أظهرت فرصة التفاعل التي أرادها البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية مع صحافيين وإعلاميين وممثلين عن المجتمع المدني أتوا من 110 بلدان من ضفتي المتوسط، وجود هموم مشتركة تتعلق في مجملها بالديموقراطية وبحقوق الإنسان، في ما برزت هواجس الثورات العربية التي لم يقاربها الأوروبيون بعمق بعد.
وفي موجز لنقاشات المنتدى المستمر في البرلمان الأوروبي في بروكسيل ليومين بعنوان “العلاقات الأورو ـ متوسطية في إطار بزوغ الربيع العربي” والذي افتتح بكلمة ترحيبية مسجلة من رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزيك الذي أكد أننا “نحاول أن نكون عند طموحات الشعوب العربية”، مشيراً الى أن “الاتحاد الأوروبي يقف الى جانب الشعوب عندما تواجهها العراقيل في إتمام مسارها الديموقراطي”، معلناً عن جائزة “ساخاروف” للربيع العربي.
ومن أبرز الملاحظات التي تسجل “عن منتدى ينعقد في كنف البرلمان الأوروبي الذي يمثل 27 دولة: تركيز البرلمانيين الأوروبيين على المعلومات كمفتاح للنجاح في فهم المجتمعات العربية. وأبرز الكلمات التي ألقيت كانت لجياني بيتيلللا نائب رئيس البرلمان الأوروبي المسؤول عن العلاقات الأورو – متوسطية وهو اعترف “بأن الاتحاد الأوروبي ارتكب خطأ كبيراً بدعم الأنظمة المتسلطة، الخطأ الأول هو قبوله الحوار مع أنظمة طاغية والخطأ الثاني هو نظرته الى المصالح الاقتصادية فحسب وعدم تمتعه بفهم استباقي لما يموج في العالم العربي، في ما كانت الشعوب العربية أكثر وعياً منا في ذلك”.
ودوّت بقوة مداخلة للصحافية الفلسطينية سناء الغول الآتية من غزّة التي اتهمت الأوروبيين بأنهم يحمّلون الربيع العربي أكثر مما يحتمل وكأنه سيكون خلاص الشعوب العربية، منتقدة التركيز على التنمية الاقتصادية فحسب، مشيرة الى أن حرق محمد بوعزيزي نفسه كان أيضاً بسبب دفاعه عن كرامته والكرامة هي ما تريده الشعوب العربية وليس الاقتصاد والرخاء فحسب.
كذلك دوّت كلمة صحافية ليبية سألت: “ماذا يريد الأوروبيون من ليبيا؟ كما أنكم تطلبون معلومات منا فنحن أيضاً نحتاج الى معلومات لندرك مبتغاكم من بلدنا”. ولم تحظ الصحافيتان الفلسطينية والليبية إلا بإجابات عامة.
وأبرز ما يمكن استنتاجه من المداخلات، رغبة قوية عبّر عنها الأوروبيون باستنباط الأفكار السائدة في العالم العربي بغية استشراف السياسة الأوروبية التي يمكن اعتمادها تجاه البلدان التي طالها الربيع العربي. فقد سجّل أكثر من متحدث أوروبي “ندماً” على عدم قبول النتائج الديموقراطية للانتخابات الفلسطينية التي فازت بموجبها حركة “حماس”، واعتراف أكثر من مسؤول أوروبي بذلك، ما يحدو الأوروبيين اليوم الى قبول أي نظام حكم حتى لو كان إسلامياً أم سلفياً متطرفاً، واضعين شرط اعتماده النظم الديموقراطية الكافلة لحقوق الإنسان من دون توغلهم في الآلية الصحيحة لذلك، خصوصاً لجهة ضمان المشاركة السياسة للأقليات التي ستعيش تحت رحمة أنظمة مماثلة. كذلك بدا واضحاً تعويل الأوروبيين على وسائل الإعلام لاستكمال الثورات العربية عبر استثمار معلوماتها في رسم سياساتهم في المنطقة.
سوريا: تعويل على دور المعارضة
النظرة الأوروبية المبهمة تنسحب أيضاً على الوضع السوري حيث المخاوف التي عبر عنها فرانزيسكا برانتنر الناطق الرسمي باسم “مجموعة الخضر” قائلاً: “لدينا مخاوف جمة مما سيحمله الغد في سوريا حيث تتكاثر المخاطر لجيرانها أيضاً، خصوصاً تركيا وإسرائيل ونحن نحاول الاتصال بالمعارضة السورية لكي نفهم الوضع وندعو الى اشتراك الجميع في المعارضة لكي يتم تفادي انقسامها على اساس طائفي ولتجنب حرب طائفية كما حصل في العراق”.
وفي الوضع السوري أيضاً قال نائب رئيس البرلمان الأوروبي المسؤول عن العلاقات الأورومتوسطية جياني بيتيللا لـ”السفير” معلقاً على كلام الوزير وليد المعلم الأخير من العقوبات العربية: “هذا تأكيد للموقف غير السويّ من حيث التلويح بحرب ضد شعوب أخرى، وهذا ضرب من الجنون”. وعن المدى الذي ستأخذه الثورة السورية قال: “إن هذا المسار في العالم العربي مستمرّ ولا أحد يمكن إيقافه”. وعن مخاطر قيام ربيع عربي إسلامي في سوريا يؤثر سلباً على الأقليات قال بيتيللا: “إن مبدأ التعددية الدينية يحميه انبثاق حكومة جديدة في سوريا”.
كلام بيتيللا يشير بوضوح ايضاً الى انعدام الاهتمام الأوروبي بمسائل تثير حنق العرب كسؤال أحد الزملاء المصريين عن اعتقال المدون وائل عبد الفتاح الذي كان يكتب دفاعاً عن الأقباط في مصر فأتى الجواب ضعيفاً ايضاً، مشيراً الى بيانات منددة والأمر سيان بالنسبة الى الصراع العربي الإسرائيلي الذي اكتفى الأوروبيون بالحديث عنه بكلام عام، بعد إثارته من قبل زملاء من فلسطين المحتلة، لكن أبرز فكرة في هذا الإطار مررها بيار أنطونيو بانزيري رئيس البعثة في البرلمان الأوروبي المنوطة بالعلاقات مع بلدان المغرب العربي إذ قال: “لم ننس هذا الصراع، وأعتقد أنه كلما تقدمت عملية الدمقرطة في الدول العربية اضطرت إسرائيل أكثر الى مواجهة القضية الفلسطينية”.
COMMENTS