شددت صحف اليوم على متابعة الرؤية الإصلاحية التي أطلقها السيد حسن نصرالله في خطابه أمس. ووصفت "اللواء" هذه المواقف بأنها مطالبة بالمشاركة بالقرار الإقتصادي. وهذا التفسير سياسوي وانتخابي أيضاً. لأن رؤية نصرالله كما عرضها تفصيلاً، تعكس حاجة الوطن والمواطنين إلى التطوير الدولتي ـ على الأقل ـ من ناحيتي النظام السياسي والإدارة العامة …
الأخبار
نصر الله: سأتابع شخصياً مكافحة الفساد
مجلس القضاء الأعلى لوزير العدل: طفح الكيل (مِنْك)
أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أمس، نيّة حزب الله شنّ حربٍ على الفساد عبر تشكيل إطار تنظيمي يشرف عليه شخصيّاً، في إطار إعلانه برنامج الحزب للانتخابات النيابية المقبلة
حدّد الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله، مساء أمس، البرنامج الانتخابي للحزب، في الانتخابات النيابية المقبلة، واضعاً نصب عينيه مواجهة الفساد المستشري في البلاد. من هنا، انطلق نصرالله عبر الشاشة، ليعلن نيّته الإشراف شخصيّاً على إطار تنظيمي ينوي حزب الله تشكيله، بعد الانتخابات، لمكافحة الفساد والهدر في لبنان. وأكّد نصرالله أن «البرنامج الانتخابي ليس وثيقة سياسية، إنما يركز على مجموعة عناوين للعمل على تحقيقها من خلال النواب الذين سيصلون من حزب الله وكتلة الوفاء للمقاومة، وبالتعاون مع الحلفاء»، واعداً بأن يتحدّث مستقبلاً عن دور كتلة الوفاء للمقاومة والإنجازات التي حققتها في خطاب لاحق.
وفيما توقّف نصرالله أمام ظاهرة الاستقرار الأمني منذ مدّة بـ«فضل معادلة الجيش والشعب والمقاومة» محلياً، أكّد أن الحزب يتطلّع للاستمرار بـ«الدفاع عن وطننا ضد العدو الإسرائيلي والتكفيريين». من جهة ثانية، أشار إلى «الإسهام الكبير في إقرار القانون النسبي لتصحيح التمثيل»، مؤكّداً استمرار الحزب في السعي لـ«تحقيق الإصلاح السياسي والإداري في الدولة من خلال تطوير قانون الانتخابات الحالي وتخفيض سنّ الاقتراع إلى 18 سنة».
وأكّد ضرورة تطوير النظام القضائي، ليكون القضاء سلطة مستقلة، وتعزيز دور الهيئات الرقابية، وفي مقدمها التفتيش المركزي وديوان المحاسبة، كما على استحداث وزارة التخطيط، و«نحن في لبنان بحاجة إلى هذه الوزارة ومعها كادر متخصص، فهي تشكل العقل المنفصل للحكومة وتساعد جميع الوزارات». وطالب بتوفير الإمكانات اللازمة لتقوية المؤسسات الأمنية، وفي طليعتها الجيش الوطني وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لتمكينها من القيام بمهماتها الوطنية في الدفاع عن لبنان وحفظ الأمن فيه. كذلك أشار إلى ضرورة إقرار قانون اللامركزية الإدارية الموسعة.
وفي إشارة إلى ملفّ الكهرباء، طالب الأمين العام لحزب الله باعتماد مبدأ المناقصات في التلزيمات و«لن نوافق على أي تلزيمات بالتراضي»، داعياً إلى «إقرار قانون حديث ومتطور وخاص بالمحاسبة العمومية وتعزيز دور مجلس الخدمة المدنية وجعله مدخلاً حصرياً للتوظيف في القطاع العام كما لتفعيل المكننة والربط بين الإدارات».
ولفت إلى أن «وضع البلد والمالية العامة خطير، ونحن في مرحلة خطرة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وصار لزاماً على الجميع أن يتعاطوا مع قضية مكافحة الفساد في جميع مؤسسات الدولة باعتبار الموضوع أحد أهم أسباب دفع البلد إلى الكارثة». وأشار إلى اعتبار مكافحة الفساد أولوية مطلقة، لافتاً إلى «قرار في قيادة حزب الله بتشكيل إطار تنظيمي خاص تكون مهمته مواجهة الهدر والفساد، ونحن ملتزمون أن نُبقي تنظيمنا وحزبنا نظيفاً وغير متورط بأي فساد أو هدر»، داعياً «من لديه أي معطى أو شك بتورط أي مسؤول في حزب الله بفساد، فليقدم لنا الأدلة لأننا مصممون على الحفاظ على نقاء مسيرتنا». وكشف نصرالله أنه سيتابع إطار مكافحة الفساد «شخصياً لأننا أمام مرحلة خطرة».
وحول ما يحكى عن المؤتمرات الدولية، ولا سيما مؤتمر «باريس 4»، سأل نصرالله: «ضمن أي رؤية اقتصادية نستدين 17 مليار دولار؟ إذا كانت الحكومة ذاهبة لتأتي بمساعدات للبنان في باريس، ممتاز، ولكن نحن ذاهبون لنأتي بقروض وديون، وهذا الموضوع بحاجة إلى مناقشة في مجلس النواب والحكومة».
وقال إنه لا مشكلة بأصل الاقتراض، لكن «البحث هو كيف سيتم تسديد هذا الدين وما الجدوى من المشاريع المزمع تنفيذها؟». وأشار إلى أنه «نتطلع إلى دولة رعاية وعناية لا دولة جباية وسيطرة دولة تعتمد نظاماً اقتصادياً على الإنتاج لا الريع، لضبط الإنفاق وترشيده وخفض الدين العام وإصلاح النظام الضريبي بما يؤمن العدالة». وشدّد على أن الحزب سيبذل الخطوات اللازمة لمعالجة مشكلة الكهرباء وتنفيذ البرامج المقرة سابقاً وتطبيق القوانين ذات الصلة وحل أزمة مياه، وتكوين البنية التشريعية التي تضمن الشفافية في عمليات الإنتاج والرقابة في ملف النفط، وإصلاح قطاع الاتصالات وتشكيل الهيئة الناظمة له وإنتاج الشركة التابعة للدولة، ولتأمين التغطية الصحية الشاملة للمواطنين وضمان الشيخوخة والعمل على خفض الفاتورة الدوائية عبر كسر الاحتكار في سوق الدواء، ولرفع مستوى التعليم الرسمي وتعزيز التعليم المهني ودعم الجامعة اللبنانية. ودعا نصرالله إلى إيجاد حلول لملف النفايات والنقل العام ومطالبة السلطات المعنية بتطبيق القوانين التي تحمي الأملاك العامة والمشاعات، ومتابعة استكمال مشاريع الصرف الصحي على مجاري الأنهر، ولا سيما العاصي والليطاني، كما لتأمين الحقوق الطبيعية للمرأة وإيلاء عناية خاصة لحماية العائلة. وطالب نصرالله باستكمال تعويضات حرب تموز 2006، وإقرار قانون عفو عام مع مراعاة الضوابط التي تحدد من يستحق العفو، بالإضافة إلى مكافحة آفة المخدرات والعمل على إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم. وأعاد التأكيد أن الحزب فكّك جزءاً كبيراً من مواقعه على الحدود الشرقية بعد تأمين الحدود وطرد الجماعات الإرهابية منها.
«مكمّلين بتفاهمنا مع التيار»
وفي ما خصّ العمليّة الانتخابية والتحالفات، أكّد نصرالله أن كل القوى السياسية لديها صعوبات والانتخابات النيابية اليوم ليست بين 8 و14 آذار، لافتاً إلى أن ائتلاف حركة أمل وحزب الله انتهى خلال ساعات بسبب التفاهم الموجود. وحول دور حزب الله في تركيب اللوائح، قال إن «البعض توقع منّا أن نلعب دوراً لا نريد أن نلعبه، ولا نطلب من أحد الانسحاب ولا نضغط على أحد. ما نستطيع أن نقوم به بالتحالفات الانتخابية قمنا به وكل من يريد أن يأخذ خياراً انتخابياً هو حر». ووجّه نصرالله رسالة إلى الحلفاء والأصدقاء هي «التواضع والتنازل والتفهم والتفاهم، فالتنازع هو مقدمة للفشل»، مكرّراً: «لم نفرض أو نتدخل مع أي حزب من الأحزاب في تسمية مرشحيه وأي كلام آخر هو كذب، ونحن لم نسمِّ إلا مرشحينا».
