنان، وكذلك بالنسبة لجريمة إخفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا، ويشدد ايضا بالنسبة لموضوع النزوح السوري على ان الحل الوحيد هو عودة النازحين الآمنة إلى بلدهم ورفض أي شكل من اشكال اندماجهم أو توطينهم، مع الترحيب بالمبادرة الروسية. ويؤكد ايضا على التزام الحكومة بمضمون البيان السابق الذي اقرته الحكومة السابقة في جلسة 5/12/2012 حول النأي بالنفس، ويوصي بالعمل على إقرار مشروع قانون العفو العام (النص الكامل للبيان على موقع «اللواء» الالكتروني).
وتحدث في بداية الجلسة التي استغرقت أكثر من ساعتين ونصف الساعة، كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي نوّه بالسرعة التي تمّ فيها إنجاز البيان الوزاري خلال ثلاثة أيام، والذي غطت بنوده كل المواضيع الأساسية، داعياً إلى التركيز على درس جدول الأعمال والاقلال من المداخلات السياسية والجدل الذي لا يعطي نتائج إيجابية، بما اعتبر غمزاً من قناة الوزيرين مي شدياق (القوات) ووائل أبو فاعور (الاشتراكي)، معتبراً ان للنقاش السياسي ساحات أخرى مثل مجلس النواب.
اما رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، فقد شدّد بدوره على التضامن الوزاري، وعدم التلهي بالجدل السياسي، لأنه لا يمكن ان نتفق على كل شيء في السياسة.
جلسات الثقة
وفور انتهاء مجلس الوزراء من إقرار البيان، حيث تمكنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء من طباعة البيان تمهيداً لاحالته إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، وجه الرئيس برّي دعوة للنواب إلى عقد جلسة عامة لمناقشة البيان والتصويت على الثقة بالحكومة، وذلك اعتباراً من الساعة الحادية عشرة من صباح الثلاثاء والاربعاء المقبلين نهاراً ومساءً.
وتأمل مصادر نيابية ان يتم الانتهاء من مناقشة البيان مساء الأربعاء، من دون تمديدها إلى الجمعة، تبعاً بحسب عدد طالبي الكلام من النواب، والذي ينتظر ان يكون كبيراً، خاصة وانها أوّل جلسة علنية يعقدها المجلس الجديد منذ انتخابات أيّار 2018، علماً ان الرئيس برّي سيحرص على اختصار عدد طالبي الكلام، على اعتبار ان الكتل الكبرى في المجلس معروفة، ويمكن لكل كتلة الاتفاق بين أعضائها على التقليل من عدد الراغبين بالكلام، طالما ان الثقة بالحكومة التي تمثل معظم الكتل النيابية ستكون مضمونة باكثر من مائة صوت، وقد لا يحجبها سوى عدد ضئيل لا يتجاوز عدد أصابع اليد أو اليدين، من ابرزهم نواب حزب الكتائب الثلاثة والنائب بولا يعقوبيان التي أعلنت ذلك صراحة أمس، لأن «الحكومة صورة طبق الأصل عن الحكومة السابقة».
عودة المياه إلى مجاريها
خارج هذا السياق، برزت مجموعة تطورات سياسية، سيكون لها انعكاس إيجابي على مسار الحكومة وانتاجية عملها، فضلاً عن كيفية مقاربتها للملفات المختلف عليها ولا سيما في المجال الاقتصادي والاصلاحي والإداري، حيث يتردد عن وجود ملفات جوهرية من شأنها ان تسبب خلافات بين الحلفاء، ولا سيما في الكهرباء ومكافحة الفساد فضلاً عن العلاقات المأزومة بين عدد من القيادات.
وفي مقدمة هذه التطورات اللقاء الذي جمع أمس الرئيس الحريري مع وفد من كتلة «اللقاء الديمقراطي» في إطار إعادة المياه إلى مجاريها بين رئيس الحكومة والحزب الاشتراكي، وبالتحديد مع وليد جنبلاط، وكذلك اللقاء بين رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل والأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله والذي تردّد انه يمكن ان يكون حصل مساء أمس، أو انه سيحصل قريباً جداً، وان محور النقاش فيه سيتركز على عمل مجلس الوزراء.
