اللواء
الأحزاب تنتخب نوابها.. وبرنامج باسيل تصفية حساب مع الخصوم المسيحيين
موقف السنيورة غداً وسعد للتحالف مع الكتائب.. وهيركات مصرفي علی رواتب الموظفين
دبَّت الحرارة العالية في الماكينات الانتخابية، ترشيحاً وبرامج تحريضية، فيما بدت مجموعات الحراك المدني قبل 17 ت1 (2019) وبعده، تحاول التقاط الأنفاس المتعبة، والضياع في عالم اللوائح الكبرى المحسوبة على السلطة، أو المشكلة من تياراتها الحاكمة، والموزعة بين ما يسمى «المنظومة» أو عهد «الانهيارات الكبرى».
صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 486 إصابة جديدة بفايروس كورونا و7 حالات وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 1084600 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والواضح أن كل الأطراف باشرت حملات تواصل واستطلاعات تهدف إلى جذب ما أمكن من الأصوات التي كانت تصب في صالح تيار المستقبل ومرشحيه، وسط مؤشرات أولية إلى أن نسبة المقاطعة لدى الناخب السني في بيروت والمناطق قد تصل إلى ذروتها مع إعلان مزيد من القيادات في التيار التزامها قرار الرئيس سعد الحريري بعدم المشاركة. وتوقع مصدر متابع ألا يتجاوز التصويت لدى السنة في كل لبنان نسبة 30 في المئة.
وفي الموازاة، انطلقت ماكينة شركات الاستطلاع في أكثر من منطقة، مع التركيز على تلك التي يتوقع أن تشهد مواجهات ساخنة خصوصاً في جبل لبنان والشمال وإحدى دوائر بيروت. واللافت هنا تراجع الحديث عن تمويل جاهز من قبل المجموعات التي تدعي الثورة على النظام. إذ تشير معلومات إلى أن المجموعات التي تجمعت تحت عباءة «كلنا إرادة» وتوابعها بدأت التواصل مع شخصيات لبنانية في لبنان والخارج بحثاً عن تمويل، بعدما أُبلغت بأن ما وُعدت به من «جهات خارجية» لم يعد متوافراً، إذ تبيّن لعدد من العواصم أن الصورة الإعلامية لهذه المجموعات لا تعكس حقيقة حجمها على الأرض. علماً أن وسائل إعلام قريبة من خصوم المقاومة، لا سيما «القنوات الثلاث»، طلبت من غالبية المرشحين مبالغ مالية كبيرة لاستضافتهم في الشهرين المقبلين.
جدّد التحالف مع حزب الله… وأمل ظرفياً: باسيل يطلق معركة «استعادة الشرعية»
رغم العقوبات الأميركية والحصار الغربي والخليجي والحرب السياسية الداخلية لإسقاطه، رفع رئيس التيار جبران باسيل شعار «رح نبقى عون» في وجه كل خصومه، وأعلن ترسيخ تحالفه مع حزب الله، مؤكداً صوابيّة هذا الخيار منذ عام 2006. وفيما كانت حظوظ التحالف مع حركة أمل خلال الأسبوع الماضي شبه معدومة، برز خرق عبّر عنه باسيل ضمنياً، سيضع التيار والحركة على لائحة واحدة في عدة دوائر ولا سيما بعبدا والبقاع الشمالي. فهدف رئيس التيار الأول والأخير هو إثبات قوته وشرعيته مجدداً. الخطوة الأولى كانت بالإعلان عن 19 مرشحاً حزبياً على الدوائر الـ 15، والخطوة التالية ستكون بنسج تحالفات لتعزيز هذا الربح (تقرير رلى إبراهيم)
19 مرشحاً حزبياً سيخوض بهم التيار الوطني الحر معركة وجوده وتثبيت شرعيته، بعد 3 سنوات على حرب سياسية وإعلامية مركّزة ضده. أمس، استفاض رئيس التيار جبران باسيل، في كلمته في المؤتمر السنوي السابع للتيار، في الحديث عن «مشروع إسقاط جبران والتيار» بكل الأدوات المتاحة والتحالفات، وصولاً الى استجرار «تحالف دولي ضدنا». وأكد أن التيار «رح يبقى هون»، ومتطلّبات هذا البقاء تكمن في تأمين حلفاء وتحالفات لفكّ الحصار ونيل عدد أكبر من المقاعد. لذلك أعاد باسيل تجديد عقد التفاهم مع حزب الله بما يزيل الغشاوة من أمام جزء من الجمهور العوني المشكك بخيار التحالف مع الحزب مقارنةً بمردوده، وذهب أبعد الى تأكيد حرصه على هذا التفاهم وصوابيّته منذ عقده عام 2006. ورغم أن خيارات باسيل السياسية التي وصفها بالاستراتيجية سيكون لها انعكاسات سلبية على الانتخابات الرئاسية إذا بقي المشهد الدولي على ما هو عليه، إلا أن تجديد التفاهم مع حزب الله شيء، والإعلان عن تحالف سياسي مع حركة أمل ولو من دون أن يسمّيها أمر آخر بالنسبة إلى الجمهور العوني. عير أن رئيس التيار المصمم على الخروج قوياً من الانتخابات، أوضح للعونيين أن هذا التحالف يدوم ليوم الانتخابات «وبعدها كل واحد منّا بيروح بيقعد بكتلته أو بحزبه أو بتياره وبيعمل تحالفاته السياسية»، وأن «الشراكة باللوائح الانتخابية ليست شراكة بالبرامج. هي عملية دمج أصوات» ضرورية لأن «التحالفات تؤمّن حواصل، وكل حزب بالتفضيلي ينتخب نوابه… ناسهم عم يجيبوا نوابهم. وناسنا عم يجيبوا نوابنا». أما لمن سيعيّر التيار والعونيين بالتحالفات الانتخابية، فدعا باسيل قاعدته إلى سؤال هؤلاء عن تحالفاتهم مع الميليشيوي والبيك والشيخ وأبناء الثورة الملونة.
