أشارت "البناء" إلى أن "الصورة قاتمة على الصعيد السياسي" بعد إعلان اللواء عباس إبراهيم أنه لم يعد معنياً بالوساطة في ملف تشكيل الحكومة، "لا من قريب لا من بعيد". كما توقفت "اللواء" في افتتاحيتها أمام موقف مدير عام الأمن العام. لكنها انفردت بالكشف عن "طلب نواب التيار الوطني الحر تعديل اتفاق الطائف". ونقلت عن مشارك في اجتماع السياسيين الموارنة، الذي دعا إليه البطريرك الراعي في بكركي، أن هؤلاء النواب "طلبوا في الإجتماع تعديل اتفاق الطائف، لزيادة صلاحيات رئيس الجمهورية بما يضمن قوة المسيحيين مستقبلا، اضافة الى بنود اخرى. عدا عن مطلب اعطاء رئيس الجمهورية وفريقه السياسي الثلث الضامن في الحكومة لتقوية موقعه في تركيبة الحكم".
البناء
واشنطن وتل أبيب لتهديد الحشد الشعبي بعد الفشل في سورية ولبنان وغزة
القمة العربية تتحوّل مجلساً وزارياً مكرّراً… فهل تؤجَّل؟
إبراهيم ينسحب من الوساطة الحكومية… والبلد مقفل حتى الإثنين
شكلت الرسالة التي أبلغها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو لرئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي عن تهديد إسرائيلي باستهداف الحشد الشعبي وعدم استعداد واشنطن للتدخل، الوجه الآخر لما أعلنته تل أبيب عن حصيلة الدراسات الخاصة بأمنها الاستراتيجي والتي تقول إن التهديد من الشمال الذي تمثله المقاومة يشكل مصدر الخطر الأكبر على كيان الاحتلال، وجاء تهديد العراق كمخرج تجسّ واشنطن به ردود الأفعال حوله قبل التورط في ما قد يكون مصدراً للمزيد من الخطر، خصوصاً بعدما أظهرت محاولات الاستهداف لسورية وغزة ولبنان مخاطر التورّط في مواجهات تقدر «إسرائيل» على البدء منها، لكنها لا تعرف كيف تنتهي.
الردود العراقية تراوحت بين الإعلان عن جهوزية فصائل الحشد الشعبي للردّ بقصف العمق الإسرائيلي والدعوات لرحيل القوات الأميركية، بصورة تجعل تحويل التهديدات الإسرائيلية إلى وقائع بداية مسار قال رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي إنه سيخلق تداعيات خطيرة لا يستطيع أحد التحكم بها.
في لبنان، مع اكتمال الاستعدادات لاستضافة القمة العربية الاقتصادية، وبدء وصول المشاركين ظهرت الصورة باهتة وهزيلة. فالقمة كناية عن مجلس وزراي مكرّر، سيعقد مرّتين، يومي الجمعة والأحد، بحضور رئيسي موريتانيا والصومال بعدما طالت الاعتذارات قبل يومين الرئيسين المصري والفلسطيني وتبعهما يوم أمس أمير الكويت والرئيس العراقي، ومن الممكن أن يليهما رئيسا موريتانيا والصومال بالاعتذار، وبالرغم من الأسباب الخاصة التي تمّ سوقها لتبرير الغياب بدا واضحاً أنّ للغياب ما يتصل بجولة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في المنطقة، وربط الانفتاح على لبنان بخطوات مطلوبة من الدولة اللبنانية، حمل جدول أعمالها نائب معاون وزير الخارجية الأميركية إلى بيروت ديفيد هيل وتتّصل بثلاثة أبعاد، الأول يرتبط بدعوة لبنان لقبول البحث بترسيم الحدود البرية في ظلّ مواصلة «إسرائيل» بناء الجدار الإسمنتي على النقاط اللبنانية وطلب تجاهل لبنان لتغييب ترسيم الحدود البحرية لضمان الأمن لما تقوم به «إسرائيل» من سرقة للنفط والغاز من الحقول اللبنانية في البحر المتوسط، بعدما ضمنت واشنطن شرعنة السرقة الإسرائيلية برعاية إطلاق منتدى الغاز لدول شرق المتوسط، الذي تولّت مصر الدعوة إليه بشراكة «إسرائيل» وقبرص والسلطة الفلسطينية واليونان واستثنت سورية ولبنان، والثاني يتصل بالعلاقة مع سورية التي تريد لها واشنطن أن تنضبط بروزنامة لا مكان فيها لإعادة الإعمار وعودة النازحين إلا عندما ترضخ دمشق للمفهوم الأميركي لأمن إسرائيل وتلتزم الابتعاد عن قوى المقاومة، وللبنان ما يخصه كثيراً في هذا المجال، ففيه القوة الأهم في محور المقاومة، والمطلوب تقليم أظافرها وتشكيل حكومة تتجاهلها أو تحجم حضورها على الأقل، وإلا فحكومة تصريف الأعمال هي الأمثل، وبعدما سمع لبنان كلام هيل ورأى الاعتذارات العربية صار مطروحاً بقوة التساؤل عن سبب الاستمرار بالقمة التي تنعقد وكأنها لا تنعقد، بينما يمكن لوزراء الخارجية والاقتصاد الذين سينعقدون بصيغة مجلس وزاري اليوم أن يقرّروا بناء على طلب لبنان تأجيل موعد القمة لموعد لاحق، تكون في لبنان حكومة وحدة وطنية وتكون العلاقات العربية بسورية قد قطعت الشوط اللازم لدعوة سورية للمشاركة في القمة.