وفي انتظار اتضاح حقيقة هذه المعلومات، وبالتالي الموقف مما أعلنه السيّد نصر الله، في احتفال ذكرى انتصار الثورة الإيرانية، عن استعداده للذهاب إلى طهران بغرض تسليح الجيش اللبناني، وهو طرح من شأنه ان يثير مشكلة سياسية بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمّد جواد ظريف إلى بيروت يومي الأحد والاثنين المقبلين، خاصة وان نواب «التيار العوني» سبقوا نواب «المستقبل» قبل الأحزاب الأخرى، في إبداء تحفظهم على تسليح الجيش اللبناني باسلحة إيرانية، باعتبار ان 90 في المائة من مساعدات الجيش تأتي من أميركا، وان مجرّد البحث بمثل هذه الفكرة غير مقبول لاعتبارات عديدة.
اما اللقاء بين الحريري والوفد الاشتراكي، فقد حقق اغراضه، بمجرد انعقاده، خاصة وانه سبقته اتصالات على مستوى قيادي بين الحزبين، وبعد تدخل مباشر من الرئيس برّي مع صديقه جنبلاط.
وفي حين وصفت مصادر مطلعة ان اللقاء كان صريحاً وان الهدف منه كان إعادة العلاقة إلى ما كانت عليه وخصوصاً داخل مجلس الوزراء، أكّد وزير التربية اكرم شهيب ان العلاقة مع «بيت الوسط» هي علاقة تاريخية تربط المختارة به، وان كانت قد شهدت دائماً ظروفاً صعبة، لكن دائماً التباين لا يُفسد للود قضية.
وقال ان الرئيس الحريري حريص كما نحن على اتفاق الطائف، وهذا ما تمّ تأكيده في مقدمة البيان الوزاري الذي أقرّ في مجلس الوزراء.
وإذ أكّد على اننا في الموضوع الإقليمي في موقع مشترك وواحد، فإنه لاحظ ان الخلاف والتباين موجودان في بعض الملفات الاقتصادية، مثل حماية تعزيز القطاع العام والحفاظ عليه، لافتاً إلى ان هذه التباينات تحل بالحوار.
الاعتداء الإسرائيلي
وعلى هامش زيارة رئيس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي، والتي التقى خلالها الرؤساء الثلاثة، كما تفقد وحدة بلاده العاملة في إطار «اليونيفل» في مركز قيادتها في بلدة شمع الجنوبية، حرص الرئيس برّي على ان يثير امامه موضوع الاعتداء الإسرائيلي الذي تحدث عنه في لقاء الأربعاء النيابي أمس الأوّل، والذي يتمثل بتلزيم إسرائيل لشركتين للنفط في المنطقة المحاذية للحدود البحرية اللبنانية الجنوبية، وقال برّي ان الرئيس الإيطالي أبدى كل الاستعداد لمؤازرة لبنان في شتى الميادين، وخصوصاً في الميدان السياسي الاقتصادي الذي يتمثل بموضوع «البلوكات».
وبعد خروج كونتي من عين التينة، شرح برّي للصحافيين موضوع الاعتداء الإسرائيلي، فقال: «باختصار هناك «بيسّينات» (احواض) مشتركة بين دولتين. هناك بيننا وبين فلسطين المحتلة «بيسين» مشترك وهناك اكثر من ثمانين بالمئة منه في المياه اللبنانية. كان الاسرائيليون بعيدين ما بين 20 و30 كيلومتراً وكذلك نحن ايضاً في البلوك 9. وحديثاً لزموا شركتين شركة نوبل وشركة إسرائيلية تماماً بمحاذاة الحدود يعني يأخذون جزءاً من هذا «البيسين» ويحفرون فيه، وأعطوا للشركتين، مهلة أقصاها نيسان2020 حيث يكونون قد بدأوا الحفر، ويكون لبنان في هذه الفترة لم يبدأ الحفر وبالتالي يسرقون جزءاً كبيراً من ثروتنا النفطية. لذلك من الضروري ان نحذر الشركات من بينها شركة «إينّي» الإيطالية وغيرها من الشركات. وهذا الموضوع سأثيره في فرنسا مع الرئيس الفرنسي، وطبعاً ان شاء الله الوزارات ستقوم بواجبها في هذا الموضوع.
البناء
الانسحاب الأميركي من سورية في نيسان… وظريف في بيروت نهاية الأسبوع
فنيش لـ "البناء": مرتاحون للبيان الوزاري… وفقرة المقاومة… وتحفّظ القوات
"القومي" لـ باسيل: لم نؤيّد المبادرة العربية للسلام… و"إسرائيل" عدو وفق القانون
نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن ضباط كبار في وزارة الدفاع الأميركية أن خطط الانسحاب الأميركي من سورية وضعت وسيبدأ تنفيذها على أن يتم الانتهاء من الانسحاب في نهاية شهر نيسان المقبل، وهذا يمنح قمة سوتشي التي ستضم رؤساء روسيا وإيران وتركيا الأسبوع المقبل وتناولها مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي أهمية إضافية.