وحول علاقة حزب الله والتيار الوطني الحر، أكّد أن «هناك تواصلاً مركزياً وعلاقتنا السياسية قائمة وقد نختلف في بعض الملفات إلا أننا لسنا حزباً سياسياً واحداً. اختلفنا في بعض الدوائر واتفقنا في بعض الدوائر، وعلاقتنا الاستراتيجية قائمة وبعد انتهاء الانتخابات مكملين بتفاهمنا». وقال إن «أهل بعلبك الهرمل يحسمون من سيمثلهم، مسلمون ومسيحيون، هل يمثلهم من دافع عنهم أم من دعم الجماعات المسلحة؟»، مؤكّداً أنه «لم أتهم ولا أتهم بقية اللوائح الموجودة في بعلبك الهرمل بأنها لوائح داعش والنصرة».
لا حساسية من الاستراتيجية الدفاعية
وحول مؤتمر روما 2 لدعم الجيش اللبناني، أكّد نصرالله أن الحزب مع دعم الجيش، وأن أحداً «لم يبحث معنا طرح موضوع الاستراتيجية الدفاعية ومن حق الرئيس الدعوة لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية»، مؤكّداً أنه «لا يوجد أي تحسس من الدعوة لمناقشة الاستراتيجية، خاصة أن الدعوة جاءت من الرئيس عون».
بري يتوسّط بين هنيّة وعباس
وبالتوازي، كان الرئيس نبيه برّي يؤكّد من مصيلح أن «لوائح الأمل والوفاء»، لا تمثل احتكاراً انتخابياً، بل «العكس هو الصحيح»، قائلاً إنه «لو كان الأمر كذلك، لكنّا وجدنا لوائحنا قد فازت بالتزكية، وهذا ما لم يحصل ونحن ذاهبون الى الانتخابات، وغداً لناظره قريب».
من جهة ثانية، وَفَوْر اتهام الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، حركة حماس بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج في غزة، سارع بري إلى إجراء اتصالات مع القيادة الفلسطينية وحركة حماس. وأكّدت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار»، أن بري أتصل أمس مرتين بعبّاس ومرتين برئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة، داعياً إلى العودة إلى المصالحة التي أُبرمت في القاهرة في العاشر من تشرين الثاني الماضي، وترك أمر البت بمحاولة اغتيال الحمدالله للأجهزة الأمنية الفلسطينية. وقالت مصادر في حماس لـ«الأخبار» إن «وساطة برّي رطّبت الأجواء وخفضت منسوب التوتّر بين الحركة وأبو مازن»، وإن «مساعي بري بالوساطة مستمرة حتى التوصّل إلى نتيجة تعيد الحياة إلى المصالحة الأخيرة في القاهرة».
مجلس القضاء الأعلى لوزير العدل: طفح الكيل (مِنْك)
«وِلْعِتْ» بين مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل سليم جريصاتي أمس. الجسمُ الذي يعمل بصمت لكونه محكوماً بـ«موجِب التحفّظ»، فلا يردّ ولا يساجل إعلامياً، طفح الكيل معه. وزير العدل تجاوز الحدود في رسالة مُعلَنة مفاجِئة إلى القاضي جان فهد، فردّ مجلس القضاء بشدّة. القضاة لم ينتفضوا لأن الوزير خاطبهم بلغة غير مقبولة منهم وحسب. ثمة كباش على الصلاحيات بين المجلس والوزير عنوانه تعديل المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي التي تمنح الوزير صلاحيات واسعة للتدخل في عمل مجلس القضاء. والأهم، ربما، أن الحكومة وضعت نصب أعينها، مرة جديدة، بعض «الامتيازات» المالية التي يحظون بها
«طفح الكيل». عبارة قد تكون الوحيدة على لسان كل قاضٍ تسأله عمّا يجري بين مجلس القضاء ووزير العدل سليم جريصاتي، بعدما انفجر الخلاف في العلن أمس. لقد نشر جريصاتي رسالة «نمّر» فيها على مجلس القضاء، بعدما انتقد «اعتكاف بعض قضاة لبنان عن أداء رسالة العدالة السامية»، بقوله إنّ ذلك «يحمل أكثر من دلالة، قد يكون أقلّها عدم انتظام العلاقة بين قضاة لبنان ومجلس القضاء الأعلى». وضمّن رسالته عبارات مستفزة لمّح إلى أنّ مجلس القضاء يتكتّم عمّا يقوم به الوزير في سبيل القضاة، مؤكداً أنّهم «غير متروكين لمصيرهم». وتحدّث عن «مكامن خلل في الجسم القضائي»، مشيراً إلى إنجازات تحققت في هذا العهد، قبل أن يختم بأنّ على «كل من الوزير ومجلس القضاء الأعلى تحمّل مسؤولياته عندما تسود أجواء غير صحية أروقة قصور العدل ومكاتبها وأقواسها».
لم تكد هذه الرسالة تنتشر، حتى عاجله رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد باسم المجلس وكل قضاة لبنان ببيان غير مسبوق. جاء ردّ القضاة على هجوم وزير العدل التأنيبي ولهجة الأمر التي خاطب بها مجلس القضاء، قاسياً جداً. إذ لم يسبق لوزير عدل في تاريخ الجمهورية اللبنانية أن تجرّأ على مخاطبة مجلس القضاء بهذه الطريقة. فقد حمّل مجلس القضاء، بعدما عقد جمعيتين عموميتين الاثنين والأربعاء، وزير العدل كامل المسؤولية عن تردّي الأوضاع في المرفق القضائي وغطّى اعتكاف القضاء. ردٌّ وضع الانتخابات في مهبّ الريح.
حاولت «الأخبار» الاتصال بجريصاتي، لكنه لم يُجب. أما القضاة، فكان موقفهم واحداً. الاستياء واضح عند معظمهم. أحد أعضاء مجلس القضاء الأعلى قال لـ«الأخبار» إن «موقف المجلس واضح ضد الاعتكاف لأنه غير منتج، بل قد يؤدي إلى أثر سلبي بفعل تعطيل حقّ المواطن. السلطة لا تعتكف. لكنهم (السلطة السياسية) لم يتركوا أمامنا أي خيار». وأضاف: «هذا الوزير نفسه أجهض فرصة استقلالية القضاء. المادة الخامسة (من قانون القضاء العدلي، التي تحدد صلاحية مجلس القضاء الأعلى وتمنح وزير العدل صلاحيات واسعة) عملنا سنة ونصف سنة سعياً إلى تعديلها للتحرر من السلطة السياسية، فجاء الوزير وأجهضها. سحَبَ اقتراح التعديل بحجة إعادة دراسته، لكنه سحبه للقضاء عليه».
وفي السياق نفسه، قال أحد القضاة المعتكفين: «لن يقف الأمر عند هذا الحد. نحن مع التصعيد لأن الوضع لم يعُد يُحتمل. لقد صدرت حتى اليوم أربعة قوانين تمسّ بالقضاة وحقوقهن». يعتبر القضاة أنّ الوزير يعطّل عمل السلطة القضائية، ويرون أنّ بيان مجلس القضاء التصعيدي لا يعني سوى شيء واحد: «الوضع لم يعد يُحتمل». قاضٍ آخر يقول: «ليس لدينا امتيازات كقضاة كما في فرنسا. لدينا ضمانات، لا يمكن المشترع أن يُلغيها. مسموح له تعزيزها. ثمة مَثَل بقول: لا تهزّو واقف عشوار». ويضيف: «السلطة التنفيذية والتشريعية وضعتنا في موقع المستجدي. لماذا التشفّي بالقضاء؟».
مجلس القضاء رأى أن وزير العدل يُريد تظهير القضاء بأنّه لا يقوم بواجبه، لكنه برده تجاوز جزئية الرد عليه ليتحدث عما يُثقل كاهل «الرياس». لذلك ردّ القضاة في بيانهم بالقول: «اعتكاف بعض قضاة القضاء العدلي والإداري والمالي عن أداء مهامهم القضائية، مرده إلى اعتماد الحكومة، في بعض مشاريع القوانين التي أرسلَتها إلى المجلس النيابي، نهجاً لم يكن مألوفاً سابقاً في التعامل مع السلطة القضائية، بحيث أدى ذلك إلى شعور القضاة بأنهم مستهدفون، ليس فقط في ضماناتهم المالية، بل أيضاً في كرامتهم الشخصية». وأشار البيان إلى سحب الحكومة اقتراح القانون المقدّم من قبل رئيس لجنة الإدارة والعدل حول تعديل المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي، الذي كان مدرجاً على جدول الجلسة التشريعية. ليس هذا فحسب، بل «تقدّمت لاحقاً بمشروع قانون أمام المجلس النيابي رفعت فيه رواتب بعض الموظفين لتصبح أعلى من رواتب القضاة، ومنحتهم ثلاث درجات أقدمية بصورة استثنائية؛ كما أنها قرّرت تنظيم العطلة القضائية في قانون يعالج أوضاع الموظفين؛ وقرّرت إعادة النظر بالتقديمات الاجتماعية طالبة إجازة المجلس النيابي في توحيد تقديمات صناديق التعاضد ومنها صندوق تعاضد القضاة، وقد تمّ إقرار هذا القانون بالرغم من اعتراضات مجلس القضاء الأعلى». بالنسبة إلى القضاة، لم يقف الاعتداء على القضاة عند هذا الحد. فأشاروا إلى أنّه «تمّ سابقاً، وبموجب قانون السير، انتزاع رمز التسجيل الخاص بسيارات القضاة، رغم أن القضاة لا يتمتعون بامتياز الحصول على سيارة رسمية، بل يتنقلون إلى أعمالهم القضائية بسياراتهم الخاصة دون سائق رسمي؛ وجرى كذلك حرمان صندوق تعاضد القضاة قسماً أساسياً من موارده العائدة من محاضر ضبط السير».