حكومياً، تبدو الصورة شديدة التعقيد بمعزل عن القمة، فيوم الإثنين عندما يُفك أسر البلد، لن يفك أسر الحكومة، فالصورة قاتمة على الصعيد السياسي يكفي للتعبير عنها ما قاله المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عن انسحابه من أي وساطة في الشأن الحكومي، وقد كان هو الوسيط الذي يمكن أن يتوقع اللبنانيون ولادة المخارج التسووية على يديه، والانسحاب ليس إلا تعبيراً عن درجة الانسداد والتعقيد، والشعور بالعبثية في تعامل الأطراف المعنية مع المساعي الهادفة للحلحلة.
«قمة» بمن حضر
رغم تقلُص مستوى التمثيل وإعلان الاعتذارات بالجملة لملوك ورؤساء عرب عن عدم الحضور، وفي ظلّ الشرخ الوطني وغياب سورية، ستنعقد القمة العربية الاقتصادية في بيروت الأحد المقبل بمن حضر، ما يزيد في هشاشة المؤتمر العربي في الشكل والمضمون، ويُعدّ انتكاسة كبيرة للبنان على المستوى السياسي، إذ كشف حجم الحضور أنّ البلد الذي تحمّل عن العرب أجمع نتائج الحروب الاسرائيلية والحرب الكونية على سورية غير موجود على الخريطة العربية ولا في قاموس العرب، أما على المستوى المالي فالبلد «المُفلس» أنفق مبالغ طائلة لاستضافة القمة من دون طائل منتظر، فليس على جدول أعمال القمة أيّ بند يتعلق بلبنان مباشرة بحسب المعلومات، فضلاً عما دفعه لبنان من رصيده الوطني على خلفية دعوة ليبيا وتأزّماً إضافياً في العلاقات مع سورية.
هذا الواقع المُخيّب للأمال يعزز، بحسب مصادر سياسية ودبلوماسية لبنانية المنطق الداعي الى تأجيل القمة الى ما بعد آذار المقبل وتجنّب عقدها في ظلّ المقاطعة العربية لسورية وحكومة تصريف أعمال.
وتشير المصادر لـ«البناء» الى أنّ «تخلّف الدول العربية عن الحضور على مستوى رأس الحكم فيها يشكل استخفافاً بلبنان وغياب الحدّ الأدنى من المسؤولية والاحترام للبلد المضيف الذي هو عضو مؤسّس في الجامعة العربية، كما يعبّر عن مدى التشظي والانقسام الذي يسود العرب وجامعتهم، ويدلّ على أنّ لبنان ليس على جدول أولويات الجامعة وتنصّل من المسؤولية من الأزمات التي يعاني منها لبنان ودول عربية أخرى».
أما في المضمون فتضيف المصادر أنّ «ذلك سيزيد في الضعف على صعيد نتائج القمة، إذ إنه لم يطبّق أيّ من القرارات منذ العام 1946 حتى الآن والأزمات هي نفسها، جهل وتخلف وفقر وحروب أهلية داخلية وتورّط دول عربية بحروب على دول أخرى وتمادٍ في التطبيع مع عدو العرب إسرائيل فضلاً عن الانخراط في سياسة المحاور ودعم الارهاب التي مزقت النسيج العربي».
وأكد نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أنّ «عدم وجود حكومة فاعلة والأجواء التي تسود المنطقة، وبالتحديد غياب سورية عن القمة العربية الاقتصادية جعلت القمة تصاب بنكسة فعلية على مستوى الشكل والتمثيل». وفي حديث لوكالة «سبوتنيك » الروسية، اعتبر أنه «إذا كانت القمة ستناقش مسألة النازحين السوريين وإعادة إعمار سورية، فأنا أستغرب كيف ستكون بدون وجود سورية، إنها قمة دعت إليها الجامعة العربية في لبنان ، والأخير استضافها ويقوم بواجبه لا أكثر ولا أقلّ في ظلّ الأوضاع السائدة».
وقد حاول الأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط بعد لقائه صاحب الدعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التخفيف من «مصيبة التمثيل» عبر الإشادة بدقة الأجهزة اللبنانية في تنظيم القمة، وتوسّعت لائحة رؤساء الدول المعتذرين عن عدم الحضور، وكان آخرهم اليوم الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، بعد أمير الكويت الشيخ صباح الجابر الصباح.
وبعد توجيه وزارة الخارجية والمغتربين دعوة له لحضور القمة أعلن السفير السوري علي عبد الكريم علي في تصريح اعتذاره عن عدم الحضور لـ«كون الجامعة العربية هي المنظمة وحتى الآن الجامعة في وضع غير صحيح تجاه سورية».
وكانت أعمال القمة، انطلقت أمس في فندق فينيسيا في بيروت، في جلستها الأولى لمناقشة مشروع برنامج عمل اجتماع اللجنة المعنية بالمتابعة والإعداد للقمة، على مستوى كبار المسؤولين. وأعلنت المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس، بعد انتهاء الجلسة «ان اللجنة أقرّت جدول الأعمال ورفعته الى اللجنة التي ستجتمع بعد الظهر والتي تضم كبار المسؤولين والمندوبين الدائمين».
ولفتت الى أنّه «تمّت مناقشة ملف النازحين في إطار الورقة السياسية التي تتكلم عن النازحين واللجوء السوري».
إبراهيم: لم أعد معنياً بالحكومة
في غضون ذلك، برز كلام لافت للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من عين التينة بعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري. حيث قال، رداً على سؤال حول موضوع تأشيرات الدخول للوفد الليبي: «يهمّني أمن البلد بالدرجة الاولى فقط». وعن مبادرة تشكيل الحكومة، أجاب: «لم أعد معنياً بهذا الموضوع أبداً لا من قريب ولا من بعيد».