بالتوازي بدت إيران التي قدّمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كصديق مستعدّ لتقديم العون للحكومة اللبنانية الجديدة في مجالات التسليح والكهرباء والدواء والطرقات، معنية بمواكبة كلام نصرالله وتأكيد هذا الاستعداد ومنحه الصفة الرسمية والمصداقية الحكومية، كي لا يتمكن أحد من القول، لم نتلقَّ بعد عرضاً إيرانياً في الكهرباء أو في تقديم شبكات دفاع جوي أو سواها من المشاريع. وهذا ما وضعت مصادر متابعة زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى بيروت نهاية الأسبوع في إطاره، متوقعة أن يرافقه عدد من الخبراء في قطاعات مختلفة لتقديم رسائل الاستعداد الإيراني في المجالات المختلفة أمام المعنيين في الحكومة اللبنانية. وقالت المصادر إن الاجتماعات التي ستشهدها وزارة الصحة ربما تكون هي الأهم.
لبنانياً، أنهت الحكومة بيانها الوزاري رسمياً بإقراره مع تحفظ قواتي على الفقرة الخاصة بحق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، بعدما طالبت عبر وزرائها بربط هذا الحق باستراتيجية للدفاع غير موجودة، فأثارت السخرية من الطرح غير الواقعي، الذي تمّ تجاهله عملياً والنظر إليه كمجرد تمايز للكيد، وكان لوزير الشباب والرياضة محمد فنيش تعليق لـ "البناء" أبدى عبره الارتياح لمناقشات البيان الوزاري والأجواء التي رافقتها، وللحصيلة الخاصة بالفقرة التي تتناول المقاومة، معتبراً أن انحسار التحفظات لتكون القوات اللبنانية صاحبة التحفظ الوحيد هو دليل على تحسُّن المناخ السياسي لصالح المقاومة كخيار يُثبت صوابه.
الحكومة ستمثل أمام المجلس النيابي يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين لمناقشة بيانها الوزاري، التي ستعكس مناخات التهدئة المتفق عليها بين الأطراف والتي شملت العلاقة بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي بعد يومين من التصعيد، من دون أن تتخلّى الأطراف المعنية عن فرصة تثبيت مواقفها الخاصة تجاه القضايا التي تناولها البيان، وتوقعت مصادر متابعة أن تجري محاولات قواتية لنقل النقاش حول ما ورد في خطاب الأمين العام لحزب الله إلى داخل المجلس النيابي، وأن تلقى مواجهة مناسبة متعددة الأطراف.
سياسياً، برز رد الحزب السوري القومي الاجتماعي على كلام وزير الخارجية جبران باسيل حول عدم اعتبار "إسرائيل" عدواً، واعتباره خروجاً على القوانين اللبنانية التي تعامل "إسرائيل" كعدو، والحديث عن حق هذا العدو بالأمن مستغرَبٌ ومساسٌ بالمشاعر الوطنية، كما أكد الحزب استغرابه لزجّ الوزير باسيل اسم الحزب في حديثه عن مبادرة السلام العربية واعتباره من مؤيديها بينما الحزب في موقف مبدئي ثابت رافض لوجود كيان الاحتلال، عبر عنه يومها عبر وزيره في الحكومة، وأكده الحزب في رسالة اعتراض للأمين العام للجامعة العربية، ورأى البيان أن التذكير بالمبادرة والحديث عن السلام اليوم يأتي في زمن يذهب أصحابها إلى صفقة القرن.
أكد الحزب السوري القومي الاجتماعي رفضه الكلام الذي صدر عن وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل، بشأن "السلام" مع العدو الصهيوني و"حق" هذا العدو بـ"الأمن"، ورأى أنّ مثل هذا الكلام، وتكراره في غير مناسبة، يخالف القوانين اللبنانية ويمسّ المشاعر والقيم الوطنية والقومية.