إعلان باسيل عن تحالفه مع حزب الله وحركة أمل يعود الى تقدّم كبير في المفاوضات الانتخابية بين الأطراف الثلاثة في تشكيل لوائح مشتركة. فحتى منتصف الأسبوع الماضي، كان التيار جازماً بخوضه الانتخابات من دون التحالف مع أمل. وعلمت «الأخبار» أن ما كان محسوماً تبدّل في اليومين الأخيرين، وجرى التوافق على تشكيل لائحة واحدة بين التيار وحزب الله وحركة أمل والحزب الديموقراطي في دائرة بعبدا تماماً كما كانت الحال في انتخابات 2018. وقد أعلن التيار أمس عن مرشحه الحزبي في هذه الدائرة النائب آلان عون، ومن المرجح أن يتحالف مع مرشحين اثنين مستقلين هما شادي الأسمر من بلدة الحدت وفادي أبو رحال من بلدة الشياح، متقصّداً اختيار مرشحيه من نفس بلدتَي نائبيه السابقين حكمت ديب (الحدت) وناجي غاريوس (الشياح). وسيكون الى جانب عون والمستقلين، النائب علي عمار (حزب الله) والنائب فادي علامة (حركة أمل) ومرشح يسمّيه أرسلان عن المقعد الدرزي.
التحالف سيتكرر في دائرة بيروت الثانية، حيث يعيد التيار ترشيح نائبه إدغار طرابلسي على المقعد الإنجيلي على لائحة الثنائي، وفي بعلبك ــــ الهرمل حيث يخوض التيار معركة للمرة الأولى على المقعد الكاثوليكي الذي كان من حصة الحزب القومي. غير أن اسم المرشح العوني لم يعلن حتى الساعة في انتظار حسم التحالف بشكل نهائي.
المشكلة الأبرز تكمن في دائرة البقاع الغربي ــــ راشيا، وخصوصاً بعد الخلاف العوني مع المرشح على لائحته إيلي الفرزلي الذي خرج ليجلس عن يمين رئيس مجلس النواب نبيه بري. وثمة مفاوضات جارية للبحث في الخيارات الأفضل لإنجاح مرشح التيار عن المقعد الماروني شربل مارون. كذلك لم تحسم أسماء اللائحة الى حين انجلاء إمكانية الشراكة مع حركة أمل. وفيما كان التيار يؤكد أن لا تحالف مع الحزب والحركة في دائرة صيدا ــــ جزين، يعيد اليوم مراجعة حساباته رغم إعلان باسيل ترشيح كل من أمل أبو زيد وزياد أسود عن المقعدين المارونيين وسليم خوري عن المقعد الكاثوليكي، علماً بأن أي تحالف مع حركة أمل يعني سحب أحد المرشحين المارونيين مقابل انضمام مرشح الحركة إبراهيم عازار الى اللائحة، وأنه جرى الحديث عن اشتراط بري إبعاد أسود عن اللائحة إذا ما حصل التحالف. هذه هي الدوائر التي يمكن أن تشهد تحالفات بين باسيل وحركة أمل بشكل غير مباشر، بينما يبقى تحالفه مع حزب الله ثابتاً في دائرة زحلة، حيث له مرشح عن المقعد الماروني هو سليم عون. ومن المفترض أن تكون اللائحة الزحلية نتاجاً مشتركاً ما بين التيار وحزب الله وحزب الطاشناق وعائلة فتوش.
في دائرة الشوف ــــ عاليه، لا تغيير في مرشحي التيار الذي أعاد تبني كل من غسان عطا الله وفريد البستاني، ويسعى الى تأمين مرشح ثالث من بلدة الدامور مقابل ترشيح سيزار أبي خليل على المقعد الماروني في عاليه. لائحة التيار في هذه الدائرة ستكون بالتحالف مع النائب طلال ارسلان. وتجرى محاولة لإرساء أرضية مشتركة مع رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب. المشكلة الأساسية هنا أن لوهاب مرشحاً هو ناجي البستاني، والتمسك به يعني إبعاد نائب التيار. لذلك عقدة البستانيين ما زالت من دون حل. أما في عاليه، فالمرجح حتى الساعة أن يتبنى التيار ترشيح ابن رئيس بلدية بحمدون طارق خير الله عن المقعد الأرثوذكسي الى جانب أبي خليل. وفي دائرة بيروت الأولى، بات من شبه المرجح خوض حزب الطاشناق الانتخابات مع التيار الوطني الحر انطلاقاً من عدة معطيات، أبرزها إعلان الوزير السابق ميشال فرعون عزوفه عن الترشح؛ ما يعني تبدد آمال الطاشناق بتشكيل لائحة مستقلين مع فرعون كان يجري العمل عليها، وعودته الى تحالفاته السابقة. في هذه الدائرة، مرشح حزبي واحد للتيار عن المقعد الكاثوليكي هو نقولا صحناوي، ويتحالف مع مرشح مستقل هو نائب رئيس هيئة قدامى ومؤسسي القوات اللبنانية إيلي أسود عن المقعد الماروني، والطبيب في مستشفى الروم جورج جيفيليكيان. وفي المتن الشمالي، ثلاثة مرشحين حزبيين، النائب إبراهيم كنعان (المقعد الماروني)، النائب إلياس بوصعب (المقعد الأرثوذكسي)، النائب إدي معلوف (المقعد الكاثوليكي). الحلف مع الطاشناق في هذه الدائرة لا يزال ضبابياً، وسيتم حسمه الأسبوع الجاري. كما أن المفاوضات مع الحزب القومي لم تحسم بعد وما يعنيه ذلك من تحالف مع مرشح الحزب أنطوان خليل عن المقعد الماروني. وفي حال انسداد الأفق، في جعبة التيار خيارات كالتحالف مع سركيس سركيس أو نصري لحود، فيما يبحث من جهة أخرى عن وجه موثوق شعبياً كالخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان.