وقد أشر كلام ابراهيم الى أنّ الملف الحكومي يتجه الى مزيد من التعقيد في ظلّ ما عكسته مواقف القوى المسيحية في لقاء بكركي أمس الأول، لا سيما الخلاف حول الثلث المعطل، وفي حين أكدت مصادر لـ»البناء» أنّ العقدة الحكومية ليست مسيحية مسيحية بل بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل حول النفوذ في الحكومة، فرئيس التيار الوزير جبران باسيل يحاول، بحسب المصادر، طرح المخارج لإحراج الرئيس المكلف سعد الحريري والضغط عليه للقبول باحتفاظ التيار بالثلث الضامن إلا أنّ الحريري يعتمد سياسة المماطلة والتسويف ليحول دون ذلك، فهو أيّ الحريري يدرك بأنه سيكون ضعيفاً أمام التيار ورئيس الجمهورية فكيف إذا نال عون الثلث، ما سيؤثر على قوته في الحكومة، وأشارت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ «البناء» الى أنّ الحزب لا يمانع أن ينال الرئيس عون والتيار الثلث الضامن وأكثر لأنّ الحزب مطمئن الى مواقف عون لا سيما في القضايا الاستراتيجية. ودعت المصادر الى «الإسراع في تأليف الحكومة لإنقاذ البلد من مستنقع الأزمات الذي يغرق فيه».
تمدّد السجال على جبهة «التيار» «المردة»
وبعد الاجتماع الماروني في بكركي وما شابهُ من توتر بين تيار المردة والتيار الوطني الحر، استمر السجال على الجبهتين وأصاب الرئيس المكلف سعد الحريري بشظاياه، وقال رئيس المردة سليمان فرنجية عبر «تويتر» «إذا كان الرئيس سعد الحريري مصرّاً وحريصاً على منح الثلث الضامن لرئيس الجمهورية كما قرأنا في «المستقبل» اليوم، فليتنازل من حصّته عن وزير سنّي للقاء التشاوري فتُحلّ المشكلة». أضاف «حزب الله» متمسّك بتمثيل «اللقاء التشاوري» في الحكومة ولن يتراجع ونحن لم نقل إنه ضدّ ان يكون لرئيس الجمهورية الثلث الضامن، اما نحن كفريق مسيحي فإننا ضدّ منح الثلث الضامن لمن يريده ضدّ باقي المسيحيين». قبل أن يبادر فرنجية الى حذف التغريدة.
فردّ باسيل على فرنجية على «تويتر» قائلاً: «رجع الفصل واضح بين الاستقلاليين والتبعيين، ناس بتقاتل لتحصّل حقوق وناس مستسلمة ومسلّمة على طول الخط، بتقاتل بس يلّلي عم يقاتلوا، طعن ظهر وخواصر، مش بسّ فينا، بالعالم وحقوقهم، لمتى بدنا نضلّ ساكتين ومتحمّلين؟»
وقد سبق موقف باسيل مقدمة نشرة أخبار نارية لقناة «او تي في»، تناولت فيها رئيس المردة: «قال سليمان فرنجية إنّ حزب الله يرفض الثلث الضامن للرئيس، واليوم تراجع. لكن تراجع اليوم لم يكن فقط في موضوع حزب الله، بل أيضاً على جبهة تيار المستقبل. فقد نسب فرنجية لجريدة المستقبل ما لم يرد فيها، وقال: إذا كان الحريري متمسكاً بمنح الثلث الضامن للرئيس والتيار فليمنحه من حصته. ثم محا التغريدة». أضافت: «اللبنانيون جميعاً يتفهّمون ردود فعل فرنجية، ويقولون في السر والعلن: ليته يتقبّل الديمقراطية ويفتح صفحة جديدة. أما ما لم يفهموه أمس، ولن يفهموه أبداً، فهو أين المصلحة في نقل المشكلة السنية – السنية حول تمثيل اللقاء التشاوري في الحكومة، الى إشكالية على الساحة المسيحية، وبطلب مِن مَن؟».
اجتماع درزي بغياب أرسلان
أما على الساحة الدرزية فلم تكن أفضل حالاً، فقد عقدت الهيئة العامة لطائفة الموحدين الدروز اجتماعها الدوري في بيروت، برئاسة رئيس المجلس شيخ عقل الطائفة الشيخ نعيم حسن، بغياب رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان وحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ونجله النائب تيمور جنبلاط.
وشدّد المجتمعون في بيان على «أهمية تحصين عمل مؤسسة المجلس المذهبي وتفعيله بصفته المؤسسة الرسمية الشرعية المنتخبة التي تمثل كل أبناء الطائفة، وبأن الرد على كل الحملات هو بمزيد من العمل لخدمة الطائفة والوطن». وإذ أكد جنبلاط أن «هذا الاجتماع لا علاقة له بلقاء بكركي كاجتماع سياسي أو غير سياسي، ولا ببعض التظاهرات التي ظهرت هنا او هناك ذات طابع سياسي»، أكد أنه اجتماع دوري للمجلس المذهبي هدفه تفعيل المؤسسات وهذه الندوة هي الشرعية الأساسية الواحدة من أجل استمرار في دعم السياسي والثقافي، وعندما يأتي الاستحقاق بعد سنتين أو أكثر فالانتخابات مفتوحة لمن يريد ان يستمر في هذه المؤسسة الواحدة الموحدة».
غير أنّ مصادر مراقبة ربطت بين الاجتماع وحضور جنبلاط فيه بلقاء الوزير أرسلان ورئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب سوياً في احتفال تأبين الشهيد محمد أبو دياب الأسبوع الماضي في الجاهلية وما تخلله من مواقف تصعيدية من الطرفين ضد جنبلاط والرئيس الحريري والمدير العام لقوى الأمن الداخلي ومدعي عام التمييز.