وأعرب الحزب في بيان أمس، عن استنكاره الشديد لزجّ اسمه في خانة مؤيدي "مبادرة السلام العربية"، واعتبر أنّ هذا التعبير لمسؤول لبناني غير مبرّر، خصوصاً أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي، في عقيدته ومبادئه ومواقفه، لا يعترف بوجود كيان العدو من عين أصله، لأنه كيان غير شرعي قام على الاغتصاب والاحتلال.
كما أنّ موقف الحزب معلن وثابت برفض "مبادرة السلام العربية"، وقد عبّر عن موقفه هذا، بحملة فضح من خلالها مع أطراف أخرى، أصل المبادرة، التي أطلقها ولي العهد السعودي آنذاك الأمير عبدالله بن عبد العزيز.
وعليه، يؤكد الحزب السوري القومي الاجتماعي، أنّ موقفه رافض بالمطلق للمبادرة المذكورة وهي محلّ إدانة، والأحداث والتطورات التي أعقبتها أسقطتها، كما سقط اتفاق 17 أيار، ولذلك لا مبرّر لبنانياً للحديث عنها لا سيما أنّ واضعيها استعاضوا عنها بصفقة القرن.
وذكّر بيان "القومي" بأنّ الحزب قد حدّد موقفه مسبقاً، من خلال مذكّرة سلّمها الى أمين عام جامعة الدول العربية حينذاك عمرو موسى، رفض فيها أيّ مكافأة للعدو وطالب بقطع كلّ علاقة معه، مهما كانت تبريراتها، طالما أنّ العدو قوة احتلال وإرهاب. كما أنّ وزير الحزب في الحكومة آنذاك سجل رفضاً واعتراضاً على المبادرة المذكورة.
وشدّد البيان على أنّ إقحام اسم الحزب القومي بأمور تخالف جوهر عقيدته، هو تناول غير مبرّر، خصوصاً أنّ مفهومنا للسلم قائم على معادلة ثابتة راسخة لا تتغيّر، وهي أن يسلّم أعداء الأمة للأمة بحقها كاملاً.
الحكومة أقرّت البيان الوزاري والثقة الثلاثاء…
وكما كان متوقعاً أقر مجلس الوزراء بسرعة قياسية البيان الوزاري الذي ستتقدم الحكومة على أساسه الى المجلس النيابي لنيل الثقة في جلسات صباحية ومسائية دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين.
وفي ظل أجواء إيجابية وتوافقية عبَر البيان الذي صاغته اللجنة الوزارية المكلفة على مدى ثلاث جلسات متتالية، وأقرّ بكامل بنوده مع بعض التعديلات اللغوية الطفيفة باستثناء تحفّظ سجّله وزراء القوات اللبنانية على الفقرة المتعلقة بالمقاومة.
ويعكس البيان تفاهماً بين معظم القوى الرئيسية على تأجيل الخلاف على القضايا السياسية الداخلية والإقليمية والتركيز على الشق الاقتصادي الذي يفرض أمراً واقعاً على الجميع نظراً لتفاقم الازمات المختلفة وانعكاسها على المواطنين من جهة وعلى صورة لبنان أمام المجتمع الدولي وثقته بلبنان، لكن العبرة بالتنفيذ، فهل ستنسحب هذه الأجواء الإيجابية على جلسات مجلس الوزراء عند الغوص في الملفات الساخنة كالكهرباء على سبيل المثال لا الحصر أم سيكون المجلس مجدداً رهينة سياسة التعطيل المتبادل والخلافات السياسية؟
مصادر بعبدا أشارت لـ"البناء" الى أن "الوقت لم يعد يتسع لترف الاعتراضات والتحفظات والتعطيل، فهناك ملفات اساسية لا تحتمل التأجيل كالكهرباء والماء والنفايات وغيرها، وقد يلجأ رئيس الجمهورية الى طرح أي خطة أو حل على التصويت في حال لاقى اعتراضات وتعذّر التوافق"، فالتوافق بحسب المصادر لا يشمل القضايا الملحة للمواطن، في ظل العجز الهائل في ميزانية الدولة الذي تتصدره الكهرباء بـ 3 مليارات دولار".
وقد استعانت اللجنة الوزارية على "قضاء حاجتها" في صياغة البيان لتجنب الخلاف السياسي بخطاب القسم لرئيس الجمهورية والبيان الوزاري للحكومة الماضية، أما أبرز البنود الواردة في البيان في الشق الاقتصادي والمالي يؤكد البيان أن "لبنان ملتزم بسياسة مالية ونقدية متناغمة تعزز الثقة بالاقتصاد الوطني وتخفض نسبة الدين العام للناتج الإجمالي عن طريق زيادة حجم الاقتصاد وخفض عجز الخزينة، وأن المطلوب من الحكومة قرارات وتشريعات وإصلاحات جريئة ومحدّدة قد تكون صعبة ومؤلمة".