الصورة في كسروان ــــ جبيل أقلّ وضوحاً من باقي الدوائر، لكن الثابت هو الحلف مع حزب الله خلافاً للدورة الماضية، ما سيخلق مشكلة مع تيار المردة عبّر عنها رئيس التيار سليمان فرنجية خلال مقابلته التلفزيونية الأخيرة لناحية التخلي عن المرشح فريد الخازن. اللائحة المفترضة ستضم مرشحة التيار الحزبية عن أحد المقاعد المارونية الخمسة الوزيرة السابقة ندى بستاني فيما لم تحسم الأسماء الأخرى بعد. ويرشح التيار النائب سيمون ابي رميا في جبيل مع ترجيح التحالف مع الطبيب وليد الخوري مجدداً، الى جانب مرشح حزب الله رائد برو. من دائرة جبل لبنان الأولى الى دائرة الشمال الثالثة (البترون ــــ الكورة ــــ زغرتا ــــ بشري). في البترون، يترشح رئيس التيار، على أن ينضم الى اللائحة مدير مستشفى تنورين الحكومي الدكتور وليد حرب. وفي الكورة، ينضم الى جانب المرشح العوني جورج عطا الله، مرشح الحزب القومي وليد العازار، إضافة الى أحد المستقلّين الذي لم يعلن عنه بعد. وفي زغرتا، لم يعلن أيضاً عن المرشحَين الاثنين اللذين سيتربعان على اللائحة الى جانب المرشح العوني بيار رفول والمفترض أن يكون أحدهما من المدينة وآخر من قرى القضاء. في حين أن التيار في صدد حسم تحالفه مع المرشح وليم طوق في بشري. أما في دائرة طرابلس ــــ المنية ــــ الضنية، فسيكون ثمة مرشح للتيار سيعلن عنه ما إن تتضح التحالفات. في حين أن لائحة عكار باتت شبه محسومة، وسيتمثل بها كل من جيمي جبور (ماروني) وأسعد درغام (أرثوذكسي) عن التيار الوطني الحر، وشكيب عبود عن الحزب القومي، إضافة الى النائب السابق محمد يحيى (سني) بانتظار حسم هوية المرشح العلوي والمرشحين السنيين الآخرين.
مجدلاني مرشحة القوات مع مخزومي
اتفق حزب القوات اللبنانية والنائب فؤاد مخزومي على أن تضم لائحة الأخير في دائرة بيروت الثانية المرشحة زينة مجدلاني إلى مقعد الروم الأرثوذكس عن القوات، مع وعد من معراب بإعطاء اللائحة ومجدلاني 2000 صوت من أصوات نحو 4100 من المغتربين المسيحيين الذين سجّلوا أسماءهم للاقتراع في هذه الدائرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
الحرس الثوريّ يضرب قلعة الموساد في أربيل… وعبداللهيان يحمّل واشنطن تعثّر النوويّ
موسكو تستهدف مركز تجميع الأسلحة والمرتزقة على حدود بولندا… والحصيلة 35 قتيلاً
بري يعلن مرشحيه اليوم… وباسيل: استبعاد كرم وعودة بوصعب… وثنائيّ أسود وأبوزيد لجزين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمهورية
إذلال الناس مستمر .. ومخاوف من اقتــراب الانفجار .. ولاتقدّم مع الصندوق
هو الفصل الأكثر مأساوية، الذي تعيشه كلّ فئات الشعب اللبناني في هذه المرحلة، حيث يتعرّض هذا الشعب لأبشع عمليّة استغلال من أكثر المجرمين دناءة وخسّة.
مجريات الأيام الأخيرة، لعلّها أخطر ما شهده لبنان منذ اشتعال الأزمة فيه؛ آفاق الحلول مقفلة بالكامل، والإنهيار يتسارع في شتّى المجالات، وكرة النّار تتدحرج على كلّ شيء، وتفاقم المخاطر على الأمن الإجتماعي. وتكفي جولة على المتاجر، لتتبدّى آثار الجريمة الفظيعة التي ترتكب بحق اللبنانيين، وتكفي نظرة إلى النّاس، ليُقرأ الإختناق على وجوههم، والإذلال الذي يتعرّضون له.
أمام هذا الواقع، صار مُخجلاً الحديث عن سلطة هزمت شعبها بغربتها عنه، وباعتمادها النأي بالنفس عمّا يصيب هذا الشّعب، وإخلائها الساحة لإجرام لصوص الإحتكار والتلاعب بالاسعار، ليشنّوا حرب إبادة جماعية للبنانيّين، في لقمة عيشهم وأساسيات حياتهم. وأقل ما يُقال لسلطة مقيمة في عتمة حساباتها ومصالح ازلامها وسياساتها، وعقلها ولّاد فقط للمشاكل والحساسيات والاستفزازات خدمة للحزبيات: إنّ أكبر خدمة تقدمها لشعب أذلّته هي أن تستحي وتدفن نفسها في التراب.