وكان الحريري قد استقبل جنبلاط مساء أمس، في بيت الوسط يرافقه نجله النائب تيمور، بحضور الوزير غطاس خوري، وجرى استعراض آخر المستجدات السياسية، ولا سيما ما يتعلق منها بتأليف الحكومة.
اللواء
«الإنقسام اللبناني» يملأ فراغ القمة بغياب القادة العرب
إبراهيم من عين التينة ينسحب من مبادرة بعبدا.. وجنبلاط في بيت الوسط مع تفعيل الحكومة
بصرف النظر عن النتائج المتوقعة، من القمّة العربية الاقتصادية الاجتماعية الرابعة، التي تنعقد الأحد، لمناقشة البرنامج والبيان، الذي يقرُّه مجلس وزراء الخارجية العرب اليوم، تمهيداً لرفعه إلى ممثلي الملوك والامراء والرؤساء العرب، فإن ما يمكن وصفه بعاصفة القمة ترك ارتدادات داخلية، مستجدة، أبرزها انسحاب مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم من «المبادرة الحكومية» أو الرئاسية، إذ، قال من عين التينة بعد لقاء الرئيس نبيه بري: «لم اعد معنياً بهذا الموضوع ابداً لا من قريب ولا من بعيد»..
ومن دون ان ينفي ان يكون عدم إعطاء تأشيرات الدخول للوفد الليبي هو ما أوجد وضعاً غير مريح، بين الرئاستين الأولى والثانية، قال: «يهمني أمن البلد بالدرجة الأولى فقط».
وبالتزامن، زار مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، ربما في إطار ما يتعين القيام به من إجراءات في ما خصَّ بالعناصر التي أقدمت على إنزال العلم الليبي من البيال، ورفع علم لحركة «امل» مكانه..
ومع اجتماع النواب الدروز في دار الطائفة الدرزية، وإعلان دعم «الزعامة الجنبلاطية» على لسان شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن، بعد الاجتماع يكون اكمال مشهد المجالس الملية في البلاد.
سياسياً، سجلت زيارة النائب السابق وليد جنبلاط على رأس وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي إلى «بيت الوسط»، حيث التقى الرئيس المكلف سعد الحريري، وجرى عرض التطورات المتعلقة بالقمة، وبالجهود على جبهة تأليف الحكومة، وما يتعين فعله، لعدم ترك المشكلات تتفاقم، في ضوء التعثر الحاصل، لا سيما شلل المبادرة الرئاسية أو انهيارها، والاقتراحات المتداولة لانعاش حكومة تصريف الأعمال لجهة تعويمها، ودعوتها لعقد اجتماعات، سواء في ما يتعلق بالموازنة أو غيرها..
وفي السياق السياسي أيضاً، تفاعلت تصريحات رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية حول الثلث المعطل، واتهام التيار الوطني الحر بالتعطيل، والكشف ان حزب الله لن يوافق على منح فريق بعبدا الثلث المعطل، إذ سارع رئيس التيار جبران باسيل لاتهام فرنجية بالتبعية، واعتبار المشكلة بين استقلاليين وتبعيين، يطعنون بالظهر من يحاول تحصيل حقوق المسيحيين..
هكذا، حل الانقسام اللبناني عشية القمة، وكأنه ملء للفراغ الذي سببه غياب القادة العرب، عن قمّة بيروت، لاعتبارات متعددة، منها ما حصل بالنسبة لدعوة ليبيا، وإنزال العلم الليبي وما رافق هذا الموضوع من إشكالات.
قمّة بلا قادة
وفي تقدير مصادر رسمية ان لبنان الرسمي أنجز ما عليه بالنسبة لعقد قمّة عربية تليق بالقادة العرب، ولو كانت تحت عنوان اقتصادي تنموي، ولكن إذا حضر القادة أو لم يحضروا، فالمسؤولية ليست عليه، ولا يعني اعتذار معظم القادة العرب عن عدم الحضور، فشلاً بالنسبة إليه، وان كان بعض سياسييه وما اثاروا من إشكاليات سياسية تتصل بحضور سوريا أو تغييبها، ومنع مشاركة الدولة الليبية، وما رافقها من ممارسات، فضلاً عن الظروف العربية المحيطة بكل دولة عربية، ساهمت إلى حدّ كبير في إعطاء الانطباع عن فشل القمة بسبب ضآلة المشاركة العربية، حيث تبين، مبدئياً، ان أي رئيس عربي ليس في وارد الحضور، مع اعتذار الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، أمس، الا ان ثمة أملاً وحيداً يكمن في مشاركة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لكي يسهم في كسر المقاطعة العربية للقمة، ويعطيها زخماً تفتقده، نظراً لعلاقته الوطيدة مع لبنان ومحبته له، غير ان ذلك لم يتأكد بعد.
وعلى الرغم من غياب معظم القادة العرب، فإن الاجتماعات التحضيرية للقمة التنموية – الاقتصادية، بدأت أمس، بسلسلة اجتماعات للجنة المعنية بالمتابعة والاعداد لجدول الأعمال، على مستوى المندوبين، باشراف الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الذي وصل إلى بيروت بالتزامن مع وصول ممثلي الدول العربية على مستوى وزراء ووكلاء وزارات، والتقى أبو الغيط فور وصوله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، معبراً عن «عميق اعجابه للتنظيم اللبناني البالغ المهارة»، لافتاً إلى ان «مستوى التمثيل لم يتبين بعد»، لكن بالتأكيد «فإن لبنان يستحق كل التكريم».
وأوضح أبو الغيط، ان موضوع عودة سوريا إلى الجامعة، يحتاج إلى توافق عربي لم يحصل بعد، لافتاً إلى ان الأمانة العامة تسعى للحفاظ على المصالح العربية، وهي ستنفذ فوراً أي قرار يتخذ على مستوى المجلس الوزاري العربي، ومن دون تأخير.
