خاص ـ الحقول / أكد خبراء أوروبيون أن الولايات المتحدة ودول الحلف الغربي فشلوا في إجبار النظام السوري على الرضوخ لـ”مطالبهم”، ولذلك سيواصلون تصعيد الضغوط ضد سوريا في الفترة المقبلة. ونقل تقرير ديبلوماسي أوروبي عنهم، تأكيدهم على وجود دلائل عميقة على دور أميركي وأطلسي مباشر في إثارة الإضطرابات السياسية والأمنية على الأراضي السورية.
ووصف التقرير هذه الإضطرابات بأنها ترقى إلى مستوى الحرب. وقال إن ديبلوماسيي واشنطن يستخدمون في هذه “الحرب” أدوات سياسية وإعلامية وأمنية، بمشاركة قوية من تركيا، لتمويل وتوجيه مجموعات داخلية تخريبية، انتشرت في عدد من المدن والبلدات والقرى السورية.
ورأى هؤلاء الخبراء إن رهان واشنطن وأنقرة على هذه المجموعات، قد شجعها على مدها بقدرات تقنية متطورة، لتصير مؤهلة لخوض “حرب الحشود” في الشوارع والأحياء الحضرية في المدن والريف، ومستعدة للمشاركة في عمليات “الحرب النفسية”.
ومن بين هذه القدرات التقنية، تحدث التقرير عن تزويد عناصر وقادة هذه المجموعات التخريبية، بأجهزة اتصال مرتبطة بشبكة هاتفية خلوية مستقلة عن الشبكة المحلية، ومنحهم إمكانية الدخول إلى شبكة إنترنت والقيام بتحركات عليها، مثل إرسال وبث أفلام، وتبادل رسائل ومعلومات مع جهات داخلية وخارجية، عبر دائرة مغلقة مرتبطة مباشرة بالأقمار الصناعية الأميركية، لا تخضع لسلطة الحكومة السورية.
ويشير التقرير إلى أن هذه المجموعات مكلفة أيضا بممارسة “حرب الإرهاب” ضد أهداف مدنية وعسكرية في مختلف أنحاء الأراضي السورية. ويضيف أن تدريب هذه المجموعات على ممارسة العمل المسلح، لم يتوقف طيلة الفترة الماضية. وقد جرى ذلك في معسكرات أقميت في بعض الدول المجاورة لسوريا. كما تسللت مجموعات وعنصر تخريبية إلى داخل سوريا للمشاركة في تسعير الإضطرابات السياسية والأمنية والإعلامية.
وتحظى هذه المجموعات بدعم لوجستي كبير في مجال التسلح والإتصالات. وهي تستخدم في ارتكاب جرائمها الإرهابية أسلحة فردية (بنادق رشاشة) وأسلحة مجموعة (رشاشات متوسطة، قواذف صواريخ م/د من نوع rpg 7)، بالإضافة إلى عبوات متفجرة وأدوات تفجير متطورة وبدائية. ويدير قادة المجموعات اتصالاتهم الداخلية والخارجية عبر كمية كبيرة من هواتف “الثريا” الخلوية. حيث أن المكالمات بهذه الهواتف تتصل مباشرة بالقمر الصناعي، ولا تمر عبر الشبكات الوطنية أو المحلية لا في سوريا ولا في غيرها من الدول. والشركة التي تدير “الثريا” مملوكة من بعض حكام دولة الإمارات العربية المتحدة.
وبموازاة الدور الذي تلعبه محكمة الحريري الدولية الخاصة بلبنان، تحدث التقرير عن أن واشنطن ستلجأ لاستخدام أسلحة سياسية إضافية ضد دمشق، من بينها “الحرب الديبلوماسية”. وقال إن ملف البرنامج النووي السري المزعوم، سيكون أحد عناوين هذه “الحرب” في الفترة المقبلة. وكشف التقرير عن دور اساسي يلعبه الياباني يوكيا أمانو مدير عام وكالة الطاقة الذرية الدولية، في تنفيذ طلبات الأميركيين، وتحديدا تعريض سوريا لملاحقة نووية وفق السيناريو الإيراني، مع تقدير الفارق بين الدولتين.
وربط التقرير هذه “الملاحقة” بالأوضاع السياسية الحالية التي تعيشها سوريا، وأكد أن أمانو سيطرح مطالب جديدة على الجانب السوري، في كل مرة، يقدم هذا الأخير أجوبة وتوضيحات إلى أعضاء مجلس الوكالة. وشدد على أن أمانو هو العنصر الأساسي الذي تعتمد عليه واشنطن في حملة “النفاق النووي” المريبة.
لكن التقرير لفت إلى أن عدوان “إسرائيل” الجوي على سوريا في شهر أيلول من عام 2007، بحجة وجود منشأة نووية سرية في منطقة دير الزور، قد أثار قلق دول عربية وإسلامية كثيرة في المنطقة، والخارج، تسعى إلى تطوير برامج وتقانات نووية.
ولذلك، يؤكد التقرير على أن تحريض الولايات المتحدة للدول الأعضاء في الوكالة وفي مجلس الأمن ضد حكومة سوريا لن يمر، لأن هذه الدول ومنها روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، ترفض استخدام وكالة الطاقة الذرية الدولية كأداة لممارسة الإبتزاز السياسي، خارج دورها التقني.
ووصف تصريحات هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية، ومن بعدها تصريحات الرئيس أوباما عن فقدان الرئيس بشار الأسد شرعيته “في عيون شعبه”، بأنها عمل من أعمال “الحرب الديبلوماسية” التي تخوضها واشنطن ودول حلف شمال الأطلسي تحت عنوان “دمقرطة” النظام السوري. لكنه اعتبر أن هذه “الحرب” التي تمنعت دول مجلس التعاون الخليجي عن خوضها، إلا تحت وطأة ضغط أميركي كبير، يمكن أن تنقلب في وقت ما إلى حملة لتغيير هذا النظام.
ولحظ التقرير أن الخطوات الإصلاحية التي يقودها الرئيس السوري، والإنفتاح الإعلامي والتماسك الوطني، سيكفل بلورة الحل السياسي للأزمة الداخلية وتحييد أو إجهاض هذه “الحروب” المختلفة التي تشن أو ستشن ضد سوريا.
ولفت التقرير الديبلوماسي إلى أن الوضع الدولي ما زال على درجة من توازن القوى حيال سوريا، حيث أدت مفاعيل الإنذار الإيراني لتركيا، وإصرار روسيا والصين على صد المساعي الأطلسية في مجلس الأمن، إلى تحصين مشروع الإصلاح السوري الشامل. ويكشف هذا التوازن عن أن محور الدول الشرقية المستقلة، لا يشك بأن الحملة الأطلسية على سوريا ترمي إلى إعادة فتح أبواب التوسع الأطلسي في الشرق، بعد الإخفاق المزمن في أفغانستان والعراق ولبنان و…غزة في فلسطين المحتلة.
COMMENTS