الواقع مرير بالفعل، صار البلد كلّه سوقاً سوداء، والناس باتوا يخيّرون علناً بين الجوع وبين الاسعار الحارقة. بالأمس كانت المحروقات والدواء، واما في هذه الأيام فلحقتهما سائر الاساسيات من ربطة الخبز، الى عبوة المياه، الى الحبوب، والسكر وحتى الملح، وسبقتها محلات بيع اللحوم والدواجن والخضر والفاكهة التي باتت تبدو كفروع لمحلات بيع المجوهرات. ناهيك عن الاستشفاء الذي صار فقط من نصيب الاغنياء والمحظوظين من أتباع الحمايات السياسية وأصحاب النفوذ.
كل ذلك يحصل، وآخذ في التمادي أكثر فأكثر، فيما مدّخرات اللبنانيين وودائعهم وحتى رواتب الموظّفين تحبس في المصارف في جريمة سرقة موصوفة، وتمارس في حقّهم أبشع عملية قهر وابتزاز. والسلطة تغطي عجزها بإسهال كلامي خادع عن روادع وإجراءات، وباستعراضات ومداهمات صوريّة أمام الكاميرات، يقودها موظّف في وزارة أو إدارة، يُشمّر عن ساعديه ويرعد بتصريحات تتوعد المخالفين، فيما النتيجة تكون أكثر وجعاً من المخالفة نفسها، أي إحصاء مخالفات في هذه المنطقة او تلك، وتسجيل محاضر ضبط بحق متجر، او فرن، أو محطّة محروقات، او صيدلية، او تاجر محتكر مضبوط بالجرم المشهود، سرعان ما تمحوها وساطات أصحاب النّفوذ، ومداخلات كبار هذه السلطة، فتُطوى المخالفات، وتُوقَف الملاحقات وتُلغى الغرامات. فكيف يمكن لهؤلاء أن يرتدعوا مع سلطة تحمي المرتكبين وتشجّعهم على الإستمرار في إذلال الناس؟!
مخاوف من مخاطر
منطق السلطة في موازاة هذا الوضع متخبّط، بعضه مستسلم للعجز الكلّي، وبعضه الآخر يسبح في مدار الإنكار، ويهرب إلى الامام بمحاولة إيهام الناس بأنّ الانهيار المتسرّع جزء من حالة عامّة يشهدها العالم بأسره، وأن اسبابه ليست داخلية، بل أن «الحقّ على الرّوس والأوكران»، فكيف لمثل هذا الكلام أن يقال فيما غرف الإحتكار التي تدير لعبة إخفاء الاساسيات الحياتية للمواطن ودفع الاسعار الى مستويات جنونية، هي غرف داخلية تعرفها السلطة واجهزتها كلّها بمكانها بأسماء أمرائها، وليس فيها لا روس ولا أوكران؟!
تِبعاً للوقائع الحياتية المتدحرجة، ولغياب سلطة حقيقية مؤتمنة على شعب تحميه وتؤمّن له، ولو الحد الأدنى من التحصين الداخلي، وتردع من يخلّ به، فإنّ التدحرج المتسارع يَشي بمجهول آت، ليس في الامكان تقدير ما يخبّىء من مخاطر على لبنان واللبنانيين. فلقد بات مُسلماً به لدى مختلف الاوساط الداخلية بأن وضع البلد بات مفخخاً باحتقان الناس، والمخاوف تتعاظم من انفجار القنبلة الاجتماعيّة والتداعيات الخطيرة التي ستنجم عنها على مجمل الصّورة اللبنانية.
ماذا عن الاستحقاقات؟
وسط هذه الأجواء، يبرز السؤال عن الاستحقاقات المقبلة، وأقربها الانتخابات النيابية بعد نحو شهرين؟
مصادر مسؤولة تؤكد لـ«الجمهورية» مشروعية المخاوف من انفجار اجتماعي، ذلك ان الاحتقان والغضب الشعبي بلغا مستويات مرعبة، وقدرة اللبنانيين على احتمال الضغوط توشك ان تصبح معدومة نهائيا، وحركة الاحتقان في انتفاح مستمر، ومسار التفاقم هذا سيصل في لحظة معينة إلى انفجار اجتماعي واسع، أخطر من الانفجار الأمني ويُخشى معه دخول البلد في فوضى شاملة وحقيقية هذه المرّة.
وفي موازاة التأكيدات المتتالية على لسان أكثر من مسؤول في الدولة بأنّ الانتخابات النيابية ستجري في موعدها المحدد في 15 ايار المقبل، يبدو أنّ هذا الاستحقاق يجري في السياق القانوني والاجرائي والرسمي المرسوم له، من دون معوقات سياسية او ادارية. وعلى هذا الاساس يجري تزخيم المشهد الانتخابي سواء عبر الترشيحات، او عبر تحريك القوى السياسية والمدنيّة لماكيناتها الانتخابية، او عبر الحراك المكثف بين هذا الطرف السياسي او ذاك، لصياغة تحالفات وبناء لوائح مشتركة لخوض الانتخابات.
الا ان هذه التأكيدات التي تجزم بعدم وجود أي مانع سياسي لإجراء الانتخابات، وبأن لا قدرة لدى أي من الاطراف السياسية على تعطيل أو تأجيل هذا الاستحقاق، تبدو مبنيّة على مواقف مبدئية من التوجّه الى إجراء الإنتخابات في موعدها، وعلى رفض مبدئي ايضاً لأي تأجيل، او تمديد للمجلس النيابي الحالي حتى لدقيقة واحدة، وعلى هذا الاساس جرى تفكيك «عبوة الميغاسنتر» التي اعتبر بعض الاطراف انها تخفي في باطنها صاعق تأجيل الانتخابات. ولكن على الرغم من الحماسة لإتمام الاستحقاق، فإنّ المتحمّسين لا يملكون سوى التأكيد تلو التأكيد على إجراء الانتخابات، وليس الحسم بأن العمليات الانتخابية ستحصل منتصف أيار.