أما في مسألة النازحين السوريين فـ"ستواصل الحكومة العمل مع المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته التي أعلن عنها في مواجهة أعباء النزوح السوري واحترام المواثيق الدولية بالتأكيد على كل ما عبر عنه فخامة الرئيس بإخراج هذا الموضوع من التجاذب السياسي لما فيه مصلحة لبنان التي يجب ان تكون فوق كل اعتبار مع الإصرار على أن الحل الوحيد هو بعودة النازحين الآمنة الى بلدهم ورفض أي شكل من أشكال اندماجهم أو إدماجهم أو توطينهم في المجتمعات المضيفة، وتجدّد الحكومة ترحيبها بالمبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلدهم وتعمل على إقرار ورقة سياسة الحكومة في اتجاه النازحين".
أما في الصراع مع العدو الإسرائيلي ورد في البيان "إننا لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراضٍ لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدو لما يزل يطمع بأرضنا المحتلة ومياهنا وثرواتنا الطبيعية، وذلك استناداً الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه، وتؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر وذلك بشتى الوسائل المشروعة مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة".
وأبدى الوزير محمد فنيش ارتياحه الى النقاشات الهادئة في مجلس الوزراء التي تعبر عن حس بالمسؤولية لدى معظم القوى الحكومية تجاه الأوضاع الصعبة في البلد وضرورة وضع الخلافات السياسية جانباً والانصراف الى معالجة الأزمات المتفاقمة على المستوى الاقتصادي والمالي والبيئي وغيرها، كما يعبر ذلك عن انخفاض منسوب التأزم السياسي ما يقوي الموقف الداخلي إزاء التهديدات الاسرائيلية".
ولفت فنيش في حديث لـ"البناء" الى أن "انحسار الاعتراض على فقرة المقاومة في البيان بالقوات اللبنانية لهو تقدم على المستوى الوطني ويؤكد مدى أهمية ودور المقاومة في معادلة الردع ضد أي عدوان خارجي إسرائيلي او إرهابي"، مقللاً من "أهمية اعتراض القوات الذي لم يقدم ولم يؤخر في الصيغة القائمة الرسمية بل يخالف منطق المصلحة الوطنية".
وعن الشق الاقتصادي في البيان لفت فنيش الى أن "وزراء الحزب لم يسجلوا تحفظات على البنود الاقتصادية والمالية، لاعتبار أن البيان أشبه بإعلان نيات حسنة وترجمته تحتاج الى خطط وسياسات تُبحث لاحقاً في مجلسي الوزراء والنواب وعندها نعلن موقفنا من كل خطة وتوجه حكومي او نيابي".
ووصف فنيش موقف الرئيس بري إزاء العدوان الاسرائيلي على ثروة لبنان النفطية بالهام والوطني ويعبر عن مصلحة لبنان في مواجهة المس بالحقوق السيادية، مشيراً الى أن "البعض يتلهى بالقشور ويخرق الإجماع الوطني حول دور المقاومة ولا يكترث لهذا التهديد لثروتنا الوطنية النفطية"، وأكد فنيش أن "الحكومة التي تحتوي كل هذه القوى الوزارية ستنال الثقة في المجلس النيابي بأغلبية كبيرة".
ولفتت مصادر بعبدا لـ"البناء" الى أن "الرئيس عون لم يوفر فرصة خلال لقاءاته مع مسؤولين دوليين دون إثارة ملف الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة انطلاقاً من أن رئيس الجمهورية وفق المادة 53 من الدستور المعني الأول بالدفاع عن مصالح لبنان ويفاوض ويعقد الاتفاقيات وبالتالي لن يفرط بثروة لبنان وسيادته الوطنية".
وكان الرئيس عون قد استقبل رئيس الحكومة الايطالية جيوسيبي كونتيبي الذي جال أيضاً على الرئيسين بري والحريري في إطار زيارة رسمية للبنان، وأكد الرئيس الايطالي حرص بلاده على دعم لبنان واستقراره والالتزام بمهمة حفظ السلام، في ما أثار بري مع المسؤول الايطالي التعدي الاسرائيلي على الثروة النفطية اللبنانية، كاشفاً أنه سيثير هذا الموضوع في فرنسا مع الرئيس الفرنسي.