سرد البيان صولات القضاة وجولاتهم ومعاناتهم مع وزير العدل وسلطته السياسية، فذكروا أنهم تقدّموا منه «بمشاريع قوانين لتعديل سلسلة الرتب والرواتب الجديدة ولتعديل قانون السير ولتنظيم العطلة القضائية ولزيادة ثلاث درجات استثنائية للقضاة»، كاشفين أنهم علّقوا اعتكافهم الذي أُعلن في شهر آب من عام 2017 على أمل إقرار هذه المشاريع؛ لكن شيئاً لم يحصل. وختم القضاة بيانهم بالقول: «إن اعتكاف بعض القضاة اليوم ليس الأول في تاريخ لبنان الحديث، فقد سبق أن اعتكف عدد غير قليل من القضاة في عام 1982، ولم يتمّ وضع حدّ لهذا الاعتكاف إلا بالاجتياح الإسرائيلي، إلا أن الحكومة عادت واستجابت حينها لطلب إنشاء صندوق تعاضد القضاة لتطوير تقديمات القضاة الاجتماعية والصحية». وأشاروا إلى أنّ «بعض القضاة يرون في الاعتكاف وسيلة لردّ الاعتداء على كرامتهم وضماناتهم وحقوقهم المكتسبة التي أعلن المجلس الدستوري مراراً وجوب احترامها». وعلّق القضاة على لهجة الأمر التي خوطبوا بها بالقول: «أما بالنسبة إلى تعميم الكتب التي وجهتموها إلى مجلس القضاء الأعلى، فإنه لا يعود لمعالي وزير العدل توجيه تعاميم للقضاة، كما أن المجلس لا يُعَدّ أداةً تنفيذية لهذه الغاية، عملاً بمبدأ استقلالية السلطة القضائية. ولا يجوز لأي سلطة دستورية أن تطغى بعملها على عمل سلطة أخرى».
اللواء
اللوائح تسابق مُهلة التسجيل.. وسلام يُعلِن «بيروت الوطن»اليوم
17 مليار دولار مشاريع لبنان لمؤتمر «سيدر»… ونصر الله يشترط المشاركة بالقرار الإقتصادي
بين انسحاب أكثر من 58 مرشحاً من السباق الانتخابي، والبرنامج الذي اذاعه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، وقدّم فيه أوراق اعتماد جديدة لدخول المعترك الداخلي، بموافقات مشروطة، على الاقتراض من مؤتمر سيدر، والدعوة لمكافحة الفساد والهدر، وتشكيل جهاز حزبي لهذه الغاية والانسحابات المتتالية لمصلحة هذه «اللائحة الكبرى» أو تلك وحالة إعادة استنهاض العصبيات والمصالح التي تشد انتماء الجماعات والمفاجآت اليومية لرئيس «التيار الوطني الحر»، المرشح عن المقعد الماروني في البترون جبران باسيل، والتي كان آخرها عزمه تقديم مشروع قانون لمنح المرأة اللبنانية المتزوجة، من أجنبي الحق بإعطاء اولادها الجنسية، باستثناء أولاد الازواج من دول الجوار، بذريعة منع التوطين، في عرض وصف بأنه «منحاز وعنصري»، وقد يؤدي إلى فتح منافذ لا تخدم الوضع الإقليمي والعربي للبنان. في وقت شدّد فيه الرئيس سعد الحريري الذي يعلن غداً لائحة المستقبل في بيروت الثانية بأن المزايدات السياسية تعتبر «خطيئة كبيرة جداً»، داعياً للعودة إلى الخط الأساسي، خط الاعتدال الذي يمثله بيت الوسط.
وفي إطار اللوائح التي تتسابق وتتدافع مع قرب انتهاء مهلة التسجيل الاثنين في 26 الجاري، يعلن الزميل صلاح سلام لائحة «بيروت الوطن» التي اكتملت لخوض الانتخابات عن دائرة بيروت الثانية، وتضم عن السنة: صلاح سلام، مصطفى بنبوك، عماد الحوت، نبيل بدر، بشار قوتلي وسعد الدين الوزان.
عن الشيعة: إبراهيم شمس الدين، سلوى الأمين.
عن الدروز: سعيد الحلبي.
عن الانجيلي: دلال الرحباني.
عن الارثوذكسي: جورج شقير.
لوائح بعبدا اكتملت
واكتملت لوائح دائرة بعبدا امس، باكتمال لائحتي «القوات اللبنانية»وهي غير مكتملة، والحراك المدني، لتنضم اللائحتان الى لائحتي «امل- حزب الله- التيار الوطني الحر»، و«الكتائب- غاريوس – المجتمع المدني»، في معركة انتخابية تبدوحامية وتتعرض فيها اللوائح للخروقات، وضمت لائحة «القوات اللبنانية» حسبما علمت «اللواء» كلا من: الوزير بيار بوعاصي وسنتيا الاسمر وجوزيف عضيمي (عن المقاعد المارونية الثلاثة)، ومرشح الحزب التقدمي الاشتراكي هادي ابو الحسن، عن المقعد الدرزي، والمرشح المستقل صلاح الحركة، وتُرك المقعد الشيعي الثاني شاغرا.
وانجز مرشحو الحراك المدني لائحتهم ايضا وسيتم تسجيلهاغدا رسمياً وهي تضم: المحامي واصف الحركة، والناشط البيئي علي درويش (عن المقعدين الشيعيين)، وزياد عقل وماري كلود سعادة حلو وجوزيف وانيس (عن مقاعد الموارنة) ورانيا المصري عن المقعد الدرزي.
اما لائحة تحالف «التيارالحر وامل وحزب الله» والتي ضمت عن المقاعد المارونية: النواب الان عون، حكمت ديب والدكتور ناجي غاريوس، وعن المقعدين الشيعيين: النائب علي عمار والدكتور فادي علامة رئيس مستشفى الساحل، فلا زالت تبحث عن توافق نهائي عن مرشح المقعد الدرزي، والمرجح له النائب فادي الاعور، ما لم يحصل تغيير في اللحظة الاخيرة بانتظار تفاهم «التيار الحر» والحزب الديموقراطي على ترشيح الدكتور سهيل الاعور عن المقعد الدرزي الذي يصر عليه الوزيرطلال ارسلان، لكن لا زال المرجح ان يبقى النائب فادي الاعور على اللائحة.
كما ترددت معلومات عن مفاوضات لانضمام رئيس «حزب الوعد» جو حبيقة الى لائحة التيار – الثنائي الشيعي بدل احد مرشحي التيار، فإذا تعذر انضمامه قد يضطر الى الانسحاب من الانتخابات، ولا زالت المفاوضات قائمة لاقفال اللائحة نهائيا خلال يومين كما افادتنا مصادر التيار الحر. وفي طرابلس، افادت مصادر رئيس تيار الكرامة الوزير السابق فيصل كرامي، انه بصدد وضع «الرتوش» الاخيرة على اللائحة التي ينقصها حسم اسمي المرشحين السني الخامس والعلوي. على ان يبت بها نهائيا خلال يومين وتعلن السبت او الاحد.
البقاع الغربي
اما في دائرة البقاع الغربي- راشيا (ستة مقاعد) فلا زالت الاتصالات قائمة لانجاز كل اللوائح علما ان رئيس حزب «الاتحاد» عبد الرحيم مراد انهى بالتحالف مع حركة «امل» تشكيل لائحة غير مكتملة من خمسة مرشحين، علمت «اللواء» انها تضم اضافة الى مراد كلا من: نائب رئيس المجلس النيابي السابق ايلي فرزلي عن المقعد الارثوذكسي، وناجي غانم عن المقعدالماروني، ورئيس الهيئة التنفيذية في «حركة امل» محمدنصر الله عن المقعد الشيعي, والامين العام لحركة النضال اللبناني العربي النائب السابق فيصل الداوود عن المقعد الدرزي، وابقى على المقعد السني الخامس خاليا لتعذر وجود مرشح سني قوي يحظى بحاصل انتخابي كبير.