وعلم ان مشروع جدول أعمال القمة يتضمن 27 بنداً تتناول كافة الملفات الاقتصادية والاجتماعية العربية المرفوعة من الدورة الاستثنائية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الوزاري العربي في دورته التي عقدت في القاهرة الشهر الماضي، والتي ستطلق العمل بالسوق العربية المشتركة للكهرباء.
إلى ذلك، لاحظت مصادر مطلعة عبر «اللواء» ان هناك رغبة في عدم صدور أي تعليق من القصر الجمهوري على اعتذار عدد من الرؤساء وعن المشاركة في القمة، لكنها لفتت إلى انها قائمة، وان اشادة أبو الغيط بالترتيبات المتصلة بالقمة تُعزّز التأكيد ان لبنان كان سباقاً في التحضيرات لهذه القمة، مؤكدة بأن الوفود التي تمّ تكليفها للمشاركة هي وفود رفيعة المستوى.
ورأت المصادر ان ما جرى مؤخرا من مشهد حرق العلم الليبي لم يكن سهل الهضم وترك تداعياته حتى ان ابو الغيط اعرب عن ادانته لما جرى.
وقالت المصادر انه يمكن النظر الى مستوى النقاشات التي ستدور في القمة والتي من شأنها ان تغنيها على ان اجتماع وزراء الخارجية اليوم سيرفع الى القمة الخطوط العريضة لإعلان بيروت او ما يعرف بالبيان الختامي للقمة.
عودة الحديث إلى الحكومة
ومع انتهاء أعمال القمة الأحد، بكل ما رافقها من سجالات سياسية ليست بعيدة عن المناكفات السياسية، يعود الاهتمام السياسي إلى موضوع إخراج تأليف الحكومة من ثلاجة الانتظار والجمود، ولكن هذه المرة من باب تفعيل حكومة تصريف الأعمال، مع تواتر الحديث عن هذا الاتجاه داخلياً على لسان أكثر من طرف، وخارجياً على لسان وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل من «بيت الوسط» خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت.
وبحسب المعلومات، فإن القرار في هذا الشأن سيكون مدار بحث مطلع الأسبوع الطالع، بهدف التوافق على تحديد موعد لجلسات الضرورة الحكومية، لا سيما وان الأجواء الإقليمية والدولية المحيطة، فضلاً عن الأجواء المحلية، لا توحي بإمكان تمرير التأليف بسلاسة، لا سيما منها الكباش المستعر بين واشنطن وطهران، والذي يبدو انه مرجح للتفاقم على الساحة اللبنانية، مرجئاً الحكومة إلى الربيع المقبل في الحد الأدنى.
وبرزت في هذا السياق سلسلة تطورات ومواقف تؤكد استمرار الأجواء الملبدة التي سادت بين بعبدا وعين التينة من جهة، وبينها وبين «بيت الوسط» من جهة أخرى، وبين «التيار الوطني الحر» من جهة وتيار «المردة» من جهة ثانية، من دون ان يكون «حزب الله» بعيداً عنها.
وبين هذه التطورات، زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ونجله النائب تيمور جنبلاط إلى «بيت الوسط»، حيث التقيا الرئيس المكلف سعد الحريري في حضور الوزير غطاس خوري، ولم يرشح عن هذا الاجتماع سوى ما قاله المكتب الإعلامي للحريري بأنه «جرى استعراض آخر المستجدات السياسية ولا سيما ما يتعلق منها بتأليف الحكومة».
وكان جنبلاط، شارك في اجتماع دوري للمجلس المذهبي الدرزي في دار الطائفة في فردان، موضحاً بأن هذا الاجتماع لا علاقة له بلقاء بكركي كاجتماع سياسي، وغير سياسي، ولا ببعض التظاهرات التي ظهرت هنا أو هناك ذات طابع سياسي، لافتاً إلى انه اجتماع دوري هدفه تفعيل المؤسسات، الا انه اكد ان «المجلس المذهبي هو الشرعية الأساسية الواحدة الموحدة».
كما برز في سياق هذه التطورات، إعلان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بعد زيارته لرئيس المجلس نبيه برّي، بأنه «لم يعد معنياً بموضوع المبادرة الرئاسية»، في خصوص تمثيل نواب سنة 8 آذار في الحكومة، موضحاً «بأننا نتكلم الآن عن غير الحكومة»، في إشارة إلى انه بحث مع برّي في الوضع الأمني. وعندما سئل بأنه ساهم في احداث الشرخ بين الرئاستين الأولى والثانية في موضوع تأشيرات الدخول للوفد الليبي، اجاب: «أنا يهمني أمن البلد بالدرجة الأولى».
سجال فرنجية – باسيل
وسط ذلك، تفاعل السجال الذي دارت وقائعه داخل الاجتماع التشاوري الوجداني للنواب الموارنة في بكركي، الذي عقد أمس الأوّل، بين رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل ورئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية، على خلفية تشكيل الحكومة، ورغبة التيار في الحصول على الثلث المعطل، إذ غرد فرنجية عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «ان حزب الله متمسك بتمثيل «اللقاء التشاوري» في الحكومة، ولن يتراجع، ونحن لم نقل انه ضد ان يكون لرئيس الجمهورية الثلث الضامن»، موضحاً انه «كفريق مسيحي ضد منح الثلث الضامن لمن يريده ضد باقي المسيحيين».
وأضاف: «إذا كان الرئيس سعد الحريري مصرا وحريصا على منح الثلث الضامن لرئيس الجمهورية – كما قرأنا في المستقبل اليوم(امس) – فليتنازل من حصته عن وزير سني للقاء التشاوري فتحل المشكلة».