القلق واجب!
وعلى ما تؤكد مصادر سياسية مسؤولة لـ«الجمهورية» فإنّ القرار السياسي حاسم لناحية اجراء الانتخابات، وتبعاً لمواقف الاطراف، فإنّها حاصلة نظريّاً في الموعد المحدد. واذا ما استمرّ المسار على ما هو عليه الآن، فالانتخابات حاصلة حتما. ولكن الوضع القائم في لبنان اجتماعيا ومعيشيا يبعث على القلق من بروز عوامل غير محسوبة خلال الشهرين الفاصلين عن موعد الانتخابات.
مبعث القلق، كما تقول المصادر المسؤولة عينها، مُتأتٍّ مما آلت اليه امور البلد الاقتصادية والحياتية في الآونة الاخيرة، والتي تشهد قفزات خطيرة، يخشى مع استمرارها ان نصل الى انفجار اجتماعي وهو عنوان بات قابلا لأن يحصل، وإن حصل فمعنى ذلك أنّ زمام الامور قد يفلت، ويتدحرج الى وقائع دراماتيكية تزيد من اهتراء الوضع في لبنان وتذهب به الى مزيد من الشروخ والانقسامات والتوترات، وتؤثر على كل شيء فيه، وتجعل من امكانية إجراء الانتخابات مسألة بالغة الصّعوبة. خلاصة الكلام هنا ان القلق واجب، وكل الاحتمالات واردة».
عبوات إضافية
وفي موازاة قلق المصادر المسؤولة من انفجار العبوة الإجتماعية، يبرز قلق بذات المستوى لدى بعض المستويات السياسية، من عبوات أخرى مماثلة في لبنان خلال الاسابيع المقبلة، فإلى جانب العبوة الاجتماعية، تتبدى عبوة اساسية مرتبطة بكل مؤسسات الدولة واجهزتها على اختلافها، التي يتراجع حضورها وفعاليتها بشكل رهيب، جرّاء الإهتراء الذي أصابها وشلّ قدرتها على الاستمرار وتسبب بنقص هائل في مستلزماتها ومتطلباتها اللوجستية والمالية. ناهيك عن وضع الضمان الاجتماعي الذي وصل الى حدود ان يلفظ أنفاسه.
وفي موازاة ذلك، تتبدّى عبوة اضافية في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. حيث انّ المؤشرات، بحسب ما كشفت مصادر سياسيّة واسعة الإطلاع، لا تشي ببلوغ التقدّم المنشود فيها، خلافاً لتأكيدات الجانب الحكومي بأنّ الامور تسير مع صندوق النقد كما هو مرسوم لها، فثمة فاصل عميق ما زال موجودا بين الطرفين، ومقاربات الصندوق تعكس عدم القناعة بطروحات الجانب اللبناني، حيث عبّر صراحة عن عدم رضاه سواء على الموازنة التي يعتبرها الصندوق دون المستوى المطلوب ولا تلبي متطلباته، وكذلك الحال بالنسبة الى ما تسمّى خطة التعافي، والى ما يتصل بالشروط التي يعتبرها الصندوق إلزامية لبلوغ برنامج تعاون مع الحكومة اللبنانية، لا سيما ما يتعلق فيها بوضع الادارة وحجم القطاع العام، وواقع الليرة والدولار وتحرير سعر الصرف.
آخر يوم
داخلياً، وفي موازاة الازمة الاجتماعية المتفاعلة، تبقى اولوية المستويات السياسية والرسميّة والمدنية للانتخابات النيابية، حيث يفترض ان ترتسم الصورة النهائية للترشيحات الرسمية يوم غد، مع انتهاء مهلة تقديم الترشيحات منتصف ليل الثلاثاء 15 آذار الجاري. فيما شهدت عشية انتهاء موعد الترشيحات سباقاً بين القوى السياسية على اعلان مرشحيها. وفي هذا الاطار يندرج المؤتمر الصحافي الذي سيعقده رئيس المجلس النيابي نبيه بري عند الثانية والنصف بعد ظهر اليوم حول ملف الانتخاب واعلان مرشحي حركة «أمل».
مرشحو «التيار»
وعلى صعيد اعلان المرشحين، اعلن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل اسماء 20 مرشحا للتيار الوطني الحر، وهي كما يلي: عكار: أسعد درغام وجيمي جبور. الكورة: جورج عطالله. زغرتا: بيار رفول. جبيل: سيمون أبي رميا. البترون: جبران باسيل. كسروان: ندى بستاني. المتن: إدي معلوف، الياس أبو صعب، ابراهيم كنعان. بعبدا: آلان عون. عاليه: سيزار أبي خليل. الشوف: غسان عطالله. بيروت الأولى: نقولا الصحناوي. جزين: سليم خوري، أمل أبو زيد، زياد أسود. زحلة: سليم عون. بيروت الثانية: إدغار طرابلسي. بقاع غربي: شربل مارون. أمّا مرشح الكاثوليك في البقاع الشمالي فسيُحسم لاحقًا.
وقال باسيل: إن مشروعهم للانتخابات «إسقاط جبران والتيار»، وليس إصلاح الدولة والإقتصاد.