بالمقابل، ما زال تيار المستقبل يدرس خياراته لاقفال لائحته التي باتت تضم: عن المقعدين السنيين النائب زياد القادري والمرشح محمد القرعاوي، وعن المقعد الدرزي النائب وائل ابوفاعور، وعن المقعد الماروني المرشح هنري شديد، والنائب امين وهبي عن المقعد الشيعي، والمرشح الدكتور غسان سكاف عن المقعد الارثوذكسي. كما يجري العمل على تشكيل لائحة يترأسها عمر حرب وتضمه مع عمر صلاح الدين (عن السنة)، ومرشح «القوات اللبنانية» ايلي لحود، وغنوة اسعد (شيعية) ونبيل بدر الدين (درزي) من دون مرشح ارثوذكسي وتردد انها مدعومة من اللواء اشرف ريفي. كما اعلن ما يسمى مجتمع مدني لائحته وتضم علاء الشمالي وفيصل رحال (سنة) وماغي عون (مارونية) وعلي صبح شيعي وخالية من مرشحين ارثوذكسي ودرزي.
انسحابات
تجدر الإشارة، إلى انه أقفلت عند منتصف الليل مهلة سحب الترشيحات رسمياً في وزارة الداخلية، وبلغ عدد المنسحبين 58 مرشحاً، من أصل 976 سجلوا اسماؤهم كمرشحين رسمياً، بحيث بقي في المعركة 918 مرشحاً.
وبين هؤلاء 4 مرشحين كانوا زاروا أمس الرئيس الحريري في «بيت الوسط» واعلنوا انسحابهم لمصلحة تيّار «المستقبل»، وهم: عبد العزيز الصمد عن المقعد السني في الضنية، رضوان علم الدين عن المقعد السني في المنية، نبيل معاد عن المقعد السني في الشوف – عاليه ونبيل الحلبي عن المقعد السني في بيروت الثانية. وعزا مصدر في الداخلية ضآلة عدد المنسحبين إلى ان قانون الانتخاب الجديد لا يلحظ استعادة أي من المرشحين المبلغ المالي الذي دفعه لقاء ترشحه.
حزمة مشاريع بـ«17 مليون دولار»
في غضون ذلك، أقرّ مجلس الوزراء خلال 4 ساعات الورقة اللبنانية إلى مؤتمر «سادر» والتي جاءت تحت البند رقم 17 والمتعلق بعرض مجلس الإنماء والاعمار لبرنامج الاستثمارات العامة، والذي شارك في وضعه فريقا عمل رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء والهيئات الاقتصادية، ويقع في 165 صفحة موزع على ثلاث دورات عن العام 2018 ولغاية العام 2030، وبلغ إجمالي كلفة الاستثمارات فيه في الدورات الثلاث 22.939 مليار دولار، علماً ان مُـدّة كل دورة أربع سنوات، تبدأ بالعمل على تأمين الأموال المطلوبة، وقد تتعدّى مُـدّة تنفيذ المشروع الأربع سنوات، أي مُـدّة الدورة المحددة له، تبعاً لحجمه ومصاعب التنفيذ، وتسليمه إلى الإدارة المعنية. وبحسب ما ورد في ملخص البرنامج الذي حصلت عليه «اللواء» فقد بلغ مجموع الاستثمارات للمشاريع المقترحة في الدورتين الأولى والثانية حوالى 17.25 مليار دولار. وبلغت استثمارات الدورة الأولى 10.8 مليارات دولار أميركي منها 693 مليوناً للاستملاك، اما استثمارات الدورة الثانية فهي 6.45 مليارات دولار أميركي، منها مليار دولار للاستملاك.
وتبلغ حصة قطاع النقل 32.94٪ من الدورتين الأولى والثانية، مقابل 20.82٪ للكهرباء، و18.17٪ للمياه، و13.93٪ لمياه الصرف الصحي. اما حصة إدارة النفايات الصلبة والاتصالات فتبلغ 8.10٪ و4.06٪ على التوالي، جميعها في الدورة الأولى. وتبلغ حصة البنى التحتية للقطاعين الثقافة – السياحة والصناعة 1.96٪. وأوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أنه للمرة الأولى يتم إقرار برنامج الاستثمارات لغاية العام 2030 وان ما قدمه مجلس الإنماء والأعمار في البرنامج جيد جدا وهو كان قد تعاقد مع دار الهندسة واستشاريين لإنجاز الدراسات فيه.
ورأت أن كل وزير كان ينطلق في مداخلته بما يعتبره أولوية لوزارته، ورأت أن البرنامج يأخذ وقتا لأنه يتضمن قطاعات استثمارات في النقل والري والصرف الصحي والكهرباء والموضوع الثقافي. وكشفت أن عددا من الوزراء سأل عن التخوف من فرض شروط والمس بالسيادة. وعلم انه تمت إضافة اقتراحات لوزارات التربية والصحة والاشغال العامة. وقالت المصادر إن الجلسة شهدت توضيحات ونقاشات وأخذ ورد مؤكدة أن الوزراء استرسلوا في بعض التفاصيل الأمر الذي لم يستحسنه الرئيس الحريري فقال للوزراء: يجب الذهاب إلى باريس مع ورقة، موضحاً ان المؤتمر يُشكّل فرصة للنهوض اقتصادياً بلبنان، مطمئناً إلى ان المشاريع قابلة للتفاوض وفق الأولويات التي تحفظ مصلحة لبنان. وقالت المصادر إن العودة إلى مجلس الوزراء لتحديد الأولويات مرده إلى الحاجة لدراسة العروض المقدمة من الدول عن القطاعات التي تريد الاستثمار بها. ولفتت إلى أن جزءاً من الأموال قد تعطى على شكل هبات ميسرة بفوائد منخفضة.
وقالت إن وزير المال علي حسن خليل قدم مداخلة مثبتة بالأرقام عن التكلفة المتوقعة، محذراً من غياب تحديد أهداف البرنامج والحاجة إلى توضيح البنود الواردة فيه، مطالباً بالتدقيق بالآلية لأن المطالبات الدولية من البنك الدولي وصندوق النقد والاستثمارات الخارجية لها انعكاسات على الدين العام والعجز. وأيد زميله وزير «حزب الله» حسين الحاج حسن مداخلة خليل مشدداً على ضرورة ان تكون الحكومة هي المشرفة على تنفيذ البرامج الاستثمارية.
تجدر الإشارة إلى ان الرئيسين عون والحريري ابلغا الوزراء انهما سيشاركان في مؤتمر القمة العربية التي ستعقد في الرياض في منتصف الشهر المقبل، كما ان عون سيلبي دعوة لزيارة قطر للمشاركة في افتتاح المكتبة الوطنية الكبرى في الدوحة.
وفي المعلومات ان الموافقة على البرنامج الاستثماري لم تمر بسهولة، إذ لاقى اعتراضاً من قبل غالبية الكتل السياسية في الحكومة بمن فيهم الوزير جبران باسيل الذي طالب بوقت إضافي لدراسته، فيما اعتبره وزير الصحة غسّان حاصباني ومعه الوزير حسين الحاج حسن غير متكامل ويحتاج إلى ترابط وعمل تفصيلي ونظرة أكثر شمولية لتصبح خطة. وعكس غالبية الوزراء هواجس وتساؤلات تمحورت حول تأثير هذه القروض الجديدة على الدين العام، وهل فعلاً ستحرك الاقتصاد، وما هي الأموال المتوقعة؟ فيما اتخذ وزير المال موقفاً سلبياً بطرحه مطالعة اعتبر فيها ان المشاريع المطروحة بحاجة إلى التدقيق قبل عرضها على مؤتمر باريس، وبين الانعكاسات السلبية لبعض الإصلاحات المطلوبة، وأكّد الحاجة إلى تحديد الأهداف، وكادت الورقة ان تسقط عندما قال الوزير خليل ان الدعم الدولي قد يكون مرتبطاً بخلق وظائف للمانحين، فعلت الأصوات المعترضة، وحدثت بلبلة داخل الجلسة، وبدا الامتعاض على وجه الرئيس الحريري. الا ان الورقة، وبعد نقاش طويل وإصرار وزيري الصحة والتربية اعيدت إلى مضمونها البنود المتعلقة بمشاريع صحية وتربوية.
نصر الله يشترط
واشترط السيّد نصر الله ضمن اطلالته التلفزيونية مساء أمس، المشاركة في القرار الاقتصادي لجهة انفاق القروض وكيفية الصرف والانفاق. وطرح هذا الشرط تساؤلات حول الجدوى من مؤتمر باريس الذي سيشارك فيه لبنان في 6 نيسان المقبل للحصول على قروض أو مساعدات للبرنامج الاستثماري الذي اقرته الحكومة، أمس، بعد نقاش لم يخل من بعض الحدة والملاحظات بين الرئيس سعد الحريري ووزراء حزب الله و«أمل».