لكن وزير الاشغال في حكومة تصريف الاعمال يوسف فنيانوس اوضح لاحقاً ان الرئيس الحريري اتصل بفرنجية موضحاً له ان ما ورد في جريدة»المستقبل» لا يتفق مع ما قاله في تغريدته بأن المستقبل مع اعطاء «التيار الحر» الثلث الضامن، وتفهم فرنجية التوجه وانتهى الامر.
ورد باسيل، لاحقاً، على موقف فرنجية من دون ان يسميه، بتغريدة مشحونة بالايماءات والاشارات، فقال: «عاد الفصل واضحاً بين الاستقلاليين والتبعيين»، لافتاً إلى ان هناك «أناساً تقاتل لتحصيل حقوق، وهناك ناس مستسلمة ومسلمة على طول الخط، وتقاتل الذين يتقاتلون»، واصفاً ذلك بأنه «طعن في الظهر والخواصر، ليس بنا فقط، وإنما بكل النّاس وحقوقهم»، وختم متسائلاً: «الى متى سنظل ساكتين ومتحملين؟».
وليلاً، دخل النائب فيصل كرامي، عضو «التكتل الوطني» الذي يرأسه فرنجية، على خط السجال «التويتري» فكتب عبر «تويتر»: «الذي يريد حقوقه لا يعتدي على حقوق الآخرين، وهكذا نبني الوطن».
واللافت، وسط هذا السجال، كان الكلام الذي صدر عن رئيس الجمهورية ميشال عون، خلال مشاركته في مأدبة غداء اقامتها الرهبانية الأنطونية في دير مار انطونيوس في بعبدا، في حضور حشد من الشخصيات، حيث دعا اللبنانيين إلى عدم الخوف، وقال: «لا تخافوا نحن لن نترك السفينة، وسنقوم بعملية انقاذ لجميع من هم على متنها».
وأكد «نحن موجودون هنا، ولسنا معتادين على التخلي عن مسؤولياتنا»، وشدّد على أنه «في زمن سابق، واجهنا الدبابة والطائرة والمدفع، ولم نخف. وكنت هنا في بعبدا الى جانبكم. نحن لن نترك بعبدا ولن نجعل احدا يسيطر على لبنان».
التيار لتعديل الطائف
وفي حين لم تعرف من هي الجهة التي أراد الرئيس عون توجيه رسائله إليها، والتي تريد السيطرة على لبنان، أو الضغط عليه لترك بعبدا، على غرار ما حصل في العام 1990، فإن مصدراً نيابياً شارك في اجتماع بكركي، أوضح لـ«اللواء» ان الاجتماع لم يخرج بخريطة طريق لمعالجة القضايا الخلافية، ولا معالجة القضايا المتفق عليها مثل تشكيل الحكومة، واكتفي بتشكيل لجنة متابعة من الحضور تمثل كل الاطياف السياسية لمتابعة هذه الامور غير المتفق عليها، لكن برأيي الشخصي، لا يبدو ان اللجنة ستنجح في مهمتها ولن تصل الى نتيجة بسبب التنافس والانقسام القائم بين «الديوك الكبار».
واشار المصدر الى «ان قضية النازحين السوريين جرى المرور عليها مرور الكرام تعقيبا على كلمة البطريرك الراعي، لكن المشكلة الاكبرتكمن في طلب نواب «التيار الوطني الحر» بتعديل اتفاق الطائف لجهة زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية بشكل خاص انطلاقا من تعزيز قوة ووجود المسيحيين في السلطة والحكم عبر تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية بما يضمن قوة المسيحيين مستقبلا، اضافة الى بنود اخرى في الاتفاق. هذا عدا مطلب اعطاء رئيس الجمهورية وفريقه السياسي الثلث الضامن في الحكومة لتقوية موقعه في تركيبة الحكم، طالما اننا لم نصل الى بحث تعديل اتفاق الطائف».
وبرأي المصدر: ان مطلب تعديل الدستور في الظرف السياسي الحالي صعب التحقيق، عدا عن الطرح وغيره من الطروحات لم تكن جذرية وعميقة بحيث انها تضع الحلول لكن بالعكس بعضها قد يخلق مشكلا جديدا في البلد، وماجرى كان من باب عرض المواقف ليس إلاّ.
واكد المصدر ان كل الاطراف متفقة على مبدأ ضرورة الاسراع بتشكيل الحكومة ومعالجة القضايا الاقتصادية والمالية وتحقيق الانماء، لكن جوهر المشكلة لا زال قائما بين الاقطاب الموارنة بسبب اختلاف التوجهات والاهداف والمصالح.
الأخبار
قمة بلا رؤساء!
لو كنت ميشال عون
اختارت الدول العربية توجيه رسالةٍ إلى لبنان بأنّه غير قادرٍ على جمع رؤساء الدول وقادتها لديه. قرّروا، باستثناء الصومال وموريتانيا، خفض التمثيل إلى حدوده الدنيا، موحين بأنّ القمة الاقتصادية لا أهمية لها، وبالتالي لا تستدعي حضورهم (مقال ليا القزي).