وأشار الى أن هناك حزبا كبيرا في لبنان هو حزب الفساد وهو «مِتل الحِرباية». وقال: المتلوّنون تنعّموا بالمكتسبات في زمن الوصاية وعندما انتهى بَدّلوا جلدهم وركبوا موجة الحرية ورفضوا بعدها التنازل عن مكتسباتهم وفشّلوا الإصلاح وسبّبوا الإنهيار في 17 تشرين، ورجعوا بعدها بَدّلوا جلدهم وصار إسمهم «ثورة»، مضيفاً بالعاميّة: «الحِرباية مش بس بتغيّر لونها كمان بتغيّر الحقيقة وعم تحاول تغيّرلنا لوننا.. الحرامي والفاسد بدّو يعملنا مِتلو.. هيدا هو الإغتيال المعنوي وهوّي أصعب بكتير من الإغتيال الجسدي لأن الرصاصة بتقتلك مرّة أمّا الكذبة والشائعة فبتِقتلك كل مرّة».
ولفت الى انهم «افترضوا انّهم ربحوا الانتخابات وصاروا الأكثرية الوهميّة رح ينزعوا سلاح «حزب الله» أو يمنعوه يدخل الحكومة. والعقوبات ما رح تِنشال عنّي طالما في انتخابات وما حدا بيقدر يدفنّا نحنا وطيّبين وما خلِصتوا منّا ولا بتخلصوا. يَلّي ما قدروا ياخدوه بالحرب ما رح نخلّيهم ياخدوه بالتفقير، ويلّي بعد ما قدروا ياخدوه بالفساد ما رح نخلّيهم ياخدوه بالانتخابات».
أبو فاعور
ولفت موقف عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل ابو فاعور، حيث قال في بيان: «ان مشروع قوى الثامن من آذار مجتمعة في الانتخابات النيابية المقبلة يتلخّص بالحصول على ثلثي اعضاء مجلس النواب، وبالتالي فرض مرشحهم المدلّل رئيساً للجمهورية والتحكم بالتعديلات الدستورية وتغيير النظام وتحويل أمر السلاح الواقع الى حقيقة دستورية، وهذا ما لن يكون بإرادة اللبنانيين».
الراعي
على صعيد المواقف، قال البطريرك الماروني مار بشارة الراعي في عظة قداس الاحد أمس: «يعاني المواطنون، عندنا في لبنان، فوق فقرهم وبطالتهم وتدنّي رواتبهم، عشوائية مصرفية واقتصادية وتجارية وسياحية من دون رقابة أو رادع. وكأن التشريع المالي في هذه القطاعات أمسى هو أيضا مستقلا عن قوانين الدولة وعن قوانين النقد والتسليف. فمِن حجز الأموال، إلى فقدان الدولار، إلى تقنين السحب بالليرة، إلى تلاعب الصرافين بجميع العملات، إلى منع التحاويل لتغطية الضرورات، إلى قبول بطاقات الائتمان مع زيادة على قيمة الفاتورة، إلى رفض الدفع ببطاقات الائتمان، إلى فرض الدفع نقداً. إنه النزيف المالي والمعيشي والإجتماعي. لا تستطيع الحكومة معالجة هذا الوضع العشوائي إلّا بإحياء الحد الأدنى من النظام المالي، وضبط مداخيل الدولة بجباية الضرائب والرسوم من الجميع، وفي جميع المناطق اللبنانية، وضبط مداخيل المطار والمرافئ والحدود، وإيقاف التهريب دخولاً وخروجاً، واستثمار الأملاك البحرية».
وشدد على أن «حياد لبنان، الذي هو من صلب هويته، قائم على عدم الدخول في أحلاف ومحاور وصراعات سياسية وحروب إقليمية ودولية، ويقتضي أن تكون الدولة قوية بجيشها وأجهزتها الأمنية، لكي تفرض سيادتها في الداخل وفي الخارج إذ تحترم سيادة الدول الأخرى، وتردّ كل اعتداء عليها بقواها الذاتية. هذا الحياد يجعل لبنان صاحب رسالة. فيتعاطف مع قضايا حقوق الإنسان وحرية الشعوب، ويتخذ مبادرات للمصالحة وحل النزاعات، ويعمل من أجل السلام والإستقرار.
عودة
بدوره، دعا متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، في عظة قداس الاحد امس، المسؤولين الى «أن يحترموا الشعب ويكفّوا عن استغلاله واستعباده أو استغبائه». وقال: «نسمع بين الحين والآخر كلاماً على تأجيل الإنتخابات. هذا الأمر مرفوض ومُدان من الشعب، لأنّ كيل الشعب طَفح من أناس نَكلوا به وفجروه وأهانوه وذلّوه، وما زالوا يتفرجون على عذابه ويأسه».
ولفت الى أنه «منذ الإنهيار المالي والإقتصادي، قبل نحو سنتين، لم نشهد تقدماً، ولا حتى وقفاً للانهيار. منذ عقود لا كهرباء في المنازل، ولا نسمع إلا عن خطط إنما بدون تطبيق. صُمّت آذاننا من ذكر الإصلاح ووقف الهدر ومحاسبة الظالمين والمعتدين والفاسدين والهادرين مال الشعب وكرامة الوطن، لكن الخطابات والوعود بعيدة كل البعد من الواقع والتطبيق. ما هَمّ المواطن الجائع أو المريض إن تَبوّأ فلان هذا المركز أو ذاك، وإن أُقصي فلان عن هذه اللائحة أو تلك، وإن كان ممكناً تصنيع المسيّرات في لبنان، أو إن كان لبنان في هذا الحلف أو ذاك؟».