ولم يأت السيّد نصر الله في حديثه عن الشأن الانتخابي بأي جديد غير معروف، لا سيما بالنسبة للعلاقة بين الحزب والتيار الوطني الحر، حيث أكّد على ثبات العلاقة الاستراتيجية القائمة بين الطرفين، بالرغم من الاختلاف بينها حول بعض الملفات، باعتبار انهما ليسا حزباً سياسيا واحدا، لكنه كشف عن وضع غير مفهوم بين الحزب وبعض الحلفاء والأصدقاء، حين دعا هؤلاء إلى التواضع والتنازل وإلى التفهم، موضحا ان البعض توقع منا إلى أن نلعب ادواراً لا نستطيع ان نقوم بها بالنسبة للترشيحات أو سحب ترشيحات، نافيا ان يكون الحزب قد تدخل في تسمية أي مرشّح أو ضغط لسحب أي مرشّح.
الا ان البارز في كلام نصر الله، نفيه بشدة ان يكون وصف المرشحين في اللوائح المقابلة للائحة حزب الله في بعلبك- الهرمل بأنهم حلفاء «داعش» و«النصرة»، موضحا ان «لنا بين هؤلاء والمرشحين أصدقاء ولهم الحق الطبيعي ان يترشحوا، لكن يوجد مرشحون لقوى وجهات قدمت الدعم المالي والسياسي للجماعات المسلحة في الجرود ومنعت الجيش اللبناني لسنوات من حسم المعركة معها، أي مع «داعش» و«النصرة».
وطالب أهالي الهرمل وبعلبك بالاختيار بين من حماهم في الجرود، وبين من أيد «داعش» و«النصرة»، متسائلا هل يُمكن لهؤلاء ان يمثلوا المنطقة، معلنا تأييده لحصول لبنان على مساعدات للجيش، كما تقرر في مؤتمر روما شرط ان لا تكون تحت شروط، مشيرا إلى انه ليس لديه حساسية من دعوة الرئيس ميشال عون للبحث موضوع الاستراتيجية الدفاعية، معتبرا ان هذا الأمر من حقه الطبيعي، خصوصا إذا جاءت منه.
غير ان السيّد نصر الله طرح تساؤلات وملاحظات حول مؤتمر باريس الذي قال انه يحتاج إلى بعض التأمل، وقال: «اذا كانت الحكومة ذاهبة لجلب مساعدات للبنان، فهذا ممتاز ولها منا التحية، اما إذا كانت على شكل قروض فيجب ان نناقش الموضوع لأن حجم الديون للبنان تجاوزت الـ80 مليار دولار، متسائلاً: كيف يُمكن سداد الديون والفواتير، هل من جيوب النّاس ومن فرض رسوم وضرائب جديدة، ثم ما هي الجدوى على المشاريع التي تضمنتها الورقة اللبنانية، وهل يحتاج لبنان فعلاً إلى هذه المشاريع، وختم مشككاً ان تكون كل هذه المشاريع لأسباب سياسية وانتخابية.
البناء
حرستا اليوم عيونها خضراء… والمسلحون بالباصات الخضر… والجيش السوري إلى عين ترما
نصرالله: قرّرنا منح الأولوية للحرب على الفساد… ونعمل لسلطة قضائية مستقلة
حزب الله أنهى مساعيه بين الحلفاء داعياً للتواضع والتنازل منعاً لضياع الفرصة
بينما بدأت تثمر معارك الغوطة سياسياً بتحوّل الانتصارات العسكرية نتائج سياسية تمثلت بداياتها بالتوصل لتفاهم يُنهي معارك حرستا، فتعود اليوم عيونها خضراء بدخول الجيش السوري إليها وخروج المسلحين ومَن معهم منها بالباصات الخضر، كان الجيش السوري يُكمل معارك المناطق الجنوبية من الغوطة بالتقدم نحو عين ترما، فيما التفاوض بين المندوبين الروس وميليشيا جيش الإسلام يتواصل حول وضع دوما، خصوصاً مع تصاعد المطالبات بالحسم العسكري بعد مجزرة جرمانا ومواصلة القصف على أحياء دمشق القريبة من الغوطة.
لبنانياً، كان خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مناسبة للإعلان عن وقف المساعي التي يقودها الحزب بين الحلفاء لتقريب وجهات النظر والسعي لإنشاء تحالفات ضمن الخط السياسي الواحد، بعدما كشف السيد نصرالله عمّا واجهته هذه المساعي من عناد وتعنّت الأطراف المعنية حول مطالبها، وبذلك صار استكمال تركيب اللوائح خصوصاً في المناطق التي ليس فيها مرشحون للحزب على عاتق الأطراف المعنية لخوض التحالفات التي تتناسب مع رؤيتها ومصالحها، علماً أنّ نصرالله حذّر من عواقب الخلاف بين الحلفاء منبّهاً من خطر ضياع الفرصة التي أتيحت باعتماد النسبية لنيل هؤلاء الحلفاء تمثيلاً عادلاً، وهذا يعني أنّ الأيام الفاصلة عن نهاية مهلة تشكيل اللوائح لن تشهد وساطات يقوم بها الحزب، وسترسو على ما بلغته حتى الأمس، حيث الصعوبات التي منعت جمع الحلفاء في لوائح مشتركة تتحكّم بذهاب كلّ منهم للوائح وتحالفات منفصلة. وهذا يعني البقاع الغربي وراشيا حيث حسمت مشاركة نائب رئيس المجلس النيابي السابق إيلي الفرزلي على اللائحة التي يتشارك فيها الوزير السابق عبد الرحيم مراد مع حركة أمل وحزب الله، بصفته الشخصية وليس كممثل للتيار الوطني الحر، كما يعني تحالف الشوف عاليه ومشاكل التحالف بين كلّ من الحزب الديمقراطي اللبناني ورئيسه الوزير طلال إرسلان مع التيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الاجتماعي، وحزب التوحيد العربي ورئيسه الوزير السابق وئام وهاب، وكذلك دوائر أخرى تعيش حالاً مشابهة.
الجديد النوعي في كلام السيد نصرالله والذي ستكون له مترتبات كثيرة على الحياة السياسية الداخلية، كانت التعهّدات التي أخذها السيد نصرالله على نفسه وعلى الحزب بمنح الأولوية في الشأن الداخلي للعناوين الإصلاحية السياسية والاقتصادية، وفي طليعتها الالتزام بتقدّم الحرب على الفساد ضمن هذه الأولويات، حيث كشف نصرالله عن تشكيل إطار خاص لهذه الغاية يعمل تحت إشراف السيد نصرالله شخصياً، أسوة بالإطار الخاص بعمل المقاومة، وربط هذا الالتزام بمجموعة من الخطوات الإصلاحية وفي مقدّمتها بناء السلطة القضائية المستقلة ورفض التلزيمات بالتراضي والإصرار على ربط كلّ تلزيم بمناقصة وكلّ تعيين بمباراة، وصولاً لمكننة عمل الإدارات العامة وإنجاز اللامركزية الإدارية الموسّعة.
حزب الله إلى قلب الدولة ومفاصلها
بلغت حركة الاتصالات والمشاورات ذروتها خلال اليومين الماضيين لإنهاء خريطة التحالفات الانتخابية في مختلف الدوائر قبيل ساعات من إقفال باب سحب الترشيحات وأيام قليلة من نهاية مهلة تقديم اللوائح إلى وزارة الداخلية ليل 26-27 الشهر الحالي، وقد تحوّلت المقار السياسية والحزبية خلايا نحل لإطلاق البرامج الانتخابية وتكثيف عمل الماكينات الانتخابية الى الحدّ الأقصى لتقديم إحصاءات نهائية للناخبين ونسبة الاقتراع المحتملة والحواصل الانتخابية المطلوبة والأصوات التفضيلية في كل دائرة ولكل لائحة ومرشح.
وكما كان حزب الله وحركة أمل السباقَيْن في إعلان مرشحيهما وتحالفهما الانتخابي وحسم لوائحهما المشتركة كانا أيضاً في طليعة القوى والأحزاب السياسية في إعلان البرنامج الانتخابي، فبعد إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري برنامح حركة أمل وكتلة التنمية والتحرير، عرض الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله البرنامج الانتخابي لحزب الله. العلامة الفارقة فيه كانت ولوج الحزب للمرة الأولى في تاريخه الى قلب الدولة اللبنانية ومؤسساتها ومفاصلها ودخوله على خط البحث في حلول المشاكل والأزمات المزمنة المستفحلة في جسد الدولة المالية منها والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتربوية وغيرها من القضايا والملفات الذي لم يكن يتدخّل فيها حزب الله بشكل مباشر بحكم انشغاله في قضايا الوضع الإقليمي السياسية والعسكرية، أما اليوم وبعد إرساء الاستقرار الأمني على الحدود وخلف الحدود ومن خلال مشاركته الفاعلة في مجلسي النواب والوزراء وفي ظل العهد الجديد والمجلس النيابي المقبل وحكومة ما بعد الانتخابات النيابية، بات حزب الله شريكاً أساسياً في الإصلاح والتنمية ومكافحة الهدر والفساد وفي جميع القرارات الكبرى المتعلقة بمالية واقتصاد الدولة وإن كان سيسبب له المشاكل والمتاعب مع قوى سياسية أخرى، كما قال السيد.