تستمر الولايات المتحدة الأميركية في تشديد الضغوط على لبنان، وتصويره «ضعيفاً» غير قادر على حشد تمثيل رفيع المستوى لحضور القمّة الاقتصادية. يُعينهم في تنفيذ خطّتهم، «أشّقاء» عرب، قرّروا أن يكونوا أدواتٍ للسياسة الأميركية في المنطقة. وأتت القمّة الاقتصادية العربية، لتُشكّل الأرضية الخصبة لاستكمال مشروع تضييق الخناق على لبنان، في سياق رفع مستوى المواجهة من جانب واشنطن ضدّ كلّ من إيران وحزب الله. هكذا، لم يصمد من رؤساء الدول الثمانية، الذين كانوا قد أكّدوا مشاركتهم في القمّة الاقتصادية، سوى رئيسَي الصومال وموريتانيا، إضافة إلى رئيس الحكومة العراقية (صاحب المنصب التنفيذي الأعلى في البلاد). فعوض أن تكون بيروت، قبل 48 ساعة من انعقاد القمّة، قد بدأت باستقبال الوفود العربية المُشاركة، كانت تصل إلى لبنان برقيات الاعتذار وتخفيض التمثيل. وبعد قرار كلّ من رؤساء مصر وفلسطين والعراق وأميري الكويت وقطر، الإحجام عن المشاركة يوم الأربعاء، كانت «المفاجأة» أمس باعتذار الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عن عدم حضور القمّة الاقتصادية، التي تستضيف القمة العربية في آذار المقبل.
تمثيل البلدان العربية، ولا سيّما «الفاعلة» منها، يأتي دون المستوى الذي اعتادت هذه القِمم أن تشهده، فيتراوح بين النائب الأول في البلد، أو وزراء الخارجية، أو نواب وزراء الخارجية. أما السعودية، التي تدّعي الاهتمام كثيراً بمستقبل البلد وتفعيل اقتصاده، فرفعت مستوى تمثيلها إلى حدّه الأقصى… نائب وزير المالية. وقد علمت «الأخبار» أنّ دوائر القصر الجمهوري واللجنة المنظمة للقمة العربية التنموية، يُجريان الاتصالات اللازمة في الـ24 ساعة المُقبلة، بُغية دفع بعض الدول إلى تعديل موقفها، وإعادة رفع تمثيلها. وفي هذا الإطار، صرّح الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، من قصر بعبدا، «إنّ شكل الحضور لم نتبينه وهو لم يحسم بعد، دعونا ننتظر لنرى كيف سيكون الحضور، ولكن بالتأكيد فإنّ لبنان يستحق جداً كلّ التكريم».
تُحاول مصادر معنية بتنظيم أعمال القمة تحميل خفض التمثيل العربي إلى الأزمة الداخلية التي نشبت حول تمثيل ليبيا، وحرق علمها في وسط بيروت. إلا أنّ مصادر ديبلوماسية تعتبر أنّ المسألة الليبية كانت «الحجّة العربية» لتوجيه رسالة سلبية إلى لبنان. أما الأساس، فهو «وجود ضغوط أميركية – سعودية على الدول العربية، تعزّزت مع زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبييو إلى المنطقة». وتُقدّم المصادر «دليلاً» على كلامها، وهو تأخّر السعودية في تحديد موعد للبنان من أجل دعوتها إلى القمة، «وقد زارها قبل عشرة أيام الوزير جمال الجراح، وليس وزير الخارجية». الرسالة التي تريد قيادة الرياض توجيهها أنّها «مُجرّد قمّة اقتصادية، لنزع أي طابع سياسي عنها، وبالتالي إفراغها من أهميتها».
وكانت أعمال القمّة الاقتصادية قد انطلقت أمس مع اجتماع اللجنة المعنية بالمتابعة والإعداد على مستوى كبار المسؤولين، المؤلفة من «ترويكا القمة التنموية»: لبنان ومصر والسعودية، ومن «ترويكا المجلس الاقتصادي والاجتماعي»: السودان، والعراق، وسلطنة عمان، والمغرب، وتونس، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وأعلنت المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس، خلال مؤتمر صحافي، أنّه تمّ التحفّظ على مبادرة إعفاء السودان من ديونه الخارجية، «وقد رُفع إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليُدرس بشكل أعمق حتى لا يُشكّل سابقة». وأشارت إلى أنّ جدول الأعمال يتضمن رؤية عربية موحدة «في مجال الاقتصاد الرقمي»، كما أنّ المطروح ليس «السوق العربية المشتركة بل الاتحاد الجمركي العربي»، مُضيفةً أنّ موضوع النازحين السوريين نوقش «في إطار الورقة السياسية التي تتكلم عن النزوح». وكان هذا البند قد أثار جدلاً داخل الاجتماع الصباحي المُغلق، لناحية إصرار لبنان على إضافة جملة «عودة النازحين من دون ربطها بالحلّ السياسي في سوريا». وأشارت عباس لـ«الأخبار» إلى إنّ هذا الموضوع، سيُدرج في الكلمة السياسية للرئيس. أما بعد ظهر أمس، فقد اجتمع المندوبون الدائمون وكبار المسؤولين المُمثلين لكلّ البلدان العربية، لاستكمال مناقشة بنود جدول الأعمال ومشاريع القرارات المُرتبطة بها، قبل رفعها إلى وزراء الخارجية العرب الذين يجتمعون اليوم.
وبالنسبة إلى «المبادرة التنموية» التي يريد عون طرحها، فبحسب مصادر اللجنة المُنظمة، «سينتظر منحى الأمور خلال الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية والوزراء المعنيين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري، ليُقرّر كيفية طرح مُبادرته التنموية لإنشاء صندوق عربي للإنماء». علماً أنّ المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس، كانت قد قالت صباح أمس إنّ المُبادرة التي سيطرحها الرئيس صيغت بطريقة لن يكون هناك اعتراض عليها.