وقال: «جُل ما يقوم به المسؤولون هو إلهاء الشعب بصغريات الأمور من أجل تمرير مصالحهم. أين أصبح التحقيق في تفجير المرفأ؟ أين محاسبة المحتكرين؟ أين الكهرباء؟ أين أموال الناس التي اكتسبوها بعرق جبينهم وحرمهم الفساد وسوء الإدارة منها؟ أين محاربة الفساد والفاسدين؟ أين إصلاح الإدارات العامة؟».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهار
انطلاق السباق الانتخابي تحت وطأة الانهيار
تحل اليوم الذكرى الـ17 للانتفاضة الاستقلالية السيادية في 14 آذار 2005 في مفارقة زمنية اذ تصادف الذكرى عشية الانطلاق الرسمي للسباق الانتخابي نحو الدورة الانتخابية النيابية التي ستجرى في 15 أيار، ما لم تطرأ أي تطورات مفاجئة تطيحها. وعلى رغم التبدلات الضخمة في الواقع السياسي والاجتماعي الداخلي منذ حصول انتفاضة 14 آذار حتى الساعة ولا سيما منها ما أدى الى انفراط عقد تحالف القوى السيادية التي حملت اسم تحالف 14 آذار، فان مجمل التطورات والظروف والوقائع التي تطبق على لبنان تشكل حقيقة ثابتة مفادها ان الصراع من اجل استعادة السيادة وترسيخها لا يزال في أوج الحاجة اليه بعدما انتقلت الوصاية السورية المباشرة الى وصاية إيرانية مقنعة بايدي ووسائل وقوى لبنانية تطبق بهيمنتها المطلقة على الدولة والقرارات الاستراتيجية وتوجه لبنان في مسالك باتت تهدد هويته الوطنية والعربية والعالمية. ولكن المفارقة لا تقف عند مصادفة احياء الذكرى مع انطلاق العد العكسي للانتخابات النيابية بل تتعداها الى التشابك الكبير بين فقدان سيادة الدولة وفقدان الدولة نفسها في ظل الانهيار المتدحرج الآخذ بتحويل حياة اللبنانيين وظروف وأحوال عيشهم الى أسوأ ما عرفته شعوب ودول منهارة وفاشلة في العالم. ففي الأيام الأربعة الأخيرة وحدها، بدا لبنان بكل مناطقه وبكل أبنائه عرضة لاسوأ معاناة تحت وطأة عاصفة قطبية شرسة تجتاحه وتجثم على أثقاله، بما ينكشف معه اكثر فاكثر ان اللبنانيين هم شعب يعاني يتم الدولة ولا دولة فيه، اذ ان العتمة الشاملة تتمدد ومعها ازمة محروقات غير مسبوقة ترتجف تحت وطأتها كل المناطق ولا سيما منها المناطق الجبلية والنائية المفتقرة الى ادنى وسائل مواجهة العاصفة المستمرة حتى ما بعد منتصف الأسبوع الطالع. ووسط المشهد البائس للبنانيين في مختلف المناطق، يكاد ينعدم وجود الدولة والحكومة والسلطة لا في المبادرة الى توفير مادة المازوت، ولا في تقديم المساعدات العاجلة الى من عزلتهم الثلوج، ولا في تخفيف وطأة الصقيع، ولا في أي اجراء يشعر اللبنانيين بانهم غير متروكين في عراء تداعيات احدى أسوأ العواصف القطبية التي ضربت لبنان وهو في عز افتقاره الى كل الخدمات الأساسية البديهية بدءا بالكهرباء والوقود والمحروقات.
وسط هاتين المفارقتين، يحيي لبنان اليوم ذكرى الانتفاضة السيادية مع انعدام الرؤية نحو المستقبل القريب والبعيد من دون أي أوهام مفتعلة حيال ما يمكن ان تؤدي اليه الانتخابات النيابية على صعيد تصويب الخلل الداخلي لمصلحة القوى السيادية ما لم تقم جبهة انتخابية سياسية متراصة تحت شعار الصراع السيادي.
البانوراما الانتخابية
اما في المشهد الانتخابي الذي بدأ يكتسب طابع السخونة المتدرجة فيفترض ان ينضم اليوم وغدا مئات من المرشحين الجدد الى نحو 550 مرشحا سجلوا حتى الجمعة الماضي قبل اقفال باب الترشيحات الى الانتخابات في منتصف ليل غد الثلثاء لتبدأ بعدها عملية تسجيل اللوائح الانتخابية التي تنتهي مهلتها في الرابع من نيسان.
وقبل اقفال باب الترشيحات غداً تصاعدت على نحو ملحوظ حرارة المناخ الانتخابي مع شروع الكتل الكبيرة في اعلان مرشحيها تباعا. فاليوم يعقد رئيس مجلس النواب نبيه بري مؤتمرا صحافيا في عين التينة، يخصصه لملف الانتخابات النيابية ويعلن فيه أسماء مرشحي حركة “امل” وكتلة التنمية والتحرير بعدما كان حليفه في الثنائية الشيعية “حزب الله ” اعلن مرشحيه.
كما ان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل اعلن امس مرشحي التيار في المؤتمر السنوي السابع للحزب. وقرن باسيل اعلان مرشحي التيار العوني بحملة شعواء على خصومه فاعتبر “اننا صمدنا 15 عاما لنحقق التحرير ونحن مستعدون لنصمد سنين لنحقق التحرر”، وقال: “أنظروا الى كذبتهم في 14 اذار كيف سقطت و33 سنة على 14 اذار الاصلية في العام 1989 بقيت واستمرت معنا، بعدما سقط القناع عن 14 اذار المزورة”. واضاف باسيل: “صمدت 14 آذار الصادقة وسقطت 14 آذار الكاذبة تماماً كما نحن الثورة الصادقة نصمد ونبقى وهم الثورة الكاذبة ويسقطون”. واعتبر ان “هناك حزبا كبيرا في لبنان هو حزب الفساد وهو “متل الحرباية”.. المتلوّنون تنعّموا بالمكتسبات في زمن الوصاية وعندما انتهى بدّلوا جلدهم وركبوا موجة الحرية ورفضوا بعدها التنازل عن مكتسباتهم وفشّلوا الإصلاح وسبّبوا الإنهيار في 17 تشرين”.