وأكد السيد نصرالله في كلمة متلفزة، ضرورة العمل على إنتاج سلطة وطنية انطلاقاً من الاستقرار الذي أمنته المعادلة الثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، مشدداً على أن «حزب الله سيعمل من موقعه النيابي لحماية لبنان وشعبه وأرضه ونفطه وثرواته الطبيعية»، ومؤكداً إعطاء العناية الخاصة لمحاربة الفساد المالي والإداري. وتضمّن البرنامج الشامل بنوداً عدة أبرزها «تطوير قانون الانتخابات الحالي القائم على النسبية، وتطوير النظام القضائي وتمكين القضاء من أن يكون سلطة مستقلة، إضافة الى تعزيز دور الهيئات الرقابية وتعديل القوانين الراعية لها بما يضمن استقلاليتها والعمل لاستحداث الوزارة الوطنية للتخطيط بمعناه الأشمل والمتخصص». كما دعا السيد نصرالله الى اعتماد مبدأ المناقصات في التلزيمات ورفض التلزيمات بالتراضي، وأعلن أن البرنامج سيشمل «تعزيز دور مجلس الخدمة المدنية وجعله مدخلاً حصرياً للتوظيف في الإدارات العامة»، وكشف عن قرار لدى قيادة الحزب «تشكيل إطار تنظيمي خاص تكون مهمته مواجهة الهدر والفساد ونحن ملتزمون بأن نبقي تنظيمنا وحزبنا نظيفاً وغير متورّط بأي فساد أو هدر وهذا بحد ذاته يحتاج لجهد كبير»، دعا مَن لديه أي معطى أو شك في تورط أي مسؤول في حزب الله بفساد أن يقدّم الأدلة لأننا مصمّمون على الحفاظ على نقاء مسيرتنا، لافتاً الى ان «حزب الله يتطلع إلى دولة رعاية وعناية لا دولة جباية، وفيها ضبط للإنفاق وترشيده بما يتناسب مع حاجات الناس الأساسية».
رسالة للحلفاء: التنازع مقدّمة للفشل
وفي موضوع التحالفات الانتخابية وجّه الأمين العام لحزب الله رسالة «للحلفاء والأصدقاء هي التواضع والتنازل والتفهّم والتفاهم»، أشار إلى أن «التنازع هو مقدمة للفشل»، مضيفاً أن «العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني استراتيجية وقائمة وبعد انتهاء الانتخابات مكمّلين بتفاهمنا». وكشف أن «البعض توقع منّا أن نلعب دوراً لا يمكننا أن نلعبه في مسألة تركيب اللوائح الانتخابية وما فعلناه هو أقصى جهدنا ولا يمكننا أن نفرض على أحد شيئاً». وأوضح السيد نصرالله ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن كلام منسوب إليه عن مرشحي اللوائح المنافسة للائحة الوفاء والأمل، وقال: «ما نقل عني منذ أيام غير دقيق، وما قلته إن في بعلبك الهرمل أصدقاء لنا في اللوائح الأخرى، وهذا حقهم، فيما هناك آخرون تابعون لقوى وجهات أيّدت الجماعات المسلحة وقدّمت لها الدعم المادي وحمتها ومنعت الجيش اللبناني لسنوات من حسم المعركة معها».
اكتمال لائحة 8 آذار في البقاع الغربي
وقد بدأت صورة اللوائح تتظهر تدريجياً بانتظار الحسم النهائي في العطلة الأسبوعية، وفي دائرة البقاع الغربي حسم نائب رئيس مجلس النواب السابق المحامي إيلي الفرزلي خياره بالانضمام إلى لائحة رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد أو لائحة 8 آذار والمدعومة من ثنائي أمل وحزب الله، وذلك بعد اتصال أجراه الفرزلي برئيس المجلس النيابي أبلغه انضمامه الى اللائحة، في وقت لم يحسم التيار الوطني الحر خياراته في هذه الدائرة في ظل رفض بري مطلب التيار بمقعدين في الدائرة. وقد باتت هذه اللائحة شبه منتهية، بحسب ما قالت مصادرها لـ «البناء» بانتظار الإعلان عنها خلال اليومين المقبلين، وتضمّ الى جانب مراد عن المقعد السني الفرزلي عن المقعد الأرثوذكسي وناجي غانم عن المقعد الماروني والنائب السابق فيصل الداوود عن المقعد الدرزي والقيادي في حركة أمل محمد نصرالله عن المقعد الشيعي.
في المقابل لم تُستكمل بعد لائحة تيار المستقبل التي تضمّ حتى الآن زياد القادري ومحمد قرعاوي عن المقعدين السنّيين، وأمين وهبي عن المقعد الشيعي، وائل أبو فاعور عن المقعد الدرزي. في حين لم يحسم المقعد الماروني حيث يتمسّك التيار العوني بمرشّحه الماروني شربل مارون في حين يُصرّ المستقبل على مرشحه هنري شديد. كما لا يزال المقعد الأرثوذكسي مدار خلاف بين المستقبل والحزب الاشتراكي. في ما تتجه القوات اللبنانية إلى تشكيل لائحة ثالثة بعد تعثر مفاوضاتها مع المستقبل. ولم يرشح أي جديد على صعيد مفاوضات المستقبل والقوات في بقية الدوائر، في ما الاتجاه المستقبلي الى التحالف مع التيار الحر في دوائر عدة.
لائحة فرعون «القوات» في الأشرفية
وبعد افتراقه عن التيار الأزرق والتحاقه بحزب «القوات» سجل وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون اللائحة الأولى في دائرة بيروت الأولى في وزارة الداخلية والبلديات، وأبرز أعضائها الى جانب فرعون النائب نديم الجميل عن المقعد الماروني ومرشح «القوات» عماد واكيم عن مقعد الروم الأرثوذكس. وفي ما ترددت معلومات عن انضمام المرشح جو حبيقة نجل الوزير الراحل إيلي حبيقة الى لائحة التيار الوطني الحر أمل حزب الله في بعبدا اكتفى حبيقة بالقول في سؤال «البناء»: «مزيداً من الصبر وكل شيء يتوضّح». وأكد الرئيس بري بأن لوائح الأمل والوفاء لا تمثل احتكاراً انتخابياً إنما العكس هو الصحيح. وقال خلال استقباله في دارته في المصيلح وفوداً شعبية من الجنوب «لو كان الأمر كذلك لكنّا وجدنا لوائحنا قد فازت بالتزكية وهذا ما لم يحصل، ونحن ذاهبون الى الانتخابات وإن غداً لناظره قريب».
نصرالله: لا مشكلة بالاستراتيجية ولا للديون
وتطرّق السيد نصرالله الى السياسة الداخلية في كلمته، وقال: «فخامة الرئيس بإمكانه أن يدعو لبحث الاستراتيجية الدفاعية الوطنية وليس لدينا أي تحسس من هذا الموضوع». وفي ما يتعلق بؤتمر روما، قال «ليس لدينا أي تحفظات والمعيار هو أن يُمكّن الجيش اللبناني من الحصول على أسلحة تمكّنه من الدفاع عن لبنان». لكن السيد نصرالله أعلن موقفاً متقدماً من مؤتمر باريس «سيدر» وأوضح أنه «إذا ذهبت الحكومة إلى باريس لجلب المساعدات إلى لبنان، فهذا ممتاز. أما إذا كانت تريد الإتيان بقروض وديون فنريد أن نناقش الأمر في الحكومة ومجلس النواب، لأن علينا ديناً يناهز 80 مليار دولار»، موضحاً أنه «ليس لدينا مشكلة بأصل الاقتراض لكن البحث هو كيف سيتمّ تسديد هذا الدين؟ وما الجدوى من المشاريع المزمع تنفيذها؟».