لقاء قريب بين نصرالله – باسيل
الى ذلك وبعد تأكيد حزب الله والتيار الوطني الحر العلاقة الجيدة بينهما وعلى ثوابت تفاهم مار مخايل بعد إحياء الذكرى في كنيسة مار مخايل بلقاء سياسي وإعلامي حاشد منذ أيام وما تخلله من مواقف متقدمة من الوزيرين جبران باسيل ومحمود قماطي وبعد تأليف الحكومة والرسائل الإيجابية للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته ما قبل الأخيرة الذي خاطب فيها الداخل اللبناني، علمت "البناء" من مصادر مطلعة أن "لقاء قريباً سيعقد بين السيد نصرالله ورئيس التيار الوزير جبران باسيل قد يكون اليوم أو غداً للبحث في الملف الحكومي والملفات الرئيسية المطروحة على الطاولة لا سيما الكهرباء والصحة ومكافحة الفساد، الأمر الذي يستوجب تنسيق هذه الملفات مع الحلفاء كالتيار والحزب وبين التيار وحركة أمل والرئيس بري وأيضاً التنسيق مع رئيس الحكومة لا سيما وأن بعض الملفات هي محل خلاف وتباين بين هذه القوى وحتى بين الحلفاء أنفسهم وانطلاقاً من الحرص على التعاون ومنع تعطيل الحكومة ومعالجة إنقاذية للوضع المتردي".
وكشفت المصادر عن مسعى يقوم به حزب الله لرأب الصدع وتحسين العلاقة بين حلفائه، لا سيما بين باسيل وكل من الرئيس بري ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، مشيرة الى أن "التصدع الذي أصاب هذه العلاقات بعد الانتخابات الرئاسية والنيابية وتأليف الحكومة لا بد أن ينتهي، ومعالجة ذيول المرحلة الماضية في ظل اقتناع الجميع بضرورة التعاون في مختلف الملفات الخلافية ليتمكن مجلس الوزراء من إنجاز العمل بشكل أسرع".
هل تلقى جنبلاط ضمانات؟
الى ذلك انحسرت موجة التصعيد الجنبلاطي ضد الحريري، وبعد زيارته بعبدا أمس الأول توجّه وفد اللقاء الديمقراطي والحزب الاشتراكي الى بيت الوسط والتقى الرئيس الحريري. وضمّ الوفد الوزيرين أكرم شهيب و وائل أبو فاعور ، والنائبين فيصل الصايغ وهادي ابو الحسن، ما يطرح تساؤلات حول ما الضمانات التي تلقاها النائب السابق وليد جنبلاط من عون والحريري مقابل تهدئة الجبهة تتعلق باتفاق الطائف ومنع المس بحصص جنبلاط في المواقع الإدارية والقضائية والأمنية والعسكرية وعدم المس بالاستقرار داخل الطائفة الدرزية، فهل فعلاً سبب التراجع تلقيه ضمانات أم أن ضيق خياراته وأفق التصعيد وعدم استجابة أي من حلفائه لمساندته في معركته، عوامل دفعته الى التراجع؟ علماً أن تهدئة المختارة جاءت عقب عودة النائب ابو فاعور من زيارته للسعودية خالي الوفاض بحسب المعلومات، حيث لمس في المملكة بأن الحريري لديه الضوء الأخضر في تعاونه مع رئيس الجمهورية وأن الحكومة لديها غطاء دولي وإلا لما تشكلت".
وأكد شهيب بعد اللقاء أنّ "العلاقة بين المختارة و"بيت الوسط" تاريخية، وهي مرّت بظروف صعبة وأكّدت التحالف والعلاقة المشتركة"، مركّزًا على "أنّنا والحريري حريصون على " اتفاق الطائف " وهذا ما تمّ تأكيده بمقدّمة البيان الوزاري ".
وركّز شهيب على أنّ "التباينات لا تُحلّ إلّا بالحوار، واللقاء كان وديًّا جدًّا"، مشدّدًا على أنّ "التباين مع الحريري لا يُفسد في الود قضية والعلاقة عادت إلى ما كانت عليه وأكثر، ولدينا مشوار طويل نخوضه للنهوض بالوطن". كما أوضح أنّ "العلاقة بين الجميع مستمرّة ويجب أن تستمرّ على طاولة مجلس الوزراء من أجل الخير العام، وهناك مصلحة مشتركة من أجل البلد والناس".