جدول الأعمال
أبرز البنود على جدول أعمال القمة العربية الاقتصادية، هي:
الاستراتيجية العربية للطاقة المستدامة 2030
السوق العربية المشتركة للكهرباء
إدارة النفايات الصلبة في العالم العربي
الخطة الاستراتيجية للتنمية القطاعية في القدس (2018 – 2022) وإنجازات صندوقي القدس والأقصى
الأعباء الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على استضافة اللاجئين السوريين وأثرها على الدول المستضيفة
التحديات التي تواجهها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وتبعاتها على الدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين
الاستراتيجية العربية لحماية الأطفال في وضع اللجوء / النزوح في المنطقة العربية
عمل الأطفال في المنطقة العربية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو كنت ميشال عون
لو كنت ميشال عون، لوقفت في ساحة القصر، وفتحت أبوابه داعياً الجرحى وعائلات الشهداء من المقاومين الذين قاتلوا العدو الإسرائيلي وطردوه من لبنان ومنعوا عودته، ورحبت بجرحى وعائلات الشهداء من المقاومين الذين واجهوا حرب تدمير لبنان من خلال سوريا (مقال إبراهيم الأمين).
لو كنت مكانه، لدعوت ممثلين عن العائلات السورية النازحة بسبب الحرب التدميرية التي شنها الغرب وعربه ولا يزالون… ولدعوت إليه ممثلين عن اللاجئين الفلسطينيين المشردين منذ سبعة عقود ولا يزالون.
لو كنت ميشال عون، لعقدت مؤتمراً صحافياً استثنائياً اليوم، وأعلنت بصوت أعلى من أنين الفقراء والجائعين، وقلت لأميركا، ومعها كل الغرب الاستعماري، وكل الحكام العرب العملاء:
أيها الجبناء، المجبولون بقذارة العمالة والخنوع،
أيها الراضون بحياة من دون كرامة، تستجدون فيها رضى قاتلكم وقاهركم،
أيها القتلة، أصحاب الأيدي الملطخة بدماء أبناء سوريا وفلسطين والعراق ولبنان،
لبنان ليس منكم، ونحن لسنا منكم، وأنتم لستم منا، حتى يخرج من بين أبناء جلدتكم من يغسل عاركم…
لو كنت ميشال عون، لقلت لهم بالفم الملآن: أدرك أنكم تظنّون أنكم تعاقبونني لوقوفي الى جانب المقاومة، لكنكم هذه المرة لن تسحقوني ولن تأخذوا توقيعي على البراءة منها…
لو كنت مكان ميشال عون، لقلت للأميركيين الذين يبيعون الأوهام في هذا البلد وذاك، ويهددون بالموت من يخالفهم، إن عقابكم لبيروت بمنعها من استضافة قمة عربية ناجحة، دليل إضافي على خوفكم من فائض الكرامة الذي تخشون أن ينال من بعض عربكم، فيتمرد عليكم،
ولقلت للعرب الذين لبّوا نداء الولايات المتحدة وإسرائيل، برفض الحضور إلى عاصمة المقاومة، ورفض الإقرار بهزيمتهم الشنيعة في سوريا، والتمسك بسكين مغروز في ظهرنا وصدرنا، إنكم عار على بيروت العروبة، وإنكم عار على الأحرار في كل العالم…
لو كنت مكان ميشال عون، لاعتذرت عن عدم افتتاح اجتماع باهت، وتركته لموظف في وزارة الخارجية، وترأست وفداً وتوجهت إلى دمشق، إلى حيث العروبة الحقيقية، وإلى حيث الناس الذين قدموا للبنان منذ خمسين سنة ولا يزالون كل الخير، والذين بانتصارهم على قوى الشر، إنما يوفرون الحماية لهذا البلد، ولكل عناصر القوة فيه، من المقاومة إلى التنوع وحريات أبنائه واستقلالهم الحقيقي… حتى الذين شاركوا في المؤامرة المستمرة، ما كانوا ليبقوا حاضرين متكلمين لولا أن المنتصرين أكبر من الأحقاد وأكبر من عقلية المنتقم…
ما قام به الأميركيون ليس مستغرباً على من يريد تغطية هزيمته المدوّية في سوريا، بغبار على شكل سحب كبيرة فوق لبنان، وهم يعتقدون أنهم بقرار تعطيل قمة بيروت، إنما يمنعون استثمار الانتصار الكبير في سوريا لبنانياً وعربياً…
وليست مستغربة أبداً هذه الاستجابة من عرب الغرب المنهزمين، من حاكم مصر السعيد بتعاونه مع العدو، إلى مجنون السعودية الغارق في دماء أبنائه وأهل منطقته، إلى الذيليين في الإمارات وقطر وبقية الإمارات الوهمية التي آن أوان نهاية صدفة قيامها على شكل دول، إلى بقية من يعتبرون أنفسهم قادة عرباً، وهم ليسوا سوى اتباع لغرب مقيت، يسرق ثرواتهم بعدما سلب كراماتهم…
إذا كان البعض حزيناً لما حصل، فإن بيروت تبقى فرحة بنضارتها، ونظافتها، وبشرفها الذي لن يدنسه كل الذين شاركوا ولا يزالون في محاصرتها وتدميرها بقصد إخضاعها.
أما الشام العظيمة، فعلم عروبتها سيظل مرتفعاً فوق أعناق كل الصغار المشاركين في سفك دماء شعبها، وستظل الشام محجة المقاومين، المقبلين على جولة أخيرة مع عدو أصيل ومع عدو وكيل، وسيرتفع مع قبضات جنودها، صوت المحتفلين بحب الحياة الحقيقية…
ما يخصنا نحن، هنا، واضح، وأكثر وضوحاً يوماً بعد يوم. فمن يريد أن يبقى مرفوع الرأس ليس لديه مكان في صفوف الغرب واتباعه. ومن يريد نيل رضى أميركا عليه أن يدفع من كرامته ومن دماء أبنائه. ولكل الواهمين، ليس أمامهم سوى تذكر دروس الماضي القريب، ومن لديه بقية عقل، يعرف أن المقاومة هي رافعة القوة برغم كل قهر القاهرين.