الحكومة تجاوزت «لغم» الكهرباء وأقرّت ورقة «سيدر»
وتجاوز مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت أمس، في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية «لغم» الكهرباء، الذي لم يُدرج على جدول أعمال الجلسة، إذ لا يريد رئيس الجمهورية طرح خطة الكهرباء على التصويت لمنع إثارة الخلافات داخل الحكومة في هذه الظروف، بحسب مصادر وزارية لـ «البناء»، وقد استحوذ موضوع لائحة المشاريع الاستثمارية الخارجية التي يطرحها مؤتمر سيدر في السادس من نيسان على النقاش في الجلسة التي استمرت قرابة الخمس ساعات. وأبدى بعض الوزراء خلال الجلسة بحسب معلومات «البناء» لا سيما الوزير علي قانصو، ملاحظات عدة على اللائحة أبرزها غياب الشفافية والوضوح في تحديد طبيعة الاستثمار ونوع القطاعات الكهربائية التي يتم الاستثمار فيها. ودار نقاش دام خمس ساعات وحسم رئيس الحكومة سعد الحريري النقاش بتأكيده أننا بعد نهاية المؤتمر سنعود الى مجلس الوزراء ونحدّد طبيعة المشاريع والاستثمارات بحسب حجم الدعم المادي المرتقب، غير أن بعض الوزراء تخوّف من أن تترتب على هذه القروض ديون اضافية ما يرفع خدمة الدين العام، وبالتالي سيعمد البنك الدولي الى فرض شروط على لبنان تحت شعارات إصلاحية ما يدفع الدولة الى زيادة الضريبة على القيمة المضافة وما يترتب عن ذلك من تداعيات سلبية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، ومن أن نصبح رهينة لإملاءات البنك الدولي. وطال النقاش الى أن وافق المجلس على مشروع البرنامج الاستثماري الوطني للبنى التحتية، ورفعه الى مؤتمر «سيدر».
وأعرب الوزير قانصو قبيل الجلسة عن رفض الحزب السوري القومي الاجتماعي ربط قروض الدعم الدولي للبنان بشروط، لا سيما اذا كانت سياسية. وأوضح قانصو لـ»البناء» أن «مؤتمر روما لم يقدم الا الوعود بدعم الجيش والمؤسسات»، وفي ملف الكهرباء شدد على أننا «لا زلنا على موقفنا الداعي الى بناء معامل لانتاج الكهرباء لا استئجار بواخر». وأوضح «أننا لسنا ضد بحث تصور للدفاع عن لبنان، لكن يجب تحديد العدو والأخطار التي تتهدد لبنان وهما العدوان الإسرائيلي والارهابي وليس التماهي الداخلي مع الضغوط الإقليمية والدولية لتحويل الامر للبحث في سلاح المقاومة الذي هو الاساس في أي استراتيجية دفاعية الى جانب الشعب والجيش المعادلة التي أرست الردع مع «إسرائيل» والإرهاب». وكانت سبقت الجلسة خلوة ثنائية بين الرئيسين عون والحريري تم التداول فيها في جدول الاعمال.
سجال «التيار» «القوات» مستمر
الى ذلك، ومع اقتراب موعد استحقاق 6 أيار تصاعدت وتيرة السجال بين التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» وبعد السجال الكهربائي بين النائب انطوان زهرا ووزير الطاقة سيزار أبي خليل أمس الأول، كشف زهرا في مؤتمر صحافي من مجلس النواب أمس، أن «نصف الدين العام البالغ 80 مليار دولار هو دعم لكهرباء لبنان مع الفوائد». وقال زهرا متهكماً على أبي خليل: «أعتذر من الأمهات في هذا العيد الى التطرّق الى أولاد «بلا تهذيب»، والضعيف هو من يكذب لتبرير أفعاله». ورد أبي خليل على زهرا قائلاً: «زهرة دبلانة ما بقى إلا تهر».
الجمهورية
السلطة تتجنّب الإشتباك الكهربائي وتســعى الى إعادة إنتاج نفسها
تجنّبت السلطة تعليق نفسها على خط التوتر الكهربائي، وأبحرت بعيداً عن ملف بواخر الكهرباء الذي شكّل صاعق تفجير ما تبقى من خيوط رفيعة تربط بين اهلها، أشعله الانقسام الحاد حول هذا الملف والاتهامات المتبادلة بين فريق يرى فيه خلاصاً كهربائياً للبنان ويتهم المعارضين بالعرقلة، وبين فريق يحيط الملف بشبهات حول صفقات وهدر.
اللافت أن اللبنانيين غارقون في أزمات تفتقر الى المعالجات الجديّة، وتغيب عن بال السلطة همومهم ومعاناتهم، وقدّ شكّل يوم أمس صورة مستنسخة عما يحصل كل يوم على الطرق من جونية وصولاً الى بيروت وبالعكس وعلى بقية مداخل العاصمة التي تكاد تكون أشبه بمرآب كبير للسيارات في غياب أي خطة تنقذ المواطنيين الذين يحتجزون في سياراتهم كل يومً، فيما الأزمة تبدو الى تفاقم.
من جهة ثانية، وبصرف النظر عمّن يقول انّ في ملف الكهرباء هدراً وسرقة، وعمّن يقول انّ فيه صدقاً وامانة وحرصاً على اخراج لبنان من أزمته الكهربائية، فالملف يعدّ واحداً من السقطات المتتالية التي سببتها الذهنية الحاكمة، وحوّلت السلطة مجموعة محاور تصارع بعضها وتتسابق على من يغرف اكثر من مغارة المكاسب، فيما اولويات الناس تُركن على رف الوعود بمقاربتها، وثبت انها لم تمتّ الى المصداقية بصِلة، بدليل انّ البلد في تراجع خطير، والناس ما زالت تئن من الوجع الاقتصادي والحياتي والمطلبي والبيئي. بالتأكيد انّ ملف الكهرباء، الخلافي حالياً، لا يستبعد ان يمرّ كما مرّ قبله غيره من الملفات، في لحظة مصلحية، او لحظة محاصصة بين اهل السلطة، وثمّة كلام كثير حول محاصصة جديدة يُحضّر لها في بعض التعيينات والتشكيلات ذات الطابع الاداري والديبلوماسي.
امام هذا الواقع، راهن المواطن على الانتخابات النيابية لعلّها تنتج سلطة بديلة يمنحها ثقته، فتضع همومه على خشبة الخلاص منها، الّا انّ السلطة الحاكمة تقطع عليه طريق الحلم، عبر سعيها الى إعادة انتاج نفسها وبالتالي تحكمها بالبلد، عبر تحالفات هجينة بين التناقضات على طريقة «من كل وادي عصا»، وعبر تسخير أجهزتها في خدمة انتخاباتها، وعبر ارتكابات ومخالفات فاضحة والاستقواء على الناس ومنعهم من رفع شكواهم ممّا يرتكب في حقهم من ضغوط وتهديدات.
يضاف الى ذلك، محاولات الرشاوى التي يسعى بعض اهل السلطة الى تسييلها في صناديق الاقتراع، عبر محاولة التعاطف المفتعل والمفضوح مع قضايا ذات طابع إنساني، او الشراكة في بكائية مكشوفة حول قضايا قضائية أثيرت حولها شبهات وتلفيقات لملفّات سقط فيها بعض الاجهزة الامنية، او عبر طرح ملفات شديدة الحساسية كالحديث عن قانون عفو عام في توقيت إنتخابي مريب، وتقديمه للناس بطريقة تستبطن محاصصة بين اهل السلطة، او إثارة مواضيع كالسماح للأم اللبنانية المتزوجة من اجنبي من غير دول الجوار بإعطاء الجنسية لأولادها، اضافة الى بدعة جوازات سفر للمغتربين، أثيرت شكوك في إمكان تمكنهم من المشاركة في الانتخابات.
هذه الصورة المشوّهة، تتواكب مع إغماض السلطة عينها على ضغوط وتهديدات محسوبين على نافذين في الحكم ضد مواطنين وفعاليات، وتركز خصوصاً على مجموعات معينة من رؤساء البلديات بفتح ملفات مشبوهة ضدهم وارتكابات قاموا بها، وهو أمر يدين من يمارس الضغوط، إذ لو صحّ وجود مثل هذه الملفات، فلماذا تُركت حتى الآن، ولماذا تمّ التستّر على الجريمة كل هذا الوقت؟ في اي حال، الحماوة تتزايد على الحلبة الانتخابية، فيما أقفل امس باب التراجع عن الترشيح. امّا اللوائح الانتخابية فتقف على مسافة ثلاثة ايام من انتهاء مهلة إعدادها. ويبقى حبل الانتخاب يشدّ على عنق العلاقات السياسية، التي انقسمت بين توجّه لدى قوى معينة من نسج تحالفات هجينة تخلط المبادىء بالمصالح، وهو ما بَدا جلياً في الكثير من التحالفات، التي رُكِّبت مصلحياً بين قوى سياسية متناقضة.
وبين توجّه نحو التحالف المحدود والموضعي بين قوى اخرى، وهو ما وَتّر علاقات بعض القوى، ويجري التعبير عن ذلك في حملات إعلامية واتهامات قاسية، على غرار ما يحصل بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، على خلفية بعض المسائل ومنها ملف بواخر الكهرباء الذي انتقده نائب «القوات» انطوان زهرا، وتناول بكلام قاس وزير الطاقة سيزار ابي خليل من دون ان يسمّيه، ليرد عليه ابي خليل بتغريدة بالقساوة نفسها.