وتابع مصعداً هجومه ومدافعاً عن حلفه مع “حزب الله” قائلا: “افترضوا انّهم ربحوا الانتخابات وصاروا الأكثرية الوهميّة فهل سينزعون سلاح “حزب الله” أو يمنعوه من دخول الحكومة؟ والعقوبات لن تزال عنّي طالما هناك انتخابات. وما حدا بيقدر يدفنّا نحنا وطيبين وما خلصتوا منّا ولا بتخلصوا. يلّي ما قدروا ياخدوه بالحرب، ما رح نخلّيهم ياخدوه بالتفقير، ويلّي بعد ما قدروا ياخدوه بالفساد، ما رح نخلّيهم ياخدوه بالانتخابات”. ولفت إلى أنّ “من مدّ لنا يده للتحالف الإنتخابي هو حزب الله كما مددنا له يدنا في 6 شباط 2006 عندما حاولوا عزله”.
وبدوره، يطلق حزب “القوات اللبنانية” حملته الانتخابية، في ذكرى 14 آذار، ظهر اليوم في المقر العام في معراب. وستكون كلمة لرئيس الحزب سمير جعجع، تحضيراً لاستحقاق 15 أيار، بحضور اعضاء تكتل “الجمهورية القوية”، ومرشحي ” القوات” واعضاء الهيئة العامة. وامس اعلن جعجع دعم ترشيح غادة ايوب عن المقعد الكاثوليكي وسعيد الاسمر عن المقعد الماروني في دائرة جزين ، وأعلن في السياق ان “القوات اللبنانية سعت بكل الطرق الى امكانية التفاهم مع الافرقاء كافة فتوصلنا الى التحالف مع بعضهم الا ان البعض الآخر لم يرغب بذلك لدواعٍ شخصية”. وقال انه “في حال نلنا الاكثرية سنحسن استخدام الاكثرية من خلال العمل بشكل مختلف عما شهدناه في العامي 2005 و2009، اذ لن نقبل مثلا بتشكيل حكومة “وحدة وطنية” كما كان يحدث سابقا، باعتبار ان من لديه الاكثرية هو من يشكل الحكومة، وفي حال عرقل الفريق الآخرعملية التشكيل وحاول تأليف أخرى، ستكون شبيهة بالحكومة الحالية التي شكلوها بالاكثرية التي يتمتعون بها في المجلس النيابي، وسيكون مشروعها بعيدا من منطق الدولة الفعلية ومن اعادة بنائها. هذا ليس هدفهم، لأن لحزب الله مشروعا آخرا كبيرا ليس له علاقة بلبنان، و”التيار الوطني الحر” ابعد ما يكون عن منطق الدولة واي حكومة سيشكلها هذا الفريق لن تلقى تعاونا على الصعيد الخارجي وبالتالي ستغرق البلد الى “قعر قعر قعر” جهنم، فيما نحن سنشكل حكومة اكثرية تتمتع بسياسة واضحة المعالم”.
وفي المقابل جدد رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” محمد رعد حملته على خصوم الحزب وقال : “إن خصوم المقاومة خطتهم في مواجهتنا هو نزع سلاحها”، مضيفا “هناك نغمة جديدة وهي لا للاحتلال الإيراني، الإحتلال الإيراني في معرض الكتاب بأسواق بيروت بأن صورة للشهيد سليماني مرفوعة عند دار نشر يعرض كتبه في المعرض أصبح هذا الأمر رمزا للاحتلال الإيراني”، متسائلا “ألا يخجل هؤلاء”. وقال: “نحن نعلم كم هو عديد العسكر الأميركي المتنقل بين حامات ورياق وسفارة عوكر، عديد العسكر الأميركي أكبر من حجم المدنيين الإيرانيين الذين لديهم إقامات رسمية في لبنان”.
وفي هذا السياق رأى عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب وائل أبو فاعور ان “مشروع قوى الثامن من اذار مجتمعة في الانتخابات النيابية المقبلة يتلخص بالحصول على ثلثي اعضاء مجلس النواب، وبالتالي فرض مرشحهم المدلل رئيسا للجمهورية والتحكم بالتعديلات الدستورية وتغيير النظام وتحويل أمر السلاح الواقع الى حقيقة دستورية، وهذا ما لن يكون بارادة اللبنانيين”.
وفيما لم تتبلور بعد الصورة النهائية الواضحة للائحة التي يعمل الرئيس فؤاد السنيورة على تأليفها ورعايتها ودعمها في بيروت وفي انتظار معرفة الموقف النهائي للرئيس نجيب ميقاتي من ترشحه اتخذ بيان لـ”تيار المستقبل” امس دلالات بارزة لجهة إشادته بنواب كتلته الذين عزفوا عن الترشح. ووجه التيار “كل التحية والتقدير لكل أعضاء التيار في كل المناطق اللبنانية المنسجمين مع قرار الرئيس سعد الحريري وتوجهاته، ولا سيما النواب الحاليين والمسؤولين الذين أعلنوا عزوفهم عن الترشح، وكوادر التيار وجمهوره الذين يلتزمون توجهات الرئيس والتعاميم الصادرة عن التيار” .