«الكتائب» ـ «التيار»
وفي إطار التحالفات غير المفهومة وغير المنطقية في المتن، لوحظ انّ حزب الكتائب فتح النار على «التيار» وخصوصاً على النائب ابراهيم كنعان، تحت عنوان: «في المتن… كنعان على لائحة السوري القومي!» فقد انتقد موقع الحزب الالكتروني «مفاخرة» كنعان «بمناهضته للاحتلال السوري»، معتبراً انه «يخوض المعركة الانتخابيّة بلائحة فيها 3 مرشحين قوميين سوريين او قريبين من الفكر القومي، وهم: كورين الاشقر، غسان الاشقر والياس بو صعب الذي يفاخر بفكره القومي»، وانّ عدد المرشحين القوميين على لائحة كنعان يجعل منها لائحة الحزب السوري القومي اكثر منها لائحة «التيار».
وسأل: «هل المعركة الانتخابية تقتضي ذوبان فكر «التيار» و«القومي السوري»؟ ام باتت هناك وحدة حال بين «التيار» والنائب كنعان من جهة والقومي من جهة أخرى لا بدّ منها للوصول الى مجلس النواب بأيّ ثمن»؟ ولاحظ انّ نواباً غابوا عن ترشيحات «التيار» وجرى استبدالهم «بمرشّحين قوميين او يدورون بالفلك القومي السوري من دون أي تبريرات مقنعة للناخبين، ما جعل الباب مفتوحاً على مصراعيه لتكهّنات كثيرة، وكأنّ هدف «التيار» بات العدد، بعيداً عن الثوابت والمبادئ التي بيعت بثلاثين من الفضّة».
بكركي
وأكدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنها تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين، خصوصاً في المناطق المسيحية، ولا تدعم أحداً على حساب الآخر». ونفت أن «يكون البطريرك مار بشارة بطرس الراعي قد تدخّل أو يتدخّل في تأليف اللوائح، فالصرح البطريركي هو لجميع أبنائه، وبكركي ترفض الدخول في زواريب العملية الإنتخابية».
«سيدر»… إضبارة اتهام
على صعيد آخر، أثبتت السلطة مجدداً انها لا تمتهن الّا الهروب الى الامام من واقع اسود، الى محاولة تكبير الطموحات والاحلام التي رسمتها الحكومة، والقول إنّ المؤتمرات الدولية ستغرق لبنان ووضعه الاقتصادي والمالي الخطير، بالمنّ والسلوى. وشكلت جلسة مجلس الوزراء مناسبة لها للتمجيد بالمؤتمرات والحديث عن مردوداتها على لبنان، لكن حقيقة الامر، انّ ذلك لا يبدو اكثر من إبر مسكّنة للوجع. فتطمينات رئيس الحكومة سعد الحريري حول مؤتمر «سيدر» بَدت بمثابة إدانة واضحة للدولة وللفساد المستشري. فقد اعتبر انّ المشاريع التي سيجري التوافق عليها ستكون تحت متابعة البنك الدولي ومراقبته، وستتم بشفافية مطلقة وهذا مهم جداً بالنسبة الى الحكومة والافرقاء والمنظمات التي ستتولى تمويلها، وتحدّث عن اتفاق مع الجانب الفرنسي لاستحداث جهاز لمتابعة المشاريع يضمّ ممثلين عن الدولة والمستثمرين وذلك حرصاً على تحقيقها من دون ايّ خلل او خطأ، وضماناً لمكافحة الفساد الذي يعيق عادة المضي في مشاريع استثمارية كبيرة. ولفت الى أنه سبق لمجلس النواب أن أقرّ مشاريع تحتاج الى تنفيذ، وانّ الصناديق العربية والدولية راغبة في التفاوض مع لبنان لتنفيذ هذه المشاريع التي يمكن ان يبدأ البحث بها قبل مؤتمر باريس».
هذا الكلام هو في حد ذاته بمثابة إضبارة اتهام مفادها انّ المسؤولين في الدولة فاسدون، ولا يمكن إقرار اي مشروع بلا سمسرات ونهب وسرقة. وبالتالي، الحل الوحيد لمنع السرقة فرض رقابة خارجية على هؤلاء. والحديث عن مشاريع أقرّها مجلس النواب وتحتاج الى تنفيذ يعطي فكرة عن مدى تفشّي الفساد، الى حد إهمال المسؤولين لهذه المشاريع لأنها مموّلة ومراقبة من الصناديق المموّلة، وبالتالي لا سمسرات فيها، ولذلك أُهملت وبقيت حبراً على ورق.
وشهدت الجلسة نقاشات ساخنة جداً بعدما عرض الحريري وفريقه من مستشارين ومن مجلس الانماء والاعمار، برنامج الانفاق الاستثماري، مُعتقداً بأنّ ورقة البرنامج «خطة العصر»، وانّ كل الوزراء سيصدقون عليها بعد اطلاع عرضي عليه او بعد مناقشات عابرة، لكنّ الرياح جرت عكس ذلك اذ استفاض عدد كبير من الوزراء في نقاش الورقة والتمعّن بها فحصدت اعتراض الغالبية (حتى من فريق الحريري وحلفائه) التي رأت فيها خطة غير متكاملة تغيّب قطاعات، وفيها التزامات مالية كبيرة من قروض سترتّب على لبنان أعباء كبيرة.
وانتقد الوزير جبران باسيل الخطة بشراسة واقترح التريّث لتعديلها وإعداد خطة متماسكة اكثر يذهب بها لبنان الى المجتمع الدولي. ورأى الوزير علي حسن خليل انّ البرنامج يحتاج الى تحديد اهداف المشاريع وتوضيح السياق المطروحة فيه، خصوصاً انها ترتكز على آلية التمويل الميسّر. ودعا الى التدقيق بالآلية، ولفت الى المطالبات الدولية بأخذ اجراءات جدية لتخفيض حجم الدين وخدمته وتوضيحات حول الفوائد ونسبتها من الناتج المحلي.
وقال خليل لـ«الجمهورية»: «أبديتُ ملاحظاتي على المشاريع والاولويات والحاجة الى التدقيق بها، واقترحتُ تضمينها الاصلاحات المطلوبة بعد نقاشها بتأثيراتها السلبية والايجابية. وافقنا على عرض هذه المشاريع على مؤتمر باريس، لكن يجب ان نعود بها الى مجلس الوزراء بكل خطوة وعند إقرار كل مشروع». واعترض خليل على بند داخل البرنامج يقضي بتوظيف 70 بالمئة من النازحين السوريين، فوافقه معظم الوزراء باعتبار انه وَجه جديد من أوجه التوطين والابقاء على النازحين.
ولاحظ الوزير غسان حاصباني سقطوط قطاعات اساسية من الخطة، ودعا الى ربطها برؤية اقتصادية واضحة والى القيام بإصلاحات بنيوية كبرى بتطبيق القوانين المتاحة، منها الخصخصة في الاتصالات وإصلاح الكهرباء والشراكة مع القطاع الخاص، وطالبَ بتطبيق السلسلة على موظفي المستشفيات الحكومية. وقال الوزير غطاس خوري انّ الاستثمار في القطاع الصحي لا يأتي بمردود اقتصادي، ويندرج تحت شبكة الأمان الاجتماعية. فأكّد حاصباني انّ مردود السياحة الاستشفائية والتعليم على النمو الاقتصادي كبير جداً، وانّ الخطة رَصدت مبالغ مطلوبة لقطاعات كثيرة منها الثقافة، ولم تلحظ التعليم والتربية رغم طلب «القوات» الاستثمار فيهما. واعتبر انها خطة غير كاملة وتتطلب المزيد من العمل لأنّ الهدف هو النهوض بالبنى التحتية، وتحدث عن مبالغة في التوقعات.
وسأل الوزير مروان حمادة عن عدم إدخال القطاع التربوي في الخطة، وقال انها خطة غير مُنزلة ولا تلزم الحكومة بشيء. واستاء الحريري كثيراً من صخب النقاش، خصوصاً ممّن يعتبرهم حلفاءه، وبَدا هذا الاستياء واضحاً على وجهه وخاطب الوزراء قائلاً: «الخطة ستقرّ اليوم ولن اذهب الى باريس من دونها». واقترح خليل إضافة بند الى البرنامج يعود فيه القرار الى المجلس في دراسة وإقرار المشاريع، ووضع الاولويات وفق نتائج المؤتمر والاتصالات مع الجهات المختصة وفق الاصول الدستورية، خصوصاً انّ هناك قروضاً تحتاج الى قوانين وتشريع في مجلس النواب.